حيناً نراها في السودان، وحينا آخر في إفريقيا أو هي تذهب إلى أقاصي
جنوبي شرق آسيا تُحادث الفقراء· تتبرّع لهم بالملايين من خزينتها التي لا
تنضب هي وصديقها براد بيت، حيث همّهما الأول: العائلة، والناس الذين
يحتاجون إلى رعاية ومواساة ودعم، ولطالما شاهدناها تحتضن أطفالاً وشيوخاً
مرضى أو جائعين·
إنها أنجلينا جولي·
النجمة السفيرة التي منحتها اليونسكو لقب (سفيرة النوايا الحسنة) الذي
تمارسه أساساً على قدر الأعوام القليلة الماضية متنقّلة بين مناطق الكوارث
والحاجات الإنسانية المُلحّة، حيث كانت منطقة البوسنة من بين مواقع التوتر
في العالم التي خصّتها بزيارة، ثم قرّرت إنتاج فيلم عن قضيتها·
الرياح لم تسر معها كما تشتهي، فلقد أرادت الخوض في قضية جرائم الصرب
ضد مسلمي البوسنة واغتصاب جنودهم ورجالهم لـ 25 ألف امرأة بوسنية ما بين
طفلة في الحادية عشرة من عمرها أو شابة في الثامنة عشرة، أو عجوزاً تجاوز
عمرها الـ 65 عاماً·
رَغِبَتْ أنجلينا بالدخول على خط التسامح·· لكن يبدو أنّها لم تُدرك
معنى الإساءات والذل الذي طال نساء البوسنة، فلم تُصدِّق ولا جمعية من
جمعيات <نساء ضحايا الحرب> ما اخترعته هذه النجمة وما فكّرت فيه كي ترصده
في فيلم تصوّره حالياً من مالها الخاص عن علاقة حب تنشأ بين فتاة مُغتصبة
والرجل الذي يغتصبها، أملاً في أنْ تثمر هذه العاطفة بين الضحية والجلاد
<برأيها> وفاقاً قومياً في تلك المنطقة من العالم·
نساء البوسنة اللواتي سبق لهن واستقبلن أنجلينا على ما عُرف عنها من
رقة، وحساسية ورغبة في خدمة الناس في كل مكان، أُصبن بصدمة عميقة وبادرن
بالآلاف من خلال جمعيات ومنتديات مختلفة إلى مطالبتها بوقف تصوير الفيلم
فوراً، وقمن بتظاهرات حاشدة أمام مكاتب الأمم المتحدة في سراييفو، حيث
أوصلن أصواتهن إلى جنيف المركز الرئيسي للأمم المتحدة في العالم·
لذا، فإن نجمتنا التي لم يُعرف عنها سوى <النوايا الحسنة> فعلياً،
مدعومة بتبرّعات على مستوى العالم، ستكون مُعرّضة بشكل فعلي لسحب صفة
السفيرة عنها فيما لو واصلت تصوير الفيلم، إمعاناً في تحدّي مشاعر نساء
البوسنة الجريحات، إلى حد أنّ بعض الضحايا تذكّرن ما كانت نساء الصرب يقلنه
لهن في المعسكرات التي احتجزن فيها حتى ولادة أطفالهن من الرجال الصرب:
إنكن ستنجبن صربيين وهذا هو الرائع·
هل يكون مصير أنجلينا كمصير دريد لحام الفنان العربي الذي أكرم
القضايا القومية وأسهم في رمي حجر على الجنود الإسرائيليين عند بوابة فاطمة
فما كان من اليونسكو إلا أنْ سحبت منه صفة السفير؟!
