على رغم تقديمه ثلاثة أفلام فقط خلال 10 سنوات، إلا أنه نجح مع كل تجربة في
تثبيت قدميه على الساحة ليس كمخرج فحسب بل كمؤلّف أيضاً. إنه محمد أمين
صاحب «فيلم
ثقافي» و «ليلة سقوط بغداد» وأخيراً «بنتين من مصر» الذي استعرض من خلاله
«ظاهرة
العنوسة» بوصفها إحدى أهم المشاكل الاجتماعية ليس في مصر وحدها إنما في
المجتمعات
العربية كلّها...
عن فيلمه الأخير «بنتين من مصر» والانتقادات التي وُجهت إليه، كان اللقاء
التالي.
·
لماذا أثرت مشكلة العنوسة
تحديداً في عملك الجديد «بنتين من مصر»؟
العنوسة لم تكن في بالي، الى أن تعرّفت إلى هذه المشكلة عن قرب، إذ إن
عدداً
كبيراً من الفتيات يتمتّعن بقدر كبير من الجمال والتعليم وعلى رغم ذلك لم
يتزوّجن،
ما دفعني الى أن أسأل نفسي: كيف نطالب هذا المجتمع بالتطور
و15 % من طاقاته
تشعر بالإحباط وعدم التحقّق إنسانيا؟ كما جاء على لسان إحدى
بطلات الفيلم، أي أن
الفيلم لا يرصد العنوسة بحدّ ذاتها إنما
النتائج المترتبة عليها.
·
لماذا ربطت العنوسة بالفتيات
فحسب، على رغم أن الإحصاءات الرسمية تؤكّد أنها
ظاهرة تشمل الجنسين؟
بالعكس، تطرّق الفيلم إلى عنوسة الفتيان من خلال ثمانية شباب تناولت قصّتهم
ومشاكلهم، ما يؤكّد أنني لم أتجاهلهم.
·
لكن البعض انتقد تقديم الفيلم
صورة العانس التقليدية، ما ردّك؟
ليس صحيحاً، فقد حرصت على التحليق بفيلمي بعيداً عن النمطية وصورة «العانس»
الكاريكاتورية في السينما المصرية التي لم تتعمّق في مشاعرها واحتياجاتها،
بعكس «بنتين
من مصر».
·
اختيارك بطلات جميلات لأدوار
العوانس كان سبباً آخر للانتقاد، فما رأيك؟
قصدت ذلك لأن العنوسة اليوم لا ترتبط بنسبة الجمال وهذا واقع يمكن تلمّسه
ببساطة، على عكس السينما سابقاً التي ربطت بين العنوسة والقبح بوصفه السبب
الوحيد
لعدم الزواج، وهذا ليس حقيقياً في العصر الراهن.
·
لماذا اخترت صبا مبارك وهي ممثلة
أردنية خذلتها اللهجة المصرية كثيراً ما حال
دون المصداقية، وهل صحيح أن فنانات كثيرات رفضن الدور الذي جسّدته؟
فعلاً عرضت الدور على أكثر من ممثّلة مصرية، لكن رفضن لانشغالهنّ بأعمال
أخرى،
ففكّرت في صبا مبارك كونها موهوبة جداً وتتقن اللهجة المصرية بشدّة وليس
كما تردد،
وحين عرضت الأمر على إسعاد يونس، منتجة الفيلم، وافقت وتحمّست لها جداً.
·
من يشاهد الفيلم يشعر بأن المرأة
المصرية لا تفكر إلا في الزواج والجنس، لماذا
قدّمت المرأة وكأنها لا تشعر بتحقيق ذاتها إلا في ظل الرجل؟
تحتاج المرأة الى الرجل كما يحتاج هو إليها، فكيف إذن لا يشغل بالها، وعلى
رغم
هذا كنت حريصاً على الابتعاد عن حاجات المرأة الجنسية وفضّلت التركيز على
الأمومة
والحب بوصفهما حاجات طبيعية. كذلك، حرصت على عدم تناول العلاقات الجنسية في
الفيلم
بشكل مبتذل على رغم أن فيه مساحات كبيرة تتيح لي تقديم مشاهد مثيرة كثيرة
تتوافق مع
الدراما، وأي مخرج آخر كان ليستغل ذلك وهذا ما رفضته.
