فرضت الدراما المصرية نفسها علي الفضائيات فتم استقطاب نجوم الصف
الأول، السوري بدءاً من جمال سليمان وتيم الحسن وأيمن زيدان وباسم يخور
وسلاف
فواخرجي وسوزان نجم الدين إلي الدراما المصرية بعد أن فرضت نفسها علي
الفضائيات حتي
عباس النوري اعتي أعداء الدراما المصرية الذي رفع الراية البيضاء وحضر إلي
القاهرة
للمشاركة في بطولة مسلسل «سقوط الخلافة» حيث يجسد شخصية السلطان عبدالحميد
آخر
سلاطين الدولة العثمانية في العصر الحديث، ويبدو أن ذلك قد أثار نوعاً من
الإزعاج
الشديد لأن هروب نجوم الصف الأول إلي الدراما المصرية يحمل معه إضعافاً
لمستوي
المسلسلات السورية التي وجدت نفسها مطالبة بالاعتماد علي نجوم الصفين
الثاني
والثالث لأنها لا تستطيع أن تؤمن المبالغ الضخمة التي يطلبها النجوم
الفارون إلي
مصر.
كما أنها تعتمد أساساً علي العروض المادية المتواضعة التي تحصل عليها
من الفضائيات ونتيجة الوقوع في هذا المأزق حاولت شركات الإنتاج السورية
إرضاء
النجوم السوريين الكبار علي حساب النجوم الآخرين مما خلق نوعاً من الضجر
نتيجة
التفاوت في معدل الأجور وانعكس ذلك بالسلب علي حالة الأعمال الدرامية
السورية
نفسها، لأن الممثل يشارك في أكثر من عمل بغض النظر عن جودة الأداء وعوامل
دراسته
واتفاقه وقد أكد النقاد السوريون أن زحف النجوم السوريين نحو الدراما
المصرية خلال
هذا الموسم قد يعرض الدراما السورية لانتكاسة كبيرة وهزة عنيفة لا يمكن أن
تتحملها
وربما تلقي بها إلي «الهاوية».
النوري.. الممثل الذي قال لا لمصر
ثم ارتمي علي عتباتها
عباس النوري تخلي عن الحرب الإعلامية التي
شنها ضد الدراما المصرية منذ عدة سنوات وتناسي تصريحاته اللاذعة التي أكد
فيها أن
الذهاب إلي مصر لا يعني شيئاً علي الإطلاق، ولم يكتف بذلك بل وجه انتقادات
حادة
لأهم المسلسلات المصرية في ذلك الوقت وأهمها «ليالي الحلمية» مشيراً إلي
ضعف
مستواها بجانب الدراما السورية، وواصل هجومه ضد رموز هذه المسلسلات إلا أنه
ركز علي
رفضه التام والمطلق لمسألة المشاركة في أي مسلسل مصري وقال «إذا كانت
القبلة
المصرية هي القبلة الوحيدة للصلاة فأنا أول الكافرين» ولكنه تراجع عن جميع
مواقفه
العدائية وبدأ يستوعب أبعاد التغير المطروح علي الساحة الفنية وأكد أن
ذهابه إلي
مصر يأتي من اقتناعه بأن المشاركة وحدها ليست مهمة بل الهدف هو ماذا سيحقق
في مصر
من خلال مسلسل «سقوط الخلافة» مما جعل النقاد السوريين يفكرون في كلامه وهل
يقصد به
أبعاداً سياسية تشير إلي تغير مواقع النفوذ والسلطة الحضارية في الشرق
الأوسط أم
أنه يقيم مشاركته الفنية في الدراما المصرية؟ مرجحين أنه يميل إلي تبييض
وجهه ليبرر
حالة الانتقال من الرفض التام للفن المصري إلي حالة أخري وهي الارتماء في
أحضان
الدراما المصرية، وعباس النوري محظوظ لأنه سيدخل إلي الدراما المصرية من
بوابة
اللغة العربية الفصحي ولن يقع مثل جمال سليمان أو أيمن زيدان في مأزق
اللهجة
المصرية التي تكشف الممثل السوري ولا يجيد التعامل معها إلا ممثل يتميز
بقدرات غير
عادية مثل تيم الحسن.
ثلاثة عوامل تجذب الممثل السوري .. الأجر العالي..
