ما هو السينمائي الصرف في الفيلم وما هو المسرحي أو الأدبي فيه؟ موضوع
يتردد دائما كل ما وصف ناقد ما فيلما بأنه ينتمي إلى السينما الخالصة، أو
اتهم ناقد فيلما آخر بأنه مسرحي أو مجرد سرد أدبي مرئي . وفي واقع الأمر
كثيراً ما يحار المرء في تحديد ما الذي يثير المتفرجين أكثر من غيره في
الفيلم، أهو الحوار الجذاب المحتوي على أفكار وتأملات عميقة والمتضمن كافة
عناصر الدراما؟ أم هو تركيب القصة المشوق والمحفز للعواطف والانفعالات، أم
المشهدية الخلابة التي تشحن المتفرج بالمتعة الجمالية، وغير ذلك من عناصر
يشتمل عليها فن الفيلم ويمكن لكل واحد منها أن يلعب دوراً خاصاً به في بناء
ردود الفعل على الفيلم من قبل متفرجين مختلفي الثقافة والوعي والذائقة
الفنية .
من بين بقية الفنون والآداب التي تدخل في بنية الفيلم السينمائي يحتل موضوع
العلاقة ما بين السينما والأدب مكانة استثنائية، ويتحول إلى إشكالية تختلف
حولها الآراء وتتعدد الاجتهادات والمواقف ما بين مناهض ومؤيد، مستنكر ومبيح
. وهذه الإشكالية المستمرة تقتصر على العلاقة بين السينما والأدب، فمن
النادر أن نجد من يتحدث عن تعارض ما بين السينما والفن التشكيلي، بل الشائع
أن نجد من يتحدث عن التكامل، فالسينما لا تتحقق من دون التشكيل في حين أنها
ممكنة من دون الأدب .
لا يقتصر الأمر على كون عملية إنتاج الفيلم تستند في الأساس إلى السيناريو،
وهو نص أدبي مكتوب، كما لا تقتصر على واقع أن العديد من نصوص السيناريوهات
يجري اقتباسها عن أعمال أدبية، بل إن الأمر يتعلق تحديداً بالعلاقة
الداخلية بين الفيلم والأدب معبرا عنها بالعلاقة ما بين الكلمة والصورة
داخل الفيلم المنجز وهي المسألة التي يشار إليها أثناء تقييم الفيلم
السينمائي نقدياً، خاصة عندما تكون الكلمات والتي تتجسد بواسطة الحوارات
التي تجري بين شخصيات الفيلم أو المونولوج، تتضمن قيمة شعرية مؤثرة في
النفوس .
ثمة مجموعة مراحل لتطور السينما في العلاقة مع الكلمة، المرحلة الأولى هي
مرحلة السينما الصامتة والتي كانت تتميز بالبحث، وبسبب من عدم اختراع الصوت
في السينما في حينه، عن شكل للعرض السينمائي متحرر من الكلمة، حيث ابتدع
الفيلم الصامت لنفسه وسائل تعبير مميزة . ومع ذلك فلم تستطع السينما
الصامتة أن تستغني عن الكلمات، فاستعملتها على شكل جمل مطبوعة على الشاشة،
أحياناً لتفسر ما غمض من حوار لا ينطق بين الممثلين، وأحياناً أخرى لتشرح
حدثاً أو موقفاً . بل إن المخرجين المبدعين في ذلك الزمن لم يكتفوا بطباعة
جمل الحوار بين الفصول والمشاهد، بل صوروا الجمل المطبوعة بلقطات متعددة
تتراوح بين العامة والمقربة وتعاملوا مع هذه اللقطات مستخدمين ما تيسر من
وسائل التأثير المونتاجي، أي أنهم تعاملوا مع الكلمات المطبوعة باعتبارها
جزءاً من المشهدية المرئية .
في الفيلم في المرحلة الثانية، والتي ترافقت مع دخول الصوت إلى السينما غدت
الكلمة المنطوقة بداية، والتي استهوت غالبية المخرجين كما سحرت المشاهدين
الذين أشعرهم دخول الصوت إلى الفيلم بمزيد من الواقعية، العنصر الأهم في
التعبير السينمائي، بحيث اعتبر بعض المخرجين الفنانين، والذين وقفوا موقفاً
مضاداً من دخول الصوت المنطوق إلى الفيلم، أن السينما تخلت عن الإنجازات
التعبيرية التي توصلوا إليها بواسطة أساليب المونتاج المتطورة، وأنها صارت
تثرثر .
مرت السينما بعد ذلك بعدة مراحل عثر الفيلم خلالها وبالتدريج على مميزاته
الخاصة وأسلوبه في التعبير عن مضمون عصره جامعاً بين فن التعبير البصري
والتعبير السمعي، خاصة من خلال الكلمات المنطوقة .
تكمن ميزة السينما في الجمع ما بين فن الكلمة باعتباره تراثاً أدبياً وفن
التعبير البصري الذي يستند إلى تراث من الفن التشكيلي، ويضاف إلى ذلك
تعبيرية الموسيقا ومصداقية الأصوات الطبيعية، ويصهر الكل في بنية متكاملة
ومتبادلة التعبير والتأثير .
