كثير من الكتاب
والمخرجين يصنعون فنا للفن ولا يزايدون على أحد في المسألة السياسية، ومن
ثم فما
يطرحونه من كوميديا في أفلامهم يقبل كما هو ويمر مرور الكرام كأنه لم يكن،
أما من
يمزجون الكوميديا بالسياسة والجنس فهؤلاء يمارسون باحتراف مهمة التسطيح ولا
تصيب
أفلامهم ايا من القضايا الثلاث، فلا هم يناقشون السياسة بعمق ولا يقدمون
الجنس في
إطار درامي وفني مقبول ولا معنى أيضا لكوميدياهم المفتعلة، بيد أنهم يكررون
ذلك في
كل المواسم من دون كلل أو ملل وبغير حرج من الهوة الشاسعة بين أفكارهم
المكتوبة في
الصحف المعارضة ونزقهم المعلن في الأفلام التجارية، وهذا بالطبع ما يوحي
بالتناقض
ويضع من يتعرضون للكتابة عن تجاربهم لحيرة بالغة، إذ لا يمكن أن يستوعب
العقل
انقسام المبدع على هذا النحو، خاصة أن هناك إصرارا على تبني القضايا
الاجتماعية
والتلويح بوجود فساد داخل الأروقة 'السيادية' وانعدام مبدأ الشفافية،
الشعار الذي
يتاجر به النظام، أي أن نية النضال مبيتة ولكن على الطريقة 'الهندية'، وهذه
واحدة
من الطرق الواقية من التكدير والصدام المباشر مع السلطة، ففي الأفلام
الهندية يتولى
البطل مهمة إنقاذ البطلة من الأوغاد ومجابهة القوى الغاشمة ويظل في معارك
ومطاردات
على مدى ثلاث ساعات كاملة، وفي النهاية تتوه البطلة ويظل للبطل شقيق توأم
ويتحد
الاثنان على الخير والمقاومة والعمل الفدائي الفردي وهكذا ينتصر الخير على
الشر
وتتوافر مكونات الطبخة الفنية الدرامية الهندية بمذاقها الخاص ويخرج
المشاهد 'مبسوط
ومنشكح' بعد عملية تخدير استمرت زمنا طويلا نسي خلاله كل مشكلاته وعاش
الوهم اللذيذ
مقابل ثمن التذكرة، هذه هي الوصفة الهندية السينمائية التي قدمتها السينما
المصرية
في فيلم 'الرجل الغامض بسلامته' فضلة خير السيناريست بلال فضل والمخرج محسن
أحمد،
فالأول صانع البهجة وموقظ العقل الجمعي من غفوته باستشعار الخطر عن بعد
والتنبيه
للفساد القابع خلف المكاتب الرسمية في المؤسسات الحكومية الكبرى، فالهدف
هنا مزدوج
تقديم الكوميديا في قالب سياسي عميق، ولا مانع بالمرة من كشف فساد المعارضة
لاستكمال الإفيه وخلق خط مواز لكيلا يكون الكلام عن الفساد موجها للحكومة
فقط،
لاسيما ان الذين ينادون بالتغيير يخلعون ملابسهم ويدبجون الخطب الرنانة
داخل
أحزابهم وهم عرايا إلا من ملابسهم الداخلية فتلك هي الهيئة اللائقة بهم
والصورة
الكاريكاتورية الساخرة هي صورتهم الراهنة فلا فرق بينهم وبين حكومتهم غير
السعي الى
التغيير وخلع الملابس، حول هذه النقطة المحورية تدور الأحداث وتتخلق
المواقف او
تختلق ونبقى طوال مدة الفيلم نتابع مسيرة 'الرجل الغامض' هاني رمزي ونشهد
تحولاته
من موظف شريف يرفض التواطؤ والتستر على الفساد ومشتقاته من رشاوى واختلاسات
الى شخص
عاطل عن العمل مهزوم شهواني يتعقب الفتيات والسيدات في الشوارع والفنادق
الكبرى
والمدن الساحلية ـ السياحية ويدمن الكذب ويأكل البسكويت على السلالم في
مدخل
العمارة، غير أنه أي السيد هاني رمزي أو 'راضي' أو 'عبد الراضي' وكلها
أسماؤه
وانتحالاته يخترق دوائر رجال الأعمال متكئا على بلاهته وتطفله فيصل بصنعة
لطافة إلى
شخصيات اقتصادية وسياسية مهمة وتربطه على هذه الخلفية علاقة عاطفية ـ
انتهازية
بالبطلة نيللي كريم ويلتقيان في شرم الشيخ لنرى عادة البطل كما هي لا
