قالت الفنانة القديرة ليلى طاهر، إن العمل الفنى ليس من مهامه إيجاد حلول
للمشاكل والقضايا التى يطرحها، ولكن مهمته الأساسية إلقاء الضوء عليها وترك
إيجاد الحلول للمهتمين بالدراسات النفسية والاجتماعية، فهم أصحاب الحق فى
هذا، لكن إذا واكب العمل الفنى طرح لحل القضية التى يتناولها فلا غضاضة فى
ذلك.
جاء ذلك خلال الحوار المفتوح مع الحضور فى ندوة ثقافية نظمتها مكتبة مبارك
العامة بدمنهور أمس بعنوان (الفن رسالة) والتى حضرها الناقد الأدبى مصطفى
عبد الله مساعد مدير تحرير الأخبار والمشرف على الصفحة الأدبية بالجريدة
واللواء أمير عباس السكرتير العام للمحافظة واللواء مغازى عطية رئيس مدينة
دمنهور والدكتورة عبير قاسم مديرة المكتبة وعدد من طلبة فرع جامعة
الإسكندرية بدمنهور.
وركزت الفنانة القديرة على ضرورة توخى الحرص أثناء تقديم العمل الفنى لقضية
ما، وضربت مثالاً بتقديم مشكلة المخدرات فى هيئة ممثل وسيم وصاحب دم خفيف
وهو يتعاطى ويزداد نشوة ومرحاً، وهو مستمر فى التعاطى وكأنه إعلان صريح عن
الدعوة للتعاطى وتكون الرسالة قد أخذت منحى سلبى ومدمر.
كما أعطت نموذج آخر للبنت التى تسلك سلوكاً خاطئاً وقدمت فى العمل الفنى
وهى مستمتعة بأخطائها وفى صورة براقة وجميلة تكون الرسالة قد اتجهت إلى
منحى آخر سلبى وخطير وانتقدت معظم الأفلام التى تقدم صوره قاتمة للواقع
وطالبت بخلق التوازن فى تقديم الأعمال الفنية وإلقاء الضوء على النماذج
المضيئة لبعث التفاؤل.
وفى تعليقها على ما قدمه المخرجان خالد يوسف وإيناس الدغيدى، قالت إنه لكى
يوفق الفنان فى تقديم رسالته لابد أن يتسم عمله الفنى بالحرص على قيم
مجتمعه ولخالد يوسف وإيناس الدغيدى وجهة نظر فيما يقدمانه رغم تحفظى وعدم
موافقتى عليه، فوجهة نظر إيناس أنها تقدم الحقيقة بلا غموض وهذا غير صائب،
لأن لنا طبائعنا وعندنا شبابنا المحتاج لتوجيه ورعاية وما الذى يمنع فى
تقديم العلاقات الحميمة بجرعة أقل.
وأضافت لن ننسى رائعة أمين يوسف غراب ابن البحيره شباب امرأة وما قدمته
الفنانة تحية كاريوكا من توصيل المفهوم للمتلقى دون ابتذال أو إسفاف وأيضاً
فيلم الحرام كما لا أتفق مع خالد يوسف فى إصراره على تقديم المشاكل
والقضايا، كما هى تماماً فى الواقع وبلا حرج فالحقيقه تعالج فى العمل الفنى
من خلال إطار جمالى ومهما كانت المرارة التى تحملها القضية لابد أن تعالج
فنياً من خلال حدوتة أو استعراض أو حتى عمل كوميدى وهذا لا يمنع أن أقول إن
المخرجين لهما تميزهما التقنى فى تقديم أعمالهما.
وحول سؤال عن تقديم عمل من هذه النوعية التى يقدمها خالد يوسف وإيناس
الدغيدى، أجابت بأنها سترفضه تماماً على الفور.
وحول عزوفها الحالى وعدم ظهورها حالياً فى أى عمل فنى قالت ربما تكون
الإجابة تقليدية، إلا أن ما يعرض على لا يتناسب إطلاقاً مع رصيدى الفنى
الذى وضعنى فى مكانة مقبولة لدى جمهورى وقد يضطر الفنان أن يقبل أعمال ليست
على المستوى، لأن الفن هو مصدر رزقه الوحيد.
