حينما يطرح الفنان المبدع تساؤلاً من خلال عمله الفني الإبداعي، فإنه
لا يفعل ذلك لمجرد التساؤل فقط بل ليثير التفكير في المتلقي، ومن ثم يتفاعل
العمل الفني مع الواقع والحياة.
والفيلم السينمائي كأي عمل إبداعي لا يمكن فصله عن الزمن الذي ولد
فيه، فالزمن يفرض نفسه ويضع بصمته على العمل الفني سواء أراد المبدع ذلك أو
لم يرد، فالزمن يعيش فينا كما نعيش فيه ويؤثر فينا كما نؤثر فيه.ولكن هناك
أعمالاً سينمائية قديمة تتعدى ذلك الزمن وتبوح أحياناً بالمستقبل وتوقعاته،
وتفاجئنا بما تحمله من معلومات وأمور نقف أمامها في حيرة كيف لم نقرأ ذلك
من قبل، فقراءة الأفلام تحتاج إلى مجهود واستكشاف وثقافة ومعرفة بالعناصر
الفنية المستخدمة، وهي أمور تضيف متعة وإبهاراً إلى العمل.
وتعتمد على وسائل أخرى (كتاب، مجلة، برنامج تلفزيوني) للوصول إلى
مفاتيح الأفلام للدخول إلى عالمها وهي مفردات أصبحت للأسف مفقودة في زمننا
الحالي.واليوم نقترب مع ضيف متخصص يلقي الضوء أكثر على جوانب العمل
السينمائي، حيث يأخذنا في رحلة يستعرض خلالها آراءه وتطلعاته لعلاقة
السينما بالناس.محمد حمودة مذيع تلفزيوني مصري يعمل حالياً في تلفزيون
الشارقة، درس في معهد السينما بالقاهرة عام 3791 وكان من أساتذته في ذلك
الوقت محمود مرسي ومصطفى درويش، يعتز كثيراً جداً بكون المخرج عاطف الطيب
هو الذي علمه أساسيات السينما، لكنه خرج بعد ذلك من المعهد دون أن يكمل
مسيرته ليتجه إلى دراسة الطب البيطري.
من ذكرياته التي لا ينساها في مجال عشقه للسينما التحاقه بمدرسة
المخرج المبدع شادي عبدالسلام لمدة 41 عاما تعلم فيها كيف يشاهد أفلاماً
ويحللها، وكيف يفكر ويحدد تكوينات الصورة ودلالاتها.
من هذه الخلفية جاءت فكرة برنامجه (مواقف سينمائية) الذي قدمه على
شاشة الشارقة الفضائية عامي (7991 ـ 8991)، وخلال 4 دورات متوالية عرض أكثر
من 06 فيلماً عربياً، عرف الناس كيفية قراءة الأفلام من خلالها معنى اللقطة
وعناصر الفيلم من قصة وسيناريو وحوار وصورة وديكور وإضاءة وصوت، هذا بخلاف
التمثيل وتكنيك الإخراج، وجاء اختيار تلك الأعمال مما توفر في مكتبة
التلفزيون خلال ذلك الوقت، وهي أفلام متنوعة لا تنتمي لمدرسة واحده بل
لمدارس فنية متعددة ولعدد من الكتاب والفنانين والمخرجين، ولكنها في مجملها
تقدم رؤية لتطور وتنوع الفكر السينمائي والأساليب الفنية.
وخلال لقاء تم في سينما (جراند البحيرة) بالشارقة ومع الأضواء
والملصقات وصور النجوم وداخل صالة العرض كان ل(الحواس الخمس) مع محمد حمودة
هذه الوقفات السينمائية تحدث فيها عن الأفلام وكيفية مشاهدتها.
منهج ورؤية
(سحر السينما يكمن في قدرتها على اكتشاف ما وراء الواقع والحقيقة أو على
قراءة الحياة، وفي قدرتها على إثارة الانتباه والوعي والتفكير فيما يطرح
أمامنا على الشاشة وبالتالي في حياتنا).