أرادت هذه النجمة من منطلق مثالي الكلام عن مقاربة نوعية متميّزة بين
الشعبين لكنها أخطأت في الطريقة والوسيلة لأبسبب الخلل الاجتماعي الذي
أحدثته جرائم الاغتصاب هذه في البوسنة، وربما ستدفع أنجلينا الثمن لو
استمرت في تصوير الفيلم على النحو الذي بُني عليه السيناريو أصلاً لأنه
خاطئ مئة في المئة وفق المتوافر من الحيثيات، وسيكون الأمر مثالياً لو
امتثلت أنجلينا لنداء ضحايا الاغتصاب بإيقاف هذا المشروع احتراماً لكرامتهن
ومشاعرهن ولتفعل ذلك بـ <نية حسنة>·
عروض
<سايروس> وافق على صديق لأمه فاكتمل عقد عائلة تريد العيش
بوئام
<سانتوريون> البطل الروماني الذي لم يهزمه أعداؤه·· ولا
سلطته الملكية···
محمد حجازي
لم يتّسع مجال العرض لطرح كامل الأفلام على البرمجة، لذا أعطينا شريط:
(The Young Victoria)
موعداً للأسبوع المقبل كي يكون مع شريط بن آفلك من بطولته وإخراجه (The
Town) على برمجة صفحتنا يوم الاثنين المقبل خصوصاً أنهما يتنافسان بقوة
على تسمية أجمل الأفلام على برمجة هذا الأسبوع، لذا اخترنا شريطين آخرين
للإضاءة عليهما·
(Cyrus)
أجمل ما في هذا الشريط أنّه عفوي، أنموذجي، خاص، طبيعي جداً إلى حد قد
يعتقده البعض شريطاً وثائقياً·
القصة خفيفة·
رجل يُدعى جون (جون س· رايلي) تصارحه زوجته جامي (كاترين كينير) بأنها
ما عادت تحبه وترغب في الانفصال عنه، حاول معها إقناعاً، ضغطاً من دون
نتيجة لذا رضخ للأمر الواقع ولبّى دعوة زوجته السابقة وعريسها الجديد كي
يحضر حفلاً ساهراً عرف أنه سيكون فرصة له كي يلتقي صبايا مميزات، وجاهزات
لعلاقات جادة تنتهي بالارتباط·
خلال الحفل يحاول مع أكثر من صبية لكن الأمور تنتهي بالفشل إلى أن
يواجه موللي (ماريزا توماي) (ممثلة لبنانية الأصل باسم ماريز طعمة) التي
ترد بابتسامة، تُبدي جهوزية للتحدث والجلوس معاً، ثم تدعوه إلى منزلها حيث
تبلغه بأنّها تعيش وحيدة مع ابنها الشاب سايروس (جوناه هيل)، وسرعان ما
يحصل انسجام بين جون وسايروس ليريح موللي، التي لا تلبث أن تمر بإحراج غير
طبيعي عندما تظهر عملية غيرة عند سايروس من وجود رجل آخر معهما في المنزل
ينافسه على حب <موللي> وتكون المعالجة بهدوء، ومن قبل الإبن الذي عالج ما
كان أفسده بأن أمّن سبباً لدعوة جون إلى المنزل، حيث دعته موللي للصعود·
هنا كان الثلاثة واضحين في إعلان كل منهم حاجته للإثنين الباقيين، ما
سهّل عملية التواصل بينهم لما فيه مصلحتهم معاً·
سرعان ما يُحب المشاهد الفيلم، وأبطاله وينزعج لأي إخفاق في تلاقيهم
معاً وتواصلهم، وعندما يلتقون تكون فرحة عامرة في الصالة، لكن يبقى أن
فطرية وعفوية وميدانية مناخ الفيلم تبدو آسرة جداً، وقادرة على جعل الصورة
أكثر جدياً، ويبدو أن المخرجين جاي ومارك دوبلاس يمتلكان حساً خاصاً جداً،
للتعاطي مع هذا النوع الاجتماعي من سينما تحضر في هوليوود قليلاً، مع
ارتفاع نسبة الحضور في الاعوام السابقة·
Centurion
