من عباءة
آل العدل خرج محمد، آخر العنقود، ليقدّم أوراق اعتماده كمخرج من
خلال فيلم {الكبار} الذي استعان فيه بكم كبير من
النجوم، كذلك نجح في استعادة
السيناريست بشير الديك الى السينما بعد طول غياب.
عن
تجربته الأولى كان الحوار التالي.
·
لماذا تغيّر اسم فيلم {الكبار}، وهل للرقابة دخل في هذا
التغيير؟
في
البداية كان اسم الفيلم {عفوا للكبار فقط}، لكن الرقابة اعترضت عليه
لتشابهه مع
اسم فيلم للمخرج علي بدرخان، فطلبت من الأخير التنازل عنه، وافق في البداية
ولكنه تراجع في ما بعد، عندئذ قررت أن أغير اسم
الفيلم إلى {الكبار}.
·
في أولى تجاربك، كيف تعاملت مع كمّ النجوم في العمل؟
في
البداية كنت قلقاً للغاية، لكني في النهاية أتعامل مع فنانين محترفين.
كذلك، كانت
المناقشة مسموحة في جلسات التحضير لكن أثناء التصوير لم يناقشني أحد.
·
يقال إنك استعنت بهؤلاء النجوم لضمان نجاح الفيلم؟
لا أنكر
أنني استعنت بالنجوم لأضمن نجاح الفيلم ولكي يشاهده جمهورهم، لكن يُحسب
لي نجاحي في إعطاء كل ممثل الدور المناسب له.
·
على رغم تعاونك مع النجوم إلا أنك استعنت بمدير تصوير
ومساعد مخرج ومونتير في
أولى تجاربهم، ألم تخشَ ذلك؟
تحمل
الأجيال الجديدة دائماً فكراً مختلفاً وجديداً ربما ليس الأفضل لكنه مميز،
فمثلاً ثمة مخرجون كبار مثل عاطف الطيب ومحمد
خان استعانوا في الماضي بمدير التصوير
سعيد الشيمي على رغم صغر سنه آنذاك لأنهم أرادوا
صورة مختلفة تحمل فكراً مختلفاً عن
الأجيال التي سبقتهم. ثم إن الثلاثة أصدقائي
وجميعنا كنا في دفعة واحدة في معهد
السينما وأفكارنا واحدة تقريباً، وأثق في
قدراتهم وأعتقد أنهم نالوا إعجاب
الجميع.
·
كيف نجحت في إقناع المؤلف بشير الديك بتراجعه عن قرار
اعتزال الكتابة
للسينما؟
علاقتي
بالمؤلف الكبير بشير الديك بدأت عندما كان عضواً في لجنة تحكيم مشاريع
تخرّج معهد السينما وقد أعجب للغاية بمشروعي،
وعندما قررت أن أخرج {الكبار} اتصلت
به وطلبت منه أن يشاركني تجربتي الأولى، فوافق
وأرسل لى سيناريو الفيلم.
·
عرض العمل شخصية القاضي المرتشي، ألم تخشَ الصدام مع
القضاء؟
}الكبار}
أول فيلم يعرض نموذج القاضي المرتشي لكني لم أقصد إهانتة القضاة، لكني
أردت عرض الظروف المادية السيئة التي يمرون بها
بسبب أجورهم المتدنية، باختصار أردت
أن يكون فيلمي بمثابة ناقوس الخطر لإصلاح أوضاع
رجال القضاء.
·
من يشاهد الفيلم يشعر بالإحباط، لأن شخصيات العمل كافة
فشلت في مواجهة الفساد
والقضاء عليه؟
أتصوّر
أن الواقع في مصر ينتقل من سيئ الى أسوأ، وبات من الصعب القضاء على
الفساد تماماً، ما يعني أن فيلمنا يرصد الواقع
بكل ما فيه ولا يحاول حتى
تجميله.
·
فوجئ المشاهد بعبلة كامل ضيفة شرف، فلماذا تعمّدت عدم
الإعلان عن وجودها في
الفيلم أو استغلال ذلك في الدعاية؟
لكي لا
يتهمني أحد بالإتجار باسمها، وتعمّدت ألا أكتب اسمها في تتر البداية
ليفاجأ الجمهور بها لأنها بالفعل مفاجأة الفيلم،
وأنا أشكرها على مشاركتها لي في
تجربتي الأولى.
