تم الإعلان عن تحالف بين رابطة أميركا للصورة المتحركة وبين سبع شركات
إنتاج سينمائية هندية هدفه التصدّي لقراصنة الأفلام، من خلال تفعيل مسؤولية
قاعات العرض لمنع سرقة الأشرطة خلال وقت العرض بـ<الكاميرات> والهواتف
الخلوية، وتشديد العقوبات القانونية على السارقين، ووضع تشريعات وقوانين
جديدة·
وفيما لم يُعرف حجم خسائر الشركات الأميركية من القرصنة، فإن بوليوود
الهندية لا تتردّد في الإشارة إلى أنّ خسائرها من القرصنة بلغ حوالى 959
ملايين دولار سنوياً من أصل بيلونَيْ دولار تربحهما السينما الهندية في
الغالب·
أرقام مرتفعة جداً، والمتاح من الأفلام الجيّدة نوعاً، تقنياً، وقيمة فكرية
كثير جداً، سواء من بوليوود التي يهتم بها العالم الثالث أكثرمن غيره، أم
من هوليوود التي تُدرك ما الذي يريده العالم على مدى فصول العالم على مدى
فصول العام فتسوّق له كل ما يطلبه، بحيث تعثر على تشكيلة مُذهلة في تنوّعها
للكبار والصغار، للمثقفين والجهلة، وتحضّر كل الأنواع من الأكشن،
الكوميديا، الدراما والميلودراما، الرعب، وكل ما يخطر في البال·
التحالف هذا جيد لمحاولة ضبط القرصنة، والرأي السائد أنّ النُسخ التي يراها
الناس على شاشاتهم الصغيرة ليست من النوع الرديء الذي يؤمّنه بعض العملاء
الصغار عندما يخفون آلة تصوير تحت ملابسهم، ويأخذون زاوية آمنة في أي صالة
عرض، ويبدأون بالنسخ، لكن مثل هذه النُسخ تكون <مضروبة> باللغة العملية
المتداولة في السوق، ففي التسجيل أصوات وضحكات، وحركات الروّاد من شباب
وصبايا مما يمنع المشاهدة المُريحة لمجرد أنّ ثمن النسخة في بيروت هو دولار
واحد فقط·
لكن من اهتدى الى مواقع على الإنترنت تؤمن نسخاً مضيئة ونظيفة صوتاً
وصورةً، فاز بمشاهدة رائعة، ونستغرب أنْ تستنفر عاصمتا السينما في العالم
لمواجهة القراصنة، وهم يسرقون الأفلام ويبثونها أو يوزّعونها علناً عبر
مواقع معروفة، وأسماء غير مجهولة، حيث يكفي أن يدخل صاحب الرغبة في
المشاهدة أو ضبط القراصنة إلى أحد هذه المواقع كي يدرك أن كلمة قرصنة ما
عادت مناسبة، فاللص يسرق في السر، أما الذين يأخذون ما يريدون في أي وقت
وفي العلن فهؤلاء يمارسون <بيزنس>·
ونستغرب أنْ تتجاهل هوليوود ما تذهب إليه الشركات العملاقة من الاتصال
بالقراصنة المفترضين، وعقد إتفاق شرف (!؟) معهم يقضي بأن تسلّمهم نسخاً <أوريجينال>
من الأفلام الجديدة لتوزيعها كما يشاؤون ومن دون علمها العلني مقابل نسبة
مئوية تحفظ ماء وجه الشركة، ولا تقفل الباب على الذين يستغلّون هذا المناخ،
فيعمل الجميع، ويستفيدون من دون أن تُزعج نفسها الجهات الرقابية والأمنية
المختصة في المطاردة، أو البحث والتحرّي، للوصول إلى الرؤوس المدبّرة لكل
ما تشهده عواصم العالم من فلتان في التوزيع وتوفير الأفلام الجديدة لرواد
الـ(DVD)
في منازلهم·
يستحيل القضاء على القراصنة أو وقف نشاطهم، فهم جزء من ديناميكية التسويق
التي توصّل هذه الأفلام إلى الناس قبل أي وسيلة أخرى·· وبسعر منخفض جداً،
ينعكس أول ما ينعكس على الصالات السينمائية المكلومة من هذا الواقع لأن
قلّة فقط مستعدة لمشاهدة الفيلم الواحد أكثر من مرّة، حتى ولو كان شريط (The Hurt Locker)
المتوافر على الإنترنت منذ ستة أشهر، وهو يُعرض متأخّراً منذ أيام فقط في
بيروت، بعدما لم يتسنّ أمر برمجته وقت إعلان الأوسكارات، فوضع الفيلم في
مرحلة الخطر عند الشباك·
عروض
(The
Hurt Locker)
يُعرض بعد الاحتفال به في استرجاع لصدى جوائز الأوسكار ولحرب
العراق...
