في تعقب المسيرة الطويلة لمخرج لا يهدأ ولا يستكين، ثمة احتمالات مشروعة
سرعان ما تطالعنا، لها أن تكون مفتوحة على مصراعيها، فإما أنه أصبح يكرر
نفسه بما يضعه في خانة عدم إضافته أي جديد على منجزه هو بالذات بمعزل عن
السينما بمفهومها العام، أو أنه يخطو إلى عوالم جديدة لم يختبرها من قبل
ولنا أن نعاينها معه مشاهدين بشغف وترقب، وفي احتمال آخر، فإنه (هذا
المخرج) بدأ يتراجع وعلى شيء يدفع للترحم على أمجاد ماضية له أن يعيش
عليها، لها أن تشكل مبرراً أو مغفرة ربما في الأيام الأخيرة لفنه.
حسناً هذا وارد بشتى أنواع الفنون، بل إن هذه اللعنة تطال المتلقي دائماً،
وفي انتقال إلى مستويات أخرى من الفن، فإن كاتباً «كبيراً» يكفي له أن يبقى
«كبيراً» مهما اقترف من رداءة، كذلك المخرج سينمائياً أو مسرحياً وغير ذلك،
الكبير الكبير مهما صغر ما يقدمه، إنها آلية لعينة يجب القضاء عليها بشتى
الوسائل التي تتنصر للإبداع، ولا شيء إلا الإبداع.
كانت مقدمة مسترسلة، وما ننوي أن يتبعها هو الحديث عن وودي آلن وجديده
You will
Meet a Tall Dark Stranger
(ستلتقي رجلاً غريباً أسمر اللون)، لكن لهذه المقدمة أن تكون تمهيداً لما
يحمله هذا الفيلم بوصف آلن لا ولن يتوقف عن إخراج فيلم كل عام، ولا جديد
تحت الشمس، من دون أن يدخل آلن نفق الرداءة، لكن وبالتأكيد دخل نفق التكرار
لأسلوبه الذي يشكل معبراً دائماً إلى عالم سينمائي لا يتغير، وللدقة في
تراجع أيضاً عن بريق ما كانت عليه ثرثرته السينمائية التي كانت تأخذنا إلى
مناطقه الخاصة، حيث الأزمنة الفردية معبر أبدي إلى أزمة تطال في العمق كل
من تكون أحاسيسه متقدة، ودائماً عبر السخرية الأداة الأكثر فاعلية في
مقاربة الحياة.
وودي آلن في جديده لا يظهر ممثلاً، هو الذي كان يكتب الفيلم ويخرجه ويمثله،
لا وجود لشخصيته التي يحرص أن تكون مرتبكة على الدوام ومتلعثمة تتلاطم في
بحر من الثرثرة المتضمنة خلاصات واقتباسات من كتاب وفلاسفة ومنظرين، طبعاً
هذا يشمل أغلب أفلامه الأخيرة وليكون «ستلتقي رجلاً غريباً أسمر اللون»
استكمالاً لما لنا أن نطلق عليه أفلام آلن اللندنية «نقطة الفوز» ،2005
و«سكووب» 2006 و«حلم كاسندرا» .2007
وليكون «سكووب» هو الفيلم الوحيد الذي ظهر فيه آلن ممثلاً من بين أواخر
أفلامه، ولعل تتبع مسيرة آلن ستوضح لنا أنه يخرج فيلماً كل عام، وهو يحرص
دائماً على القول «لا أعرف أن آخذ إجازة»، وقد بلغ الخامسة والسبعين من
العمر.
أدوات آلن في «ستلتقي رجلاً غريباً أسمر اللون» لم تتغير، لكن خف بريقها
بالتأكيد، ولعل هذا الفيلم الذي لا يبتعد عن عوالمه، سيكون على قدر لا بأس
به من البهوت، على الرغم من احتشاده بنجوم الصف الأول، بينما يركز الفيلم
على مصائر شخصيات كثيرة، تتفرع جميعاً من عائلة تبدأ من سالي (نعومي واتس)
وزوجها روي (جوش برولين)، فسالي تعمل في مجال الفن التشكيلي تحصل على فرصة
عمل في أهم غاليري في لندن، والذي يملكه غرغ (أنتوني بانديراس)، بينما
زوجها روي فهو كاتب حقق رواية واحدة مهمة، وها هو يعيش عجزه عن كتابة عمل
ثان يلقى القبول من الناشرين.
سيكون الحب كما في أفلام آلن من الأشياء المعقدة التي تذخر بها أفلامه،
ولعل مواصلة الحب أمر له من التعقيد لدى آلن ما يوازي الحب نفسه، وبالتالي
سيجد روي مخرجاً له من حياته مع جارته ديا (فريدا بينتو) بفستانها الأحمر
الذي تطل به من النافذة المقابلة لبيته، والتي تكون مخطوبة ووفق أصول
عائلية متأتية من أصولها الهندية، لكن سرعان ما تضرب عرض الحائط بكل شيء،
وتهجر خطيبها، وفي الوقت نفسه يخرج روي من مأزقه الإبداعي من خلال السطو
على رواية صديق له يحسب أنه سيموت من جراء تعرضه لحادث.