اليوم السابع المصرية في
04/02/2010
الفنانون السوريون يلعبون علي الحبال من الخليج إلي الجزائر
كتب
مها متبولى
العصب الحي للدراما السورية هو اعتمادها علي الشراكة الخيلجية أو
الجزائرية، فبدون هذه الشراكة يهوي المشروع الدرامي السوري
إلي سابع أرض، لذلك
تتم الأعمال الفنية وفقا لشروط معينة وغطاءات سياسية، يلعب خلالهابعض الفنانين
السوريين دور المنتج المنفذ ويكتفي الطرف الآخر بتحقيق بعض المكاسب
الأدبية، لكن
الكارثة أن المخرجين السوريين يحققون ذلك وهذا ما تفضحه الشراكة الفنية
السورية-
الجزائرية، التي تنمو في الخفاء منذ عامين.
صحيح أن كل بلد من حقه أن يقدم
الأعمال الفنية التي تواكب تقدمه الحضاري، لكن هذه الشراكة تخفي وراءها بعض
النوايا السيئة لأن هدفها الأول هو زحزحة الفن المصري عن ريادته وتستغل
الشخصية
السورية عقدة بعض
الخليجيين والمغاربة تجاه الفن المصري وتستثمر ذلك لمصلحتها إلا
أن هذا المخطط لم يعد في صورته البسيطة التي تعودناها دائما
وإنما أصبح قائما علي
عقد الصفقات الفنية بما يعني أن بعض الشخصيات الفنية السورية تلعب علي كل الحبال
وتبني ذاتها علي حساب خسارة الآخرين، إلا أنهم يجهلون شيئًا مهمًا وهو أن أجر
الفنان السوري في مصر يفوق أجره في سورية بخمسة أضعاف علي
الأقل، فماذا سيفعلون
إذا أوصدت مصر أبوابها كرد فعل علي طعنها في ظهرها؟
نجدت أنزور
الداغستاني لا يعرف من هي أم كلثوم!
اتخذت خطوات فعلية
في هذا المضمار وتم بالفعل إنتاج مسلسل جزائري يدور حول شخصية جزائرية
تاريحية إلا
أنه لم ينجح في لفت الانتباه مما جعل الجزائريين يفكرون في ضرورة الاستعانة
بمخرجين
سوريين لتنفيذ هذه المسلسلات والعمل علي الدخول في شراكة فنية سورية-
جزائرية
تعود بالنفع علي الطرفين لأن هناك طموحًا كبيرًا في تقديم تجربة درامية ذات
ملامح
خاصة، ويبدو أن هذه الأفكار قد لاقت صدي كبيرا عند
المخرج نجدت أنزور فهو لمن
لا يعرفه من أوائل الذين نادوا بقطع الطريق علي الدراما
المصرية إن لم يكن من ألد
أعدائها، ففي الوقت الذي يسخر خلاله مجهوداته لتقديم مسلسلات جزائرية تحكي
بطولات
محاربي الصحراء ورموزهم كان يستنكر من قبل عمل مسلسل أم كلثوم
متسائلا من هي أم
كلثوم حتي ينتج مسلسل باسمها؟ ولا يكون ذلك شيئًا بجوار الفكرة التي
يتبناها نجدت
أنزور ويروجها في العواصم العربية التي يزورها وهي:
أن هناك من قال له إنه كان
السبب في إنقاذ الشعوب العربية من استعمار المسلسل المصري والذي يعتبره أنزور
وسيلة لتحقيق هيمنة إعلامية تعوض الدور السياسي الذي فقدته
مصر، وهو أمر يدرك
أنزور أنه مخالف للحقيقة لأنه لولا ريادة مصر سياسيا لما هاجمها ولكن تبعا
لوجهة
نظره أخذ علي عاتقه مهمة تبني كل المشروعات الفنية الخليجية والجزائرية
التي تسير
علي نفس الخط حتي تكون حائط صد تجاه الدراما المصرية وفي نفس
الوقت يفتح أمامه
مجالا جديدا للعمل بعد أن استقطبت الدراما المصرية نجوما سوريين ومخرجين
أيضا بينما
لفظته دون أن يكون له أي تواجد في أعمالها.
أنزور يستدعي ذاكرة
أحلام مستغانمي كبداية للتعاون السوري -
الجزائري.
