أبعدته «نزوة» عن السينما وأعاده «الكبار» مجدداً بعد طول غياب.
إنه السيناريست بشير الديك الذي اعتزل السينما سنوات تفرّغ خلالها للدراما
التلفزيونية قبل أن يتحمّس ثانيةً للعودة بفيلم «الكبار» مع
المخرج الشاب محمد جمال
العدل.
عن أسباب الغياب والعودة وعمله الأخير «الكبار»، كان اللقاء التالي.
·
لماذا ابتعدت عن السينما في
الفترة الماضية؟
لم أبتعد عن السينما وإنما هي التي ابتعدت عن جيلي كله، إذ شهدت تغيراً
كبيراً
في نوعية الأفلام المقدًمة، تحديداً سيطرة الكوميديا على
الساحة لفترة طويلة.
شخصياً، لم أرغب في كتابة هذه النوعية من الأفلام لمجرد المواكبة، لذا
توقّفت فترة.
·
ولماذا قررت العودة هذا العام؟
لأن السينما بدأت تعرف نوعيات أخرى مختلفة من الأفلام، بتعبير أدق لم تعد
الكوميديا هي المسيطرة وبات المناخ يسمح بعودة الأفلام الجادة،
والدليل فيلم «رسايل
البحر» للمخرج داود عبد السيد.
·
ما الأفلام التي أعجبتك في
الفترة الأخيرة وشجّعتك على العودة؟
«عمارة
يعقوبيان»، «حين ميسرة»، «دكان شحاتة»، «واحد - صفر» وعدد من الأفلام
التي بدأت تعيد الى السينما بريقها ووضعها السابق، كذلك أعجبني فيلم «عسل
أسود»
جداً، لأنه يقدّم كوميديا هادفة وليس للضحك فحسب، وإذا وجدت فكرة بقوة هذا
الفيلم
سأعود الى كتابة الأفلام الكوميدية.
·
ما الذي جذبك الى كتابة فيلم
«الكبار»؟
الفساد الذي نعيشه والذي يزداد يوماً بعد يوم، وحالة الزواج بين السلطة
والثروة،
فضلاً عن سيطرة رجال الأعمال على الدولة وتصاعد الغضب في
القلوب، ما يمهّد لحدوث
انفجار.
·
انتقد البعض عرض الفيلم في موسم
الصيف الراهن نظراً الى فكرته الجادة التي تجعله
غير مناسب للعرض في هذه الفترة؟
الفيلم الجيد يفرض نفسه في أي موسم، والحمد لله ثمة إقبال على «الكبار»،
بالإضافة الى أن شخصيات كثيرة شاهدت الفيلم ونال إعجابها وهذا
ما أسعدني.
·
ما رأيك في تركيز معظم أفلام هذا
الموسم على مشاكل المجتمع الراهنة؟
لكل مجتمع مشاكله التي تعالجها السينما، وأفلامنا القديمة ووجود مجموعة من
الأفلام راهناً التي تعبّر عن الواقع وتعالج مشاكله أمر يضاف
الى السينما.
·
ألم تقلقك فكرة التعاون مع مخرج
جديد، خصوصاً أنك تعاونت مع كبار المخرجين؟
تعرّفت إلى المخرج محمد العدل حين كان في السنة الثالثة في معهد السينما
وكنت
أحد أعضاء اللجنة التي قيّمت مشروعه، كذلك شاهدت له أفلاماً
قصيرة أكدت لي أنه مخرج
جيد. على رغم هذا لا أنكر إحساسي بالقلق في البداية، لأن الفيلم صعب،
وعندما قرأ
العدل السيناريو وأعجبه جداً أشفقت عليه لكنه في النهاية نجح في ترجمة
السيناريو
إلى صورة بأسلوب جيد، يضاف إلى ذلك رغبتي في العمل مع الجيل
الجديد من الشباب.
·
نُفّذ مشهد النهاية بطريقة
مسرحية، هل ترى أنها كانت الأنسب للتعبير عنه؟
اقترح المخرج هذه الفكرة فلم أعترض عليها على رغم علمي بصعوبة تنفيذها، وإن
كنت
أرى أنه كان عليه التأنّي كثيراً في هذا المشهد، لأن تلك
الشخصية لا تموت بسهولة أو
بالشكل الخاطف الذي ورد في الفيلم.
·
تحمل الشخصية التي قدّمها خالد
الصاوي تناقضاً كبيراً، فهو رجل أعمال قوي وفي
الوقت نفسه تصدر عنه تصرفات طفولية، ما ردّك؟
أحب تقديم شخصيات ليس لها وجه واحد، إذ ثمة أشخاص قد يراهم البعض أقوياء من
الخارج إلا أنهم يتصرّفون بعبثية وطفولية لرغبتهم في تعويض ما
حُرموا منه في
طفولتهم.
