أكَّد خالد يوسف أنَّ الأزمة بين مصر والجزائر ضخِّمت بسبب الجهلة مبديًا
موقفه من تصريحات عادل إمام.
صرح المخرج خالد يوسف من خلال استضافته في برنامج "بلسان معارضيك"
الذي يقدِّمه الإعلامي طوني خليفة والذي أذيع أمس على قناة "القاهرة
والنَّاس"، بأن علاقته العاطفية بالفنانة منه شلبي قد انتهت نهائيا مشيرا
إلى أنه يحتفظ بعلاقة ودية بينهما حيث سيجمع بينهما عمل سينمائي قريب.
وقال يوسف في حواره مع خليفة إن معارضيه هم كيانات ومؤسسات وليس
أشخاصا، وهم التيار الديني على مختلف أنواعه لأنه لا يوجد تيار ديني يتوافق
مع أرائه نظرًا لكونه ضد إقامة الدولة الدينية ومع فصل الدين عن الدولة .
وأضاف أن التيار الديني سيحكم بالدين وان من يختلف معه يختلف مع
الدين، وهذا أمر غير صحيح على الإطلاق، لافتا إلى أن من ضمن قائمة معارضيه
المؤسسات الصحافية الحكومية التابعة للدولة، نظرا لكونه معارضا للحكومة،
إضافة إلى التيار الرجعي المحافظ الذي يريد أن يظل في مكانه.
وأشار يوسف إلى أنه بمفرده ولا ينتمي إلي أي تيار سياسي، لافتا إلى
أنه أعلن تأييده للدكتور محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية
للطاقة الذرية والمرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة، والنائب حمدين صباحي،
موضحًا أنه في حال تحالف البرادعي مع الأخوان فإنه سيتراجع عن تأييده.
ونفى أن يكون قد سرب المشاهد المحذوفة من فيلم "دكان شحاتة" ما كاد
يؤدي إلى طلاق الفنانة هيفاء وهبي من زوجها، مشيرًا إلى أن المشاهد
المحذوفة من الفيلم لا توجد فيها أي مشاهد ساخنة مقارنة بما عرض في الفيلم،
لافتًا إلى أن كافة المشاهد الجريئة هي الموجودة في الأحداث الرئيسة وأن
المشاهد المحذوفة تم وضعها على الاسطوانة المدمجة بعد أن تم حذفها نتيجة
طول الفيلم.
ورفض يوسف إطلاق لقب صائد "المزز" الفتيات الجميلات للتمثيل لأن هذا
اللقب لا يطلق إلا في الدعارة فحسب لافتًا إلى أنه ليس في حاجة إلى أن
يستقطب ممثلة للعمل معه كي يقيم معها علاقة .
وأوضح أنه قدم للسينما العديد من الوجوه الجديدة الذين أصبحوا نجوما
الآن منهم منه شلبي، وعمرو سعد، وإعادة اكتشاف غادة عبد الرازق .
وشدد على أنه لم ينجح بالمشاهد الجنسية الموجودة في أفلامه لأن هذه
المشاهد تعبر عن الكبت الذي يعانيه المجتمع العربي مؤكدا أن هناك من يقدم
مشاهد جنسية أكثر منه ولم يحقق نجاحاته نفسها.
وعن رأي عادل إمام والذي أعلن فيه رفض ابنته الدخول إلى مجال التمثيل
حتى لا يتم تقبيلها في الأفلام، قال يوسف انه لو كان من ضمن الفنانات
اللوائي تعاملن مع عادل إمام لقام برفع دعاوى قضائية ضده لأنه أساء إليهن
على الرغم من الاحترام الذي يحظين به في المجتمع.
وأضاف أنه كشخص لا يعاني ازدواجًا في المعايير حتى يقول ما قاله عادل
إمام، مشيرًا إلى أن ابنته إذا كانت موهوبة في التمثيل فلن يمنعها من دخول
هذا المجال.
وعن إتهام الإعلامي عمرو أديب بأنه يسيء إلى سمعة مصر، قال إن أديب
تراجع عن اتهامه عندما قدم تقريرًا من العشوائيات بعد ذلك بـ 3 سنوات.
