ما زالت أشرطة الكرتون المعتمدة على آخر ما استطاعه الكومبيوتر من إمكانات
تحقّق تفوّقاً وجذباً يتجاوز في أحيان كثيرة، ما تنجزه الأفلام العادية من
نتائج بصرية·
آخر ما وصلنا وأحببناه كثيراً هو ما أنجزته ستوديوهات <دريم ووركس> التي
يملك ثلث أسهمها ستيفن سبيلبيرغ، والتي أفردت للمادة الكارتونية حيزاً
مستقلاً، بعنوان (How
to Train Your Dragon) للمخرجين دين دبلوا، وآدم· ف· غولد برغ اللذين
اعتمدا على قصة كريسيدا كويل بينما تعاون المخرجان مع كريس ساندرز وبيتر
تولان في كتابة السيناريو الذي كان موفّقاً جداً، من كل النواحي، فجاء
الفيلم متماسكاً، صلباً، ومسلياً جداً الى حد بعيد·
3D
التقنية السائدة حالياً والتي تقدّم واقعاً حميمياً بين المُشاهد والمادة
السينمائية على الشاشة، تخدم في أكثر من اتجاه، خصوصاً جعلها الأحداث
المصوّرة في صلب اللعبة المشهدية بحيث يحضر التقنيون وهم بالعشرات يقودهم
إيفريم آك يلماز، ويحوّلون الصورة مادة ديناميكية، حيّة، ومتفاعلة وتصبح كل
حركات وتبعات اللقطات مؤثرة واحدة واحدة في المُشاهد داخل الصالة، بحيث
تحاصره الطاقات والمؤثرات من كل حدب وصوب، فيشعر بأنه أضعف منها وأقل قدرة
على مواجهتها، بل هو يقبلها جميعاً وبالجملة، ومن دون أي تحفّظات· يعود
الفيلم إلى عصور ما قبل الميلاد، أيام الديناصورات وأنواع التنين غالبة على
المشهد، وبالتالي إضاءة على شعب الفايكينغ الذين نعرف عنهم ابتكارهم لطريقة
خاصة بهم في وداع موتاهم، عن طريق وضع الواحد منهم في مركب وتركه يبتعد في
البحر قليلاً، ثم يصوّبون سهامهم باتجاهه لإحراقه بحيث يتحلّل مع الماء·
كل هذا مع تقنية تُغني الصورة الساحرة في دور السينما·
تنين طبعاً هو حيوان معروف، ضخم وقادر على الطيران والمناورة، ويقال بأن
مصمّمي طائرات هذه الأيام استندوا إلى الأشكال المتوافرة عن هذا الحيوان في
الكتب والمؤلفات، خصوصاً بطل شريطنا: غضب الليل، الذي يتأنسن في أحداث
الشريط، ففيما رفاقه من أصناف أخرى متعدّدة تميّز هو بخصوصية لونه الأسود،
وقدراته القتالية الفائقة انطلاقاً من حسّ خاص به في مجال الاحتكاك بالآخر
أياً كان، في حين تتميز البقية من التنانين بالوحشية، وبتدفّق ألسنة اللهب
في لحظات للأذية، بينما غضب الليل كان مختلفاً وودوداً في النهار، حيث كانت
فرصة ذهبية للطفل هيكاب (جاي باروشيل) صاحب الجسد النحيل والضعيف، عكس
والده البطل الاول من شعبه لمواجهة جحافل التنين في كل هجمة تتعرّض لها
منطقة بيرك، ويحصل دمار وخراب وضحايا ويسقط أكثر من تنين بمطرقة هذا الرجل
البطل·
بطل صغير هيكاب لا يوحي إطلاقاً بالثقة ليكون قدرة بنيوية فاعلة تواجه
التنين، ورغم مواقف والده المحيطة فإنه كان على الدوام متأكداً من أنّ الغد
القريب سيحمل له أكثر من وعد بالتفوّق، وجاءت تلك اللحظة عندما صادف في
الغابة التنين غضب الليل مقيّداً بالحبال ومتروكاً في منطقة معزولة وهو لا
يقوى على شيء، فعمد الى قطع الحبال وتحريره، وراقبه وهو يتهالك خلال طيرانه
الذي بدا غير طبيعي، فلم يرتفع كثيراً في الجو إلا ليهبط سريعاً، أو
ليترتطم بالشجر وصخور الجبال·
