يلعب التصوير دوراً مهماً في إثارة انتباه المتفرج، لأن التصوير يضم الكثير
من الحيل السينمائية والإمكانيات التي تعمل على خلق الإثارة والانبهار،
وتتحدد قدرته على جذب المتفرج تبعاً إلى حجم اللقطة، وحركة الكاميرا،
واختيار زوايا التصوير، ومستوى الكاميرا، والإضاءة والتظليل، والتقطيع
(المونتاج).
فضلاً عن أن الصورة في السينما يتم ترتيبها بشكل جمالي وتنظيمها بأسلوب
يقترب إلى الواقع البشري، وبالتالي تبقى اللقطة السينمائية المنفردة هي
الوحدة الأساس في بناء الفيلم والذي تكسبه المعنى المتسلسل المتماسك إذا تم
ربطها مع بعضها لتكوين المشاهد.واليوم يأخذنا ضيف متخصص من هذا المجال يلقب
ب(أبو الصورة السينمائية) ليسلط الضوء على الأفلام ومسيرتها في حياته وحياة
الناس ماهر راضي واحد من أهم أساتذة التصوير في مصر، معروف بقدرته على
التعامل مع الكاميرا بفنية متميزة.
درس الفن السينمائي منذ نشأته وقرر أن يكون طريقه هو الفن السابع، فحصل على
بكالوريوس المعهد العالي للسينما قسم التصوير عام 1976 ثم ماجستير في
التصوير السينمائي 1938 وأخيراً حصل على الدكتوراه في فلسفة الفنون
السينمائية 1987.أسهم في الكثير من إدارات التصوير، فأجاد التفاصيل الحرفية
في فيلم »الجحيم« عام 09180 عندما انتقى زوايا اللقطات وجمال الصورة
والألوان وأبرز ديكور نهاد بهجت في توظيف درامي متكامل من خلال فيلم »الأفوكاتو«
الذي قدمه عام 1948.
وحقق مستوى حرفياً مميزاً في كل مشهد من خلال فيلم »أيام الغضب« في 9198
فاهتم اهتماما لافتا بزوايا الصورة في أفلامه، خاصة درجات الظلال والديكور
المعبر عن الأجواء النفسية والحركة المتدفقة من داخل الكادر فلقبه المخرجون
بـ »أبو الصورة« لتفوقه المهني.
ألف كتاباً بعنوان »فن الضوء« حول فن الرسم بالضوء وتأثير الإضاءة على
الفن، متحدثاً فيه عن أهمية الإضاءة وأهدافها أمام الكاميرا في البناء
الدرامي، ويعد هذا الكتاب من النوادر في هذا التخصص، وكان ل(ماهر راضي) هذه
المشاركة مع (الحواس الخمس) في معرفة الأفلام التي شكلت جانباً نفسياً في
حياته، وأثرت قيمها في المجتمع.
الصورة والضوء
(من دون الإضاءة لا يمكن أن تكون هناك صورة ضوئية ومن دون التعامل مع الضوء
للحصول على معنى تكون القيمة الفنية للصورة منقوصة، ويعنى ذلك أن أهمية
الضوء في الصورة السينمائية يستند إلى جانبين أحدهما علمي والآخر فني).
يرى راضي أن الضوء ما هو إلا أداة لخروج الصورة السينمائية، ويتضح ذلك
علمياً لأن التصوير الضوئي هو عملية تهدف إلى تسجيل تأثير الضوء على سطح
حساس وذلك بالاعتماد على تغيرات طبيعية كيميائية ضوئية بما يؤدي إلى تكوين
ما يعرف بالصورة الكامنة القابلة للإظهار لتكون مرئية بالعين المجردة بعد
معالجتها كيميائياً بمواد مطهرة.