وعن الأزمة بين مصر والجزائر على خلفية مباراة كرة القدم في التصفيات
المؤهلة لكأس العالم قال إن موقفه منذ البداية كان واضحا لأنه لا يمكن ربط
العلاقات بين الشعبين بمباراة لكرة قدم نتيجة تصرفات فردية من مشجعين من
الجانبين، نظرا للتاريخ العميق بين الشعبين فهما حاربا معا في حرب 1973
وساهمت مصر في مساندة الجزائر خلال حرب التحرير.
وأشار إلى أن سبب اشتعال الأزمة هو الجهل بين بعض المعلقين الرياضيين
الذين ليس لهم أي علاقة بالقراءة ولا يعرفون ما يقولون من الجانبين المصري
والجزائري، مؤكدا أن التصعيد المتبادل جاء من قبل جهلة وأغبياء على أعلى
المستويات من البلدين.
وأضاف أن التطاول بين الجانبين وصل إلى درجة سيئة للغاية فأحد
المعلقين المصريين قال إن الجزائر بلد المليون لقيط بدلا من بلد المليون
شهيد وهو حديث يتطلب محاكمته نظرًا لاستهزائه بالشهداء، مشيرًا إلى أن رمي
العلم المصري على الأرض أحزنه وأحزن كل عربي.
وأكد أنه بعد رفضه مكالمة السيد علاء مبارك نجل الرئيس مبارك تمت
مهاجمته وأصبح بعدها عدو الشعب المصري، مشددا على أنه لا مستقبل للأمة
العربية إلا بوحدتها.
وأعلن يوسف أنه استغرب تصريح الفنانة هند صبري بانها لن تقبل التعاون
معه مجددا خصوصا وأنه جاء بعد 5 سنوات من آخر تعاون بينهما لافتا إلى أن
لها وجهة نظرها إذا عرضت عليها.
وفي نهاية الحلقة قام خالد يوسف بكتابة رسالة خطية إلى الفنانة الشابة
منى شلبي قال فيها "إلى منه شلبي أعظم موهبة في جيلها لك مني كل الحب
والاحترام خالد يوسف"
واتهم يوسف خلال الحلقة مقدم البرنامج بأنه مشعل حرائق نظرًا لموهبته
وقدرته على اصطياد أخطاء الاخرين
إيلاف في
14/08/2010
ثقافات / سينما
سحر وجماليات الحوار في سينما بيرجمان 1-2
حميد عقبي من باريس:
سبق وان كتبنا العديد من المقالات في سينما انجمار بيرجمان ونشعر
باننا بحاجة للغوص في عالمه الساحر والمدهش وسنحاول في هذا الموضوع التعمق
في جماليات وسحر الحوار في افلام بيرجمان، الغني بصوره الفنية الحالمة
وباعتباره يحمل الكثير من الصور التخيلية وليس مجرد عنصر تكميلي او مساند
للصورة، كون هذا المخرج يعطي اهمية كبرى للحوار ليخلق من خلاله عوالم
ميتافيزيقية ويتيح للمتفرج المشاركة الفعالة مثيرا الكثير من الجدل والقلق
والاحلام.
انجمار بيرجمان شاعر سينمائي يبحث في دواخل الانسان ويحاول تلمس روح
شخصياته بواسطة تصويره الوجه والاحساس بالصوت، يعمل في الكثير من الاحيان
على الضغط وحبس شخصياته في كوادر مغلقة، يستخدم الاسلوب المسرحي ويعطي سطوة
للديكورات، يتلاعب بكل عناصر اللغة السينمائية ليجبر شخصياته على الصراخ
واخراج ما بدواخلها من شك وهوس وجنون، شخصيات بيرجمان تبحث في كل اتجاه عن
الحلم والسعادة وتفر من مصير مكتوب وشقاء قاسي ومؤلم،هي كثيرة الارتباط
بالحب والموت،كل فيلم اشبه بمعركة شرسة بين الكثير من المتناقضات وفي
الاخير يكون هناك الفرقة وتفشل حياة الزوجيين اوالحبيبيين بصورة ماساؤية
وقاسية، لدى بيرجمان رغبة لترك والهروب من التعاسة ولمس السعادة والعيش في
سلام لكن الواقع القاسي لا يمكن تزويره وهولا يكتفي بعكس الواقع بل التغلغل
ومحاولة قراءة ما وراء هذا الواقع بسبب المتغيرات الاجتماعية وتاثيرات اخرى
مثل الإله والدين والموت والحرب وغيرها.