وفي خط درامي موازٍ تقع سالي في غرام غرغ لكن من طرف واحد، وهي تكتشف
علاقته المفاجئة بصديقتها الرسامة التي كانت تظن أنها تتوسط غرغ لكي يقبل
بعرض أعمالها في الغاليري.
وبما أننا في فيلم عائلي، فإن الحب سيكون أيضاً حاضراً في جيل آخر يجسده
والد سالي آلفي (انتوني هوبكنز) ووالدتها هيلينا (جيما جونز)، حيث سنقع
عليهما وقد انفصلا، وبمبادرة من آلفي الذي يكتشف في خريف العمر أنه لم يعش
كما يجب، ولم يستمتع بحياته بالقدر الذي أصبح فجأة يتوق إليه، وعليه يقع في
غرام عاهرة، ويستعين بحبوب الفياغرا، وينفق ثروة عليها وعلى متعه المستجدة،
لكن من دون أن ينجح في جعلها زوجة آمنة له، فهي سرعان ما تخونه بمجرد أن
يدير ظهره لها، وتضعه في مواجهات لم يعشها في مراهقته، أما زوجته السابقة
هيلينا، فإنها ستقع في حبال قارئة الحظ، الأمر الذي يبدأ به الفيلم، والذي
يكفي عنوانه ليحيلنا إلى نبوءة تكون على لسان قارئة الحظ، والتي تسير حياة
هيلينا على هواها، سواء على الصعيد الغرامي أو العائلي وصولاً إلى كل شيء.
ختاماً، يمكن القول لا جديد في جديد وودي آلن، ويمكننا تتبع الفيلم وهو
يلمع ويبرق بنجومه، خالياً من لمعات آلن التي عرف بها.
الإمارات اليوم في
28/06/2010
أفلام إماراتية في «أصيلة»
أبوظبي ــ الإمارات اليوم
تشارك الإمارات في فعاليات الدورة المقبلة من مهرجان «أصيلة» الثقافي في
المغرب من 10 إلى 28 من يوليو المقبل، في مختلف المجالات الفنية والأدبية
والثقافية، خصوصاً أن الجهة المنظمة اختارت الإمارات ضيف شرف الدورة
المرتقبة تقديراً لإنجازاتها الثقافية على مستوى المنطقة والعالم.
وتأتي المشاركة الإماراتية مع وفود أكثر من 45 دولة متنوعة وشاملة تغطي
مختلف الفعاليات، وتشمل أنشطة ثقافية وفنية وأدبية وفلكلورية.
وتأتي المشاركة لعدد من الفنانين الإماراتيين ضمن الوفد الرسمي للدولة، من
خلال معارض فنية متنوعة وبعض من أهم أعمالهم وورش عمل وندوات مختصة، فرصة
لإعطاء جمهور «أصيلة» متعدد الجنسيات والثقافات لمحة عما يتجدد في الساحة
الفنية الإماراتية، خصوصاً أنّ عدداً كبيراً منهم سيكون موجوداً ضمن
المهرجان وستتاح له الفرصة لتبادل الخبرات مع عدد من أهم فناني العالم.
وضمن معرض الفنون البصرية من يوليو يشارك في مهرجان «أصيلة» كل من
عبدالقادر الريس، جلال لقمان، مطر بن لاحج، خليل عبدالواحد، عزة القبيسي.
ويشمل برنامج ورش العمل مشاركة كل من: نبيل المحيربي، فايزة مبارك، إيمان
فهد، نعمة آل ثاني، خلود الجابري.
أما في دورة النحت بالمهرجان، فيشارك كل من الطلبة مها اليافعي من كليات
التقنية العليا، أمل الشحي من جامعة زايد، شرينة لوتاه من الجامعة
الأميركية بدبي. وتتميز مشاركة الفنان عبدالرحمن المعيني برسم حي خلال أيام
المهرجان، من خلال جدارية ضخمة تتوج مشاركته ورؤيته الفنية.
وتعرض خلال فعاليات المهرجان كذلك أفلام إماراتية عدة «بنت مريم، مساء
الجنة، فيلم حارسة الماء، جنة مريم، تنباك، مرايا الصمت، بنت النوخذة،
الخطة، وصولو».
الإمارات اليوم في
28/06/2010
«أنتيغون» برؤية فلسطينية وألمانية في رام الله
رام الله ــ رويترز
شهدت خشبة مسرح وسينماتك القصبة، مساء أول من أمس، عرضين مسرحيين لطلبة
أكاديمية الدراما الفلسطينية وجامعة فولكوانغ الالمانية كل على طريقته
للمسرحية الاغريقية «أنتيغون» نفسها.
