فيلم "النخيل الجريح" لمخرجه وكاتبه ومنجز حواره عبد اللطيف بن عمار
سيمفونية سينمائية مشتركة تونيسية جزائرية عزفت على وتر من يكتب حقيقة ما
حدث في التاريخ، وعلى يد من تكون هذه الحقيقة أمن خلال الشخصيات المثقفة
والكتب والمخطوطات المشبوهة أم من خلال الصورة التي لا يمكن لها إلا نقل
حقيقة ما حدث في ذلك الزمان والمكان.هذا ما حاول مخرجنا نقله بطريقة
سينمائية مفعمة بالكثير من الإحساس والإبداع الفني والتقني المصحوب
بالموسيقى التصويرية التي أبدعها الموسيقار الجزائري فريد عوامر بالفيلم
الذي عرض سهرة الخميس بافتتاح الدورة الـ 46 لمهرجان قرطاج الدولي بتونس
للحديث وتسليط الضوء على من استشهدوا في صمت وكبرياء بحرب بنزرت صائفة
العام 1961 ليتمتع غيرهم من بقي على وجه هذه الارض "بفيتو" الانتصار
والكتابة عن التاريخ لكن"شامة" (التي ادت دورها الممثلة التونيسية ليلي
واز) بطلة هذه القصة وابنة النقابي الشهيد "كمال بن محمود" أدركت ان
الحقيقة غير ما جاء في مخطوط المناضل والمثقف المزيف"الهاشمي عباس"(ادى
دوره الممثل التونيسي ناجي ناجح) الذي طلب منها الاكتفاء بكتابه مخطوطه
لكنه عندما اكتشف انها ابنة ذلك الشهيد سحب منها المخطوط وهددها بالشرطة
التونيسية ليجبرها على مغادرة المدينة وعدم الرجوع اليها مرة أخرى ثم
اوهمها بانه توقف عن الكتابة متاثر باندلاع الحرب في العراق الا ان الصدفة
مكنتها من كشف زوره وبهتانه لتقرر حينها معرفة حقيقة ما حدث لوالدها الذي
لازالت والدتها (ادت دورها الممثلة التونيسية دليلة مفتاحي) حزينة على
استشهاده وعدم معرفة قبره المجهول وما حدث للنخيل الجريح الذي يتوسط ابرز
الشوارع الرئيسية لمدينة بنزرت الشاهد المادي الازلي على همجية الاستعمار
الفرنسي في حق الشعب التونيسي الأعزل الذي كان يطالب برحيل المحتل عن كامل
ارضه بعدما استرجعت تونس حريتها العام 1956 الا أن القوات الفرنسية استمرت
في التواجد بالمنطقة الاستراتيجية لمدينة بنزرت وقاومها الاهالي وعلى راسهم
عمال السكك الحديدية والنقابيين والذي كان من بينهم والد "شامة" في ظل
تقاعس من كانوا يدعون النضال والوطنية.