لذلك في افلامه يعكس هذا الخوف المسيطر على شخصياته وهذا الاضطراب
الداخلي والقلق الروحي ليصور لنا الكائن الانساني في هذا الكون في سجنه
وحزنه وجنونه، وهو يغذي افلامه بالكثير من سيرته الذاتية وذكريات طفولته
ليخلق شعراً عنيفاً محطماً زيف الواقع لعله يريد خلق اضطراب لدى المتفرج
بخلق عالم دون إِله او ملائكة.
الحوار في الافلام بيرجمان مثلها مثل الصورة موحية وتعبيرية ونوع من
التلاعب اللامحدود بين الواقع وما وراء الواقع، بين المرئي واللامرئي، بين
الحقيقة والخيال، بين الحاضر والماضي، وهو ليس مجرد عنصر جمالي مدهش بل هو
نوع من السحر الشعري لربط المتناقضات واحداث نوع من الترابط بين الحلم
والواقع ونوع من التعبير عن عذابات الجسد والروح للشخصيات.
بيرجمان يعطي نوع من الحرية للممثل لكي يعبر عن الحوار بطريقته الخاصة
ويشارك بخلق هذا العالم المضطرب بحيث يكون لكل كلمة تاثير وليس مجرد ترديد
وحفظ كلمات، هو يطلب من الممثل ان يشعر ويحس ويخرج كل حرف من اعماقه، وهولا
يعمل الا مع ناس يعرفهم ويعوفونه ومتواصل معهم اي يفهمهم ويفهمونه
ويشاركونه في خلق هذا السحر الذي نسميه سينما.
سينما بيرجمان يمكننا ان نقول انها سينما الحقيقة والكاميرا ثابيته او
محمولة هي تنقل وجهة نظر المخرج،هي تبحث عن الوجه الانساني وتصطاده ثم تطبق
عليه تلامس تعبيرات الوجه لتعريه وتنزع منه الاقنعة الخادعة، تتمعن في حركة
الشفاه خلال نطق الكلمات او حتى خلال فترة الصمت، الصمت هنا لا يعني غياب
الحوار بل يحاول المخرج تصوير ما يدور بذهن وخيال ودواخل شخصياته، شخصياته
ناطقة اوفي فترات الصمت تهذي وتثرثر في لحظات السعادة والشقاء.
في الكثير من الاحيان يقوم بيرجمان بقراءة وجه الشخصية من خلال الحوار
وياتي الحوار في الكثير من الاحيان لشرح الحالة النفسية لشخصية اخرى
وتعابير الوجه وحركة الجسد، وهو في بعض الاحيان يقدم لنا بعض الشخصيات عبر
الحوار فقط ولا يصورها رغم اهميتها وكانه يطلب منا ان نتخيلها ونخلقها ونحس
بها ونعايشها وهي شخصيات فعالة وليست هامشية ويكاد لا يخلو فيلم من افلامه
من شخصية غامضة ومخفيه يُظهرها عبر الحوار فقط.
يمكننا ان نتعلم كثير من اساليب بيرجمان المدهشة وخصوصا في الحوار
وهذه الدراسة محاولة للتحليق والغوص في سينما بيرجمان عبر الحوار في
الافلامه، لعلنا في السينما العربية بحاجة ماسة لمراجعة الاسلوب المتبع في
كتابة وتادية الحوار، نحن في السينما العربية نعاني الكثير من المشاكل
بخصوص الحوار كون البعض يعتبره مجرد عنصر تكميلي وهامشي وفي بعض الاحيان
الحوار لا يحمل الكثير من الصور الايحائية اومجرد وصف لما يدور امام
المشاهد لذلك نحن بحاجة للتوقف والتامل في سينما بيرجمان لعدة حلقات لعلنا
ندرك بعض الاخطاء التي نقع بها في الكثير من الافلام العربية.
