هو فنان من جيل اثري السينما المصرية كان في شبابه "الدنجوان" و"الولد
الشقي" الذي تمني كل شاب ان يكون مثله في خفة دمه واناقته ثم غاب فترة
سماها فترة "اعادة الحسابات" وعاد بالشعر الأبيض الوقور الذي منحه مظهر
الوالد الطيب وخبرة الفنان المتمكن والملتزم ربما لم تكثر حوله الشائعات
كما حدث مؤخراً بعد البلاغ الذي قدمه لغياب نجله عبدالله.. والشائعات التي
رددها البعض حول هذا الاختفاء وكذلك الهجوم الكبير علي مسلسل "أزواج الحاجة
زهرة" الذي تصور البعض انه ضد الدين.. فهل من المعقول ان يقدم فنان مثله
عملاً كهذا.. وللرد علي كل ما قيل التقينا به وكان "للجمهورية الاسبوعي"
هذا الحوار:
·
في البداية نحن الآن في بلاتوه
أحدث أعمالك فحدثنا عنه؟
نصور مسلسل "أزواج الحاجة زهرة" للمخرج محمد النقلي تأليف مصطفي محرم
وبطولة مجموعة من النجوم علي رأسهم الحاجة زهرة "غادة عبدالرازق" وأقوم فيه
بدور أول أزواجها رجل هاديء ومحترم.
أزمة زواج وطلاق
·
البعض هاجم المسلسل بل ورد أن
الأزهر اعترض علي فكرة تعدد ازواج الحاجة زهرة التي تجمع العديد من الازواج
مرة وأحدة؟
وهل هذا يعقل نحن في دولة إسلامية ولن يجرؤ أي مؤلف علي تقديم هذه الفكرة
المشينة.. المسلسل له هدف سامي فهو يتناول مشكلة هامة في حياة المرأة
المصرية وأزمة الزواج والطلاق وعدم التوافق بين الازواج.. وأقول لكل من
هاجم العمل "الحكم بعد المشاهدة" أما من هاجموه قبل مشاهدته اسألهم هل كان
معهم نسخة من السيناريو أم ان الموضوع هجوم وخلاص.
·
كان من المفترض ان تقدم مسلسلاً
إسلامياً هذا العام بعد الحاجة زهرة فهل تم الاتفاق عليه؟
لا يوجد.. وبصراحة أنا اكتفيت من الأعمال الإسلامية التي صنعت لسد خانة في
استجوابات مجلس الشعب.
·
كيف؟
كل عام يقرر التليفزيون المصري متمثلاً في شركة صوت القاهرة أو قطاع
الانتاج تقديم مسلسل ديني لأن معظم نواب مجلس الشعب دائماً يقدمون
استجوابات حول عدم وجود المسلسلات الدينية في شهر رمضان.. فيكون الرد عليهم
انتجنا مسلسلاً لحسن يوسف.. ولكن الحقيقة ان الاعمال التي قدمتها مثل
"الامام المراغي" كان يعرض الساعة 11 صباحاً لمن؟! حتي ربات البيوت يكن في
المطبخ أو نائمات.. مسلسل الشيخ "عبدالحليم محمود" أهم شيوخ الأزهر كان
يعرض قبل المغرب ومع تقديم ساعة الآذان كان التليفزيون يقوم بعرض تتر
البداية ثم تتر النهاية ومع قرب نهاية رمضان كانت مشاهد كاملة تحذف.. ناهيك
عن الخسارة المادية.. فأنا اتقاضي أقل اجر وأقل تكلفة انتاج واخسر مادياً
لانني منتج منفذ والتليفزيون لا يحاول حتي تسويق العمل لذلك ودعت الانتاج
والاعمال الدينية المهدرة ويكفي انني كنت أحاول تغيير مفهوم المسلسل الديني
التقليدي بعيداً عن الأعمال المقدمة باللغة العربية أيام الجاهلية فكان
العمل معاصراً ولغته سهلة والأداء طبيعياً ماذا أفعل غير ذلك.. بصراحة
"اتعقدت" خلاص.. ويكفي انني حملت عبء العمل ثلاث سنوات متواصلة وخسرت كل
شيء.. ولو كان انتاج المسلسل بالنسبة للقطاع "نقطة" في بحر الملايين "2
مليون جنيه فقط" يمكن ان تقصم ظهري ويجعلوني "اشحت"!!
أنا اليوم عائد بشكل جديد.. فأنا ممثل فقط وليست منتجاً ممثل. ينتظر الدور
الجيد الذي يعرض عليه ليقدمه سواء هوجم أو لا أنا ممثل فقط!!
·
غبت عن الفن لسنوات فهل ندمت
عليها.. خاصة وان الفن تغير في غيابك؟
لا استطيع ان اطلق علي هذه الفترة "غياب" بل مرحلة مراجعة حسابات.. فكما
تجلس مع نفسك قبل تقديم الاقرار الضريبي أنا اجلس مع نفسي قبل تقديم اقراري
لله عز وجل.