شريط تاريخي، تعود أحداثه إلى العام 117 قبل الميلاد وقضية كبيرة عاشها
الرومان في تلك الفترة بين أبطالهم في الميدان، وسادة السياسة في القصور
الملكية، حيث يتناول الشريط صورة التدمير المروّع لأحد أكبر الفيالق
العسكرية (التاسع) التابع للجيش الروماني، وكان تعداده ثلاثة آلاف مقاتل
تمت إبادتهم بالكامل في معركة غادرة خاطفة، كما اختُطف الجنرال الذي كان
قائدهم ويلعب دوره دومينيك ويست، وقام فريق بقيادة أحد القادة الميدانيين
سانتوريون كونيتوس دياز (مايكل فسباندر) على رأس قوة من ثمانية مقاتلين
عرفوا بأنه ما زال حياً فوضعوا خطة تحركوا على أثرها، وباشروا مسيرتهم صوب
مكان احتجازه عند أعدائه·
وصلوا إليه وحاولوا على مدى وقت غير قصير، فك وثاقه، لكن ذلك كان
مستحيلاً فتركوه وغادروا بعدما قتل أحد عناصر الفريق طفلاً هو إبن الملك،
الذي أمر بحشد قوة تتولى قيادتها امرأة لا تحمل في قلبها إلا الكراهية
للرومان الذين قتلوا ذويها منذ زمن، وتبدأ عملية مطاردة طويلة يُقتل فيها
الرجال السبعة ويبقى سانتوريون·
يعود الى قصر القيادة، ويرسل الى قصر الملك حيث يلاحظ ان التعاطي معه
ليس كأنه بطل، بل شعر ممّن حوله بأن هناك مؤامرة تنفّذ ضده، وهنا قاتل
ودافع عن نفسه، وكان أن هرب مُصاباً بجرح عميق إلى حيث تقطن الساحرة التي
سبق واستقبلته مع رجاله واختبأوا عندها من الاعداء·
نايل مارشال كتب وأخرج الفيلم الذي وضع موسيقاه إيلان اشكاري وأدار
التصوير سام ماك كوردي، فيما تولى القيادة تقنيي المؤثرات الخاصة كريس
رينولدز، والمؤثرات المشهدية حكم بلومداحي·
مهرجان
<ضربة البداية> نال ذهبية الدورة 10 من <مهرجان بيروت
الدولي للسينما>
(I
Am Love)
شريط الختام: تُحب المرأة فلا شيء يهمّها أو يعنيها أو يوقفها..
محمد حجازي
أنهى مهرجان بيروت الدولي للسينما فعالياته ليل الاربعاء في 13 تشرين
الاول/ أكتوبر الجاري بتوزيع جوائز لجنة التحكيم ومن ثم عرض شريط: (I
Am
Love) للإيطالي لوفان دانينو·
الجوائز جاءت كالتالي كحصيلة عرض 61 فيلماً في الدورة العاشرة:
- الذهبية لأفضل شريط طويل:
Kick Off
(شوكت أمين كوركي)·
- جائزة لجنة التحكيم الخاصة لأفضل شريط طويل: <شو صار> لـ ديغول عيد،
الذي لم يُعط إذناً من الرقابة بالعرض·
- أفضل مخرج لفيلم طويل: رجاء عماري عن فيلمها: الأسرار·
- أفضل شريط قصير: عهد كامل عن فيلمها (الكندرجي)·
- فضية أفضل قصير: عايش (عبدالله عايف)·
- والبرونزية ذهبت لشريطي: <أيام مرة أيام حرة>، لـ أمجد الرشيد
و<ضائع> لـ طارق الريمادي·
- جائزة الجمهور (El Secreto desus ojos)
وهو شريط أرجنتيني بعنوان <السر في عينيها> للمخرج خوان جوزيه كامبانيلا·
(I Am Love)
- هو شريط ختام الدورة العاشرة من المهرجان، عُرض بحضور مخرجه لوفا الذي
تشارك مع بربارا ألبرشي، ريفان سيترونيو، ووالتر فاسانو في أحداث تدور حول