بيرجمان في حوارته حاول استنطاق روح شخصياته لذلك هو يركز على لحظات
معينة مثل هذيان الشخص في حالة السكر اي عندما يكون مخمور او في حالة المرض
ولحظات الألم وفي حالة النعاس وعند الاستيقاظ وفي حالة الغضب والسعادة وقبل
وبعد ممارسة الجنس وفي حالة الخوف والاحتضار بل يذهب ابعد من ذلك باستنطاق
الشخصية بعد الموت، كنموذج لذلك في فيلمه " صرخات وهمسات "ولعل السيدة
الغنية انيس التي تموت ثم لا تجد ملاذ ولا تقبل السماء استقبال روحها تعود
لتصرخ طالبة الأمن والسلام من اهل الارض، لا تجد سوى خادمتها المؤمنة لتعود
لاحتضانها مرة اخرى وهنا لم تنفع صلوات القس الذي صلى كثيرا من اجلها وانما
كان الحب هو قارب النجاة لتنتقل الروح بسلام الى بارئها...
يحرص بيرجمان في الكثير من الاحيان اختيار مشاهد حوارية بين الشخصيات
قبل النوم او في حالة الاستيقاظ حيث لا يكون الجسد متوازن اي في لحظات تكون
الشخصية فيها بين الوعي واللاوعي او بين النوم واليقظة، كثيرا ما نرى شخصية
تتحدث قبل لحظات من غوصها في نوم عميق واحيانا لا نسمع العبارة او العبارات
الاخيرة وعند الاستيقاظ بعض الشخصيات تكون متعبة ومرهقة وبعضها تكون نشيطة
وديناميكية ولعل اختيار مثل هذه اللحظات الهامة واتاحة الفرصة للشخصيات
للتحاور محاولة لاعطاء مساحة للمس الداخل بكل مصداقية والامساك بجوهر
الشخصية.
نجد ايضا ان المخرج يحرص على ان تجعل شخصياته تسال الكثير من الاسئلة
بطرق مختلفة حول قضايا عديدة ميتافيزيقية واشكالية مثل الحب والموت ووجود
الالة والشيطان والسعادة وما بعد الموت وبعضها يتم طرحه بشكل عفوي مثلا في
فيلم " الفراولة البرية " يدور جدل بين الشابان والفتاة خلال رحلتهم مع
البرفيسور اسحاق ويتم النقاش حول وجود الاله والشباب والحب، قد لا تجد
الشخصيات رد او تعريف محدد لهذه القضايا الاشكالية ليظل السؤال مطروح
والجدل مفتوح وقد تكون الاراء متناقضة ففي اغلب افلام بيرجمان هناك رؤية
للملحد وهناك اخرى للمؤمن وهو يدعهم يناقشون هذه القضايا دون ان يتدخل
ويرجح كافة ضد اخرى رعم ان لديه وجهة نظر بالتاكيد وهو في احدى كتاباته قال
بانه ليس بحاجة الى اله او ملاك او شيطان.
يحرص بيرجمان ايضا ان تكون بعض الحوارات في اماكن لها دلالات دينية
مثل الدير او الكنيسة او في حفل او طقوس دينية ولعلنا سنلمس في فيلمه "
الختم السابع" الحوار بين الفارس وملاك الموت الذي يختفي خلف قناع ويختار
زاوية مظلمة ويتحدث الفارس عن شكوكة تجاه وجود الاله ولا يستطيع الموت
اقناعه فالفارس لا يريد المعرفة المعتمدة على النصوص الدينية هو يريد ان
يلمس ويرى الحقيقة رؤية مادية، كما اننا نلمس ان بعض الشخصيات يتاح لها
فرصة للخطابة والحديث بصوت عالي اوتتاح لها فرصة ان تكون وحيدة ومعزولة
لتبكي وتهذي وتعبر عن ما يدور من دواخلها من شك واضطراب والم.