من خلال اللقطات السينمائية المفعمة بجمال الصورة لتي اتخذت من ألوان البحر
والسماء مصدرا لها وكذا اللقطات المقربة والبعيدة التي تنوعت في أطرها،
زواياها، أحجامها وكذا اللقطات الأرشيفية (الابيض والاسود)التي استخدمت
بالفيلم تنقلت كاميرا عبد اللطيف بن عمار بكثير من الذكاء عبر الزمان
والمكان من شتاء العام 1990 الى صائفة 1961 وهي تصر على التاكيد: ما أشبه
هذا بذاك من خلال الاشارة والربط التقني السياسي الذكي وكذا الخلفية
الصوتية للاحداث بين فضاعة ما حدث في بنزرت تلك الصائفة وما حدث في العراق
العام 1991 دون إغفال الإشارة للعشرية السوداء التي عاشتها الجزائر من خلال
العائلة الجزائرية المتكونة من صديقة "شامة" المرحة الحزينة "نبيلة" (ادت
دورها الممثلة الجزائرية ريم تاكوشت)و زوجها الموسيقار "نورالدين" (ادى
دوره الممثل الجزائري حسان كشاش) اللذان يعيشان في بيت قرب البحر لجأ لتونس
خوفا من الإرهاب الذي كان ينخر جسد الجزائر انذاك وقدما يد المساعدة لشامة
لكشف الحقيقة برغم جروحهما الوطنية والذاتية المتمثلة في عدم الانجاب
وصعوبة المعيشة برغم كل هذا يستمتعون بالسماع للموسيقى التي كانت ملاذهم
الروحي ومن أبهج لقطات الفيلم تلك التي صورت بهذا البيت الجميل. كما كانت
هناك إشارة تاريخية لافتة وعابرة لهمجية الاستعمار الفرنسي التي مست
الشعبين الجزائري والتونيسي من خلال أحداث ساقية سيدي يوسف العام 1957 وهي
المنطقة التي كانت تنحدر منها "السيدة" ( أدت دورها الممثلة الجزائرية
عايدة كشود) المرأة التي قالت عن نفسها انها من بقايا "ورثة كوليت" صديقة
الهاشمي الفرنسية التي استقر في منزلها وكانت تعمل كخادمة لدى المناضل
المخادع"الهاشمي عباس" وترعى الطفل الصغير الذي ارتبط كثيرا بشخصية "شاما"
وهو الامر الذي كان يزعج ويحرج الهاشمي.
إصرار "شامة" على كشف الحقيقة جرها للبحث عن المسكوت عنه والقراءة بين اسطر
التاريخ الرسمي الموجود بالكتب من خلال مقارنة ما تجده من صور بما تسمعه من
شاهدات ممن تبقوا على قيد الحياة من حرب بنزرت خاصة اصدقاء والدها الذين
حذروها من زيف "باس الهاشمي" وخلال مسيرة بحثها صادفت "شامة" شخصا يمتلك
صورا لم يستخرجها بعد وموجودة في شريط محفوظ لتقرر تحميضها فتكتشف ان
والدها كان صديقا حميما لهاشمي عباس لتتعقد الحبكة الدرامية بالفيلم وتدخل
البطلة في صراع نفسي وشك مضحية بالحب الوحيد الذي صادفته من خلال
الشاب"خليل" ابن احد رفقاء والدها(الممثل الجزائري العربي زكال) الذي ادى
دوره المختصر المركز في الاحساس والشعور ببراعة فنية وسينمائية كبيرة في
تلك اللقطة السينمائية.
"شامة" بفضل اصرارها ومثابرتها اكتشفت الحقيقة التي واجهت بها " الهاشمي
عباس " الذي تقاعس عن مساعدة والدها الجريح عندما لجأ لبيته في ليل صائفة
العام 1961 للاحتماء من بطش قوات الاحتلال فقتل أمام باب بيت صديقه المثقف
"الوطني" مدعيا في الكتب التي يكتبها ان الاوامرليلتها امرته بالعودة الى
العاصمة لكن الحقيقة انه كان بالبيت وتقاعس عن نجدة صديقه كمال بن محمود
الذي كان يكن له الكثير من الاعجاب والتقدير وكان من بين الذين حفزوه على
مغادرة عائلته بتونس وابنته شامة كان عمرها اربع أشهر للمجيئ لمدينة بنزرت
للدفاع عنها اين استشهد فيها الى جانب 2000 آخرين تحت شواهد مجهولة لينتهي
الفيلم كما بدأ بمشهد القطار الذي استقلته "شامة" للمجيئ لبنزرت وهو يخرج
من النفق الى حيث لا ندري على أنغام موسيقى فريد عوامر الرائعة وصوت
المطربة التونيسية عايدة ولقطة الهاشمي عباس الوطني المزيف وهو على الكرسي
المتحرك في اشارة واضحة للعقاب الذي يستحقه امثال هؤلاء.