يرى محمد حمودة أن المكتبة العربية تفتقر إلى الكتاب السينمائي
المتخصص الذي يقود المتفرج إلى مشاهدة الأفلام وكل ما هو موجود يعبر من
وجهة نظره، عن نقد سينمائي يواكب ظهور الأعمال وبالتالي يكون سريعاً
وانطباعياً أكثر من كونه تحليلياً ويعتمد على منهج ورؤية.
ويؤكد انه رغم ظهور مجموعة من النقاد أبرزهم علي أبو شادي، كمال رمزي،
سمير فريد وأحمد بهجت قدموا عدداً من الكتب السينمائية التي يمكن أن تكون
دليلاً أو مرشداً للمتفرج العربي لإعادة مشاهدة الفيلم برؤية مختلفة، لكن
تعتبر هذه الكتب قليلة جداً مقارنة بمجالات أخرى، بخلاف أن الناس يفضلون
رؤية الفيلم بدلاً من القراءة عنه ويمثل هذا مشكلة أمام النقاد في كيفية
تقديم كتاب عن السينما يجذب القراء تماماً مثلما يجذبهم الفيلم إلى
مشاهدته.
وفي فترة من الفترات كانت هناك مجلات عن السينما، وأغلبها أيضاً يميل
إلى الجانب الصحافي أكثر من الجانب السينمائي، وللأسف الشديد اختفت هذه
الإصدارات من عالمنا العربي لعدم وجود القارئ الذي يقرأ عن السينما وضعف
التمويل الذي هدد استمرارها وأوقف صدورها في أوقات كثيرة.
ومشكلة الكتاب والمجلة، يراها »حمودة« تنعكس كذلك على البرنامج
التلفزيوني الذي يتابع السينما وافتقاده إلى جذب المشاهد وتعريفه بالأفلام،
وما يحدث الآن يعد استسهالاً ودعاية عن أفلام (التوب تن) دون تدقيق أو فحص
وتحليل.
معنى وهدف
(العمل السينمائي مهما اتفقنا معه أو اختلفنا عليه، لا ينفصل عن الواقع ولا
يخرج عن إطار الحياة، بل هو جزء من هذا الواقع واستعراض بصري لجزء من
الحياة على الشاشة).
رؤية خاصة اجتهد محمد حمودة العمل عليها في برنامجه التلفزيوني »مواقف
سينمائية«، مؤكداً أن نمط ما كان يريد قوله هو وجهة نظره في قراءة الفيلم
والتي طرحها على المشاهد ليفكر معه، هل فعلاً كان المخرج يقصد استعراض هذه
القضية، وكيف استطاع أن يشرحها ويوضحها من خلال عناصر الفيلم المختلفة إلى
جانب الأداء وحركة الممثلين، ويسترسل حمودة قائلاً:
حاولت أن أقرب هذه العناصر من الجمهور بحيث عندما يشاهد الفيلم يطبق
بعض الأشياء البسيطة التي طرحناها في البرنامج فيرى العمل بوجهة نظر
مختلفة، وهي ليست مجرد مشاهده بل مشاهده وتحليل للتأكيد على أن ما يراه ليس
شيئا عشوائيا بل كل لقطة وحركة لها معنى وهدف.
ومثال على ذلك فيلم (على من نطلق الرصاص) تأليف رأفت الميهي وإخراج
كمال الشيخ، نلاحظ أن اتجاه دخول أو ظهور الشخصيات كان مقصودا للتعبير عن
كفتي الميزان، الشخصيات السوية (الخيرة) أو التي على حق من وجهة نظر المخرج
تدخل يمين الكادر في حين أن الشخصيات المدانة الفاسدة (الشريرة) دائما على
اليسار، إنها إشارات قد تبدو بسيطة ولكن دلالتها عميقة تعبر عن رؤية المخرج
للصواب والخطأ، للمصيب والمخطئ.
وفي فيلم (الزوجة الثانية) للمخرج الرائع صلاح أبو سيف، نرى مشهد ما
قبل النهاية وهو ولادة (فاطمة ـ سعاد حسني) وقد استخدم المخرج فيه القطع
المتوازي والانتقال من لقطة إلى أخرى تتشابه معها في الحركة وإن اختلفت في
المضمون، فنجد في لحظات الولادة التي تعبر عن التناقض بين الحياة والموت،
ينتقل من يد فاطمة التي تقبض على الفراش في ألم، إلى يد (العمدة ـ صلاح
منصور) تقبض على الفراش في ضيق وغضب وعجز، ثم نسمع صرخة الوليد أو صرخة
الحياة والانتصار، فيلفظ العمدة أنفاسه كمداً وقهراً أو هزيمة للظلم
والاستبداد.
