فى فيلمه الجديد «نور عينى» الذى كتب له السيناريو والحوار أحمد عبد
الفتاح. وأخرجه وائل إحسان لم ينجح تامر حسنى فى التخلص من عيوب أفلامه
السابقة وأهمها الطريقة التى تكتب بها السيناريوهات. لا اعتراض على أن يكون
المطرب محور الأحداث ولكن الاعتراض على أن ذلك يتم بشكل غير مقنع يختلط فيه
النجم بالشخصية التى يؤديها وتتوه الكثير من الخطوط لصالح خدمة خط البطل،
ويمتلئ الفيلم بالحشو والمشاهد المفبركة لكى يصبح تامر حسنى مطرباً
وكوميدياناً وعاشقاً وبطلاً للملاكمة ورجلاً مسئولاً وشاباً عابثاً فى نفس
الوقت!
الحكاية الأساسية فى الفيلم تتعامل مع تيمة تقليدية وهى صراع صديقين على حب
فتاة واحدة، ويضاف إلى الحكاية هنا أنها فتاة كفيفة اسمها «سارة» تلعب
دورها منة شلبى، ولكن لكى تصل إلى هذا الصراع نكون تجاوزنا ثلاثة أرباع
الفيلم، أما الأحداث السابقة فهى خليط عشوائى من أحداث مليئة بالحشو
والاستطراد، وتشغلها فى مشاهد كثيرة التعارف بين «سارة» الملِّحنة التى
تتلخص علاقتها بالموسيقى بالجلوس إلى بيانو وادعاء العزف عليه، ولدينا
«أحمد» الذى يطلق على نفسه اسماً فنياً هو «نور المصرى»?- وهو مغن شاب ينضم
إلى فرقة غنائية يقودها «د. سمير المصرى» «سعيد عبد الغنى».
وطوال النصف الأول تقريباً نستغرق فى مشاهدة مقالب «أحمد» للتعرف «بسارة»،
والذهاب معها إلى بيروت حيث سيغنى لها وسط الماء والخضرة، وفى هذا الجزء
أيضاً معاناة «أحمد» مع شقيقه الوحيد «إسلام». «الوجه الجديد إسلام جمال»
الذى قام بتحويل شقتهما إلى وكر لتعاطى المخدرات، وفى تلك المشاهد يرتدى «تامر
حسنى» زى الواعظ خوفاً على أخيه الذى يموت إثر جرعة مخدرات، وهى حكاية لا
علاقة لها بأى شىء سوى تأكيد الدور التربوى لمطرب الجيل.
فى الربع الأخير من الفيلم يتذكر السيناريست موضوعه الأساسى، ولكنه يلجأ
للمصادفة وللافتعال، «سارة» تترك أحمد غاضبة بسبب سوء تفاهم ساذج، وفجأة
تقرر إجراء عملية لاستعادة الإبصار حيث تلتقى بطارق صديق «أحمد» وسريعاً
يرتبطان بالخطوبة ويعودان بعد بعد أن استردت إبصارها، وطبعاً سينتهى الفيلم
بعودة «سارة» إلى «أحمد»مثل كل النهايات السعيدة.
حاول تامر أن يقدم نفسه فى انفعالات مختلفة ولكن الدراما نفسها لم تكن
مقنعة كما تذبذب أداء منة شلبى فى دور الفتاة الكفيفة، وبدا أن الفيلم خارج
سيطرة مخرجه «وائل إحسان» الذى لم ينجح فى تقديم أغان مصورة مبتكرة بعيداً
عن طريقة التصوير الفيديو كليباتية ?المعروفة.
مجلة أكتوبر المصرية في
20/06/2010
«بنتين
من مصر».. صريح كالشمس.. قاطع كالسيف.. وحزين كابتسامات
العذاري
!
كتب
محمود عبد
الشكور
هأنذا أعود مضطراً إلي العناوين الشاعرية المجازية في عنوان لمقال
عن فيلم سينمائي وهو أمر لا أفضله كثيراً، ولكني أجده ضرورياً
لكي أنقل لك انطباعي
عن فيلم كثيف وعميق ومؤلم وجسور يهز متفرجه من الأعماق مثل فيلم «بنتين من
مصر»
الذي كتبه وأخرجه الموهوب «محمد أمين»..
