قد لا يجوز فى الحياة أن نفتش عن النوايا كما يفعل البعض أحيانا، فقد يصل
الأمر إلى افتراض ما هو غير موجود أصلا، حين يحدثك أحد العلماء مثلا عن
نظرية التطور فتتهمه بالكفر، ومع ذلك فإن الهدف الحقيقى لأى نقد جاد هو
البحث عن "نوايا الفن ومقاصده"، وهذه العبارة القصيرة المكونة من ثلاث
كلمات تكاد أن تكون القاسم المشترك فى أغلب نظريات الفن، لأن الفنان _
بالتأكيد _ يريد أن يؤثر بشكل ما فى المتلقي، يريد أن ينقل إليه رسالته،
وإلا كان الشاعر قد مزق قصيدته بعد أن يكتبها دون أن يذيعها على الناس، أو
يخفى الفنان التشكيلى لوحته فى مخزن مظلم بعد أن ينتهى منها. وإذا كان هذا
ينطبق على كل الفنون، فهو أَوْلى أن ينطبق أكثر على السينما، فعندما يجتمع
بعض الناس، فنانين وفنيين وأصحاب رؤوس أموال، لكى يقرروا أن يصنعوا فيلما
فإنهم ينوون بالطبع عرضه على الجمهور، وهم يفكرون فى كل لقطة ومشهد فى
إحداث تأثير محدد فى المتفرج، وليست رحلة النقد فى جوهرها إلا تأملا ودراسة
للطريقة التى صاغ بها الفنان عالمه الفني، وكيف تُحدث هذه الطريقة فى وجدان
المتفرج وعقله تأثيرا بعينه.
أعترف أننى لا أعرف على وجه اليقين ماذا كان يريد صناع فيلم "أحاسيس"،
عندما جاءتهم الفكرة وواتتهم الجرأة على صنعه، وربما الأدق أن أقول أننى
أعرف نواياهم لكننى سوف أترك اكتشافها للمتفرج، وسأكتفى هنا ياعزيزى القارئ
بمشاركتك تأمل العالم الفنى للفيلم، الذى كانت مشاهدته بالنسبة لى نوعا من
العذاب الحقيقي، وأرجو ألا تسرع فى إصدار أحكامك بأن هذا العذاب جاء بسبب
كون الفيلم "للكبار فقط"، التى تكاد أن تعنى عندنا "مشاهد جنسية"، بما يزيد
رواج الفيلم (!!)، لكن مصدر العذاب كان رعبى من ذلك المستوى الذى تدنت له
اللغة السينمائية فى السينما المصرية، حتى أننى كنت أتساءل طوال مشاهدتى
للفيلم: هل تلك الشرائط هى التى تجد الآن من يمولها ويشجعها؟ هل يوجد فى
هذا الفيلم من يقوم بدور المخرج؟ هل يمكن أن نطلق على "الورق" الذى بدأوا
به صنع الفيلم كلمة "سيناريو"؟ وهل خلت الساحة السينمائية المصرية ممن
يملكون الموهبة الحقيقية، حتى يحتل هذه الساحة من يفتقدون الحد الأدنى من
الموهبة وتراهم يزعمون بحركات بهلوانية أنهم يمتلكونها؟
واقع سينمائى مرير، احتل فيه عديمو الموهبة مقدمة الصفوف، وتراجع أو اختفى
القادرون على صنع سينما حقيقية. لكننى أعود فأقول لنفسى أن ذلك ليس إلا
جزءا من سياق أكبر يتجاوز عالم السينما أو الفن، سياق يمتد إلى السياسة
والاقتصاد والثقافة، وأرجو أن تتأمل على سبيل المثال هؤلاء الذين يصنعون
سياساتنا، وحاول أن تعرف ما هى مواهبهم ومؤهلاتهم فى هذا المجال، لتدرك
أنهم احتلوا هذه الأماكن بوضع اليد وسطوة المال، هؤلاء هم الذين يقررون شكل
حياتنا ومصائر أبنائنا وأحفادنا، فهل تتوقع أملا كبيرا فى جزء صغير من هذا
السياق، وهو السينما؟! والحقيقة أن أجزاء هذا السياق أصبحت تخدم بعضها
البعض، فالسينما الرديئة تؤدى إلى فساد إدراكنا وثلم إحساسنا وتشوه وعينا،
لنصبح كائنات بليدة جاهزة لكى تضع رقابها تحت سكاكين جزارى السياسة.
