بدأ حسن يوسف مشواره الفني في عصر أحمد رمزي وعمر الشريف ورشدي أباظه..
واستطاع أن يحتل مكانا مرموقا بينهم وأصبح جان السينما المصرية لسنوات
طويلة محطما قاييس النجم السينمائي المفتول العضلات. الأهرام المسائي
يفتح خزائن الذكريات في هذا الحوار
·
في البداية كيف استطعت أن تصبح
جان السينما المصرية في عصر أحمد رمزي وعمر الشريف ورشدي أباظة؟
من فضل الله أن ما اعتبره الناس شيئا غريبا كان هو نفسه السبب في
دخولي عالم الفن.. فشكلي وملامح وجهي وبحة صوتي أعطتني مظهرا أصغر من سني
الحقيقي فاستطعت أن أملأ فراغا كان موجودا آنذاك وهو دور الفتي اليافع مما
جعل المخرجين يستعينون بي في هذه الأدوار لذلك اعتبر أن شكلي كان بوابة
دخولي عالم الفن وتحقيق النجاح.
·
درست الفنون المسرحية وبدايتك
الفنية كانت علي خشبة المسرح.. كيف تحولت بعد ذلك الي السينما؟
هذا حقيقي.. فأنا أصلا عاشق للمسرح وكان منتهي أملي أن يتم تعييني
ممثلا في المسرح القومي ولم تكن السينما تخطر لي علي بال ولم أفكر فيها
ابدا.. وبالفعل كنت أول دفعتي وتم تعييني وملأ المسرح دماغي وشغلني عما
سواه حتي طلبني حسين رياض ـ والذي كنت أعتبره أبي الروحي ـ في دور محيي في
فيلم أنا حرة وذهبت بلا أي اهتمام لعمل اختبار الكاميرا وهناك استغربت من
إعجابهم الشديد بآدائي التلقائي الطبيعي لدرجة أن قال لي أنت أنور وجدي
سينما المستقبل وطلب
مني عدم السفر لدراسة الاخراج حيث كنت قد حصلت علي بعثة الي موسكو..
وبالفعل ألغيت سفري ووافقت علي عقد احتكار من المنتج الكبير رمسيس نجيب
وبدأت انطلاقتي السينمائية وتوالي النجاح..
·
هذا النجاح غير المتوقع.. ألم
يجعل جانات السينما وقتها يشعرون بالغيرة منك؟
علي العكس تماما!! فقد أحبوني كلهم وكانوا سعداء بوجودي بينهم لإنهم
شعروا أنني أضيف طعما جديدا ونكهة للأفلام فاعتبروني فاكهة أي فيلم.
·
ألم يصبك الغرور؟
أبدا.. علي العكس أصابني بالسعادة والفرح.. فأنا لم أخطط للنجاح
ولا للشهرة وعندما أتت لم أتوقف لأنظر حولي وأحلل.. كنت سعيدا بالتمثيل
أمام رشدي اباظة وأحمد رمزي وعندما بدأ المنتجون في وضع اسمي قبل اسميهما
كنت اشعر بالحرج وأطلب منهم تأخير اسمي لدرجة أنني كدت أرفض فيلم الشقيقان
لولا أنهم استجابوا لمطلبي
·
شيء أخر حدث في ذلك الوقت وأثار
استغراب ـ وربما غيرة ـ الكثيرين ايضا.. وهو ارتباطك بـ جميلة الجميلات
شمس البارودي.. هل شعرت بذلك؟
قال ضاحكا: طبعا شعرت بذلك ولم أجد له مبررا,, صحيح أن شمس جميلة
الجميلات لكنني شعرت أنني أستحقها!!
فأنا أيضا ما كنتش قليل وقتها.. بل كنت حسن يوسف جان السينما
المصرية, ومع ذلك فإن بداية تعارفي مع شمس كانت خلافا كبيرا في أول فيلم
يجمعنا آخر العنقود ففي أحد أيام التصوير تأخرت شمس جدا مما أغضبني وجلعني
أطلبها في البيت لأعرف سبب تعطيل التصوير ولما سألتها قالت لي: إنت مالك
انت مش المخرج ولا المنتج ومش من حقك تسألني وأغلقت السماعة في وجهي!!
فقد كانت تتعامل بـ تناكة شديدة لدرجة أنها رفضت استكمال التصوير واضطر
المخرج للاستعانة ببطلة أخري.. ومرت الأيام حتي علمت أنها ستكون بطلة
رحلة حب فقلت في نفسي ربنا يعديها علي خير لكني بعد ذلك أعجبت بشخصيتها
وطباعها حتي وقعت في غرامها قبل نهاية تصوير الفيلم فعقدنا القران لنبدأ
حياة زوجية سعيدة لم ينقطع عنها الحب والاحترام والاخلاص حتي الآن..
