تميّز المخرج علي إدريس بأسلوبه البسيط الممتع، القادر على جذب
الجمهور من دون إسفاف أو ابتذال، لذلك تلقى أفلامه دائماً إقبالاً
جماهيرياً كبيراً.
عن «الثلاثة يشتغلونها» أحدث أفلامه كان اللقاء التالي.
·
لماذا انتظرت عامين لتقديم فيلم
مع ياسمين عبد العزيز على رغم نجاح فيلم «الدادة دودي» الكبير؟
لأننا كنا نريد تقديم عمل لا يقل مستواه عن «الدادة دودي»، وكان ثمة
أكثر من مشروع خلال تلك الفترة بعضها أعجبني ولم يعجب ياسمين والعكس، الى
أن وجدنا سيناريو «الثلاثة يشتغلونها» الذي لاقى إعجاباً مشتركاً.
·
ولماذا هذا السيناريو تحديداً؟
لأنه يناقش فكرة لم يتطرّق إليها أحد سابقاً وهي دخول فتاة إلى
الجامعة وانتقالها من مجتمع مغلق إلى آخر منفتح، وهي ممزّقة بين رغبات الأم
التي تتمنى لها الزواج وترى أنه أهم شيء في الحياة وبين رغبات الأب الذي
يريدها أن تتفوق وتصل إلى أعلى درجات العلم. كذلك، يناقش الفيلم مشكلة
التعليم المصري الذي يعتمد على الحفظ الأعمى من دون فهم أو إدراك، لذلك
عانت بطلة الفيلم كثيراً وهي تعبّر عن نموذج حي نصادفه حولناً كثيراً حينما
يتحوّل البعض الى أداة سهلة تنساق وراء أي اعتقاد خاطئ من دون وعي أو فهم.
·
كيف كان التعاون بينك وبين يوسف
معاطي وهل أجريت تعديلات على السيناريو؟
«الثلاثة يشتغلونها» التعاون الرابع بيني وبين
يوسف معاطي، فهو كاتب متميز وتعجبني قدرته على تفجير الكوميديا في مواقف
غير متوقعة، ما يجعل الضحك له طعم خاص. لم تُجرَ تغييرات جوهرية على
السيناريو بل كانت ثمة تعديلات بسيطة بعد التشاور في ما بيننا.
·
ما العلاقة بين هذا الفيلم وبين
فيلم «الثلاثة يحبونها» لسعاد حسني؟
لا علاقة إطلاقاً بينهما، فالفكرة في الفيلمين مختلفة تماماً، ولا
يوجد أدنى تشابه.
·
ولماذا اخترتم هذا الإسم
تحديداً؟
لأننا وجدناه مناسباً لأحداث الفيلم التي تدور حول فتاة جامعية يحاول
ثلاثة شبان «اشتغالها» كلّ على طريقته الخاصة.
·
يرى البعض أنك أسأت في الفيلم
الى رجال الدين باعتبارهم مدّعين ويتاجرون بالدين؟
لم نقصد الإساءة إليهم، فنحن بالتأكيد نحترم رجال الدين الحقيقيين
الذين يعملون على نشر مبادئ الدين الإسلامي الصحيحة، أما النموذج الذي
أشرنا إليه في الفيلم فهو يجسّد المدّعين الذين لا يملكون العلم الكافي
ويردّدون الفتاوى ويهتمون بتحقيق المكسب المادي، بواسطة إعلانات القنوات
الفضائية، وهو موجود بالفعل ونعاني منه بشدة بعد انتشار الفضائيات التي
تروّج لنفسها باسم الدين.
·
وماذا عن الشاب الثوري الذي أشرت
من خلال أحداث الفيلم إلى أنه يحاول استغلال معاناة الفقراء، ما أغضب
شباباً كثراً؟
هذه النوعية من الشباب موجودة بالفعل، وتبحث عن الأضواء والشهرة من
خلال المتاجرة بمعاناة الفقراء واستغلال آلامهم، وهي بعيدة تماماً عن
المبادئ كافة التي تنادي بها.
