بعد متابعة معظم أفلام الموسم الماضي لم نر فيلما مميزا..
أفلاماً تافهة يغلب عليها السوقية والسطحية والتفاهة..
ليطل علينا فيلم من أفلام الموسم الصيفي هو
فيلم »عصافير النيل«
ليمنحنا الأمل في سينما جديدة..
سينما انسانية شاعرية مؤثرة..
فالعمل مأخوذ عن رواية
»الأديب ابراهيم أصلان«..
سيناريو واخراج مجدي أحمد علي..
وبطولة فتحي عبدالوهاب ودلال عبدالعزيز وعبير صبري بعد عودتها للسينما
ومحمود الجندي.
الفيلم يتناول طبقة المهمشين القادمين من الريف إلي المدينة في محاولة
لاصلاح أحوالهم الاقتصادية والتعرف علي عالم جديد..
عالم شرس متوحش لم يمنحهم ما يريدونه.
بطل الفيلم عبدالرحيم »فتحي عبدالوهاب«
ينسي أو يتناسي قطعة الأرض التي ورثها عن آبائه ويذهب إلي المدينة ليقيم
عند أخته نرجس »دلال عبدالعزيز«
التي تعيش في إحدي المناطق العشوائية التي تطل علي النيل..
يساعده زوج الأخت سي البهي »محمود الجندي«
علي العمل في مكتب البريد الذي يعمل فيه.
ويرتبط عبدالرحيم بالنيل كمعظم الفلاحين الذي يعتبر بالنسبة لهم صانع
الحياة..
ويصنع سنارة بدائية من الغاب ليصطاد بها السمك ومعه
أطفال أخته.. في الوقت الذي تطورت فيه وسائل صيد السمك..
ولكن هذا ما تعوده في الريف..
وبدلا من أن يصطاد سمكة اصطاد عصفورا، ولم تتحقق آمال عبدالرحيم الذي فشل في كل شيء..
وحتي حبه الوحيد الذي ضاع منه بعد أن هجرته الحبيبة التي عرفت أنه يثق في
كلام الناس انها امرأة سيئة السمعة..
بينما هي انسانة تبحث عن حياة جديدة بعد
طلاقها من زوجها في بورسعيد، ويدخل عبدالرحيم في تجارب نسائية محاولا نسيان
حبيبته بسيمة..
ثم يخطب الممرضة التي كانت تعالجه في المستشفي لكنها تعقد له
حياته وتتعمد اهانته كأن تطلب منه أن يخلع ثوبه الريفي ويلبس البنطلون..
ثم يضبطه الناس في الشارع في
غرفة امرأة من اياهن..
ثم يتزوج بأرملة تعيش علي معاش زوجها وعندما يطالبها بالاعلان عن زواجهما
تطلب الطلاق.. ثم يتزوج بفتاة ريفية من بلده لا تشكل شيئا في حياته وينجب
منها أطفالا لكنه لا يحبها لان قلبه لا يزال مع امرأة أخري.
> > >
يبدأ الفيلم بمشهد النهاية حينما يلتقي الحبيبان صدفة في المستشفي بعد
زمن طويل للمرة الثانية..
وقد اصيبت بالسرطان كما اصيب هو بنفس المرض..
كانت قد ذبلت نتيجة المرض وكبر السن وشعر رأسها قد وقع من
العلاج بالكيماوي..
ومن المشاهد التي تحرك المشاعر انه اهدي لها
باروكة ويعود الفيلم بأسلوب الفلاش باك إلي الماضي ليتذكر معها تفاصيل
حياتهما..
واعتمد المخرج مجدي أحمد علي علي الراوي..
لتجسيد المشاعر وكان يمكن أن يلغي حكاية
الراوي ويحولها الي لغة سينمائية خاصة أن الابطال موجودون.
والفيلم يتناول بعض قضايا وطن..
