تميزت بالبساطة وتحلت بالتلقائية واشتهرت بخفة الدم وإن خلا معظمها من
تكامل الصنعة وافتقد النفاذ الي الاعماق وتحقيق رسالة السينما الحقيقية
ولكن يكفيها في النهاية أنها ومنذ أكثر من ستين عاما حاربت
- وبأكثر من طريقة -
من أجل الوصول إلي العالمية..
إنها أفلام زمان
ويبقي الوصول الي العالمية حق مشروع في كل زمان ومكان لكل صناع
السينما ومن بينهم الرواد المصريون الذين تعرضنا في الحلقة الماضية لاولي
وأهم خطواتهم في هذا الشأن والتي جاءت من خلال المسابقات والمهرجانات
الدولية وبقي أن نستعرض الآن بسرعة أهم محاولاتهم ومحاولات السينما المصرية
الاخري لغزو الأسواق والثقافات البعيدة والتي تمثلت في الانتاج المشترك
وتصدير الافلام المدبلچة.
لفت نظر!
كان إشتراك مصر ومنذ وقت مبكر في المهرجاتات السينمائية الدولية سببا
رئيسيا أن يلتفت صناع السينما الاجانب الي إنتاجها الفني بغض النظر عن عدم
وصول مستوي هذا
الانتاج الي مرحلة متميزة
تدنو به من سينما أوربا والولايات المتحدة، كما كانت نفس المهرجانات سببا أن يفكر الاوربيون
في اختيار مصر لتكون موقعا لتصوير بعض الاعمال السينمائية التاريخية
والاجتماعية التي تستفيد من المعطيات الجغرافية للبلاد وكذلك قام بعض
السينمائيين الاجانب بإنتاج أفلام مشتركة أومصرية ذات طابع أجنبي والتي
ربما كان أولها هوفيلم
»المنتقم« عام ٦٤٩١ والذي قام ببطولته كل من أحمد سالم ونورالهدي وعلي
الرغم من أن عملية الاخراج قد تم إسنادها إلي الشاب العبقري صلاح أبوسيف
إلا أن الفيلم في النهاية جاء متواضع المستوي ولم يلق أي نجاح يذكر سواء
عند عرضه داخل مصر أو حتي بعد عمل دوبلاچ وتصديره للعرض في أمريكا وقد سخر
منه النقاد ووصفوه بالضعف الفني الشديد والبعد عن الواقعية مما تسبب في
خسارة مالية فادحة بخلاف السقوط الفني المدوي في أول تجربة مصرية من نوعها.
كان عام
٩٤٩١
هوموعد التجربة الثانية التي اختلفت بعض
تفاصيلها عندما قام المخرج الايطالي الكبير
»الكساندريني« وبالمناسبة فهو سكندري الميلاد والنشأة-
قام بإخراج فيلم حمل عنوان
»ڤيوريانا« وكان فيلما ناجحا بكل المقاييس وبشكل دفعه الي تقديم نفس الفيلم
من جديد ولكن من خلال نسخة أو تجربة مصرية وبالفعل نفذ الفكرة الرائدة
والجريئة بعد أن أسند البطولة إلي يوسف وهبي وأمينة رزق وكان الفيلم »أمينة«
ولايمكن القول إن الفيلم كان ناجحا ولكن في نفس الوقت لايمكن إتهامه بالفشل
مما دفع الكسندريني الي فكرة جزيئة اخري وهي عمل دوبلاچ بالايطالية لنسخة
الفيلم المصرية وعرضها في روما وعدد من المدن الايطالية والاوبية الاخري
وكانت المفاجأة الكبري حيث حصد الفيلم نجاحا مدويا وحقق ايرادات خيالية
لافتة للنظر طغت علي نجاح الاصل الايطالي!
في نهايات نفس العام - ٩٤٩١ -
زار المخرج الانجليزي »داڤيد مكدونالد«
القاهرة لتصوير فيلم
»طريق القاهرة« الذي كان بداية لسلسلة من الافلام التي تغازل الجمور
الاوربي عبرالشرق بسحره واسراره وعصاباته الوهمية.