كواليس الأفلام
(كثير من الأعمال السينمائية كان لها دور في التنبيه والتحذير من الأخطار
التي تهدد المجتمع، كما دق العديد منها ناقوس الخطر أو أضاء الضوء الأحمر
للقضايا والمشكلات التي تخنق أحلام المواطن البسيط).
يعكس محمد حمودة هذا المنطق على القنوات المتخصصة للأفلام والتي يصل
عددها إلى أكثر من عشر، ويسأل: هناك برامج على هذه القنوات تتناول أخبار
الفنانين وكواليس السينما فلماذا لا يوجد برنامج تلفزيوني يقدم قراءة لفيلم
سينمائي؟
ويجيب عن جزء من سؤاله قائلا: قراءة الأفلام صعبة لكن الجمهور غير
المؤهل لها يحتاجها في ظل وجود 08% من الأمية في عالمنا العربي، وطبيعة
البرامج التلفزيونية استهلاكية لكن يجب ألا تستخدم الفضائيات للترفيه
والإلهاء فقط، بل يجب أن يكون لها دور حيوي في التثقيف والإعلام.
ويفند الرأي الذي يرى أن الأفلام الحالية سطحية وبلا مضمون ولا تطرح
رؤية في ظل هوجة الضحك للضحك ومخاطبة الغرائز بأفلام الأكشن والإثارة،
بقوله: ان وحيد حامد ما زال قادراً على أن يقدم فكراً، وفيلم مثل »عصافير
النيل« لمجدي أحمد علي يجب قراءته بتمعن، ومحمد خان الذي غاب عشر سنوات عاد
أخيراً إلينا بفيلميه »بنات وسط البلد« و»في شقة مصر الجديدة«، فهذه
الأعمال والتوجهات يجب الدخول من أجلها في معارك للمطالبة بفن حقيقي ومشاهد
مثقف.
الأفلام العربية
(لأن السينما فن مرئي يعتمد في المقام الأول على الصورة ولأن الصورة تقول
الكثير فعلينا ونحن نشاهد فيلما أن ندع الفرصة لعيوننا تفكر فيما نرى، فما
نراه على الشاشة ليس مجرد صور تتابع بل أفكار ورؤى تتجسد).
هذا ما ينادي به محمد حمودة الجمهور ويطالبه بالتركيز في مشاهدة
الأفلام العربية أولا قبل الأجنبية، لأنه كما يراها هي الأقرب والمعبرة عن
مجتمعاتنا المتشابه حتى في شكل وطرح القضايا والأفكار، ومن ثم الأفضل أن
نفهم أنفسنا قبل أن نفهم الآخرين، وعلينا تقبل واقعنا والتفكير لتطويره
بدلا من الانبهار بالغرب الذي يقدم قضاياه، وعندما يرانا فهو يشاهدنا من
وجهة نظره ودائما من بعيد ومن فوق وربما بتعال شديد وأحيانا بسطحية.
صرخة تحذير
(الفن ليس محاكاة للواقع حتى وإن بدا كذلك بل هو أشبه بالمجهر الذي يكشف ما
قد يخفى عن العيون، وفيلم »دماء على الإسفلت« واحد من تلك الأعمال الفنية
التي تتناول واقعها بهذه الرؤية المجهرية التي ترصد وتحلل).
تقديم لافت أراد من خلاله محمد حمودة قراءة هذا العمل الذي قدمه
المخرج عاطف الطيب عام 2991 في ثاني لقاء له مع الكاتب أسامة أنور عكاشة
بعد فيلمهما الأول »كتيبة الإعدام« عام 9891، وهو يرى أن فيلم »دماء على
الإسفلت« حي وكأنه يناقش قضايا عام 0102 وليس زمن عرضه فقط، حيث يرصد
التغيرات التي طرأت على المجتمع وتأثيرها في الأخلاق والقيم والعلاقات
الإنسانية والسلوك والنفوس.