الانتشار.. التنوع الدرامي عباس النوري أكد أنه اضطر إلي دخول ساحة الدراما
المصرية
وفق شرط فني محكم وهو العثور علي الدور المناسب إلا أن النقاد السوريين
أنفسهم
أشاروا إلي أن لجوء الممثلين السوريين إلي الدراما المصرية يأتي لأسباب
تجارية من
أجل اللحاق بيحيي الفخراني ويسرا ونور الشريف وهم المثلث الأعلي أجراً في
المسلسلات
المصرية، لكن هؤلاء تناسوا الفارق الشاسع في التاريخ الفني والرصيد الهائل
من
النجومية وهو الأمر الذي لا يحدده الانتقال من المسلسلات السورية إلي
المسلسلات
المصرية بل يخضع لعوامل أخري لا يمكن التغاضي عنها، صحيح أن الدراما
المصرية قد
أصبحت عامل جذب لكل النجوم في العالم العربي وهذا الأمر تقف فيه الأجور
كحجر زاوية
لأن المنتج المصري يرحب بالفنان السوري الأقل أجراً من نظيره المصري
والفنان السوري
يري أن وضعه في الدراما المصرية أفضل حالاً من الدراما السورية من ناحية
الأجر
وتحقيق الانتشار الجماهيري إلا أن ذلك يضعه في القائمة السوداء في سوريا.
92%
من السوريين يرفضون الدراما المصرية للتباين السياسي
أجرت مجلة «الدراما المصرية» علي الإنترنت استفتاء لمعرفة رأي الجمهور
السوري في مسألة ذهاب الممثلين السوريين إلي الدراما المصرية وكانت النتيجة
هي رفض 92%
من السوريين لهذا الأمر وأوضح 42% منهم أن سبب الرفض يرجع لمقاطعتهم
الأعمال
الدرامية المصرية علي أساس التباين الشديد في الخلفية السياسية، بينما 39%
أكدوا أن
سبب الرفض يرجع لاعتبارهم أن المسلسلات الدرامية السورية هي الأفضل وحدد
19% سبب
الرفض في أن المسلسلات المصرية لها أهداف غير فنية والمقصود بالعبارة
الأخيرة تحقيق
هيمنة الثقافة المصرية علي العقل العربي، أما 2% فأكدوا أنهم يرفضون ذهاب
الممثلين
السوريين إلي مصر بسبب اتهامات جارحة ضد الكيان المصري بصفة عامة وقد حلل
البعض هذا
الموقف بأنه صدي طبيعي لما تردده وسائل الإعلام السورية ضد الدور المصري
علي مستوي
السياسة في المنطقة العربية علي عكس الحقيقة ففي الوقت الذي بذلت فيه مصر
كل ما
تملك من أجل القضية الفلسطينية وقف الكيان السوري عاجزاً عن تحرير الجولان
أو
التحرك فعلياً لإنقاذ دوره السياسي الراكد وتبييض وجهه سياسياً.
الاستفتاء نتاج لسياسة عزل المشاهد السوري في اطار التوجهات
الرسمية
الاستفتاء المشبوه لا يمكن أن يكون بعيداً عن أيدي
المؤسسة الثقافية السورية التي وظفته بشكل خفي ليخدم أغراضاً سياسية رغم أن
موقع
الدراما السورية يؤكد أنه موقع حر لا يخضع لأية جهة أو شركة إنتاج إلا أن
التركيز
علي التشكيك في المسلسلات المصرية لأسباب غير فنية هو أمر أكبر من قدرات
المشاهد
العادي لذلك لم يكن مجدياً أن يتم كتابة تحية للجمهور السوري ووصفه بأنه
أمهر من
المحللين والنقاد في تقييم الأعمال الفنية المصرية.
التحليل الدقيق لهذا
الاستفتاء لا يخرج عن سياسة العزلة التي يفرضها النظام السوري علي
المشاهدين ليظل
رهينة لتوجهاته الرسمية فالمقاطعة في حقيقتها مقاطعة رسمية في حين أن مصر
اتاحت
فرصة عرض المسلسلات السورية علي قنواتها الأرضية ورحبت وما زالت ترحب بكل
نجوم
الدراما السورية وآخرهم عباس النوري الذي إن كان قد حمل علي عاتقه مهمة
تشويه
الدراما المصرية إلا أن مصر لا تغلق أبوابها في وجه أي فنان بل تحتوي كل
موهبة
عربية لذلك ترتفع بمكانتها وليس بوجهات النظر التصادمية كما أن ريادة
الدراما
المصرية أمر واقع والسبب الخفي فيه ليس توجيهها لأسباب غير فنية كما يدعي
الاستبيان
بل بسبب روح الإبداع الحر الذي لا تقيده التعليمات الرسمية.
