ورشة التحضيرات للدورة المقبلة من "أيام بيروت السينمائية" قائمة بطبيعة
الحال في مؤسسة "بيروت دي سي" منذ أشهر. تبدو الأجواء على السطح هادئة فيما
القلق-وربّما الخوف- أكبر. الدورة السادسة لن تكون كبيرة، على حد قول منظمي
المهرجان، ولكنّها تطرح أكثر من سابقاتها الكثير من الأسئلة على بساط
البحث، داخل أروقة المهرجان وبين منظميه قبل العلن. قبل المؤتمر الصحافي
الذي دعت اليه "بيروت دي سي" ظهر يوم الإثنين المقبل للإعلان عن برنامج
المهرجان، وبعيداً من أجوائه العامة، كان لنا لقاء مع مديرتي المهرجان
إيليان راهب وهانية مروة في دردشة حميمة حول الآفاق والتحدّيات والصعوبات،
وطبعاً حول برنامج الدورة السادسة التي ستنعقد في سينما متروبوليس أمبير-صوفيل
بين 16 و26 أيلول/سبتمبر الجاري.
المراقب البعيد، أو القريب المهتم بالأرقام ودلالاتها، لمسيرة مهرجان "أيام
بيروت السينمائية" سيستنتج من دون عناء وجود "ازمة" ما، تترجمها أعداد
الأفلام المتفاوتة بين دوراته الثلاث الأخيرة ودورته السادسة المقبلة. فمن
130 فيلماً في الدورة الثالثة (2004) الى ستين عملاً قامت عليها الرابعة
عام 2006 وصنفت ظروف انعقادها "استثنائية" في أعقاب حرب تموز، مروراً
بالدورة الخامسة (2008) التي تزيّنت بنحو ستين فيلماً، تطلّ الدورة السادسة
المقبلة محيّرة بأفلامها التي لا تصل الى الخمسين، مع الإبقاء على الأيام
العشرة مساحة زمنية. المسألة أبعد من التمويل، أو لنقل ان "الأيام" ليس
خاضعاً تماماً لمشكلات التمويل. فمع تقلّص الأخير، أو التبدّل الملحوظ في
شكله وآليته هذا العام، لا يريد القيّمون على المهرجان أن يخسر الأخير
قيمته الجوهرية كمساحة للقاء والنقاش والنشاطات السينمائية الموازية إنما
غير الهامشية. هذا التبدّل في كم الأفلام، فرض على الحديث مع مديرتي
المهرجان، مروة وراهب، أن يسلك بداية لغة الأرقام وأن يخوض قبل أي شيء آخر
في نقاش التمويل. فما الذي تغيّر هذا العام؟ وهل ان ما تبدّل لجهة آلية
التمويل يُعد إضافة ام عبئاً؟
تتسلّم مروة المديرة الإدارية لـ"أيام بيروت السينمائية" دفّة الحديث
لتقدّم تحليلاً موجزاً لسبل الدّعم التي استند المهرجان إليها في دوراته
لسابقة فتقول:
"استفادت الدورات السابقة للمهرجان من دعم المؤسسات مثل "فورد فاوندايشن"
و"الإتحاد الأوروبي" من خلال أكثر من برنامج دعم و"هاينريتش بول" وغيرها.
ومن الطبيعي ان يكون للمؤسّسات برامجها ودفاتر شروطها واعتباراتها الخاصة
واهتماماتها المتبدّلة. وصلنا الى المرحلة التي لم يعد فيها اهتمام تلك
المؤسسات منصباً على منطقتنا او على لبنان تحديداً او السينما العربية
عموماً. وفي حين استفادت دورات 2004 و2006 و2008 من برنامج "أوروميد"
المفوضية الأوروبية، ينحو الشكل التمويلي لدورة العام 2010 الى دعم الرعاة
(sponsors) وعقد الشراكات، من دون أن يعني ذلك غياب المؤسسات التي واظبت على
دعم المهرجان في السنوات السابقة مثب معهد غوتيه والمركز الثاقفي الفرنسي
وشركة "أونيفرانس". كل المساهمات الداعمة حتى الصغيرة منها حيوية بالنسبة
الى المهرجان".
