بعد غيابه سبع سنوات عن السينما منذ آخر أفلامه «أوعى وشك»، عاد المؤلف
مدحت
العدل بفيلمه «الديلر» الذي خرج الى النور أخيراً بعد عثرات
ومشكلات كان آخرها
تبرّؤ بطله أحمد السقا منه.
حول الفيلم وتفاصيله وسبب اهتمامه بعالم المافيا وأحوال المصريين في الخارج
وتقييمه لهذا العمل، تحدّث العدل في اللقاء التالي.
·
من أين استوحيت فكرة فيلمك
الأخير «الديلر»؟
من يوسف الشيخ، شخصية واقعية قابلتها خارج مصر ويجسّدها أحمد السقا في
الفيلم.
حكى لي الشيخ ظروفه وطريقة خروجه من مصر حيث لم يكن معه أي أموال وكيف تحول
تحت ضغط
الظروف من شخص عادي إلى «ديلر» مخدرات، فشكّلت قصته افتتاحية الفيلم، إذ إن
بعض
المصريين يسافر الى الخارج بطريقة غير شرعية وهو غير مؤهل
للسفر وبالتالي يتحوّل
إلى مجرم.
·
إلى أي مدى استمددت الشخصيات من
الواقع؟
الفيلم واقعي بنسبة كبيرة والشخصية الحقيقية فيه هي يوسف الشيخ، أما باقي
الشخصيات فهي من وحي الخيال لكنها موجودة في مصر لذا يمكن
اعتبارها واقعية
أيضاً.
·
ما سرّ اهتمامك بالمصريين
المغتربين في أفلامك؟
لأنهم يعكسون واقعنا، أي أن ظروفهم في مصر هي التي دفعتهم الى الهجرة لأن
البيئة
والعشوائيات لا يمكن أن يخرج منها إلا شخصيات عشوائية مثل علي
الحلواني ويوسف الشيخ
بطلي الفيلم. ماذا ننتظر من شخصيات تعيش بهذا الشكل وتعاني مشكلات كالبطالة
والفساد؟ هذه الأمور كلها تنتج منها في النهاية شخصيات مشوّهة.
·
ولماذا تتطرّق دائماً الى عالم
المافيا والعصابات؟
«الديلر»
أول فيلم كتبته يتحدث عن المافيا والعصابات، لأن فيلم «مافيا» الذي
قدّمته سابقاً كانت تسيطر عليه فكرة الانتماء ودور الأجهزة الأمنية في مصر
وكيف
يؤثر الانتماء في شخص خارج عن القانون ويحوّله إلى شخص إيجابي
مستعد للتضحية في
سبيل الوطن، لكن في «الديلر» نجد العكس حيث الوطن طارد للشخصيات التي كان
يمكن أن
تكون إيجابية لكنها تحولت إلى شخصيات خارجة عن القانون بفعل الواقع.
·
ما مصادرك التي تعتمد عليها عند
الكتابة عن هذه العوالم؟
أهتم بالقراءة، خصوصاً عندما أكتب عن تجارة المخدرات أو السلاح، وأشاهد
أفلاماً
تتحدث عن هذا العالم سواء وثائقية أو واقعية وأستمد منها قصصاً
حقيقية لتجار مخدرات
وغيرها من مصادر البحث.
في «الديلر» حرصت على لقاء أشخاص من المافيا في تركيا وهم سهلوا لي الوصول
إليهم، وبالفعل اكتشفت أنهم عكس الصورة الموجوده لدينا، إذ
إنهم رجال أعمال وأغنياء
ورواد في البرلمان ومعروفون في المجتمع ويملكون محطات تلفزيونية وليسوا
بعيدين عن
العين كما يتخيّل البعض.
·
لماذا اخترت تركيا وأوكرانيا
تحديداً ساحةً للأحداث؟
لأنهما أنسب بلدين تحدث فيهما مثل هذه الأعمال غير الشرعية، مثلاً لو اخترت
إنكلترا أو فرنسا أكون بعيداً عن الواقع، لأن المافيا فيهما
ليست نشطة. أما في
تركيا وأوكرانيا فالمافيا قوية وموجودة علنياً فضلاً عن أن تركيا هي أكثر
المناطق
التي تُعتبر ممراً لتجارة المخدرات.
·
هل تعمّدت إخفاء خالد النبوي
فترة من الأحداث كون مساحة دوره في البداية زادت
على مساحة دور أحمد السقا؟
حين أكتب لا أفكّر بهذه الطريقة. المهم لدي هو الدراما التي أقدّمها،
خصوصاً أن
النبوي كان موجوداً طوال الفيلم حتى في المشاهد التي اختفى
منها لأن الشخصية
الدرامية التي يقدّمها قوية وأعمالها السيئة تجعل الجميع يتحدّث عنها حتى
أثناء
اختفائها.
