فتحي عبد الوهاب: لا أخشى تقديم الدور أكثر من مرة ما دمت قادرا على إضافة
الجديد
قال لـ «الشرق الأوسط»: الفن لا أمان له وأحلم بتجسيد شخصية محمد نجيب
سها الشرقاوي
يذكرك فتحي عبد الوهاب بملامح فنانين كبار، تركوا بصمة في تاريخ الفن
السينمائي في مصر. وهو من الفنانين القليلين الذين يتمتعون بثقافة خاصة،
فيرى أن الفنان ملك لفنه وليس العكس. وخلال أعماله التي قدمها في السينما
والتلفزيون استطاع أن يشق لنفسه مسارا خاصا، ويستحوذ على إعجاب المشاهدين،
وشكل دوره ضمن بطولة جماعية شبابية في «فيلم ثقافي» نقطة تحول في صعوده سلم
النجومية، خاصة أن الفيلم الذي حقق نجاحا جماهيريا فاق توقعات القائمين
عليه. حصد عبد الوهاب جائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي
العام الماضي عن فيلم «عصافير النيل»، كما حصد الفيلم نفسه جائزة أحسن
مونتاج وأثار انتقادات في مهرجان دبي السينمائي الدولي.
«الشرق الأوسط» التقت النجم الشاب، في حوار حول أعماله وطموحاته، والجديد
في جعبته السينمائية
·
كيف ترى الضجة التي أثيرت حول
فيلم «عصافير النيل» في مهرجان دبي السينمائي، والانتقادات حول بعض المشاهد
الساخنة في الفيلم؟
- الفيلم نال إعجاب النقاد والجمهور، من حيث القصة وأداء فريق العمل
بالكامل.. والقاعات كانت ممتلئة أثناء العروض. ونال الفيلم جائزة أحسن
مونتاج وقيمتها ثمانية آلاف دولار. وأنا سعيد جدا بالجائزة، التي حصدناها
من وسط كم هائل من الأفلام المشاركة لمختلف الدول.. ولولا مقاييس ومعايير
اللجنة المشرفة على الأفلام لحصدنا أكثر من جائزة.. وأنا لم أسمع أي نقد
حول الفيلم هناك. أما بخصوص بعض المشاهد، فهي موظفة ضمن سياق العمل. وأنا
لا أؤمن بوجود مشهد محترم ومشهد غير محترم ما دام يخدم العمل الفني.. ولا
أؤدي مشهدا إلا وأنا مقتنع بدوره في سياق الفيلم.. ولكن أحد النقاد في
مهرجان القاهرة السينمائي، في المؤتمر الخاص، انتقد الفيلم بأن أحداثه
بطيئة بعض الشيء.. ورأي هذا الناقد شخصي يخضع لحالته المزاجية، ولا يستند
إلى مبرر فني موضوعي. الفيلم كان عن حقبة السبعينات وهي الفترة التي كتب
فيها إبراهيم أصلان روايته.
·
هل هناك فرق بين الرواية والعمل
السينمائي الذي قدمتموه؟
- بالطبع، فالوسيط الأدبي يختلف عن الوسيط السينمائي. فعند تجسيد شخصية
مكتوبة داخل رواية، يجب أن يضاف إليها بعض السمات والصفات التي لا تكتب،
كتعبير الوجه وحركات الجسم، وهي إضافات تكتب في السيناريو.. مما يضفي
الاختلاف عن الأصل رغم تشابه الأحداث.. وهناك أمور في الرواية غير موجودة
في السيناريو، كموت البطل عبد الرحيم، ولكنه يظل حيا حتى النهاية في
الفيلم.
·
لكن قيل إن الرواية كانت أفضل من
الفيلم.
- الفيلم يدور في ساعتين فقط.. مما يعني أن هناك أحداثا اختزلت. ولكنني
أزعم أننا استطعنا توصيل مضمون الرواية كاملا. ويكفينا رأي صاحب الرواية
إبراهيم أصلان الذي أثنى على الفيلم.
·
حصلت على جائزة أحسن ممثل من
مهرجان القاهرة السينمائي، فهل كان الفيلم يستحق أكثر من جائزة من وجهة
نظرك؟
- حصولي على أحسن ممثل أمر أعتز به لأنه من مهرجان القاهرة السينمائي
الدولي. حيث إن عددا قليلا جدا حصل على مثل هذه الجائزة، ومن الصعب جدا أن
يتفق أعضاء اللجنة الـ11 على أمر واحد.. وجائزة أحسن ممثل تكفي.