تتغير، حيث
يقتفي أثر السائحات العاريات على حمام السباحة وهو لا يزال يعيش حالة من
الجوع
الجنسي، حتى انه يحمل في حقيبته صورا لفتيات 'البلاي بوي' يخرجها سهوا بدلا
من
أوراق البيزنس كلما التقى بمسؤول أو وزير كأن السيناريست لم يجد طريقة
لتفجير الضحك
والكوميديا غير تلك الطريقة القديمة الساذجة، وإن دل ذلك على شيء إنما يدل
على
الهواء الدرامي والكوميدي في السيناريو، حيث الرغبة في أن يقول الكاتب كل
شيء في
عمل واحد بدون وجود رابط بين الحدث والإسقاط غالبا ما تؤدي إلى فراغ، فراغ
من
المعنى والمضمون والشكل ولا تفلح حينئذ حيل الفهلوة والتذاكي وخفة الظل
وإقحام
الإفيهات الجنسية وحشرها المستمر في قاموس البطل 'راضي، عبدالراضي،
عبدالمرضي،
الموظف بشركة 'الألبان'، الطبيعية والصناعية والمبسترة والشاملة كل الأنواع
المقوية
والمغذية والمرطبة!
في تقديري أن تعدد المحاور وتشتيت الحدث وغياب المنطق أعجز
المخرج محسن أحمد عن التأثير الكوميدي واضطره الى تعويض الكوميديا بالصورة
السياحية
المبهرة بوصفه مصورا محترفا قبل أن يكون مخرجاً، فقد أتحفنا بمجموعة لوحات
طبيعية
تنوعت بتنوع المشاهد ما بين المناظر الخلابة والمايوهات الساخنة للحسناوات
الشقراوات وهذه ميزة فنية تجب ما قبلها لو تم التعامل مع الفيلم في نفس
السياق
السياحي التجاري، واعتقد ان تلك كانت رؤية السيناريست والمخرج وجهة الانتاج
بعيدا
عن المزايدات السياسية والادعاء المضحك بنقد أكبر رأس في الحكومة طبقا لما
جاء في
مشهد رئيس الوزراء حسن حسني الذي أخذ يلهو مع الموظف الشهواني في مكتبه
بالصور
العارية في إشارة لتوجيه نيران السخرية إليه وعدم استثناء رموز حكومة الحزب
الحاكم
من الهجوم وهي المراوغة التي ظل يمارسها بلال فضل طوال الأحداث فقد مسك
بالعصا من
المنتصف من أول مشهد الى آخر مشهد، وحرص على أن يقوم بالدورين ويرتدي
القناعين،
فتارة معارض يوجه لكمات سريعة للنظام، وتارة أخرى ينقلب على المعارضة
ويوجعها لطماً
وسخرية متصورا أنه يقف بذلك في المنطقة المحايدة أو بمعنى أدق المنطقة
الآمنة.
وهو يعلم تماما ان الحياد لا يجوز في الإبداع طالما ان المبدع اختار
لنفسه طريقا ومنهجا ودخل بمحض إرادته حقل الألغام وارتضى ان يكون في
المواجهة، لا
سيما ان له آراء لا تخفى على أحد وهو مصنف بالضرورة من المعارضين مهما حاول
المناورة للفصل بين ما يقوله في السينما وما يكتبه في الصحف، حتى وإن كانت
السينما
هي نقطة الضعف بوصفها باتت عملا أساسيا تقوم عليه حياته، المهم ان تكون
هناك حدود
للعب مع الكبار لا يتنازل معها المثقف عن ثوابته ولا يخضع لشروط اللعبة
كلها حتى
وإن استلزم الأمر الخروج من 'التراك' نهائيا، نعود لـ'الرجل الغامض بسلامته'
والمأخوذ عنوانه من الأغنية الشهيرة للشاعر الكبير صلاح جاهين، تلك التي
غنتها سعاد
حسني أمام حسين فهمي في فيلم 'خلي بالك من زوزو'، وهو الالتقاط الذكي من
بلال الذي
قدم تنويعاته الدرامية على مقطع من الأغنية مستغلا خلودها الفني وبقاءها في
أذهان
الجماهير مرتبطة بالثلاثي جاهين وسعاد وفهمي وما خلفوه من أثر إيجابي يجدر
بأن يلعب
دورا في إنجاح فيلم آخر بنفس الاسم وإن اختلف المكان والزمان والأشخاص
والموضوع،
لكن شيئا ما سيبقى من عطر السندريلا وطعم الشعر بنكهة ومذاق صلاح جاهين.