أما على المستوى الفني فالإضاءة لا يقتصر دورها على مسألة النقل من خلال
التسجيل وإنما تتجاوز ذلك إلى مرحلة التعبير، فهي وسيلة للتعبير الفني،
ولذلك فنظرية الرسم بالصورة الضوئية هي المسألة التي ترفع مستوى التصوير
الضوئي كعمل فني لتجعله من فنون الدرجة الأولى.
وعالم الفيلم السينمائي، كما يراه أبو الصورة السينمائية، هو عالم يتصف
بقوة تأثيره على جمهور مشاهدي السينما، فهو عالم ساحر يفرض الموضوع الذي
يدور في الفيلم على المشاهد وينفذه العاملون في الفيلم ويستقبله المتفرج
الذي يشاهده، ولذلك فهو عالم مصنوع يقوم العاملون في الفيلم بصناعته كل في
مجال تخصصه مستخدمين عناصره الفنية والتقنية في التأثير على المتفرج.
السينما والمجتمع
(لابد أن يحمل الفنان فكرا يسعى للتعبير عنه من خلال العمل الفني لأن العمل
دائما يعبر عن أفكار صانعيه والأفكار هي التي تمنح الفنان قوة التعبير، ومن
ثم فإنها تؤثر في المجتمع إذا كان الفنان مؤثرا فيها) يؤكد راضي أن السينما
ليست هي المؤثر الوحيد للفيلم.
ولكن الاثنين يؤثران في بعضهما لأن الفنان يبحث عن الأفكار في المجتمع حتى
يتأثر بها ويسعى للتعبير عنها ومن ثم يخرجها في فيلم سينمائي، يتعامل معه
المشاهد على أنه واقع ملموس يرى فيه كل القضايا ويتأثر بها سلبيا وإيجابيا
عكس الواقع الذي يعيش فيه والذي يستحيل أن يتلمس فيه كل إيجابياته
وسلبياته.
إذاً يمكن القول ـ والحديث على لسان راضي ـ بأن السينما هي واقع ملموس
ومؤثر لدى المجتمع لا يمكن الاستغناء عنه، وأن الأفلام المصرية لم تكن تصل
في يوم من الأيام إلى صورة سينمائية مميزة لولا هيمنة الأفلام الأميركية
عليها ومقارنة المشاهد بين الصورة والإضاءة والديكور والأساليب التكنولوجية
التي تستخدمها الأفلام الأميركية وبين الأساليب التي تستخدمها الأفلام
المصرية، فلا يمكن أن نقارن بين فيلم »دراكولا« الذي تم تقديمه في
السبعينات ومستوى الأفلام المصرية التي قدمت وقتها، ولكن يمكن أن نقول إننا
تأثرنا في إخراج فيلم مثل »الإنس والجن« بفيلم »دراكولا« في الأساليب
المرعبة.
ويمكننا أن نقارن بين الصورة في فيلمي »التعويذة« و»الإنس والجن« لنجد أن
الأخير ظهر متأثراً بالتكنولوجيا الأميركية؛ لتتأكد مقولتي بأنه لولا هيمنة
السينما الأميركية لما وصلت السينما المصرية لما عليه الآن.
أفلام الرعب
(السينما المصرية حافلة بالعديد من الأفلام المؤثرة في حياة الشعب المصري
والعربي أيضاً سواء من خلال موضوعها المتميز أو من خلال المستوى المهني
الذي تم تقديم هذه الأفلام من خلاله، وخاصة أفلام الرعب).
يتذكر ماهر راضي في هذا الصدد فيلم »الإنس والجن« الذي شكل جانباً نفسياً،
وصمم أسلوباً جديداً من الصعب أن يتواجد في السينما الآن ويحكي عن هذا
الفيلم فيقول: هو فيلم أنتج في 5891 بطولة عادل إمام، يسرا، عزت العلايلي،
إخراج محمد راضي.