نجدت أنزور سيبدأ
تصوير مسلسل ذاكرة الجسد للكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي بعد شهرين
تقريبا
كتتويج أساسي في تجربة الدراما السورية-
الجزائرية والغريب أن ذلك يتم تحت رعاية
ووصاية خليجية طبقا لعدة شروط أهمها تصعيد أمل بوشوشة نجمة ستار أكاديمي
الجزائرية
لتكون بطلة العمل والتأكيد علي ضرورة التصوير في الأماكن الجزائرية، أما
بطلا
العمل فهما جمال سليمان وقصي خولي.
الغريب أن نجدت أنزور وأحلام
مستغانمي يلتقيان علي أرض مشتركة وهي وضع علامة استفهام أمام الدور المصري
علي
الساحة الفنية والسياسية، فأحلام مستغانمي علي الرغم من مكانتها كأديبة صبت لجام
غضبها علي الشعب المصري بعد أحداث مباراة الجزائر في القاهرة وطالبت
القيادة
السياسية في مصر بأن عليهم استقبال الفريق الجزائري لكرة القدم
في المطار مما أصاب
المثقفين المصريين بالإحباط تجاه ما قالته لأنها أول ما نالت التكريم في
حياتها كان
في القاهرة حيث حصلت علي جائزة نجيب محفوظ عام
1997
من الجامعة الأمريكية عن
رواية ذاكرة الجسد ولكن فيما يبدو أنها باتت تسير علي نهج أنزور الذي طلب
منها
إعادة كتابة السيناريو في المسلسل بصورة جديدة علي أن تقوم
مؤلفة سورية بصياغته
ليصبح متفاعلا مع القضايا المعاصرة، وما أريد أن أشير إليه أن هذه الطريقة تحفل
بالتلفيق الفني علي صعيد الكتابة واختيار الممثلين وذلك لأن السيناريو
يراعي منذ
البداية تطعيم العمل بشخصيات سورية وجزائرية مما يضر بالحبكة
الدرامية ولا يخفي علي
أحد أن ذلك يأتي لتلميع النجوم الجزائريين إلا أن صعودهم علي أكتاف
السوريين لم يكن
دائمًا مكللاً بالنجاح رغم تكاليف الإنتاج الباهظة، وكل هذه المشكلات قد ظهرت
بوضوح في المسلسل الذي تم عرضه منذ فترة وهو بعنوان
عندما تتمرد الأخلاق الذي
لعبت بطولته سوزان نجم الدين بمشاركة ممثلة جزائرية صاعدة، وحتي تكون القصة
منطقية في الجمع بين السوريين والجزائريين تم افتعالها علي أساس رصد حياة
أستاذ
جزائري يدرس في سوريا وتنشأ بينه وبين فتاة شامية قصة حب،
إلا أن تجربة المسلسل
قد فشلت لأن باسم ياخور والبطلة أمامه لم يكونا منسجمين فنيا إذ اتضح وجود
فجوة
كبيرة علي مستوي الأداء بين الممثلين في الجزائر وسوريا رغم
كثرة الأعمال المشتركة
بين الطرفين ونفخ وسائل الإعلام في التجربة الدرامية ومحاولة بعث الروح
فيها عن
طريق تشجيعها لتحقق مزيدًا من النضج والتوءمة الفنية.
