هروبا من بيروقراطية الوزارة و تكاليف الإنتاج السينمائي
يعكف حاليا مجموعة من المخرجين الشباب الجزائريين على انجاز مجموعة من
الأفلام القصيرة تتناول الشخصية الجزائرية من مختلف جوانبها، وتتعدد أشكال
هذه الأعمال بين الاجتماعي والفكاهي والتجريبي.
وتأتي هذه الأعمال في إطار محاولات الشباب الجزائري في تحقيق طموحه في عالم
السينما متحديا الكثير من عوائق البيروقراطية التي تمارسها وزارة الثقافة
على ما يقدم إليها من مشاريع أفلام والمشاكل المادية التي تعيق الإنتاج
السينمائي بالجزائر، ليخترق عبر إسهاماته البسيطة الركود الحاصل على مستوى
الساحة السينمائية من خلال اللجوء إلى الفيلم القصير الذي لا يتطلب إمكانات
كبيرة لانجازه.
بساطة الطرح وعمق الموضوع
يقدم المخرج الشاب توام حمزة محمد الصغير أول أفلامه المعنون بـ "نية
سحرية" المبني على فكرة بسيطة ترتبط بتنقل ورقة نقدية بمبلغ 500 دج تقع من
أحد الشباب و تنتقل بين مجموعة من الأشخاص خلال يوم كامل إلى غاية أن تعود
من جديد إلى يد صاحبها، و من خلال تنقلها يدخل المخرج في عمق الكثير من
فئات المجتمع الجزائري، و يرصد الحالة الاجتماعية و النفسية لشخصيات عمله
التي لا تتعارف فيما بينها غير أنها تتعامل يوميا مع بعض.
ومن الظواهر التي ستكشفها كاميرا توام حمزة على مدار 27 دقيقة، ظاهرة تعاطي
المخدرات والمتاجرة بها، التدخين، السرقة و التسول و تأثير الأوضاع
الاقتصادية على الطلبة، و ما يميز هذا العمل الذي ينم عن رؤية إخراجية
احترافية لصاحبه، هو بساطة الطرح و عمق الموضوع في الوقت نفسه، فلا يكتفي
توام برصد تلك الحالات و إنما ينقل لنا بصدق شكل علاقات الاجتماعية في
المجتمع الجزائري، في غياب الحوار الأسري، و قلة التكافل الاجتماعي بين
المواطنين. و شارك في الفيلم محمةعة من الشباب الهواة نذكر منهم، نور الدين
زميحي، حيادي حي نجيب، قارة فؤاد، عاقب محمد.
كما يحضر المخرج الشاب حاليا لسيناريو فيلمه الثاني الذي لن يبتعد فيه عن
رصد فئات اجتماعية أخرى من المجتمع الجزائري، حيث سيتناول هذه المرة فئة
المرضى النفسانيين.
من جهته انتهى المخرج احسن تواتي من انجاز فيلمه المتوسط "انقلاب" الذي
يتطرق بطريقة كوميدية إلى الأوضاع الاجتماعية و السياسية في الوطن العربي و
الإسلامي، و الذي ينتظر الضوء الأخضر من مسؤولي القاعات السينمائية لعرضه .
عودة مخرجي الطبعة الأولى لمهرجان تاغيت
بعد فترة انتظار دامت العامين، نجح المخرج زعموم عمار في إخراج فيلمه
القصير الثاني "الحبل" إلى النور،و الذي وضع على مستوى لجنة قراءة الأفلام
بوزارة الثقافة منذ 2008، و أعاد المخرج كتابته مرتين بعد ملاحظات أبدتها
اللجنة المعنية، ليستفيد العمل من صندوق الدعم السينمائي على مستوى وزارة
الثقافة في أكتوبر 2009 حيث بدأ في عملية التصوير التي دامت أسبوعا.
