بالرغم من كل ما يقال هذه الأيام عما أصاب الشخصية المصرية من سلبيات
عديدة، وتدهور شديد فى قيمها الإيجابية العظيمة التى اشتهرت بها، إلا أن
المخرج مجدى أحمد علي، يؤكد أنه لا يزال يؤمن بأن الإنسان المصرى الأصيل لم
يتلوث بعد، وأن ما نراه من سلبيات الآن من بعض المصريين مجرد أعراض لحالة
طارئة على المجتمع، قد تكون طالت، ولكن أعمار الشعوب والأوطان لا تقاس بعمر
الإنسان.
المخرج مجدى أحمد علي، الذى اشتهرت أفلامه بتركيزها على هموم الإنسان
المصري، يقول: أنا مشغول بالواقع، وأوضح فى أفلامى سلبياته ومخاطره،
وجرائمه، وأقاوم جر المجتمع إلى الأفكار الأحادية، وأسعى إلى المشاركة فى
وضع المجتمع على بداية طريق الحداثة وهو الاحترام الكامل للقانون وحق
المواطن وحق المجتمع فى العيش فى مجتمع حر.
ويرى مجدي: أن السياسة هى كل ما يتعلق بالروح الإنسانية فى انكسارها ووعيها
عن إمكانية التعبير، حتى قصص الحب تصب فى هذا المفهوم للسياسة.
أما أسوأ ما يعانى منه المجتمع المصرى حاليا، ويحزنه بشدة فهو كما يقول:
فكرة انهيار الطبقة الوسطى فى ظروف غامضة، وأسباب انهيارها، وكيف أن
المدينة تم تزييفها، وفى نفس الوقت لم نطور الريف، فالمدينة لها قوانينها
المختلفة عنه، ولكنها تحولت إلى شكل عشوائى من الريف، وانهار المجتمع،
وسيطرت الأصولية عليه، بأفكار الخليج والأفكار العقيمة.
وهذا ما أتناوله فى فيلم "عصافير النيل"، الذى أعتبره مرثية للطبقة الوسطى
المصرية من الثمانينيات وحتى الآن، وكيف كان ذلك انعكاسا للغياب الكامل
للدولة الديمقراطية، وهذه من سلبيات النظام، الذى عمل على تخريب المواطن
المصري، ونزع كل مواطن المبادرة.
ويبرر مجدى أحمد على عدم انضمامه لأى كيان سياسى قائلا: لا يوجد أى تكوين
سياسى نقى أو شفاف يغرينى بالانضمام إليه، مؤكدا: أنا ضد التوريث، ومع فكرة
أن هذه الدولة لمن يصلح لقيادتها، ولكن السؤال البسيط جاء من تبسيط مخل
للواقع كأن تقول: من أفضل من جمال مبارك، لأنه تم بشكل ممنهج ومخطط لأنه
ضرب أى اتجاه لتكون قيادات حقيقية من الناس عبر التخويف وتلفيق القضايا.
ويرى مجدي: أن علينا أن نقاوم جميعا، جر الدولة إلى متاهات الإيديولوجية
وسيطرة الفكر الأحادى على الذهنية الشعبية، ومن باب أولى من فكر الإخوان،
حتى جيل الوسط لم يطرح خطابا مختلفا، الموضوع يحتاج إلى قدر من الجرأة حتى
يبقى الدين أحد روافد الثقافة المصرية ولا يتدخل فى السياسة.
ويقول مجدي: أنا مهموم بما يحدث لكن أراهن على أن الشعب المصرى بطبيعته
يكره التعصب، ولست ميالا لصورة الفوضى التى رسمها سياسيون وفنانون قصيرى
النظر، وأنا بطبعى متفائل وأشعر أن هذه الحالة السيئة التى نعيشها ستسفر عن
شيء إيجابى عظيم.
وعن حالة العنف التى يعيشها المجتمع، ومجموعة الأفلام التى تناولت هذا
العنف يقول: معنى أن يثور فرد لابد أن يكون إنسانا أصلا ويملك مفاتيح
التغيير والغضب، ولكن إذا لم يكن فى إطار الفهم لظروف المجتمع، وإمكانية
تغييره واقعيا، يصبح غضبا غير مسيطر عليه.
