خرجت سيدة
الشاشة من عزلتها الاختيارية التي فرضتها علي نفسها منذ سنوات عندما وافقت
علي تكريمها من مهرجان »دبي« السينمائي العام الماضي، ودخلت كاميرا المصور
الكبير رمسيس مرزوق ڤيلا فاتن حمامة في القطامية لأول مرة لتسجل لحظات
تسلمها جائزة إنجازات الفنانين من عبدالحميد جمعة رئيس المهرجان، وكم شعرت
وأنا أشاهد هذا الفيلم القصير آنذاك- الذي لم تتحدث فيه سوي بكلمات قليلة- بمدي الاشتياق والحنين لهذه الفنانة العظيمة وافتقادنا
لطلتها الجميلة علي الشاشة،
ونبرة صوتها الحنون الذي يميزه القاصي والداني، وجال بخاطري للحظات فكرة
اختراق تلك العزلة.. لكني عدلت عن الفكرة واكتفيت بالاحتفاظ بهذا الحنين، وذلك الاشتياق لنجمتنا التي مازالت تحتفظ ببريقها ومكانتها
العظيمة في قلوبنا جميعا.. احتراماً لرغبتها في أن تتخذ مكاناً
قصياً في الركن البعيد الهادئ بلا ضجة ولا ضجيج!
والحق
أقول إنني لم أكن أتصور أن أحداً سينجح في اختراق هذا السياج الذي فرضته
بالقوة الناعمة، لكن الزميل العزيز مجدي الجلاد رئيس تحرير
»المصري اليوم« لم ينجح فقط في أن يعبر لعالم فاتن حمامة ويكسر جدار صمتها
الطويل! لكنه استطاع بمهارته الصحفية المشهود بها من الجميع أن يقدم لنا
الجانب الآخر من »وجه القمر« العقل اليقظ الواعي المتابع لهموم البلد وشجون
المواطن،
والإنسانة المصرية العاشقة لتراب الوطن وأبنائه،
وأتاح لنا قراءة المشهد السياسة ورؤية الواقع المصري بعيون
و»ضمير أبلة حكمت«،
ونعيش »يوم سعيد« مع فنانة تتمسك بــ»طريق الأمل« ولا تعترف بــ»الطريق
المسدود«، وترفض الإحباط والاستسلام، ونمضي ساعات جميلة مع امرأة تحلم بأن
يسود الحب والجمال الحياة، وتؤمن أنه لابد أن يكون هناك »يوم حلو ويوم مر«،
لكن المهم أن نظل نعشق الحياة ونتمسك بالأمل!
لم تتحفظ
فاتن حمامة علي أي موضوع ولم ترفض الإجابة علي أي سؤال، وبصدق وشجاعة ووعي تحدثت عن أداء الحكومة وتغيير الدستور،
والدكتور محمد البرادعي وجمال مبارك وما يحدث تحت القبة والفقر والتعليم
وزيادة السكان، وأزمة مياه النيل وغيرها من القضايا التي لم نكن نعرف رأيها
في كثير منها.
حقاً لقد
كان الحوار الممتع الذي أفردت له جريدة »المصري اليوم« صفحاتها أجمل هدية
من فاتن حمامة لجمهورها في عيد ميلادها..
لذلك أحيي الكاتب الصحفي مجدي الجلاد الذي عوَّدنا دائماً
علي انفراداته الصحفية، واستطاع خلال سنوات قليلة أن يجعل لجريدة »المصري
اليوم «مكاناً أثيراً في قلوب المصريين، ونجح في تأكيد نجاح تجربة الصحف
المستقلة بالمصداقية، والحرفية المهنية،
والحياد، والانحياز للقارئ دون سواه.
وأقول
لسيدة الشاشة: كل سنة وأنت طيبة، ودائماً تسعدينا عشاق فنك بطلتك الجميلة
وأتمني أن تكون هديتك القادمة لجمهورك هي عودتك قريباً بعمل جديد علي
الشاشة.
> > >
العظماء
لا يموتون حتي لو غيَّبهم الموت يظلون معنا أبد الدهر.. أقول هذا عقب
الخسارة الفادحة للأدب والفن والثقافة برحيل المؤلف والكاتب الروائي المبدع
أسامة أنور عكاشة،
الذي يعد بحق عميد الدراما العربية ونجيب محفوظ المسلسلات التليفزيونية
بعدما أثري الدراما العربية بالعديد من الأعمال التي وجدت طريقها إلي قلوب
المشاهدين.