من بين الرعاة الاساسيين للدورة السادسة شركة الإنتاج اللبنانية "آي ماجيك"
(Imagic) و"بي بي سي" العربية. أما الشراكات التي يشهدها المهرجان للمرة
الأولى منذ انطلاقته في العام 2001، فيأتي في مقدمها اثنتان، إحداها مع
مهرجان دبي السينمائي والثانية مع مهرجان "فلسطين في السينما الجديدة" الذي
تنظّمه مؤسسة الجنى في بيروت وتنضوي تحت لوائه هذا العام مجموعة جمعيات
فلسطينية.
تتمثّل الترجمة العملية للشراكة مع مهرجان دبي بعرض ثلاثة أفلام، سبق
لمهرجان دبي عرضها في دورته الأخيرة في كانون الأول/ديسمبر الفائت، هي:
"زنديق" لميشال خليفي و"صداع" لرائد أنضوني و"حراقى" لمرزاق علواش.
المساهمة الثانية لمهرجان دبي تخصيصه جائزة خمسة آلاف دولار لمشروع فيلم
وثائقي قيد الإنجاز او التحضير. أما مع "فلسطين في السينما الجديدة"،
فتتقاطع خيارات الأفلام الفلسطينية من بينها فيلما خليفي وأنضوني فضلاً عن
أفلام فلسطينية أخرى في البرنامج. تتيح هذه الشراكات تقاسم النفقات من
دعوات وشحن أفلام بين المهرجانات والرعاة. ولكنّها، أي الشراكات، تطرح في
الوقت عينه سؤال الاستقلالية، استقلالية "ايام بيروت السينمائية" في اختيار
الأفلام بعيداً من ضغوطات الشراكة. عن ذلك تجيب مروة: "مسألة اختيار
الأفلام لم تكن في الدورات السابق ولا في الدورة الحالية خاضعة لأي تدخل
سواء أمن المؤسسات الداعمة في السابق او الرعاة والشركاء هذا العام. عملية
اختيار الأفلام كانت سابقة للشراكة. بمعنى آخر، ما كنا لنعقد شراكة مع
فلسطن في السينما الجديدة لولا تقاطعت خياراتنا للأفلام الفلسطينية مع
خياراته وكذلك الأمر بالنسبة الى مهرجان دبي الذي لم يفرض علينا الأفلام بل
اننا نحن من اخترنا منها ما يتناسب مع أذواقنا ومهرجاننا".
في هذا السياق، تشدد راهب، المديرة الفنية للمهرجان، على مجموعة نقاط تخص
الدورة الحالية وسبل تمويلها قائلة: "المهرجان يكبر ولم يعد في الإمكان
إقامته بالموازنات السابقة، لذلك نفضّل تقليص عدد الأفلام لتنال أكبر قدر
ممكن من الاهتمام والدعاية ولنعزّز أيضاً النشاطات الموازية. أعتقد ان ميزة
الشراكات التي عقدناها في هذه الدورة تتمثّل في ان شركاءنا عرب وتجمعنا بهم
هموم مشتركة ورؤية متقاربة الى السينما العربية. وثمة قسم هام أضيف هذا
العام الى المهرجان هو قسم الدعاية والتمويل بإشراف سينتيا شقير. قبله كنا
نتقاسم هذه المهام ولكن الآن باتت له هيكلية قائمة في ذاتها داخل
المهرجان".
رداً على سؤال حول الفوارق الأساسية بين دعم المؤسسات ودعم الرعاة
للمهرجان، توجز مروة إجابتها بنقطتين أساسيتين: "الدعم المؤسساتي يتيح
التركيز على المضمون ولكنّه في المقابل يتطلّب شغلاً إدارياً مكثّفاً
وصبراً وتحفيزاً. أما دعم الرعاة فيفرض، الى الاشتغال على مضمون المهرجان،
الأخذ بالاعتبار الجانب الترويجي والدعائي. نحن نتعامل للمرة الأولى مع
السوق وهذا برأيي إيجابي لأن المهرجان يُقام في بيروت ويتوجه الى جمهور
لبناني بالدرجة الأولى".