لذلك لا أوجه اللوم للسينما وحدها، فالحق ليس عليها وإنما على من تركها
تصبح على هذا النحو الذى صارت إليه، وللأسف فإن الصحافة الفنية (التى تسمى
نفسها نقدا، وإن لم تملك هى الأخرى الحد الأدنى من مواهب ومؤهلات هذا
المجال) تروج لطريقة فاسدة فى التذوق وتكوين الرؤى النقدية. أنظر مثلا
لفيلم "أحاسيس"، وسوف تجد من يتوقفون بك عند "الموضوعات" اتى تطرق إليها
الفيلم، ويصدرون أحكامهم على الفور حول إذا ما كان يجوز تناول هذه
الموضوعات، خاصة إذا كانت موضوعات "قليلة الأدب"، ويلقون فى وجهك سؤالا: هل
ترضى لابنتك أو أختك أن تشاهد مشهدا لامرأة تمارس العادة السرية، أو رجلا
فخورا بخيانة زوجته؟ وأرجو ألا يصدم القارئ إذا كانت إجابتى على هذه
الأسئلة: نعم، أرضي، لكن رضاى يتوقف على "الطريقة" التى عولجت بها هذه
الموضوعات، تلك الطريقة هى التى تحدد إذا ما كنت أمام عمل فنى بحق، له
نوايا وقصد وهدف لا تخلو جميعا من النظرة الإنسانية الراقية، أم أنك أمام
عمل "بورنوجرافي" فضائحي، لا يهدف إلا إسالة لعاب المتفرج الذى يرى الفيلم
وكأنه يتلصص على فعل جنسى من ثقب الباب.
سوف أبدأ معك الآن مشاهدة نصف الساعة الأولى من الفيلم، وصدقنى أن ذلك يكفى
تماما. أول القصيدة امرأة شابة نراها فى لقطة طويلة جدا، وبالتصوير البطيء
جدا، وهى تخرج من البحر، بالمايوه طبعا (لا تحدق هكذا فى المايوه الساتان
المشغول بالترتر، والذى يبرز تفاصيل الجسد خاصة إذا كان مبللا!)، ثم ترتمى
المرأة فى أحضان رجل (بالمايوه هو الآخر)، ويأخذان فى التقلب على الرمال،
لكن ذهن صناع الفيلم يتفتق عن حيلة: ماذا لو جعلنا الرجل والمرأة ينامان
فوق لوح زجاجى شفاف، ووضعنا الكاميرا تحتهما؟؟؟؟؟؟ لك أن تتخيل التأثير
الذى تُحدثه هذه الطريقة فى التصوير (هل يجرؤ صناع الفيلم على القول بأنه
تأثير عاطفى أو جمالي؟)، وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فإن لوضع الكاميرا
تحت الزجاج تجربة مدهشة عند المخرج الكبير توفيق صالح فى فيلمه
"المتمردون"، لكى يصور عطش المرضى الفقراء المحرومين من المياه، التى نراها
من أسفل وقد امتدت إليها الأوعية الفارغة فتُحدث اضطرابات تنعكس عليها أشعة
الشمس (خلال الزجاج)، بما ينقل إليك إحساسا وجدانيا وذهنيا بهذا العالم
المضطرب الذى يسوده الظلم.
