بدأ مشواره الفني في الأساس عن طريق "الغناء" استعدادا لتحقيق حلمه بأن
يكون مطربا بتقديمه ألبوما غنائيا .. إلا أنه لم يحقق النجاح الذي كان
يرجوه .. فاتجه بعدها الي التمثيل بعد أن اكتشفه المخرج الراحل حسام الدين
مصطفي الذي يدين له بالفضل في بداية مشواره الفني.. ليقدم بعدها مجموعة من
الأعمال السينمائية المتميزة مثل "الجاسوسة حكمت فهمي" و "قشر البندق"
و"فرقة بنات وبس" و"هروب المومياء". والعديد من الاعمال التليفزيونية آخرها
"لدواعي أمنية".. ليعود بعد غياب طويل ليطل علي جمهوره مرة أخري من خلال
شخصية "صلاح معارك" في فيلم "كلمني شكرا" وضابط المباحث الشرس في فيلم "تلك
الأيام" الذي عرض مؤخرا .. ولكن كضيف شرف"!!
·
كيف تم ترشيحك لدور صلاح معارك
في فيلم "كلمني شكراً"؟
** اتصل بي صديقي المخرج خالد يوسف وعرض علي الاشتراك بدور في الفيلم ..
والحقيقة أني تحفظت في البداية لأن مساحة الدور كانت صغيرة نوعا ما. لكن
خالد أصر علي وجودي في الفيلم.. وأقنعني أني سأكون بمثابة "ضيف شرف" وأنه
سيقدمني بشكل جيد. فتراجعت عن اعتراضي وبدأت في تحضير ملامح الشخصية.
والحقيقة أنه أوفي بوعده لي ولأفاجأ في النهاية بتأثير شخصية صلاح معارك
الكبير علي شخصيات الفيلم الأخري!
ولكن حجم الدور لا يقلقني بصورة عامة. فأنا أقدم الأدوار المؤثرة التي
أقتنع بها حتي ولو كانت مشهدا واحدا فقط.. والأهم في الأدوار السينمائية
طريقة تقديمك للشخصية نفسها ومدي تمكنك من ملامحها وليس كم المشاهد التي
تظهر بها.. وبصفة عامة كثير من الفنانين العمالقة كانوا يقبلون الظهور في
أفلام السينما بمشاهد قليلة جدا. بل وأحيانا يظهرون بمشهد واحد فقط.. وهذا
لا يقلل من قيمة الفنان.. ويكفي أن خالد يوسف قدمني بشكل جيد وجعل المشاهد
يتابع الفيلم وهو ينتظر ماذا سيفعل صلاح معارك!
سيناريوهات ضعيفة!
·
ولكن ما سبب ابتعادك عن السينما
طوال تلك الفترة .. ثم عودتك في دور الشرير؟
** كنت أتلقي عروضا كثيرة قبل صلاح معارك أجسد فيها دور البطولة ولكني لم
أقتنع بها .. وشعرت أن السيناريوهات المعروضة علي كلها ضعيفة .. ولذلك لم
أتحمس لتجسيد أي منها. الي أن عرض علي خالد يوسف المشاركة في كلمني شكرا
فوافقت .. خاصة أن الفيلم مكتوب بطريقة جيدة. وبه مجموعة من النجوم. ويخرجه
مخرج متميز قادر علي توصيل ما يريده بشكل مؤثر وجماهيري .. بل ويثير الجدل!
·
هناك من يقول إنك قبلت هذا الدور
كنوع من المجاملة لخالد يوسف .. فما هو تعليقك؟
** هذا كلام غير صحيح إطلاقا.. فكما ذكرت لك أني أقدم الأدوار التي أقتنع
بها. وأنا لن أقبل علي نفسي تقديم عمل للجمهور مجاملة للمخرج.. وإلا ما كنت
عملت الكم الكبير والمختلف الذي مثلته في حياتي الفنية كلها..!
·
معظم أفلام خالد يوسف تثير الجدل
بشكل كبير.. ألم يقلقك أن تعود للسينما مرة أخري من خلال ذلك الإطار؟
** خالد مخرج كبير. ويجب الاعتراف أنه حتي وإن كانت أفلامه تصنع المشاكل
إلا أنه يقدم في أفلامه قضايا هامة تحدث في مجتمعنا ويتناولها بشكل مختلف.