محطّمو أحلام الصغار تواجههم دائرة الجنيَّات وتعاقبهم على
جريمة لا تُغتفر
محمد حجازي
نعرض لشريطين من عروض الأسبوع، بعدما استعرضنا في فترات سابقة باقي
الأفلام، ورغم أنّ فيلم (The
Hurt Locker) لـ كاترين بيغلو الفائز بستة أوسكارات مؤخّراً قُدِّم في عرض خاص
يوم الثلاثاء الماضي، إلا أنّنا نشرنا مادة نقدية عنه منذ ما ياقرب الشهر
ونصف الشهر، حيث اعتبرناه منافساً لـ<آفاتار>·
(Tooth
Fairy): - ربما وجود اسم دواين جونسون يوحي بأنّ ما يقدّمه تجاري، عادي،
عابر، ولا قيمة له إلا في تأمين التسلية وملء الوقت للمشاهدين، لكن ماذا عن
وجود جولي آندروز معه في فيلم واحد، هذا دون شك يستوقف، وفي درجة لاحقة
الممثلة آشلي جود، في إخراج لـ مايكل ليمباك·
لكن حين يُعرف بأنّ مَنْ كتب النص السينمائي هم خمسة <لويل غانز، بابالو
ماندل، جوشوا ستيرنت، جيفري فانتيميليا، وراندي مايام سنغر) مع كاتب قصة
هوجيم بيدوك، ندرك أنّنا أمام شريط اشتغلت عليه طاقات متنوّعة، ومميّزة من
أجل فكرة تستحق عنواناً علاجياً نفسياً للصغار وهو عدم كسر أحلامهم وميولهم
وتطلعاتهم ومفاهيمهم تحت أي ظرف·
ديريك (جونسون) بطل معروف في لعبة الهوكي، له العديد من المشجعين كباراً
وصغاراً وعلى علاقة ود مع كاثي (آشلي جود) أم الولدين راندي (شايز أليسون)
وتيس (ديستيني غرايس وبلوك)، تكون له مع الولدين كما مع طفل ثالث مشكلة
أنّه كسر خاطرهم، وكان قاسياً حتى لا نقول غليظاً في موقفه من تطلّعاتهما
وراندي عازف غيتار جيد لم يأبه له ديريك وحادثه كأنّما يتصرف مع طفل غبي
ولم يعر اهتماماً للموسيقى التي يعزفها، بينما <تيس> التي تصغره بعدة
سنوات، فادّعى ديريك أنّه جنيّة الأسنان وهو من أخذ لها سنّها الذي سقط وهي
في حال التبديل·
واقعتان أوقعتاه في شر أعماله·
دائرة الجنيات التي تقودها السيدة ليلي (جولي أندروز) تصرّفت في الحال
وأرسلت إليه مَنْ يراقب أفعاله، في وقت نبت له جناحان كبيران يساعدانه على
الطيران انطلاقاً من تدريبات بتولاها الخبير ترايسي (ستيفن ميرشان) مساعد
ليلي في كل خططها·
ما يحصل أن ديريك يخضع لهذه الدائرة كونه تجرأ على ادعاءاته جنّي من
الجنيّات، وأنه أسهم في كسر حلم طفل أيضاً وهو ما ترفضه الدائرة تماماً
وتسعى للاقتصاص ممن تسبب فيه، لذا يتكرّر حضور ليلي وترايسي في يوميات
ديريك، الذي لا يعرف متى ينبت له جناحان، ومتى يختفيان، وفي كل الحالات
تنزل العقوبات على رأسه من كل صوب كلما خالف تعليمات هذه الدائرة التي
تهمّها مصلحة الأولاد بالدرجة الأولى حرصاً على عدم ضياع أحلامهم سدى في
عصر المادة·
صورة الجناحين لا تظهر لـ كاثي، وتظل صورة ديريك جيدة عندها، الى أن يبدأ
هو بتصحيح أخطائه مع الولدين، فيؤمّن طيراناً طارئاً ينقل خلاله راندي الى
إحدى القاعات الرئيسية المهمة في ولاية أخرى ولكن طيراناً به على متن
أجنحته السريعة والعملية جداً جداً، وهو استطلاع إيصاله لتلحق به والدته
وشقيقته الصغرى، واستطاع أن يعزف ويكتسب تجاوباً واسعاً من الحضور، إنعكس
على أدائه الراقي، في وقت كان تسلل الى غرفة تيس قبل ذلك وأبلغها أنّ هناك
جنية أسنان وهو يعتذر لأنه لم يعطها سابقاً المعلومة المفيدة والصحيحة·
ليلي بالمقابل، وفي آخر لقاء لهما حرّرته من قيد الجنيّات وجعلته قادراً
