ضمن مشروع دعم الإنتاج في دورته
الأولى أعلن برنامج الثقافة والفنون في مؤسسة عبد المحسن
القطَّان، أمس الأول، عن
المشاريع السينمائية المرشحة للفوز بمنح
مشروع دعم الإنتاج في دورته الأولى حيث كان
المشروع دعم الإنتاج الذي أطلقته "القطَّان" ضمن برنامجها للثقافة والفنون
في العام 2010
بتمويل مشارك من حكومة المملكة الهولندية، قد تلقى في دورته الأولى، ثلاثة
وعشرين مشروعاً لإنتاج أفلام روائية قصيرة ومتوسطة، تقدم بها مخرجون
ومنتجون
فلسطينيون من أنحاء مختلفة من فلسطين والخارج.
وجاء في بيان المؤسسة أن أعضاء
لجنة التحكيم، الذين يمثلون خبرات ومشارب سينمائية متنوعة، قد
استندوا في تقييمهم
للسيناريوهات المستوفية للشروط اللازمة
(وعددها 20)، إلى معايير فنية وجمالية،
سواءٌ فيما يتعلق بالموضوع، أو المعالجة،
أو الشخصيات، أو الحوار، أو غيرها، وإلى
إمكانية تحقق كل سيناريو ليصبح فيلماً مميزاً يمكن أن يشكل إضافة نوعية إلى
المشهد
السينمائي الفلسطيني.
كما أشادت اللجنة بمستوى السيناريوهات المقدمة بشكل عام،
ورأت أنها "تشجع كثيراً على استشراف آفاق
أكثر سعة ورحابة وغنى للسينما
الفلسطينية".
كما عكست السيناريوهات المقدمة، بشكل أو بآخر، ومن زوايا مختلفة،
وبنجاحات متفاوتة الواقع الفلسطيني، سواء الجمعي أو الفردي، كما كشفت عن
الكيفية
التي ينظر بها كتاب هذه السيناريوهات، التي يتمتع الكثير منها بحس الفكاهة،
إلى
الحياة. إنها تخبر عن انشغالاتهم، ومخاوفهم، وآمالهم، وذاكرتهم... وفي
الوقت ذاته،
فإن مستوى بعض السيناريوهات لم يكن بمستوى الإثارة التي يحملها الواقع
الفلسطيني
المليء بالممكنات".
ودعت اللجنة المتقدمين إلى العمل على تعميق خبراتهم
ومهاراتهم عبر الاطّلاع والقراءة، وتدريب
أعينهم على لغات سينمائية متنوعة، وفي
أجناس سينمائية مختلفة.
وذكرت اللجنة أنه على الرغم من أنه كان هناك تفاوت واضح
في آراء أعضاء اللجنة الأربعة وترشيحاتهم،
فإنه لم تكن هناك صعوبة في الاتفاق على
قائمة قصيرة رشحتها اللجنة للدخول في
المرحلة الثانية للحصول على المنح التي يقدمها
مشروع دعم الإنتاج.
عودة.. حنين.. وبائع ورد
ومن السيناريوهات التي تضمنتها
القائمة القصيرة للسيناريوهات سيناريو فيلم "العودة" للمخرج
مهدي فليفل حيث يحاول
الفيلم مقاربة حلم العودة، والسيناريو لمخرج فلسطيني يحمل الجنسية
الدنماركية ويقيم
في لندن.
حيث جاء في بيان المؤسسة أن فيلم العودة يطرح: "بعد قرون في حقبة بلا
أمل، يتم، فجأة، إخبار فلسطيني أن بإمكانه العودة إلى بلده فلسطين! النقطة
المثيرة
للاهتمام في هذا السيناريو هي الطريقة التي يتلقى فيها الفلسطيني هذه
الأخبار وكيف
يتعامل معها! والأسئلة المتعاقبة التي يثيرها هذا الأمر، وكيفية استجابته
لهذه
المعجزة غير المتوقعة! إن هذا السيناريو يعرض تعقيدات عاطفية لقضيتي
التطهير العرقي
والعودة بطريقة خفيفة وسهلة. إنه من الصعب أن تلمس موضوعاً معقداً، وتجعله
في
متناول اليد دون تسطيحه. إن هذا السيناريو ينجح في ذلك، وينقل الشعور بعمق
الدراما
بنغمة خفيفة.
