بيروت - 'القدس العربي' ولجت ساندرا ماضي في شريطين وثائقيين
إلى إنسانية الإنسان الفلسطيني فوجدته مهموماً باكياً على
الإهمال الذي يعانيه
وبخاصة المناضلين القدامى. وضعت اصبعها على الجرح في كل من 'قمر 14'
و'ذاكرة
مثقوبة' وكان الجرح نازفاً بقوة.
عندما كانت في بيروت لعرض شريطيها الوثائقيين
كان معها هذا اللقاء:
·
شاهدنا في شريطك 'ذاكرة مثقوبة'
نوعاً من الجرأة المحسوبة
لك في تناول الموضوعات الخاصة بالإنسان الفلسطيني. من أين لك هذا؟
في الحياة
وقائع أقوى وأقسى من كل ما هو مكتوب في مقال صحافي، أو مشاهد عبر شاشة
التلفزيون.
ثمة حقائق مرة ولم تصل للإعلام. ثمة حقيقة غير ما هو باطني بمعنى التساؤل
من هو
المتسبب بهذا أو ذاك من المشكلات. الأشياء مضمرة على الدوام في وعي الإنسان
البسيط،
والبوح بالتفاصيل غير متوافر. وكأننا ورثنا الخوف والرعب الذي
واجه هؤلاء الناس
بشكل حقيقي. حتى الذاكرة ثمة خوف من الرجوع إليها أو إستدعائها. هي رغبة
مني
بـ'المجاكرة'، ولأكون واحدة من الذين يهدفون للتعبير عن ما هو مخفي لدى
الناس. وهو
بوح ليس لي، بل جاء على لسان شخصيات أفلامي بكل تأكيد.
·
من خلال تسليط الضوء في
ذاكرة مثقوبة على إهمال حقوق جرحى ومعوقي الكفاح بوجه المحتل هل أردت تقديم
ورقة
نعي للمقاومة؟
ثمة حقيقة قاسية وغير خافية على أحد. هي حقيقة ساطعة لحدود العمى.
أدرك أنه ليس من السهل على أصحاب قضية عادلة أو على أية حركة تحرر في
العالم القيام
بنقد ذاتي للتجربة أو لمرحلة منها. لم أفصل فيلماً على فكرة موجودة في
ذهني. فمن
الحتميات ضمن العمل الوثائقي أن الواقع يخط الطريق. هكذا أفهم
السينما التسجيلية.
التسجيل هو اكتشاف ومغامرة، حتى في المناطق التي نعتقد أننا نعرفها وهي من
المحرمات. كان التحدي بالنسبة لي هو هل بإمكاني قول أكثر مما أعرف في هذا
الفيلم أو
ذاك؟ وهل بإمكان الشخصيات أن تقول؟
·
ثمة ملاحظة أن الشخصيات المختارة
في الفيلم
راغبة بالبوح؟
في 'ذاكرة مثقوبة ' كنا مع نفر قليل من المناضلين الموجودين في
الأردن. وكثير من المناضلين الذين رغبت بالتواصل معهم آثروا
البقاء في العتمة، حتى
أنهم لا يترددون على المكاتب التي تقدم بعض المساعدات. الواقع قاسٍ لدرجة
أن بعضاً
من هؤلاء لا يريد حتى أن يتذكر أنه كان جزءاً من هذا النضال في ما مضى.
·
فرض حجاب
على ذاكرة الماضي هل هو خوف من واقع معين؟
المقاتل الفلسطيني إنسان يتميز
بكبرياء عالية جداً. ويبدو أن حالة النكران التي يعيشونها وعدم الإعتراف
بهم من قبل
المسؤولين تسبب لهم بجرح. هؤلاء يفترض أن يكونوا ضمن رابطة إعتبارية تعلي
شأنهم.
فهم جزء من هذه الذاكرة. ذاكرة فلسطين والعرب والأمة برمتها.