·
لماذا وافقت على عرض {الكبار} راهناً على رغم أنه لا
يتناسب مع ما يُعرض في هذا
الموسم؟
السينما
الآن مرتبطة بالنجم الذي يذهب الجمهور الى دور العرض لمشاهدة أفلامه،
فمثلاً قدّم أحمد حلمي بعد ثلاثة أفلام كوميدية
{آسف على الإزعاج}، وهو فيلم ليس
كوميدياً، وعلى رغم ذلك نجح العمل لأن الجمهور
يعشق حلمي. كذلك، الفيلم الجيد قادر
على تحقيق النجاح ومن ثم الإيرادات.
·
هل صحيح أن مصطفى شعبان رفض المشاركة في الفيلم؟
بالفعل،
رشّحته في الفيلم، ولكنه اعتذر لانشغاله بفيلم {الوتر} ومسلسل {العار}،
فأُسند الدور إلى عمرو سعد.
·
هل تدخّل والدك المنتج جمال العدل في أيّ من تفاصيل
العمل؟
تعاملت
مع والدي معاملة المخرج للمنتج، ومن جانبه لم يبخل عليَّ في الفيلم ليس
بسبب كوني ابنه بل لأنه في النهاية منتج له
تاريخه الذي يخشى عليه.
·
ولكن الاتهامات بالواسطة كانت وستظلّ تحاصرك؟
إنه قدري
الذي لن أستطيع مرحلياً الهروب منه، ولكن في النهاية لا يصح إلا الصحيح
والفيصل في النهاية للجمهور الذي لا يعرف
المجاملة ولا يعترف بها ضمن قاموسه، وما
لا يعرفه البعض أنني عملت كمساعد مخرج في ثمانية
أفلام وأخرجت أربعة أفلام
قصيرة.
·
ماذا عن أعمالك المقبلة؟
فيلمي
المقبل واقعيّ وسيكون أجرأ من {الكبار} وسيناقش حال المواطن المصري، من
تأليف ناصر عبد الرحمن.
·
ولماذا هذه النوعية من الأفلام؟
أعشق
السينما الواقعية، تلك التي لا تكذب ولا تتجمل.
الجريدة الكويتية في
26/07/2010
إفلاس واستغلال عناوين الأفلام القديمة
الثلاثة
يشتغلونها... سخرية في غير محلّها
فايزة هنداوي
}الناظر صلاح الدين} كان البداية... ثم كرّت سبحة تحريف عناوين الأفلام
الخالدة المحفورة في ذاكرتنا وإطلاقها على أفلام جديدة تفتقر إلى معايير
الإبداع
التي اتسمت بها سينما الزمن الجميل. ما سبب انتشار هذه الظاهرة؟
هل هي محاولة للاستفادة من الشهرة التي حققتها هذه الأفلام أم أن
المسألة
مجرد مغازلة لها؟
بعد {الناظر صلاح الدين} للراحل علاء ولي الدين الذي حرّف عنوان فيلم
{الناصر
صلاح الدين}، حرّف أحمد حلمي عنوان فيلم {جعلوني مجرماً} (إخراج عاطف سالم،
بطولة
فريد شوقي وهدى سلطان) إلى {جعلتني مجرما}.
أما الحالة الأكثر فجاجة فهي السخرية من {حبيبي دائماً}، أحد أشهر
الأفلام
الرومنسية في تاريخ السينما، وتحويله إلى {حبيبي نائماً} بطولة مي عز الدين
وخالد
أبو النجا. آخر هذه المحاولات اختيار ياسمين عبد العزيز عنوان فيلم
{الثلاثة
يحبونها} للفنانة الراحلة سعاد حسني وتحريفه إلى {الثلاثة
يشتغلونها}.
صحيح أن هذه الأفلام لا علاقة لها بالأفلام الأصلية من ناحية القصة،
لكن يبقى
أنها اقتبست العنوان أو استخدمته.
مناسب للأحداث
يوضح مخرج {الثلاثة يشتغلونها} علي إدريس أن العنوان مناسب للأحداث
التي تدور في
إطار كوميدي حول صراع بين فتاة متفوّقة علمياً ولا تملك أي دراية بأمور
الحياة،
وبين ثلاثة رجال يحاولون النصب عليها واستغلالها كلّ بطريقته الخاصة، وهذا
ما يُطلق
عليه {الاشتغالة}، مصطلح متعارف عليه بين الشباب، {لذا وجدنا
أنه أنسب اختيار
لعنوان الفيلم}، على حدّ قول إدريس.