حيث كان اتهام الأب في هذا الفيلم بجريمة لم يرتكبها، مجرد إشارة أو
مدخل لكشف النقاب عن جريمة أو جرائم فساد أكبر وأخطر، جرائم ارتكبها الكبار
في حق الأبناء والمجتمع، فالسكوت أو التعامي عن الفساد فساد والبعد عن
الأبناء والتعامي عن تصرفاتهم جريمة جعلتهم يسقطون في هاوية الإدمان أو
التطرف أو الانحراف، وقد أدان الفيلم كل شخصياته بلا استثناء بل أدان
المجتمع من خلالهم.
وعكست أحداثه قضايا كثيرة مثل الغربة في الوطن وهي أقسى وأخطر على
النفس من البعد والابتعاد عن الوطن، الفساد في الأذواق والأفعال، والتجارة
في أجساد الأحياء والأموات، قضايا طرحت علينا سؤالاً مهماً، هل كان الفساد
سبباً في هذه التغييرات الاجتماعية والانقلاب الذي حدث في المجتمع أم أن
هذه التغيرات هي التي أفرزت الفساد؟
ولهذا يعتقد »حمودة« أن الفيلم كان واحدا من صرخات التحذير المبكر
التي أطلقها بعض السينمائيين خوفا وهلعا مما يمكن أن يسفر عنه قادم الأيام
وهو ما كان، وهنا تتجلى قيمة الفن سواء في رؤيته للواقع أو في استشراف
المستقبل، ويؤكد مازحاً: لو كنا شاهدنا الفيلم بوعي زمن عرضه ربما كنا
تلافينا كثيرا من الأخطاء التي حدثت وأوصلتنا إلى ما نحن فيه.
البيان الإماراتية في
13/08/2010
هاني الشيباني:
السينما في الإمارات أكثر تنوعاً في دور العرض
دبي - أسامة عسل
لاشك أن السينما عمل جماعي وفن يتطلب تكاتف جهود الجميع، وهذا ما يحدث
بين مؤسسات وهيئات ومهرجانات، وقبل ذلك أفراد يملكون الموهبة والإصرار من
أجل إيجاد سينما إماراتية، خصوصا أن المناخ مؤهل حاليا لقيام بوادر لصناعة
سينما جادة تدعمها الإمكانيات المادية والتقنية والفنية.
لقد أصبح للإمارات صورة تكرسها أفلام آخذه بالتراكم في صالات العروض،
وتشكل ملامح تاريخ بدءا من (عابر سبيل) ومرورا ب(حلم) و(عقاب) و(رمال
عربية) ووصلا إلى (الدائرة) ثم (دار الحي)، وهي أعمال طويلة بعد تجارب
فيلمية قصيرة على مدار سنوات، روادها شباب وجدوا أنفسهم في عصر تحكمه
الصورة ويشترط عليهم فهم لغتها كجواز سفر إلي حداثته. تلك المواهب الشابة
لم تنبت في صحراء قاحلة كما يتصور البعض، ولم تأت من فراغ بل هي امتداد
لمحاولات سابقة ومستقبل لأعمال مقبلة يتم التجهيز لها بتأن، وكل ما يأمل به
الجميع إقبال الجمهور الذي ستشكل خطوته تأثير السحر في صنع تواصل يدعم وجود
أفلام إماراتية بشكل دائم على الشاشة الكبيرة.
ومن نتائج الولادة المتأخرة للأفلام الإماراتية أنها في بعض الأحيان
أفرزت حالة من الدهشة والاحتفال فاقت أحيانا التجربة ذاتها، فبرزت مهرجانات
دولية أفسحت لها المجال واسعا واحتفت ببعض تلك الإنتاجيات ومبدعيها
بالجوائز والتقدير، ما يجعلنا نقف اليوم أمام ما يحدث بالرصد والتقييم.