ومن السيناريوهات الفائزة فيلم "البئر" للمخرج أحمد حبش / رام
الله، وفيه يتم تجميد نقطة حاسمة في تاريخ فلسطين، حيث يتناول، بشكل بسيط
جداً،
العلاقة القوية والطبيعية بين الفلسطينيين وأرضهم. كأنه يقول ان لا شيء
يمكن أن
يدمر هذه العلاقة، ولكن في الوقت نفسه، يبدو هناك شك في ذلك. كيف يمكن لكل
ما حدث
أن يكون؟ يطرح هذا السيناريو سؤال "البداية"، كما لو أن شيئاً لم يحدث! إنه
سيناريو
جيد وقد يولد فيلماً رائعاً، يحكي عن مرحلة في العام 48، ربما
لم يتناولها أحد بعد،
ويتناولها بنظرة حديثة وبشكل ارتجاعي
بطريقة تستحق التقدير.
أما سيناريو فيلم "بائع الورد" للمخرج إيهاب جاد الله من مدينة القدس فجاء
في وصفه أنه ينطوي وبشكل مشوق على قضية حساسة، وعلى كثير من نقاط التحول
والخداع
بشكل يلائم الموضوع. إنه من الشجاعة بمكان عمل فيلم عن رجل سيئ، حيث تخلق
وجهة نظر
غامضة من قبل الجمهور تجاهه. أنت تبدأ فيلماً عن بائع ورود مسكين، وتجعل
الجمهور
يتعاطف ويتماثل معه، وحينها تكتشف أنه عميل لسلطات الاحتلال، الأمر الذي
يخلق مشاعر
ملتبسة.
إشادة وتوصية بالدعم
كما أشادت اللجنة بمجموعة من مقترحات
الأفلام وأوصت بتقديم الدعم لها في حال
توفره، واستيفاء هذه المقترحات للشروط
الإضافية للحصول عليه وهي سيناريو فيلم
"أسمر شفاف" لعلا طبري من مدينة الناصرة
وتقيم في باريس، حيث يتعامل هذا المقترح مع قضايا مهمة جداً مثل قضية
التحامل
ونتائجها التي قد تقود إلى تصنيم
(fetish)
الآخرين.
وقالت اللجنة أن هذا المقترح
يستحق أن يصنع فيلماً. وأضافت: "تحث اللجنة صاحبة هذا المقترح
على العمل على إنهاء
عملية كتابته كسيناريو، حيث إنه ينطوي على
الكثير من الأفكار والمواقف المثيرة
للغاية، مع أن الكثير من الإشارات تنبئ
بقدرة كاتبته على إيجاد طريقها، وامتلاكها
للأدوات اللازمة لنقل الأجزاء التي لم تكتب بالضبط كسيناريو إلى لغة
سينمائية.
أما سيناريو فيلم "حنين" لأسامة بواردي من مدينة الناصرة فقالت اللجنة
إن هذا السيناريو مكتوب بشكل جيد، وبمضمون مثير للاهتمام، وبشكل يستطيع خلق
الإحساس
الذي يتركه الفيلم الروائي الطويل. إن التوتر الدرامي الذي تعيشه امرأة
وحيدة
بانتظار رسالة في زمن الحنين، وتصارع الروتين اليومي، وتعبر عن تمردها،
منجز بشكل
حسن. إنه شاعري جداً، يتم إخباره عبر بناء سردي واضح.
اضفة إلى سيناريو الفيلم
الثالث والأخير والذي يحمل اسم "البقجة"
للمخرج عبد السلام شحادة من مدينة غزة
والذي يقيم في رام الله حيث أكدت اللجنة أن هذا الفيلم قد يكون واحداً من
الأفلام
الفلسطينية الأكثر إثارة إن تم إخراجه بشكل صحيح، ويمكن أن يحصل العكس
تماماً. إنه
ينطوي على فكرة عامة وقدر كبير من الفكاهة، وعدم المباشرة، على الرغم من
وجود
حوارات مباشرة، وبمزيد من الجهد يمكن أن يصبح فيلماً عبثياً قصيراً
جيداً.
الجدير ذكره في هذا الصدد أن مشروع دعم الإنتاج سوف يقدم دعماً مالياً
وتقنياً لإنجاز مجموعة من الأفلام الروائية القصيرة والمتوسطة المدّة على
مدى ثلاث
سنوات، بهدف المساهمة في تحقيق صناعة سينما أكثر حيوية واستدامة في فلسطين.