إيما المرأة الجميلة وتلعب دورها تيلدا سونيتون وهي شخصية روسية الأصل لها
أبناء وبنات فوق العشرين، لكنها تقع في حب الشاب أنطونيو (إدواردو
غابرياليني) وإذا بها تتخطّى كل الحدود في العلاقة به وتبدو مُتفلّتة، لا
ترى أمامها إلا هذا الشاب وميلها العاطفي إليه، بحيث كانت تعبّر عن ذلك في
لقائها به، وخلال وجودها وحيدة نراها تترك كل شيء وتقصده أينما كان كي تنهل
منه عاطفة تريدها بقوة·
ساعتان تماماً·
والأحداث التي نتابعها تبدو منضبطة، حارة، فاعلة، كل هذا لتقديم صورة
عن الحرمان العاطفي الذي تعيشه امرأة متزوجة أنجبت وكبر أبناؤها، لكنها
وجدت أن هناك إمكانية للتنفيس عن مكامنها الجنسية بطريقة انفلاتية - عبثية
غير منضبطة، ولكن العنوان هو الحب·
إبنها الشاب إدواردو (فلافيو بارانتيني) انتبه إلى وجود هذه العلاقة
وفيما كان يحاول مناقشة والدته في الأمر وقع في مياه بحيرة كانا إلى جانبها
ولكنها لم تستطع إنقاذه فغرق ونُقل إلى المستشفى ليموت هناك·
وأكثر ما يثير المناخ العاطفي، هو ذهاب المخرج لوقا إلى اللانهاية
بحيث تبدو كامل الأحداث واقعية جداً ومتميّزة جداً، لأن ما نراه· يذهب إلى
حدود غير مؤشرة تقول بأهمية إظهار هذا الدفق العاطفي لإظهار صورة أخرى
لإمرأة أحبّت فأعلنت، فمارست، فخسرت ابنها·
هناك حضور طاغ لانعدام الحب في الفيلم·
في مقابل ما يقدّمه البطلان، وما يفعلانه كُرمى لعيون كسر هذا الحاجز
الذي يخبئ وراءه العديد من التداعيات، مع الأعلان عن أنّ الإفصاح عن
مكنونات القلب والوجدان، أقصر طريق إلى التصدّع مع الذات·
شارك في لعب باقي الأدوار: آلبارو هرواشر، بيبو دالبونو، دايان فلوري،
ماريا باياتو، ماريزا بيرنسون، واريس آلوواليا، ماتيا زاكارو، وصاغ
الموسيقى الخاصة جون أدامس، وأدار التصوير يوزيك لوسو، وأشرف على المونتاج
والتر فاسانو، مع إشارة إلى أنّ تيلدا لاعبة الدور الأساسي أسهمت في
الإنتاج أيضاً·
ومع هذا الفيلم تطوي الدورة العاشرة من المهرجان نشاطاتها التي تميّزت
فعلياً بالعديد من الإنجازات سواء في التنظيم أو نوع العروض·
حدث
<شتي يا دني> لـ بهيج حجيج في 3 مهرجانات
أبوظبي·· الدوحة·· وبلجيكا···
محمد حجازي
عند التاسعة والنصف من ليل بعد غدٍ الأربعاء يُقدّم الفيلم اللبناني
<شتي يا دني> للمخرج بهيج حجيج في عرضه الأول بالصالة الخامسة من مجمّع
مارينا مول (أبوظبي) في إطار مهرجان أبوظبي للسينما في دورته الرابعة التي
تُقام بين 14 و23 تشرين الاول/ أكتوبر الجاري متنافساً على جائزة: <اللؤلؤة
السوداء>·
هذا العمل هو الثاني لـ حجيج بعد ست سنوات على (زنار النار)، وقد حصل
على دعم إنتاجي من صندوق <سند> الذي استحدثه المهرجان، ووزّع نصف مليون
دولار على 28 فيلماً عربياً جديداً·
كارمن لبس، جوليا قصار، برناديت حديب، ديامان بوعبود، حسان مراد، إيلي
متري، هم الأبرز في أسرة الشريط الذي يتمحور حول قضية رجل خُطِفَ قبل عشرين