هاني الشيباني مخرج إماراتي شاب صاحب تجربة الفيلم الطويل (حلم) عام 3002،
عاشق مسكون بعالم السينما أثمرت علاقته بهذا الفن الجميل عده أفلام منها
(جوهرة)، (جمعة والبحر)، (أحزان صغيرة)، (عيديه ميثاء) و (فندق في
المدينة)، وهي أعمال في مسيرة طويلة حافلة بالجوائز والتقديرات من مهرجانات
داخل الدولة وخارجها.يعتبر أن الجيل الجديد من الشباب تقع عليه مهمة بناء
سينما في الإمارات، وعلى الرغم من دراسته الإعلام في مصر وعمله مخرجا
تلفزيونيا في إدارة الاتصال الجماهيري في شرطة دبي.
لكن سعادته اليوم تكتمل وهو يعلن عن قرب إنهاء دراسته في أستراليا
لنيل شهادة ماجستير في فنون السينما والتلفزيون، وخوضه تجهيزات تنفيذ فيلمه
الطويل الثاني مشروع تخرجه من (مدرسة الفيلم).
عندما يتحدث عن السينما في الإمارات تأخذه الذاكرة دائما إلى سنوات
سابقة، حينما كانت المشاكل تحيط بصناعة الأفلام حيث لم يكن المناخ مهيأ لها
والدعم المالي في غياب كامل عن الإنتاج، والتجارب محصورة في أعمال قصيرة
ضعيفة تقوم على كاهل أصحابها وتعاني من نقص الخبرة والإمكانيات.
ولكن تختلف نظرته حاليا للأمور مع ظهور توجهات جديدة في دعم هيئات
حكومية وتبني مهرجانات محلية لأفلام الشباب، وتوفر التقنيات الجديدة
والإعلان عن مشاريع روائية طويلة وهو ما يبشر بأن السنوات المقبلة كما يؤكد
ستشهد حركة سينمائية متميزة شكلا ومضمونا.
وفي لقاء تم داخل غراند سينما (بالفيستيفال مول)، ومع استقبال الجمهور
له كممثل دراما معروف تلفزيونيا ومن خلال الملصقات وصور النجوم والنجمات
والأعمال المعروضة في مكتبة بيع الفيديو والدي في دي، كان ل(الحواس الخمس)
مع هاني الشيباني هذه الوقفات التي عكست أحلامه وطموحاته ورؤيته لأفلام
غيره.
منافذ سينمائية
(من تجربة وجودي في أستراليا اتضح أن هناك أفلاما
كثيرة يتم تجهيزها في استوديوهاتها وكنت أعتقد أنها هوليوودية لكونها ناطقة
بالإنجليزية، وهذا فهم خاطئ لأن مستوى صناعة السينما عالٍ ومتقدم بها).
مقدمة سريعة لخص من خلالها هاني الشيباني تصحيح معلوماته، مؤكدا أن
معرفته الأولى باستراليا كانت فقط من خلال نجومها نيكول كيدمان وراسل كرو
وهيوجاكمان، أما السينما كصناعة انحصر تلقيه لها من خلال شركات التوزيع
التي أعتقد أنها المنفذة لهذه الأعمال، لكن مع الدراسة والمعرفة عرف أنه
أصبح للسينما منافذ أخرى مثل بريطانيا والنيجر وجنوب أفريقيا واستراليا.
ووضح أن أفلاما مثل (سيد الخواتم) و(أستراليا) هي في الأصل أسترالية،
كذلك فيلم (أفاتار) الذي حقق نجاحا مدويا وإيرادات مذهلة تم تجهيز جزء كبير
منه في أستراليا بل إن شخصيات كوكب باندورا مأخوذة في شكلها وأزيائها
وماكياجها من عادات وتقاليد وملامح سكان شعب استراليا الأصليين.
ترفيه وثقافة
(09% من جمهور السينما يذهب إليها للترفيه وحب
النجوم والنجمات ويأتي في المرتبة التالية الاهتمام بالجانب الثقافي ومضمون
القصة ورسالة الفيلم، وهو إحصاء يعكس توجه عالمي للمشاهدين).