ودأب هيكاب على المجيء يومياً الى المكان، ونشأت بين الاثنين صداقة وثقة،
دفعت الطفل الى حمل أسماك للتنّين موفّراً عليه مشقة الصيد للفوز بغذائه،
وإذا به يصبح أقوى ويستعيد لياقته ويدعو هيكاب كي يمتطيه، ويذهبا معاً في
رحلة استكشافية في الطبيعة·
الوكر مشكلة أهالي بيرك تكمن في خطر جحافل التنين التي تهاجمهم من وقت
لآخر، لذا حين عرف والد هيكاب من ابنه عن طريق زلة لسان بمكان تجمّع هذا
الحيوان، قاد مئات من مقاتلي الفايكينغ وقصد المنطقة ودكّها بالمقلاع
مستنفراً المئات من هذا الحيوان من كل حجم كي يطيروا في سماء المنطقة
ويخوضوا معهم معركة غير متكافئة، رغم الدورات التدريبية التي اعتاد الخضوع
لها شباب الفايكينغ لمواجهة الهجمات المفاجئة·
لكن حتى بين هذا الحيوان هناك أشرار وأخيار، وهو ما يحاول الشريط إظهاره،
لإثبات مقولته حول القدرة المطلقة على إحلال السلام بين الطرفين، فالطفل
أكد لوالده أنّ التنين يهاجمهم لأنه يخاف منهم وليس لسبب آخر، وبالتالي فإن
أي صداقة متينة وجيدة تنطوي بداية على إحلال هذا التفاهم بين الطرفين، مثل
ما هو حاصل بين هيكاب وغضب الليل، حيث عمد الثاني عندما كان الصغير يتدرب
على مواجهة أي تنين في دورة خاصة وقام بالتودّد الى التنين الاسير موضوع
التدريب، فقد عاجل والد هيكاب وهاجم التنين للقضاء عليه، وراح هذا دفاعاً
عن نفسه ينفث ناراً قوية، فتدخّل غضب الليل وخاض قتالاً مريراً ضد التنين
الآخر، لكن وفي لحظة انقضاض غافله أبطال الفايكينغ وأسروه، وعندما حصل
الهجوم على معقل التنين، دخل الوالد البطل شخصياً وأنقذ غضب الليل، فأطلقه
ليخوض مواجهة حامية خصوصاً ضد التنين العملاق الذي ينفض الجبل عن ظهره
ويدوس كل ما حوله، ويهاجم عشوائياً بالنيران وبقدميه لنشهد معركة أشبه بما
عرفناه بـ بيرل هاربر، وانقضاض الطائرات اليابانية على هذا الميناء
بالعشرات وتدميره، وهكذا فعل <غضب الليل> وهو ينقض ليقصف بالنيران من فمه
مَنْ يعتدون على هيكاب·
سلام كل هذا كي يقول الفيلم سريعاً بأنّ هناك إمكانية كبيرة لحسن الحوار
والوئام بين الطرفين، فكل ما نراه إثر المعركة المدمّرة التي خاضها
الفايكينغ ضد العشرات من التنين، هو حلول السلام·
ارتاح أهالي بيرك، وما عاد على التنين أن يهاجم ويعتدي·
الشريط يشارك فيه بالصوت: جيرار باتلر، غريغ فيرغيسون، أمريك فيرارا، جوناه
هيل، كريستوفر مينتز - بلاس، تي جي ميلر، كريستن ويغ، روبن آتكنسون، فيليب
ماك غرايد، بينما الـ 98 دقيقة، التي هي مدة الفيلم تمر أسرع من الصوت·
اللواء اللبنانية في
31/03/2010
قرادة
شريط جديد مليء بالأكشن واستعراض العضلات·· من دون تأثير
فان دام ولاندغرين: ممثّلان سيئا الحظ يراوحان فشلاً
محمد حجازي
سيئ الحظ جان كلود فان دام الذي ضيّع كل الفُرص الذهبية التي أُتيحت له
ليكون بروس لي حقيقياً، بعدما حاز حُباً غير مسبوق لنجم قتالي، بدأ
ممتازاً، وانتهى لا أحد من المنتجين يهتم بالتعامل معه، نظراً لشخصيته
الخفيفة، وانعدام ثقافته، وهوسه بنفسه بطريقة منفِّرة·
الحقيقة أننا في العام 1988 تلقّينا خلال تغطيتنا لأفلام مهرجان <كان> دعوة
إلى أحد مكاتب الإنتاج في فندق بالمدينة، كي نتعرّف مع باقي زملائنا