·
أين النجم حسن يوسف من السينما
التي كان بطلها لسنوات طويلة خاصة وان محمود الجندي وهو ممثل ملتزم عاد
للسينما؟
أتمني ان أعود للسينما وانتظر ان يعرض علي دور جيد فحتي الآن لم يعرض عليّ
أي دور سواء جيد أو غير جيد في السينما.
ابني يتقدم
·
البعض يري ان ابنك عمر حسن يوسف
ممثل لم يصقل بعد.. فما تعليقك عليه؟
عمر "واخد" خطوات طبيعية لأي ممثل ويكفي ان ممثلاً عالمياً مثل عمر الشريف
اتذكر انه هوجم كما لم يهاجم ممثل من قبل. قيل ان أداءه ضعيف وصوته غير
واضح و"يأكل" الكلام.. وعمر ابني يتقدم بخطوات سابقة وعندما شاهدته في آخر
اعماله "قاطع شحن" قلت له لو كنت في أول اعمالك سبعة من عشرة أنت اليوم
متقدم عشر خطوات وتفوقت علي نفسك.
·
أسرة حسن يوسف تعرضت لموقف غريب
مؤخراً حدثنا أولاً عن أسرتك؟
أسرتي هي زوجتي النجمة المعتزلة شمس البارودي وأبنائي ناريمان التي تحضر
دكتوراة في انجلترا ومحمود مدير شركة إعلانات ثم عمر ثم عبدالله.
·
حدثنا علي لسانك عما حدث لابنك
عبدالله مؤخراً؟
الموضوع كان ببساطة ان ابني قرر السفر للإسكندرية بعلمنا في شقتنا هناك مع
بعض اصدقائه لقضاء يومين وغاب أسبوعاً ولم يكن يرد علي الهاتف فتصورنا ان
حادثاً وقع له علي الطريق الصحراوي لا قدر الله فابلغنا الشرطة للبحث عنه
ولكنه سرعان ما هاتفنا وأكد ان شاحن المحمول ضاع وهو مع اصدقائه يقضي وقتاً
طيباً ولم يتصور اننا قلقنا لهذا الحد فنحن أسرة مترابطة إذا غاب أحد
افرادها بدون مبرر نعتبرها كارثة وهكذا سحبت البلاغ مثل أي اب مصري يخاف
علي أولاده وفوجئت بعشرات القصص والاساطير المنسوجة حول الموضوع لا أعرف من
اين اتوا بها ولكن الحمد لله علي كل حال.
·
بعد عشرات الأدوار ما هو الدور
الذي تتمني لعبه؟
دور الشيخ ياسين.. كانت هناك نية بالفعل لانتاجه عبر شركة قطرية بعد وفاة
الشيخ مباشرة وإلي الآن المذبحة التي وقعت بين حماس وفتح قتلت رغبة المنتج
الذي كان ينوي التصوير في لبنان وفلسطين وسوريا.. وقال لي كيف نصور والدم
"للركب" هناك لكن اتمني اليوم ان يعود الهدوء لاقوم بالدور.. ولا يشترط نفس
المنتج أي جهة انتاج محترمة ساكون سعيداً بتقديم سيرة هذا البطل القعيد
الذي كان يحرك العالم بنظرة منه ليس لقوته البدنية بل لقوة عقله وإيمانه
بالقضية التي جعلت عشرات الشباب يؤمن به ويوافقون علي اتباعه.. لأنهم
واثقون انه بطل بمعني الكلمة.
الجمهورية المصرية في
01/04/2010
ليل ونهار
الجزيرة المحطمة!
بقلم: محمد صلاح الدين
* السينما الجميلة والمثيرة والممتعة معاً هي تلك التي تهتم بإبراز كافة
التفاصيل وانفعالات الشخصيات لدرجة الشعور برغبة التداخل والاشتباك معها..
وهي تلك التي تمنح عقلك الوقت للحيرة والتساؤل.. وهي التي تجمع بين الإتقان
الفني والنجاح الجماهيري.. وأخيراً هي الصورة الشيقة. واللهاث وراء محتواها
حتي ولو كانت قاتمة أو صادمة!!
وتحفة المخرج العبقري مارتن سكور سيزي "الجزيرة المحطمة" تجربة مثيرة وتلفت
الانظار إليها بقوة.. فالرجل عجوز يقترب من السبعين. وبطله هو الشاب الوسيم
ليوناردو دي كابريو رومانسي "تيتانيك" معشوق الفتيات.. والموضوع ينتمي إلي
مايشبه أفلام الرعب التجارية الخايبة.. ولكنك حين تشاهد الفيلم حتي نهايته.