على الرغم من الثقة والخبرة اللتين اكتسبهما المهرجان والقيمون عليه خلال
أكثر من عشر سنوات، وعلى الرغم من وضوح الرؤية لدى راهب ومروة، لا يسع
المتابع حديثهما إلا أن يقلق على مستقبل المهرجان في غياب مصادر التمويل
الثابتة. فالرعاة موسميون والشراكات محكومة بتوفّر التقارب في وجهات النظر
مما يعني ان ما جرى التوافق عليه هذا العام لا يعني بالضرورة توافقاً كلياً
في السنوات المقبلة. على ذلك تعلّق مروة بالقول: "قبل ثلاث او اربع سنوات
لم نكن نشعر بأن هناك مخاطرة في الاتكال على دعم المؤسسات. ومهما بدا القول
غريباً لا بد من الإعتراف بأن الأزمة المالية تطالنا. فحين تشحّ الأموال
الأوروبية المخصصة لدعم النشاطات الثقافية بسبب الأزمة المالية، فإن ذلك
ينعكس علينا مباشرة. وللمسألة وجهان سلبي وإيجابي: أزماتهم تؤثر علينا ولكن
أزماتنا لا تؤثر عليهم أو على إقامة مهرجاننا. بمعنى آخر، حين وقعت حرب
تموز في 2006، لم يتأثّر دعم المؤسسات الأوروبية للمهرجان. ولو اننا كنا
معتمدين وقتذاك على تمويل رعاة محليين لكانت مستحيلة إقامة تلك الدورة. لعل
الإيجابية الوحيدة في كل ذلك اننا بفضل الخبرة والتراكم نجد أنفسنا اليوم
أكثر قدرة على التعامل مع الصعاب".
أما راهب، فتشير الى ان مسألة الشراكات تتخطى المهرجان الى ارتباط وثيق
لجهة الهموم والجهود والرؤى: "الشراكة مع مهرجان دبي هي شراكة بين المهرجان
ومؤسسة بيروت دي سي، قائمة على هم مشترك وعلى توحيد الجهود. دبي يدعم ورش
عمل ننظمها منذ فترة ويخصص اليوم جائزة لمشروع وثائقي وربما سيختلف شكل هذه
الشراكة في المستقبل مع الحفاظ على الصلة الاساسية بين المهرجان ومؤسستنا".
إذاً، لن تجاوز عدد أفلام الدورة السادسة المقبلة من مهرجان "أيام بيروت
السينمائية" الخمسين فيلماً، الأمر الذي ترجعه مروة، في ظلّ الموازنة
المحدودة، الى ما يشبه خيرات المهرجان: "في نهاية المطاف نحن نقدّم أفلاماً
حساسة لجهة علاقتها بالسوق والجمهور. وليكون المهرجان معّالاً، ارتأينا انه
من الأفضل ان يكون عدد الأفلام أقل لنتمكن من دعوة كل المخرجين والإهتمام
بهم وبأفلامهم بعدياً من قيود الموازنة ومساحة العرض المزدحمة. فنحن حريصون
على أن يظل هذا المهرجان مهرجان مخرجين ونولي النقاشات التي تلي الأفلام
أهمية كبرى لذلك نمنحها مساحة كافية. كما ان البرنامج الصغير يمنح
الصحافيين فرصة لمتابعة عدد أكبر من الأفلام والتواصل مع مخرجيها وكذلك
بالنسبة الى الجمهور الذي لا يتعدى العشرة آلاف متفرج في أحسن الأحوال.
فلماذا نمطره بمئة فيلم نعلم مسبقاً ان عرض معظمها لن يستقطب الا عدداً
قليلاً من المتفرجين؟ الموازنة ايضاً تفرض علينا تقليص عدد الأفلام. لذلك
فضلنا اختيار برنامج صغير انما نستطيع ونريد الدفاع عنه بالكامل".
لراهب وجهة نظر مختلفة وان كانت تندرج في إطار الحلم إذ تقول: "أحب
المهرجان الكبير بعدد أفلامه. أحلم بمهرجان بعروض على مدار الساعة ونقاشات
لا تتوقف حول الأفلام والسينما. مهرجان يُجيش الجمهور له ويعرف به كل الناس
في لبنان. ولكن هذا يتطلّب موازنة كبيرة وثقافة وطقوساً سينمائية مازلنا
نفتقدها".