ويتطرق زعموم عمار في فيلمه "الحبل" ذو الـ 20 دقيقة إلى فكرة حوار
الحضارات من خلال قصة زوج فرنسي قدم إلى الجزائر للسياحة و لكن رحلته تتعثر
بسبب تعطل السيارة ليلتقي بزوج جزائري يساعدهم على إكمال الطريق أين يكشف
"زعموم" نظرة كل واحد منهما إلى الآخر، و اعتمد المخرج في فليمه الذي سيكون
جاهزا للعرض في في نهاية مارس المقبل على ممثلين هواة من الجزائر وفرنسا.
ويذكر انه سبق للمخرج زعموم عمار أن أنجز فيلمه القصير الأول "مكالمة" الذي
شارك به في الطبعة الأولى لمهرجان تاغيت سنة 2007.
كما يلتقي المخرج الشاب عصام الشيخ مع السيناريست "إسحاق علال" الذي يكتب
له سيناريو "عودة الضمير" ليكون أول أول ثماره السينمائية، و يتناول موضوع
درامي اجتماعي، عن قصة شاب و شابة يقعان في الحب ثم في الخطيئة و يتملص
الشاب من مسؤوليته و عندما يعود إليه ضميره يكون الوقت قد فات لأن الفتاة
كانت قد توفيت .
مدة الفيلم 25 دقيقة و يؤدي الأدوار كل من الفنان طارق حاج حفيظ الذي سبق و
أن شارك في فيلم "المنارة" لبلقاسم حجاج، إلى جانب مشاركته الحالية في فيلم
"انقلاب "لاحسن تواتي، اضافة الى مشاركة سميرة كراد و فارس حمدانية.
ويذكر أن السينارسيت الشاب إسحاق علال قد فاز بجائزة أحسن سيناريو في طبعة
الفيلم القصير بتاغيت لسنة 2007 عن فيلمه "أريد شهيرة".
من جهته و بعد أول محاولاته في ميدان السينما بفيلم "ولد البلاد" الذي شارك
به في مهرجان القصير في الطبعة الأولى و مهرجان الفيلم الوثائقي بسطيف لسنة
2007 ، يطرح المخرج إسماعيل سلخ فيلم جديد بعنوان "أطفال الحجارة" الذي
سيكون من النوع الوثائقي.
ويدور موضوعه حول أطفال الجزائر اللذين يتوجهون إلى الصحراء من أجل جمع
الحجارة المستعملة في البناء و بيعها لكسب قوتهم اليومي.
استمرار مسيرة الانتاج والإخراج
تواصل المخرجة الشابة ياسمين شويخ انجاز أفلامها الاجتماعية حيث ستقدم فيلم
"الجن" الذي تدور قصته حول خرافة منتشرة في منطقة الصحراء تقول بأن الفتاة
قبل أن تبلغ سن الرشد يلزمها ثلاث أيام كي تصيح امرأة، و في تلك الأيام
يمكن للجن أن يسرقها.
بطلة الفيلم هي إحدى فتيات المنطقة المقتنعة بالخرافة لكن قناعاتها ستتغير
بعد أن تتعرف على فتاة أخرى تتأثر بأفكارها، و تفتح أعينها على واقع
اجتماعي مفبرك تعيشه المرأة في الصحراء الجزائرية.
وسيكون الفيلم الذي لن تتعدى مدته 20 دقيقة في شهر أفريل القادم، حيث صورت
المخرجة أحداثه في إحدى قصور منطقة تاغيت بولاية بشار .
وتعتبر ياسمين شويخ التي قدمت فيلمها "الباب" منذ ثلاث سنوات، من بين
السينمائيات الجزائريات القلائل اللواتي يطمحن لنقل صورة المرأة الجزائرية
في حياتها الاجتماعية و علاقتها بالرجل ، إلى جانب المخرجة الشابة صبرينة
ضراوي، و المحرجة نادية شرابي ، و المخرجة فاطمة بلحاج.
