عادةً ما نخاف تحويلَ الروايات الكبرى أفلامًا، فبالرغم من اتساع عوالمُ
ميديا السينما، وتوسُّل المخرج عواملَ مساعدةً من موسيقى تصويرية، وضوء
وظلال، ومواقع تصوير، ومؤثرات بصرية وسمعية، ولعب فنيّ لبناء دراما مكثفة
يصنعها المخرجُ والسيناريست والممثلون، وبالرغم من أن فكرة السينما هى
تحويل «النصّ» إلى «صورة»، ما يعجّل بتسرّب الطاقة السردية من عين القارئ،
حال قراءته الرواية فى كتاب، إلى عينيه وأذنيه وحواسه مجتمعة، حال مشاهدته
فيلمًا سينمائيًّا، ضاجًّا بالحوار والموسيقى والضوء والصور، وللصورة، كما
نعرف، مثلُ حظِّ عشرة آلاف كلمةٍ، من حيث سرعة وصولها للمتلقي، رغم كل ما
سبق، إلا إننا، نحن الغارقين فى هوس القراءة، نشفق على رواية أحببناها أن
«تُختصَر» عوالمُها فى ساعتين على شاشة عرض.
قليلة هى الأفلامُ التى لم تقتلِ النصَّ الأصلىّ! ونذكر أن نجيب محفوظ كان،
حين يُسأل عن أفلام رواياته، يقول: لست مسؤولاً إلا عن رواياتى، أما
الأفلام التى بُنيت عليها فلها آلياتٌ تِقَنية، ومن ثم نقدية، مختلفة، لا
أعرف عنها شيئًا. من ذلك القليل الذى نجح فى موازاة النص فيلم مثل:
«العطر»، للألمانى باتريك زوسكند. ذلك الفيلم الذى جعل المُشاهِد يكاد
يستنشقُ العطرَ العبقرى الذى من أجله قتل جرونوى عشرات العذراوات ليستخلصه
من أجسادهن الجميلة.
أمّا أن يجتمع عظيمان فى عمل: عظيمٌ فى الكتابة مثل إبراهيم أصلان، وعظيمٌ
فى الإخراج مثل مجدى أحمد علي، فذلك من شأنه أن يهبَ السينما المصرية
العريقة قطعةً جديدة من الدُّر الفريد، اسمها «عصافيرُ النيل». بدأ المخرج
فيلمه بمشهد فانتازيّ يرسمُ صورةً دقيقة لإبراهيم أصلان، المبدع المُحلِّق.
يذهب عبد الرحيم، الشابُّ النازحُ من القرية إلى المدينة ليعمل فى هيئة
البريد، بصنارته إلى شاطئ «بحر» النيل ليصطاد سمكةً، سوى إن صنارته
الراميةَ بطولها فى عرض السماء لم تصطد إلا عصفورًا! فى ذلك المشهد الخاطف،
تتكاثف خيوطُ الحبكة الدرامية جميعها، وتتلخص شخصيةُ أصلان الذى وهب عمره
الأدبيّ لاصطياد العصافير، التى ترمز للحظات الإبداع وومضات الوهج السرديّ
الفاتن، التى تقطر من قلمه.
يرسم المخرجُ لوحاتٍ نابضةً بالحياة فى حارة «فضل الله عثمان» بحيّ إمبابة
الشعبي. النسوةُ فى جلابيبهن زاهية اللون يخُضن فى بِركة ضحلة من مياه
الغسيل، تغمرُ سيقانهن رغاوى الصابون ، فيما يضحكن ويتسامرن ويتغامزن.
الأبوابُ المصدّعة القديمة تكسوها طبقات متشققة من الطلاءات البدائية،
الجدرانُ الجيرية الكالحة، النوافذ المهشّمة التى تنفتح على غرف بسيطة
تضمُّ بشرًا رقيقى الحال، لكنْ يعرفون كيف يدبرون حياتهم بقروشهم القليلة،
وحبّهم الحياة بحلوها الشحيح ومرِّها البازخ.