يحيل "حلم" راهب الى سؤال، عبثي ربما، حول ما الذي يمنع "ايام بيروت
السينمائية" او أي مهرجان سينمائي آخر في لبنان من أن يكون مهرجاناً
جماهيرياً بالمعنى المباشر للكلمة. الرأي الذي تورده مروة مستقى من تجربتها
في إدارة سينما متروبوليس ومن خوضها تجربة التوزيع أيضاً. تستطرد أولاً
بالقول: "على ذكر متروبوليس، أريد أن اشير الى مسألة اساسية وهي ان الجمهور
اللبناني بات قادراً من خلال برمجة متروبوليس على مشاهدة أفلام على مدار
السنة كانت قبل ذلك حكراً على المهرجانات فقط. وهذا برأيي مهم وإيجابي
وأفضل من انتظار شهرين او ثلاثة كل عام تحتشد فيها كل المهرجانات
والتظاهرات السينمائية. بعض الأفلام الذي لا يجد مكانه في مهرجاننا يمكنه
أن يعثر على مساحة عرض في متروبوليس. ونحن نعمل على هذا وطموحنا عرض أفلام
بشكل دوري ودعوة مخرجيها في تجربة تشبه نادي السينما للسينما العربية وغير
العربية". أما الإقبال الجماهيري على المهرجان، فتعتقد ان له معوّقاته: "لو
كان مهرجاناً للأفلام اللبنانية فقط لما كانت مسألة الغقبال الجماهيري
مطروحة وهذا ما يثبته مهرجان الفيلم اللبناني. لا أعرف إذا كان لمسألة
الصفة العربية دور في إقصاء بعض الجمهور الذي لا يشعر انه معني او منتمٍ او
مهتم بهذه السينما وبالعالم العربي ككل. بهذا المعنى، يصبح جمهور مهرجاننا
من النخبة المهتمة بمتابعة السينما العربية. ربما لو كانت هنالك وزارة
ثقافة فاعلة على الأرض وليس فقط على الورق ونقابة سينمائيين حيوية، ربما
استطعنا ان نحث الجمهور أكثر. ولكن هذا جهد لا يتم من خلال مجموعة او جهة
واحدة فقط". وتؤكّد راهب على وجهة نظر زميلتها بالقول ان "السينما العربية
لا تمتلك إغراءً كبيراً بالنسبة الى الجمهور اللبناني". فترد مروة بما يشبه
النقد الذاتي: "نحن من خلق الإشكالية. نحن اخترنا ان نكون مهرجاناً عربياً.
هذه هوية المهرجان أو جزء منها".
ولكن من ذا الذي قال ان على مشاهدي السينما أن يذهبوا الى فيلم ما انطلاقاً
من شعورهم بالانتماء؟ أفليس خيار إقامة مهرجان عربي محكوماً أيضاً بمسألة
وعي القدرات؟ وهل يكفي ان نصف مهرجاناً بالدولي ليكون كذلك او ليجذب
الجمهور؟ نتفق على ان المسألة معقّدة ومتشعّبة ومتداخلة العوامل والأسباب.
ولكن الظاهرة التي تجابهها مروة من خلال إدارتها صالة متروبوليس هي إقبال
الجمهور على فيلم في مهرجان وإعراضه عن نفس الفيلم حين يعرض في الصالة
السينمائية خارج إطار المهرجان.
"الجمهور في المهرجانات مثله في التظاهرات، الحدث يدفعه الى المشاركة وحين
يهدأ ينسحب الى حياته كأن شيئاً لم يكن" تقول راهب. أما مروة فتشير الى ان
الأزمة تطاول السينما المستقلة في كل العالم.
البرنامج
وصل الى المهرجان هذا العام نحو خمسمئة فيلم، تتردّد راهب عند سؤالها عن
مستواها العام. "إنه مأزق نواجهه في كل دورة ويدفعنا الى التساؤل من جديد
حول هوية المهرجان وأهدافه. نحن اخترنا ان يكون مهرجاننا للسينما العربية،
ولكن هل هذا يعني الدفاع عن الأفلام العربية بكل مشكلاتها وعللها ومآزقها؟
المسألة معقّدة لأننا في الوقت عينه جزء من هذا السينما. لا خيار أمامنا
سوى اختيار ألافضل وما يتناسب مع رؤيتنا". وتكمّل مروة بالقول: "لا شيء
مقدساً في المهرجان. في كل عام نواجه الاسئلة والقلق والشك ولكننا نعود
ونقيم المهرجان لأننا مقتنعون به. الأفلام دائماً موضع نقاش ولكل فيلم
مكانه. بعض الافلام نختاره لموضوعه وآخر لفنيته. من الطبيعي أن تكون دورات
المهرجان متفاوتة بحسب نوعية الأفلام. ولكن ما يفرحنا ان هناك ثقة
بالمهرجان وانه بات مقصد مخرجين كثيرين في المنطقة على الرغم من المعايير
الجديدة التي ظهرت مع المهرجانات في الخليج. فهنا لا جوائز ولا سجاد أحمر
ولا عروض باذخة وعلى الرغم من ذلك يأتي المخرجون إلينا. هذا يحفّزنا
ويشعرنا بأن هذا المهرجان للأصدقاء والزملاء".