لا يجد السيناريست نادر صلاح الدين، مؤلف {جعلتني مجرماً}، أي غضاضة
في أن يحرّف
عنوان فيلم قديم وناجح ويطلق على فيلم حديث. ويوضح أن هذا الاتجاه عالمي
فني متبع
بالفعل، الهدف منه إعطاء انطباع ضاحك ليس أكثر، {عندما نطلق عنوان {جعلتني
مجرماً}
على فيلم من بطولة فنان كوميدي مثل أحمد حلمي سيتوقع الجمهور أن يكون
كوميدياً
ساخراً، وهذا الأمر لا يسيء إلى الفيلم الأصلي في شيء، خصوصاً إذا كان
الفيلمان
يتناولان القضية نفسها، وهي أن الظروف قد تحوِّل الإنسان إلى
مجرم، إنما بمعالجة
مختلفة}.
يضيف صلاح الدين أن عنوان الفيلم يؤثر على توزيعه، ويتم اختياره بعد
مناقشات
طويلة بين فريق العمل: الكاتب والمخرج والمنتج والبطل، كذلك لا بد من أن
يرتبط
بموضوع الفيلم الأصلي، وهذا ما حدث في {جعلتني مجرماً}.
تشابه غير مقصود
لا يجد مخرج {حبيبي نائماً} أحمد البدري عيباً في استخدام عناوين
الأفلام
الناجحة وإطلاقها على الأفلام الجديدة بعد التغيير فيها، مؤكداً أن هذا
الأمر لا
يسيء إلى الأفلام القديمة ولا يقلل منها، بل على العكس يذكّر الناس بها،
شرط أن
يكون العنوان مناسباً للأحداث.
يضيف البدري أن عنوان {حبيبي نائماً} يناسب القصة التي تتحدث عن شاب
يتم تنويمه
مغناطيسياً ليرى حبيبته بشكل مختلف عن شكلها الحقيقي.
بدورها، تؤكد مي عز الدين أن {حبيبي نائماً} لم يسخر من {حبيبي
دائماً} الذي
يعتبر أحد أهم الأفلام الرومنسية في تاريخ السينما المصرية، وليس ثمة علاقة
بين
الفيلمين سوى التشابة في العنوان، {وهو ليس مقصوداً لكن يرتبط اختيار
العنوان
بموضوع الفيلم الذي يحاول حثّ الشباب على النشاط والبحث عن
عمل، من خلال السخرية من
أولئك الذين يحلمون بتحسين مستوى معيشتهم من دون جهد}.
أما الناقد محيي الدين فتحي فيرى في هذه الظاهرة دليل إفلاس
السينمائيين في
عصرنا الراهن وعجزهم عن الإبداع، لذا يستخدمون عناوين أفلام قديمة لعدم
قدرتهم على
اختيار عناوين جديدة تجذب الجمهور، مستغلّين نجاح هذه الأفلام الكبير.
يضيف فتحي أن ما يجري راهناً يستهين بتاريخنا السينمائي، وسببه أن
الجيل الجديد
في السينما عجز عن أن يكون علامة مثل الأجيال القديمة، فلم يجد طريقة سوى
استغلال
نجاح هذه الأفلام.
الجريدة الكويتية في
26/07/2010
لعبة... مروى زين
محمد بدر الدين
من إبداعات السينما الروائية القصيرة شاهدنا أخيراً فيلم {لعبة} الذي
كتبته مروى
زين ومصّرته عن قصة للأديب الإيطالي الكبير ألبرتو مورافيا وأخرجته، وأدت
بطولته
ليلى سامي والطفلة روفينا عزت.
مروى مخرجة سودانية لها مجموعة من الأفلام (راندا ـ سلمى)، تخرجت في
المعهد
العالي للسينما في الجيزة في مصر وهي فنانة عربية بامتياز، همومها عربية
وطموحها
مشاريع لأفلام طويلة وقصيرة تتحدث عنها بأمل كبير وتستند إلى دراسة جادة
وموهبة
جلية.
كل من يرى أفلام مروى يتيقّن من هذه الموهبة، لا سيما فيلم {لعبة}.