·
لكن البعض انتقد التحوّل المفاجئ
الذي طرأ على شخصية النبوي؟
كان لاختفاء النبوي ضرورة درامية، ذلك ليقتنع الناس بالشكل الذي ظهر به بعد
فترة
اختفائه إذ تحوّل من شخص وضيع إلى رجل مهم يخوض الانتخابات
الأوكرانية. ثم ليس
ضرورياً أن أوضح التفاصيل كافة كي لا أعرض الموضوع بشكل تقليدي وإنما بشكل
يحقق
المفاجأة للمشاهد وهذه هي طبيعة السينما، خصوصاً أنني زرعت في بداية الفيلم
ما يوضح
أن الشخصية التي يجسدها النبوي وصولية تعي جيداً طرق الصعود.
·
تشابهت مشاهد البداية في
«الديلر» بفيلم «إبراهيم الأبيض»، ما جعل السقا يطالب
بحذف هذه المشاهد، ما ردّك؟
صوّرنا «الديلر» قبل «إبراهيم الأبيض» وكان من الأولى حذفها من الثاني وليس
من
الأول، كذلك حين يندمج المشاهد مع الفيلم لا ينظر إلى التشابه
بل يركّز في الأحداث
والقصة. التشابه وارد بين الفيلمين لكنه يقتصر على مشهد التعارك بين
البطلين فحسب،
ولا يمكن أن أحذف مشاهد تخلّ بالدراما أو أعيد أخرى صوّرتها سابقاً، ولا
يحقّ للسقا
المطالبة بحذف تلك المشاهد.
·
هل ثمة مشاهد كتبتها وحُذفت من
الفيلم؟
لا أريد الحديث عن المشاكل التي اعترضت الفيلم لأنه ما زال يُعرض في
الصالات. قد
أوضح انتقاداتي عندما ينتهي عرضه وإلا سأجد نفسي أفعل مثلما
فعل السقا، لكن عموماً
أنا راضٍ عن الفيلم.
·
ما حقيقة ما تردّد من أن غضب
السقا سببه زيادة مساحة دور النبوي على دوره في
«الديلر»؟
السقا شخص محترم وأنا أعرفه جيداً فهو تربية «العدل غروب» وبدأ من عندنا،
ولا
يعترض على مساحة الممثل أمامه، بدليل أنه شارك مصطفى شعبان
وخالد صالح وغيرهما.
·
توقّفت فترة عن كتابة أغنيات
الأفلام، فلماذا عدت بأغنية «الديلر»؟
أغنية «طول عمرنا» التي تذاع مع الفيلم كتبها بهاء الدين محمد من دون علمي
ولم
تعجبني لأنها لا تحمل المعنى الذي أريد إيصاله، خصوصاً أنني
كاتب الفيلم وأعلم
جيداً ما يعبّر عنه، لذلك كتبت أغنية أخرى هي «لحظة ميلاد»، غناء أحمد سعد
ولحن
أحمد الحجار، لتكون أغنية الفيلم الرئيسة لكنّها لم تُذع، وهذه إحدى
المشكلات التي
واجهتها في الفيلم.
·
لماذا اخترت اسم «الديلر»؟
لأن أحد أبطال الفيلم «ديلر» مخدرات والثاني «ديلر سلاح»، ومن ثم فهو اسم
مناسب
وجيّد ويفهمه الناس.
·
تردّد أنك تحضّر لجزء ثان من «الديلر»
من بطولة خالد النبوي؟
هذا الكلام غير صحيح. أحضّر راهناً فيلماً آخر من بطولة النبوي، فأنا لا
أحبذ
صنع أجزاء أخرى من الأفلام مهما حققت نجاحاً وإيرادات.
·
ما سبب غيابك عن السينما طوال
هذه السنوات؟
لأن مفرداتها تغيرت في الفترة الماضية، ثم إن «الديلر» استغرق ثلاث سنوات
كي
يخرج إلى النور، كذلك انشغلت في كتابة المسلسلات التي تستغرق
كتابة الواحد منها سنة
ونصف السنة، فضلاً عن أنني لا أكتب عملين في الفترة نفسها.
الجريدة الكويتية في
02/07/2010
خطأ في تقدير النجاح أم ترويج؟
لماذا تبرّأ السقا من
الديلر؟
ما إن نزل فيلم «الديلر» إلى صالات العرض حتى فتح بطله أحمد السقا النار
عليه
وتبرأ منه علناً، معتبراً أن مشاركته فيه غلطة ندم عليها. هنا
تبرز علامات استفهام
كثيرة من بينها: ما الذي يدفع فناناً إلى فتح النار على عمل قبله بإرادته؟
هل يحقّ
له تشويهه وهو ما زال في صالات العرض؟ هل يعدّ ذلك خطأ مهنياً أم إشارة إلى
سوء
الاختيار، أم نوعاً من الترويج للفيلم؟
يستغرب مخرج الفيلم أحمد صالح تصريحات السقا، مشككاً في كونه أدلى بها بهذا
الشكل، لأن المشاهد المحذوفة والتي يزعم السقا أنها أفسدت
الفيلم ليست أكثر من مشهد
ونصف المشهد، وهي لا تتسم بالأهمية ولا يؤثر حذفها على الفيلم، خصوصاً أن
السقا هو
البطل، ومساحة دوره جيدة. وفي حال حذف بعض المشاهد على المؤلف أن يكون أول
المنتقدين لأنه كاتب السيناريو.