على أن يفعل ما يشاء ويكون رجلاً حقيقياً لا يؤذي الأولاد، وهو سبب كافٍ
دفع الى تقوية قلب ديريك كي يطلب يد كاثي للزواج التي وافقت فوراً وسط فرحة
الجميع الذين عرفوا بالحالات التي مرّ بها ديريك قبل أن يصل الى طلب الزواج
من كاثي التي تشع في الفيلم جمالاً وعاطفة وحضوراً·
Carriers: - نعم ربما نكون تعبنا من أشرطة الرعب والترقُّب على مدى سنوات، لكن
لهذه النماذج من يريدها ويتابعها في وقت يبدو واضحاً أن مخيلة الكتّاب ما
عادت تسعفهم على تقديم روايات ومعالجات جديدة·
الأخوان ألكس وديفيد باستور كتبا وأخرجا هذا الفيلم، كي توزّعه بارامونت
فانتيتج، وكان أن واكبنا 84 دقيقة من حالة هروب لشابين أخوين وفتاتين في
مناطق نائية وخاوية ولم يبق منهما إلا اثنين أخيراً·
الأخوان داني (لو تايلور بوتشي) وبرايان (كريس بين) اللذان عاشا حياة سعيدة
ومرحة مع ذويها، كانا مع الصبيتين بوبي (بيبر بيرابو) وكايت (إيميلي فان
كامب)، والأربعة هائمون على وجوههم بحثاً عن ملاذ آمن من المرض القاتل الذي
يفتك بالناس ويقضي عليهم فوراً، فيما هو مُعدٍ جداً بالأنفاس كما باللمس،
وهم يلاقون رجلاً يُدعى فرانك (كريس ميلوني) ومعه ابنته الصغيرة جودي
(كيرتان شيبكا) مصابة بالعدوى وهو يبحث عن مستشفى تعالجها، وكان فرانك أوقف
سيارته بعرض الطريق لإيقاف أي سيارة عابرة كي يأخذ منها جانباً من العقار
الذي يؤخذ لوقف تدهور الحالة الصحية لابنته·
برايان الذي كان يقود السيارة لم يتوقّف وتجاوز السيارة المتوقفة، لكن
بعدما تضرّرت سيارته بفعل إصطدامها بالأرض، وظهور حاجة ملحة الى وقود
لمتابعة السير، ما يضطرّهم للعودة الى الرجل ومقايضته، ومن ثم متابعة سيرهم
بحثاً عن مستشفى لابنته التي عُزِلَتْ تماماً في المقعد الخلفي من الجيب،
لكن بوبي تحاول إنقاذ جودي فتلمسها لتصاب بالعدوى، وعندما يكتشف الجميع ذلك
يصر عليها صديقها برايان أن تغادر السيارة، ويتابع الثلاثة، لكن الوقود
أيضاً ينفذ، فيوقف برايان سيارة فيها إمرأتان رفضتا تقديم الوقود فقتلهما
برايان بعدما أصيب في رجله، وتبيّن أنّه هو الآخر مصاب بالمرض، فكان على
شقيقه داني أن يصارحه بضروة البقاء حيث هو كي يواصل داني وكايت طريقهما·
يرفض برايان ويخبئ مفاتيح السيارة، ويتواجه مع شقيقه الذي لم يجد بُدّاً من
إطلاق النار عليه، والمتابعة من دونه، ويظل بعد ذلك صدى أيامهما طفلين
معاً، يعود بذاكرة داني الى الوراء كي يلاحظ كم فعل المرض في العائلة بعدما
فقد الولدان ذويهما قبلاً· شريط منفّذ بشكل مريح، ووجوه متآلفة في كاستنغ
موفّق، وقصة ليست جديدة، بينما المؤثرات الخاصة والمشهدية كانت فقط من خلال
الماكياج وليس شيئاً آخر أبداً·
<أديم> أول أنموذج سينمائي لــ عادل سرحان بعد عشرات
الكليبات
مزاوجة ناجحة بين العروس الأنثى وعروس الشرف·· الأرض
كارمن لبُّس حلّقت بالــ 12 دقيقة زغردة ورقصة عز···
محمد حجازي
لم نستغرب أبداً أن يتصدى مخرج كليبات لتقديم فيلم سينمائي· هذا ما فعله
قبلاً طوني أبو إلياس، ثم نادين لبكي، وهذا ما يتحضّر له عدة مخرجين
معروفين في مجال الكليب: سعيد ماروق، وليد ناصيف، رندلى قديح وغيرهم، لكن
التجرّبة التي نحن بصددها قدّمها عادل سرحان، بعنوان <أديم> بمعنى قلب
الأرض، ومن خلال العنوان نرصد رغبة عبّر عنها عادل منذ سنوات لتقديم فكرة