أما الأفلام التى تعزل العنف الموجود عن روح الإنسان، فهى تستغله لعمل
أفلام تبدو أن لها خطابا سياسيا، ولكنها تعزله عن روح الإنسان وهذا اتجار
بالقضية وليس فهماً لروح الإنسان المصري، فالكلام عن الناس التى تسكن فى
العشوائيات فيه تبسيط مخل وعدم فهم لانسحاق الطبقة الوسطى المصرية، ويأس من
إمكانية أن تنهض هذه الطبقة مرة أخرى فى المجتمع.
سألته عن اتهامه لجيل المخرجين الشبان بأنهم لم ينموا بعد ولا يزالون دون
المستوي، فقال: أنا لم أقل هذا الكلام عن جيل الشباب عموما، وليس بهذا
الشكل، فهناك من أجيال الشباب من يفوقون الأجيال القديمة ولا يتاح لهم
العمل بشكل حر وذكرت أمثلة ببعض الناس مثل إبراهيم البطوط، وأحمد عبدالله،
وهالة خليل، وهالة لطفي، وتامر السعيد... وغيرهم.
ويضيف: الإنتاج السينمائى فى مصر عشوائى تفلت فيه بعض الأفلام الجيدة نتيجة
وجود بعض المستنيرين مثل إسعاد يونس، هذا التميز ليس موجودا عند أغلب شركات
الإنتاج التى لديها إمكانات إنتاجية جيدة، ولكن لديهم أفكار غير ناضجة عن
السوق المصري، مثل فكرة احتكار النجوم وإفسادهم بإفهامهم أن هذه السينما
الرديئة جيدة، ويصبح من الصعب الاستفادة منهم فى أفلام حقيقية وهذه الأفلام
تؤثر على وجودهم التجارى وأغلب النجوم يعزفون عن الأفلام الجيدة، وكذلك فى
الغالب لا يعطى أصحاب الأفلام القيمة الفرصة فى تيار السينما السائدة.
والممثلون يخافون على نجوميتهم، مثل أحمد السقا، ومنة شلبي، ومى عزالدين
وهند صبري، وهؤلاء شاركوا فى أفلام بدأت تردد أفكارا تلائم السينما
الوهابية.
والهجوم الذى حدث على منى زكى فى "احكى يا شهرزاد" هو دليل على التنميط
الذى فرضته السينما الوهابية، ومعظم شركات الإنتاج تقف وراء ذلك وهم
يغازلون جمهورا متأثرا بالثقافة الوهابية ولا يسعون إلى تغيير هذه الأفكار
بل إلى تكريسها، وهذا تيار خطر على السينما وعلى المجتمع المصري، لأنه يؤدى
إلى فقد الطبقة الوسطى لروح المبادرة وتخليها عن دورها الطبيعى نحو الحداثة
واللحاق بعصر يتقدم بقوة ونحن نعود للتخلف.
العربي المصرية في
02/02/2010
فيلم عن العشوائيات والفقراء.. أم فيلم
عشوائى فقير؟!
«كلمنى
شكرًا».. النسخة الهزلية التجارية من «حين
ميسرة»!
محمد بدرالدين
لم يأت فيلم خالد يوسف "كلمني.. شكراً" على مستوى المتوقع منه، ومقارنة
بمجمل مساره وأعماله، التى كان ذروتها، أو درتها فيلم "حين ميسرة ".
كان "حين ميسرة" (2007) فيلماً كبيراً عن مصر الراهنة، وواقعها وأزمتها، من
خلال قضية الفقر والفقراء الذين يمثلون النسبة الغالبة فى هذا الواقع
المصري، مركزاً الفيلم على قطاع ضخم من هؤلاء الفقراء بات يطلق عليه
"العشوائيات".
لكن كان "حين ميسرة" فيلماً عن "العشوائيات".. بينما "كلمنى شكراً"، بدا هو
نفسه " فيلماً عشوائياً"!.
ففى مقابل إحكام البناء الدرامى وتدفقه، وقوة وحيوية الإيقاع، وسلاسة
ورهافة المونتاج فى فيلم "حين ميسرة"، فإن البناء فى فيلم "كلمنى شكراً"
افتقر إلى الإحكام بوضوح، وجاء أقرب إلى "نمر" أو "سكتشات" متناثرة أو
متجاورة، وكان أقصى محاولة للفيلم أن تكون متضافرة إلى حد ما أو متسقة
مفضية إلى جملة مفيدة!.