كما أن اختلاف الآراء حول الفيلم دليل علي مدي النجاح الذي يحققه وليس
العكس..
·
بعد نجاح صلاح معارك .. هل سنري
تعاونا جديدا مع نفس المخرج؟
** حتي الآن لم نتفق أنا وخالد علي المشاركة في فيلم جديد. ولكن من ناحيتي
أتمني أن أتعاون معه مرة أخري.. فهو مخرج كبير وله اسمه وحقق في فترة قصيرة
مالم يحققه غيره في سنوات طويلة.
·
وما أطرف التعليقات التي جاءتك
بعد الفيلم؟
أطرف تعليق جاءني من أحد المشاهدين بعد فوز المنتخب المصري علي المنتخب
الجزائري بأربعة أهداف نظيفة.. أن الجمهور الجزائري أخذ يردد بعد الخسارة
جملة "إحنا آسفين يا صلاح" .. وهي الإفيه الاساسي الذي كان في الفيلم.
·
وماذا عن دورك المشاكس في فيلم
"تلك الايام"؟
هو دور ضيف شرف ايضا.. وهو دور مراوغ كضابط مباحث قاس. تسبب في عقدة لبطل
الفيلم محمود حميدة في صباه. حيث كان يعذبه بقسوة وهو عكس ما يعتقده البعض
ليس فيه إدانة لأحد. لأن الشخصية معقدة.. وكذلك الشاب الذي يتعامل معه.. أي
أنها حالة شاذة في التعامل بين الناس. ويحتمل وجود هذا في أي مهنة. وفي أي
موقف.
·
وما الجديد في السينما ايضا؟
** الحقيقة أنني حتي الآن لم أقرر بعد ما هي الخطوة القادمة ولكن لا أنكر
أن نفسيتي اتفتحت للسينما مرة أخري بعد انقطاع لفترة.. خاصة بعد التأثير
الذي تركته من خلال المشاهد القليلة التي ظهرت بها هذا الموسم في فيلم
"كلمني شكرا" و"تلك الايام" .. واستقبال الناس لي بشكل طيب .. أشعر أن
المسئولية اصبحت أصعب وأني لابد أن أتأني في اختياراتي القادمة.. لأني
مطالب أن أقدم شيئا جديدا وينال استحسان الجمهور .. لذلك أعيد حساباتي مرة
أخري استعدادا للمرحلة القادمة.
·
وما الجديد في التليفزيون؟
** أشارك في مسلسل لرمضان القادم بإذن الله وهو "هز الهلال يا سيد" من
تأليف محمد جلال عبد القوي وإخراج سامي محمد علي .. كما أشارك في عمل آخر
مع المخرج عادل الأعصر.
·
ألم تفكر في العودة للغناء في
السينما بعد الهاري كاري في تفاحة؟
** الغناء لابد أن يتطلبه الدور أو الدراما.. أما غير ذلك فيعتبر حشا..
وعلي فكرة أعجبني جدا دويتو "الناس الريقة" لعدوية وعياش ونفسي أعمل زيهم!
الجمهورية
المصرية في
13/05/2010
ليل ونهار
تلك الأيام!!
محمد صلاح الدين
يقول الحق جل وعلا: "وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين
آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين" .. وتداول الأيام ما بين
صعود وهبوط بين البشر الهدف منه هو الاختبار. خاصة حين تصل الي مراتب عليا
في السلطة. وتكون في يدك مقادير الناس ومصائرهم .. ومع ذلك تركن الي الظلم
الممقوت!!
وفيلم "تلك الايام" فضل مخرجة الشاب أحمد غانم أن يبدأ مشواره مع الإخراج
برواية لوالدة الأديب الكبير الراحل فتحي غانم.. ولم لا. والولد سر ابيه .
ومن شابه أباه فما ظلم.. وأبوه تأثر بالآية القرآنية واتخذها مدخلا للكلام
عن الظلم والظالمين.. وأبوه من محترفي السياسة كما كان من أكبر محترفي لعبة
الشطرنج في مصر!!