وجهة نظر ترجم من خلالها هاني الشيباني علاقة الناس بالسينما في
الإمارات والوطن العربي والتي لا يراها تختلف كثيرا عن أستراليا وتؤكد حرص
الجميع على متابعتهم ومشاهدتهم للأفلام الجديدة، بل يتفوق الأمر في
الإمارات من خلال كم الأعمال المعروضة وتنوعها، فمثلا يمكن مشاهدة أفلام
(هندية، عربية، إيرانية، هوليوودية)، أما في أستراليا فالمصدر الوحيد هو
أفلام هوليوود ولا تأتي بكثافة.
ويتذكر في عام 0102 مشاهدته لفيلم هندي واحد هو (أسمي خان) لأن شركة
كولومبيا العالمية هي التي قامت بتوزيعه فالتنوع كما يقول غير متوفر في
أستراليا، لكنه ينوه إلى وجود محطات تلفزيونية متخصصة تقدم يوميا فيلمين أو
ثلاثة من الأعمال كبيرة المستوى، هذا بخلاف تقديم برامج نقدية تستضيف أثنين
من النقاد احدهم مع الفيلم والآخر ضده ويبدأ كل منهما في عرض وجهة نظره
للجمهور قبل مشاهدة الفيلم ما يساعد في تثقيفهم سينمائيا وفنيا.
التجارب الأولى
(بمرور الوقت والخبرة اكتشفت أن حركة السينما في
الإمارات عشوائية وليس هناك »سيستم ـ نظام« للصناعة، صحيح توجد شركات كبيرة
لكن عليها اكتساب الخبرات لتنظيم عملية الإنتاج والدفع بحركة الصناعة
للدوران).
يسترجع هاني الشيباني مراحل التجارب الأولى لوجود سينما إماراتية
قائلا: كانت هناك أدوات ومهارات ملموسة يتعلمها المرء، ولم يكن هناك تاريخ
سابق نتكئ عليه، لذا بدأنا الطريق بأنفسنا، جربنا وتعلمنا واستفدنا من
تجاربنا، وتعرفنا على بعضنا ووحدنا قدراتنا باعتبار السينما عمل جماعي.
وانعكس هذا على جيل من الشباب قدموا أعمالا في السابق رغبة في
المشاركة بالمهرجانات، لكن الوضع اختلف الآن وأصبح عليهم التفكير بشكل آخر
من أجل إضافة تحسب لهم كسينمائيين.
وبالتالي أفسر غياب أسماء كثيرة عن الظهور العامين الماضيين لانشغالهم
في تحضيرات الإنتاج والتجهيز لأفلام طويلة ومختلفة شكلا ومضمونا عما قدموه
من قبل، وهذا لا يعني أن الأمور ثابتة لا تتحرك بل أرى أن هناك تطورا
ملحوظا عما كنا عليه وظهرت أسماء أخرى جديدة وتوسعت الدائرة .
مشروع التخرج
(أعمل بشكل دائم ومستمر، لأن ذلك يعني بالنسبة لي
أنني سأفوز يوما بالعمل الذي خسرت من أجله كل الأعمال الأخرى، فلسفة أؤمن
بها وأطبقها مع كل فيلم جديد أستعد لتقديمه).
هذا هو شعار هاني الشيباني الذي يطالب بضرورة الدخول في معترك الإنتاج
السينمائي على الرغم من كل الظروف والاحباطات المتوقعة مستقبلا، لأنه يرى
من يعملون في إيجاد هذه الصناعة بالإمارات لا يجب أن يظلوا منهمكين في
النقاشات الشفوية والاحتجاج السلبي وتعليق شماعة الظروف على المناخ العام
وصعوبات الإنتاج، بل يجب عليهم عدم التفريط في الأفكار والقصص الجميلة في
مسودات السيناريو، وان لا يبقى مكانها الوحيد هو الأدراج المغلقة.
من هذا المنطلق فإن هاني يتحرك وفق مفهوم خاص ومتفائل، ومن هنا أيضا
فإن فيلمه الثاني الطويل سيجعله يعود إلى الوطن في شهر نوفمبر المقبل، بعد
أن يكون كل شيء جاهز لتصوير (المنسون) وهي الرياح الاستوائية التي تأتي على
المنطقة من الهند، قصة وسيناريو يوسف إبراهيم وتمويل شركة ايماجينيشن ليكون
مشروع تخرجه السينمائي من الأكاديمية الأسترالية.