الطفلةُ النحيلة التى يطير شعرها نشوةً وهى تمارس لعبتها الوحيدة، الممكنة
فى ظلّ الفقر: تفريغ إطارات السيارات من الهواء. طريقةُ خلع الفقراء
أضراسهم المريضة؛ بربطها بحبل مثبت فى الحائط، ثم انتزاعه بقوة لتوفير أجرة
الطبيب.
وبعد المدّ الأصولى الذى ضرب به السادات اليساريين، نشهد مجموعة من
الإسلاميين فى جلابيبهم وذقونهم الطولى يضربون كهلا مسًّنا بالجنازير
والسياط لإجباره على أداء صلاة الفجر فى المسجد!
لمبةُ الكيروسين يعلو بلّورَ زجاجها الهبابُ الأسود، يشعلها الزوجُ «سى
البهيّ» حين تنقطع الكهرباء، ويهرعُ بها إلى زوجته «نرجس» لينقذها من خوفها
المَرضىّ من العتمة، وتحتفظ لذلك بعلبة كبريت فى جيبها، تضيعها دائمًا
فيشتعل رعبها.
إلى أن تتجرأ يومًا، حين تنشب الفوبيا أسنانَها فى قلبها الوَجِل، وتطلب
منه طلبًا فانتازيًّا، لكن شديد الدلالة: أن يضيء قبرها بلمبة صغيرة بسلك،
ولو أسبوعًا، حتى تعتاد الظلام الأبدىّ. يستنكر فى البداية مطلبها الخيالي،
فلما تلحّ، يبدأ فى مناقشة التفاصيل: من أين يأتى بالكهرباء؟ سوف تنفجر
اللمبة!
هل يجوز سؤال الملكين فى نور الكهرباء؟ لكنها تحاججه وتجيب تساؤلاته، فيومئ
فى الأخير مستسلمًا. ثم يقضى بقية عمره فى كتابة شكاوى إدارية لرؤسائه،
أبناء أقدم بيروقراطية فى التاريخ، أولئك الذين أجبروه على التقاعد المبكر
عن العمل فى مصلحة البريد.
تتكاثر الشكاوى وتأخذ فى التصاعد على الدَّرج الوظيفى والسُّلطويّ حتى تصل
إلى رئيس الجمهورية، السادات، فيساومه بأنه كان يتعرف على خطابات الضباط
الأحرار، ولم يبلغ عنهم، ومن ثم فهو شريكٌ فى الثورة.
آلاف الأوراق وشفّافات الكربون ملأها قلم الموظف التعس. ويتصاعد وعينا
بمرور الزمن عبر عدسة نظارته التى يزيد سُمْكها عامًا بعد عام، حتى يكاد
البصرُ أن يتلاشى، قبل أن يسقط ميّتًا وقد ارتدى «زونط» الخدمة القديم،
وحبّات سِبحة الكهرمان تتناثر من بين أصابعه.
فيما الزوجة الصابرةُ تبيع ذهبها قطعةً إثر قطعة، ثم نحاس مطبخها وأوانيها،
وفى الأخير، الكريات النحاسية التى تمثّل عرائس أعمدة سريرها العالي. تبيع
ثلاثًا وتُبقى العروسة الرابعة تحفظها كما يحفظ المرءُ قطعةً من قلبه.
تراوغها فتضيع هنا وهناك، تبحث عنها فلا تجدها، ثم تفاجئها وتظهر لها
بغتةً، فتُلمّعها بحنوٍّ وتدسّها فى مكان خفى كيلا تضيع! فتضيع! وتبدأ من
جديد لعبةُ المراوغةُ والتخفي، بين المرأة وكُرَةِ النحاس العتيقة.
أما المشهد العمدة فى هذا الفيلم الجميل، فمشهد الختام. مشهد يجسّد ضياع
مصر الراهنة من يد أبنائها. تصوّره الجدّةُ المسنة حين تركض فى الطرقات
بجلبابها الممزّق وشعرها الأبيض المنكوش وهى تسأل المارةَ فى وجع: «محدّش
عارف طريق البلد ياخدنى معاه؟» ونجيبُها بأسًى، نحن المصريين: محدش عارف،
لأن البلد ضاعت واختفى الطريقُ إليها، أضاعها غزوان: غزوٌ خارجى خليجيّ
أصوليّ قضى على جمالها القديم، وغزو داخلىّ أفرزته حكوماتٌ متعاقبة أخفقت
فى أن تحبَّها وتحميَها.