الصحافيين على النجم الكاسح فان دام، وفي الموعد كنّا هناك، وفوجئنا بحركات
هذا الممثل الصبيانية، الذي لم يكن يدري ماذا يفعل أمام حشد من ثلاثين
صحافياً التقيناه في مكتب واحد، وكان الرأي موحّداً يومها عنه·
هذه الصورة انعكست على تواصل المنتجين معه، باستثناء قلّة ظلّت تراهن عليه
منهم: كريغ بامغارتن، وموشي ديامانت، لكن ايضاً هذه المرة لم تكن النتيجة
جيدة، فقد كان على فيلم جديد فيه فان دام أن يقدّم بطلاً آخر هو دولف
لاندغرين يعاني مثل زميله البلجيكي تماماً من سوء الحظ بعدما جعله آخر
أفلام روكي مع ستالون واحداً من النجوم العالميين، وصوّر بعدها عدة بطولات
أرهقه فيها وجهه البارد غيز المعبّر، وعدم قدرته على التلوين في الأدوار
فسقط في النسيان·
(Universal
Soldier: Regeneration) لـ بيتر هايمس مخرجاً، منتجاً، ومدير تصوير
يراهن على إسمين، يحتاجان إلى تعويم نجومي بعدما كاد الناس أن ينسوهما أو
هم نسوا فعلاً، مع ذلك يبقى السؤال وهل استطاعا استغلال الفرصة والنجاح من
جديد.
الجواب: لا·
الشريط يبدأ قوياً بعملية خطف سريعة جداً ينفّذها فريق قتالي من رجال
مدرّبين بقسوة على مواجهة كل المخاطر، لشابين هما ابن وابنة رئيس الوزراء
موساييف في إحدى دول المنظومة السوفياتية السابقة، حيث المطالبة تتركز على
حكم مستقل لمنطقة <آسلان>، وما عملية الخطف سوى محاولة للضغط عليه كي يرضخ·
السيناريو الذي كتبه فيكتور اوستروفسكي، وحدّد معالم شخصياته بدقة ثلاثة
خبراء كتابة: ريتشارد روتستون، وكريستوفر لايتش، ودين ديفلن، همّه فقط
إعادة هذين الشابين الى والدهما بعدما استنجد بقيادة السي آي إي في مقرها
بـ لانغلي - فيرجينيا، فكان أن علمت بأن المهاجمين، خضعوا لنظام قاس في
التدريبات وحُوِّلوا الى رجال أقرب الى الآليين بحيث لا يتراجعون في
الهجوم، ولا يخافون من الموت ولا يموتون إذا ما أصيبوا، حيث يتم استبدال
أطرافهم المصابة بأخرى عادية في عمليات جراحية سريعة·
هذه الصورة دفعت بالسي آي إيه الى استرجاع مشروعها السابق حول نموذج
الابطال الخارقين واختارت خمسة من الذين كانوا بارزين سابقاً في هذا
البرنامج، كي يواجهوا فريق الخطف القوي الذي يقوده أحد أبناء جنرال عُرِفَ
بمعاداته لرئيس الوزراء موساييف، والد المخطوفين·
هجمات، وقتال، وضحايا بالجملة، من دون مبرّر، بل ذلك من أجل ملء الوقت، ولا
مكان للبطلين: فان دام، ولاندغرين، استناداً الى ما لهما من حضور على
الساحة، ويعبر الفيلم كأي عمل تجاري عادي، لا تهتم فيه بأي من البطلين
الغارقين في سوء حظهما المتواصل، وما عليهما سوى لوم نفسيهما على ما وصلا
إليه·
آندريه آرلوفسكي، مايك بيك، كوراي جون سان، غاري كوبر، إيميلي جويس، زاهاري
باهاروف، آكي آفني، كيري شال، يونكو ديمتروف، من الممثلين المشاركين في لعب
الأدوار البارزة في الشريط·
اللواء اللبنانية في
31/03/2010
زوم
في ذكرى حليم السنوية لم يتجرّأ مطربونا على السينما···
33 عاماً مرّت على رحيل العندليب عبد الحليم حافظ، ومطروبنا النجوم جبناء
لم يتجرّأ أي منهم على قبول أي مشروع سينمائي غنائي أو تمثيلي بالمطلق، حتى
أليسا اعترفت بأنّ كل شيء كان جاهزاً للبدء فاعتذرت قبل ساعات من المباشرة