أفلام المدينة
(أعشق أفلام المدينة التي تحتفي بالأماكن
والشخصيات وتصنع أحداثا مبهرة معبره عن المشاعر الإنسانية، وقد عشت تلك
الأحاسيس في فيلم (في شقة مصر الجديدة) وحاولت مجاراة هذا النمط في فيلمي
»فندق في المدينة«.
مدخل أراد من خلاله هاني الشيباني أن يأخذنا إلى الفيلم الأميركي
نوتنج هيل الذي عرض عام 9991 ويجمع بين عنصري الكوميديا والدراما، وهو من
تأليف ريتشارد كيرتس وإخراج روجر ميتشيل.
ويسترسل هاني في تفاصيل قصة الفيلم قائلا: تدور الأحداث في لندن حول
وليام الذي يعمل بائعا للكتب بأحد متاجر بيع الكتب في منطقة نوتنج هيل،
وذات يوم وأثناء وجوده في المتجر، تدخل الممثلة الجميلة والمشهورة آن سكوت
القادمة من الولايات المتحدة للمشاركة بأحد الأفلام في لندن، وتقوم بشراء
كتاب وتتعامل مع وليام بأسلوب مهذب وفاتن يليق بممثلة مشهورة تتعامل مع أحد
المعجبين بفنها.
ومن المنطقي أن تنتهي العلاقة بينهما عند هذا الحد، لكن تتطور الأمور
من خلال مصادفات ومواقف كوميدية حيث تبدأ علاقة عاطفية تدفع الجميع
للاستغراب، كيف يمكن لوليام أن يقع في حب نجمة سينمائية.
فيلم (نوتنج هيل) رائع ومفعم بالمشاعر وأحاسيس الاغتراب والحب داخل
المدينة الواسعة، وهو موجود بمكتبة الفيديو ويمكن الحصول عليه.
نال الفيلم على جائزة (أسكب أوارد) لأعلى الأفلام من حيث الإيرادات
عام 0002، كما تم ترشيح الفيلم لجوائز الغولدن غلوب لأفضل فيلم كوميدي
وأفضل ممثل (هيو جرانت) وأفضل ممثلة (جوليا روبرتس) عام 0002.
نموذجان ناجحان
(تتجلى مدى التطورات التي حققتها صناعة السينما في
دبي والدولة عموما من خلال فيلمي الدائرة ودار الحي وهما يعكسان خصوصا
الأخير النموذج الذي يحتذى به للانطلاق في حياة مهنية ناجحة)
اعتراف جميل أن يرى أحد أبناء مهنة السينما بالإمارات في أفلام غيره
تجارب مثيرة للرصد والثناء، حيث يؤكد هاني الشيباني أن فيلم (الدائرة)
للمخرج نواف الجناحي شكل نقله في مسيرة الأفلام الطويلة وأنه أحد العناصر
التي دفعت إلى حالة حراك سينمائي، جاء بعدها فيلم دار الحي الذي نجح في
تخطي حواجز كثيرة مثل التمويل وعرضه في صالات السينما ليس في الإمارات فقط
بل منطقة الخليج.
وعكس في أحداثه تشابك الثقافات داخل مجتمع دبي المتنوع من خلال قصص
منفصلة لمواطن إماراتي وسائق تاكسي هندي يشبه أحد نجوم بوليوود وامرأة
أوروبية تتقاطع حياتهم في ترابطات عشوائية، تكشف تعقيدات الحياة في دبي
المتعددة الثقافات أو الأعراق، ما يدفع بمزيد من الأفلام المحلية المتميزة
التي تعزز مكانة السينما الإماراتية في الأسواق العالمية.
البيان الإماراتية في
14/08/2010
هيا عبد السلام تسعى إلى الإخراج والزواج مشروع مؤجل
أبو ظبي- محمد الأنصاري
على الرغم من أن ظهورها في الدراما والمسرح كان منذ فترة بسيطة إلا أن
الانطباع الذي تركته الفنانة الكويتية هيا عبد السلام كان مؤثراً على من
شاهدها في المسلسلات والأعمال المسرحية التي أدتها؛ فهذه الفنانة الشابة
التي درست التمثيل والإخراج وظهرت في عدة أعمال مسرحية كمسرحية الملك لير
ومدينة الظلام.