·
قيل إن وجود الأطفال في الفيلم
كان أداة جذب للمشاهدين فحسب من دون مبرر درامي؟
بالعكس، كان ضرورياً جداً وليس مقحماً أبداً، لأننا أردنا من خلاله
التأكيد على أن الحل هو أن نبدأ بأطفال المدارس لأن الأمل دائماً في
الصغار، ولا بد من أن نزرع فيهم منذ الصغر سياسة الفهم قبل الحفظ.
·
رأى البعض أن في الفيلم عدداً من
القضايا كانت حشواً بلا مبرر مثل قضية تعدّد الزوجات والحديث عن الخصخصة؟
يعتمد كل فيلم على خط رئيس تتفرّع منه خطوطاً عدة يشار إليها من خلال
الأحداث، وقد جاءت الإشارة إلى هذه القضايا بشكل طبيعي ومتداخل في نسيج
العمل بلا أي إقحام.
·
لماذا لم تفكّروا في تأجيل عرض
الفيلم للهروب من المنافسة مع النجوم الكبار مثل أحمد حلمي وأحمد مكي ومحمد
سعد؟
لا أرى أي مشكلة في عرض الفيلم تزامناً مع أفلام نجوم آخرين، خصوصاً
أن ياسمين عبد العزيز أصبحت نجمة كبيرة ولها جمهورها، كذلك السوق السينمائي
المصري لا تحكمه قواعد، وكثيراً ما وجدنا أفلاماً بلا نجوم حققت أعلى
الإيرادات مثل «أوقات فراغ» مثلاً وأفلاماً لنجوم كبار لم تحقّق أي نجاح.
·
هل ترى أن ياسمين فتحت الأبواب
أمام البطولات النسائية المطلقة؟
أكدت ياسمين عدم صدقيّة المقولة الرائجة بأن الجمهور لا يقبل على
البطولات النسائية الكوميدية بوجه خاص. على الكتاب والمنتجين أن يهتموا
بأفلام البطولات النسائية، وعلى النجمات السير على الدرب نفسه، وثمة نجمات
كثيرات قادرات على تحمّل مسؤولية فيلم مثل منى زكي ومنة شلبي وهند صبري.
·
لماذا اعتذرت عن تصوير فيلم «365
يوم سعادة» الذي يقوم ببطولته أحمد عز على رغم موافقتك المبدئية على
إخراجه؟
اعتذرت لأسباب خاصة أفضّل عدم التصريح بها، خصوصاً أن جميع العاملين
في الفيلم أصدقائي، سواء المنتج محمد ياسين أو المؤلف يوسف المعاطي أو
الممثل أحمد عز.
الجريدة الكويتية في
22/07/2010
طلعت زكريا: أنا مؤلّف سينمائيّ بالفطرة
القاهرة - رولا عسران
يملك الفنان طلعت زكريا كاريزما وحساً كوميدياً صنعا منه أحد أهم نجوم
الكوميديا في الوطن العربي، ينتظره الجمهور باستمرار حتى لو طالت فترة
الغياب.
حول عودته إلى الدراما التلفزيونية في أكثر من عمل وتحضيره فيلماً
سينمائياً، كان الحوار التالي معه.
·
اخترت مسلسل {حامد قلبه جامد}
لتعود به إلى الدراما التلفزيونية بعد طول غياب، لماذا؟
المسلسل مكتوب بشكل يغري أي ممثل للمشاركة فيه ويزخر بمواقف كوميدية،
لذا وافقت عليه بمجرد أن انتهيت من قراءته.
·
تردّد أنك انسحبت من المسلسل
بسبب عدم حصولك على باقي أجرك، ما صحّة ذلك؟
لست من الفنانين الذين ينسحبون من عمل فني لأنهم لم يحصلوا على أجرهم،
فأنا أقبل أي عرض يقدَّم إلي إذا اقتنعت به وليس لأي أمر آخر، والحمد لله
انتهينا من التصوير.