ريفيو
اسم الفيلم: عصافير النيل
سيناريو: مجدى أحمد على
عن قصة: إبراهيم أصلان
حوار: إبراهيم أصلان
إخراج: مجدى أحمد على
بطولة: فتحى عبدالوهاب ــ عبير صبرى
fatma_naoot@hotmail.com
المصري اليوم في
05/05/2010
مجدى أحمد على:
الرواية أكثر سواداً من الفيلم.. لكن الواقع
أكثر سواداً من الاثنين
حوار
محسن حسنى
■ كسر المخرج مجدى احمد على فى فيلم «عصافير
النيل»، قاعدة اعتاد اتباعها فى معظم أفلامه وهى تقديم صورة أكثر تفاؤلا
لواقع أكثر قتامة، فقدم صورة مؤلمة جداً كما أنهى أحداث فيلمه بحيرة شديدة
لامرأة عجوز تتساءل: «حد عارف طريق البلد فين؟».
- «المصرى اليوم» حاورته حول مدى التزامه بنص الرواية الأصلية لإبراهيم
أصلان (باعتباره كاتب سيناريو الفيلم) والتقنيات التى استخدمها كمخرج من
أجل إخراج صورة بسيطة لرواية متعددة الشخوص والأحداث.
■ رؤيتك الإخراجية بدت أكثر تشاؤما من كل أعمالك
السابقة، فما السبب؟
- هناك حالة حقيقية من التدهور أصابت مجتمعنا تزداد يوما بعد يوم، وهناك
تراجع ملحوظ فى هامش الحرية، كما أن الأمل فى التغيير يقل والفساد يستشرى،
وهذا يؤثر على رؤية أى شخص مهموم بهموم الوطن، وكل ذلك انعكس فى «عصافير
النيل»، ورغم ذلك حاولت الحفاظ على نسبة تفاؤل بسيطة جدا حتى لا تكون
الصورة معتمة، وتعمدت عدم زيادة جرعة التفاؤل حتى لا تتحول إلى جرعة خداع،
لأن الواقع مؤلم بالفعل.
■ إلى أى مدى التزمت بنص رواية إبراهيم أصلان فى
كتابة سيناريو الفيلم؟
- لا أستطيع تحديد نسبة الأحداث التى التزمت بها على وجه التحديد، ولكن
هناك شخصيات فى الرواية لم تظهر فى الفيلم، وهناك أحداث فى الرواية لم
أدرجها ضمن أحداث الفيلم مثل واقعة محاولة اغتيال الرئيس عبدالناصر فى
المنشية، كما غيرت مصائر شخصيات رئيسية ومنها شخصية عبدالرحيم الذى يموت فى
أول الرواية، بينما يظل حيا حتى نهاية الفيلم، الحقيقة أن الرواية أكثر
قتامة وحاولت فتح طاقات للفرح مع الحفاظ على روح الرواية.
■ هل ترى أن فيلما بهذه القتامة سيكون مجديا فى
الفترة الحالية؟
- على الناس أن تتألم قليلا حتى تستطيع التغيير، لان احتمالات القدرة على
التغيير تقل يوما بعد يوم، وإذا لم نبدأ فلن نلحق بركب الحداثة .
■ استخدمت تقنية الفلاش باك بكثرة، وهذا جعل
المشاهد يشعر بـ«لخبطة»؟
- ممكن المشاهد يشعر بلخبطة نتيجة الاختلاط الشديد فى الأزمنة الدرامية فى
الفيلم، وهذه طريقة مختلفة فى السرد الدرامى، وأنا حر فى اختيارها لأنى
مخرج العمل، واختلاط الأزمنة استلزم استخدام تقنية الفلاش باك فى أكثر من
موضع.
■ لماذا اخترت راوياً للأحداث، هل بهدف اختصار
الزمن الدرامى أم إضفاء روح روائية على الفيلم؟
- الهدف الأساسى من الراوى فى هذا الفيلم كان إضفاء روح الحكى والرواية على
أحداث الفيلم، كما اخترت أن يكون الراوى واحداً من الشخصيات الدرامية
بالفيلم هو محمود الفحام (يجسده حلمى فودة)، لكى يكون رابطاً بين الأحداث.