لافتة تربط بشكل رمزي ونبيل بين العريس الذي يُزف إلى الأرض شهيداً، أو إلى
حسناء زوجاً·
واستناداً الى هذا المناخ جاءت النتيجة جيّدة، خصوصاً في عملية الدمج بين
المشاهد المتناقضة ما بين زغاريد الزواج، ومباركة من سقط دفاعاً عن الأرض،
ومثل هذه الرمزية أحببناها لأنّها بعيدة عن العضلات التي تُبديها كليبات
كثيرة من تفجير وتدمير ومناورات بينما الواقع أنّ القضية كي تصل الى مدى
أبعد، لا بد من أن تدخل على خط المنطق في مخاطبة عقول غير اللبنانيين أولاً
وغير العرب ثانياً، وتمثل ما يوحيه مثلاً الجندي اللبناني الشاب وهو يمشي
في الشارع بشكل راقٍ وجاذب ويتزاحم المدنيون من حوله لتحيّته من أعماق
قلوبهم·
هنا رمزية·· تعادل رمزية سرحان وهو يعقد المقارنة والصورة تصبح واحدة فعلاً
لأن ما أراده هذا الفنان، هو عقد المقارنة محسومة الشبه أصلاً بين
الصورتين، لكن شيئاً لا يضاهي ولا ينافس الفنانة كارمن لبُّس·
كارمن في الشريط القصير الذي فاجأ وقته على الشاشة (12 دقيقة فقط) معظم
المدعوِّين الى العرض الخاص يوم السبت الماضي، خصوصاً من اعتبروا أنّها شبه
سهرة سينمائية، فإذا هي رسالة مختصرة وصلت إلى كل مشاهد على حدة·
واختصار الوقت بفيلم قصير، هو من ميزات العاملين في مجال الإعلانات
والكليبات، لذا جاءت الأجواء معبّرة بقوة عن فكرة وصلت مباشرة في 12 دقيقة،
وكان ممكناً العمل عليها لساعتين من دون الوصول معها إلى نتيجة إيجابية في
توصيل مغزاها إلى المشاهدين، أما كارمن فقد أثبتت، شريطاً إثر شريط، أنّها
ممثّلة أولى في لبنان، خصوصاً بعدما لوَّنت في أدوارها، وعرفت كيف تصل إلى
ما تريده بأداء قلَّ نظيره بين ممثلاتنا الجميلات سواء في بيروت أو القاهرة
أو باريس أو حتى السويد لا فرق بعدما لعبت دور أم المخرج جوزيف فارس في
شريطه: زوزو، إضافة إلى أدوار أخرى في غرب بيروت، وليلى قالت هذا (كلاهما
لـ زياد دويري) وهي حالياً بطلة شريط: شتي يا دني، لــ بهيج حجيج·
ولم يكن جيداً من المخرج سرحان ترك اسم كارمن إلى نهاية جردة أسماء منْ
حيّاهم من أسرة العمل، فيما من شاهد الفيلم عرف أنّ كارمن هي الفيلم
بالكامل، وتطل في مشاهده من بدايته حتى آخر لقطاته، رغم وجود فريق مؤلف من:
شيرين سولارا، ريم البنا، ريتا لبكي، رنا كنانة، عبد الرحمن التنير، وهاشم
المصري، إضافة إلى ضيوف الشرف: جوزيف أبو دامس، جان حايك، سعيد بركات،
ومارون شرفان· وإذا كان من إيجابية بارزة في <أديم> فهي أنّه يفتح الباب
على علاقة تتوطّد بين مخرجين شباب، للكليبات وللإعلانات، كي يجرّبوا حظّهم
في السينما، ولم نكن قد سمعنا من أحد ولا حتى من سرحان نفسه عن أنّه بصدد
التحضير لفيلم قصير، وما دام قدّمه، فإننا ننتظر عدة أفلام معظمها رؤيته
لمخرجين عديدين أعلنوا عن هذه الرغبة على أساس ظهور مشاريعهم تباعاً خلال
الأشهر القليلة المقبلة·
وإذا كان من مأخذ على <أديم>، فهو الإضاءة خصوصاً في لقطات حركة الكاميرا
المحمولة على الكتف داخل المنزل، فلم يكن موحياً أو ضرورياً استعمال هذه
الطريقة، وهناك إدراك لأن الظلام سيكون واضحاً في العديد من اللقطات ما
غيَّب التعرّف على عدد من الوجوه، فكيف إذا كان الشريط أصلاً قصير ولا
يحتمل قضمه أبداً·
وما أحببناه جدّاً، هو ترك الشخصيات المحيطة بالبطلة تتحرك من حولها