·
لكن البعض اعتبرها غير واقعية؟
الفن ليس نقلاً للواقع، وأنا لا أحب النمطية في عرض الشخصيات، لذا قصدت
الخروج
عن الشكل المعتاد في تقديمي رجل الأعمال الفاسد بحيث تكون
شخصيته محيرة لا يمكن أن
يتوقّع المتلقي تصرفاتها.
·
شخصيات الفيلم مركّبة وتعاني
صراعاً داخلياً، فلماذا استندت إلى هذه
التركيبة؟
لأن الشخصيات المركبة قريبة من واقعنا وفيها عمق وثراء داخلي. أحب هذه
الشخصيات
سواء في التلفزيون أو السينما لأنها تفاجئ المشاهد.
·
هل تعمدت توظيف الكوميديا في
الفيلم للخروج من جو الكآبة المسيطر عليه؟
بالتأكيد، كان ذلك مقصوداً ليتمكّن المشاهد من استكمال الفيلم ولا ينصرف عن
متابعته بسبب جرعة الحزن تلك.
·
تغير اسم الفيلم من «للكبار فقط»
الى «الكبار»، هل تخوّفت من اعتقاد البعض بأنه
يحتوي على مشاهد ساخنة؟
يعود تغيير الإسم الى وجود فيلم آخر يحمل الإسم نفسه يجهّز له راهناً
المخرج علي
بدرخان، وكل من يشاهد «الكبار» سيتأكد ألا علاقة له بأي من
مشاهد «للكبار فقط» كما
ظنّ البعض.
·
ألم تفكر في العودة إلى الإخراج
السينمائي بعد فيلمي «الطوفان» و{سكة سفر»؟
أعتبر هذين الفيلمين استثناءً، لأنني وجدت فيهما ما جذبني الى خوض تجربة
الإخراج. أستعدّ راهناً لفيلم الرسوم المتحركة «الفارس
والأميرة « الذي أوشكت على
الانتهاء منه.
الجريدة الكويتية في
16/07/2010
ياسمين عبد العزيز تكسر احتكار الرجال لـ مملكة الضحك
فايزة هنداوي
للمرة الثانية على التوالي، تصمد الممثلة ياسمين عبد العزيز أمام كبار
النجوم
الرجال ويحقّق فيلمها «الثلاثة يشتغلونها» إيرادات كبيرة في
مواسم صعبة، ما يعني أن
النجمة- البطلة بإمكانها تحقيق إيرادات في الأفلام عموماً والأفلام
الكوميدية
خصوصاً، على رغم احتكار النجوم الرجال البطولة.
هل يفرز هذا النجاح تجارب مشابهة، في ظل تجارب قدّمتها عبلة كامل ومي عز
الدين؟
هل عدم وجود سيناريوهات ملائمة أم عدم حماسة جهات الإنتاج
لتقديمها من أسباب
ندرتها؟
يؤكد منتج فيلم «لمح البصر» طارق رمسيس أن المنتج يبحث عن النجاح
الجماهيري،
مشيراً إلى أن الجمهور لا يُقبل على الفيلم الكوميدي الذي تؤدي
بطولته نجمة ويبحث
عن النجم- البطل، بحكم الاعتياد على ذلك في السنوات الأخيرة، لذا يحتاج
تغيير ذائقة
الجمهور إلى وقت طويل وتجارب متتالية.
يضيف رمسيس أن تجربَتي ياسمين عبد العزيز الناجحتين لا تكفيان، ذلك أنهما
يندرجان ضمن حالات فردية لا يمكن الاعتماد عليها كمقياس
للنجاح.
في هذا السياق، يشير المنتج الفني للشركة العربية أحمد السيد، إلى أن
الفيلم
يباع باسم الرجل وما زالت البطولة الكوميدية النسائية في مرحلة
التجريب.
يلفت السيد إلى أن مواسم العرض السينمائي أصبحت قصيرة للغاية لذا لا تملك
جهات
الإنتاج الجرأة على المجازفة والتجريب، خصوصاً أن الجمهور لا
يقبل بجدية على
الأفلام التي تؤدي بطولتها ممثلة كوميدية ولن يتحمّس المنتج لتجربة ليس
متأكداً من
نجاحها بنسبة كبيرة، يضاف إلى ذلك عدم وجود كتابات مميزة للنساء.
مستوى ضعيف
يوضح المخرج أشرف فايق أن الكتّاب في معظمهم لا يتحمسون لكتابة أفلام
كوميدية
لبطلات، وإذا صادف وحصل ذلك يكون السيناريو ضعيفاً ما يجعل
جهات الإنتاج تتردد في
تنفيذه، لأنها تخشى من ردة فعل الجمهور، محرّك صناعة السينما الأساسي.