غطاءات
سياسية
الغريب أن المسلسلات المشتركة بين السوريين والجزائريين
لم تحقق 50٪
من أهدافها لأنها تسقط في بئر المحلية ولم تستطع
أن تتجاوز مكانها
لتحقق الانتشار علي المستوي العربي، فمسلسل
عذراء الجبل الذي لعب بطولته باسم
ياخور وعدد من الشباب الجزائريين مر دون أن يسمع به أحد، فلا هو ناطح
المسلسلات
المصرية ولا أثر في طبيعة وجودها ومثله أعمال أخري تحت التحضير سوف تواجه
نفس
المصير حيث يتم غرس الدراما في غير أرضها، وما يثبت ذلك أن نجدت انزور نفسه
قد أشار إلي أن نور الشريف قد عرض عليه العمل في مسلسل ذاكرة الجسد
لكن نور رفض
لأنه لم يكن راضيا عن طريقة التناول الدرامي للعمل والتي امتلأت بالتنظيرات
ولا
أعرف لماذا يزج نجدت انزور أيضًا باسم يوسف شاهين عندما يؤكد
أنه كان يفاوض الكاتبة
أحلام مستغانمي علي إنتاج روايتها كعمل فني ولكن الأمور لم تتم ولعل الهدف
من هذه
الإشارات هو محاولة إثبات أنه البديل الأساسي له بعد رحيله لأنه يدرك جيدًا
أن
شاهين قد لاقي تقديرًا كبيرًا في الجزائر،
ولكن ذلك يجعلنا نتطرق إلي شيء مهم وهو
أن 70٪ من مشروعات المخرجين السوريين تتم تحت غطاءات سياسية سواء في الخليج
أو في الجزائر أو في ليبيا بدءًا من مسلسل
الملك فاروق
ومرورًا بالتغريبة
الفلسطينية لكنها في بعض الأحوال تأخذ شكل الصفقات ومنها علي سبيل المثال
تكليف
المخرج حاتم علي بمهمة إخراج فيلم
الأمير عبدالقادر الجزائري
علي أن يكون علي
نفس مستوي فيلم
عمر المختار وأن يتم استقطاب بعض نجوم السينما العالميين
للمشاركة في الفيلم، ويتم المشروع الفني برعاية الرئيس الجزائري بوتفليقة وتمويل
خاص من وزارة الثقافة الجزائرية ليكون خطوة في التعريف بتاريخ النضال
الجزائري
وأبطاله.
أما الصفقة الأخري فهي التي دخل فيها نجدت انزور مع الحكومة
الليبية من خلال إنتاج فيلم ضخم باسم
سنوات الظلم.. سنوات العذاب وهو الفيلم
الذي سعي العقيد معمر القذافي جاهدًا للبدء فيه ولكن المشروع توقف بعد حدوث
مصالحة
ليبية -
إيطالية وسبب التوقف يرجع إلي أن أحداث
الفيلم ما هي إلا حملة هجوم ضد
إيطاليا وبعد المصالحة لم يعد هناك معني لها مطلقًا.
وئام السوريين مع العرب قائم علي خلافهم مع
مصر
وما يعنيني هنا هو أن المخرجين السوريين يجيدون اللعب علي كل
الأحبال السياسية واستغلالها علي المستوي الفني لفرض تواجدهم
وما يؤكد ذلك هو كلام
نجدت انزور نفسه الذي يشير إلي أن انتشار الدراما السورية في كل بيت عربي
لا يخلو
من معان سياسية، وهو يقصد الترويج لسياسة سورية التي تضع المد القومي علي
قائمة
أولوياتها بينما تركز علي هذا الهدف أيضًا في مسلسلاتها
وأفلامها أما الدراما
المصرية من وجهة نظر انزور فهي تقدم نفسها فقط،
وتشدد علي مصريتها وتكاد تقول
مصر أم الدنيا أما الدراما السورية فلا تقول سورية أم الدنيا،
وإنما تمنح
الفنانين الآخرين فرصة التواجد إلي جوار السوريين، وأنا لا أقوم بسرد هذه المقولة
اعتباطًا وإنما لأؤكد أن الوحدة الفنية التي يسعي إليها المخرجون السوريون
مع
الجزائريين والخليجيين تقوم علي أساس زرع الخلاف بينهم وبين
مصر وكأنها ضدهم علي
الرغم أن مصر هي المظلة الوحيدة التي تجمعهم فنيا وسياسيا وإعلاميا إلا
أنني اعتقد
أن هذه المحاولات الانشقاقية تأتي ضد تأصيل الجذور العربية في المجتمع
الجزائري
الذي يعتمد بصورة أساسية علي الأفلام والدراما المصرية في نشر اللغة
العربية
.
وبات يواجه مشكلة كبيرة بعد انطلاق قناتين فضائيتين جزائريتين
تنطقان باللغة الأمازيغية
أي أن الجزائريين سيخسرون كثيرًا بالاعتماد علي
النزاعات المحلية وأن الشراكة الفنية السورية
- الجزائرية القائمة علي هذا الأساس
ستفشل حتمًا لأن من يبني يرتفع فوق الأرض ومن يحفر يدفن تحتها وهذا هو سر
تفوق
الدراما المصرية.
روز اليوسف اليومية في
04/02/2010 |