·
مع وجود هذا الواقع
الرسمي الفلسطيني هل يشعر هؤلاء المناضلون القدامى بما يشبه الخناق؟
كل من
التقيتهم يعبرون عن خيبة أملهم بقياداتهم ومن الواقع الحالي. جميعهم
يتحسرون على
أيام أبو عمّار ويرون أن الأب توفي وهم يتامى. ربما كان هناك
شكل من العلاقة بينهم
وبين ذاك القائد الرمز. لم يكن من الصعب على مقاتل قديم مهما كانت رتبته أن
يقابل
أبو عمّار وأن يطلب منه خدمة، وهو كان جاهزاً للتلبية. هي علاقة مختلفة
كلياً عن
تلك القائمة مع القيادة الحالية. هم يحتاجون للكثير من
التدخلات لتأمين علاج لجريح
سابق يحتاج لعملية مثلاً.
·
ماذا عنت لك دموع المناضلة تريز
هلسا؟
تريز هلسا
ليست قادرة مطلقاً على تصديق الواقع الذي يعيشه المناضلون القدامى. وهي غير
قادرة
على الإستسلام. مستمرة في الكفاح لأجل هؤلاء الجرحى والعجزة
والمعوقين. لحظة دموع
تريز هلسا تعبير عن الإحساس بالعجز الشديد، وهو من جهة أخرى نعي.
·
ثمة شخصيات في 'ذاكرة مثقوبة' جمعت بين التراجيديا
والكوميديا؟
هي روحهم الحقيقية. هم ناس
يشعرون بمأساتهم لحظة بلحظة، لكن هذا لا يمنعهم من أن يكون لديهم هذا
الإحساس
العالي من الفكاهة. في أحد المشاهد التي يتحدث فيها المقاتلون
عن تجربة السجن التي
مروا بها معاً في سورية، تناولوا الموضوع بإحساس كوميدي رغم كونه أمر مرعب.
ماضيهم
القاسي يستحضرونه بفكاهة. هم من عاشوا قمة القسوة يستحضرونها بعيداً عن
واقعها.
ماضيهم يتناولونه بكل أريحية ممكنة، وبدون تحفظ.
·
في 'قمر '14 كنت جريئة بالقول
أن السلطات الأردنية كفت يد بطل العرب في الملاكمة لأنه رفض منازلة
الإسرائيلي؟ هل
التعبير الحر متاح؟
من واجب صانع الفيلم تحويل الممنوع إلى مسموح. ليس من مسار
متعمد في أفلامي بحيث أضع نصب عيني هدف الوصول لقمة الجرأة
بوضع اليد على 'التابو'
وتسليط الضوء عليه. تتطلب الحكاية قول الحقيقة بكل إختصار. في السياق عرف
المشاهد
لماذا مُنع فرج من الملاكمة. هو بطل شاب، فلسطيني أردني، يعيش في المخيم
الذي يؤشر
دون شك على هويته. وهو يعيش في هذا البلد الذي إحتضنه وأحتواه وأعطاه جواز
سفر
ورقماً وطنياً أعتبره مواطناً أردنياً، وفي اللحظة التي يعود
فيها إلى فلسطينيته
وبعفوية يعيش عواقب فعلته.
·
في 'قمر 14' حيث فرج درويش البطل
وفي ذاكرة مثقوبة
حيث تريز هلسا البطلة. بطلان بكيا هل صارت حياة الفلسطيني اللاجىء دون أمل؟
صحيح
أن البكاء في الحالتين يتقاطع عند نقطة متشابهة حيث يلتقي بوجه الفلسطيني
الظلم
والعجز. نحن أبطال بما يكفي ونعرف ذلك، والفلسطيني ليس بحاجة
لمن يواصل التمجيد به.
إنما في الجانب الإنساني ثمة خسارات يجب أن لا ننساها كذلك أن لا نتوقف
عندها
كثيراً. ثمة مسببات لهذا الواقع لا نطلب أن يكتب عنه الشعر. بل المطلوب لمس
الحقيقة
ومعرفة المسببات.