لا توجد
فنانات كوميديات يمكنهن تحمّل بطولة فيلم، في رأي الفنان أحمد بدير، «آخر
ممثلة
كوميدية كانت سعاد نصر، أما الممثلات اليوم فيعتمدن على
الإفيهات السخيفة والشكل
«المبهدل»
بعيداً عن التمثيل الحقيقي». في هذا الإطار، ترى المخرجة ألفت عثمان أن
الترتيب غائب عن أحوال السينما والإنتاج عشوائي وتتم الأمور بالصدفة، تقول:
«ما
يحدث هو تقليد للسائد، لذلك لا يفكّر المنتجون في إجراء دراسات
حول إمكان أداء
ممثلة كوميدية بطولة فيلم بل يستسهلون تقليد المضمون».
الممثّلات مظلومات
تؤكد الفنانة مها أحمد أن الممثلات مظلومات في السينما المصرية اليوم، إذ
لا
تكتب سيناريوهات للبطلات، سواء كوميدية أو تراجيدية، بعكس
السينما في السنوات
السابقة عندما كانت تعتمد على البطلات، «تكمن المشكلة الأساسية في المنتجين
لأنهم
لو أرادوا إنتاج أفلام كوميدية لبطلات لطلبوا من الكتّاب كتابة سيناريوهات
لهنّ كما
يفعلون مع الأبطال الرجال».
تضيف أحمد أن الإنتاج لو استمرّ في دعم تجربة عبلة كامل وتبنّي الفكرة لكتب
بلال
فضل أفلاماً تؤدي بطولتها كامل ولعمّمت التجربة على أخريات،
إلا أن المنتجين لا
يهتمون سوى بالأبطال وينظرون إلى الممثلة كسيدة فحسب.
أما السيناريست نادر صلاح الدين فيكشف أن لديه مجموعة من الأفكار لأفلام
كوميدية
تؤدي بطولتها فنانات، لكن الإنتاج لا يقبل على التجريب ويفضل
دائماً اللعب على
المضمون، مؤكداً أن تجربته في «الدادة دودي» لم تكن سهلة واستمر في
محاولاته ثلاث
سنوات إلى أن تمكّن من تنفيذ الفيلم.
عدم ثقة
يعزو الفنان أحمد كمال عدم الثقة بنجاح الفنانات إلى أننا نعيش في مجتمع
ذكوري
ينظر إلى المرأة نظرة دونية، يقول: «كما هنّ في الحياة على
الهامش كذلك هنّ في
السينما، مجرد سند ويشكَّك الدائم بقدرتهن على القيام بأي عمل سواء في
المجال الفني
أو السياسي أو الاقتصادي... لذلك يبحث الجمهور دوماً عن البطل، ولا يمكن أن
تتغير
أحوال السينما إلا في حال تغيّرت أحوال المجتمع ككل.
تلاحظ الناقدة خيرية البشلاوي أن ياسمين عبد العزيز تملك مؤهلات مكّنتها من
بطولة فيلم ناجح من بينها: القبول، القدرات الاستعراضية، خفة
الدم، وهذه المؤهلات
لا تتوافر لدى ممثلات كثيرات بدليل أن بعضهن أخذ الفرصة ولم يحقق النجاح
نفسه.
بدوره، يلاحظ الناقد وليد سيف أن الظروف الصعبة التي تمرّ بها السينما
المصرية
راهناً، سواء من ناحية قلة الأفلام أو قلة موارد التمويل، تجعل
المغامرة صعبة لن
يقبل عليها كثيرون، مؤكداً أن هذه الظروف لن تتحسن إلا عندما يتم التخلّي
عن تفصيل
الأدوار للنجوم ويعود الموضوع إلى الصدارة ويتم اختيار الأبطال على
أساسه.
الجريدة الكويتية في
16/07/2010
مدبولي...علم
الكوميديا الإنسانيّة والسينما
محمد بدر الدين
وُلد الممثل عبد المنعم مدبولي في 28 ديسمبر (كانون الأول) 1920 في حي باب
الشعرية في القاهرة، ورحل في 9 يوليو (تموز) 2006 عن عمر 84
عاماً، قدّم خلاله 60
فيلماً سينمائياً، 120 مسرحية، و120 مسلسلاً تلفزيونياً.
مدبولي فنان شامل، فهو إلى جانب التألّق في هذه المجالات كافة، رسام مبدع،
مؤلف
وكاتب مسرحي ومخرج مسرحيات ناجحة ذائعة الصيت. اللافت أنه، كما
يروي في مذكراته،
مثّل في بداياته الفنية الأدوار التراجيدية والجادة البعيدة عن الكوميديا،
حتى أنه
بعد تخرّجه في المعهد العالي لفن التمثيل العربي (1949) انضم إلى فرقة جورج
أبيض ثم
إلى فرقة فاطمة رشدي، وأسس فرقة «المسرح الحرّ» (1952) التي اشتهرت
بالدراما الجادة
البعيدة عن الكوميديا.