عاماً في بيروت وعاد فجأة إلى ذويه مُحطّم النفس، مقهوراً، وبدل أن يُشكّل
فرحة لعائلته تحوّل إلى عبء لا يدرون معه كيف يواجهون تداعياته، خصوصاً
زوجته وولديه·
ويربط الفيلم في أحداثه بينه وبين امرأة يصادفها تكون تنتظر عودة
زوجها منذ عشرين عاماً وتكون بينهما صداقة متينة، وفي هذا الإطار يعلن
المخرج حجيج عن أنّه <يتناول في فيلمه العودة الصعبة للمخطوف ولا يركّز على
اختفائه>، ويقول: إنّ الفيلم ليس عن مرحلة الخطف بل عن الحياة اليومية في
بيروت اليوم من خلال عودة هذا الرجل المخطوف ومن خلال تلقّي محيطه عودته،
وتعاطي عائلته ومجتمعه مع هذه العودة، وبالتالي تكون إضاءة على قضية التفكك
العائلي·
يُشار إلى أنّ الفيلم يُغادر إلى مهرجان الدوحة - ترابيكا السينمائي
الثاني (بين 26 و30 الجاري) وهو سيُقدَّم ضمن إطار البانوراما العالمية،
ويغادر بعدها إلى <المهرجان الدولي للفيلم المستقل في بلجيكا> في تشرين
الثاني/ نوفمبر المقبل للمشاركة في المسابقة الرسمية، على أنْ تعرضه
الصالات البلجيكية بدءاً من 24 تشرين الثاني المقبل·
اللواء اللبنانية في
22/10/2010
كوميديا رومانسية مليئة بالابقار والطقس المتقلب وسارقي
الحقائب المهذبين!:
'السنة
الكبيسة': هل تنزعج لو طلبت امرأة يدك؟
هيفاء أبو النادي
'يوم سادي هاوكينز' تقليد عرف لأول مرة في الثالث عشر أو الخامس
عشر من شهر تشرين الثاني/نوفمبر من عام 1937 حين ظهر مكتوباً في مجلة
كرتونية
فكاهية ساخرة تدعى
Lil Abner
للأمريكي ذي الأصول الروسية اليهودية ألفريد جيرالد
كابلين (1909 ـ 1979) حيث أن فتاة تدعى 'سادي هاوكينز' وهي شخصية في المجلة
يقوم
والدها العمدة في منطقة دوغ باتش في الولايات المتحدة
الأمريكية وبسبب خوفه الشديد
على ابنته من العنوسة - كونها وصلت الى سن الخامسة والثلاثين ولم تتزوج بعد
ـ يقوم
بدعوة كل الرجال العازبين في هذه المنطقة معلناً ذلك اليوم باسم ابنته
Sadie Hawkins Day
متمثلاً بسباق تشهده كل المنطقة تقوم فيه سادي ومن معها ممن لم
يسبق
لهن الزواج بملاحقة من يردن من الرجال ومن يمسكن به يكون زوجاً لهن في
نهاية
الأمر.
إن ما ابتدعه كابلين من فكاهة في مجلته الساخرة سحر ألباب الشباب في
ذلك
الوقت، وجعلهم يتبنون هذا اليوم ويعترفون به سنويّاً في مدارسهم وجامعاتهم
عن طريق
سباق يعقدونه تلاحق الفتيات فيه الشباب باختلاف الهدف هذه
المرة، كأن تكون الغاية
موعداً غراميّاً بين الثنائي أو رقصة في حفلة تعقب السباق، وبذلك أصبح هذا
اليوم
طقساً أمريكيّاً فلكلوريّاً يحتفي به الشباب.
إن مثل هذه التقاليد أو الطقوس وإن
كانت غريبة لدى الكثيرين ساهمت في عكس الأدوار المتعارف عليها
ولو قليلاً، فشجعت
المرأة على المبادرة والجرأة في دعوة الحبيب، ومن الطريف ذكر أن الهوس الذي
أصاب
الناس سنويّاً بسبب ما ابتدعه كابلين في مجلته اضطره إلى إدراج وتضمين هذا
اليوم في
سلسلة مجلته كل عام بين شخصياته التي يكتبها بسخرية.