انجمار بيرجمان في اغلب افلامه يجد لذة في نقل بعض ذكرياته الطفولية
وخيالة الطفولي والحكايات الطفولية ولعل هذا جعل وجود طفل في فيلمه
اوالحديث عن الطفولة والبنونة والابوة امر مكرر وكثيرا ما نرى شخصيات
طفولية في افلامه لناخذ مثالا "فاني والاسكندر" ففي هذا الفيلم مثلا
الشخصيات الطفولية ليست سهلة بل ربما تكون معقدة وقوية وهي لا تستسلم وغير
قابل السيطرة عليها ولا تعترف ببعض الامور مثلا تادية الصلوات والتربية
الدينية وسيطرة زوج الام وهي تقاوم هذه السلطات وتحاول التعبير عن رؤيتها
تجاه القضايا، اي شخصية الطفل قد تكون معقدة وهذا التعقيد ناتج عن ظروف
تربوية او تعقيدات داخل الاسرة ونجد هذه الشخصيات اكثر قربا من الام وقد
تكون لها اراء تجاه الاب.
الحوار والجدل بين طفل او مراهق مع شخص اخر مسن او طاعن في السن امر
نجده حاضرا بشكل ملفت في الكثير من افلام بيرجمان كمثال فيلم " الوجه " نجد
الحوار بين الجدة الطاعنة بالسن وبين الشابة الخادمة سارة التي تطمح وتحلم
بالحب والحياة والسعادة والطفل في افلام بيرجمان يكشف تعقيدات الواقع كمثال
لذلك فيلم " الصمت" وقد تكون صورة الطفل مجرد حلم يدور حوله الحوار كما
يحدث في فيلم " العار" فالزوجة تحلم بطفلة جميلة وفي المشهد الاخير حيث وجه
الموت حاضرا والمستقبل مجهول فالزوجة والزوج بقارب في متاهة بعد هروبهم من
شبح الحرب والزوجة تحلم بطفلتها الجميلة وتتفنن عبر الحوار بوصفها وكثيرا
ما نجد في افلام بيرجمان شخصية حاضرة فقط عبر الحوار بينما لا نراها ابدا
ونحس من خلال الحوار بها وعلاقاتها بالشخصيات الاخرى الحاضرة بالمشهد.
يتبع........
aloqabi14000@hotmail.com
إيلاف في
14/08/2010
بوليوود وروائع هوليوود تشكلان وجدان صالح العامري
أبوظبي- محمد الأنصاري
للمخرج الإماراتي صالح كرامة العامري ذاكرة مع السينما مشاهداً
ومخرجاً، فلقد جذبته الشاشة البيضاء منذ أكثر من 4 عقود حين كان عشاق
السينما يشاهدون الأفلام في الهواء الطلق في أماكن متعددة من أبوظبي، ففي
مقر النادي الأهلي »الوحدة حالياً« .
وسينما الفردوس بطريق الميناء وغيرها من أمكنة السينما المكشوفة نهاية
ستينات القرن الماضي، بدأت علاقة العامري تزداد يوماً بعد آخر، »الحواس
الخمس« تجولت معه في رحلة عبر الزمن لاستعراض ذكرياته ورؤيته فيما بعد
لعالم السحر السينمائي:كان فيلم »أربع بنات وضابط« للراحل أنور وجدي ونعيمة
عاكف، هو أول فيلم سينمائي يشاهده العامري في نهاية ستينات القرن الماضي
بسينما النادي الأهلي المكشوفة في أبوظبي، وكان العامري كغيره من شباب
ومراهقي تلك الفترة يتسلقون الأسوار المحيطة بالسينما لمشاهدة الأفلام،
يقول:
»لقد شكّلت تلك الفترة والمشاهدات رؤيتي الأولى
البسيطة لعالم الفن السابع.وكانت الأفلام العربية كفيلم الحب الكبير
للموسيقار فريد الأطرش والأفلام الهندية التي كنا نشاهدها في سينما الفردوس
هي البذرة الأولى التي نبتت في ذاكرتي عن السينما، وما زلتُ أذكر إلى اليوم
العلاقة الاجتماعية الحميمة التي كانت تربطنا آنذاك كشباب، وكيف كنا نؤدي
بعض فقرات الأفلام التي كنا نشاهدها بصورة عفوية«.بعد فترة الأفلام الهندية
والعربية التي شهدتها أبوظبي نهاية ستينات وبداية سبعينات القرن الماضي،
تدخل الأفلام السينمائية آنذاك إلى مرحلة السينما الهوليوودية من أوسع
أبوابها مع أشهر الأفلام التي تصدرت شباك التذاكر، يقول العامري:»لقد ظهرت
موجة من الأفلام السبعينية التي نقلتني إلى عوالم أخرى من الرؤية
السينمائية، ففيلم مثل -أحدهم طار فوق عش الوقواق- للممثل العبقري جاك
نيكلسون وأخرجه ميلوش فورمان عام 5791م.