لكن مدبولي عُرف في السينما بأدواره الكوميدية، وأول أفلامه فيها كان
«أيامي
السعيدة» (1958) إلى جانب مسرحياته الكوميدية منذ الستينيات
الماضية، وإن بدا
واضحاً اقتداره وتميزه في أداء الأدوار المركبة، التي تنطوي على عناصر من
بينها
البعد الإنساني والتراجيدي، كما رأينا في أدائه التمثيلي وكذلك أدائه
الغنائي في
فيلمَي «مولد يا دنيا»، إخراج حسين كمال، و{الحفيد»، إخراج عاطف سالم
وغيرهما، إلى
جانب أدائه الإنساني العميق الجميل في مسلسلي «لا يا ابنتي
العزيزة»، إخراج نور
الدمرداش، و{أبنائي الأعزاء شكراً» (المعروف بمسلسل بابا عبده) إخراج محمد
فاضل.
«أريد
خلعاً» آخر أفلام مدبولي مع الفنان أشرف عبد الباقي، وما بين فيلمَيه
الأول والأخير قدّم أفلاماً لا تنسى، سواء بدور كبير، كما رأينا في
«الحفيد»، أو
بأدوار قصيرة لكن مؤثرة وآسرة، كما رأينا في فيلمي «أريد
خلعاً» و{عايز حقي» مع
الفنان هاني رمزي وغيرهما.
مثّل مدبولي روحاً ساخرة مميزة وجسّد ابتسامة صافية، في أعمال كوميدية
كثيرة،
بعضها مع صديق عمره الفنان الكبير فؤاد المهندس مثل فيلم
«مطاردة غرامية»، وكان
الابتسامة العذبة التلقائية من القلب في سياق أفلام درامية جادة مثل «شيء
من
العذاب»، إخراج صلاح أبو سيف.
غنى لـ «الإنسان» الذي يعصف به الزمان في «مولد يا دنيا»، وهو أحد أهم
الأفلام
الاستعراضية الغنائية في السبعينيات من القرن الماضي وما
بعدها، وفيلم المطربة
الكبيرة عفاف راضي الوحيد. يدور حول مجموعة فقيرة وموهوبة تريد أن تسعد
الناس
ونفسها من خلال تكوين فرقة استعراضية، ويحاول البعض، بنوازع شريرة، أن يحول
دون
ذلك، لكن الفرقة تنجح فتشعّ موهبتها الجميلة وتؤكّد نفسها.
ولعل «الحفيد» يظلّ في مقدّمة الأفلام التي قدّمها مدبولي للسينما، ويمكن
اعتباره الجزء الثاني من ثنائية سينمائية إنسانية بالغة
العذوبة، إخراج عاطف سالم.
الجزء الأول هو «أم العروسة» للأديب المعروف عبد الحميد جودة السحار. يعكس
الفيلمان
أحوال الأسرة المصرية المتوسطة العادية، وهما دراما اجتماعية لا تخلو من
روح
كوميدية وطرافة، الأب والأم في الفيلم الأول (عماد حمدي وتحية
كاريوكا)، والأب
والأم في الفيلم الثاني (مدبولي وكريمة مختار).
إلى جانب الأبوين نرى أطفالاً عرف عاطف سالم ببراعته كيف يقدم أجمل وأعذب
ما
لديهم، ونرى شباباً في «الحفيد» بينهم الإبنة العروس (ميرفت
أمين) التي تتأثر بكلام
الأم (كريمة مختار) حول ضرورة الإسراع في الإنجاب، ما يغضب الزوج الشاب
(نور
الشريف) الذي كان اتفق مع زوجته على تأجيل الإنجاب لفترة حتى يصبحا أكثر
استعداداً
لتحمّل مسؤولية طفل، فتتنامى أزمة من هذا الموقف إلى أن تنفرج
في النهاية بولادة
حفيد يجمع الكل ويزيل الغضب من النفوس. يقدم مدبولي مع الأسرة في مشهد
النهاية أروع
أغنية (سبوع) لمولود في السينما المصرية، ولتصبح الأغنية الأولى والمستمرة
لهذه
المناسبة لدى الأسر المصرية.
مدبولي عملاق من أعمدة الفن المصري والعربي، أثره دائم ومستمر سواء في
السينما
أو غيرها. كان ينبغي للسينما أن تتيح لموهبته الفذة أدواراً
أكثر وأن تتسع على نحو
أكبر لقدراته المتعددة.
الجريدة الكويتية في
16/07/2010 |