·
هل صحيح أنك اشترطت عليها الا
تمثل امام أحد آخر غيرك بعد الزواج؟
نعم.. وكان الشرط نابعا من الغيرة الشديدة علي زوجتي فلم أكن أقبل
أن تمثل زوجتي مشاهد الحب مع رجل آخر حتي لو كان تمثيلا وقمنا بالفعل
بتمثيل عدة أفلام معا حتي آخر فيلم قدمته قبل اعتزالها وهو اثنين علي
الطريق فاستثنيته من شرطي ورشحت عادل امام للبطولة أمامها ولم أشعر بالغيرة
لإنني كنت المخرج وكنت أتحكم في المشاهد كلها فلم اسمح بأي مشهد يؤذي
مشاعري.
·
لكن هذه الغيرة لم تمنعك من
السماح لها بالظهور أمامك بالمايوه مثلا في أكثر من فيلم؟
عندما أشاهد هذه الافلام حاليا اشعر بالندم.. واستغرب كيف وافقت علي
ذلك.. لكنت وقتها كان مفهوم الفن يتغلب علي أي مفهوم آخر ولم يكن هناك
وعي ديني مثلما هو الآن.
·
هل تشعر بالندم علي تلك الأفلام
فقط؟
علي تلك الأفلام فقط.. لكني سعيد جدا بأعمالي وبتاريخي الفني وعندما
أشاهد اعمالي الآن أشاهدها كمشاهد فتعجبني وأضحك كثيرا ولست من النجوم
الذين يقولون ياليتني مثلت ذلك بطريقة أخري.. علي العكس فأنا أجد أني
مثلت بتلقائية وعفوية اللحظة بــ عبلها ولم أكن سأمثلها أفضل من ذلك
·
مادمت لاتشعر بالندم.. لماذا
إذن ابتعدت عن السينما؟ أم أنك تجد تعارضا بين الفن وبين التزامك؟
لا أبدا فأنا قدمت فيلم عصفور له انياب بعد التزامي.. لكن ابتعادي
عن السينما جاء بسبب هوجة أفلام المقاولات التي بدأت في أوائل
الثمانينات.. وقتها توقفت عن الإنتاج أنا ومحمود ياسين ونور الشريف في
شهر واحد وذلك لإننا وجدنا تجارا في شكل موزعين لبنانيين يستولون علي صناعة
السينما وقد شعرت وقتها بالخطر وكان ذلك منذ ثلاثين سنة وكنت عضوا في غرفة
صناعة السينما وقلت انتبهوا.. هذه العملية ستنتهي ببيع نيجاتيف كل
أفلامنا ولم يستمع لي أحد وللأسف هذا ما حدث الآن.. أما بالنسبة لحكاية
تعارض الفن مع الالتزام الديني فقد حسمها الشيخ الشعراوي رحمة الله عندما
قال لي الفن مثل الكوب.. المهم هو ما بداخلة قد يكون ماء وقد يكون خمرا
فقررت أن استمر في تقديم فن لكن بشرط أن يفيد الناس فقدمت اعمالا مثل
موسوعة السلوكيات الانسانية في الاسلام وأيضا مسلسلات أطفال ومسلسل الشيخ
الشعراوي وبعض الأعمال الاجتماعية مثل ليالي الحلمية
·
حدثنا عن عملك مع الفنانة غادة
عبد الرازق في مسلسل أزواج الحاجة زهرة
أهم شيء في الموضوع هو أن دوري محترم وأناقش من خلاله قضية محترمة
وتمس فئات كثيرة من المجتمع لذلك فإن جو العمل كلة يسوده الاحترام وهذا هو
مايهمني.
·
هل تشترط في تلك المسلسلات
الاجتماعية ألا يكون بها مشاهد تجمعك مع امرأة أو ماشبه ذلك؟
أنا لا أشترط شيئا.. لكن مادام قد تم ترشيحي لأي عمل فبالضرورة هم
يعلمون التزامي ولا يطلبوني إلا فيما يناسبني لذلك فأنا لست بحاجة لاشتراط
أي شيء
·
ما مدي تدخلك في اختيارات ابنك
عمر الفنية؟
أقوم بقراءة ما يعرض عليه من أعمال.. وأنصحه أن يقبل هذا أو يرفض
ذاك لكن في النهاية الاختيار له وهو مسئول عنه.. فأنا لست ديكتاتورا لكن
لابد أن أقول رأيي وأحيانا أعطيه بعض النصائح الفنية.. فقد نصحته مثلا أن
يتلقي أهم رد فعل علي عمله من الناس الذين يعملون وراء الكاميرا.. بداية
من عامل البلاتوه لأن هؤلاء تكون ردود فعلهم صادقة وبلا مجاملة.