تدرك إنك أمام عمل غير عادي.. بل عمل مميز ورفيع المستوي.. ويحمل في طياته
الكثير. كما يحمل عدة مستويات من التلقي نادر الحدوث.. والذي يثير شهية
المتفرج لدرجة الحيرة والحرص علي رؤية الفيلم لمرات عديدة. لعلك تكتشف فيه
جانباً يريحك ويحمل إجابات قاطعة علي كمية التساؤلات التي فجرها.. كل هذا
بأسلوب التشويق والإثارة والمفارقة والمفاجأة وكلها وسائل التأثير الدرامي
أو التلاعب الإبداعي لكل من المؤلف والمخرج الذي يدخلك المتاهة مثلما دخلنا
إلي "الجزيرة" ولم يخرجك منها بسهولة كما دخلتها!!
ففي دراما سوداوية مرتبطة بمعلومات خفية لا يطلع عليها الجمهور حتي المشاهد
الأخيرة من الفيلم. نعيش في بداية الخمسينيات من القرن الماضي حيث نري
المارشال الأمريكي تيدي "ليوناردو دي كابريو" وشريكه تشاك "مارك روفالو"
يصلان إلي جزيرة نائية تشبه معتقل "جوانتنامو" للتحقيق حول اختفاء مريضة من
مستشفي للمصابين باضطرابات عقلية إجرامية.. وفوق هذه الجزيرة ذات السياج
الأمني العنيف والمناخ الإعصاري المتقلب.. يستشعر المارشال أن المكان مليء
بالغموض والأسرار.. خاصة في وجود طبيب غير متعاون "بن كينجسلي" ومجموعة من
القتلة والمغتصبين في حالة يرثي لهم. وهم مقيدون في أغرب أماكن السيطرة علي
الإطلاق.. برعت عناصر فنية عديدة في إبراز وحشة وقسوة الحياة فيها..
ورويداً رويداً نغوص في الشخصيات المرضية المتنوعة من المساجين المجرمين
مثل تلك قتلت أطفالها الثلاثة. وحتي الأطباء والممرضين ورجال الأمن أنفسهم
إلي أن نغوص تدريجاً في شخصية المحقق نفسه "دي كابريو" المضطربة لنطلع علي
الجانب المظلم في حياته.. حيث نعلم من سياق الاحداث أنه أحد أبطال الحرب
العالمية الثانية.. ولكنه ليس ككل الأبطال الذين تتباهي بهم هوليوود في كل
أفلامها.. هذه المرة يكسر سكور سيزي القاعدة ليقدم لنا نماذج من الحلفاء
الأنذال.. حيث يقوم هو وزملاؤه بدم بارد بتصفية مئات من النازيين الأسري
بصورة وحشية.. وكأنه يرد علي اليهود في مشهد بل في لقطة طويلة تعد من أقوي
لقطات السينما علي الإطلاق. حيث ينهمر الرصاص في صدور كتل من البشر في
مجزرة غير مسبوقة. ينتج عنها تلال من الجثث وقد تجمدت بفعل الثلوج لتصير
لوحة مؤلمة أو جدارية نحتية تشهد علي أفاعي الحرب في القرن العشرين!!
وهذا ما يفسر لنا كمية الكوابيس والهواجس التي كانت تطارد المارشال طوال
أحداث الفيلم.. ومنها شبح زوجته التي تدخل عليه في كل مكان يتواجد فيه..
إلا يتضح لنا في النهاية أنه هو شخصياً واحد من المرضي ساكني الجزيرة بعدما
قتل زوجته التي بدورها قتلت أطفاله. وهو انتقام إلهي مما كانوا يفعلونه في
الحروب.. وأن هذه الرحلة إلي الجزيرة لم تحدث إلا في عقله هو فقط.. وأن
زميله هو طبيبه المصاحب له في رحلة علاجه برغم محاولاته الشرسة للهروب
والتعدي علي الآخرين. وهو ما يفسر لنا تحية المساجين له عند دخوله أول
الفيلم التي لم نفهما حيث يعرفونه من قبل!!
ولكن ليس هذا هو المستوي الوحيد للدراما.. لأننا يمكن أن نتخيل أنه تعرض
لعملية غسيل مخ عقاباً علي جرائم الحرب التي اقترفها. وأنه سليم فعلاً خاصة
وأن مدير المستشفي ألماني. أو أن الرحلة تمت بالفعل وتم أيضاً تخديره
والسيطرة عليه؟! وكلها أسئلة الهدف منها فضح النفس البشرية من الداخل خاصة
تلك التي تظهر غير ماتبطن!!
هذه هي السينما الشيقة كما ينبغي أن تكون.. وهذه هي الرسائل الإنسانية
بالغة الطرق.. لمن لاتعجبهم كلمة "رسالة"!!
Salaheldin-g@hotmail.com
الجمهورية المصرية في
01/04/2010 |