ينفي صالح ما يتردد من أن اعتراض السقا سببه زيادة مساحة دور خالد النبوي،
مشيراً إلى أن السقا هو البطل وبإمكانه اختيار الدور الذي
يريده، مبرراً إعجاب
الجمهور بدور النبوي لأنه شاهده بشكل جديد وليس لأن دوره أكبر.
يضيف صالح أن تبرؤ البطل من فيلمه يؤثر على الفيلم ويطيح بإيراداته، لكن
الأمر
اختلف بالنسبة إلى «الديلر» لأن الجمهور أعجب به وأثنى عليه
النقاد.
حادثة غير مسبوقة
يوضح السيناريست مدحت العدل أن تبرؤ السقا من فيلمه حادثة غير مسبوقة لأن
أحداً
لم يجبره على المشاركة فيه، وإذا كانت ثمة جوانب لا تعجبه فلا
يجب أن يهاجم الفيلم
في توقيت عرضه كي لا يضرّ به، موضحاً أن الأضرار التي تلحق بالفيلم في هذه
الحالة
ليست مادية إنما أدبية، بدليل أن «الديلر» حقق لغاية اليوم 12 مليون جنيه
وما زال
مستمراً، ما يؤكد نجاحه.
بدوره، يؤكد الفنان سامي العدل (المنتج المشارك في الفيلم) أن «الديلر» لم
يتأثر
بمثل هذه التصريحات لأن الجمهور يقبل على مشاهدة الفيلم الذي
يثير الجدل وأن الممثل
ينتهي دوره بانتهاء التصوير وليس من حقه التدخل في عمل المخرج، و{على من
يتبرأ من
عمله أن يعيد الأجر الذي تقاضاه».
خطأ مهني
يشير الناقد طارق الشناوي إلى أن ما ارتكبه السقا بشأن هذا الفيلم يعتبر
خطأ
مهنياً من الدرجة الأولى، بصرف النظر عن كون الفيلم سيئاً أو
جيداً، لأنه هاجمه
عمداً في بدايات عرضه.
يعزو الشناوي إقدام السقا على خطوته هذه إلى قرب عرض فيلمه «ابن القنصل»
الذي
يرى فيه قيمة أدبية أكبر من «الديلر» الذي لم يرضَ عنه. في هذا
السياق، يرفض
الشناوي وجهة النظر التي تؤكد أن التبرؤ من الفيلم سببه الترويج له.
في المقابل، ترى الناقدة ماجدة موريس أن تبرؤ الفنان من فيلمه وسيلة جذب
لمشاهدة
الفيلم الذي يتحدث عنه بطله بهذا الشكل، تقول: «الممنوع عندنا
مرغوب بدليل أن
الأفلام التي يكتب عليها «للكبار فقط» يقبل عليها الناس ولا يتوقف الصغار
عن
مشاهدتها».
تضيف موريس: «لا يجب أن يتبرأ النجم من أي عمل يقدمه لأنه يعتبر علامة في
تاريخه، لكن ما يحدث أن الفنان، عندما يجد أن نتيجة فيلمه
النهائية جاءت على عكس
توقعاته، يسعى إلى التبرؤ منه قبل أن يهاجمه الناس بدل أن يتعلم من تجربته
ويتجنب
أخطاءه في أعماله المقبلة، ثم ليس من حق الممثل التدخل في عمل المخرج قائد
العمل،
لأن حذف بعض المشاهد قد يكون في صالح الفيلم للحفاظ على إيقاعه وليس
للإضرار
به».
تجربة محمد السبكي
تعرّض المنتج محمد السبكي للأمر نفسه عندما تبرأت عبير صبري من فيلم «نور
عيني»،
علماً أنه نفى ما تردد في الصحافة بشأن تبرؤها من الفيلم
مؤكداً أنها غضبت من حذف
مشاهد لها.
يوضح السبكي في هذا المجال أنه ليس من حق الممثل التدخل في عمل المخرج أو
الاعتراض على حذف مشاهد له، يقول: «تبرؤ الفنان من فيلمه يؤثر
إذا كان البطل وليس
مجرد فنان مشارك في دور ثان، فإذا تبرأت عبير صبري من الفيلم لا يتأثر
الجمهور
ويستمر في الإقبال على مشاهدة البطلين تامر حسني ومنة شلبي، لكن إذا تبرأ
مثلاً
تامر حسني من الفيلم وأدلى بتصريحات ضده ستنخفض الإيرادات
ويتوقف الجمهور عن
مشاهدته لأنه يتأثر برأي النجم».
بدوره، تعرض فيلم «قاطع شحن» للمنتج سمير أمين للأمر نفسه عندما هاجمت
جيهان
قمري الفيلم وتحدثت عنه بشكل سيئ واصفة إياه بأنه «فيلم
كرتون»، كذلك هاجمه الفنان
شادي شامل. يرى أمين أن تبرؤ الفنان هنا لا يضر بالمنتج إطلاقاً إنما
بالفنان نفسه
الذي يخسر علاقاته مع المنتج والمخرج.
الجريدة الكويتية في
02/07/2010 |