·
لكن الفيلم احتوى على مشاهد
جريئة كثيرة، فلماذا لم تكتفِ بجرأة الفكرة فحسب؟
يحتوي «بنتين من مصر» على مشاهد جريئة لا ساخنة، وكلّها لها مدلول درامي،
أي أن
لوجودها ما يبرّره، وفي تصوّري لم تكن خادشة للحياء وأخف بكثير مما يُتداول
على
الفضائيات.
·
تردّد أن الفيلم واجه مشاكل
كثيرة مع الرقابة، فما حقيقة ذلك؟
بالعكس، لم تعترض الرقابة على أي مشهد، بل على جملة «المجتمع أصبح كافراً»
فحسب،
فاستبدلتها بـ{المجتمع أصبح فاجراً» بعدما اقتنعت بوجه نظر الرقابة.
·
لماذا جاء مشهد التعرّف إلى
ضحايا العبّارة في غاية من القسوة؟
قصدت ذلك كي يكون الفيلم وثيقة تاريخية تدلّ على فساد المجتمع ونوعاً من
الاحترام لمشاعر أهالي الضحايا.
·
ناقش الفيلم قضايا كثيرة، ما
أفقد المُشاهد التركيز، لماذا؟
لأن أحداثه تتتبع حياة فتاتين وثمانية رجال بكلّ مشاكلهم فأدى ذلك الى
ازدحام
الفيلم بالقضايا، وفي الحقيقة يحارب المواطن على أكثر من جبهة، ما يعني أن
«بنتين
من مصر» نموذج واقعي لحياتنا المليئة بالمشاكل والتي لا تحمل أي سعادة
حقيقية.
·
لماذا تفضّل دائماً كتابة
أفلامك؟
لأتحكّم في مجمل عناصر العمل أثناء التصوير سواء بالحذف أو بالتعديل ومن
دون أن
يعترض أحد على ذلك، على رغم أن كتابة فيلم تستغرق وقتاً وجهداً كبيرين.
·
«بنتين
من مصر» فيلم جاد ويرى البعض أنه لا يناسب توقيت أفلام الصيف، فلماذا
قبلت بعرضه في هذه الفترة تحديداً؟
أوافقك الرأي، لكن ثمة دوماً من يبحث عن الاختلاف.
·
ما تعليقك على البلاغ المقدّم من
أحد المحامين يتّهم فيه الفيلم بالفجور
والإباحية؟
سمعت عن البلاغ وأعرف أن من تقدّم به لم يشاهد الفيلم وإنما حكم عليه من
خلال «التريلر»
وبالتأكيد لو شاهده لعرف أنه على خطأ، لأن الفيلم ببساطة يحارب الرذيلة
ويدعو الى التمسّك بالدين.
·
أخبرنا عن أعمالك المقبلة.
بدأت بكتابة فيلم جديد يتحدّث عن طاقة المواطن المهدورة ومدى تأثيرها على
تقدّمه.
الجريدة الكويتية في
28/06/2010
اللمبي 8 جيجا...
مأزق محمد سعد
محمد بدر الدين
يعتمد محمد سعد في أفلامه على تقديم شخصيات بأسلوب كاريكاتوري بعدما لمس،
ربما،
أن قدرته على الأداء بمبالغات الكاريكاتور أكبر من قدرته على
أداء الإنسان
العادي.
لذلك نراه ينتقل في الأداء الكاريكاتوري من شخصية اللمبي، بداية شهرته وأول
ما
لفت إليه الأنظار، إلى شخصيات مثل: بوحة، كركر، بوشكاش، إلا
أنها لم تحقق نجاحاً
على غرار نجاح الشخصية الأولى التي بدأت في «الناظر»، ثم في «اللمبي» أول
بطولاته
واستثمرها في «اللي بالي بالك».
هذا الإحساس بالإخفاق لدى سعد، وعدم إقبال الجمهور على شخصياته الأخيرة،
دفعاه
إلى عدم تقديم فيلم في الموسم السابق والعودة في فيلمه الجديد،
«اللمبي 8 جيجا»،
هذا العام إلى كاريكاتور الشخصية الأولى، عله يستعيد نجاحه
القديم.