وللأسف لم ألحق به بالطبع عندما كان رئيسا لتحرير "الجمهورية" في نهاية
الستينيات. ولكنني تشرفت بمعرفته عن قرب في بداية الثمانينات. ولمست حرصه
علي هذا البلد وشغفة بنقاء السلطة والحكم . وكان مجرد كاتب لمقال اسبوعي
بعد العديد من المناصب الصحفية. ولكن تظل رواياته من أول "الجبل" ومرورا ب
"الرجل الذي فقد ظله" و"البحر" و"زينب والعرش" و"تلك الايام" وغيرها من
روائعه علامات فارقة في أدبنا المعاصر!.. الغريب في رواية "تلك الايام"
بالذات أنها نشرت مسلسلة في المجلة في وقت ما يسمي "بعصر الحريات" ولا يوجد
رقيب علي الصحف .. ومع ذلك كان يحذف منها في كل حلقة "شيء وشوية" . حتي بلغ
عدد الصفحات المحذوفة ما يقرب من سبعين صفحة. في سابقة لم تحدث حتي مع
"أولاد حارتنا" أو "ثرثرة فوق النيل" أو أي عمل معارض نشر في ظل وجود
رقابة!!
إننا نري الشخصية المحورية للأستاذ الجامعي د. سالم عبيد "محمود حميدة" وهم
يقيمون له تمثالا أمام بيته لحصوله علي جائزة كبري .. هو رجل وصولي ولديه
علاقات كثيرة في الحكومة . وكثيرا ما يكون أداة للتغطية علي أحداث بعينها
لما له من شهرة. وكذا توصيل فكر معين للطلاب وطبعا لقرائه في الصحف
والمجلات بل ولمشاهديه علي الفضائيات.. لذلك فهو مرشح لمنصب وزير!..
يستعين الرجل بضابط شرطة شاب مستقيل من عمله يدعي علي النجار "أحمد
الفيشاوي" ليساعده في تأليف كتاب جديد وإمداده بمعلومات عن تجاربه السابقة
في مكافحة الإرهاب.. ويدخل هذا الضابط لحياته المخبوءة ليكتشف اهوال بعد
أهوال عن عالم السلطة والنفوذ. ويجد نفسه وهو الذي شهد حوادث عنيفة أثرت
سلبيا علي نفسيته. أهون بكثير من حياة هذا الرجل الرغدة!!
فالاستاذ الكبير يتعامل مع زوجته "ليلي سامي" التي تزوجها فقيرة ويساعد
أهلها بعد أن أبهرهم بالمال والنفوذ . يتلاعب بها وبمقدارتها وكأنها
ماريونيت خيوطها كلها بين أصابعه مثلما يتعامل في عالم السياسة.. وتتكشف
أقنعته قناعا تلو الآخر حتي في علاقته بأمه "صفية العمري" التي تعرف
وساخاته وتتستر عليها.. الي أن يقع في "فخ فضائي" اعتقد فيه أنه ماهر
"كصياد" يعرف كيف يحوم علي فريسته ليقضي عليها.. إلا أن الله أدال عليه
الأيام والمواقع والظروف . ليجد نفسه هذه المرة "فريسة" وعلي الهواء مباشرة
يتم القضاء علي مستقبله السياسي بالكامل!!
برع المخرج الشاب في استخدام أدواته بشكل حرفي متعدد المستويات.. فقد
استخدم الفلاش باك لربط الاحداث بشكل تدريجي بما يظهر لنا المعلومات تباعا
وكأننا في فيلم بوليسي. وهي مهارة من كاتبة السيناريو علا عز الدين ايضا.
كما كانت ادارته لحركة الكاميرا والممثلين بارعة.. حتي أنه وظف الإضاءة
توظيفا دراميا بليغا بمعاونة المصور أحمد عبد العزيز.. وكذا مونتاج أحمد
داوود في القطع المتوازي.. وجاء التشكيل في الكادرات وتكويناته جماليا
ورمزيا معا. خاصة في استخدام قطع الشطرنج ورقعتها وهو ما يعني الكثير في
عالم السياسة!!
لذلك لا عجب أن يقول الرجل بملء فيه: "إن الخسارة في السياسة لا تعويض فيها
لأنها تعني الموت" .. أي ساحة حرب وطبعا لها ضحاياها!!
Salaheldin-g@hotmail.com
الجمهورية
المصرية في
13/05/2010 |