القدس العربي في
01/10/2010
صباح السبت
مملگــة
النمــل!
بقلم : مجدي عبد
العزيز
لا احد ينكر المجهودات التي يبذلها انس الفقي وزير الاعلام في مجال الانتاج
الدرامي ودعمه ومساندته للاعمال الجادة التي تقوم بإنتاجها القطاعات الكبري
التابعة لاتحاد الاذاعة والتليفزيون مثل قطاع الانتاج و»صوت القاهرة« ولا
يمكن إغفال نظام الشراكة في الانتاج مع كبري شركات القطاع الخاص في مصر
والعالم العربي حتي نجح الاعلام المصري في إسقاط شعار العرض الحصري واصبح
العمل الدرامي المتميز يتم عرضه بالكامل علي شاشة قنواتنا الارضية
والفضائية بصورة لم يسبق لها مثيلا ومكنتنا من استرداد ريادتنا في مجال
الانتاج والعرض معا بحيث لم يعد هناك اية انواع من الحرمان تفرض علي
المشاهد المصري داخل أو خارج مصر.
واستمرارا لهذا الاسلوب في مجال انتاج الفيديو الذي يقوده الان بكل ثقة
واقتدار المهندس اسامة الشيخ رئيس اتحاد الاذاعة والتليفزيون ومعه المهندسة
الكبيرة راوية بياض رئيس قطاع الانتاج تم اقتحام مجال اخر هو الانتاج
السينمائي الذي كان لقطاع الانتاج صولات وجولات كثيرة ادت لازدهاره وتميزه
بل وفي اثراء شاشة التليفزيون بأعمال توافرت لها كل عناصر الابداع ثم
لاسباب لا اريد الخوض فيها الان توقف هذا الانتاج ولم يعد هناك احد يفكر أو
يخطط أو يحلم لاعادة الامور إلي ما كانت عليه حتي اعطي انس الفقي وزير
الاعلام تعليماته الواضحة بفتح هذا الملف مرة اخري علي اسس تحقق للسينما
المتعة والفن والفكر وتخدم قضايا امتنا العربية ونحن جزء رئيسي في نسيجها.
وبالفعل نجحت المهندسة راوية بياض في العثور علي فكرة فيلم سينمائي شديد
التميز اسمه »مملكة النمل« من تأليف الروائي السوري خالد الطريفي ويخرجه
التونسي شوقي الماجري ويشارك في انتاجه مع قطاع الانتاج ثلاث جهات انتاجية
اخري هي »ايبلا«
السورية و»ART«
و»شركة الضفاف«
التونسية حيث يجسد سيناريو الفيلم قضية مهمة تتطلب تكلفة انتاجية كبيرة
ليظهر في اطار وثيقة سينمائية سياسية مبهرة حدد معالمها المهندس اسامة
الشيخ رئيس اتحاد الاذاعة والتليفزيون الذي طالب ايضا بضرورة ان يأتي العمل
معبرا عن التلاحم العربي من حيث الشكل والمضمون واكد علي اسناد الادوار
الرئيسية في تلك الحدوتة لنجوم من مصر والمنطقة العربية تحقيقا للمصداقية
في عرض مثير وشيق للقضية الفلسطينية التي تعطيها القيادة السياسية في مصر
عظيم الاهتمام والدعم والمساندة علي جميع المسارات السياسية وتقدم لها كل
ما تحتاج اليه من امكانات مادية وامكانيات فنية توفر لها سبل الحياة وسط
الظروف اللاإنسانية الصعبة تحت نيران الاحتلال الاسرائيلي الغاشم.
