مع احتفالات لندن بأعياد الميلاد ورأس السنة الجديدة ، ومع تطاير البريق
الساحر في سمائها لتلك الاضوية الآسرة التي احاطت بساعة " بغ بن " الشهيرة
ودولاب الهواء العملاق ، يطل علينا التحري " شيرلوك هولمز " في فيلم جديد
من اخراج " غاي ريتشي " وبطولة النجوم " روبرت داوني جونيور " ، " جود لو "
، " هيذر جراهام " في قصة جميلة ومثيرة يعود أصلها الى مبتكر هذه الشخصية
السير " آرثر كونان دويل " .
هذا الفيلم جعل لاحتفالات البريطانيين باعياد الميلاد طعما خاصا سيما وانهم
لايفتأوون يتذكرون تلك الشخصية الفذة هولمز ورفيقه الدكتور واطسون وكم هفت
نفوسهم لمشاهدتها مع كل اطلالة فيلم جديد أو اعادة طبع قصة من قصص مبتدعها
دويل .
اغناطيوس آرثر كونان دويل ولد في 22 مايو / ايار 1859 في ادنبرة باسكتلندا
وسط عائلة ايرلندية كاثوليكية لها مكانة بارزة في عالم الأدب والفن ، وفي
عيد ميلاده التاسع حمل دموعه معه الى لندن حيث كان عليه ان يذهب الى
اليسوعية وهي مدرسة داخلية يقضي فيها الطالب سبعة سنوات وخلالها كان يكتب
الى والدته التعصب المحيط بدراساته وكيف كان يتمرد على العقاب المدني الذي
كان سائدا وبشكل وحشي لايصدق في معظم المدارس الانكليزية آنذاك ، الا انه
كان يحاول تجميل رسائله اليها ببعض الاخبار المفرحة منها لعبه للكريكيت
والتي كان يمارسها بصورة جيدة جدا في تلك السنوات العصيبة وموهبة القص التي
ظهرت عليه فجأة وكيف كان يحيط به سرب من الطلاب الاصغر منه سنا للاستماع
الى قصصه المذهلة التي كان يسردها عليهم ، وبحلول عام 1876 تخرج في سن
السابعة عشرة آرثر دويل كما كان يسمى هو قبل ان يضيف اسمه الاوسط كونان
كلقب له .
بعد سنوات كتب يقول : ( ربما كان من الجيد بالنسبة لي وفي تلك الاوقات
الصعبة ان اتحلى بشيئ من القوة وان لااكون تافها لأن أمي كانت تخبرني دائما
ان لا اكون كوالدي الذي أدمن على الخمرة فجرته الى طريق الجنون ، كان لدخول
والده مستشفى الامراض العقلية أثر بالغ في نفسه ، وعندما كان ينظر اليه من
وراء زجاج نافذة ردهة المرضى أحس بأنه يمكن للمرء الحصول على فكرة جيدة الى
حد ما من الظروف المأساوية التي حاصرت والده وكانت تلك اللحظات احداثا
مرعبة سجلها فيما بعد في قصصه وحفزته لدراسة الطب ، فدخل جامعة ادنبرة
وهناك التقى بنخبة رائعة من الطلاب الذين كان لهم حضور ثقافي فيما بعد مثل
جيمس باري وروبرت لويس ستيفنسون ، ومن الاساتذة الذين اعجب بهم الدكتور
جوزيف بيل وهو طبيب جيد -كما كان يقول عنه - ويحمل تخصصا عاليا في المراقبة
، والمنطق ، والتشخيص ، كل هذه الصفات نقلها في وقت لاحق في شخصية المخبر
شيرلوك هولمز .