ورغم أنني أكتب هذا المقال بعد المشاهدة
بساعات طويلة إلا أن جسدي مازال يحتفظ بالقشعريرة التي احسست
بها داخل صالة العرض
اثناء متابعة الفيلم الذي سأضعه باطمئنان وبجدارة ضمن قائمة أفضل عشرة
أفلام مصرية
لموسم 2010 بل إنه أحد أفضل الأفلام التي قدمتها السينما المصرية خلال
تاريخها كله
بأي معيار ارتضيته: بالمعني الضيق لافلام المرأة حيث مشاكلها
كجنس يختلف عن الرجل،
أو بالمعني الواسع حيث تبدو أزمة المرأة انعكاساً لأزمة المجتمع بصفة عامة
ولأزمة
الرجل بصفة خاصة، ولولا أن «محمد أمين» كمخرج أقل كثيرآً من «محمد أمين»
ككاتب
سيناريو لانتقل الفيلم القوي والمؤثر إلي درجة أعلي، وأكثر
مكانة مما ذكرنا من
قبل.
قد يري البعض الفيلم مؤلماً وحزيناً، نعم هو كذلك، ولكنه الألم النبيل
الذي يكشف موضع الوجع، ويسهل طريق الشفاء، وهو أيضاً الحزن
الخاص الذي يشبه حزن
ابتسامات العذاري اللاتي تبحثن عن أبسط حقوقهن في عريس وبيت وأطفال وحياة
هادئة، قد
يختلف البعض أيضاً مع «محمد أمين» في رؤيته السياسية، ولكنه الاختلاف الذي
يحرك
الركود بدلاً من تلك الأفلام المشوشة ذات الرؤية الغائمة حيث
لا رأس ولا قدمين. هذا
فيلم صريح كالشمس في رؤيته، ومهما اختلفت حوله ومعه لن تفلت أبداً من
تأثيره وسطوته
وصدقه في التعبير والإفصاح.
قبل المشاهدة لم أكن مستريحاً لعنوان الفيلم
المباشر «بنتين من مصر» وبعد المشاهدة تأكدت أنه العنوان المناسب حيث يبدو
الفيلم
عن مصر وعن بناتها معاً. إنه ليس فقط عن مشكلة عنوسة البنات، وتأخر سن
الزواج،
ولكنه عن تلك الأحلام الضائعة، وعن حالة عامة من الكبت علي كل
المستويات وهي ذات
الفكرة التي عبر عنها محمد أمين ببراعة في أكثر أفلامه نضجاً قبل «بنتين من
مصر»
وهو العمل الناجح «فيلم ثقافي» ورغم أنه
اقترب من المعالجة الكوميدية لبعض مشاهد
فيلمه الجديد، إلا أنه لم يستطع أن يحول المأساة إلي ملهاة لأن
الوجع كبير، ولأنه
يريد أن يصدم النائمين، ويحذر الغافلين.
نجاح «محمد أمين» في «بنتين من مصر»
متعدد الأبعاد أولاً: نجح باقتدار في رسم ملامح بطلتيه: «حنان» (زينة)
أمينة
المكتبة في كلية الطب التي اختاروها الموظفة المثالية بينما هي
تشعر بالنقض لأنها
في سن الثلاثين ولم تتزوج. خطبت في سن السابعة والعشرين ولم يحدث نصيب.
أحلامها لا
تزيد علي هذا الرجل الذي تحبه. تشتري ملابس، وتكتب عليها التاريخ ثم تحتفظ
بها في
دولابها انتظاراً ليوم الفرح الموعود. احتياجها ليس جنسياً فقط
ولكنه عاطفي
بالأساس.
والبطلة الثانية ابنة عمها «داليا» (الممثلة الأردنية صبا مبارك)
التي تتعثر في إعداد الماجستير بسبب ضغوط البحث عن رجل. هي طبيبة تعرف
واجباتها،
ولكنها لديها الحلم المشروع بالزواج والاستقرار والاشباع الجنسي. تقول لا
أعرف كيف
أتقدم في عملي بدون هذه الاحتياجات الأساسية؟!
ثانياً: نجح محمد أمين ببراعة
أيضاً في رسم عدد كبير من الشخصيات المساعدة التي تستكمل صورة معاناة «حنان»
و«داليا»، هناك مثلاً هؤلاء العرسان موضع
الحلم وغاية البحث، وهناك الجارة العانس
التي تقدم بها العمر «طانط فريدة التي لعبتها ببراعة «سلوي
محمد علي» إنها المستقبل
السخيف لمن لم تتزوج حيث لا ابن ولا أنيس ولا جليس. وهناك زميلات «حنان» في
الجامعة
اللاتي تبحثن أيضاً عن عريس بعد سن الثلاثين. واللاتي تستمعن بشغف لتجربة
زميلتهن
في ليلة الزفاف، وهناك زميلات «داليا» في المستشفي وخاصة
الطبيبة «هويدا» التي
اختارت أن تشبع رغبتها مع زميلها في المستشفي، وأن تتخفي وراء ورقة زواج
عرفي.