الاستبيان أكد فشل الدراما السورية في احتلال المكانة
المصرية
ومن مفارقات القدر أن يعيب الاستبيان علي المسلسلات
المصرية من خلال القول أنها تقدم لفرض الريادة المصرية مع أن الدراما
السورية تجتهد
لاحتلال هذه المكانة منذ 20 عاماً ولم تحقق شيئاً ولم يتحمل المشاهد العربي
المسلسلات التاريخية السورية التي تم حشوها بالاسقاطات السياسية كأنها
مجموعة من
الاسكتشات الأكاديمية داخل جدران الجامعات دون أن تتحلي بالانطلاق والحيوية.
المهم فوق ذلك كله أن الاستفتاء يتضمن أسباب ضعفه وفشله لأن جميع النتائج
التي توصل إليها بقطع الطريق علي الممثلين السوريين لمنعهم من الهروب إلي
الدراما
المصرية منذ عام 2008 حتي الآن ذهبت أدراج الرياح ولم يعد هناك نجم واحد من
نجوم
الصف الأول إلا وزار قبلة الفن المصري من خلال عمل فني أو مسلسل درامي،
وهذا يعني
أهم نتيجة علي الإطلاق هي أن الدراما المصرية لا تتراجع وإنما الدراما
السورية هي
التي فقدت نجومها وأصبحت تعاني من مرحلة احتضار فني لأنها لن تستطيع أن
تواصل
تقدمها مادامت تتحرك بوجهة النظر الحالية.
والآن وبعد هذه النظرة التشريحية
التي تثبت تلاعب الأصابع السياسية السورية بأصداء الاستفتاءات الفنية، بات
مؤكداً
أنه لم تعد هناك جهة يمكن أن تزحزح الريادة المصرية عن مكانتها.
روز
اليوسف اليومية في
06/05/2010
العراق في السينما والسينما في العراق
الدوحة شاهدت "بيوت في ذلك الزقاق" و"يوم آخر"
ضمن الأسبوع الثقافي العراقي الذي استضافته احتفالية الدوحة عاصمة الثقافة
العربية لم يتح للجمهور في قطر إلا مشاهدة فيلمين عراقيين فقط هما "بيوت في
ذلك الزقاق" من اخراج قاسم حول عام ١٩٧٧ و" يوم آخر" من اخراج صاحب حداد
عام ١٩٧٩ وكان من المفترض ايضا ان يعرض فيلم ثالث هو فيلم "السيد المدير"
لكن سوء حالة النسخة حالت دون عرضه.. ولم يتح هذا الاختيار وهذا العدد
المحدود من الافلام للجمهور في الدوحة الاطلاع على نماذج كافية تعطي لمحة
شافية لمسار السينما العراقية التي بدأت في انتاج الافلام الروائية منذ عام
١٩٤٨ بفيلم "عليا وعصام" وتنوع انتاجها رغم قلته ما بين التاريخي
والميلودرامي والاجتماعي.. وما بين الانتاج العراقي الصرف والانتاج المشترك
ونجح بعض هذه الافلام في تحقيق شهرة ونجاحات ملحوظة سواء في المهرجانات أو
في استقطاب الجماهير خصوصا في العروض التلفزيونية ووضع عدد من اسماء صناعها
على خريطة السينما العربية من أمثال محمد شكري جميل وفيصل الياسري وقاسم
حول وصاحب حداد.. كما لم تتح هذه العروض المحدودة للجمهور الفرصة للتعرف
على تلك المحاولات والمبادرات الفردية المثابرة التي حاولت بعد غزو العراق
في عام ٢٠٠٣ ان تواصل مهمة السينما في الرصد والكشف والتحليل وهي محاولات
هامة رغم قلتها منها على سبيل المثال "١٦ ساعة في بغداد" اخراج طارق هاشم
٢٠٠٤ و "نحن العراقيون" لعباس فاضل ٢٠٠٤ و "ارادة الحياة" لحيدر العسكري
و"قطع غيار" لجمال امين ٢٠٠٦ و"احلام" اخراج محمد الدراجي و"فجر العالم"
لعباس فاضل وغيرها، وما يلفت النظر في هذا الامر ان عراق ما بعد الغزو
الغائب عن عروض الفيلم العراقي ضمن الاسبوع الثقافي هو نفسه الحاضر بقوة في
عدد كبير من الأفلام الامريكية التي شهدتها الدوحة خصوصا في الموسمين
الاخيرين بل ونافس وكسب عدد منها العديد من الجوائز الهامة في المسابقات
والمهرجانات السينمائية العالمية كان آخرها فيلم "خزانة الألم" الذي حصل
على ست جوائز اوسكار هذا العام كان من بينها افضل فيلم وأفضل اخراج وفيلم