استخدمت إذن نفس الحيلة التقنية فى شريط "أحاسيس" ولكن لهدف مختلف تماما،
لكن أرجو أن تتمهل قليلا، فلقطات لابسى المايوه التى شاهدتها ليست إلا
"فلاش باك" فى ذاكرة ذلك الرجل نفسه، الذى سوف نعرف أنه لا يتوقف عن حب هذه
المرأة حتى بعد أن تزوجت، والغريب أن كل ما تبقى لديه من ذكريات معها ليست
إلا هذه اللحظات "المايوهية"، حتى تشك أن المرأة كانت قد ارتدت أى ملابس
أخرى عندما كانت تقابل البطل. جاء الآن دور المرأة لتعيش "فلاش باكها"،
أنها أيضا ما تزال تحب هذا الرجل، وأيضا كل ذكرياتها معه من ذلك النوع
الجنسي، لذلك فإنها لا تجد إشباعا مع زوجها، فتبحث عن هذا الإشباع فى
الاستغراق فى العادة السرية، وتتقلب على الفراش وقد تخيلت أنها تنام مع
حبيبها المذكور أعلاه على شاطئ البحر إياه، بينما "تلعلط" الشاشة بأضواء
ملونة، ويتكرر المزج بين لقطة أخرى لمدة خمس دقائق كاملة، لينتهى المشهد
وقد ذهبت المرأة إلى البانيو لتضع نفسها تحت رشاش المياه.
ما هى المشكلة ياجدعان؟ من هؤلاء؟ والإجابة: "عاشقان محرومان"... لماذا؟
لأن الرجل يعرف أنه مريض بمرض خطير يخفى خبره عن الجميع، لذلك يتهرب من
الزواج من حبييبته لكى تتزوج من آخر، لكن العاشقين _ بعد مرور عشر سنوات _
يظلان على حبهما "الجنسي" القديم، دون أن نرى لحظة زاحدة من ذكرياتهما معا
خارج عالم الجنس. وإذا كانت المرأة تعوض بطريقتها حرمانها من الحبيب الذى
تقول عنه: "كنت باأحب جسمى معاه"، فإن الرجل يحصل على هذا التعويض بذهابه
مع أحد أصدقائه إلى الكاباريه (عشان ينسي)، وبرغم أنه يقيم علاقة دائمة
كاملة الشروط مع راقصة ومغنية تحبه فإنه لا يتوقف إلا عند ذكريات المايوه،
لكن الأهم هو أن الفيلم سوف يساعدك أنت على النسيان، بأن تقضى مع البطل،
بين الحين والآخر، عشر دقائق كاملة فى الكاباريه لتشاهد العديد من الرقصات
والأغنيات المبتذلة (أُمّال كنت عايز تتفرج على إيه؟!).
لعلك لاحظت ياعزيزى القارئ أننى لم أورد لهذه الشخصيات أسماء، فليست هناك
شخصيات أصلا، هناك شخوص تتحرك على الشاشة مثل خيال الظل، وكلهم يتحدثون عن
الجنس، فهناك صديقة للبطلة لا يشبعها زوجها (برضه) فتخونه مع عشيق فحل يروى
عطشها الجنسي، وصديقة أخرى _ زوجة صديق البطل الذى يذهب معه إلى الكاباريه
_ تكره ممارسات زوجها الجنسية لأنه يريد منها "حاجات شاذة"، وبعد أن نرى
مشاهد "توضيحية" لهذه العلاقات، على الفراش طبعا، تذهب الكاميرا إلى
البانيو حيث تستحم البطلات، ثم نعود إلى الكاباريه، ومنه رأسا إلى حمام
السباحة، وهذا فقط _ والله العظيم _ هو العالم الذى يدور فيه الفيلم، الذى
لن نعرف فيه أبدا ما هو عمل هؤلاء الناس الذين نراهم على الشاشة كالأشباح
(المهم أن تكون أشباحا عارية)، ولا ندرى كيف يكسبون المال الذى لا يجعلهم
جميعا لا يفكرون إلا فى الجنس، ولا شيء غير الجنس، فلا تدرى إن كان هناك
حقا مخرج هو هانى جرجس فوزي، أو كاتب سيناريو هو هانى وليم، لكن الأثر
المؤكد الواضح هو لإيهاب لمعى (بالمناسبة البطل اسمه إيهاب) المشارك فى
الإنتاج، الذى مايزال مصرا، كما فى أفلامه السابقة "من أول نظرة" و"كان يوم
حبك"، على بهلوانيات التصوير السينمائى أو التعليق من خارج الكادر (فويس
أوفر)، وهى حين تكون فى غير موضعها ليست إلا حيلا تقنية تعكس الإفلاس
الحقيقى لصانع الفيلم، عندما لا تكون لديه رؤية أصيلة للعالم أو حتى للفن
الذى يتعامل معه.