ولاشك ان هذا الفيلم يأتي في مرحلة دقيقة وحاسمة حيث تمر القضية الفلسطينية
هذه الايام بمرحلة البحث عن الحل النهائي وتضافر كل الجهود المصرية
والعربية والدولية لإنهاء كل مظاهر الصراع العربي الاسرائيلي منذ عام
٨٤٩١
وحتي يومنا هذا حيث لم تنكسر ارادة الصمود
الفلسطيني فأهالينا داخل الاراضي المحتلة يمتلكون ارادة حديدية تجعلهم لا
يموتون ابدا ولا يلقون بسلاح المقاومة المشروعة.
ولعل اهم ما يميز هذا العمل استخدامه للرمز بين اظهار صلابة وتحد وارادة
الشعب الفلسطيني وتمسكهم بترابهم الوطني وما يقوم به »النمل« الذي يبني
لنفسه اوطانا تعد بمثابة المملكة الخاصة لآماله وطموحاته وحقه المشروع في
الحياة مهما كانت هناك آلام قاسية تعصف بالاخضر واليابس فهناك حقيقة علمية
ثابتة توضح كيف يقوم هذا النمل من تنظيم صفوفه واستجماع قواه للانطلاق في
صحوة كبري تؤكد له حق البقاء في دائرة الضوء وليس داخل جحور الظلام الدامس.
إنني احيي البعد السياسي المهم الذي دفع وزارة الاعلام وقياداتها المسئولة
عن تنفيذ سياستها في مجال الانتاج الدرامي لتقديم مثل هذا العمل السينمائي
الذي يعد صورة من صور الدعم والمساندة بالكلمة والصورة ولغة الحوار الراقي
من خلال شخصيات حقيقية من لحم ودم تعبر عن ضمير امة اغتصبت حقوقها منذ
عشرات السنين وهي لاتزال تقاتل بيد وتحمل في اليد الاخري اغصان الزيتون.
والفيلم الذي اوشك المخرج شوقي الماجري علي الانتهاء من تصويره يشارك فيه
قطاع الانتاج بنسبة ٥٢٪ ويقوم ببطولته مجموعة من النجوم العرب اذكر من
بينهم صابا مبارك وعابد فهد وخالد تاجا ومنذر ريحانة وجولييت عواد ومعهم من
مصر النجم ياسر فرج ومدته ٥٠١ دقائق ويصور بين سوريا وتونس وخصص له
ميزانية ضخمة ليخرج علي مستوي فني عال.
انني اهنيء قطاع الانتاج برئاسة المهندسة راوية بياض علي العودة إلي تقديم
الاعمال السينمائية المهمة التي كان قطاع الانتاج متميزا بها في بداية
ظهوره ككيان درامي ضخم في مصر والمنطقة العربية ثم توقف الانتاج السينمائي
ولكن الان وبعد ان عادت الروح لقطاع الانتاج وشهد هذا النجاح المبهر في
الانتاج الدرامي المباشر أو المشترك مع القطاع الخاص اتصور ان هناك المزيد
من النجاحات قادمة إلينا خلال الفترة المقبلة بفضل الادارة الناجحة والوعي
والفهم والشفافية التي تتمتع بها راوية بياض والتي شهد بها كل المهتمين
بالانتاج الدرامي خلال رمضان الماضي وما قبله من سنوات سابقة وهذا شيء يحسب
لوزير الاعلام انس الفقي الذي يختار
اصحاب الكفاءات الناجحة العالية لتولي المناصب المهمة والرفيعة في منظومة
الاعلام المصري بكل قطاعاته المرئية والمسموعة والذي انعكست اثاره علي رجل
الشارع البسيط الذي لم يعد مبهورا بشاشات عرض اخري أو محطات ارضية وفضائية
تزغلل العينين بالاثارة فقط فنحن قد اصبحنا الان نقدم للمشاهدين داخل وخارج
مصر الانتاج الدرامي الذي يتمتع بصفات متفرده لاتتشابه معها اية مفردات
فنية اخري في منطقتنا العربية وهو الامر الذي زاد من الاعباء المالية علي
خزينة اتحاد الاذاعة والتليفزيون وهذا هو قدر الكيان الاعلامي
الكبير بين اشقائه في ان يظل دائما متقدما
ومتميزا ومحافظا علي ريادته
مهما كانت تضحياته
غالية وفادحة.