تشدّد راهب بدورها على قيمة المهرجان كمكان للقاء والتعارف: "هذا المكان
يتيح للناس اللقاء بصدق وفي مدينة هشّة لا نعرف ما قد يصيبها غداً". وتعقّب
مروة: "هذه اللقاءات لن تتوقف في مدينة مازال الناس يحبون أن يأتوا إليها".
أما كيف ستكمّل، فتلك مسألة يبدو انها باتت ملحّة داخل إدارة المهرجان ويصب
بحثها أكثر من اتجاه أبرزها توسيع آفاق المهرجان وبرمجته بما يقتضي البحث
عن مصادر تمويل أكبر وربما شراكات داخلية مع مهرجانات ومؤسسات.
تشتمل الدورة السادسة على ستة وعشرين فيلماً في برامجه الرئيسية: الروائية
الطويلة، الوثائقي والقصير. في الفئة الأولى، تعرض الأفلام التالية: "كل
يوم عيد" (2009) لديما الحر في الإفتتاح، "حراقى" (2009) للجزائري مرزاق
علواش، "القبلة" (2008) للجزائري طارق تغية، "عيد ميلاد ليلى" (2008)
للفلسطيني رشيد مشهراوي، "الجبل" (2010) للبناني غسان سلهب، "الليل الطويل"
(2009) للسوري حاتم علي، "المر والرمان" (2009) للفلسطينية نجوى النجار،
"ابن بابل" (2009) للعراقي محمد الدراجي، "رحلة الى الجزائر" (2009)
للجزائري عبد الكريم بهلول و"زنديق" (2009) للفلسطيني ميشال خليفي.
وتضم فئة الفيلم الوثائقي: "العودة الى الذات" (2010) للفلسطيني بلال يوسف،
"صداع" (2009) للفلسطيني رائد أنضوني، "بحبك يا وحش" (2010) للبناني محمد
سويد، "أشلاء" (2009) للمغربي حكيم بلعباس، "جيران" (2009) للمصرية تهاني
راشد، "كان يا ما كان في هذا الزمان" (2010) للتونسي هشام بن عمار، "ميناء
الذاكرة" (2009) للفلسطيني كمال الجعفري، "في انتظار أبو زيد" (2010)
للسوري محمد علي أتاسي و"شيوعيين كنا" (2010) للبناني ماهر أبي سمرا.
أما الأفلام القصيرة فهي: "بيروت أكسبرس" للبنانية هويدا عازار، "الطابور
الخامس" للبناني الأرمني فاتشيه بورغة ليجيان، "قراقوز" للجزائري عبد النور
زهزه، "إلى بطن الحوت" للأردني الفلسطيني حازم بيطار، "خبرني يا طير"
للسورية سوار زركلي، "تلاتا" للبنانية سبين الشمعة و"تراهن؟" للمصري مارك
لطفي.
على البرنامج أيضاً، تحية الى "صندوق سينما العالم" (World Cinema Fund)
بعرض فيلم
The Hunter
لرافي بيتس وركن لسينما الأطفال يتضمن فيلمين من انتاج قناة الجزيرة
للأطفال: "إنساني...إنساني جداً" للمصري أسامة فوزي و"حدوتة صغيرة"
للفلسطيني إيزيدور مسلم، فضلاً عن برنامج لأفلام الطلاب وآخر لستة أفلام
وثائقية أنجزها لبنانيون من خلال مشروع تبديل مع مدرسة السينما في
الدانمارك.