نجوم إيطاليا
كان فيلم »الصقر«
هوالتجربة المصرية السينمائية الخالصة في حقل التصدير الي العالم الخارجي
ومخاطبته بشكل خاص وهي تجربة أقدم عليها وخطط لها استوديومصر أيضا في عام
٩٤٩١ و،ذلك بالاتفاق مع شركة إيطالية ليخرج الفيلم الي النور من نسختين
قامت ببطولة الاولي - الايطالية - منها النجمة الشهيرة »سليڤانا بامبانيتي«
أما النسخة المصرية التي أخرجها -
أيضا!
صلاح
أبوسيف فقد ضمت من النجوم سامية جمال وعماد حمدي وفريد شوقي وإذا كانت
النسخة الايطالية قد حققت بعض النجاح الذين يحفظ ماء الوجه في إيطاليا
فرغم هذا لم يتحقق للنسخة المصرية التي فشلت بشكل واضح لدرجة جعلت القائمين
علي استوديومصر لايفكرون في تكرار المحاولة.،
بعيدا عن إنتظار الافلام الاجنبية والعالمية التي تجيء الي مصر
ومحاولة الاشتراك فيها والوصول الي العالمية فان عددا
غير قليل من نجوم
السينما المصرية قد أخذوا بزمام المبادرة وتوجهوا الي عواصم
السينما العالمية المختلفة سواء في أوربا أو الولايات المتحدة من أجل ان
يكونوا في قلب الاحداث وقائمة نجوم زمان التي تضم هؤلاء طويلة ونذكرمنهم
سامية جمال وكاميليا ومن قبلهم بأكثر من ربع قرن الرائد المجهول أحمد البيه
ومعه يوسف وهبي أثناء دراسته للفن بأوربا ولكن يبقي أن نختتم به الحلقة وهو
الاهم وان كان الاقل حظا في تسليط الضوء عليه داخل مصر المرحوم حسن عزت
الذي كان أول مصري يدرس السينما بشكل أكاديمي في عاصمتها هوليوود وأول من
مثل فيها ومثل هذا الجزء من العالم وقد كان تواجده
الهوليوودي هوسبب ترشيح المخرج الالماني
»فريتز كرامب« له ليقوم بدورالبطولة لاحد أهم أفلام السينما المصرية
»لاشين« وهو الفيلم الذي أثار اكثر من نوع من أنواع الضجة قبل وأثناء وبعد
عرضه ومصادرته وهي تجربة لم يفكر حسن عزت أن يكررها في مصر مكتفيا بالبقاء
في أمريكا محتفظا بشرف الريادة في واحدة من أهم محاولات السينما المصرية
وأهلها للوصول الي العالمية.
أخبار النجوم المصرية في
29/04/2010
قناه للتراث متحفيه ام يغازل ماسبيرو
باسمها السلفيين
بقلم : د. حسن
عطية
حقيقة لا أعرف سر امتلاكنا لعبقريتين متناقضتين في آن واحد،
احدهما للبناء والابتكار والأخري لهدم كل ما تبنيه وتبتكره الأولي، ننظم
شوارعنا في يوم ثم نهدمها كل يوم بكل أريحية،
ندعو لحرية التعبير والحوار، ثم نهبط بهما لمستوي الانحطاط و»الشرشحة«،
نفتح نوافذنا للضوء، ثم لا نسمح بغير سحابات الفكر الرمادية تغزو عقولنا،
نمنح العلماء والمفكرين جوائز الدولة، ولا يهتم تليفزيون الدولة بغير الممثلين وأشياءهم
وثقافة غالبيتهم الضحلة.