"المنطقة الخضراء" ومن قبلهما شاهد الجمهور افلاما عن تأثيرات الحرب على
العراق على المجتمع الامريكي مثل "في وادي ايلاه" بل وبعض الافلام
الكوميدية التي تسخر من موقف السياسيين البريطانيين مثل فيلم "في
الدائرة".. وفيلم "أسود وحملان" و"الملوك الثلاثة" وتحصى بعض الكتابات
المتابعة للانتاج الامريكي ما يزيد على ثلاثين فيلماً روائياً وتسجيلياً من
الانتاج الامريكي ركزت على موضوع غزو العراق وآثاره وتداعياته على المجتمع
الامريكي وعلى افراد الجيش الامريكي ممن شاركوا في تلك الحرب.. ومما يجدر
ذكره ان صناع الافلام من العراقيين والعراقيات ورغم ضعف الامكانيات والظروف
الحياتية والعملية الصعبة لم يستسلموا لهذه الظروف وقدم بعضهم عدداً من
الافلام الروائية والتسجيلية التي حظيت بالتقدير والاهتمام بل وفاز بعضها
بعدد من الجوائز في المهرجانات السينمائية مثل فيلم "فجر العالم" لعباس
فاضل الذي فاز في العام الماضي بجائزة أفضل فيلم في مهرجان الخليج
السينمائي وفيلم "احلام" الذي انتج في عام ٢٠٠٥ من اخراج محمد الدراجي
والذي تدور احداثه في عراق ما قبل الغزو وصولا الى لحظة سقوط بغداد متعقبا
مصائر شخصياته المآساوية.. والى جانب هذه الاعمال الروائية كانت السينما
الوثائقية هي المجال الاخصب لهذه التجارب والمحاولات التي توثق للحدث
ولتداعياته وآثاره على البشر مثل فيلم "حياة ما بعد السقوط" من انتاج ٢٠٠٨
ومن اخراج قاسم عبد عن حياة اللاجئات العراقيات في سوريا ورحلاتهن الى داخل
العراق وكذلك فيلم "عدسات مفتوحة على العراق" لميسون باجة الذي تتناوب فيه
نساء عراقيات على سرد مآساتهن من خلال ورشة للتصوير الفوتوغرافي.. ليكشفن
واقع ونظرة المرأة العراقية من مختلف الطوائف لهذه المأساة وإذا كان من
الممكن تفهم الصعوبات والمعوقات التي حالت دون تنظيم اسبوع كامل للفيلم
العراقي قادر على رسم ملامح صورة السينما في العراق قبل وبعد الغزو فإن من
الممكن ومن الضروري ان تقوم بعض الجهات بمحاولة لتنظيم مثل هذه البانوراما
الكاشفة للسينما العراقية خصوصا سينما ما بعد الغزو من اجل التعريف بها
وتشجيع روادها وابطالها على مزيد من الابداع والرصد والكشف للأحداث التي
اثارت اهتمام العالم ولا تزال.
الفيلم الثاني لمخرجه محمد الدراجي
اليوم العرض الأول لفيلم "ابن بابل" في بغداد
رغم كل الظروف القاسية التي شهدتها العراق إلا أن الأمل لا يزال هو الدافع
والمحرك الرئيس للمثقفين والمبدعين العراقيين في تجاوز المحنة وفي هذا
الإطار وضمن المبادرات المستميتة لعدد من السينمائيين العراقيين للتعبير عن
همومهم وأشواقهم يعرض اليوم في بغداد الفيلم الروائي العراقي الطويل "ابن
بابل" وهو الفيلم الروائي الثاني لمخرجه محمد الدراجي والفيلم من انتاج
مؤسسة الرافدين للإنتاج السينمائي وشارك في انتاجه كل من مصر والامارات
ويعرض الفيلم في سينما سميراميس وكان المخرج محمد الدراجي قد قدم من قبل
فيلمه الروائي الأول »أحلام« الذي شارك في العديد من المهرجانات السينمائية
الدولية وحصل على عدد من جوائزها كما مثل العراق في تصفيات جوائز الأوسكار
للأفلام الأجنبية وجوائز الجولدن جلوب عام ٢٠٠٧ وقد حاز الفيلم على جائزة
السلام السينمائية من منظمة العفو الدولية في مهرجان برلين في دورته
الأخيرة. ويتناول الفيلم التفاعل بين جيلين عراقيين جيل المعاناة والحروب
وجيل جديد لديه بصيص من أمل من خلال قصة بطلته الكردية.
العرب القطرية في
06/05/2010 |