وثالثاً: انطلق «محمد أمين» إلي خطوة أوسع وأكثر نضجاً حيث اعتبر أزمة
هؤلاء النبات مرتبطة بأزمة الرجال الذين قدمهم ضعفاء ومترددين
وباحثين عن السفر عند
أول لحظة. وإذا كانت النساء الخائفات من العنوسة تجتمعن للاعتراف أمام
طبيعة نفسية
فإن رجال الفيلم كانوا أيضاً جديرين بذلك: كان هناك تعمد أن تكون معظم
اسمائهم
«جمال»
في إشارة ربما لأنهم من مواليد مصر جمال عبد الناصر ولكن المعني الأكثر
عمقاً كما فهمته هو أنهم تقريباً تنويعات علي نغمة واحدة حيث يبدون أيضاً
خائفين
مثل البنات، الشخصية التي لعبها «رامي وحيد» يدعي القوة
والمعارضة، و لكنه متعاون
مع الأمن، وطارق ابن خالة «حنان» يسافر عند أول عقد إلي الخليج تماماً مثل
شقيقها «محمد»، وشاب آخر اسمه «جمال» يختار زميلة
«حنان» لأنها اصغر سناً، وهو يريد أن
يستمتع بعد شقاء وحرمان، و«عمرو» شقيق «داليا» الوحيد لا يعمل
شيئاً، وهو عاجز عن
افادة أسرته، بل ويتحول إلي عاجز فعلياً عندما يعود بعاهة من حادث غرق
العبارة.
وخالد ( الممثل الأردني إياد نصار) خائف من زوجته مستقبلاً، ويشك في
عذريتها قبل الزواج، ويحتاج بالفعل إلي طبيب نفسي، حتي الشخصية
التي لعبها «طارق
لطفي»، والتي تبدو الأكثر اتزاناً وقع في أزمة قروض للبنوك، ويسافر إلي
الخارج
تاركاً «داليا» بعد أن تعلقت به، ثم هناك النموذج الأهم وهو «جمال» الذي
لعبه
الرائع «أحمد وفيق» وهو شاب يخاف ان ينجب أطفالاً في وطن لم
يتحقق هو فيه، ولم يشعر
فيه بالاطمئنان.
وبهذه الخريطة الواسعة من العلاقات المتشابكة والمعقدة تبدو
مشكلة البنات جزءاً من مشكلة مجتمع بأكمله فقد القدرة علي
تحقيق أحلامه، والفيلم
الذي تتخلل أحداثه مشاهد الانفجار البخار في العبارة التي ستغرق بالشاب
«عمرو
وزميله (فلاش فورواد» ينتهي بنظرتين قاتلتين توجهما «حنان» و«داليا»
للكاميرا إثر
عرضهما علي عريس جديد جاء ليفحص ويختار، في هاتين النظرتين
التي لا أعرف لماذا لم
يتم اختيارهما للأفيش، الفيلم كله: إدانة ومهانة وفراغ وانتظار واحساس
بالضياع
وربما بذور رغبة في التمرد والتحدي، ومن يدري ربما تهرب «داليا» و«حنان»
إلي الخارج
مثلما فعل الرجال!
يتلاعب السيناريو الخاص والعام علي نحو جيد ومؤثر، هناك
لحظات إنسانية لا يمكن أن تمحي من الذاكرة: «حنان» تطلب ارضاع طفل فراشة
الكلية
لمجرد الشعور بالأمومة، داليا تبكي فرحاً لمجرد أن صديقها اللامنتمي الذي
لم تره
اهتم بأمرها، «حنان» تثور علي فحصها للتأكد من عذريتها وكأنها
جارية من الجواري، «داليا»
في انتظار وتوجهها قاتل لخبر العثور علي جثة أخيها ضمن ضحايا العبارة، «حنان» تبتلع صدمتها عندما يخبرها زميلها
بأنه يريد صديقتها ولا يريدها هي، «داليا»
تحترق وهي تتأمل بقايا النشوة علي جسد زميلتها «هويدا».
ولكن علي قدر براعة المشخصاتية جميعاً الذين لم يخذلوا «محمد
أمين» علي الإطلاق، ظلت مشكلة الفيلم في أنه فقير مصرياً.
لا أقصد هنا ثراء
الأماكن والديكورات، ولكن أقصد أنه الفيلم - خاصة في جزءه الأول - أخذ
طابعاً
مسلسلاتياً تقليدياً تنتقل فيه الأحاسيس والمشاعر بالكلمات لا
بالصور والتكوينات.