وقال مخرج النسخة الالمانية للمسرحية اديوالي اديبيسي بعد العرض «الاختلاف
في العرضين يعود إلى الاختلاف في الاهتمامات. الفلسطينيون اهتموا كثيراً
باستخدام لغة الجسد في تقديم جزء من الواقع السياسي الذي يعيشونه، فيما
انصب التركيز في العرض الثاني الالماني على القضايا الانسانية، والتركيز
أكثر على اللغة».
وتعالج مسرحية «أنتيغون» للكاتب اليوناني سوفوكليس مسألة التمرد ضد نظام
الحكم القائم الذي يبدو مستبداً من خلال صراع بين أنتيغون المرأة التي ترفض
قرار الملك كريون بعدم دفن أخيها، لانه بحسب الملك لا يستحق أن يعامل
بكرامة ويدفن، إذ يمثل الشر، فيما يسمح بدفن اخيه الآخر الذي قتل معه، لانه
يمثل الخير، كما تتضمن المسرحية حديثاً عن قصة حب بين أنتيغون وابن الملك.
وتستعرض المسرحية أيضاً دور العرافين في ذلك الزمان وعلاقتهم بالحكام الذين
يؤمنون بما يقولونه لهم. وشاهد الجمهور ديكوراً مختلفاً في العرضين استخدم
في النسخة الفلسطينية سوراً خشبياً وجداراً من النايلون وممراً يشبه النفق
استغله الممثلون في أداء بعض الحركات فيما اكتفى الالمان باستخدام مجموعة
من المقاعد الخشبية فقط.
وكتب مدير قسم التمثيل بجامعة «فولكوانغ» فولكمار كلاوس في نشرة عن
المسرحية «خضع هذا العمل على مدى عصور الى تنوع واسع من الاداء المسرحي،
فقد تفاوت التركيز على المواضيع السياسية والدينية والعرقية وفقاً لزمان
ومكان العرض». ويضيف «ربما كانت المسرحية تعود الى الماضي السحيق، إلا انه
وأينما وجد المسرح يبقى الحاضر حاضراً لا يحتمل في ذلك استثناء، فالصراعات
الاساسية التي تقوم عليها أنتيغون بقيت عبر التاريخ تلبس ثياب الجديد وهذا
ما يصنع جودة العمل الكلاسيكي».
وقدم سبعة طلاب، بينهم طالبتان من أكاديمية الدراما على مدار ساعة العرض
المسرحي الفلسطيني الذي استخدمت فيه تقنية «الفيديو آرت»، إذ استخدمت خلفية
المسرح شاشة عرض كبيرة كان يظهر فيها الملك يلقي احدى خطبه، كما كانت تبث
صوراً للازهار عند الحديث عن الحب، وصورا أخرى لأسماك في مشاهد أخرى
والموسيقى، إضافة إلى لغة الجسد، ومشاهد عنف لم تتضمنها النسخة الالمانية.
وقالت الطالبة أميرة حبش التي جسدت دور بطلة المسرحية «انتيغون» بعد العرض
«نحن قدمنا العرض بأسلوبنا، ونعكس ما نعيشه من واقع وما فيه من عنف ضد
المرأة، ومن أوضاع سياسية صعبة، وانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وما
يصدر من قرارات من الحكام». وأضافت «كنا نلبس الزي الحديث في العرض
المسرحي، لأننا أردنا أن يعكس الواقع». وعلى مدار شهرين تدرب الطلاب بشكل
مكثف على هذه المسرحية التي أخرجت نسختها الفلسطينية المخرجة التونسية خولة
الهادف قبل تقديم مجموعة من العروض المسرحية في رام الله ومدينة بوخوم
الالمانية.
وكتبت خولة التي لم تحضر عرض الليلة قبل الماضية لوجودها في تونس «اذا كانت
مسرحية انتيجون تحمل مواجهات عدة بين مفاهيم مختلفة فإن المواجهة التي نقوم
بها تتمثل في وضع هذا النص الكلاسيكي في فضاء خيالي تنبع عناصره من تفاصيل
حياتنا اليومية. نحاول صياغة لغة مسرحية ذات خيارات وأبعاد فنية واجتماعية
وأخلاقية وسياسية متعددة».
يشار إلى أن أكاديمية الدراما الفلسطينية قامت قبل عام تقريباً بالتعاون مع
جامعة فولكوانج الالمانية، ويدرس فيها 12 طالباً وطالبة أنهوا عامهم
الدراسي الاول. وقال رئيس الاكاديمية المخرج والممثل الفلسطيني جورج
ابراهيم «مع هذا العرض الاخير لهذه المسرحية التي قدمت عروضا أخرى في
المانيا، تكون قد أنهت مهمتها في تعليم الطلاب وسيكون عرضنا المقبل احدى
مسرحيات الكاتب المسرحي والشاعر الانجليزي وليام شكسبير العالمية».
الإمارات اليوم في
28/06/2010 |