اجمع الذين شاهدوا الفيلم أن تطورا لافتا حدث ويحدث في الكتابة السينمائية
للمخرج عبد اللطيف بن عمار بالنظر لأعماله السينمائية الماضية وبالمقارنة
على وجه الخصوص بأفلامه السابقة مثل"عزيزة" "نغم الناعورة" وان إصراره على
الشراكة السينمائية بينه وبين الفنانين الجزائريين والمنتجة والمخرجة نادية
شرابي نابع من منطلق ايمانه باهمية مثل هذه الخطوة السينمائية المغاربية
بعيدا عن تغلل الانتاج الاجنبي في انتاجنا السينمائي الذي يتحكم لا محالة
في طريقة اخرجنا لصورنا وأفلامنا. كما نوه كل من شاهد الفيلم بتميز
الممثلين من البلدين مع ابقاء لهجة كل واحد منهم كما تالق البعض برغم تقلص
حجم ظهورهم امام الكاميرا ويشكل خاص الممثل العربي زكال وعايدة كشود اما
حسان كشاش فقد تمكن من الخروج ببراعة من عبائة المخرج الجزائري أحمد راشدي
الذي قدم معه دوره الاخير بفيلمه مصطفى بن بولعيد أما ريم تاكوشت فهي تثبت
في كل مرة انها مختلفة على المرة السابقة فالذي يشاهدها بفيلم "عائشات"
لسعيد ولد خليفة أو "مسخرة "للياس سالم يدرك أنها تطورت من الناحية
التمثيلية وأبرزت قدرة على تحريك مشاعر الفرح والحزن بالمتلقي. اما بقية
الطاقم فقد نفذت كل ممثل الشخصية التي سطرها عبد اللطيف بن عمار ببراعته في
تسيير الممثلين وتوجيههم ما أثمر هذا الفيلم"شارع النخيل الجريح" الذي
سيكون كنخيل مدينة بنزرت علامة فارقة في المشهد السينمائي العربي بشكل عام
والمغاربي بشكل خاص ووسام على صدر الشراكة السينمائية التونيسية الجزائرية.
إيلاف في
11/07/2010
ثقافات / سينما
مهرجان قليبة لسينما الهواة ينطلق بتونس هذا الأسبوع
نبيلة رزايق من تونس:
سيشارك المخرج الجزائري الشاب حيمر مراد 25سنة بصفته كطالب في المعهد
الوطني للمهن السمعية البصرية اfلجزائر
العاصمة في الدورة الـ 25 لمهرجان قليبية لسينما الهواة التي ستنظم خلال
الفترة الممتدة من 10 الى 17 جويلية الجاري بفيلمه القصير"شعار الحائط"
الذي يصنف في النوع التجريبي الصامت ومدته 09دقائق 21ثانية يحاول مراد حيمر
من خلال هذا الفيلم إبراز قضية عندما يكون الفن وسيلة للمقاومة في ايادي
طفل بريء علما أنه يتناول القضية الفلسطينية.
افتك "شعار الجدار" العديد من الجوائز والتنويهات آخرها الجائزة التشجيعية
في مسابقة علي معاشي التي يرعاها فخامة رئيس الجمهورية كما افتك الجائزة
الثالثة بالمهرجان الدولي لافلام الطلبة بالدار البيضاء في المغرب كما شارك
خلال سنة 2010 في العديد من المهرجانات السينمائية منها: مهرجان الفيديو
القصير بفرنسا، المهرجان الدولي لافلام المعاهد بفرنسا، المهرجان الدولي
لافلام الفيديو التجريبية بمرسيليا، المهرجان الوطني للفيلم الامازيغي
الملتقى السينمائي لمدينة بجاية.