طبعاً كانت هناك استثناءات مثل استخدام «السلويت» في لقاء «حنان» وزميلها
في رحلة
الكلية، واستخدام الزاوية العلوية للقاء «داليا» مع عريسها «طارق لطفي»
لأول مرة
وكأنهما محام وإحدي المتهمات في سجن، ولكن ظل الطابع المسلسلاتي والتكوينات
التقليدية مسيطرة تدعمها تلك الحجرات المغلقة المقصودة بالطبع
تعبيراً عن ضيق عالم
الفتاتين.. كان واضحاً أيضاً البتر الخشن لبعض المشاهد (المونتاج مها
رشدي)، ولولا
تلك التفصيلات المقربة للتعبير عن معان جنسية مثل تناول الكرواسون في فم
زميلة
«حنان»،
أو حركة القلم في يد «داليا»، ولولا بعض القطاعات الذكية لصور الأطفال من
وجه نظر «حنان»، لكانت النتيجة مزعجة تماماً إذ لا يصح أن يكون الحوار وحده
هو
وسيلة التعبير في الفيلم تتكثف فيه المشاعر والأحاسيس إلي هذه
الدرجة، وقد انقذت
موسيقي «رعد خلف» كثيراً من المشاهد فجعلتها أكثر حرارة وتأثيراً.
أما
النجاح الذي لا جدال فيه، ويحسب تماماً لـ«محمد أمين» كمخرج فهو قيادة فريق
المشخصاتية الرائعين خاصة «زينة» و«صبا مبارك»، الأولي في أفضل
أدوارها حتي الآن
ومتفوقة علي دورها اللامع في «واحد صفر» ولا شك عندي أن الطريق مفتوح أمام
«زينة»
لكي تعبر بقوة عن بنات جيلها ببراعة
وبجرأة، أما «صبا مبارك» فهي صاحبة وجه جذاب
ولديها احساس عال، وسيكون لها شأن كبير في السينما المصرية إذا
حرصت علي الاختيار،
وعموماً فإن المنافسة علي أحسن ممثلة لعام 2010 ستثير الحيرة للاختيار بين
«زينة»
و«صبا» في «بنتين من مصر» و«بسمة في «رسائل
البحر»، و«عبير صبري» في «عصافير
النيل». الفيلم نجح أيضاً في التأكيد علي موهبة الأردني «إياد
نصار» كما قدم «عمر
حسن يوسف» في شكل جديد ولافت، وأعاد الاعتبار لثلاثة من الموهوبين الرائعين
الذين
هاجرتهم السينما أو لم تستغلهم حتي الآن وهم: «طارق لطفي» و«رامي وحيد»
والمدهش
«أحمد
وفيق» الذي أدي معظم مشاهده - وحيداً - ببراعة وباقتدار، بل إن أحد مشاهده
من
أجمل مشاهد الحب التي شاهدتها في السينما المصرية رغم أن الطرفين يتحدثان
في مكانين
متباعدين.
فيلم «بنتين من مصر» محاولة ناضجة للبحث عن أسباب إجهاض الأحلام،
والرغبة في الهروب. قد توافق مؤلف الفيلم ومخرجه، وقد تري
رأياً مختلفاً، ولكنك لا
تستطيع أن تنفي أنك أمام شاب موهوب مهموم بوطنه، وأنه اختار أن يقول كلمته
بجرأة
ومن خلال بناء صعب ويحاول ألا تعلو فيه صوت الفكرة علي صوت الدراما وأحسب
أنه نجح
في ذلك إلي حد كبير.
روز اليوسف اليومية في
20/06/2010
الشركة العربية تنفي وجود دعوي قضائية ضد الفيلم
كتب
ايه رفعت
بعد أيام من عرضه نشرت بعض الصحف أن أحد المحامين قام برفع دعوي
قضائية ضد صناع فيلم «بنتين من مصر» بتهمة الإساءة للفتاة
المصرية بالإضافة إلي
وجود العديد من الألفاظ والتصرفات الخارجة التي يتضمنها التريلر الذي يعرض
علي
القنوات الفضائية..
وأكد عبدالجليل حسن المسئول الإعلامي للشركة العربية
منتجة الفيلم أن الشركة لم تتلق أي أوراق رسمية بخصوص القضية.. وأضاف:
«الفيلم خال
تماما من أي إساءات وتم عرضه علي الرقابة أكثر من مرة ووافقت عليه دون
إبداء أي
ملاحظات»..
وقال: حتي لو كانت هناك قضية بالفعل فنحن نستطيع جيدا الرد عليه
لأن الفيلم لا يحتوي علي الإدعاءات المذكورة في كلام المحامي..
وهو في النهاية شخص
يبحث عن الدعاية الإعلامية لنفسه.
روز اليوسف اليومية في
20/06/2010 |