■ أنت متهم بالإسراف فى مشاهد الجنس، فما ردك؟
- الذين يلقون بهذه التهمة لم يروا الفيلم، ويحكمون من خلال التريللر الذى
ليس لى ذنب فيه ولست راضياً عنه، لكنه من صنع الشركة المنتجة والشركة حرة
فى اتخاذ الأسلوب الذى تراه مناسبا لتسويق الفيلم، رغم أن هذا قد يضر تسويق
الفيلم لأن الجادين يحجمون عن مشاهدته، ظنا أنه مبتذل وإحقاقاً للحق فإن
الشركة صممت ٣ تريللر، اثنان منها مصممة بشكل يناسب طبيعة الفيلم، والثالث
يبدو مبتذلاً وتحبذه المحطات الفضائية فتكرر عرضه، وهذا هو سبب اتهامى
بالإسراف فى مشاهد الجنس.
■ لكن كل مشهد جنسى بالفيلم كان من الممكن تقصير
مدته دون أن يتأثر الغرض الدرامى منه؟
- كل مشاهد الجنس محسوبة ولها أغراض درامية، كما أن هناك مشاهد منزوعة
الإثارة رغم أنها تبدو مشاهد جنسية طويلة، ومنها مثلاً المشهد الذى وضعنا
عليه مونولوج شكسبير،
■ هل ٣٥ نسخة كافية لتحقيق النجاح التجارى المطلوب؟
- هذا العدد ليس كافيا، لكن التوزيع يتعامل مع تلك النوعية من الأفلام
باعتبارها نوعاً خاصاً ولفئة محددة وغير متوقع ربحا كبيراً من توزيعها،
وبالتالى لا يهتمون بالدعاية لها بالقدر الكافى، بالإضافة إلى أن توقيت
العرض سيئ للغاية، لكننى لا أريد نجاحاً مثل نجاح أفلام هنيدى وعادل إمام،
ولكن أريد نجاحاً فى حدود إمكانيات الفيلم باعتباره مختلفا وتكلفته أقل.
■ باعتبارك مشرفا على إنتاج الفيلم ما سبب امتناع
فئات محددة عن مشاهدته؟
- سأوضح حقيقة مرة، هى أن الفيلم يكشف عن حالة مزرية وصل اليها المجتمع،
والشخص المكتئب لا يحب أن يرى نفسه فى المرآة لذلك يهرب من هذه الأفلام
الصادمة ويهرول نحو أفلام تشبه المخدرات وتنسيه واقعه المؤلم، وأنا
كسينمائى لست مسؤولا عن تشوه وعى الجمهور، كما أن الإيراد ليس وحده مقياس
النجاح .
■ الفيلم يطرح سؤالاً سياسياً مباشراً فى نهايته هو
«حد عارف طريق البلد فين»، فى حين تعمدت تجهيل الزمن، فهل فعلت ذلك للهروب
من المساءلة؟
- لا أخشى أحداً ولم أهرب من المساءلة ولكن تعمدت تجهيل زمن أحداث الفيلم
حتى لا أعطيه صبغة تاريخية وأربطه بعصر محدد، لأننا نعيش تلك الحالة منذ
عشرات السنين ولا نعرف متى ستزول.
■ على أى أساس اخترت أبطال الفيلم خاصة غير
المشهورين؟
- أنا كمخرج حين أكون فريق تمثيل لا تعنينى الشهرة بقدر ما تعنينى مدى
ملاءمة كل ممثل للشخصية التى سيقدمها، والذين اخترتهم يتمتعون بوعى يدرك
مقاصد الفيلم، وهذه الميزة أحيانا يفقدها نجوم كبار.
■ هل أثرت الميزانية الضعيفة للفيلم على الصورة
النهائية له؟
- إطلاقا، كل الناس كانوا ملتزمين بمواعيد التصوير وتوجيهاتى، رغم أن بعضهم
تبرع بأجره كاملاً، ويكفى أن أوضح أن كل نجوم الشرف لم يتقاضوا مليماً
واحداً نظير هذا الفيلم، كما أن نجوم الفيلم تبرعوا بجزء من أجورهم حتى
يخرج الفيلم للنور، لأن الميزانية كانت ٢.٥ مليون جنيه من وزارة الثقافة
ومبلغ أكثر قليلاً من الشركة العربية.