لقد آمن
صاحب ملحمة »ليالي الحلمية«، و»المصراوية« بأفكاره الوطنية، وانحاز للإنسان
المصري البسيط دون سواه.. لم يداهن أحداً ولم ينافق مسئولاً، ولم يكتب
للسلطة بل كان يكتب للناس ويؤرخ لمصر والمصريين من خلال الدراما.. لذلك عاش
وسيبقي دائماً في قلوب كل الناس مبدعاً حقيقياً.. وعلي مدي سنوات طويلة رصد
بقلمه الذهبي الحساس مصر الأصيلة.. مصر الوطن والحب والأسرة..
مصر بأحلامها وهمومها ومشاكلها.. رصدها هذا الكاتب البارع في شخوص من لحم
ودم تتحرك علي الورق،
وتنطق علي الشاشة..
وكل مصري شاهد نفسه في أحد أعمال هذا المبدع الأصيل.
وطوال
أكثر من ثلث قرن مضي عودنا أن يهل علينا ويفرغ حقائب إبداعاته وحكاياته
الجميلة مع مطلع كل رمضان ، تلك الحكايات التي وضع الموت سداً
علي منابعها، ثم دق علي بابه بلا استئذان- ومنذ متي كان الموت يستأذن
أحداً؟!- ليعلن زائر الغروب ونذير الغياب عن أفول شمس كنا نظنها لا تغيب
ويحمله بعيداً الي حيث البقاء والخلود لينعم هو مع الشهد ويتركنا مع الدموع!
بدأ عكاشة
نشاطه وإبداعه منذ أواخر الستينيات حيث كانت مرحلة الإحماء قبل أن يبدأ
تألقه من خلال عملين يؤرخ بهما في عالم التليفزيون،
هما »المشربية« و»عابر سبيل« ليكتشف الناس منذ ذلك الحين- بداية النصف
الثاني من السبعينيات- أنهم أمام كاتب مختلف له سمات جديده لم يعهدوها من
قبل، ولم يمض كثير من الوقت حتي كانت الشهرة المدوية التي حصدها الرجل بعد
مسلسله المثير »الشهد والدموع« الذي أرَّخ فيه للوطن والحياة المصرية منذ
ما قبل ثورة يوليو وحتي السبعينيات، ومزج بهذا العمل وبعبقرية نادرة بين
الذاتي والموضوعي..
الاجتماعي
والسياسي, وقبل أن ننتهي من التصفيق لـ»الشهد والدموع«
إذا بعكاشه يهدينا رائعته الجديده »ليالي الحلمية« التي حولته- بحق وصدق- إلي ظاهرة وعلامة في
تاريخ الدراما التليفزيونية.
ازدحمت
»ليالي الحلمية« بمن كانوا وقتها نجوماً كباراً لا خلاف علي تميزهم،
وتفردهم، ولكن المسلسل كتب لهم ميلاداً جديداً ازدادوا من خلاله لمعاناً
وبريقاً، وتضاعفت بعده شهرتهم وأثناء ذلك وبعده توالت إبداعاته مثل »عصفور النار« و»الرايا البيضاء«
و»أبو العلا البشري«
و»البشري ٠٩«.. ثم كان لقاء السحاب التليفزيوني مع فاتن حمامة
في
»ضمير أبلة حكمت« ليضع عكاشة ما يشبه المستحيل أمام من يحلم بالتربع علي
عرش الدراما التليفزيونية، وإذا كانت عشرات- بل مئات- القنوات التليفزيونية
الفضائية أبرزت العشرات من أشباه الكتَّاب إلا أن أسامة ترك لنا الأمل في
أن يتخلص تلاميذه من هذا العبث، وتلك الحماقات التي نشاهدها الآن ليل نهار.
تفتحت
عيون أسامة أنور عكاشة علي العهد الناصري بأحلامه الجميلة، وعاش مثل كل أبناء جيله مرحلة الحلم القومي والاستعداد لغد
مشرق ثم دهسه قطار الأحلام الموؤدة التي اغتالتها مرارة النكسة..
هو بلا منازع خير من أرَّخ لتلك الفترة،
وكان شجاعاً بما فيه الكفاية ليعلن من خلال أدبه أن الديمقراطية هي الحل، وأن مصر لا تحتاج إلي الديكتاتور العادل،
فالديكتاتور أبداً لا يكون عادلاً!