في النهاية، يمكننا القول وبحق إنه بالعلاقة مع تعاقب المراحل والتطورات في
عالم السينما والتي نتجت عن جهود مخرجين كبار عبر تاريخ السينما، استقرت
الكلمة مع الصورة في الأفلام الحديثة وتحولت في السينما إلى نوع من الأدب
المصور الذي لا يكتفي فقط بخدمة السرد والمساعدة في التعبير عن الأفكار، بل
بشكل خاص، يساهم في إضفاء حساسية شعرية على الفيلم، وهذه ناحية مهمة جداً،
لأنه في حالات كثيرة يكون النص الأدبي الشعري واحداً من العناصر الفاعلة
التي تتسبب في إعجاب الناس بالفيلم .
الخليج الإماراتية في
03/04/2010
«غزة إننا قادمون» يكسر المحظور في أوروبا
الدوحة ـ «الحواس الخمس»
صوّت حوالي خمسة آلاف يوناني لفيلم شبكة الجزيرة الوثائقي (غزة إننا
قادمون) كأفضل فيلم منتج في العام 2009، وذلك في مهرجان سالونيك الدولي
الثاني عشر.
وحاز الوثائقي الذي أنتجته قناة الجزيرة على خمسة آلاف صوت جعلته يتقدم على
أكثر من ثلاثين فيلما وثائقيا وصل للمرحلة النهائية من أكثر من مئة وثمانين
وثائقيا هي مجموع الأفلام الوثائقية التي اشتركت في مهرجان هذا العام.
واعتبر يورغوس أفيروبولوس المخرج اليوناني الذي أخرج الفيلم لصالح شبكة
الجزيرة أن تصويت الجمهور اليوناني لصالح فيلم وثائقي يتحدث عن فك الحصار
عن قطاع غزة إنما يعبر بشكل واضح عن مدى أهمية أفلام وثائقية تعرض بوضوح
القضية الفلسطينية بأسلوب موضوعي وواقعي وبناء درامي أنيق.
وأضاف أفيروبولوس أن المئات من الشباب اليونانيين وقفوا ساعات طويلة أمام
طوابير الانتظار لكي يتسنى لهم متابعة الوثائقي الفائز، وكان التصفيق لأكثر
من خمس دقائق بعد نهاية العرض الأول، وذلك من دواعي سرور وفخر كل من أسهم
في إنتاج هذا العمل الرائد.
وعن المبلغ المالي الذي يصاحب الجائزة ويقدر بحوالي عشرة آلاف يورو أوضح
المخرج أن القائمين على الشركة اليونانية الكوكب الصغير التي أنتجت الفيلم
لصالح شبكة الجزيرة قرروا التبرع به لصالح الحملة الدولية لرفع الحصار عن
غزة حيث سيتم استخدامه لشراء مواد بناء يتم شحنها إلى غزة عن طريق أسطول
الحملة الذي يستعد خلال الفترة القادمة لتسيير سفن كبيرة باتجاه القطاع
المحاصر.
روان الضامن الإعلامية في قناة الجزيرة ومنتج برنامج تحت المجهر الذي شكل
الوثائقي أحد حلقاته أكدت في حديث بعد فوز الفيلم أن الجزيرة تفخر بإضافة
جائزة دولية جديدة لرصيدها، وتفخر بهذا الفيلم، وبالعمل مع الفريق اليوناني
والعربي الذي أنتجه، وقد تبنت إدارة البرامج بقناة الجزيرة هذا العمل منذ
كان فكرة على ورق وتابعته بكل تفاصيله حتى أصبح فيلما يبث بلغات ثلاث
العربية والإنجليزية واليونانية.
وتم بثه في الذكرى الأولى لكسر الحصار على غزة أول مرة في أغسطس العام
الماضي على القناتين الجزيرة الأم والجزيرة الدولية. وأضافت الضامن أن من
علامات تميز هذا الإنتاج أنه مرشح كذلك للمشاركة في مهرجان الجزيرة الدولي
السادس والذي سيجري خلال شهر أبريل القادم.
وحول الموضوع اعتبر فاغيليس بيساياس مسؤول حملة «غزة الحرة»التي أبحرت لغزة
صيف عام 2008 أن التصويت لصالح فيلم «غزة إننا قادمون» يؤكد على أهمية
تضامن الشعوب الحرة مع الشعب الفلسطيني الذي أصبح مثالا لكل شعوب العالم في
مجال التضحية والثبات على الهوية الوطنية.
وعن تجربته في الفيلم قال نيكولاوس زيرغانوس كاتب سيناريو الفيلم إن الهدف
الذي سعى إليه النشطاء هو فك الحصار عن مليون ونصف مليون شخص.
وهو في حد ذاته عامل إلهام كبير من حيث ضخامته وخطورته وإنسانيته معا، كما
أن قدوم النشطاء من أماكن ودول ومعسكرات فكرية مختلفة وأكثر من أربعين دولة
حول العالم، ثم نجاحهم في الوصول إلى غزة يعد درسا عمليا في كيفية التعاون
وتجاوز الأمور الثانوية في سبيل تحقيق الهدف الأسمى.
واعتبر زيرغانوس أن السنوات الأخيرة تشهد تضامنا شعبيا عمليا - خاصة في
صفوف الشباب - مع الشعب الفلسطيني ومع جميع الشعوب التي تشهد مقاومة
الاحتلال.
وهو ما أرجعه إلى العنف والوحشية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين وهو ما يخلق
شعورا بالحيف والظلم لدى الشعوب الأوروبية والغربية، كما أن مقاومة
الفلسطينيين المستمرة منذ عقود طويلة تشكل منارة ومثالا لكل الأوروبيين
الذين يعيشون ظروفا مختلفة لا تمت إلى المقاومة بصلة.
البيان الإماراتية في
03/04/2010 |