في مجلة ادنبرة قرر الكتابة اليها فنشرت له قصة قصيرة وفي السنة نفسها نشرت
له قصته الثانية ، هذه النتاجات كان يقول عنها انها محض تأثره بكتابات
ادغار آلان بو وبريت هارت ، وفي سنته الثالثة من دراساته الطبية وهو يعيش
العشرين من عمره عُرضت عليه وظيفة لم يكن يتخيل انه سيخوض غمار البحر
بسببها وسوف يتوجه الى الدائرة القطبية كطبيب في سفينة لصيد الحيتان وعند
توقفها بالقرب من شواطئ غرينلاند شاهد طاقمها يشرع لاصطياد الفقمة فارتاعت
نفسه لهذه الوحشية التي يتم فيها قتل هذا الحيوان اللطيف ، ولكن بغض النظر
عن ذلك فقد استمتع كثيرا ببعض الصداقات الحميمة التي ربطت بينه وبين بعض
عمال السفينة خاصة صيادوا الحيتان الذين كان قد نقل بعض صور مغامراتهم الى
روايته الاولى التي روى فيها كيف تقشعر الابدان حينما تظهر الحيتان وهي
تضرب موج البحر وكأنها لاتريد ان ترحب بهؤلاء الغرباء الذين بدت أسنة
حرابهم تتوجه اليها وهم يقتربون بسفينتهم من القطب الشمالي .
في خريف عام 1880 عاد كونان دويل الى دراسته ، ومن المثير للإهتمام ان
نلاحظ انه بعد رحلته تلك الى القطب الشمالي اصبح اكثر جدية في كفاحه من اجل
تأسيس قاعدة عملية لحياته ، واصبح كذلك يهتم بالجانب العاطفي الذي افتقده
لسنوات طوال ويستطيع الآن الوقوع في الحب مع خمسة نساء في وقت واحد كما كان
يحلو له ان يذكر ذلك لاصدقاءه ، ومع ذلك بعد عام واحد حصل على بكالوريوس في
الطب والجراحة ، وعمل كضابط طبيب على متن احدى البواخر التي تبحر بين
ليفربول والساحل الغربي لافريقيا .
في مذكراته يذكر ان ذلك العمل لم يكن ليغريه خاصة انه وجد في افريقيا رجسا
بينما وجد في القطب الشمالي راحة وقدم وصفا حيا لتلك الرحلات في كتاباته ،
الا انه اشتاق لليابسة فاستأجر منزلا صغيرا يتألف من غرفتين بدأ فيه
ممارسته الفعلية كطبيب ولتأمين دخلا مريحا له ونراه خلال السنوات القادمة
يجاهد في تقسيم وقته بين ان يكون طبيبا ناجحا وبين ان يصبح كاتبا معترفا به
، ومع كل ذلك الكفاح نجده في أغسطس / آب من عام 1885 يقترب من شابة تدعى "
لويزا هوكينز " ويدعوها للزواج منه ، وقد ذكر وصفها في مذكراته بأنها كانت
لطيفة وودودة .