ومنذ فترة وجيزة خرج علينا المهندس أسامة الشيخ بفكرة لامعة بانشاء
قناة تليفزيونية جديدة، بمناسبة الاحتفال باليوبيل الذهبي لانشاء
التليفزيون، الذي حمل وقت ولادته، ولأكثر من عشر سنوات تالية اسم
»التليفزيون العربي«، ليس لأنه ولد في عهد أول وحدة عربية بين مصر وسوريا في العصر
الحديث،
بل لأن مصر كانت منذ ذاك درة الوطن العربي وزعيمته الثقافية والسياسية،
وكان الفيلم المصري -
ومازال حتي اليوم علي كل القنوات الفضائية
- يحمل اسم الفيلم العربي في مواجهة الأفلام الاجنبية والهندية، لذا
احتفينا بالفكرة في مقالنا قبل الماضي، وسعدنا بانشاء قناة تنظر لانجازات الأمس بعين
الحاضر، وتقدم هذه الانجازات ليس باعتبارها عرضا لمقتنيات قديمة نخرجها من
متاحفها ومخازنها بين الحين والآخر،
لنطوف بها العالم، ونباهي بها »الأمم عند التحدي«، وإنما باعتبارها رصيدا مضافا لرصيد اليوم،
ودافعا له للتقدم نحو الأمام،
وفرصة لدراسة ابداع كتابنا ومخرجينا في حقل
الدراما المرئية علي مدي نصف قرن كامل من الزمان.
العجب العجاب
لهذا عجبت من هذا الالتفاف الغريب حول القناة
الوليدة، ومحاولة سحبها لدنيا الماضي،
والاكتفاء بالانتشاء بانه كان لدينا كذا وكذا من
الدرامات، وكيت وكيت من البرامج والأغاني وماتشات الكرة،
ولم يكتف الامر عند هذا، بل راح عباقرة الهدم يغيرون من اسمها ويمنحونها اسم
»قناة التراث«، وكان كل مهمتها المستقبلية هي البكاء علي أطلال الأمس،
ناسية هذه العبقرية المضادة أن كلمة تراث تمتلك مفهوما ملتبسا في ذهنية
المتلقي الشاب، وهو المستهدف الرئيسي
من هذه القناة،
وليس فقط من عايشوا التليفزيون المصري حين ولادته منذ نصف قرن من الزمان،
ولا يملك اليوم غير الحسرة علي زمن فات،
هو بالضرورة عنده، كان أفضل من زمننا الحالي، ببساطة لأنه زمنه هو، وليس زمن أجيال تمورة وأبوالليف.
هذه الأجيال الجديدة يتراوح مفهوم التراث عندها بين التصاقه بالتاريخ،
الذي علمته مدارسنا وكلياتنا ووسائل اعلامنا انه مضي وولي،
أو لابد له من أن يمضي، فلم تعرف مصر معه غير الديكتاتورية والخراب،
ألم يشن المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية هجوما حادا علي ثورة يوليو
وزعمائها ومنجزاتها، ألم يحتف التليفزيون المصري بمسلسلات الملك فاروق وعصر
ما قبل الثورة، وتخرج علينا بين الحين والآخر دعوات لعودة الملكية،
وأخبار عن تحركات السلالة العلوية،
طارحة بين الأجيال الشابة تصورا بأن مصر ما قبل
الثورة كانت حرة وأبية ونظيفة الشوارع،
ألم نزيف كتب التاريخ المغرضة هذا الزمن المرتفع القامة، وأهدرت مدارسنا قيمته لدرجة اختفاء الاحتفاء
بنشيدنا الوطني، مما دفع وزير التربية والتعليم لشن حملاته علي هذه المدارس،
واعادة الاحتفاء اليومي بعلم البلاد.
تقديس الماضي
وعلي الجانب الآخر يبرز مفهوم التراث كأحد
مفردات الفكر السلفي، وأعلي قيم التيار المحافظ،
الذي يرفع من شأن الماضي المجيد، مقابل كل الحاضر الذي لا يري فيه
غير فساد الذمم والأخلاق وجهالة العصر الحديث،
ومن ثم حملت معظم قنوات الفكر المحافظ والفتاوي المتجمدة أسماء تنتسب
للتراث، وتمجد رموزه، باعتبار أن المجتمع البشري،
والحضارة العربية لم ينجبا
غير هذه الرموز التي اجتهدت يوما، وحرم علي كل من جاء بعدها حق الاجتهاد والابتكار،
ومن ثم تم تأليه هذا التراث،
ودفعه للواقع علي أساس كونه نموذجا مقدسا لابد من
احتذائه والسير علي نهجه.