·
لكن المخرج مجدي أحمد علي أشار
إلى وجود اضطهاد من لجنة التحكيم للفيلم؟
- أحترم وجهة نظره جدا، لكني أرى أن المهرجان كان أمينا جدا على الفيلم
وعلى تقييمه. ومجدي مخرج ممتاز ويجيد التعامل مع أبطال عمله ويجيد توظيفهم،
وتعاملت معه للمرة الثانية بعد فيلم «خلطة فوزية».
·
تردد أن فيلم «عصافير النيل» لم
يكن من المقرر أن يشارك في المهرجان، ولماذا تشارك مصر بعدد قليل من
الأفلام؟
- عصافير النيل كان في مرحلة المونتاج قبل المهرجان، وهذا هو سبب التأخير..
أما بالنسبة للمشاركة في المهرجان، فليس من الضروري أن نشارك بأفلامنا،
ولكن يكفي أن يكون مجرد مهرجان يعبر عن وجودنا أمام العالم، فهي ليست دورة
ألعاب يجب أن نشارك فيها.. ولا أنكر أن وجودنا مهم ويجب أن يدعم من الدولة.
وبالفعل بدأ تفعيل هذا الدور، فقد دفعت الدولة 2.5 مليون جنيه في إنتاج
أفلام «عصافير النيل» و«بالألوان الطبيعية» وكذلك فيلم «رسائل البحر».. ولا
بد أيضا للإعلام أن يغير من طريقته في التعامل مع أفلام المهرجان، فبدلا من
الهجوم عليها يجب أن نظهر إيجابياتها أكثر.
·
من هم عصافير النيل؟
- هو اسم الرواية.. ويشير إلى العصافير التي تطير فوق النيل، والمقصود بها
في النهاية المصريون
·
ماذا عن دورك في «عصافير النيل»؟
- أنا أجسد دور عبد الرحيم، الريفي صاحب المبادئ والقيم النقية الصافية.
وعندما يأتي إلى المدينة يحاول تطبيق هذه المبادئ، ولكنه يصدم بأن هذه
المبادئ لا تصلح للمدينة.
·
هل شاهدت عبد الرحيم في الحياة
الواقعية؟
- يوجد الكثير من عبد الرحيم في واقعنا، وأعتقد أن عددهم يزيد كل يوم.
فالهجرة من الريف إلى المدينة حدث يومي، وكانت ولا تزال تشكل مشكلة. ومن
يأتي من الريف يأتي بالسمات والطباع التي يعيشها هناك محاولا التعامل مع
المدينة. وتعاملت بشكل مباشر مع شخصيات حقيقية تشبه عبد الرحيم، كما أنني
في الأصل ريفي.
·
متى سيعرض الفيلم تجاريا، وهل
تتوقع نجاحه؟
- موضوع العرض في دور السينما المصرية أمر تهتم به الشركة المنتجة، ولكني
أعتقد أنه سيعرض في مارس (آذار) المقبل.. أما بالنسبة لنجاحه تجاريا، فهذا
متوقع، حيث بذلنا كل الجهد الممكن لتقديم عمل يليق بالسينما المصرية.
والفيلم يدخل في منطقة شائكة جدا وجديدة على السينما المصرية، وأعتقد أنه
سينال هجوما من بعض الجماهير نتيجة تعرضه لمثل هذه المشاكل التي يهرب منها
الجميع.
·
ما مدى تشابه شخصية الشاب الريفي
في فيلم «فرحان ملازم آدم» و«عصافير النيل»؟
- شخصية الشاب الريفي الذي ينزح للقاهرة يمكن أن نتناولها من أكثر من جانب،
فهي شخصية ثرية وخصبة. فكل واحد منهم له عاداته وتقاليده التي يحاول التمسك
بها، ومنهم من ينجح ومنهم من يسقط في هاوية التمدن.. وسأقدم الشخصية مرة
ثالثة ورابعة لو وجدت سيناريو جيدا، دون أن أفكر هل قدمتها من قبل أم لا..
فشرطي الوحيد، ألا أكرر نفسي في نفس الدور ولكن الشخصية يمكن أن أقدمها
بأكثر من شكل.
·
عرض لك أخيرا فيلم «عزبة آدم»
وكنت تجسد دور حامد، الشخصية التي تميزت بالشر.. كيف تعاملت مع هذا الدور؟
- عندما عرض عليّ السيناريو أخذتني شخصية حامد جدا، فأنا أعشق مثل هذه
الأدوار المركبة.. فحامد شخصية تسعى للقمة، ويحاول جاهدا في سبيل ذلك أن
يطيح بأقرب الناس إليه ولا يفكر في الوسيلة، فغايته في الوصول تعمي عينيه
عن أي اعتبارات إنسانية..