أما برنامج "نظرة أجنبية على العالم العربي" فيقتصر على فيلم "كارلوس"
لأوليفييه أساياس الذي سيعرض في الختام بحضور مخرجه وطاقم ممثليه
اللبنانيين. واللافت ان المهرجان سيعرض النسخة التلفزيونية التي تربو على
خمس ساعات ويذكر عرضه في الختام بحفل ختام الدورة السابقة بفيلم "بدي شوف"
لجوانا حاجي توما وخليل جريج الذي شكّل حدثاً هو الآخر بحضور نجمته كاترين
دونوف. وفي حين كان مقرراً لإقامة احتفالية للمخرجة اللبنانية الراحلة رندة
الشهال من خلال عرض جميع أفلامها وإصدارها على "دي.في.دي" وإطلاق كتاب،
تعثّر المشروع لأسباب لوجستية ولغياب الرعاية الرسمية المحلية. فعرض أفلام
الشهال في المهرجان يتطلّب على حد قول مروة "قراراً خاصاً من السلطات
العليا" -نظراً الى ان بعض أفلامها منع سابقاً من العرض وبعضه الآخر لم ينل
إجازة تصوير ("خطوة خطوة" و"حروبنا الطائشة" وكلاهما عن الحرب)- وهو الأمر
الذي لم يتحقق خلال فترة التحضير لدورة المهرجان. إلا ان المشروع مستمر وقد
أرجىء بشكل مبدئي الى ربيع 2011. وعلى صعيد آخر، واجه المهرجان قبل
انطلاقته مشكلة مع الرقابة تتعلق بفيلم ديغول عيد "شو صار؟" الذي صدر قرار
الرقابة الرسمي بمنع عرضه وعن ذلك تقول مروة: "لقد صدر القرار قبل انطلاق
المهرجان لذلك سحبنا الفيلم من البرمجة من دون أن يعني ذلك اننا موافقون
على قرار الرقابة. ولكننا أرجأنا التحرك وفصلناه عن المهرجان لانه جزء من
حراكنا العام لاصدار قانون جديد".
هكذا اختار المهرجان برنامجاً تكريمياً آخر بديلاً من تكريم الشهال، يندرج
في إطار "كلاسيكيات السينما" ويشمل ثلاثة أفلام للمثلة اللبنانية ياسمين
خلاط: "نهلة" للمخرج الجزائري فاروق بلوفة الذي أنجز قبل ثلاثين عاماً
ويعرض للمرة الأولى في لبنان وبحضور مخرجه وممثليه، "عزيزة" للتونسي عبد
اللطيف بن عمار و"أحلام المدينة" للسوري محمد ملص. كذلك يعرض ضمن
"كلاسيكيات السينما العربية" باكورة المخرج ميشال خليفي الروائية "الذاكرة
الخصبة" من انتاج 1980.
على جدول أعمال الدورة السادسة ايضاً نشاطات كثيرة موازية من بينها تقديم
نواة مشاريع سينمائية (pitching) وورش عمل ومحاضرات وحضور ضيوف سوف تحفل بها أيام المهرجان العشرة.
المستقبل اللبنانية في
03/09/2010
عودة ثلاثية "العراب" من خلال صور فوتوغرافية لمشاهد
أيقونية:
ستيف شابيرو يصدر "العراب: ألبوم عائلي"
"الرجل الذي لا يمضي وقتاً مع عائلته لا يستطيع أن يكون رجلاً حقيقياً
أبداً".
(دون كورليوني في "العراب")
"العراب" هو أحد الأفلام الأيقونية في تاريخ السينما الأميركية. أبصر الجزء
الأول النور في العام 1972 وحاز ثلاث جوائز أوسكار وأطلق العنان لموهبة
أربعة ممثلين على الأقل هم روبرت دينيرو وآل باتشينو وروبرت دوفال وجايمس
كان. ستيف شابيرو، أحد أشهر المصورين الصحافيين في أميركا ومصور أكثر من
مئتين فيلم أميركي من بينها "سائق التاكسي" و"كاوبوي منتصف الليل"، كان
شاهداً على ذلك التاريخ إذ تولى مهمة التصوير الفوتوغرافي على الأجزاء
الثلاثة. واليوم، باتت صور ثلاثية "العراب" الفوتوغرافية في المتناول من
خلال كتاب "العراب: ألبوم عائلي"، يضم مئات الصور لمشاهد من الأفلام وأخرى
في الكواليس.