وفكرته تدور حول الصراع بين العلم والخرافة في ظل إصرار لكل أبطال العمل
على أن ما يحدث في الفيلم هو مرض نفسي وليس حقيقة، وعندما يتوجهون إلى
المشعوذين لا يأتون بنتيجة فيلجأون للدين لكي تنتهي المشكلة بإحراق
الجن.يشير راضي إلى أن هذا الفيلم أثر في العديد من الجماهير وترك قيمة
نفسية واجتماعية يتطلبها البشر بالفعل.
وأحداثه تتكرر في المجتمع بكثرة، وهذا الفيلم إذا نظرنا إلى صورته فلا يمكن
أن ننسى عناصر الرعب الموجودة فيها والتي تؤثر على المتفرج، فالفيلم يتناول
كائنات الليل والظلام فهو نوعيه تعتمد على إثارة غريزة الخوف عند الإنسان
ومن ثم تستخدم التوتر والتشويق باعتبارهما أسلوبين أساسيين في التناول
الفني الذي يختص بفيلم »الإنس والجن«.
أيضاً من الأفلام التي لها بصمة كبيرة عند جمهور السينما، فيلم »الهروب من
الخانكة« إنتاج العام 6891، ويدور حول صراع الأخوة لتقسيم الميراث بين
بعضهم البعض، لدرجة أن هذا الصراع يصل للقتل، وتقع ضحيته شخصية ليس لديها
أي ذنب غير معرفتها بالمشكلة، وتدخل مستشفى الأمراض العقلية إلى أن تظهر
الحقيقة، وهذا الفيلم أيضاً يوضح الصراع النفسي الذي تعيش فيه النفوس
البشرية والتي من أجل المال تقوم بالكثير من القتل والظلم والغدر وغيرها.
ومن الأفلام الأخرى الرائعة التي لابد من التوقف أمامها فيلم »أيام الغضب«.
وهو من الأفلام المهمة التي تناقش تحول المجتمع لشكل مادي، ومن ثم انهيار
القيم والأخلاق والمبادئ، وتدور أحداثه في مستشفى الأمراض النفسية، وذلك
ليعبر عن المجتمع بشكل عام، ويمثل صورة نقدية للنظام السائد وقوانينه من
خلال بعض الإسقاطات الدرامية الرمزية.
ويؤكد ماهر راضي أن ما يميز الفيلمين الأخيرين »الهروب من الخانكة« و»أيام
الغضب« هو أسلوبهما الذي يميل للمدرسة التعبيرية، وهي أصعب أشكال السينما،
موضحاً أنه شخصياً متأثر بها جداً وكذلك المجتمع؛ لأنها تخاطب الحس البشري
للإنسان، وتعالج قضايا نفسية ويتأثر بها المجتمع بشكل كبير، وارتبطت
بمستشفيات الأمراض العقلية؛ لأنها المكان الأكثر حرية، فبها يمكنك أن تقول
أي شيء على لسان مجنون غير أن كلامهم يشعر به الجمهور سريعاً لوجود عاطفة
بينه وبينهم، ولذلك هذه الأفلام تركت قيماً وأخلاقاً، وناقشت قضايا حقيقية
بشكل كبير.
أفاتار والكبار
(من أهم الأفلام الأجنبية التي شاهدتها في حياتي كان فيلم »أفاتار«، وهذا
الفيلم في رأيي يمكن أن يدرس سينمائياً لأن به من الصورة ما يوضح أن الخيال
العلمي ما هو إلا حقيقة واقعة في تاريخنا المعاصر).
يسترسل ماهر راضي كلامه مؤكداً أن - الخيال العلمي - تمكن من تأكيد العلاقة
العضوية بين الفن والفكر في الضوء، وذلك من خلال لقطات ومشاهد تمكن المصور
والمخرج جيمس كاميرون فيها من أن يخرجا العالم الثاني إلى واقع مجتمعي
يستطيع أن يقول كل شيء وأن يعبر عن نظرية أهمها أن الأميركان يتمكنون من
غزو أي مجتمع حتى لو كان مجتمعهم، ولذلك أعتقد أن هذا الفيلم هو علامة
مؤثرة في تاريخ السينما الأميركية والمصرية أيضاً.