فلا يخلو من الاشارة إلي التطرف الديني والارهاب الذي انتشر في فترة
التسعينيات حيث تتعرض »بسيمة« في الشارع لشاب ملتحي يعترض طريقها وينصحها
أن الأكل في الشارع حرام وعورة، كما نري مشاهد العنف التي يعتدي فيها
الارهابيون بشراسة وبدون رحمة علي أحد الاشخاص من سكان الحارة لانه لم يصل
معهم صلاة الفجر في الجامع.. كما يتناول أيضا ابن نرجس الشاب الذي خرج من
السجن وانتمي الي الجماعة وهو ما أحزن الأم.
> > >
يبدو تأثر كاتب السيناريو المخرج مجدي أحمد علي بالقصة الأدبية
لإبراهيم أصلان..
فتغلب عليه التطويل مما يدعو المشاهد أحيانا الي الملل،
وهذا خطأ مونتاج أحمد داود الذي لم يتدخل في أي شيء فاختل ايقاع الفيلم.
ولم يكن هناك داع لهذا المشهد الطويل لمرشح البرلمان
»درديري« الذي يخدع الناس لينتخبوه..
وهو من المشاهد
التي يمكن الغاؤها.. وأيضا مشهد التفاح الملوث بالجاز..
الذي أكله عبدالرحيم متصورا أن هذا هو طعم التفاح!
وكان يمكن أن يحذف
٥١
دقيقة من الفيلم الذي يبدو مترهلاً
أحيانا لطول المشاهد الي تفقد التتابع.
> > >
تصوير رمسيس مرزوق في الأماكن الداخلية والخارجية واستخدامه للاضاءة
وقطع الكهرباء باستمرار والذي تخشاه نرجس..
وخلفية لمنظر النيل الذي انقذنا من الاختناق في الداخل.
وبالرغم من المشاهد الجنسية الساخنة والقبلات الحارة بين عبير صبري
وفتحي عبدالوهاب..
إلا أنه كان وسيلة لخدمة الدراما نفسها..
والتوابل التي تداعب الشباب.
تفوق فتحي عبدالوهاب في علاقاته النسائية بأسلوب الفلاح الجلنف القادم
من الريف..
وحقق فتحي
عبدالوهاب نجاحا كبيرا بدوره هذا فاستحق لقب أحسن ممثل في مهرجان القاهرة،
أيضا عبير صبري كانت مقنعة.
دلال عبدالعزيز في دور من أروع أدوارها هي ومحمود الجندي..
فهي المرأة الراضية القانعة بحياتها رغم الفقر الذي دعاها لبيع مصاغها..
والتي اعتنت بزوجها حتي الممات..
ولكن أري أن الماكياج في كبر سنها كان
»أوفر«.
>
اما محمود الجندي الزوج موظف البريد فقد استغنوا عنه قبل السن
القانونية بسبب خطأ بسيط ليحصل علي نصف معاش..
وهو نوع من البيروقراطية المصرية.
واتعجب لهذا المشهد الذي رآه سي البهي في التليفزيون والذي يحفظ منه
مقاطع من رواية شكسبير باللغة الانجليزية
»أكون أو لا أكون«..
فالمشهد طويل ولا يتناسب مع ثقافة موظف البريد..
وكان يمكن أن يحذف.
>
نهاية الفيلم كانت
غير محكمة.. وتتناول أكثر من نهاية..
مشهد بسيمة وعبدالرحيم داخل المستشفي وبالرغم من مأساتهما فهما
يحبان الحياة.
ومشهد الأم العجوز التي تترك المدينة بعد ان انفض أهل البيت من حولها
لتعود الي بلدها فتمشي وراء عربات الكارو التي تحمل الخضار.
وصوت الراوي الذي يحكي قصة العصفور الذي حصل عليه الابن ذات يوم جريح
فنسب لنفسه اصطياد العصفور الذي وقع من فوق السطح إلي الشارع ليطارده
الاولاد ويعذبونه..
لكن العصفور استطاع أن يطير وينطلق إلي الحرية بعد أن استرد
عافيته..