·
ما حقيقة تأجيله إلى رمضان السنة
المقبلة؟
بصدق لا أعرف شيئاً في هذا المجال، كل ما أعرفه أنني انتهيت من تصوير
25 حلقة وأجهل موعد عرض المسلسل، قد يكون السبب الظروف الإنتاجية الصعبة
التي تمرّ بها سوق الدراما التلفزيونية، لكني لست متأكداً من أسباب
التأجيل.
·
وماذا عن مسلسل {جوز ماما}؟
مسلسل سيت كوم أشارك في بطولته مع هالة صدقي. عموماً، أفضّل مسلسلات
الميني كوم والسيت كوم على المسلسلات الطويلة، لأنها تقضي على المطّ
والتطويل، وقد حقق هذا النوع نجاحاً في أميركا وحان وقت عرضه في مصر.
·
هل صحيح أنك رفضت الظهور كضيف
شرف في المسلسلات بسبب {جوز ماما}؟
نعم، فقد عُرض عليَّ أخيراً الظهور كضيف شرف في أكثر من مسلسل
تلفزيوني وسيت كوم، لكني رفضت لانشغالي بتصوير مسلسل {جوز ماما} واقتناعي
بأن الظهور في أعمال درامية عدة دفعة واحدة يعرِّض صاحبه للحرق.
·
تردّد أن رفضك الظهور كضيف شرف
في مسلسل {عايزه أتجوز} أحرج بطلته هند صبري، ما صحة ذلك؟
رفضي الظهور مع هند يرجع إلى انشغالي بتصوير {جوز ماما}، و{عايزه
أتجوز} ليس الوحيد الذي رفضت الظهور فيه كضيف شرف، إذ ثمة مسلسلات أخرى من
بينها: {حرمت يا بابا} و{بيت العيلة}، أي أن الأمر لا علاقة له بإحراج هند
فهي زميلة عزيزة وفنانة موهوبة ولا يمكنني أن أخذلها.
·
تجهّز لمسلسل جديد بعنوان
{حكايات سعيد بونديرة} تؤدي فيه دور سائق تاكسي، ألا تخشى المقارنة مع محمد
فؤاد خصوصاً أنه يقدّم الدور نفسه في مسلسل {أغلى من حياتي}؟
أجهّز لهذا المسلسل منذ فترة طويلة، ولا أعرف شيئاً عن مسلسل محمد
فؤاد وتحديداً قصته، ثم ليس هو الوحيد الذي أدى دور سائق فقد سبق أن قدمه
فنانون كثر.
·
ما سبب تعطيل فيلم {سعيد حركات}
هذه الفترة كلّها؟
تعاقدي مع جهاز السينما في البداية على إنتاج الفيلم، ثم حدثت مشاكل
لها علاقة برغبة المنتج ممدوح الليثي في تعديل السيناريو وتأجيله فترة حتى
ينتهي من التعديلات. من جانبي، لم أعترض على التعديلات إنما على فكرة
التأجيل، فأنا غائب عن السينما منذ فيلم {طباخ الريس} والتأجيل قد يؤذيني
فنياً، خصوصاً أن جمهوري يسألني دائماً عن سبب غيابي سينمائياً، لذا أنهيت
تعاقدي مع الجهاز من دون مشاكل وتعاقدت مع المنتج وائل عبد الله على إنتاج
الفيلم، ومن المقرر أن نبدأ تصويره قريباً.
·
هل أثّرت فترة غيابك السينمائية
سلباً عليك؟
بالتأكيد، لكني سأتجاوز الأمر إن شاء الله مع بداية تصوير {سعيد
حركات}، وبمجرد أن يقول المخرج أكشن أشعر بأن طاقتي قد تجدّدت، إذ لديَّ
الكثير لأقدّمه.
·
هل صحيح أنك استعنت بابنتك أميمة
لتشاركك بطولة الفيلم؟
هل من مشكلة في أن تشاركني ابنتي بطولة أحد أفلامي طالما أنها ممثلة
موهوبة؟ معظم الممثلين يعمل أبناؤهم في المجال الفني، لكن لو لم يكن الإبن
ممثلاً جيداً بالفطرة لن يستمر وسيُطرد من السوق تلقائياً، إذ يستحيل فرض
ممثل بعينه على الجمهور أياً كانت سلطاته.