أما عن آخر الأفلام المصرية التي شاهدها ماهر راضي فيقول: كان فيلم
»الكبار« لزينة وعمرو سعد، وتدور أحداثه في العالم النفسي للمحامين، وهذا
الفيلم رغم ما به من سقطات كثيرة في الصورة، والإضاءة التي لم تتمكن من
إظهار الصورة بالشكل اللائق فإن مؤلفه تمكن من إظهار الحالة النفسية
للمرتشين الذين يبيعون شرفهم وهو فيلم أعتبره تجربة سينمائية شبه ناجحة
لمخرج مبتدئ.
البيان الإماراتية في
05/09/2010
نجيب الريحاني في أوّل زمان الفنّ المصري
حسن داوود
في سنة 1908 بدأ نجيب الريحاني عمله في المسرح. كان يعمل موظّفا في البنك
آنذاك، مزاملا لعزيز عيد، الذي ما لبث أن ترك وظيفته وألّف فرقة مسرحية
«كانت رواياتها تترجم عن الفرنسية وكلّها من نوع الفودفيل». وقد أشرك عزيز
عيد زميله الريحاني بمسرحيّاته، مقصرا مشاركته فيها على الأدوار الصغيرة.
لكن شغف هذا الأخير بالفن جعله يستقيل من وظيفته هو أيضا، مجازفا بتعريض
استقراره وسمعته إلى الاهتزاز والخطر. ذاك أنّ العمل بالفنّ كان معيبا على
الرغم من إقبال أوساط من المصريين على أشكال الحياة الوافدة إليهم من
أوروبا. ومن قبيل ذلك المسارح التي كتب نجيب الريحاني في مذكّراته أسماء
كثير منها، وكلّها، شأن «الروايات» التي تُمثّل على خشباتها، منقولة
أسماؤها عن أسماء مسارح أوروبيّة: الشنزليزيه، الرينيسانس، الكورسال،
كونكورديا، أبيه دي روز، برنتانيا، وحتّى حين رغب واضعو الأسماء بالتذكير
بمحليّتهم، أعادوا اسم مصر إلى نطقه الأجنبي في ما يتعلّق بمسرح «الإجبسيانة».
ولا أعلم إن كانت كثرة المسارح حينها دالّة على وفرة الإقبال عليها، أو إن
كان العمل بالتمثيل مجزيا لأصحابه. في حال نجيب الريحاني كان العمل بالفنّ
يعني اختيار الفقر. بديع خيري، الذي قدّم للمذكّرات الصادرة لأوّل مرّة في
1959، ذكر أنّ الريحاني كان يعود إلى عمله الوظيفي، إلى البنك ثمّ إلى معمل
السكّر الذي انتقل للعمل فيه بعد واحدة من جولات الفقر، كلّما وجد أنّ سبل
العيش سُدّت أمامه. وفي المذكّرات، يروي الريحاني كيف كان يضيق به الحال،
هو وزملاؤه في الفن، وبينهم عزيز عيد وإستيفان روستي وحسن فايق وحسين رياض
وروز اليوسف، إلى حدّ أنهم كانوا يقضون أيّاما لا يجدون فيها ما يأكلونه.
وأحسب أنّ السينما المصريّة التي استقبلت بعضا من هؤلاء وجعلتهم نجومها،
برعت في تصوير الفنّان الحالم والمعدم في الوقت ذاته، حيث شاهدنا نماذج منه
كثيرة في العديد من الأفلام. أي أنّنا، في أثناء قراءة المذكّرات هذه، لم
نكن نحتاج إلى تخيّلً كثير لنرى كيف كانت أحوال هؤلاء وأشكالهم.