نفهم في
بدايته أن بطلته (ليلى سامي) مطلّقة ولديها طفلة (روفينا عزت)، وأن علاقتها
متوتّرة
مع صديقها ابراهيم الذي لا نراه.
ثمة أسباب متشعّبة تثير القلق لدى الأم الشابة التي تشعر باختناق
بعدما توصد
أبواب العالم أمامها، ما يجعلها عصبية وتضيق ذرعاً بابنتها وبنفسها، فتحاول
الطفلة
بذكاء حاد، التخفيف عن أمها وإخراجها من حالها، وفي الوقت نفسه لفت
انتباهها إلى
أنها ليست صابرة وهادئة بما يكفي مع صغيرتها... كأنها تريد أن
تقول: لماذا ذلك كلّه
يا أمي مع نفسك ومعي؟!
تحقّق الطفلة بذكاء ذلك بأن تطلب من أمها مشاركتها في لعبة تقوم على
تبادل
الأدوار، تمثل الأم دور الطفلة والطفلة دور الأم (أنا أنت.. وأنت أنا!)
ترفض الأم في البداية، خصوصاً أن فيها ما يكفيها ولا ينقصها {هزار} من
هذا
النوع، لكن مع إصرار الطفلة، تقبل الأم في البداية على مضض ويكاد يحدث توتر
بينهما
لكنهما يتداركان ويتابعان اللعب.
تمثل الإبنة شخصية أمها بتوترها وعصبيتها، انفعالاتها الزائدة وصراخها...
تقريعها لابنتها بمناسبة ومن دون مناسبة، وغضبها من العالم، فتجد الأم
نفسها أمام
مرآة حقيقية.
هكذا، تراها الإبنة الغضة الرقيقة، بكل براءتها وصدقها وتلقائيتها، لا
بد من
أنها كذلك إذن في حقيقة الأمر، ولم تكن تدري كم أصبحت سيئة وهي وسط الصخب
الذي يكاد
يودي بكل شيء في لحظات الغضب.
إنه {التمثيل} الجميل، الذي نرى أنفسنا فيه، فنفهم ونتوازن ونصبح بعده
على حال
أفضل أو أكثر وعياً وإدراكاً.
}التمصير} الذي قامت به مروى زين بارع، فنحن بالفعل أمام بيت مصري وأم
شابة
وابنة طفلة، ويرجع التألق في عناصر الفيلم المختلفة من تصوير (وليد جابر)
ومونتاج (رضوى علي) وموسيقى (إبراهيم شامل) بالأساس
إلى المخرجة الجادة المجتهدة وإدارتها
الواضحة الكفاءة.
لبطلة الفيلم ليلى سامي أدوار في أفلام أخرى، ولها فيلم روائي طويل،
{تلك
الأيام}، عُرض أخيراً، إخراج أحمد غانم، شاركت في بطولته مع محمود حميدة
وأحمد
الفيشاوي، وهي وجه مصري معبّر وموهبة صادقة قابلة لاكتساب مزيد
من الرهافة والنضج
باطراد.
أما روفينا فهي مفاجأة الفيلم السارة، تعرفت إليها المخرجة وأدارتها
بنجاح مؤكد،
وبدت الطفلة مدهشة ومعبرة بجمال عن الشخصية، تماماً كما أريد للعمل وكما
أرادت
صانعته، ما منح الفيلم قوة وجاذبية خاصة، فشخصية الطفلة بطبيعتها ليست
مساندة أو
مساعدة بل أساسية، وهي التي تقود أمها إلى اكتشاف الذات وتقود
المتلقّي إلى {لحظة
التنوير}.
من خلال وحدة المكان (الشقة) والزمان (قرابة ساعة) شاهدنا لعبة أخاذة،
لذلك
لحضور الممثلين أهمية خاصة، وامتلاك المخرج ناصية عمله ومختلف أدواته
وعناصر
العملية الفيلمية ضرورة فائقة، وقد توافرت هذه العوامل مجتمعة في {لعبة}
مروى
زين.
الفنانة السودانية، الفنانة العربية بامتياز، راقية الاستعداد
والموهبة، الطامحة
إلى مشاريع سينمائية سمعناها تتحدث عنها في ندوة، مع النقاد، بعد عرض
فيلمها...
نشعر بأنها من النوع الذي بعزيمته وموهبته
وقدراته سيبدع ويتواصل ويصل!
الجريدة الكويتية في
26/07/2010 |