·
هل سعيد سائق التاكسي في {حكايات
سعيد بونديرة} هو نفسه {سعيد حركات}؟
ثمة اختلاف كبير بينهما. عن نفسي أنا سعيد بالشخصيتين، فلكل واحدة
ملامحها التي تميّزها عن الأخرى.
·
ما الذي دفعك إلى خوض تجربة
التأليف السينمائي في {سعيد حركات}؟
خضت التأليف السينمائي مع بداية عملي كممثل، ولي تجارب في هذا المجال
من بينها: مسلسلا {شحتوت في بيروت} و{مستر شو}، كذلك معظم الأدوار التي
أديتها كانت من تأليفي أو على الأقل معظم أفيهات الدور. اعتدت عندما أدخل
إلى الأستوديو أن يقول لي المخرج: {ها تقول لنا إيه النهادره يا طلعت}،
فأبدأ بإلقاء الأفيهات و{زي ما تيجي معايا}، أليس هذا تأليفاً سينمائياً؟
لماذا لا أستغلّ هذه الموهبة في تأليف عمل كامل، خصوصاً أنني مؤلف بالفطرة؟
الجريدة الكويتية في
22/07/2010
الكبار وبنتين من مصر و اللمبي...
دعاوى أمام القضاء وتهديد بوقف العرض
رولا عسران
تقدّم المحامي نبيه الوحش بدعوى قضائية ضد محمد أمين، مؤلف فيلم
«بنتين من مصر» ومخرجه، يتّهمه فيها بتشويه صورة الفتاة المصرية، فأشعلت
هذه الدعوى مجدداً الحرب بين السينما والقضاء وسرعان ما ازدادت الدعاوى
لتطاول أفلام موسم الصيف في معظمها، علماً أن الرقابة رفعت يدها عن الأفلام
وحذف صناعها أنفسهم المشاهد التي قد تزعج الرقيب الجديد سيّد خطاب.
يؤكد نبيه الوحش أن «بنتين من مصر»، بطولة زينة وصبا مبارك وإنتاج
الشركة العربية، يسيء إلى سمعة فتيات مصر عبر السيناريو الذي يركّز على
السلبيات، ويصوّرهن بشكل غير حقيقي، إضافة إلى أنه يحتوي على مشاهد جنسية
ساخنة ويحرّض على الفجور، كذلك يعترض على «برومو» الفيلم الذي يعد المشاهد
بوجبة جنسية ساخنة، مطالباً بوقف عرضه منعاً لتكرار مثل هذه المهاترات.
في المقابل، ترفض بطلة الفيلم زينة ادعاءات الوحش وتؤكد أن الفيلم لا
يتضمن أي إساءة الى فتيات مصر، فهو يعرض السلبيات بشكل واقعي ولا يضيف
إليها شيئاً، مشيرة إلى أنها تجسد فيه شخصية فتاه عانس تحاول أن تبحث عن
رجل يكون سندها في الحياة.
بدوره، يتساءل محمد أمين: هل مواجهة المجتمع بعيوبه ومشاكله وأزماته
إساءة إليه؟ ويضيف: «لا أفهم معنى أن يسيء فيلم إلى سمعة بلد أو الفتيات
فيه، إذ لا يمكن لأي فيلم سينمائي أن يسيء إلى سمعة بلد بكامله»، رافضاً
ادعاءات الوحش بأن الفيلم يتضمن مشاهد ساخنة.
«اللمبي 8 جيجا»
يواجه «اللمبي 8 جيجا»، بطولة محمد سعد ومي عز الدين، دعوى قضائية
تقدم بها المحامي عبد الحميد شعلان، بتهمة الإساءة إلى سمعة المحامين بسبب
أداء محمد سعد دور محام فاسد يتلاعب بالقانون، تعمد فيه الاستهزاء بالمهنة
عبر كلماته «العجيبة» التي تثير السخرية، ويطالب بوقف عرض الفيلم.