ولم تجر حياة هؤلاء المجرى التصاعدي الذي ينقلهم مرّة بعد مرّة إلى درجات
أعلى. ذاك أنّنا، فيما نقرأ الكتاب، نرى صعوبة في إحصاء عدد المرّات التي
انخفض فيها الحال بعدما كان مائلا إلى الإرتفاع. كان العاملون في المسرح،
المنتجون والممثّلون والمخرجون وأصحاب التياتروهات، ينقّلون مواقعهم ولا
يثبتون على شراكة أو على زمالة، وهذا ربما كان شرطاً ضروريّا لتفاوت
الأحوال وتأرجحها. بسبب ذلك ربّما أمكن لنجيب الريحاني، فيما هو يروي وقائع
حياته، أن يكون راويا للوسط الفنّي المصري برمّته. يرجع ذلك ربما إلى دوره
في هذا الوسط، حيث لم يكن يكتفي بأن يكون ممثلا ومخرجا بل إنه جمع إلى ذلك
تأسيس فرق مسرحية لا يلبث عقد إحداها أن ينفرط بعد فترة لا تطول. لم يظهر
فنان مصري في ذلك الزمن إلا وورد اسمه في تلك المذكّرات التي استمرّت
وقائعها على مدى أربعة عقود. كلّ من عمل بالفنّ في ذلك الزمن صادف عبوره في
محطّة التقاطع تلك، التي هي واحدة من محطات تقاطع عديدة على الأرجح، هكذا
بما يذكّر بالعاملين في مؤسّسات لا مقرّات ثابتة لها. فإضافة إلى الممثّلين
المذكورة أسماؤهم أعلاه، تمرّ المذكرات على منيرة المهديّة، حيث، بعد أن
هبط الإيراد من عرض المسرحية «هبط علينا علي يوسف باقتراح لم نتأخّر في
تنفيذه، قال: إن السيدة منيرة المهدية اشتهرت في عالم الغناء، فماذا لو
جعلنا منها ممثّلة تظهر كذلك على المسرح»؛ وهناك سيّد درويش، الذي شكّل مع
بديع خيري ثنائيّأ فنيّا عمل، كتابة وتلحينا، لصالح نجيب الريحاني في
مسرحيّاته؛ ثم بديعة مصابني التي تزوّج الريحاني منها بعد أن انضمّت إلى
واحدة من فرقه. ولنضف إلى ذلك المنافسين الذين حضروا في الكتاب أيضا ومنهم
علي الكسار ويوسف وهبي ...إلخ.
أما توالي النجاح والفشل فمعياره العائد المالي من شباك التذاكر، ذاك الذي،
مع ابتكار الريحاني لشخصيّة كشكش بك، شهد وفرة بلغت حدّ التضخّم في أحيان (
قبل أن يعود إلى الإنحدار في أوقات تلت). لم يتوقّف نجيب الريحاني عن إبلاغ
قارئيه بما يكسبه أو يخسره في كلّ انتقالة له من عمل مسرحي إلى آخر ومن
فرقة إلى أخرى. في أحيان جعلنا نقرأ بالتفصيل ما يعرف بين أصحاب العمل
بالداخل والخارج. ذاك الاهتمام المبالِغ بالمال ربما يجعل المذكّرات غير
متوازنة في جزئها الأوّل وأجزائها اللاحقة، إذ لا تتحد الصورتان اللتان
قدّم الرجل بهما نفسه، بين أن يكون فنانا متشرداً مهموما بشغفه، وأن يكون
منشغلا الوقت كلّه بإحصاء الربح والخسارة. وذلك يشمل تلك الرحلات التي قام
بها، مع فرقة قليلة العدد، إلى نواحي مصر أولا، ثم لبنان وسوريا والبرازيل
والأرجنتين وتونس وبلدان أخرى كثيرة.
والمذكّرات لا توازن أيضا بين رغبته في تصوير نفسه عاشقاً ومعشوقاً وبين أن
يكون رجل عمل جادا. بل إنّه، في ما أحسب، إنعطف منذ فصل الكتاب الأوّل ذاك
عما كان قد بدأه من وصف غراميّاته في قسم أكبر من الكتاب. ذاك أننا نجده
وقد أسرع إلى طيّ تلك الصفحة حيث لم يعد إليها إلا موجِزا أو ملمّحا أو
تاركا لقارئه أن يكمل القليل الذي بدأ بقراءته.