يشير العنوان إلى عملية جراحية أجراها طبيب للبطل، إثر سقوطه على الأرض في
معرض
موبيليات ونقله إلى المستشفى، يزرع خلالها شريحة إلكترونية
«بسعة 8 جيجا» في رأسه،
مجرِّباً اختراعه بمدّ العقل بمعلومات وقدرات أو حتى ملفات كملفات السجل
المدني!
هكذا أصبح البطل محامياً متمكناً وأحد
الجهابذة. لكنه لا يقبل، على رغم النجاح،
الاستمرار في هذا الأمر إلى النهاية باعتباره أحد أنواع الغش.
ما عدا ذلك وزواجه من مي عز الدين في الفيلم وحزنهما لعدم الإنجاب، يسيطر
التكرار على سيناريو تقديم «اسكتشات» ومحاولات الإضحاك عبر
إفيهات وحركات لسعد،
وبدا أن الشخصيات والمواقف لا هدف لها سوى مساعدته على ذلك!
الحقّ أن مأزق محمد سعد واضح، فهو يبحث عن مجرد النجاح، ولو باستعادة نجاح
قديم
وتذكير الناس به.
المشكلة أنه يبذل في ذلك جهده، حتى فكرة الفيلم الأساسية هو صاحبها، على
غرار ما
فعل في جوانب من فيلمه «اللي بالي بالك».
لكنه مع الأسف لا يبذل جهداً حقيقياً في ما قد يجلب له النجاح الحقيقي، وهو
تطوير الأفلام التي يقدمها وتحويلها إلى كوميديا بمفهومها
الصحيح، وليس نوعاً من
«الفارس»
شديد الغلظة، كما يقدم اليوم.
الكوميديا بمفهومها الصحيح فن راقٍ، يتطلب مجهوداً من نوع آخر، وهي في
جوهرها لا
بد من أن تعبّر، من خلال قالبها المرح الساخر، عن مضمون إنساني
مهم ورؤية متقدمة
للحياة، على غرار الكوميديا التي يقدمها الفنان أحمد حلمي، إذ يهتمّ،
فيلماً تلو
آخر، بالمضمون والفن لأجل الحياة والإنسان، ويحقق عبر الكوميديا الحقيقية
نجاحاً
واحتراماً باستمرار.
على العكس، يحصر نموذج محمد سعد نفسه في الإضحاك لمجرد الإضحاك، وهو أمر
قصير
العمر، هنا يكمن مأزقه المستمر!
حاول سعد في «اللمبي 8 جيجا» توظيف العناصر كافة للتأكيد على أنه ما زال
قادراً
على الإضحاك ومحتفظاً بنجومية جعلته في أحد المواسم يتفوّق في
الإيرادات على نجوم
الموجة التي أطلق عليها موجة المضحكين الجدد (1997 - 2006)، ولأن الهدف من
توظيف
عناصر الفيلم متواضع بل ضئيل، فقد بدا عمل الفريق فيه بلا قيمة فنية حقيقية
تذكر،
بدءاً من سيناريو نادر صلاح الدين إلى إخراج أشرف فايق.
برز فايق طوال الوقت بصورة المخرج المناسب للنجم المناسب، أي مخرج بلا رؤية
فنية
وإمكانات واضحة أو أفق، مخرج في خدمة النجم.
يعبّر فيلم سعد الجديد وأفلامه عموماً، عن مأزق نجم لا يخلو من استعداد
وتميز،
لكنه بلا طموح فني حقيقي، أو درجة من الوعي تبدع فناً قد يؤثر
ويعيش.
الجريدة الكويتية في
28/06/2010
عسل إسود والديلر... خارج لعبة المضايقات
الرقابة
الذاتية أرحم من مقصّ الرقيب!
رولا عسران
«بيدي
لا بيد عمر» شعار رفعه صانعو الأفلام المعروضة راهناً تحاشياً للوقوع
ضحية مقصّ الرقابة، فحذفوا بأنفسهم مشاهد قد تثير غضب هذه الأخيرة، هكذا
نجت
أفلامهم للمرة الأولى منذ سنوات من مضايقات الرقابة التي طالما
أزعجتهم...