أخبار اليوم المصرية في
01/10/2010
عيون مفتوحة.. لا ترى
بقلم: كمال رمزي
فكرة كبيرة، عميقة ومبتكرة، يتضمنها فيلم «عائلة ميكى»، المتواضع إنتاجيا
وفنيا، والذى تدور وقائعه خلال يوم واحد، بشخصيات تنتمى لإحدى أسر الطبقة
المتوسطة: الجدة بأداء رجاء حسين ــ كفيفة، تكاد تكون وحيدة برغم أنها تعيش
مع ابنتها وأحفادها، فالكل مشغول عنها، لا يتبادلون معها كلمة واحدة، اللهم
إلا ابنتها، لبلبة، التى فى عجلة دائمة من أمرها، فهى ترعى زوجها، وأبناءها
الخمسة، فضلا عن التزاماتها الوظيفية الحساسة، مديرة للشئون القانونية فى
مصلحة حكومية، ترى فى نفسها درجة من الفطنة تجعلها تشم رائحة الكذب على بعد
كيلومتر، وترى أنها نجحت فى تربية أولادها على أكمل وجه.. والدليل على هذا
اقترابها من الفوز بجائزة «العائلة المثالية» التى تنظمها إحدى قنوات
التلفاز.
يسير الفيلم فى خطين، أقرب إلى متابعة الاكتشافات، أحدهما بعيون الأم ــ
لبلبة ــ التى تتبين أنها لا تعرف شيئا عن الجوانب الخفية فى حياة أبنائها،
والثانى نراه نحن، الجمهور، حيث ندرك ما لا يخطر على بال الأم.. إنها لا
تصدق، فى البداية، أن ابنها «المعجزة»، يرسب بانتظام فى السنة الثانية
بكلية الهندسة، ويشيع أنه فى السنة الرابعة. ولكنها تتأكد من خيبة
«المعجزة» بعد زيارة الكلية.. تصدم، حين تكتشف أن ابنها الكبير، ضابط
الشرطة الحديث التخرج، يستخدم سيارتها الخاصة التى زعم أنها معطلة..
تثور، بتعقل عندما تعلم أن ابنتها تهرب، أحيانا، من المدرسة، مع زميلاتها..
تتألم بسبب إصابة ابنها، التلميذ الإعدادى، بجرح فى رأسه، لأنه ــ حسب زعمه
ــ انزلق على الأرض أثناء مباراة كرة قدم.. أما الطفل «ميكى» فالشكوى من
شقاوته، تأتى من الجميع.. وفى لحظة صدق وحيرة، تتساءل الأم، بعيون لبلبة
التى يزحف على شرايينها اللون الأحمر، وقد اغرورقت بالدموع: هل أنا سعيدة
حقا بهذه العائلة؟
أما نحن، الجمهور، فنرى ما لا تراه الأم: ابنها الضابط الخائب تنشل منه
«طبنجته» داخل تخشيبة قسم الشرطة.. «المعجزة» يقضى أيامه فى التدخين ولعبة
الـ«بلاى ستيشن». البنت لا تتوقف عن ممارسة علاقاتها مع غرباء من خلال «النت».
التلميذ يكاد يتحول إلى مشروع بلطجى، وما أصابته فى رأسه إلا نتيجة مشاجرة
مع زملائه، الطفل، يمارس الشر بلا تردد، والأدهى أن الضابط يحضر فتاته إلى
الشقة، فى غياب الأم، مطمئنا إلى عدم إبصار الجدة، كذلك الحال بالنسبة
للبنت المراهقة، التى تستقبل فى الشقة، فتى من شذاذ الآفاق.. وعلى طريقة
مسرح «الفودفيل» يتابع الفيلم لعبة الاختباء والظهور، ومخاطر انكشاف
المستور، على نحو يكاد يتحول إلى ما يشبه «الفارص» أو الكوميديا الهزلية،
فصديقة الضابط تتسلل من حجرة لأخرى، وصديق البنت يكمن مذعورا تحت سرير
ويقبع ساكتا فى الحمام. وبعد طول تلكؤ، قبل إعلان نتيجة المسابقة، يقوم
مندوب لجنة التحكيم، طالبا منهم مائة ألف جنيه للجنة كرشوة لأن «الأسرة
المثالية» ستكسب ربع مليون جنيه، ومن دون تردد يوافق الأب والأم على الصفقة
المشينة. هنا ندرك أننا، الجمهور، بعيوننا المفتوحة لم نر أو ندرك الحقيقة.