■ توجد ٣ مشاهد لجماعات متطرفة لم تمهد لها، ولم نر
لها أى دلالات بعد ظهورها، وبالتالى تعتبر مقحمة على الفيلم فما ردك؟
- هذه المشاهد ليست مقحمة وهناك حقبة عاشتها مصر وشهدت أفعالاً من
المتطرفين أكبر من ذلك بكثير، وهذا يؤلم المتشددين ويريدون مسح هذا التاريخ
لكننا لن ننساه، كما أن الفيلم ليس قصة محددة وإنما مقطع من حياتنا مدته ٢٠
عاما.
المصري اليوم في
05/05/2010
فتحى عبدالوهاب:
المشاهد الجنسية الطويلة جزء من رؤية
المخرج
وصف فتحى عبدالوهاب فيلم «عصافير النيل» بأنه «قاس لأقصى درجة»، لذلك يتعجب
ممن يتهمونه بالسطحية أو الابتذال ويحكمون عليه من خلال التريللر، كما نفى
تنازله عن جزء من أجره بسبب قلة الميزانية.
■
كيف تعاملت مع شخصية «عبدالرحيم» المغلوب على أمره؟
- عندما قرأت النص جيداً، شعرت أن «عبدالرحيم» مغلوب على أمره فعلاً وأن
حياته تمر بشكل قدرى، وكونت وجهة نظر للشخصية ثم صورت، وأنا كممثل مجرد
آداة فى يد المخرج لكننى أضع وجهة نظرى كممثل أثناء أداء الشخصية حتى يكون
لها روح يحسها المشاهد.
■ لكن «عبدالرحيم» فى «عصافير النيل» يشبه «فرحان»
فى «فرحان ملازم آدم».
- أعتقد أن أداء كل منهما كان مختلفاً تماماً، ربما يكون هناك تشابه فى نمط
الشخصية ذاتها، باعتبار أن كلا منهما جاء من بلده «خام» واستقر فى القاهرة،
لكن الحدوتة وتفاصيل الأحداث مختلفة تماما وأعتقد أن «عبدالرحيم» أكثر
واقعية .
■ لماذا وافقت على المشاهد الجنسية، التى أديتها
والتى كانت طويلة بلا مبرر؟
- هذه رؤية المخرج، وطالما أنى ارتضيت العمل معه فلا يحق لى الاعتراض على
رؤيته، بالإضافة إلى أن المشاهد بهذا الأسلوب تهدف لتوصيل رسالة محددة
يعرفها المخرج، والسينما خيال، ولا ينبغى مراقبة خيالنا وقياسه بقياسات
أخلاقية، ونحن نتعرض لأربع علاقات فى حياة «عبدالرحيم» على مدار ٢٠ عاما
وبالتالى يجب أن نوضح حميمية اللقاء العاطفى فى حياة هذا الشخص، وهذه هى
تركيبة شخصيته .
■ «عبدالرحيم» ارتبط عاطفيا بأكثر من امرأة، فلماذا
تأثر بعلاقته بـ«سيمة»؟
- لأنها كانت الحب الأول فى حياته، وقبلها كان صفحة بيضاء.
■ وكيف يعيش كل هذه الفترة فى القاهرة دون أن يتأثر
بأسلوب الحياة فيها؟
- هو تأثر لكن بقدر قليل، لأن تركيبة شخصيته لا تقبل التغيير الجذرى، فرغم
تمسكه بمبادئ الريف وارتدائه جلابية بلدته إلا أنه كان يرتدى ملابس القاهرة
أحياناً.
■ فى كل علاقات «عبدالرحيم» كان الطرف الآخر ينفصل
عنه إلا مع «أفكار» قرر هو الانفصال عنها، لماذا؟
- لأنها أهانته واعتبرته أقل منها وكانت غالبا تبدى ملاحظات على طريقته فى
الأكل والسلام والملبس، وهذا جعله يستاء منها ويقرر الانفصال.