هذه النهاية المشتتة لم تصل إلي الجمهور الذي خرج قبل النهاية
بدقائق.
وبالرغم من هذه الاخطاء إلا أن فيلم
»عصافير النيل« من أفضل الأفلام التي شاهدتها في الشهور الماضية..
فهو من الافلام الانسانية الشاعرية..
وعيب المخرج انه
تمسك بالرواية الأصلية.
أخبار النجوم المصرية في
29/04/2010
أوراق ناقد
مفاجاة طال انتظارها الحان رياض
السنباطي بصوت فيروز
بقلم: طارق الشناوي
هذا الخبر لم تتوقف عنده الصحافة الفنية كثيراً
رغم أنني اعتبره حدثاً موسيقياً فريداً
وهو تصريح »زياد رحباني« بأن »فيروز« سوف تطلق سراح القصائد الثلاثة التي
سجلتها لتليفزيون الكويت قبل ٠٣ عاماً من تلحين »رياض السنباطي«..
كان »زياد«
قد جاء للقاهرة لأول مرة في حياته قبل نحو ثلاثة أسابيع وحطم تلك الأسوار
الوهمية المصنوعة ضد تواجد »فيروز«
و»الرحبانية« في مصر.. شارك »زياد« مع فرقته الموسيقية وغني في حضور
جماهيري طاغي وذلك في إطار مهرجان القاهرة الدولي الثاني لموسيقي الجاز..
وشاب الحفل سوء التنظيم وكان المكان أقل من أن يستوعب عشاق »زياد« في مصر..
ولكن الأهم انه حضر للقاهرة..
وفتح أمامناً
الباب لنفس السؤال الذي كثيراً
ما يتكرر خاصة مع بداية كل صيف أين
»جارة القمر«؟!
في كل موسم في كل مهرجان بل في كل حفلة
غنائية يتردد اسم المطربة الكبيرة »فيروز«
ودائما ماتغيب فيروز عندما تفكر دار الأوبرا المصرية في إقامة مهرجان غنائي
فلا شك أن أكبر صوت عربي لايزال يقدم فن الغناء الأصيل الجميل هو صوت فيروز
وهكذا يصعد اسمها إلي المقدمة وتبدأ المفاوضات بين الجهة المنظمة للمهرجان
وفيروز وتتعثر المفاوضات ولا تصل الأطراف إلي اتفاق مشترك ولا إلي أرض
محايدة يقف عليها الطرفان حيث ان شرط »فيروز«
الذي تتناقله أجهزة الإعلام المصرية هو
المليون دولار وهو ماتراه دار الأوبرا مبالغاً
فيه ومتجاوزاً ايضاً
إمكاناتها رغم ذلك فإن الأمل لم يتوقف ويري البعض
ان هذا شرطاً تعجيزياً تفرضه »فيروز«
حتي تتهرب من الغناء في مصر وهو ما يتردد ايضاً عندما توجه وزارة
السياحة المصرية دعوة إلي »فيروز«
لكي تكرم في المهرجان الرسمي للأغنية أو مهرجان الفيديو كليب وغيرها من
المهرجانات الغنائية وتعتذر »فيروز« ليس بسبب المليون دولار هذه المرة ولكن
لانها لاتحب الترحال خارج بيروت ان المرات القليلة التي جاءت فيها فيروز
للقاهرة بصحبة الاخوين رحباني الراحل »عاصي« زوجها و»منصور«
شقيقه الذي رحل قبل أكثر من عامين زيارات
»فيروز« تصل إلي الندرة ولايتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة إلا بعد قليل
لكنها لاتصل ابداً إلي عدد أصابع اليدين أخرها كان قبل أكثر من
٨٢
عاما!!