أياً كانت الصور التي تفيض بها المخيّلة لدى ذكر اسم "العراب" (The
Godfather) أو الجمل الحوارية المحفوظة عن ظهر قلب، فإنها ليست فقط من ابتكار
فرانسيس فورد كوبولا وليست فقط مسكناً لنجوم هذا الفيلم الكثيرين والمذهلين
من مارلون برادو الى آل باتشينو مروراً بروبرت دينيرو وجايمس كان وروبرت
دوفال. ذلك ان للمصور الفوتوغرافي ستيف شابيرو بصمته الخاصة التي خلّدت تلك
المشاهد في لقطات ثابتة، تكفي الواحدة منها لاختزال عالم سينمائي بكامله
ولاستعادة موسيقى نينو روتا التي غدت علامة مسجّلة وركناً أساسياً في فضاء
الثلاثية الشهيرة. إلى شابيرو، من بين آخرين، يعود الفضل في توثيق رحلة
إنجاز الأفلام الثلاثة وفي جعل خيارات كوبولا ومدير التصوير غوردن ويليس
لوحات يمكن التأمل فيها. ولأن لثلاثية "العرّاب" تلك المكانة الأثيرة في
تاريخ السينما، بين هواتها ونقّادها على حد سواء، كان خيار شابيرو ودار
النشر "تاشين" (TASCHEN)
جمع صور الثلاثية الفوتوغرافية في كتاب يربو على خمسمئة صفحة بمثابة
"التلصّص" على عالم سحري، مثير ومليء بالأسرار والتفاصيل. صدر الكتاب في
عنوان "ألبوم العرّاب العائلي" (The
Godfather Family Album) في العام 2008 في طبعة محدودة اقتصرت على ألف
نسخة، لم تروِ بطبيعة الحال ظمأ هواة الفيلم، مما حدا بدار النشر قبل وقت
قصير الى إصدار نسخة جديدة غير محدودة لتكون في متناول الجمهور العريض،
كماً وكلفة. يحتوي الكتاب على أكثر من 400 صورة فوتوغرافية ملونة وبالأبيض
والأسود، معظمها يُنشر للمرة الأولى، لمشاهد معروفة وأخرى غير مرئية خلف
الكواليس. وقام الكاتب والمحرر في دار النشر بول دانكن بتحرير نصوص الكتاب
الموقّعة بأسماء معروفة مثل ماريو بوزو، مؤلف الرواية التي اقتبس العمل
منها، وبيتر بيسكيند الكاتب والناقد السينمائي وآخرين. تكمّل تلك النصوص
الصور من خلال تفصيل عملية إنجاز الثلاثية وما رافقها من تحضيرات ومشكلات
كثيرة من مثل مفاوضات المنتجين مع أحد عرابي العصابات المتنفّذين في
نيويورك وقتذاك.
في العام 1971 زمن تصوير الجزء الأول من "العرّاب"، كان شابيرو مصوّراً
فوتوغرافياً معروفاً بالتقاطه لحظات محوّرية في تاريخ أميركا السياسي
والثقافي والإجتماعي من اغتيال مارتن لوثر كينغ الى مئات الصور للمشاهير في
كل حقل. كلّفته مجلة "لايف" بزيارة موقع تصوير "العرّاب" من أجل موضوع كانت
تعدّه للغلاف. لم يكن الفيلم بحد ذاته هو الذي أثار اهتمام المجلة وقتذاك،
إذ ان اسم مخرجه وكذلك الرواية المأخوذ عنها كانا شبه مجهولين. ولكن
"الخبر" الذي سعت خلفه هو مارلون براندو الذي أشيع آنذاك انه في حالة مرضية
ميؤوس منها، نظراً الى الماكياج الذي ظهر فيه في شخصية "دون كورليوني".
"وصلت الى مكان التصوير في نيويورك ورأيت ذلك الرجل العجوز يرتدي معطفاً
وقبعة فقلت في نفسي: يا إلهي، الشائعات صحيحة إذاً!" يقول شابيرو في حوار
لمجلة "إمباير" (عدد أيلول 2010) واصفاً رؤيته مارلون براندو خلال التصوير.
كان شابيرو يتحدّث الى مساعد المخرج عندما هدر صوت براندو الفتي بنبرته
الحقيقية وليس بنبرة "دون كورليوني" قائلاً: "أعتقد ان ثمة رجل في الخلفية
مع كاميرا" قاصداً شابيرو.