عفوياً، لكن من دون فاعلية في العمق، ولكن ملء المناخ من حولها بشكل
أنموذجي، وترك الباقي، النسبة الكبيرة من روح المشهد لــ كارمن، لذا كان
حضوراً أساسياً ومؤثراً جداً بعدما أفرغت الأدوات من حولها تماماً كي تبهر
هي، وتقول ما عندها دعماً لفكرة الفيلم وحمل قضية، لتوظيفها حيث يجب
وبأسلوب فاعل، عميق، يعلق في الذهن·
وحضرت المؤثرات المشهدية ليس بشكل استعراضي أبداً، بل استكمالاً للفعل
المشهدي، وهو مناخ عادة ما يدركه مخرجو الكليبات الذين يكون عامل التأثير
مهيمناً على نتاجهم·
اللواء اللبنانية في
15/04/2010
عروض سينمائية
«
Alice in Wonderland»
مغامرة مبهرة بصرياً فاترة درامياًغابت عنها جاذبية القصة الأصلية
الفيلم يبدو جزءًا ثانيًا من مغامرات أليس.. وتمسكه
بتكرار بعض تفاصيل القصة القديمة جعله مرتبكاً
إيهاب التركي
تعد قصة «أليس في بلاد العجائب» من أكثر قصص الأطفال الخيالية التي عالجتها
السينما منذ بداياتها، المعالجة الأولي للقصة كانت عام 1903 من خلال فيلم
صامت أخرجه «سيسيل هيبورث» و«بيرثي ستو» ولم تتجاوز مدته ثماني دقائق
وثواني قليلة، وتوالت المعالجات مابين أفلام واقعية ورسوم متحركة
واستعراضية تحكي قصة الطفلة الفضولية الصغيرة التي تسقط في جحر أرنب يرتدي
بذلة ويحمل ساعة تطارده وتجد نفسها في عالم خيالي تحت الأرض تتكلم فيه
الحيوانات وأوراق الكوتشينة وتتصارع فيه شقيقتان هما الملكة البيضاء الطيبة
الجميلة والملكة الحمراء الشريرة الدميمة كبيرة الرأس، النسخة الأخيرة التي
تعرض حالياً بتقنية الأبعاد الثلاثية المجسمة من إخراج «تيم بيرتون» ومن
انتاج «والت ديزني» هي المعالجة رقم 25 لقصة الكاتب وعالم الرياضيات
«تشارلز لودفيج دودجسون» المعروف أكثر باسمه المستعار «لويس كارول»، وقد
تألق فيلم «تيم بيرتون» كثيراً علي المستوي البصري الذي جمع بين التمثيل
الواقعي والجرافيك، وجمع بين شخصيات الممثلين الحقيقية وشخصيات الجرافيك
وحتي الممثلين الذين جمعوا بين جزء حقيقي من ملامحهم وجزء خيالي تم تخليقه
من خلال برامج الكمبيوتر، ولكن الفيلم لم يكن علي نفس موجة الإبهار البصري
فيما يختص بالقصة أوالسيناريو، فالفيلم درامياً لم يحافظ علي تفاصيل ورونق
القصة الأصلية، ولم يقدم مفاجأة أو اختلافًا كبيرًا في المعالجة الجديدة
التي تبدأ أحداثها بعد 12 عاماً من زمن القصة الأصلية، وفيها نري الطفلة
أليس أصبحت شابة حسناء عمرها 19 عاماً مطلوبة للزواج من لورد شاب لا تحبه،
وفي الوقت الذي تبدو فيه تلك الزيجة ملائمة تماماً وتتمناها أي فتاة في
المجتمع الفيكتوري الأرستقراطي المخملي نري أليس بشخصيتها المختلفة وخيالها
الجامح وفضولها وأسئلتها التي لا تنتهي مختلفة عن هذا العالم الذي تعيش
فيه، هذا الجزء الذي يمثل تمهيدًا للأحداث الأهم من الفيلم بدا مملاً
ورتيباً، وهو أمر يبدو متعمداً لتحقيق قدر من التشويق للمشاهد الذي ينتظر
بداية المغامرة بعد تلك المقدمة الفاترة التي تمتلئ بشخصيات ترتدي الملابس
الفيكتورية الغريبة وتتحدث بصورة مفتعلة، فالفيلم لا يبدأ فعلياً إلا حينما
تسقط أليس مرة أخري في جحر الأرنب الذي يبدو بلا نهاية لتجد نفسها في عالم
خيالي يبدو واقعياً بصورة ما، إنه الخيال الذي يصل إلي مرحلة يصبح فيها
واقعاً لا يدركه من هم فوق سطح الأرض.