بعض الناس لا يفرقون بين
Sadie Hawkins Day
المذكور أعلاه و
Leap Year Day
المعروف أيضاً باسم
St. Bridgets Complaint،
وهو تقليد إيرلندي الأصل يُعدّ من المراسم الأقدم في التاريخ، وبحسب ما
تقول الأسطورة فلقد قامت القديسة بريجيت وبشكل ملحّ بتقديم عدد من الشكاوى
للقديس
باتريك تتعلق بالمرأة وتخالف بذلك الأعراف الاجتماعية
التقليدية السائدة التي تشترط
على المرأة أن تنتظر من يطلب يدها للزواج طوال حياتها أو أن تتوقف عن
التفكير في
هذه المسألة وتنساها تماماً، ولشدة إصرار القديسة بريجيت سمح القديس باتريك
للمرأة
بأن تبادر في طلب يد من ترغب الزواج منه في يوم واحد فقط كل أربع سنوات هو
التاسع
والعشرين من شهر شباط/فبراير من السنة الكبيسة. ويعتقد بأن هذا
الأمر تمّ تفعيله في
إيرلندا في القرن الخامس.
فُعّل هذا التقليد في اسكتلندا أيضاً، حيث صدر قانون
يعطي المرأة حقها في أن تتقدم لطلب يد الرجل في هذا اليوم تحديداً من السنة
الكبيسة، وإن رفض الرجل عرض المرأة، تمّ تغريمه! والغرامة كانت
تتراوح ما بين قبلة
أو فستان حرير أو زوج من القفازات غالية الثمن.
هذا بالضبط ما أرادت أن تفعله
الممثلة الأمريكية (آيمي آدمز) عن دورها في فيلم 'السنة
الكبيسة' Leap Year،
(إنتاج
عام 2010 وإخراج آناند تاكر). (آنّا برايدي) التي تعمل في وظيفة تنسيق
وتنظيم
ديكورات المنازل، تقوم بتحويل البيوت المتواضعة والمساحات
الضيقة إلى أماكن للسكن
مميزة وجميلة، محققة بذلك هدف جذب من يريد شراء هذه المنازل أو استئجارها.
(آنّا)
التي عاشت أربع سنوات كاملة مع صديقها (جيريمي)
(الممثل آدم سكوت) الطبيب ذي
المستقبل الباهر والحاضر المليء بقفزات نجاح متتالية ومؤتمرات
يواظب على حضورها
أرادت أن تضفي على حياتها صبغة أخرى عنوانها الاستقرار، وانتظرت لمدة طويلة
تَحَقُقَ أملها في أن يتقدم صديقها (جيريمي) لخطبتها لكنه للأسف لم يفعل،
مما
اضطرها إلى المبادرة إثر نصيحة أسداها لها والدها جاك (الممثل
جون ليثغو) في مشهد
وحيد. وهُنا تبدأ رحلة محاولة الوصول إلى (جيريمي) الذي كان في رحلة عمل في
إيرلندا، لكنّ إيقاع السماء المضطرب وسوء الأحوال الجوية يتدخل ويغير
مخططات
(آنّا)،
فتصبح الرحلة مريرة وصعبة عليها، مما يجبرها على المكوث في أماكن مختلفة
والالتقاء بأشخاص كثر غريبي الأطوار أثناء وجودها في ذلك الركن القصي (دينغل)
بعيداً عن مقصدها (دبلن) حيث (جيريمي) ومؤتمره الطبي. فتتعرض لمضايقات
ومفارقات عدة
بسبب الاختلافات الثقافية والحضارية المتنوعة بين ما اعتادت عليه في بوسطن
في
أمريكا وما وجدته في دينغل غربيّ إيرلندا.