■ مشهد هرولة «عبدالرحيم» وراء الحمامة حتى دخل قسم
الشرطة أبعد الأداء عن الواقع وجعله أقرب للفانتازيا، فما ردك؟
- هذا المشهد واقعى من «عبدالرحيم»، وقد نعتبره فانتازيا لو صدر عن شخص
آخر، فتركيبة «عبدالرحيم» تجعله يفعل ذلك، وفى حياتنا أحداث كثيرة لو
حكيناها فلن يصدقها أحد.
■ هل تنازلت فعلاً عن جزء من أجرك نظراً لضعف
التمويل؟
- أولاً الفيلم من إنتاج الشركة العربية وليس فيه شراكة حكومية كما يعتقد
البعض، وإنما هناك جائزة حكومية قدرها ٢.٥ مليون جنيه قدمتها وزارة الثقافة
لهذا السيناريو فى صورة خدمات إنتاجية، وبالتالى لا توجد ضرورة للتنازل عن
جزء من الأجر.
المصري اليوم في
05/05/2010
عبير صبرى:
زرت مرضى السرطان للإمساك بتفاصيل
«بسيمة»
حوار
محمد طه
زارت عبير صبرى بعض الحالات المريضة بالسرطان حتى تجسد شخصية «بسيمة» فى
«عصافير النيل»، كما اهتمت بتفاصيلها الصغيرة من ماكياج وملابس اشترتها من
وكالة البلح.
■
ما سبب الهجوم الذى شنته بعض مواقع الإنترنت على دورك فى الفيلم؟
- معظمهم حكم على الفيلم من خلال التريللر دون مشاهدة العمل، والدور لا
يوجد به مشهد يخدش حياء المشاهد، أما التريللر فالشركة المنتجة هى المسؤوله
عنه.
■ كيف حضرت لشخصية «بسيمة» المركبة؟
- المخرج مجدى أحمد على قال لى: «أرغب فى أن تكون الشخصية مزيجاً بين
الواقع والخيال»، وطلب منى الحفاظ على روحها وتواجدها فى الفيلم رغم أنها
تختفى فى الأحداث، ورغم عدد مشاهد «بسيمة» القليلة إلا أن الدور مؤثر، وقد
احترت فى تناول التفاصيل الدقيقة للشخصية، وبدأت أبحث عن التفاصيل، فذهبت
لزيارة حالات لمرضى السرطان وشاهدت حالات الضعف وقسوة المرض، والموت الذى
يحاوطهم، وما شاهدته فى المستشفيات أفظع مما ظهر على الشاشة، كما ركزت جدا
على الماكياج، واشتريت ملابس الشخصية من وكالة البلح.
■ كيف نفذت مشهد تساقط الشعر، وهل ارتديت باروكة؟
- فى بداية ترشيحى للفيلم والحديث مع المخرج عن تفاصيل الشخصية قال لى: «ها
تحلقى شعرك زيرو»، وخفت جدا لأنه لم يحدث مع أى ممثلة مصرية من قبل، لكن تم
عمل باروكة كى تظهر الرأس بدون شعر، كان يركبها الماكيير فى ساعتين، ويفكها
فى ساعة.
■ رغم مرض «بسيمة» إلا إنها تمسكت بحبها لـ«عبدالرحيم»،
لماذا؟
- «بسيمة» ظلمت كثيرا فى الحياة بسبب جمالها، وعندما أحبت «عبدالرحيم» كانت
شابة مطلقة، والناس ظلمتها، فلم تتزوج منه وتركت الحارة حفاظا على كرامتها،
وعندما قابلته فى المستشفى تجدد الحب بداخلها رغم مرضها، وحب الحياة جعلها
تقاوم المرض وهذا مطلوب فى الحياة بشكل عام.
■ لكنها ظهرت فى الفيلم كفتاة ليل، ولم تكن هناك
مقدمات لشخصيتها؟
- هى لم تكن فتاة ليل، بل عاشقة لـ«عبد الرحيم» وتركت نفسها له لأنها تحبه،
لكنها كانت تحب زيارة الناس ومجاملتهم فى بعض الأمور العائلية وظن أهل
الحارة أنها فتاة ليل.
المصري اليوم في
05/05/2010 |