يرفض مخرج الفيلم أشرف فايق تلك الاتهامات مؤكداً أن صاحب هذه الدعوى
القضائية لم يشاهد الفيلم من الأساس، وإذا شاهده فهو لم يفهمه لأن البطل
الذي أدى دوره محمد سعد ليس محامياً أصلاً.
يضيف فايق أن البطل يزوّر «كارنيه» المحاماة، ويعمل به طوال الأحداث
فكيف يسيء إلى المحامين إذن طالما أنه ليس محامياً؟
الكبار
تقدّم شعلان أيضاً بدعوى قضائية يطالب فيها بمقاضاة صناع فيلم
«الكبار» ووقف عرضه بتهمة الإساءة إلى مهنة المحاماة، إذ يجسّد عمرو سعد
دور وكيل نيابة يتسبب بإعدام شخص مظلوم فيتحول إلى المحاماة وينحرف عن
أخلاق المهنة بعد أن يفشل في إعادة الحقوق إلى أصحابها.
يدحض عمرو سعد كل ما جاء في هذه الدعوى موضحاً أنه يجسد محورَي الشر
والخير، إذ ينحرف عن الخير نتيجة تعرّضه لظروف تضطره الى السير في طريق
خاطئ، لكنه يحمل بقايا الخير في داخله وتبدو في تعامله مع الناس، لذا لا
يرى في ذلك أي إساءة الى مهنة المحاماة.
موقف الرقابة
وسط هذه الحرب المتأجّجة بين المحامين وصناع الأفلام التي تعرض في
موسم الصيف، يؤكد رئيس هيئة الرقابة على المصنفات الفنية الدكتور سيد خطاب،
أن الرقابة لا علاقة لها بمثل هذه الدعاوى التي يتقدم بها المحامون أو
غيرهم من الجهات والمؤسسات، فهي لم تعترض على أي مشاهد في الأفلام الثلاثة
لأنها لم ترَ فيها إساءة الى أي جهة.
الجريدة الكويتية في
22/07/2010
بعد مرور 45 عاماً على رحيله
حسين رياض... أجمل الآباء
محمد بدر الدين
حسين رياض أحد الممثلين المقنعين في الأدوار كافة التي أدوها وذلك على
تنوّعها.
اشتهر رياض بدور الأب خصوصاً، الذي اقترن به بصورة جميلة، فما أن يذكر
حتى يذكر الأب في السينما والعكس صحيح، مع ذلك قدّم هذا الممثل العظيم في
المسرح والسينما والراديو والتلفزيون نماذج مختلفة من الأدوار وبرع فيها.
إذا كان رياض هو الأب الحنون، الرقيق، الجياش بأنبل مشاعر الأبوّة في:
«في بيتنا رجل»، «ردّ قلبي»، «بابا أمين»، «السبع بنات» وغيرها، والأب
الروحي المرهف في: «وا إسلاماه»، «شارع الحب»، «أغلى من حياتي»، والجد
الجميل في: «المراهقات»، «آه من حواء»... إلا أنه قدّم أدواراً مختلفة
تماماً، بالغة البراعة والإتقان، على غرار الطاغية أو السلطان المتحكم في
«لاشين»، «ألمظ وعبده الحامولي»، أو رب الأسرة الماجن الشهواني الذي يطلق
لغريزته العنان في «البنات والصيف»...
بدأ رياض عطاءه الفذّ والمتفرّد في السينما المصرية مع بداياتها،
وشارك في أفلامها الأولى الضخمة التي تعدّ من كلاسيكيات السينما ودررها
مثل: «سلامة في خير» (1937)، إخراج نيازي مصطفى مع الفنان الكبير نجيب
الريحاني، «النائب العام» (1946)، إخراج أحمد كامل مرسي وقد تقاسم بطولته
مع الممثل القدير زكي رستم.