المهمّ هو النجاح والتفوّق على الآخرين الذين يكثر الريحاني من ذكر أفعالهم
المتأتيّة عن الحسد ونكران الجميل والغدر والطمع. الكتاب يظهر لنا كيف أنّ
فناني ذلك الزمن كانوا واجدين في الفنّ مهنة صرفة، إذ ينطبق ما يجري بينهم
على ما كان يجري بين أصحاب المهن الأخرى. المذكّرات انحصرت، في ذلك العالم
الضيّق القليل، بأوضاع المهنة وما يتصّل بها من أغراض تلازمها. من ذلك مثلا
كون وعي الفنانين بالفن لا يبتعد كثيرا عن وعي الجمهور به، مادام أنّ هذا
الأخير لم يطله النقد أيضا كأن يفرّق مسرحيٌّ مثلا بين سعيه الفنّي الخاص
وبين ما يتطلبه الجمهور. ثم لم يظهر في الكتاب أنّ هناك حركة نقديّة مواكبة
لذلك «النهوض» المسرحي. وإذ يخطر لنا أن نصف ما أحاط بمسرح ذلك الزمن، يخطر
لنا الكلام الذي يجري الآن بين متابعي أخبار الفنانات والفنانين والمواظبين
على حضور المسلسلات الأقلّ تعقيدا ومعنى.
ربما هكذا كان الفنّ في ذلك الزمن، قطاعا مستقلا عما يجري في العالم حوله.
في ما يتعدّى ذكر المسرحيات وأماكن عرضها وأسماء ممثليها لم نقرأ شيئا عن
أحوال مصر وأهلها. المواجهة بين الإنكليز والمصريين بقيادة سعد زغلول،
والتي حدثت في ذلك الحين، لم يستغرق الكلام عنها الصفحتين، وقد اختصّتا
بنقل ما قدّمته فرقة نجيب الريحاني من أغنيات داعمة للثورة احتوتها
المسرحية التي كان جاريا عرضها آنذاك.
() كتاب مذكّرات نجيب الريحاني، بقلمه، الصادرة طبعته الأولى في العام 1959
أعيد إصداره هذا العام ضمن سلسلة «الكتاب للجميع» التي توزّعها دار المدى
مجانا مع صحف عربية بينها جريدة السفير في لبنان. وزارة الثقافة اللبنانيّة
أيضا شاركت في إصدار الكتاب المذكرات، وذلك من ضمن أنشطة «بيروت عاصمة
عالمية للكتاب.»
المستقبل اللبنانية في
05/09/2010
35 فيلماً من 14 دولة بمهرجان الإسكندرية السينمائي الـ 26:
تكريم سميرة أحمد وممثلتين فرنسيتين .. وحضور الأبطال
العالميين
سحر صلاح الدين
أعلن ممدوح الليثي رئيس مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي في مؤتمر صحفي
أمس عن أبرز فعاليات المهرجان في دورته الـ 26 من 14 إلي 19 سبتمبر الحالي
.. بالإضافة إلي تفاصيل حفلي الافتتاح والختام.
حرص النجم عمر الشريف علي حضور حفل الافتتاح والمشاركة بفيلمه "المسافر"
الذي سيحضره بطلته سيرين عبدالنور وخالد النبوي ويشهد ثاني أيام الافتتاح
ندوة عنه يشارك فيها النقاد والصحفيون والجمهور.
من جهتها اعتذرت الفنانة ليلي علوي عن رئاسة لجنة تحكيم المسابقة الدولية
للمهرجان وحلت محلها التونسية مفيدة التلاتلني. وأرجعت ليلي اعتذارها لضغوط
تصوير الجزء الثاني لمسلسلها "حكايات بنعيشها" وحاجتها للراحة بعده ..