·
ألم تكن تفضل أن يعمل في مجال
آخر غير الفن؟
أعلم أن مجال الفن شاق جدا.. وأنا نفسي تمنيت ذات مرة لو أنني لم
أدخله, وكان ذلك عندما قابلت الراحلة سعاد حسني في إحدي زياراتي إلي لندن
وكانت في حالة نفسية وصحية سيئة جدا فتألمت جدا لأن فنانة بحجم سعاد ينتهي
بها الحال إلي هذه الدرجة من التجاهل والمرض والفقر ودعوت الله وقتها ألا
تكون نهايتي مثلها.. وغيرها كثيرون من كبار الفنانين الذين تواروا ولم
يعد أحد يسأل عنهم أو فيهم.. لكن مع كل هذا لم اعترض علي عمل عمر في الفن
بالرغم من أنه درس السياحة وعمل في كبري الشركات لكنه أحب الفن جدا وأثبت
أنه موهوب وكل مجال أو وسط لديه سلبياته المهم أن يتعلم الشخص كيف يتعامل
معها وأعتقد أنني علمت عمر جيدا.
·
وكيف تري حال السينما الآن؟
أنا لست منغمسا حاليا في صناعة السينما لذلك لا أدعي أنني قادر علي
رصد الظواهر المحيطة بها فأنا لا أذهب إلي السينما إلا في حالة واحدة أن
يدعوني ابني للعرض الخاص لأحد أفلامه!!
فيما عدا ذلك فأنا أشاهد الأفلام في البيت.. لكن علي العموم أستطيع
أن ألمس بوضوح أن جو السينما تغير عن زمان بشكل صارخ... فالناحية المادية
تغلبت علي الناحية الفنية والصراع المادي طغي علي الصراع الفني وأصبح بطل
الفيلم كل همه هو الحصول علي نصف ميزانية الفيلم بينما علي أيامنا كان بعض
الفنانين يتنازلون عن أجورهم في سبيل أن يظهر الفيلم في حالة أفضل...
لذلك اصبحنا الأن نري افلاما كأنها انبهرت بالتكنولوجيا فاعتمدت عليها أكثر
من اعتمادها علي موهبة الممثل.. زمان كنا نصور بكاميرا تتوقف عن العمل
نخبطها بارجلنا تشتغل!! وكنا مع ذلك ننتج فنا جميلا.
·
هل تري الصورة قائمة إلي هذه
الدرجة؟
لا أبدا.. علي العكس فهناك افلام استطاعت أن تستفيد من التكنولوجيا
وقامت بتوظيفها توظيفا صحيحا مثل الجزيرة لكنها تظل هي الفئة الأقل بين
افلام العشوائيات التي تتعمد اظهار كل ما هو قبيح بدعوي اظهار الواقع وأقول
حتي لو كان هذا هو الواقع لماذا نستغرق في تفاصيلة بهذه الكيفية؟! صلاح
ابو سيف عندما كان يظهر الحارة المصرية كان يركز علي الجوانب الانسانية
وهذا ليس خداعا للناس لان الجوانب الجيدة موجودة وما علينا سوي اظهارها.
·
معظم افلامك كانت من نوعية
اللايت الكوميدي.. من الذي يضحكك الأن؟
فعلا هذا هو اللون الذي أميل إليه طول عمري.. حتي انني لقبت جاك
ليمون العرب لإنني كنت اعتمد علي كوميديا الموقف.. وعادل إمام صديقي من
زمان وكنت ارشحه للعمل دائما وظل يضحكني حتي بدأ يحس بروحة أو يشعر بنفسة
فتوقف عن اضحاكي بالرغم من أن صداقتنا ومحبتنا لم تتوقف! أما الذي أري
أنه قد أصبح رقم واحد فهو بالتأكيد أحمد حلمي أولا لإنه يحسن الاختيار
وثانيا لإنه يعمل في صمت ولايضع النجومية في دماغة فقد قابلته مرة واحدة
واعتقد أنني لو قابلته بعد عشر سنوات سأجده بنفس الشخصية
·
وهل من الممكن أن تعود إلي
السينما؟
أنا لم أبتعد عن السينما لكنني زهقت منها واديتهاضهري بعد أن جاءتني
عدة عروض هزيلة ولم أعد بعدها أتلقي ترشيحات ربما بسبب أنني في آخر عشر
سنوات عملتها بالسينما كنت أنتج وأخرج لنفسي فقالوا: ده بيشغل نفسه...
أما الأن فأنا أعيش في حالة رضا كامل إذا عرض علي ما يعجبني سأقوم به وإذا
لم يعجبني فلن اقدمه!
الأهرام المسائي في
23/07/2010 |