اللافت أن صانعي الأفلام لم يفلتوا من الرقابة عبر اختيارهم سيناريوهات
نظيفة،
كما يفضل المتحفظون أن يطلقوا عليها، إنما بممارسة رقابة ذاتية
من خلال حذف مشاهد
قد تعترض عليها الرقابة، كأنهم يكسبون بذلك ودّ قسم الرقابة على المصنفات
الفنية
الجديد الذي يترأسه منذ فترة وجيزة الدكتور سيد خطاب.
في مقدمة هؤلاء، المخرج محمد أمين الذي تردد أنه حذف مشاهد من فيلمه «بنتين
من
مصر» رغبة منه في تخفيف حدّة الأحداث في الفيلم وليس خوفاً من
الاصطدام
بالرقابة.
ويقال إن أمين حذف مشاهد تتعلّق بممارسات أنثويّة شاذة، إضافة إلى حذف
ألفاظ
نابية بعد تصويرها.
إيقاع الفيلم
بدوره، حذف المخرج خالد مرعي مشاهد من فيلمه الجديد «عسل إسود» قبل عرضه
على
جهاز الرقابة، من بينها المشهد الذي يصل فيه البطل (أحمد حلمي)
إلى مطار القاهرة،
فينصحه صديقه بأن يضع يده على «السوستة» أي الحقيبة ليسهل مروره في المطار
من دون
تفتيش، وفي حال أصرّ الضابط على التفتيش عليه أن ينفذ الأمر سريعاً كي لا
يثير
الشكوك، فيتخيل حلمي أن صديقه يقصد «السوستة» الخاصة
بالبنطلون، فيفك أزراره أمام
ضابط التفتيش الذي يصرخ بأعلى صوته: «أستغفر الله العظيم، اللهم إني صائم».
ينفي المخرج خالد مرعي أن يكون حذفه للمشاهد جاد خوفاً من الرقابة، مرجعاً
السبب
الرئيس إلى الحفاظ على إيقاع الفيلم، يضيف: «حذفت مشاهد أخرى،
وبدأت عرضها على
مواقع الإنترنت كنوع من الدعاية للفيلم».
في هذا السياق، يؤكد مؤلف الفيلم السيناريست خالد دياب، أن «الرقابة لم
تعترض
على سيناريو الفيلم الأصلي ووافقت بكل ما يحتوي عليه، بالتالي
صورناه كاملا، لكن ما
فعله المخرج خالد مرعي كان لأهداف فنية بحتة لا رقابية».
يضيف دياب: «بعد مشاهدتي الفيلم اكتشفت أنني تعاونت مع مخرج محترف استطاع
أن
ينقل السيناريو الذي كتبته بأمانة شديدة».
رفض
حذف المخرج أحمد صالح مشهداً من فيلم «الديلر» (بطولة أحمد السقا وخالد
النبوي
ومي سليم) كان من المقرر أن تخلع فيه راقصة «ستربتيز» (مي
سليم) ملابسها بالتدريج
أثناء وصلتها في إحدى الصالات فيشاهدها حبيبها (أحمد السقا) بالصدفة وهي
ترقص،
واكتفى المخرج بتصويرها وهي ترقص بملابسها كاملة كأن حبيبها شاهدها قبل أن
تخلعها.
يذكر أن المشهد نفسه كان سبباً لرفض غادة عادل الدور، مؤكدة أنها لن تقدم
هذا
المشهد لأنه لا يناسبها.
هدوء رقابي
يكشف الدكتور سيد خطاب، أن أفلام الموسم الصيفي هذا العام مرت بهدوء شديد
ومن
دون ضجة مفتعلة من صناعها، لذا لم يضطر لحذف مشاهد، ولا يعرف
شيئاً عن المشاهد التي
حذفت لأنه لم يشاهدها أصلاً.
في النهاية، يلفت خطاب إلى ضرورة أن يتحلى صانعو الأفلام بالوعي ويدركوا أن
الرقابة ليست معادية لهم، بل تعمل للصالح العام لذا على الجميع
التعاون في خدمة
صناعة السينما.
الجريدة الكويتية في
28/06/2010 |