ما ان اطل العام 1886حتى بدأ كونان دويل بكتابة اولى رواياته التي دفعته
الى الشهرة ، وبعد ذلك بعامين قدم الى القراء التحري شيرلوك هولمز والدكتور
واطسون في اولى مغامراتهما والتي جذبت شهرة كبيرة ليس فقط لمبتدع هذه
الشخصية بل لهولمز نفسه ، اذ بدأ القراء في السؤال عنه وهكذا بدأ دويل يفكر
في ايجاد مواقع واماكن جديدة يُحرك فيها شخصية ذلك التحري الذي فتن قراؤه
خاصة وان روايته الثالثة دارت احداثها بين الرهبان البوذيين واقام عليها
سردا اتصف بالبراعة والمنطق الخالص لافتتانه بهذا الجو العاصف بالسحر ، ومن
المدهش في هذا الوقت بالذات ان كونان دويل بدأت شهرته ككاتب تنتقل الى
الولايات المتحدة الامريكية كما عُرفت في انكلترامن قبل، ففي عام 1889 نشر
جوزيف مارشال ستودارت في مجلته الشهرية ليبينكوت في فيلادلفيا إحدى قصصه،
وجاء الى لندن لتنظيم النسخة البريطانية من مجلته ودعى كونان دويل لتناول
العشاءمعه في فندق لانغهام الأنيق وطلب منه عددا من قصصه التي كانت معروفة
آنذاك لنشرها في المجلة واثناء تلك الدعوة قال كونان دويل : ( لقد كان حقا
مساءا ذهبيا بالنسبة لي ، وقد كلفني ستودارت بكتابة رواية قصيرة لنشرها في
انكلترا والولايات المتحدة في آن واحد) كان ذلك في فبراير / شباط من عام
1890 ، وعلى الرغم من نجاحاته الأدبية وازدهار عمله الطبي وتعزيز الوئام
والحياة الاسرية السعيدة وولادة ابنته ماري ، فقد كان كونان دويل لايهدأ
فبعد مرور اكثر من 6 سنوات على صدور أولى قصصه عن التحري الشهير قرر التخلص
منه وبشكل مثير للدهشة ، ففي احدى زياراته لسويسرا قال انه عثر على المكان
الذي سوف ينهي فيه حياة بطله المفضل ونشر بالفعل في ديسمبر / كانون الأول
عام 1893 تلك النهاية وسط شلالات رايشنباخ مع البروفيسور مورياتي ، لكن
عشرين الف من القراء قرروا الغاء اشتراكاتهم لمجلة ستراند التي نشرت القصة
بينما قال مؤلفها:( الآن تحررت من شخصية وهمية حاولت ان أجد اللحظة
المناسبة لوفاته) .
ومع حلول عام جديد سقطت زوجته لويزا في براثن مرض السل وحاول ان يبقيها على
قيد الحياة فترة طويلة وما لبث ان أصيب هو الآخر لكنها الكآبة هذه المرة
فجذبته رويدا رويدا الى عالم الروحانيات فانضم لجمعية بحوث الروح واعلن من
منبرها اهتمامه واعتقاده بأن هذه الروح اسيرة للسحر ووافق على الذهاب الى
امريكا لإلقاء سلسلة من المحاضرات تلخص فلسفته تلك .
أبحر الى نيويورك مع نظيره اينيس شقيقه الاصغر في شهر سبتمبر / ايلول من
عام 1894 ووجد في اكثر من ثلاثين مدينة جمهورا عريضا ينتظره على أحر من
الجمر للإستماع لمحاضراته فحققت جولاته تلك نجاحا كبيرا ، عاد بعدها الى
انكلترا وهو أشد تصميما على معاودة الكتابة لكنه لم ينس لويزا فأخذها في
رحلة مبتعدا فيها عن شتاء لندن الذي يضاعف من مرضها ، ففي عام 1896 رحلا
معا الى مصر حيث اعرب عن أمله في ان يكون مناخها الحار دواءا شافيا لها ومن
هناك انجز رواية جديدة هي " مإساة كورسكو " .
سارت حياته برتابة مع زوجته لويزا فلم تعد تلك اللحظات الجميلة تجمعهما
ثانية فقد اخذ منها المرض حبورها وألقها ومع ان كونان دويل رجل بأعلى
المعايير الاخلاقية فقد حاول ان يخفف عنها ما تقاسيه من آلام ، لكن هذا لم
يمنعه من الوقوع في حب عميق مع " جان ليكي " فقد رآها أول مرة في مارس /
آذار 1897 في احد المحافل الاجتماعية ، وكانت امرأة جميلة لافتة للنظر مع
شعر أشقر وعيون خضراء زاهية ولها العديد من الانجازات غير العادية في
مجالات الفكر والفن والرياضة ، والذي جعله ينجذب اليها اكثر هو ان عائلتها
من اسكتلندا وقد سمع عنها كثيرا لكنه تكتم على هذا الحب بسبب زوجته المريضة
التي لايريد ان يتسرب اليها هذا الخبر فيزيد من معاناتها ، وخلال تلك
الفترة نفسها اضطر كونان دويل ان يعيد شيرلوك هولمز الى الحياة ثانية
بمسرحية هذه المرة ، بسبب حاجته الى المال وترشح لتمثيل الدور الأول فيها
الممثل الامريكي " وليام جيليت " لكنه طلب تعديلا على سيناريو المسرحية حتى
يتلائم مع تلك العروض التي اعتاد الجمهور على مشاهدتها فوق خشبة المسارح ،
وتم العرض بنجاح وفي عام 1920 قام نفس الممثل بتمثيله سينمائيا وليكون أول
افلام هولمز كما هو مثبت في ارشيف السينما العالمية .