وشاركت الممثلة القديرة سعاد عبد الله في مسلسل أم البنات ومع السورية
سلمى المصري في آخر صفقة حب وعدة أعمال أخرى؛ تظهر في أحد الأدوار الصعبة
في مسلسل ساهر الليل الذي يبث حالياً في رمضان على قناة أبو ظبي الإمارات؛
»الحواس الخمس« التقى الفنانة هيا وكان هذا الحديث عن دورها في العمل
وطموحها في مجال الإخراج:
عن دورها والجديد فيه تقول هيا: أجسد شخصية لولوة، البنت الوسطى
للفنان جاسم النبهان، من صفاتها أنها مطيعة ورسامة حساسة، تقع في قصة حب
وغرام مع ابن الجيران ناصر الذي يجسد دوره عبد الله بوشهري، لكنها تتعرض
لمشاكل جمّة ومعارضات كثيرة بسبب ذلك الحب النقي، إلى أن تصل في نهاية
المطاف لما كانت تصبو إليه مع حبيبها، أما الجديد فأنا دائماً أبحث عنه من
ناحية التمثيل.
وهذا ما لمسته في هذه الشخصية، التي تختلف في طريقة اللهجة والكلام
العتيق اللهجة الكويتية القديمة، فأصبحت أمتلك شخصية تحتوي على حركات كثيرة
من حيث الكلام الكويتي القديم والأسلوب في الحياة، وهذا ما فتح لي المجال
في تجسيد الدور، وبالنسبة لما قدمته سابقاً فهو يختلف كلياً، إذ اعتاد
الجمهور عليّ بدور الفتاة الهادئة الطيبة أو المكافحة الصحفية، أما هنا
فأنا الفتاة الكويتية الأصيلة.
تؤدي هيا في ساهر الليل دوراً مركبّا وصعباً من ناحية التمثيل؛ فكيف
قامت بأدائه: لا أعتقد أن الشخصية المركبة بها أي صعوبة عند تجسيدها، وعن
نفسي فقد سبق لي وجسدت مثلها، فالشخصية المركبة سرها يكمن في معايشة الممثل
للشخصية نفسها بأبعادها النفسية الجسدية والحياتية وكل ما يتعلق بها، حتى
يصل لمرحلة تمكنه من التنقل في كل التموجات.
تسعى هيا عبد السلام للدخول إلى مجال الإخراج منذ تخرجها من المعهد
العالي للفن والمسرح عام 6002م، وهي تسعى لإكمال دراستها في الإخراج
السينمائي في نيويورك مستقبلاً، كما أنها عملت كمساعد مخرج في عدة أعمال
فما الذي استفادته كممثلة في هذه التجربة؛ تقول في ذلك:
استفدت كثيراً، وأساساً عملية الإخراج هي من ساعدتني كي أصل لما أنا
عليه الآن، فأنا بدأت مع المخرج محمد دحام كسيكربت أقوم بتسجيل البيانات
فقط لا غير وكان ذلك في مسلسل عيون الحب، ثم انتقلت كمساعدة مخرج في مسلسلي
آخر صفقة حب والهدامة، والآن انتقلت لمرحلة مخرج مساعد في عملي أنين وساهر
الليل. تشارك هيا بمسرحية أطفال تعرض في الكويت أيام العيد، ويرافقها
البطولة:
محمود بوشهري وعبد الله بوشهري وفؤاد علي وأحمد حسين، وهي من إخراج
أسامة المزيعل، وهي ترفض الفكرة التي يحاول بعض الإعلاميين أن يروجها عنها
باعتبارها إنسانة مغرورة بسبب عدم ردها على اتصالاتهم، وتقول أنها حين
تنهمك في التمثيل والإخراج لا ترد حتى على والدها، ومشروع الزواج بالنسبة
لهيا مشروع مؤجل إلى إشعار آخر، وتعترف هيا بأن الفن لا علاقة له بهذا
القرار ولكنها ترى بأن عز المرأة وحيويتها وعطاءها يأتي بعد الثلاثينات!
البيان الإماراتية في
13/08/2010 |