وقد ترك
رائدان عظيمان أكبر الأثر في كتاباته، هما »أنطون تشيكوف« الذي أخذ منه
الرقة والوداعة والعداء
غير العادي للابتذال وظهر هذا أكثر ما يكون وضوحاً مع المعلمة »فضة
المعداوي« في »الرايا البيضا«، وقدم أسامة بسببه- مدركاً أو غير مدرك من
وجهـة نظره- ابتسامات القلب المكتئب.. أما الثاني فهو المؤرخ الأدبي لمصر
نجيب محفوظ والذي أخذ منه أسامة أنور عكاشه البناء المحكم لأعماله، وحذا
حذوه في كتابة ما يمكن أن نسميه رواية الأجيال، ويبدو هذا التأثير وذلك الشبه واضحاً
عندما نقارن بين ثلاثية محفوظ وليالي الحلمية علي سبيل المثال.
رحم الله
هذا المبدع العملاق الكبير.. الذي سيظل خالداً في الوجدان المصري بابداعاته
العظيمة.
> > >
الحاضر
الغائب
بعد رحلة
عذاب لأكثر من شهرين داخل سجون أصحاب العمائم
السوداء، قررت الحكومة الإيرانية الإفراج عن المخرج السينمائي جعفر بناهي
الحاضر
الغائب في مهرجان »كان« السينمائي الذي نجح في تسليط الضوء علي قضية المخرج
الإيراني ولفت أنظار العالم لتلك القضية الإنسانية، والضغط علي حكومة الملالي من
خلال تضامن كبار السينمائيين في العالم الذين طالبوا بإطلاق سراح هذا
المبدع الذي
انتزعت منه حريته لأنه أراد أن يمارس حقه في المعارضة!
وبعيداً
عن الأفلام
والجوائز- في رأيي- إذا كانت الدورة الثالثة والستين لمهرجان »كان«
السينمائي الدولي التي سلطت الأضواء علي العديد من القضايا السياسية
والاقتصادية
والاجتماعية، لم تحقق سوي هذا الإنجاز فإنها بذلك تكون ولاشك
من أفضل الدورات في
تاريخ هذا المهرجان العريق الذي طالما كانت له مواقفه السياسية والإنسانية
التي
جعلت منه أحد أهم الأحداث الفنية والثقافية والفكرية علي مستوي العالم
أجمع.
وبمناسبة
الكلام عن مهرجان »كان« فقد ظهرت أصوات تتحدث عن موضوع
مشاركة
الأفلام المصرية في مهرجان »كان« وأسبابها وخباياها، ولا أدري كيف
نتحدث عن مشاركتنا في مهرجان
»كان« السينمائي أو غيره ونحن عاجزون عن إنتاج
فيلم
للمشاركة في مهرجان القاهرة السينمائي؟!
أخبار النجوم المصرية في
03/06/2010
أيام زمان
تراث مصر الفني يبحث عن
باشخازن
موفق بيومى
وهانحن نهمل ماحوته الجدران بين جنباتها وماحنت
عليه الغرف بين أرجائها.. ماضمته البنايات التي
هجرناها وما تضمنته البيوت التي هجرتنا ناسين أن هذه الغرف
وتلك البنايات هي»ظرف المكان«
الذي يحويه التاريخ ويحتوي الذاكرة ويحفظ
تفاصيل الوقائع ويحتفظ بأرشيف ماجري ويضم دار محفوظات ماكان من داخل المكان
ومن خلاله ومثل الحامض النووي
DNA
يمكنك أن تعيد تركيب
- ومن ثم قراءة - تاريخ أي شخص. عائلة. مدينة، بل أمه بأكملها جميعنا ومهما
تفاوتنا والحافظ لمشاعرنا من حزن وفرح.. إخفاق ونجاح.. وكراهية وحب فما
بالنا بظرف مكان مصر كلها؟ إنه ليس ظرفا واحدا بل ظروفا متعددة تتناثر في
كل مكان ولكنها تصبح أوضح مايكون في بضع أماكن لاتقبل التأويل ولا تحتمل
الدجل حول أهميتها مثل القصور والسرايات الخديوية حيث عاش ملوك مصر وحكم
رؤساؤها.. ميدان الحسين - شيء لله يامولانا -
وخان الخليلي موضع تجلي عبقرية المكان وحمل إنبعاث رائحة
التاريخ وعبق التراث وحيث يتوحد المصريون ويتحولوا إلي اسطوانة بشرية مدمجة
في مولد
سيد الشهداء..