·
لكن شخصية حامد شخصية مستهلكة،
وقدمت أكثر من مرة في السينما المصرية؟
- سوف نشاهده مرات ومرات.. فالشر أمر لا ينتهي.. وشخصية حامد بما فيها من
شر موجودة ولن تختفي يوما كي نتوقف عن الحديث عنها وتقديمها داخل أعمالنا
السينمائية. وهناك ممثلون برعوا في تقديم مثل هذه النوعية فقط حتى إننا لم
نرهم إطلاقا في أدوار أخرى.. ولكن بالنسبة لي - ولأي ممثل يقدم مثل هذه
الشخصية - يجب أن أضيف عليها بصمتي الشخصية.
·
لكن أثير أن شخصية حامد هي التي
قام عليها العمل، ولم يهتم السيناريو بأي شخصية أخرى فخرج ضعيفا جدا؟
- عندما يعرض علي السيناريو، لا أنظر إلا لدوري في العمل. وهذا ما حدث في
«عزبة آدم» وأكد العديد من النقاد أن دوري خارج العمل.. ولكن العمل لا ينجح
إلا بالمنظومة وفريق العمل المتواجد فيه.
·
هل تفكر في التأمين على حياتك
بعد تعرضك للكثير من الحوادث في «عزبة آدم»؟
- التأمين دور الشركة المنتجة.. وبالرغم من أن التأمين على الأبطال أمر
متعارف عليه في الخارج، إلا أنني لن أطلب من الشركة أن تؤمن على حياتي. فلو
قاموا بذلك، فيجب عليهم أن يؤمنوا على حياة كل فريق العمل، بداية من الفني
المعرض أكثر للإصابات إلى نجوم العمل والكاتب والمخرج..
·
تردد أن الفنان محمود ياسين غضب
بشدة بعد عرض الفيلم، ما حقيقة ذلك؟
- الفنان محمود ياسين نجم كبير، وأنا تعلمت منه قبل أن أعمل معه. ولو كان
هذا رأيه فأنا أحترمه ولا أستطيع التعقيب عليه.
·
بعد عرض فيلم «سهر الليالي» توقع
البعض انطلاقة فتحي عبد الوهاب كنجم شباك، وهذا لم يحدث؟
- فيلم «سهر الليالي» حصدت عليه العديد من الجوائز.. وأنا أرفض ظهوري طوال
أحداث العمل من «الجلدة للجلدة». لكني دائما أسعى لتقديم أدوار تكون بمثابة
العلامة في العمل الذي أشارك به.. وهذا ما حدث معي على مدار أعمالي التي
قدمتها بعد «سهر الليالي»، فكلها كانت علامات مميزة، كما كانت أفلامي كلها
من قبل «سهر الليالي». وما قدمته قبله هو ما أهلني لهذا الدور.
·
قدمت 27 عملا خلال مشوارك
السينمائي، ما الذي اكتسبه فتحي عبد الوهاب من هذا الكم من الأعمال؟
- الدرس الأول الذي تعلمته أن مهنة الفن مهنة صعبة جدا، خاصة أننا ننسى
علاقاتنا الاجتماعية.. فعلاقتي بأصدقائي من أسوأ لأسوأ. وكذلك علاقتي
بأسرتي، فعندما أحب أن أعرف شيئا عن ابني أصطحبه معي إلى اللوكيشن كي أعرف
ماذا تعلم. كما أن الفن مهنة لا أمان فيها، فخلال تصوير فيلم «عزبة آدم»
تعرضت للكثير من الحوادث والتي كادت تقضي على مستقبلي الفني ولكن ربنا ستر.
·
ما الدور الذي ما زلت تبحث عنه؟
- أحب أن أجسد شخصية محمد نجيب أول رئيس للجمهورية.. فهي شخصية لم تأخذ
حقها التاريخي وتعرض للظلم الشديد.. فقد كان أكثر الضباط الأحرار جرأة
عندما قبل أن يكون على رأس الجماعة ويتحمل وحده تبعات الثورة في حالة
فشلها.
·
ما آخر أخبارك الفنية؟
- انتهيت من تصوير مسلسل «سنوات الحب والملح» الذي سيعرض قريبا على إحدى
القنوات الفضائية.. وأدرس الآن العديد من السيناريوهات، وأحاول اللحاق بشهر
رمضان الكريم من خلال عمل درامي.. وكذلك هناك بعض السيناريوهات السينمائية
وأعتقد أني في الطريق لتصوير أحدها.
الشرق الأوسط في
05/02/2010 |