·
الهذا القدر ارتاح لك الناس حتى
كانت الحصيلة حقيقية وواقعية؟
ولهذا القدر كنت بارعة في مدهم بالطمأنينة؟
التحضير وإعطاء الموضوع الوقت الكافي
والعمل بصبر أمر ضروري. صانع الفيلم التسجيلي الذي يقترب كثيراً من البشر
يفترض أن
يكون أشبه بطبيب. قبل ظهور الكاميرا في المكان يبقى التقرب من الناس وبث
الراحة في
نفوسهم جزءاً أساسياً من مهمتي. ومن الطبيعي الدخول مع هؤلاء
الناس في تفاصيل
التفاصيل. ثمة تورط لي في هذه التفاصيل ولكن عن رضى. بيني وبين شخصيات
الفيلمين
تواصل دائم وليس مناسباتي. لكن يبقى جانب إنساني عصي عليّ كفرد لأني في
مهمة ولست
موظفة. أما تعامل الناس مع الكاميرا بهذه التلقائية التي أطلت على حياتهم
ودخلت
منازلهم ومقراتهم كانت حصيلة للإعداد للعمل. كما كانت حصيلة
الإصغاء لهؤلاء
الناس.
·
هل يأتي عملك السينمائي في سبيل
حفظ الذاكرة أم ليشاهد الناس هذا
الواقع؟
هما هدفان متوازيان. دائماً أردد أن القضية الفلسطينية هي بمليون
أولوية. وكل أولوية تستحق أن نسلط عليها الضوء. مهما تحدثنا عن
القضية الفلسطينية
يبقى مهماً وأساسياً وضرورياً تعريف الناس إليها بكل الوسائل المتاحة.
يستحيل أن
يكون سياق القضية الفلسطينية سياسي فقط. التعاطي مع الناس في إطار هذه
القضية يفترض
أن يكون إنسانياً في الدرجة الأولى. أُبعد الناس عن الجانب الإنساني وبقي
الشكل
الشعاراتي والخطابي من الموضوع. عمق حياة الإنسان الفلسطيني لم
يقترب منها أحد حتى
الإنسان العربي. رغم رغبتنا بتسويق القضية عالمياً، يفترض أن يقترب الإنسان
العربي
من هذه القضية وناسها بشكل أكبر.
·
هل ترين أن القضية الفلسطينية
تشكو من قلة
التعاطف الإنساني مع ناسها؟
طبعاً. في 'قمر '14 لم يكن الناس يرون جدوى من
التعبير عن همومهم وما يحدث في حياتهم. مثلاً فرج درويش وبعد مشاهدته
للفيلم تبدل
على صعيد الوعي. وهذا ما أعتبره إنجازاً مهماً للفيلم. عندما شاهد نفسه
بهذا الكشف
والمصارحة شعر بالراحة والقوة. الفيلم شكل بالنسبة له علاجاً
نفسياً.
·
ما هي
خطوتك التالية؟
أعد لفيلم عن غزّة. سوف أحاول دخولها. كانت لي محاولات سابقة
بالدخول عن طريق الأنفاق. وسوف أدخل تماماً كما هو الله أحد.
القدس العربي في
03/03/2010
عاشت لحظات صعبة خلال عملية جراحية
لابنها
كريمة مختار: ورش كتابة السيناريو ضد المواهب الصاعدة
وما
أراه على الشاشة الفضية لا يشجعني على مشاهدة الأفلام
القاهرة ـ من محمد عاطف
أكدت الفنانة الكبيرة
كريمة مختار انها عاشت لحظات صعبة خلال الجراحة التي أجراها نجلها الإعلامي
معتز
الدمرداش .. وحمدت الله على شفائه بسرعة.