أعود إلى السؤال: هل يتناول هذا الشريط حقا أية قضايا، حتى لو كانت شائكة
أو محرمة كما تزعم الصحافة الفنية، سواء كانت مع أو ضد الفيلم؟ الحقيقة أن
صناع هذا الشريط يبيعون ما يبدو أنه قضايا، لكنها ليست إلا ذريعة لمشاهد
الفراش والبانيو والكاباريه وحمام السباحة. هل يريد السينمائيون حقا قضية
"جنسية" حقيقية شائكة يتناولونها؟ هناك عشرات الملايين من الفتيان والفتيات
لم يعد لديهم أمل فى عمل أو مسكن أو حياة إنسانية سوية، لم يعد لديهم
مستقبل، فكيف يفرغ هؤلاء طاقتهم الجنسية؟ إن كانت هناك معالجة جادة لتلك
القضية فلن تكون هناك مشاهد جنسية فجة، بل بحث عن الأبعاد السياسية
والاقتصادية فى وطن لم يعد يعرف معنى للعدل الاجتماعي، ولقد سبق لكاتب هذه
السطور اختيار "فيلم ثقافي" من بين أفضل عشرة أفلام خلال العقد الأخير
للسبب ذاته، كما قام محمد أبو سيف بمعالجة نفس القضية فى فيلمه المظلوم
"النعامة والطاووس" الذى سرق منه "أحاسيس" بعض الموتيفات (مثل الطبيبة
النفسية). ليست المشكلة ياعزيزى القارئ أن فيلما يناقش الجنس، وإنما
المشكلة هى أن يكون أولا فيلما بحق.
العربي المصرية في
02/03/2010
عرض فى «أتيليه القاهرة».. مثيرًا للشجن
والغضب
«كافيه
ريش».. تاريخ الوطن على جدران مقهي
محمد الروبي
كان مقهى "ريش"، ولا يزال، أحد أهم العلامات الثقافية فى مدينة القاهرة،
تأتى خصوصيته من تماهى تاريخه مع العديد من الحركات الوطنية والثقافية
المصرية، ووقوفه لسنوات طويلة شاهدا لا يموت على الكثير من الأحداث
السياسية وعلى تطور علاقة المثقف المصرى بالسلطة، وهى الخصوصية التى دفعت
المخرج "جمال قاسم" إلى مغامرة إعادة اكتشافه وتوثيق تاريخه عبر أصوات وصور
مريديه، عاكفا على غزل فيلم يحمل العنوان نفسه "كافيه ريش" ليصحبنا فى رحلة
تزخر بالعديد من المفاجآت وتثير الكثير من الشجن.
منذ اللقطات الأولى يحدد جمال قاسم هدف فيلمه، لا باعتباره تأريخا للمكان
ولكن باعتبار المكان معبرا إلى تاريخ أرحب وأكثر تعقيدا، فها هى الصور
القديمة لمدينة القاهرة تتوالي، لتصنع مدخلا رقيقا لحكاية، تؤطرها موسيقى "تامر
كروان" المتأسية على زمن فات، بينما صوت المؤرخ الكبير "يونان لبيب رزق"
يتحدث عن أنواع المقاهى وكيف انتشرت فى مصر بكلمات قليلة مكثفة عابرة
للأزمان، تساعد المونتير "عادل منير" فى الدخول بسلاسة إلى المقهى من
الخارج فى الساعات الأولى من الصباح.
الميدان ما يزال ينهض من نومة الأمس، والعم "فلفل" يدير المفتاح فى بوابة
المقهي، وآخر يساعده فى رفع سواتره الحديدية ليمتلئ المكان بنور الصباح
ويزداد ألقا بأنواره الاصطناعية... المناضد مصفوفة على جانب واحد ترقد
عليها المقاعد فى استرخاء، وأيادى الرجلين تعيد ترتيبها استعدادا لاستقبال
الوافدين.