استقبل الجمهور الغربي الذي يعشق كتابات كونان دويل اخبار عودة بطلهم هولمز
بفرحة كبيرة مما حدى بناشر مجلة ستراند بنشر أول حلقة من قصة " كلب الصيد "
التي احدثت جدلا واسعا في جميع انحاء العالم ، لكن هذا الجدل حسمه الملك
ادوارد السابع حينما طلب منه ان يعود بقوة لقصص شيرلوك هولمز فشكل ذلك
دافعا قويا له وكان العام 1903 قد سجل عودة مسلسل التحري الشهير لمجلة
ستراند وبنفس الوقت عودة كونان دويل لنشاطه السياسي والاجتماعي الذي بدأه
عام 1900 للحصول على مقعد في وسط ادنبرة لكنه خسر الانتخابات آنذاك كما
خسرها ثانية في العام 1906 وكذلك خسرانه لزوجته لويزا التي توفيت بين
ذراعيه مودعة سنينا طويلة من الآلام لكنه بعد طول انتظار تزوج من جان ليكي
بعد خطوبة سرية لها استمرت 9 سنوات واعلن زواجه امام 250 ضيفا في 18 سبتمبر
/ ايلول 1907 .
ومع زواجه هذا انتقل بطفليه من لويزا الى منزل جديد قال عنه انه سيمضي فيه
بقية حياته واحتفظ بشقة صغيرة في لندن وشعر ان السعادة عادت ثانية خاصة وان
زوجته الجديدة اخذت في مشاركته الانشطة الادبية المختلفة وابداء الرأي فيما
يخص نتاجه الروائي والقصصي واتفقا على ان يكون التركيز في المرحلة اللاحقة
على كنابة الخيال العلمي وهو المصطلح الذي لم تتم صياغته بعد في تلك
الاوقات لكنه أنجز فعلا رواية تختلف عما كان يكتبه عن شيرلوك هولمز
باحداثها واماكنها ، انها تنتقل بالقارئ الى عوالم مفقودة وشخوص تقطعت بهم
السبل في منطقة غامضة من امريكا الجنوبية واكتشاف عالم ما قبل التاريخ من
حيوانات ونبات ، وكأن كونان دويل كان قد تنبأ قبل اكثر من قرن من الزمان
بولادة " أنديانا جونز " ومغامراته الشيقة ، لكنه هذه المرة البروفيسور
تشالنجر الذي قاد تلك الحملات الغريبة في العالم المفقود وهي السلسلة التي
كتب لها أربعة روايات اختيرت كتحف ادبية آنذاك .
في مايو / ايار 1914 أبحر السير آرثر كونان دويل وزوجته الى نيويورك التي
تغيرت كثيرا عما كانت عليه في رحلته الأولى قبل عشرين عاما لها ، حيث امضوا
فترة زمنية قصيرة وعادا الى أرض الوطن بسبب اخبار الخلافات بين بلاده
والمانيا والتي تنبأ بأن هناك حربا قادمة لامحالة ستقع بينهما ، واخذ
بكتابة سلسلة من المقالات ارسلها الى الصحف المحلية متوقعا فيها امكانية
حدوث حصار لبلاده من قبل سفن العدو الغاطسة والتي عُرفت فيما بعد بالغواصات
واقترح على المسؤولين في بلاده ان الحل الوحيد للتخلص من هذا الحصار هو شق
نفق تحت القنال الإنكليزي والذي اعتبرته الحكومة البريطانية آنذاك نوع من
خيالات " جول فيرن " أو ضربا من الجنون ، لكنه تحقق بعد قرن من الزمان .