شكّل بالنسبة لي عوالم من الدهشة بقوة الأداء والحبكة الدرامية
المأخوذة عن رواية كين كيسي، فأداء نيكلسون في ذلك الفيلم الذي تدور أحداثه
داخل مستشفى للأمراض العقلية، كان جديراً بالتدريس في معاهد التمثيل، وبقيت
مفتوناً بأدائه وتابعت أغلب أفلامه .
ومن ضمنها الفيلم المعاد إنتاجه عام 1891م -ساعي البريد يطرق الباب
مرتين- وشاركته البطولة فيه جسيكا لانج وفيه تصاعد أداء هذا النجم الذي
ظللتُ مشغوفاً به طيلة عقود من الزمن، كذلك جذبني في تلك الفترة أداء النجم
العالمي روبرت دي نيرو في فيلم العرّاب.
ومن بعدها شاهدتُ فيلمه »صائد الغزلان« عام 8791م الذي شاركته فيه
البطولة ميرل ستريب فكان الأداء المميز للثنائي يضعني أمام تساؤلات إنسانية
وفنية حول الآفاق التي يمكن أن يبلغها الممثل في تقمص دوره«.
روائع
رائعة كوبولا »العرّاب« بأجزائها الثلاثة تركت بصمة في تاريخ
C لن تنسى مهما تطورت السينما بأشكالها التقنية والتكنولوجية، ويرى
العامري أن العبقري فرانسيس كوبولا استطاع أن يقوم بتحريك الممثلين
والكاميرا بطريقة استثنائية لن تتكرر مع محالفة الحظ له بوجود هذا الكم من
النجوم والمبدعين من الممثلين الاستثنائيين، ويستعيد العامري بعض ذكريات
المناقشات السينمائية التي كانت تجري بعد العروض السينمائية فيقول:
»لقد تشكّل وعيي ووعي أبناء جيلي من الفنانين
والكتاب سينمائياً لا من خلال المشاهدة فقط، بل كانت المناقشات التي تجري
في مسرح الاتحاد في أبوظبي تشكل رافداً مهماً من ذلك الوعي والرؤية فيما
بعد.
وكانت نقاشاتنا يغلب عليها الطابع التحليلي المنطلق من عملنا في
المسرح عبر مخرجين كبار كانوا يقيمون في الإمارات كفاروق أوهان وإبراهيم
جلال وعدد من المخرجين العرب الذين يدين لهم المسرح والفن الإماراتي
بالكثير في مرحلة التأسيس.
وكانت مشاهداتنا وتقييمنا للأفلام السينمائية تختلف بصورة واضحة عن
مشاهدات الجمهور العام، ولم يكن هناك تلاقٍ بين تلك المشاهدات والإعجاب
-إلى اليوم- إلا فيما ندر من أفلام يشترك فيها المثقف وغير المثقف
سينمائياً«.
قائمة عالمية
للعامري قائمة أفضلية بالنسبة للمخرجين والأفلام السينمائية تختلف عن
غيره من المشاهدين، فبحكم دراسته وإخراجه للعديد من المسرحيات ذات الطابع
الجاد، وبعض الأفلام السينمائية ومنها فيلمه »حنّة« ذو الحس التجريدي، فإنه
يعتمد بصورة واضحة على مدى عمق فلسفة الفيلم ومخرجه في الحكم عليه، وتمتاز
قائمة الأفضلية لدى العامري بالعمق والجدية والتحليل البعيد عن الرؤية
التجارية للسينما، يقول:
»إننا حين نعرض النتاج السينمائي الإنساني على
بساط البحث والرؤية، نجد قائمة من الأسماء التي تركت أثراً كبيراً في مسار
السينما، فمخرج عبقري كالروسي آندريه تاركوفسكي الذي يعتبر من أرباب سينما
التحدي، ما زالت أفلامه تدرس في الأكاديميات السينمائية حول العالم.