بدوره يحاول المخرج يحي موزاحم مواصلة انجاز أعماله السينمائية بعد آخر
فيلم له المعنون بـ"البرتقال"، بعد أن أنتج العديد من الأعمال لمخرجين
شباب، و يقدم فيلم "دار العجزة" الذي كتب السيناريو الخاص به احمد رزاق، و
يدور موضوعه حول قصة اجتماعية عاطفية تدور أحداثها في 2030، و هو فيلم
تنبئي لما ستصبح عليه الجزائر بعد أن يغادرها أبنائها عن طريق الهجرة غير
الشرعية، و تحتل نسبة الشيخوخة حصة الأسد في الهرم السكاني للجزائر.
وبؤدي دور البطولة الفنان الشاب محمد بوشايب في دور "وحيد"، و هو شاب معتوه
يجد نفسه وحيدا مع الشيوخ ، و تتغير حياته بعد لقاء بالفتاة "سارة" التي
يقع في حبها و يعالج الفيلم مشاكل الشباب الجزائري و عقدهم و انعدام الحوار
في المجتمع و الكبت المفروض على الشباب و الضغوطات الاجتماعية التي يتعرض
إليه هؤلاء، و ربما أهمية هذا الموضوع ستجعل المخرج يحي موزاحم يغير رأيه
بشأن مدة الفيلم التي كانت سنكون في حدود ما يقتضيه الفيلم القصير، و يحاول
أن يمنحه مدة أطول ليكون العمل في شكل الفيلم المتوسط أو الطويل حسب
الإمكانات التي سيسعى المخرج لتوفيرها لانجاز الفيلم الذي استفاد من دعم
الوزارة المعنية.
كما يشارك في العمل مجموعة من الفنانين منهم : العربي زكال ، احمد بن عيسى،
عايدة كشود، تاجية لعراف، و فاطمة الزهراء ميموني.
كما يدخل المخرج عبد النور زخزاح إلى سينما الخيال بعد عدد من الأعمال
الوثائقية، حيث يعكف حاليا على انجاز فيلم "الغرغوز" من انتاج شركة "لايث
ميديا" المنتجة لفيلم "مسخرة " لالياس سالم.
وتدور أحداث القصة التي كتبها المخرج في أحد القرى المعزولة بولاية تيبازة
، حيث ينقل لنا العمل عبر 20 دقيقة قصة أب و ابنه يعملان في مجال صنع عرائس
القرقوز، يتنقلون بين مدارس المنطقة لتقديم عروضا لعرائس الدمى، و في إحدى
المرات و هما في طريقهما إلى أحد المدارس يتعرضان لمشاكل عديدة، يفقدان على
إثرها عرائس القرقوز، و في تلك الرحلة تنكشف العديد من القضايا الاجتماعية
وتتمتن علاقة الأب و ابنه.
اعتمد المخرج في تصوير الفيلم على مدير التصوير سفيان الفاني من تونس ، و
سيكون العمل الذي أدى أدواره كل من يرقي محمد، عباس يوسف و بلعياشي الطاهر،
جاهزا للعرض في شهر ماي من هذا العام.
وعبد النور زحزاح اخرج العديد من الافلام الوثائقية منها فيلم حول فرانس
فانون، و فيلم حول "منظمة النيباد" مناسبة المهرجان الثقافي الافريقي
الثاني الذي احتضنته الجزائر في جويلية 2009.
في الوقت الذي يتعرض فيه فيلم "الراكب الأخير" للمخرج مؤنس خمار لظاهرة
الانتحار، و يقدم شكلا جديدا من الإخراج السينمائي من خلال معالجة فنية
بطابع خيالي لظاهرة اجتماعية، و يشارك في العمل ذو الـ 7 دقائق و المدعم من
وزارة الثقافة، نخبة من الفنانين الجزائريين على رأسهم محمد بوشايب، مليكة
بلباي، محمد بن عيسى، خالد بن عيسى، سامية مزيان، العربي زكال، لندة سلام،
ومحمد عجايمي .
وسبق لمؤنس خمار أن قدم فيلمه "نحلة" و هو من النوع التجريبي بعد مشاركته
في إنتاج سلسلة من الأعمال السينمائية .
خاص "أدب فن"
أدب وفن في
10/03/2010 |