بالتصوير·
راغب علامة يقول بأنه لا يتوقّع أن تُضيف إليه السينما، ومسألة الصورة التي
يمكن أن يحبها الفنان متوافرة في الكليبات التي يصوّرها، وما يتبقى لا
يساوي الجهد الذي سيُبذل لهذا الغرض، في وقت لا يوجد جمهور للفيلم العربي
إلا إذا كان انتاجاً ضخماً· معه حق، فعندما نتذّكر حليم في يوم ذكراه
السنوية نعثر على ثراء نموذجي في كل شيء، ولنكن منطقيين في هذا السياق،
ونقول بأنّ الأغنيات التي تسجّل خصيصاً للفيلم لها ميزانية مجزية، عدا عن
الاستعراضات، خصوصاً عندما نعرف أنّ العندليب هو صاحب أول كليب في العالم
العربي من خلال فيلمه مع حسين كمال <أبي فوق الشجرة>، حيث تُقتطع أغانيه من
الفيلم وتُبث منفردة وتحظى بمشاهدات جاذبة· وبعد، علينا ألا نسأل لماذا
تغيب الكلمات الرقيقة عن حوارات جيل هذه الأيام من المراهقين، طالما أنّ
أفلامنا لا تتطرّق إلى هذا الجانب وكل همّها الصخب، والهبل والسطحية في
أشرطة تخجل منها السينما، وإذا ما ذهبنا إلى التلفزيون عثرنا على بعض
الأمل، لكنه سرعان ما يخبو لصالح تداعيات أخرى في السياق·
ربما على واحد أو واحدة فقط من النجوم والنجمات أنْ يجرّب، وقد لاحظنا أنّ
<بحر النجوم> الذي صوّرته هيفاء وهبي مع وائل كفوري، كارول سماحة، بريجيت
ياغي، وأحمد الشريف، كان جيّداً، وبالإمكان تعميم تجربته، وإلا فإنّنا سنظل
نراهن على تنويعة هيفاء الدرامية في <دكان شحاته>، أو تلك الأفلام القليلة
لـ نيكول سابا، أو الفور كاتس، وصولاً إلى سيرين عبد النور التي أبقت
الغناء في حيز منفصل، وجانباً، كي تتفرّغ للتمثيل·
نُدرك أنّ الفيلم الغنائي مكلف، وتصوّروا أنّ الراحل الكبير أحمد زكي كان
من الداعين إلى مثل هذا المشروع من خلال تعاونه مع السيدة ماجدة الرومي
التي كانت متحمّسة جداً للتجربة بعد عشرات السنين على فيلمها الأول مع يوسف
شاهين <عودة الإبن الضال>، وحضر أحمد <رحمه الله>، إلى بيروت مع فيلمه
<أيام السادات>، والتقيا وأكدا التعاون، وحُدِّدت المواعيد·· ولكن القدر
كان أسرع وخسرت السينما واحداً من أهم نجومها في الربع الأخير من القرن
العشرين·
وتردّد أن عرضاً سخياً قُدّم لكاظم الساهر، لكنه لم يتحمّس له، معلّلاً ذلك
بأنّ مشروعه <ملحمة غلغامش> هو الذي سيقدّمه للناس في فيلم عالمي يخرجه
فنان كبير من الخارج يعاونه مخرج عربي، بغية أن يقول العمل الفني شيئاً لا
أن يقدّم فيلماً همّه مجرّد التصوير وحسب·
وهكذا أُحبطت عدة مشاريع غنائية واستعراضية للسينما لأكثر من سبب والكلام
لا يتوقّف عند حماسة عمرو دياب لاستئناف السينما، بعدما أثبت نجاحه في
الميدان، وهناك أكثر من نجمة اشترطت لقبول فيلم غنائي أن يكون أمامهن أحمد
السقا، وإذا أردن خدمة المنتج فإنهن يقبلن بـ أحمد عز، وكلّنا نعرف أنّ
عاصي الحلاني كان على وشك تصوير فيلم مع غادة عبد الرازق وهو فعل المستحيل
لترتيب وقته، كي يتفرّغ لتصوير الفيلم لكن من دون تردّد اعتذر في آخر لحظة
لأن الوقت لم يتأمّن كي يصوّر، لكن هذا لا يمنع من اتهام معظمهم بأنّهم
مأخوذون بالحفلات والأسفار والكليبات والمال الكثير···
محمد حجازي
اللواء اللبنانية في
31/03/2010 |