فلقد أخرج في مسيرته ثمانية أفلام تعتبر بأجمعها روائع خالدة، طفولة
إيفان عام 2691 استند إلى لغة مغايرة في بناء المشهد السينمائي، إذ كان
يؤكد دوماً أنّ الإيقاع هو العنصر الأساسي المكوّن للسينما، كن هناك عناصر
أخرى أخذت تبرز في أعماله مثل بصمة الزمن على الأشياء، وما تتركه على روح
الشخصيات وفي فيلم »الحنين«1983 يستكمل هواجسه الروحية والدراما الداخلية
للبشر في اضطرامها وصراعها مع المجهول، وهكذا هو مع كافة أفلامه«.
زمن آخر
أما المخرج الآخر الذي ترك بصمة في ذاكرة العامري السينمائية فهو
البولندي كريستوف كيسلوفسكي الذي انطلق من المسرح في الستينات وعمل في
السينما الوثائقية، يقول العامري:
»حين نأتي إلى ثلاثية كيسلوفسكي السينمائية
الشهيرة -أزرق، أبيض، أحمر- التي ناقش فيها سينمائياً الرؤية لمبادئ الثورة
الفرنسية من خلال ألوان العلم عن الأخوة والحرية والمساواة، فهو لم يقدم
رموز تلك الألوان في أفلامه الثلاثة من منظور سياسي بل من المفهوم
الميتافيزيقي لحالة شخصيات وأبطال تلك الأفلام.
وقد أدت النجمة جولييت بينوش دور البطولة في فيلم -أزرق- بأسلوب أخاذ
وكذلك فعلت زميلتها الممثلة أيرين جاكوب في فيلم -أحمر- وكيسلوفسكي في
أفلامه هذه وغيرها، استطاع أن يقدم رؤية فلسفية لشخوص أفلامه تتماهى مع
أعمق تفاصيل النفس البشرية، وصوّر كيف أن القيود التي تكبل بها بعض الأنظمة
في العالم مواطنيها يمكن أن تخلق عالماً من التعاسة والبؤس يفضي إلى
النهايات المحتومة«.
كما يرى العامري أن موجة مخرجين كالبريطاني مايك لي الذي يعتبره عبقري
السينما البريطانية والسويدي إنغمار بريغمان تركوا بصمات لا تنسى بتاريخ
السينما، ويشير العامري إلى ثورة ثقافية عارمة كانت تجتاح العالم في أيام
شبابه في الستينات والسبعينات، ويضيف:
»حين نأتي إلى عالم تلك الفترة نجده مختلفاً
وعميقاً في كافة الاتجاهات فمناقشة الأفكار الفلسفية والسياسية والاجتماعية
كان شائعاً بين أوساط المثقفين آنذاك، وهو ما أفرز منظوراً مختلفاً لصناعة
السينما والمسرح والتشكيل والأدب والفنون الأخرى وأفرز أجمل الأعمال الفنية
والأدبية على مر التاريخ، فكان الحراك مشتعلاً أينما اتجهت، أما عالم اليوم
وسينما هذه الأيام -على وجه التحديد- فلقد اعتمدت على التكنولوجيا بصورة
كبيرة.
ففرغ الفيلم السينمائي عن محتواه في سينما هوليوود وبوليود وبعض مراكز
صناعة السينما، ولم يعد هناك اهتمام بفلسفة الصورة والأداء والرؤية
الإنسانية للقصة وعشرات من نقاط القوة التي كان يطرحها الفيلم السينمائي في
السابق، وأعتقد أن صناعة السينما من حيث التقنيات والأموال والإنتاجات
الضخمة قد تزايدت بينما تم الإعلان عن احتضار السينما برؤيتها الفنية
والفلسفية الحقيقية«.
البيان الإماراتية في
15/08/2010 |