ختم رياض مشواره في السينما وفن الأداء مع توقّف نبضه في الحياة، وكان
دور الوداع في فيلم «ليلة الزفاف».
كرّس الفنان الكبير حياته للفن والناس منذ نعومة أظافره حتى الرمق
الأخير، ولم يكن يشعر بالسعادة والإحساس بالحياة إلا في قلب الفن والعمل
وسط الخير والجمال الذي أتقنه وعاش به وله.
كان رياض مرهفاً، دقيقاً في ضبط تعبيراته وانفعالاته، مدركاً بنفاذ
طبيعة الدور وما يتطلّبه، لذا لم يقدّم دوراً تكرّر معه، على غرار الأب،
بالصورة نفسها أو بنمط واحد، فهو مثلاً في «رد قلبي» (إخراج عز الدين ذو
الفقار) بالغ الحنو والحب لأولاده لكنه يختزن في قلبه غضب الفلاح المصري
المقهور في آن، إنه الثائر في أعماقه الذي تعود روحه إليه مع انتصار
الثورة، كان يمكن لممثل غيره أن يذهب بهذا المشهد في نهاية الفيلم إلى
ميلودرامية ضعيفة لكن أداء رياض جعله مشهداً مؤثراً، كأنه وحده كان بإمكانه
أداء ذلك المشهد الذي يجعلنا نصدّقه ونتجاوب معه!
لكنه الأب في فيلم «في بيتنا رجل» (إخراج بركات) أيضاً، الذي يمتزج
خوفه وحرصه الجمّ على أسرته وابنه ـ يطلب منه حماية البطل الفدائي داخل
بيته ـ مع إحساسه الوطني بأنه يقوم بواجب لا بد منه، وإن تطلّب الأمر منه
التضحية والدخول في المجهول، على النحو الذي يتعارض مع طبيعة ربّ الأسرة
الموظّف البسيط الذي في «حاله».
بينما في فيلم «آه من حواء» (إخراج فطين عبد الوهاب)، التمصير الجميل
لمسرحية «ترويض النمرة» لشكسبير، نجد رياض يؤدي شخصية الجدّ الذي يرعى
الفتاة المتمرّدة، بروح أبوّة يمتزج فيها الحزم الواضح والقلق على مصير
ابنة جامحة، مع أداء يمتاز بروح فكاهية لا حدود لعذوبتها، يدخل رياض هنا،
كما في أعمال أخرى، في عالم الكوميديا، بالرهافة نفسها والتألق المعهودين
في أدائه التمثيلي.
ولد رياض في 13 يناير 1897 في حي السيدة زينب الشعبي العريق في
القاهرة، بدأ التمثيل عام 1916، لذلك ترك الدراسة والتحق بمعهد التمثيل
العربي، منذ عام 1923 عمل مع فرقة يوسف وهبي ومع الفرق المسرحية لعبد
الرحمن رشدي، منيرة المهدية، نجيب الريحاني، علي الكسار، أولاد عكاشة،
وفاطمة رشدي.
مثّل في السينما بدءاً من مرحلة السينما الصامتة وقدّم ما يقرب من 180
فيلماً، أما في المسرح فقدّم أكثر من مائتي مسرحية وفي الراديو والتلفزيون
أكثر من مائة عمل.
كرّمه الرئيس جمال عبد الناصر بوسام العلوم والفنون في عيد العلم عام
1963، وأهدى «مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي» في دورته السادسة عشرة
إلى روحه درع الريادة في ذكرى ميلاده المائة تسلّمته ابنته.
عُرف رياض بدور الأب أكثر من أي فنان آخر، حمل لقب «فنان الشعب»،
وعندما رحل في 17 يوليو (تموز) 1965 ودّعته جماهير فنه بدموع صادقة، وظل
فناناً مبدعاً لا يبرح حياتها وذاكرتها، وظل فنه الآسر الصادق في القلب.
وكان وسيبقى الأب.
وكان وسيبقى فنان الشعب.
الجريدة الكويتية في
22/07/2010 |