من المفارقات التي تحصل مع (آنّا)
وتساهم في تنبيهها ومحاورة عقلها لقاؤها بـ (ديكلان) الإيرلندي الذي لعب
دوره
الممثل (ماثيو جود)، صاحب الحانة والمطعم والفندق في منطقة دينغل، وهنا
تتفق (آنّا)
مع (ديكلان) بعد عناء أن يقوم بإيصالها إلى
(دبلن) حيث يكون صديقها (جيريمي) ويقابل
إصرارَها على الوصول في الوقت المحدد - أي قبل أن تحين السنة
الكبيسة بفترة كافية
تمكنها من شراء خاتم وفستان لائق ـ بسخرية شديدة. فتتكون الكراهية بينهما
منذ
البداية وتمتدّ إلى أن تأخذ شكلاً آخر. كيف لا والقصة التي كتبها كل من
ديبوراه
كابلان وهاري إلفونت ما هي إلا كوميديا رومانسية ناقصة، لكنها
في الوقت ذاته ملأى
بالأبقار التي تعيق الطريق، وتحتفي بالطقس المتقلب، والانشغال الذي ينسي
مواعيد
الحافلات، وسارقي الحقائب المهذبين، ووجهات النظر المتباينة حول مسائل
التطير
والبحث عن أي سبب يثني المرء عن إتمام عمله.
ربما لم يوفق الفيلم في اختزال
وتكثيف الحب في مَشاهِدِه على الرغم من أنه كوميديا رومانسية،
كما أنه لم يفلح في
إنقاذ السيناريو غير المكتمل وغير الذكي من الإغراق في سلسلة من الكليشيهات
لم يكن
لوجودها أيّ داع. كمّ الضحك قليل جدّاً فيما لو قورن بهذه النوعية من
الأفلام. هذا
بالإضافة إلى أنّ التركيز الأكبر في الفيلم بدا جليّاً في
محاولاته المستميتة في
إظهار جمال أبطاله وجمال الطبيعة في إيرلندا، مما دفعني كمشاهِدَة إلى
إطلاق تنهيدة
كل ما فيها يقول: 'هذا أجمل من أن يكون حقيقة'! وعلى الرغم من الكاريزما
المنفصلة
لدى كل من آيمي آدمز وماثيو جود إلا أنهما لم ينجحا برأيي في
دوريهما كحبيبين،
ولهذا السبب لم أشعر بكيمياء الحب بينهما يزلزل كيانهما حتى يدفعهما في آخر
الفيلم
إلى تلك النهاية المتوقعة، ألا وهي الزواج! لهذا أقول: حتى لو كان كل شيء
مكتملاً
في كينونته ودائرته، ينبغي عليه أن يتحد ويتغلغل في دائرة الآخر حتى يكون
بناء
الفيلم الدراميّ وتسلسل أحداثه ووصوله إلى النهاية المرجوّة -
ضمن تكتيك وقولبة
ناجعة تضمن سدّ كل الثغرات في سيناريو الفيلم - أمراً بديهيّاً ومنطقيّاً
ومقنعاً.
بقي أن نفترض معاً عزيزي الرجل أن امرأة ما أحبتكَ، وبادرت فتقدمت
بطلب
يدك للزواج، هل ستقيم الدنيا وتقعدها على رأسها؟ هل ستعدها خاطئة حتى تعود
عن
فعلتها النكراء؟ هل ستفكر وتقول لنفسك هذه جرأة لا تغتفر؟ وهل
ستفكر مجدداً وترتكب
حماقة أن تحوّل جرأة هذه الفتاة إلى وقاحة، وبالتالي تسقط عليها حكماً
بأنها 'ساقطة' مثلاً؟ هل سيخدش كرامتَكَ فعل كهذا
وستشعر فوراً بأنك لن تستطيع أن تسترضي
غرورك بقبول
مثل هذا الفعل؟ هل ستقابل طلبها بسخرية لاذعة وهل ستداوم على تذكيرها
بأنك 'رجل' مبادر، وبأنها 'امرأة' تنتظر؟ أسئلة لا تنتظر الإجابة لأن السنة
الكبيسة
القادمة ستكون في عام 2012، فاستعدوا!
كاتبة وأكاديمية أردنية
/
فلسطينية
القدس العربي في
22/10/2010 |