دخول سهل وآسر إلى منجم الذكريات يسمح بالسفر إلى ماض بعيد عبر صوت يتقمص
صاحب المقهى الأول "ميشيل بوليتيس" يقرأ خطابا أرسله إلى حكمدار القاهرة
يرجوه فيه السماح باستضافة حفلات موسيقية فى المقهي، بينما الكاميرا تتأمل
الخطاب، ومنه إلى خطاب آخر هو رد "الحكمدار" بالرفض مصحوبا بصوت أكثر تجهما
وحسما، ومنه إلى إعلانات الحفلات التى توالت على المقهى رغم رفض السلطة.
إنها مشاهد أولى يعقد بها جمال قاسم اتفاقا مع متلقيه على طبيعة النهج الذى
اختاره لفيلمه.. خطوة للامام وخطوتين للخلف.. فى رحلة اكتشاف مبهرة لمكان
ظل لسنوات شاهدا على نهضات وانكسارات الوطن، وعلى تواصل أجيال مبدعيه، وعلى
صراع دام وسيدوم بين المثقف والسلطة، وعلى التقاء كافة الفنون فى بوتقة
واحدة اسمها ريش.
طوال الرحلة لن يكف جمال قاسم على إغوائك بالمفاجآت، صور قديمة ووثائق
منشورة ومقاطع فيلمية منتقاه بدقة من أفلام روائية ووثائقية، بل وسيهديك
صورة وصوتا شخصيات عديدة هى علامات بارزة فى الثقافة المصرية والعربية
تحدثك عن "ريش" وتأثيره، ففى الفيلم سترى وتسمع من المفكرين محمد عودة،
وكامل زهيرى وادوارد الخراط، وسعد زغلول فؤاد، ومن الأدباء، بهاء طاهر،
وجمال الغيطاني، ومحمد البساطي، وإبراهيم فتحي..ومن التشكيليين حلمى
التوني، وأحمد مرسي، وعادل السيوى ومن السينمائيين كمال عطية (صاحب قنديل
أم هاشم) ومحمد خان، وخيرى بشارة، ورضوان الكاشف، وسمير فريد، وكمال رمزي،
و.. وفى الرحلة ستعرف أكثر عن نجيب محفوظ، بل ستشاهد مقطعاً حياً من إحدى
ندواته الأسبوعية التى كان يعقدها فى المقهى ويحضرها عشرات المبدعين
والمثقفين من أجيال مختلفة.
وفى الرحلة ستسمع ما لم تكن تعرفه عن نجيب سرور، ويحيى الطاهر عبد الله،
وأمل دنقل، بل ستفاجأ بصورة وصوت أحمد فؤاد نجم جالسا على سطوحه الشهير
يلقى عليك قصيدته الساخرة من مثقفى ريش: "يعيش أهل بلدي"!!
ورغم زخم الشخوص والحكايات والصور، إلا أنك ستشعر بقدرة اللاعب فى الإمساك
بخيط هدفه، فهو لن يقف بك عند حدود التأريخ الجاف للمقهي، بل سيجول بك فى
آفاق وطن شهد المقهى أهم أحداثه وشارك فى صنع بعضها.
واستكمالا للشكل الذى اختاره، سينهى جمال قاسم رحلته التى بدأها فى صباح
مبكر بخروج دليل رحلتك "الناقد ابراهيم منصور" من باب المقهى فى أواخر
الليل تطالعه الكاميرا من بعد وهو يسير فى شارع طلعت حرب متوجها إلى حيث
"التحرير" ليتركك وحيدا تتساءل: كيف كنا.. وأين أصبحنا؟
"كافيه ريش" الذى أنتجه المركز القومى للسينما عام 2003 لم يشاهده حتى الآن
سوى القليل وفى منتديات خاصة كان آخرها "أتيليه القاهرة" منذ أسابيع، وهو
ما يجعلنا نتساءل عن سر انقطاع العلاقة بين انتاجات المركز ودور العرض
السينمائى وجهاز التليفزيون الرسمي، وعن معنى أن يظل التاريخ مسجونا فى علب
حديدية لا ينتبه إليها أحد؟!
العربي المصرية في
02/03/2010 |