البعض يعتبر أن فيروز لها موقف معاد لمصر وللغناء المصري حيث إن
»فيروز« والرحبانية شكلوا في الوجدان الغنائي العربي قطباً
موازياً للغناء المصري ولايعني التوازي ان القطبين متساويين في القوة
متضادان في الاتجاه ولكن لاشك ان »فيروز«
والرحبانية قدما للأغنية مذاقاً
مختلفاً وليس متناقضاً ليس فقط علي مستوي الألحان وأسلوب الغناء ولكن ايضاً
الكلمة الشاعرية عند منصور وعاصي لاتستطيع أن تعتبرها امتداداً ولاترديداً
لما كتبه شعراء الأغنية الكبار في مصر أمثال »أحمد رامي«،
»بيرم التونسي«، »مأمون الشناوي«، »حسين السيد«، »مرسي جميل عزيز«..
ولم تغن في مصر إلا لسيد درويش أعمالاً فولكورية مثل
»طلعت يامحلا نورها«
و»الحلوة دي قامت تعجن في الفجرية للموسيقار محمد عبدالوهاب
وقصائد »مر بي«
و»سكن الليل«
و»سهار« وعدد من أغانيه القديمة مثل »خايف أقول اللي في قلبي«
وبتوزيع موسيقي للرحبانية سوف تجد ان نبض التوزيع الموسيقي الرحباني كان له
طغيان واضح ولم تغن للشعراء المصريين سوي للشاعر مرسي جميل عزيز قصيدته
»سوف أحيا«.. الرحبانية شكلا ملامح »فيروز«
الغنائية ولم يدخل خلال العشرين عاماً
الأخيرة علي خط عاصي ومنصور إلا »زياد الرحباني«
الذي أكمل مسيرة والده عاصي وعمه منصور.
وفي حياة منصور وعاصي كان عدداً
محدود جداً من الملحنين اللبنانيين لهم ومضات علي صوت »فيروز«
أشهرهم اللبناني الراحل »فيلمون وهبة«
والسوري »محمد محسن« الذي غنت له عددا كبيراً من قصائد الشعر القديم ولكن ستلاحظ التوزيع الموسيقي للرحبانية له
دائماً اليد العليا..
اختلف الأمر بالطبع بعد رحيل عاصي حيث حدث
أنفصال بين فيروز ومنصور وكان هناك مشروع لثلاث قصائد تغنيها فيروز من
تلحين الموسيقار رياض السنباطي لم تفرج فيروز عن هذه القصائد ورحل السنباطي
في مطلع الثمانينيات ولايزال مصير هذه القصائد
غامضاً.. يوجد لدي المطرب أحمد السنباطي ابن رياض السنباطي تسجيل نادر
لوالده لبروفة مع »فيروز« وكثيراً ما طلب منها ان تقدمها للجمهور دون جدوي..
أكثر من ذلك عندما طلب
»السنباطي«- الصغير - من »فيروز« ان تسمح له بطبع هذا التسجيل علي أشرطة وC.D
رفضت السماح له بذلك!!
اختيارات »فيروز«
هي حق مطلق لها والثمن الذي تطلبه لإحياء الحفل وللفرقة الموسيقية والكورال
المصاحب لها لا أراه مبالغاً فيه إذا عقدنا مقارنة بين أجر أحمد حلمي أو محمد سعد أو عادل إمام عن
الفيلم الواحد والذي يتجاوز الآن
٢
مليون دولار نجد ان مليون دولار لايعد
كثيراً إذا طالبت به فيروز ثم راجعوا أجور عمرو دياب ونانسي وشيرين وهيفاء
في الحفلات..
لقد جاء »زياد«
للقاهرة واحتضنته قلوب الجماهير المصرية والآن ننتظـر »فيروز«
.. وانا أترقب أن يسبق حضور »فيروز«
لمصر إذاعة قصائدها الثلاث التي لحنها لها
»السنباطي«.. انها عناق نادر بين ذروتين »فيروز«
التي قال عنها الموسيقار الكبير »محمد عبدالوهاب«
أنها صوت يسمو علي التقييم البشري فهو من السماء..
اما
»السنباطي« فإنه عملاق النغم الشرقي الذي لم يطاول قامته الإبداعية أحد في العالم العربي!!.
أخبار النجوم المصرية في
29/04/2010 |