أزقة الجمالية وجوارب الغورية التي تكاد أن
تري فيها خيول المماليك وأن تسمع رنين سيوفهم وصهيل خيولهم..
عطفات الصليبة التي ان لم
تكلمك حوائط ومبانيها الحقيقة وتبوح لك
جمارتها بذكر ماجري وتنبئك بتفاصيل ما كان فهي في سبيلها أن تفعل.. حرم
منطقة مارجرجس الذي يلتقي داخل دائرته المسلمون والمسيحيون واليهود بلا
دعوة وبثلاثون من غير ترتيب مسبق في منتصف هذه المباني وبين تلك الأماكن
جميعا يقف متحديا الزمن وصامدا ضد فساد الادارات الهندسية والمحليات نوع
أخر من المباني التي تحمل توكيلا رسميا من التاريخ لتكون متحدثا رسميا
باسمه، إنها المباني التي تضم تراثنا الفني..
يطالعنا منها استوديو مصر.
بقايا ماتبقي من مجد عماد الدين وبريق الازبكية.
مانسيه المخربون وتجار الخردة في شارع محمد علي..
ماسقط من ذاكرة مندوبي امراء الخليج
وسماسرة اثرياء العصر الحديث والجزارين الذين تحولوا الي أصحاب
قنوات فضائية وشركات فنية فنسوا أن يكتسحوه في طريقهم من بقايا
أرشيف السينما المصرية...
المتبقي
- وكم هوقليل - لايختلف أثنان علي أنه دخل بالفعل في دائرة الخطر وهاهو
يدعونا أن نسأل أنفسنا عن كيفية المحافظة عليه
الاجابة السريعة التي تبادرت الي
ذهني هي تحميل هذا الشرف وتلك المسئولية الي واحدة من شركاتنا وكياناتنا
البنائية العملاقة التي يؤهلها تاريخها الي تبني فكرة انشاء مشروع متحف
معماري وارشيفي لتاريخ مصر السينمائي والفني علي وجه العموم مثل هذه
الكيانات والمؤسسات لديها قطاعات وافرع متخصصة في ترميم
وصيانة المباني والقصور الاثرية ويمكن لرجالها أن
يضعوا تصميمات مختلفة لهذا المتحف المصغر وينفذوا ماكينات مصغرة تعيد
تذكيرنا بقاهرة الزمن الجميل الذي ولي -
ومثل كل ماولي
- لن يعود.. اكاد أن أري في
قائمة شديدة الاتساع بأحد مباني احدي شركاتنا الكبري،
نموذجا ينبض بالحياة لشارع محمدعلي بمبانيه فرنسية الطراز باريسية البهجة
ونموذجا أخر لعماد الدين الذي كان السينمات والتياترات المقاهي والملاهي.
بقالات اليونانيين الافرنجية ومحلات السجائر والدخان التي امتلكها الطلاينه..
»كارتات« الهوانم وترام
العوام
كأنني أري ميدان الازبكية وقد علت مباني مسارحه إعلانات فرق الكسار وأولاد
عكاشة. اكاد أن اشم حق رائحة مياه النيل في ماكيت يحيي ذكري »كازينات«
روض الفرج.. غير بعيد من هذه التصميمات والماكيتات يطالعنا
أرشيف السينما المتبقي والذي سيتبرع به الهواة والورثة. عقد فيلم للست
اتفاق علي حفلة مع مطرب الملوك والامراء محمد أفندي عبدالوهاب..
سيناريو مسرحية كانت تراجعه فاطمة رشدي أويلقنه عزيز عيد.
مخطوطة أغنية لرامي خطاب كتبته منيرة المهدية..
صور أبيض وأسود تخص
»سي« نجيب الريحاني الشركة المنفذة لهذا الحلم -
باستثناء النماذج والقاعات -
لن تدفع شيئا بل ربما يتحول هذا المشروع الي مصدر دخل لها
وربما آن الآوان لهذه المؤسسات بعد أن نجحت في صد صواريخ اسرائيل وبناء
السدود وتعمير مدن »الكنال«
وبعث حياة في الصحاري،
ربما أن الآوان أن تحفظ التاريخ
مثلما بنت المستقبل لايحتاج الأمر سوي لرجل رشيد صاحب فكر وسيد قرار وجزء
من بناية. وليس أكثر.
أخبار النجوم المصرية في
03/06/2010 |