هذا التقديس للتراث، هو جزء من تقديس الماضي وتصور انه وحده يمثل
الزمن الجميل والقويم والعادل، وهو بعض من رؤية تسجن الحاضر في قوقعة
الأمس،
فلا تتيح للأجيال الجديدة فرصة أن تجتهد وتبتكر وتضيف لانجازات الأمس، وهو
أشبه بأسطورة بروكوست الاغريقية وسريره الشهير، والذي صنعه علي مقاسه هو، وكان يقف به علي مفترق طرق،
يوقف المارة ويضعهم علي السرير،
فمن كان أطول من مقاسه قبل أطرافه،
ومن كان أقل من مقاسه شد أطرافه،
ليس مهما عنده معاناة البشر أو موتهم،
المهم عنده أن يكون الكل علي مقاس ما صنعه، وهو ما تكشف عنه النظرة السلفية التي تفرض علي
الحياة زيا معينا،
وسلوكا محددا،
وفكرا غير مطلوب الاختلاف معه.
رنين الطبول
وهذا ما لا نريده لقناتنا الوليدة،
ولا نطلب منها بالتالي أن تقدم القديم من الأعمال الدرامية باعتباره درة زمنها
وزمننا الحاضر، وانما باعتبارها كما نقول دائما حلقة في سلسلة حلقات التميز
التي نحرص عليها من الماضي وفي الحاضر، فمشاهدة التمثيليات والافلام التليفزيونية
»الروائية« القصيرة مثل »رنين« و»المعطف« لحسين كمال، و»طبول« لسعيد مرزوق،
تكشف عن توجهاتهما الفكرية والفنية التي استمرت أو تغيرت فيما بعد ستينيات
القرن الماضي.
وياليت قناتنا الوليدة تقدم مجموعة من الأعمال المختارة لمخرج محدد أو
كاتب معين، بصورة منتظمة يوميا، تتيح لنا فرصة تتبع نمو رؤية هذا المبدع الفكرية،
وتطور أدواته وصيغه الفنية.
الماضي حقا له رونقه، لأننا عادة ما نتذكر فقط أفضل لحظات حياتنا،
لكن الحاضر له ايقاعه وابداعه،
قد نختلف مع ذوق
غالبية صناعه الهابط، والذي يفرز كل فترة أسوأ ما في الواقع من نماذج مصابة بالتشوه
، لكن علينا ألا نتصور أن هذا التشوه وليد الصدفة،
أو هو نتاج طبيعي لتطور مجتمع، وقد نحن لرؤية »مشربية«
»أسامة أنور عكاشة«
لكننا ندرك أنه لم يعد لها وجود في بيوتنا،
وأصالتها ونبل شخصيات حارتها الشعبية انتهكتها أفلام »خالد يوسف« وجيله،
وأغلق فتحات مسامها فكر متخثر أعاد المجتمع لأزمنة التخلف والرق.
نحن بحاجة لقناة تنويرية تنعش الفكر وتوقظ الوجدان من ثباته وتخبطه في
مسلسلات الست كوم الباهتة، دون أن تتحجر داخل فترينات الماضي.
نحن بحاجة لقناة يرتبط اسمها بأمجاد المجتمع، وتقدم تراث الماضي دون تقديس وفي نفس الوقت بنظرة
نقدية واعية، دون أن ترفع عليه قضايا حسبة نقص قبلة أو مقطع من أغنية كما حدث في
فيلم »حكاية حب«
لحليم ولبني عبدالعزيز،
أو تحذف منه ما تراه خادشا لحياء مجتمع منافق كما حدث الأسبوع الماضي مع
كتاب »ألف ليلة وليلة«!!
أخبار النجوم المصرية في
29/04/2010 |