وعليه،
سوف تقوم المؤسسة ببدء عملية حوار مع المتقدمين بالمشاريع التي رشحتها لجنة
التحكيم، بهدف تحديد شكل الدعم وحجمه، الأمر الذي سوف يعتمد على موازنات
هذه
المشاريع، والمصادر المالية المتوفرة لدى مشروع دعم الإنتاج هذا العام،
علماً أنه
ستكون هناك فرصة ثانية للدعم والتقدم بمشاريع جديدة العام المقبل.
وتكونت لجنة
التحكيم في عضويتها كلاً من السينمائيين منعم ريشة، مختص في السينما
العربية
والأوروبية (بيروت/باريس)، ونجوى مباركي، منتجة (عكا)، وهاني أبو أسعد،
مخرج (الناصرة)،
وعرفان رشيد، ناقد (بغداد/ روما).
وهي لجنة نظرت في السيناريوهات
المقدمة دون معرفة أسماء كتابها، على اعتبار أنها الحجر الأساس
في المشروع، وعنصر
مقرر وحاسم فيه.
الجزيرة الوثائقية في
14/07/2010
"من
غوتنبرغ إلى بيروت": توثيق الطباعة و تأخرها
نقولا طعمة – بيروت
يؤرخ الفيلم الوثائقي الذي أصدرته وزارة الثقافة اللبنانية و"احتفالية
بيروت
عاصمة عالمية للكتاب" بعنوان "من غوتنبرغ إلى بيروت"، للطباعة
في الشرق، كاشفا
أسبابا هامة ساهمت في بقاء العالم العربي في الصفوف الخلفية
للحضارة الحديثة،
والسبب بحسب ما يظهره الفيلم، هو منع السلطنة العثمانية لطباعة اللغة
العربية زهاء 300
سنة من بداية اختراع المطبعة الأولى، أي منع وصول الكتاب، وبالتالي منع
الثقافة
عن العامة.
الفيلم أخرجه هشام الجردي، وهو من 23 دقيقة، ويمكن القول أن أحداث
الاحتفالية،
وتكثيف تعاطيها مع الكتاب، ووسائط النشر، والاهتمام بترويج
المطالعة، دفع المهتمين
للتساؤل عن سبب تراجع المطالعة في العالم العربي، وتاليا تراجع الثقافة
المواكبة
للعصر.
وفي الأبحاث، ما يحيي الاهتمام بالطباعة كثورة علمية بحد ذاتها، تممت
الثورة
الصناعية انطلاقا من بريطانيا، والثقافية من فرنسا، والفلسفية
من المانيا لقرون
خلت.
وطرحت التساؤلات في إطار الاحتفالية عن الطباعة وسبب تأخر انتشارها رغم
وصول
المطبعة الأولى إلى لبنان سنة 1585 وهي المطبعة المعروفة
بمطبعة دير قزحيا. وقد
اتسمت الرؤى بالاختلاف حول تفسير خلفيات منع السلطنة العثمانية لطباعة
العربية.
مطبعة قزحيا
يوضح الفيلم عن طريق مقابلات مع متخصصين
اجتماعيين وتاريخيين، ومع حارس الدير الذي حضن المطبعة وشغلها واحتفظ بها
حتى
تاريخه، عملية استحضار المطبعة للدير وأسبابه، حيث كان من المفترض البدء
بالطباعة
في الشرق بعد عقود على اختراع المطبعة في الغرب، تحديدا في
ألمانيا.
وتحدثت الباحثة هلا عواضة عن إشكالية الطباعة في الشرق موضحة أن منع
السلطات
العثمانية للطباعة تركز على منع طباعة اللغة العربية، فكان
هناك فارق زمني كبير
امتد 276 سنة بين مطبعة غوتنبرغ ومطبعة السلطنة العثمانية.
بدأنا نفتش عن سبب وجود وجود هذا الفارق الزمني وعندما بدأنا نجمع ما هو
متوافر
حول هذا الأمر، اكتشفنا أن العديد من الأكاديميين والمهتميمن
بالشأن العلمي
والثقافي لم يكونوا يعرفون أن المطبعة كانت محظرة علينا لمدة 300سنة.
وجهات نظر متباينة
ويروي الباحث الدكتور في الجامعة
الأميركية في بيروت سماح مكارم أسباب تأخر الطباعة، الأول: طباعة الحرف
العربي ربما
كان يعد من قبل الخليفة العثماني بايزيد بالآلة يؤدي إلى التقليل من قدسية
القرآن،
أو قدسية اللغة العربية والحرف العربي لأنه حرف نزل بالقرآن، وربما أدى ذلك
إلى
التقليل من قدسية القرآن”.