قالت كريمة مختار: أصعب اللحظات عندما
تجد الأم نجلها في حالة مرضية تحتاج تدخلا جراحيا، فكل الآلام تنتاب الأم
في تلك
اللحظة وهو ما شعرت به مع ابني .اضافت: اتمنى السلامة لشبابنا لأنهم بوصلة
الحياة
لنا.
عن رأيها في انتشار الورش التي تكتب السيناريوهات حاليا قالت: ارفض هذا
الأسلوب اذا لم يعط الشباب حقوقهم، لأن ما اسمعه ان هناك شخصا
يشرف على مثل تلك
الورش وينسب لنفسه على العمل رغم انه نتاج اخرين سهروا وتعبوا ليخرج النص
الى النور
بمستوى جيد .
اضافت: الفن بهذه الطريقة يخسر جهود هؤلاء لأنهم لا يحصلون على
الشهرة باخفاء اسمائهم ولا يتم تكريمهم ولا تدفع لهم شركات
الانتاج ما يستحقونه،
وبذلك يفقدون تواصلهم في الكتابة ونخسر مواهب حقيقية لأنهم يعيشون وراء
الستار .
اشارت كريمة مختار الى ان المقابل على قدر التعب، ومن بذل الجهد هم الشباب
المجهولون ولهم الحق في ابراز مواهبهم
.
وقالت: ارى تطورا كبيرا في الدراما وهذا
بالتأكيد بفضل سواعد الشباب مع الكبار ولذا علينا الاهتمام بهم لمزيد من
الابداع .
اضافت: اقرأ سيناريو أشعر أنه جهد آخرين في بعض الأحيان، وأفكر في السؤال
عنهم
لكن لا أحد يمكنه ان يجيب على سؤالي
.
واوضحت ان السينما زمان قامت على أكتاف
الشباب من المؤلفين والمخرجين الذين تحمسوا لأفكار جيدة ومتطورة ونجحوا في
ارساء
مبادئ طيبة على الساحة لمن جاء بعدهم .. واتمنى تواصل الأمور بين الجيل
الحالي
لنضمن استمرار النجاح الفني.
وعن مسلسلها الأخير 'حضرة الضابط أخي' تقول: سعيدة
بهذا العمل جدا ولأن عرضه سيكون بعيدا عن الهستيريا الدرامية التي شهدها
شهر رمضان
الماضي والتي كان لها أثر كبير في نفور المشاهد بدلا من جذبه.
وحول رأيها في
الانتاج السينمائي في مصر في الفترة الأخيرة تقول: أخجل حينما أقول أنني
غير متابعة
للحركة السينمائية في مصر فمن المفترض ان اكون متابعة جيدة لكافة الأفلام
لكن للأسف
الشديد ما اصبحت اراه على الشاشة الفضية مؤخرا لا يشجعني على متابعتها.
فالأفلام
التي تم عرضها مؤخرا والتي تحتوي على الكثير من المشاهد
الساخنة نالت قدرا كبيرا من
النقد السلبي لكنها مع ذلك ستنجح في تحقيق ايرادات مرتفعة لقدرتها على جذب
جمهور
الشباب الذي يمثل الجمهور الحقيقي للسينما لكنها لن تحظى بإقبال الأسرة
المصرية على
مشاهدتها.
وأضافت: كل مشهد خارج عن قيمنا وعاداتنا مرفوض تماما فمن المفترض ان
المخرج لا يلجأ لمثل هذه المشاهد الا في أضيق الحدود اذا كانت
هناك ضرورة درامية
وهذا ما أصبحنا نجده حاليا في بعض الأفلام الأجنبية لكن ان يتم اقحام هذه
المشاهد
الخارجة لإثارة غرائز الشباب ومن ثم تحقيق ايرادات مرتفعة في ظل الأزمة
الاقتصادية
التي تعاني منها السينما المصرية مؤخرا فهذا أمر لا يرضي أحدا
على
الإطلاق.
القدس العربي في
03/03/2010 |