«عائلة ميكى» فكرة متميزة كتبها صاحب «أوقات فراغ»، عمر جمال، لم يستطع
صوغها فى سيناريو متماسك، واعتمد المخرج، أكرم فريد، على ممثلين جدد، لم
يستكملوا أدواتهم بعد، وبالتالى بدا الفيلم مهما وباهتا فى ذات الوقت.
الشروق المصرية في
01/10/2010
أفلام وزارة الثقافة.. لماذا تفشل غالباً ؟
نادر صلاح الدين: الأجهزة واللجان الحكومية.. السبب
كتبت ـ مروة جمال:
عودة وزارة الثقافة لدعم صناعة السينما في مصر عن طريق المشاركة في إنتاج
بعض الأفلام أو إنتاجها بالكامل أثار تفاؤل الجميع بانتعاش هذه الصناعة
وظهور نوعية جديدة من الأفلام القادرة علي المنافسة في المهرجانات الدولية
بشكل مباشر.
هذا التفاؤل سرعان ما اندثر وحل محله تشاؤم شديد بعدما فشلت الأفلام التي
انتجتها الوزارة مؤخرا في تحقيق هذا الحلم خاصة فيلمي "وتلك الأيام"
المأخوذ عن رواية فتحي غانم وكتب له السيناريو والحوار علا عزالدين وتولي
إخراجه أحمد غانم وفيلم "المسافر" الذي قام ببطولته عمر الشريف مع سيرين
عبدالنور وخالد النبوي ومن تأليف وإخراج أحمد ماهر.
بالرغم من أن ميزانية الفيلم الأخير تجاوزت الـ 23 مليون جنيه إلا أنه فشل
في الحصول علي أي جائزة من المهرجانات التي شارك فيها وعقب عرضه في أي
مهرجان كان يحظي بسيل من النقد اللاذع.
الفيلم الوحيد الذي أحسنت وزارة الثقافة اختياره وشاركت في إنتاجه كان
"رسائل بحر" لمؤلفه ومخرجه داود عبدالسيد وبطولة آسر ياسين وبسمة فلقد تم
اختياره مؤخرا ليمثل مصر في دورة مهرجان الأوسكار العالمي بأمريكا.
وبالرغم من أن معظم الأفلام التي أنتجتها وزارة الثقافة لم تحقق أي نجاح
يذكر إلا أنها كبدت خزينة الوزارة ميزانيات ضخمة الأمر الذي دفع البعض إلي
اقتراح تشكيل جهاز يكون تابعا للوزارة مهمته اختيار الأفلام التي ستحظي
بدعم الوزارة بدلا من صندوق التنمية الذي لم ينجح حتي الآن في اختيار هذه
الأفلام بشكل صحيح.
يقول المؤلف نادر صلاح الدين: أثبتت لنا التجربة أن تشكيل أي جهاز أو لجنة
حكومية لاختيار الأفلام التي ستنتجها وزارة الثقافة فكرة غير مجدية لأن هذه
اللجان حينما تختار الفيلم لا تضع في اعتبارها ضرورة أن يكون هذا الفيلم
قادرا علي جذب الجمهور كي تغطي إيراداته تكاليف إنتاجه وبالتالي تستمر
الوزارة في دعمها للسينما ولا يتوقف كما توقفت في الستينيات الهيئة العامة
للسينما بالرغم من تقديمها لأفلام رائعة.