لافتة إلي أنها فضلت المشاركة في حفل الافتتاح ثم في "بانوراما سينما
المرأة" وإقامة ندوة بشأنها 15 سبتمبر.
أكبر مفاجآت المهرجان كان قرار تكريم النجمة سميرة أحمد قبل انطلاق
المهرجان بأيام وستقام لها ندوة ثاني أيام المهرجان تديرها ايريس نظمي ..
وتضم قائمة المكرمين كذلك الفنان جميل راتب والمخرج علي بدرخان والسينارست
مصطفي محرم ومدير التصوير محمود عبدالسميع والناقدة ايريس نظمي .. بالإضافة
إلي الكاتبة حُسن شاه ومهندس الصوت جميل عزيز.
يكرم المهرجان أيضاً الممثلتين الفرنسيتين "آن كونتنبه" بطلة فيلم "اختطاف"
وكريستين سبثي بطلة "أنا سعيد لأن أمي حية".
من المقرر ان يحضر من الضيوف كل من سوزان جنيش بطلة الفيلم التركي "خطوة
نحو الظلام" وبطل العمل شيركان جينش .. فضلاً عن جورج باباليوس رئيس المركز
السينمائي اليوناني وهو ايضا عضو لجنة تحكيم المسابقة الدولية والمولود
بالاسكندرية 1946م.
يتضمن المهرجان العديد من المسابقات منها الرسمية وتعرض 35 فيلماً من 14
دولة هي: فرنسا ـ اليونان ـ الجزائر ـ كرواتيا ـ تركيا ـ اسبانيا ـ ايطاليا
ـ لبنان ـ البوسنة ـ البانيا ـ سلوفنيا ـ المغرب ـ سوريا ـ مصر.
يذكر أن لجنة التحكيم الدولية تضم المخرجة التونسية مفيدة التلاتلي وهشام
سليم وزينة ومن اليونان جورج باباليوس ومن ايطاليا المونتير روبرتو
برييتالي. ومن فرنسا مصممة الديكور ماري هيلين سيلموني ومن الهند المصورة
سابينا جاديخي.
أما عن مسابقة الديجتال فيرأس لجنة تحكيمها السينارست د. رفيق الصبان وتضم
في عضويتها المخرج أحمد عبدالله وكاتبة السيناريو مريم نعوم ويتسلم
الفائزون فيها جوائز مالية قيمتها 32 ألف جنيه مهداة من الجمعية المصرية
لكتاب ونقاد السينما ويتنافس عليها 44 فيلماً في مجالات السينما الروائية
والتحريك والتسجيلية. موزعة علي 14 فيلم تحريك ـ 19 فيلماً روائياً بينها 7
أفلام معهد سينما و11 فيلماً تسجيلياً.
تشمل فعاليات المهرجان كذلك استفتاء الأفلام الأفضل ويتم من خلالها اختيار
أفضل 10 أفلام مصرية روائية طويلة عرضت تجاريا من يناير 2000م إلي فبراير
2009م وتمنح الأفلام الفائزة درع الجمعية وشهادة تقدير في حفل الافتتاح
بجانب مسابقة "عبدالحي أديب" للسيناريو ويتنافس فيها 53 سيناريو علي جوائز
مالية مهداة من أسرة شيخ كتاب السيناريو الراحل.
يقيم المهرجان 4 حفلات في مقدمتها حفل محمد منير باستاد الاسكندرية ثاني
أيام المهرجان إلي جانب حفل للسورية "وعد" اليوم الأول.. كما يقام يوم 17
سبتمبر حول حمام سباحة شيراتون المنتزة حفل لجنات وهاني شنودة.. وآخر بقصر
السلام تحييه دوللي شاهين وأمينة وسمير صبري ويشرف علي الحفلات فيصل ندا
وإمام عمر.
من المقرر أن يخرج حفلي افتتاح وختام المهرجان المخرج عادل عبده.
الجمهورية المصرية في
05/09/2010 |