كما ستشارك العديد من أفلام الهواة بالدورة 25 للمهرجان الدولي لفيلم
الهواة بقليبية الذي من المقرر تنظيمها خلال الفترة الممتدة من 10 الى 17
جويلية 2010 بمسرح الهواء الطلق لهذه المدينة الساحلية الساحرة ليصبح
المهرجان اعتبارا من هذه السنة سنويا بعدما كان ينظم كل سنتين وجاء هذا
القرار بمناسبة مرور قرابة نصف قرن على تأسيسه والذي سيصادف بحلول العام
2014 ليسجل هذا المهرجان كأقدم مهرجان سينمائي بالوطن العربي وإفريقيا .
تشتمل دورة هذه السنة على العديد من الفعاليات منها المسابقة دولية وهي
مفتوحة لأفلام الهواة وأفلام معاهد السينما على اختلاف مصادرها وأنواعها
شرط ان لا تتعدى الافلام 30دقيقة والا يكون قد مضى على انتاجها اكثر من
سنتين. والقسم الثاني مسابقة وطنية مماثلة تهم بافلام الهواة والمستقلين
والافلام المنتجة من قبل نوادي ومعاهد السينما التونسية.
ستحتضن مدينة قليبية من 10 الى 17 جويلية 2010 محترفي الفيلم القصير وهواته
من تونس والعالم وذلك في اطار المهرجان الدولي لفيلم الهواة /الفيفاك/ الذي
بلغ هذا العام دورته الخامسة والعشرين واضحى من التظاهرات السينمائية ذائعة
الصيت في العالم
ومن المنتظر ان تستقطب هذه التظاهرة السينمائية اكثر من 1500 من هواة
ومحترفي السينما ووجهت الدعوة ل300 مخرج هاو ودارس للفن السابع ولا سيما
الفيلم القصير بغاية تبادل التجارب والخبرات في المجال وتم اختيار فيلم
"زواج بثلاثة وجوه" من الكوت ديفوار للمخرج المارتينيكي بيار لابا للافتتاح
لتميزه ورغبة من القائمين على هذه التظاهرة في التعريف بتطور السينما
الافريقية
وستتضمن الدورة الجديدة ضمن فعاليات المهرجان واقسامه عرض 43 فيلما قصيرا
ضمن المسابقة الدولية و25 ضمن المسابقة الوطنية الى جانب حصص خاصة لعرض
افلام مهداة الى كل من فلسطين والعراق ولبنان وكوبا والامارات العربية
المتحدة وتتكون لجان التحكيم هذا المهرجان من عدة أسماء معروفة لممثلين
وسينمائيين مثل فتحي الهداوي ومحمد دمق ومراد العمدوني من تونس واسماء اخرى
من الارجنتين وفرنسا والعراق
ويتضمن المهرجان ايضا عرض عدد من الافلام الحديثة الطويلة منها والقصيرة
الموجهة للطفل ويكرم المهرجان في دورته الجديدة السينما الارجنتينية بعرض
10 افلام قصيرة كما ينظم لقاءات مع نجوم الدورة مثل المخرج بابلو سيزار
ويذكر ان مهرجان قليبية هو تظاهرة سينمائية عريقة تنظمها الجامعة التونسية
للسينمائيين الهواة/ تاسست سنة 1962/ بالتعاون مع وزارة الثقافة والمحافظة
على التراث وعدد من السلط المحلية والجهوية وتتضمن مسابقتين الاولى دولية
وتقدم ثلاث جوائز هي الصقر الذهبي وجائزة لجنة التحكيم والتنويه الخاص الى
جانب ميدالية فضية واخرى برنزية
اما ضمن المسابقة الوطنية فيتم تقديم جوائز لافلام مدارس السينما واخرى
لافلام الهواة المستقلين فضلا عن الجائزة الخاصة للجنة التحكيم وجائزة أحسن
سيناريو واخرى لاحسن صورة وقد فازت بالجائزة الكبرى للمهرجان في دورته
السابقة السينما الايرانية بفيلم /بوم رانغ/ للمخرج داريو غريب
إيلاف في
11/07/2010 |