تساءل صلاح الدين: هل سيحاسب أحد اللجنة التي اختارت فيلم "المسافر" كي
تنفق عليه 23 مليون جنيه بعد فشله في ارضاء النقاد والمهرجانات بل وأبطاله
أنفسهم؟
هل فكرت هذه اللجنة في أن الفيلم لن يحقق أرباحا تغطي تكلفة إنتاجه الضخمة
جدا حتي لا تتكبد الوزارة خسائر بالملايين؟
أضاف نادر صلاح الدين: لجنة الوزارة اختارت "المسافر" اعتقادا منها بأنه
فيلم مهرجانات وهذا توجه خطأ تماما لأن الوزارة واجبها هو دعم صناعة
السينما وليس تقديم أفلام مهرجانات فهذا الأمر ليس حكرا علي وزارة
الثقافة.. كما أنه من الخاطيء جدا أن نبحث عن فيلم يصلح للمنافسة في
المهرجانات كي ننتجه علينا أن نبحث عن الأفلام الجيدة فقط بدليل أن تصنيف
الأفلام بهذا الشكل أمر غير متبع في كل العالم وبدليل أيضا أن الأفلام التي
تحقق أعلي نسبة ايرادات هي التي تفوز بجائزة الأوسكار وهذا يتنافي مع ما
يذكره البعض عن أن أفلام المهرجانات لا تحقق نجاحا جماهيريا أو إيرادات
مرتفعة.
يتفق معه في الرأي المخرج محمد علي الذي قال: لسنا بحاجة إلي جهاز جديد
تابع لوزارة الثقافة كي يختار الأفلام التي سننتجها لكننا بحاجة إلي تفعيل
الأجهزة الموجودة لدينا حتي ننهض بصناعة السينما بشكل عام ونعود بها لعصرها
الذهبي وعجزنا عن إيجاد أفلام علي مستوي فني مميز كي تشارك في المهرجانات
سببه قلة عدد الأفلام التي تنتج في العام لكن لو زاد هذا الإنتاج حتما سنجد
فيه ضالتنا.
أضاف: هنا يكمن دور الوزارة التي لابد أن تشارك في إنتاج المزيد من الأفلام
خاصة أن اختيارها لفيلم "المسافر" لم يكن سيئا لهذه الدرجة فهذا الفيلم
ينتمي لنوعية خاصة من السينما علينا أن نتعامل معها برحابة صدر ويكفي أنه
أول فيلم مصري يشارك في مهرجان فينيسيا.
قال: الدعم المادي الذي تقدمه الوزارة لأي فيلم لا يمكن أن يكون له قواعد
ثابتة لأنه يتحدد وفقا لطبيعة واحتياجات كل فيلم.
يقول المخرج كريم العدل: الدورة التي بدأتها وزارة الثقافة مؤخرا لإنتاج
مجموعة من الأفلام لابد أن تتكرر لأنه في هذه الفترة تم تقديم نوعية مختلفة
من الأفلام التي من المستحيل أن يقبل عليها الإنتاج الخاص لأنه بالرغم من
مستواها الفني الجيد إلا أنها لن تحقق إيرادات وبالتالي سيخشي أي منتج من
المجازفة بأمواله في مثل هذه الأفلام خاصة أنها تتطلب ميزانيات ضخمة في حين
أن المنتج لا يمكن أن يغامر بإنتاج فيلم تتخطي ميزانيته خمسة ملايين جنيه.
أضاف: مسألة مشاركة الأفلام المصرية في المهرجانات الدولية مسألة نسبية جدا
لأن كل مهرجان يقيم الأفلام من منظور مختلف لكن يتحتم علي لجنة التحكيم
التي تختار الأفلام التي ستنتجها الوزارة بناء علي السيناريو الجيد لأنه
الفيصل الحقيقي لنجاح أي عمل فني.
وفي الحقيقة أنا لا أعلم من هم أعضاء هذه اللجنة لكنني أعلم أن انتقاءهم
لابد أن يكون بحذر بالغ حتي لا نحضر أشخاصا لا يهتمون سوي بالتباهي
بالمناصب فلجنة كهذه لابد أن تضم كاتبا بخبرة وحيد حامد ومخرجين بحجم محمد
خان وخيري بشارة لأنهم مدركون تماما لكل تفاصيل صناعة السينما.
المساء المصرية في
01/10/2010 |