وبمجرد اندلاع الحرب عرض كونان دويل للحصول على موافقة السلطات البريطانية
على تنظيم كتيبة للمدنيين وذلك من خلال مئات من المتطوعين يقدمون انواعا
كثيرة من الخدمات كالإسعافات الأولية والأمور الهندسية وجوانب اخرى يحتاجها
الجهد العسكري ، وعندما فقدت البحرية الملكية اكثر من 1000 شخص اقترح على
مكتب الحرب توفير الاحزمة والقوارب المطاطية ، كما تحدث عن الدروع الواقية
للبدن لحماية الجنود على الجبهة ، وقد لاقت تلك الافكار ترحيبا شكره عليها
ونستون تشرشل الذي كان يشغل منصب رئيس الوزراء آنذاك ، على ما قدمه وفي
أواخر عام 1914 والعالم يمور بتلك الحرب قدم كونان دويل رواية جديدة تحدثت
هذه المرة عن هولمز وهو يقهر جاسوسا المانيا ، وقد وصفها احد النقاد بأنها
تدخل ضمن اسلوب الحرب الدعائية التي كانت سائدة في تلك الأيام .
في حصيلتها النهائية كانت الحرب قاسية عليه اذ فقد فيها ابنه كينجسلي
وشقيقه واثنين من ابناء عمومته ، انها ضريبة الحرب كما كان يقول وفي
النهاية وقع فريسة ذبحة صدرية لازم على اثرها الفراش الا انه حاول ان
يستنهض ما بقي له من قوة فقام بجولة ترويحية الى هولندا والدنمارك والسويد
والنرويج عاد بعدها الى سرير المرض ثانية ، الا انه وفي ليلة شديدة البرودة
من عام 1930 تحامل على مرضه وقام من سريره متجولا في حديقة منزله الكبيرة
لكنه لم يستطع ان يعود ثانية الى فراشه فقد عثر عليه ملقى على الارض وهو
يمسك قلبه .
آرثر كونان دويل توفي يوم الاثنين 7 يوليو / تموز 1930 وكان محاطا بافراد
اسرته وقبل ان ترتفع روحه عاليا الى السماء همس بأذن زوجته : ( انت رائعة )
، بعدها عم سكون ورهبة وكانت تلك آخر كلماته ، وكما كان رحيله في يوم شديد
البرودة هاهو العالم يشهد عودته بشخص شيرلوك هولمز بإحدى رواياته الرائعة
بفيلم جديد صور في استوديوهات " وارنر بروذرز" ، بينما تخطط شركة الانتاج
السينمائي الامريكية " كولومبيا بيكتشرز " هي الاخرى لتحويل قصة من قصص
عملاق الغموض حول التحري هولمز وسيجسد هذه الشخصية الممثل البريطاني " ساشا
بارون كوين " بينما يلعب دور الدكتور واطسون الممثل الامريكي " ويل فاريل "
، وبينما حمل الفيلم الاول دراما جادة سيكون الآخر كوميديا خفيفة ،
تعاون على صياغة فيلم هولمز الجديد ثلاثة من اقدر كُتاب السيناريو هم "
مايكل روبرت جونسون" و"انتوني بيكهام " و سيمون كينبرج " ومدة عرضه 128
دقيقة .
هوامش
مؤلف كتاب " حياة وأوقات السير آرثر كونان دويل ".
lycettاندرو
صحيفة / الغارديان اللندنية.
خاص "أدب فن"
أدب وفن في
06/03/2010 |