نحن في الفيلم أمام معالجة مرتبكة تبدأ بصورة واضحة تقدم جزءًا ثانيًا من
قصة «مغامرات أليس في بلاد العجائب» بشكلها المعروف، فنحن أمام أليس التي
كبرت ولم تعد طفلة عمرها سبع سنوات، هي شابة جميلة مازالت مغامرة طفولتها
التي نسيتها تطاردها في أحلامها كل يوم، وحينما تعود إلي بلاد العجائب مرة
أخري تكرر بعض تفاصيل مغامرتها الأولي، وهو أمر يربك من ينتظر تفاصيل
مغامرة جديدة تماماً ولا يجد في الحقيقة الا القليل الذي قدمه سيناريو
«ليندا ويلفرتون».
لا شك أن الهدف الشكلي من الفيلم تحقق مع نجاح الفيلم في تحقيق حالة
الخيال والأزياء والاكسسوار والديكور المتقن شديد الجمال بتفاصيله الدقيقة
وكادراته المفعمة بالأجواء الخيالية الجذابة، ولكن كل ذلك لم يجعل مهمة
أليس مثيرة، الفيلم يمكن مشاهدته بصورة عامة علي أنه مجموعة من المغامرات
الملونة اللطيفة، ولكنها مغامرات غير مثيرة وغير متماسكة في بنائها،
الممثلة التي قامت بدور أليس «ميا واسيكوسكا» كانت في مشاهدها الأولي كفتاة
شابة خيالية شاردة ورافضة تقاليد المجتمع الفيكتوري الجامدة الجافة في الحب
والزواج أفضل حالاً وأكثر تعبيراً عن كل مشاهدها كأليس التي سقطت في عالم
خيالي لتجد نفسها في مهمة مقدسة لقتل تنين شرير، وتستغرق وقتاً طويلاً
لتقتنع هي نفسها بأنها أليس التي ينتظرها الأخيار حسب النبوءة والتي يخشاها
الأشرار، وهي في طريقها تلتقي بأشخاص غريبي الأطوار مثل «جوني ديب» الذي
يجيد تقديم شخصية صانع القبعات نصف المجنون الذي يعاون أليس كثيراً في
مغامرتها، وإن كان يشبه بعض الشيء شخصية «ويلي وانكا» التي قدمها سابقاً في
فيلم «تشارلي ومصنع الشيكولاتة» مع نفس المخرج «تيم بيرتون»، أيضاً تقدم «هيلينا
بونام كارتر» - زوجة المخرج وبطلته المفضلة - شخصية الملكة الشريرة الملقبة
بالملكة الحمراء بأداء جيد، هي الأخت الأكبر للملكة البيضاء الطيبة «آن
هاثاواي» وتعتقد أنها الأحق بالملك، كما أنها علي عكس شقيقتها تكره
الحيوانات وتستعبدهم وتعاملهم بقسوة، يقدم «آلان ريكمان» بصوته الرخيم
المميز دور اليرقة الحكيمة الزرقاء، ويقدم «ستيفن فراي» شخصية القط صاحب
الابتسامة الخبيثة الذي يمتلك القدرة علي الظهور والاختفاء متي يشاء، و«فراي»
من أكثر الممثلين الذين عبروا بحيوية وأداء صوتي متميز عن الشخصية الماكرة
لذلك القط.
الدستور المصرية في
15/04/2010 |