وقال: "الطباعة كانت أمرا حديثا في ذلك الوقت، لم يهضمه المسئولون المسلمون
ولكن
فيما بعد أصبح الأمر يختلف. فقد عرف أن الطباعة لا تؤثر في قدسية القرآن
ولا تؤثر
في عدم ضبطه، بل ربما تكون الطباعة تضبط القرآن من حيث اللغة
والشكل أكثر من
الخطاطين. هذا الأمر تطور ودخل رويدا رويدا على العالم الإسلامي.
وروى أن
السلطان محمود الثاني أراد أن يتعلم الخط على يد كبير من كبار الخطاطين
الأتراك
فكان يحمل الدواة للخطاط لكي يكتب بها وهو ساجد أمامه، لأن
السلطان كان يعتبر أن
هذا الكلام الذي تجري كتابته هو كلام الله”.
وتذكر عواضة أنه في مرحلة ثانية، حاول بعض مسيحيي الشرق في جبل لبنان أن
يستقدموا مطبعة، ونجح الموارنة في قزحيا بتأسيس مطبعة، ويلفتنا
المكان الذي أسست
فيه وهو جبل بعيد عن أعين السلطنة العثمانية.
ويعرض شربل طراد- الكاهن في دير مار قزحيا الواقع في وادي قاديشا شمال
لبنان،
ومركز انطلاق الموارنة الأوائل- تاريخ المطبعة الأولى التي
وصلت إلى الدير سنة
1585.
ويفسر منع العثمانيين للطباعة بطريقة مغايرة لتفسير مكارم، وهو تفسير يطغى
عليه
التأثير الغربي المعادي للسلطنة العثمانية، ويقول: "علينا أن
نتذكر أن الأتراك
كانوا مسيطرين على المنطقة كلها وكانوا يحاربون كل ما له علاقة بالعلم
الحديث حتى
لا يتحرر هذا الشعب، ويقوم بثورة نهضة تطالب بالحرية. كان هدف الأتراك
الاستعباد.
وثانيا، النقطة المهمة هي طبيعة الأرض في لبنان وخصوصا في هذا الوادي الذي
يضم
المنحدرات القوية التي شكلت حصنا طبيعيا حتى تكون هذه المطبعة محمية، وكان
الدير
يضم حوالي 300 راهب، كانوا قديرين أن يدافعوا عن المطبعة نتيجة
للمخابيء والمغاور
التي كانوا يعرفونها ولا يعرفها سواهم، ويمنعون وصول المطبعة إلى أيدي
الأتراك”.
وأوضح أن أن عدد الرهبان المتوافر أمن للمطبعة اليد العاملة المتخصصة وهم
درسوا في روما وتعلموا اللغة السريانية.
وأفاد أن "هذه المطبعة حرفها سرياني، وكان الأتراك يناهضون اللغة العربية
فكان
على الرهبان أن يجدوا طريقة حتى يحافظوا على الارث الذي تحتضنه اللغة
العربية، لذلك
اخترعوا ما يسمى بالكرشوني، وهو كتابة اللغة العربية بالحرف السرياني.
وعندما كان
الأتراك يفتشون لم يلاحظوا أن هذه الكتب هي باللغة العربية، فكانوا
يتركونها، فتمت
المحافظة بهذه الطريقة على اللغة العربية”.
وتلفت عواضة إلى أنه لم يكن من المتوقع أن تطبع المطبعة باسطنبول كتبا
بالحرف
العربي، لكن الواقع أن أول كتاب بالحرف العربي طبع في مطبعة
مار يوحنا الشوير،
والكتاب الأول بالحرف العربي تم على يد الشماس عبد الله الزاخم، وهو كتاب
"ميزان
الزمان" الذي طبع سنة 1734، وهو يعتبر أول كتاب طبع بالحرف العربي".
أثر الطباعة
وعن أثر الطباعة في الحضارة الحديثة،
وقيمها ومفاهيمها تنقل عواضة كلاما لريجيس دويريه يقول: انظروا إلى لوثر
ذلك الراهب
الذي يشبه النبال المعتاد على رشق السهام، يشعر فجأة في تجويف كتفه بارتداد
البندقية الحربية، فالطباعة حولت عالم اللغة إلى محرض، وفيما
بعد قائد المدرسة إلى
قائد عسكري، فالطباعة منحت الفكر قوة تغلغل لا مثيل لها، وزودت رجال
الكتابة بقوة
لم يسبق لها مثيل، وذلك بتوسيع منطقة نيرانهم ومضاعفة وتيرة إطلاقهم
النار”.
الجزيرة الوثائقية في
14/07/2010 |