"في البداية لم يكن أحد يعرف ما إذا كان الفيلم سيكون جيداً او سيئاً" يقول
شابيرو متابعاً "كانت استديوات باراماونت في حالة من الترقّب لأن براندو،
على الرغم من سمعته، كان قد ظهر قبله في أفلام لم تحقّق نجاحات كبيرة.
وكذلك لم يكن المخرج (فرانسيس فورد كوبولا) قد اثبت نفسه بالفعل. بالنسبة
إلي، كنت أكيداً من ان المشروع مثير للإهتمام".
على هذا الأاساس وافقت "لايف" على وضع المشروع على الغلاف وفي المقابل ضمنت
لها باراماونت حصرية نشر الصور والمعلومات قبل اية مطبوعة أخرى وتسلّم
شابيرة مسؤولية الدعاية والترويج وتوزيع صور الفيلم الفوتوغرافية.
"لم أكن متواجداً في موقع التصوير في شكل يومي وبالتالي لم تتح لي الفرصة
لمعرفة اي مشاهد ستكون الأهم والأقوى. ولكنني انتهيت بالفعل الى التقاط
لحظات الذروة مثل "الهمسة" في مكتب دون كورليوني ولهوه مع القطة ومشهد
العرس على سبيل المثال لا الحصر".
عن مشهد العرس يقول شابيرو: "كان الشعور العام بأننا في عرس حقيقي. لم يكن
على الممثلين ان يقوموا بحركات مدروسة بل كانوا يمثّلون على سجيّتهم". أما
القطة فقد "وجدها فرانسيس شاردة في ممرات الاستديو، فالتقطها ورماها في حضن
براندو وترك له أن يصنع شيئاً منها. ومن هناك جاء شعار الفيلم الذي لم يكن
مقرراً في السيناريو". وأما مشهد اغتيال "سوني" (جايمس كان) أمام كشك
الهاتف، فتظهر الصورة الفوتوغرافية التي التقطها شابيرو له الأسلاك
الموصولة بالمتفجرات الصغيرة في جسم "سوني" والتي يؤدي تفجيرها الى تغطيته
بالدم أة الأحرى المادة التي يفترض انها دم: "بلغت كلفة ذلك المشهد وحده
مئة ألف دولار!"
ولكن ما تسجّله صور شابيرو أكثر من أي شيء آخر هو الدفء واللهو والإحساس
العائلي التي استطاع كوبولا تكريسها اثناء التصوير: "إنه فيلم جاد ولكن
التصوير كان مريحاً وممتعاً".
بعد الأرباح الكبيرة التي حققها الجزء الأول من "العراب" في شباك التذاكر
وفوزه بأوسكار أفضل فيلم، كان تصوير الجزء الثاني أكثر متعة وراحة، يؤكد
شابيرو. "في الجزء الأول، كان الجميع يقظاً لجهة الموازنة والكلفة. وكان
الاستديو يدفع كوبولا والمنتجين باستمرار الى تقليص وقت التصوير والنفقات.
أما خلال الجزء الثاني فكان الإحساس مختلفاً تماماً والثقة أكبر بكثير. في
العادة، يبدأ تصوير اللقطة الأولى في الافلام في التاسعة صباحاً. ولكن في
"العراب2" نادراً ما كنا نبدأ قبل الحادية عشرة والنصف. ذلك المشهد على
الشرفة الدومينيكية حيث يقوم هايمن روث بقطع الكعكة استغرق أربعة أيام لأن
غوردن ويليس شعر بأن الضوء لم يكن مناسباً!"
افتقد الجزء الثالث ذلك المناخ السينمائي والإنساني الخاص. "كان غريباً بعض
الشيء" يقول شابيرو في وصف المزاج العام خلال تصوير "العراب3". "كثافة
الجزءين الأول والثاني والإحساس بأنك جزء من مشروع عظيم كان مفقوداً في
الالجزء الثالث. أظن انه من الصعب إنجاز جزء ثالث لعمل من هذا النوع".
على ان ما يعتبره شابيرو الإنجاز الأعظم لكوبولا في الثلاثية هو إيمانه
بممثليه وصراعه مع الاستديو متمسكاً بهم وما اضافه هؤلاء بدورهم الى الفيلم
من عظمة في الأداء.
أما اللقطة المفضّلة لدى شابيرو فهي لقطة "الهمسة" : "إنها صورتي المفضّلة.
أنا أكيد من ذلك".
المستقبل اللبنانية في
03/09/2010 |