فهذا إبراهيم توشكا "عمرو عبد الجليل" فى حى شعبى أقرب إلى نفس الطابع الذى
يوصف اليوم بالعشوائية.. (ولعل أنجح ما فى الفيلم من عناصر فنية هو بناء
ديكور هذا الحي، ومن الواجب تحية مصممه حامد حمدان لتوفيقه الجلى فى عمله
المتقن فى الفيلم).
وهذه والدته (شويكار) الأم الطيبة الرءوم لكن بلا تدقيق فى رسم ملامح
شخصيتها أو أى تعميق لأبعادها، وهاتان امرأتان يظل حائراً بينهما على مدار
الفيلم، "أشجان" (غادة عبد الرازق) التى تعطيه جسدها كما تعطى غيره لكن
تؤكد له ذات لحظة أن طفلاً تقوم على تنشئته إنما هو ابنه، فيحتار أكثر إلى
أن يشعر بصدقها فى النهاية، والأخرى "عبلة" (داليا إبراهيم)، حلمه الحقيقى
والقديم التى يسعى بجد للزواج منها، لكن تعوقه تارة طلبات والدها المغالى
فيها (والفيلم نفسه يبالغ فى الموقف فهى طلبات بعيدة عن الواقع الحقيقى
بالنسبة لظرف عائلة كهذه فى ذلك الحي).. وتعوقه تارة ألاعيب ومكائد المرأة
الأخرى "أشجان" التى لا تنتهي!.
ثم هو نفسه.. "إبراهيم" هذا الشهير بـ "توشكا"، إشارة إلى مشروع كبير روج
له النظام، ادعاء بأنه صاحب مشاريع تنموية كبرى كالسد العالي!.. لكن سرعان
ما اكتشف المصريون زيف الادعاء، وأكاذيب النظام!. ويريد الفيلم أن يقدم
شخصيته الرئيسية هذه باعتباره أقرب إلى حلم مجهض، أو نموذج باحث عن أن يكون
بطلاً فى الحياة أو حتى على الأقل فى الأفلام التى يظهر فيها "كومبارس"..
لكنه يعجز باستمرار عن هذا وذاك!.
وفى الفيلم، الذى كتبه سيد فؤاد عن فكرة عمرو سعد، نرى نماذج أخرى مثل
صاحبه إبراهيم الذى أداه بتمكن كبير (صبرى فواز)، مالك الفرن الذى يتخذ من
لحيته وجلبابه ستاراً أو وسيلة يمارس من خلفها وباسمها كثيراً من الاستغلال
فى عمله.. وغير ذلك من نماذج.
لكن تظل مشكلة الفيلم، أنه قائم على قطع درامية متناثرة، وقائم طول الوقت
على كثير من اللغو والثرثرة، التى يمكن بل يحسن حذفها..!.
وقد أدى عمرو عبد الجليل دوره بأداء تلقائى قريب إلى الجمهور وبخفة ظل لا
يمكن إنكارها، بل اعتمد الفيلم عليها أولاً فى محاولته للإضحاك وجذب
الجمهور، ووفقت شويكار فى حدود المطلوب وما رسم للدور وإن كان قليلاً،
ووفقت غادة عبد الرازق لكن دون إبداع خاص أو توهج لمحناه فى أعمال لها
مؤخراً، وأدت "حورية" الوجه الجديد دور شقيقة أشجان، المنفلتة مثلها وتحت
ضغوط ذات الظرف لكن بوسائل أخرى غير وسائلها، وهى تنبئ فى أول أدوارها
بمقدرة حقيقية قابلة لمزيد من النضج وبسرعة.
نسخة هزلية وتجارية:
لوهلة، بدا لى فيلم "كلمني.. شكراً" كما لو أنه النسخة الكوميدية من
تراجيديا "حين ميسرة".
ثم لم ألبث أن وجدت الفيلم أقرب إلى الهزليات وليس الكوميديا!.
والأسوأ أنه لم يأت هزلية أو فكاهة بلا إسفاف، لكن الإسفاف والحوار المبتذل
زاد وغطى على الفيلم من أوله إلى آخره، وسمعنا تعبيرات وإيحاءات و"إفيهات"
جنسية لا لزوم لها، إلا محاولة إضحاك المشاهدين.
والحق أنها أضحكت قطاعاً من المشاهدين بالفعل، لكن هذا ليس مجرد ما تهدف
إليه سينما أنضج وأكثر جدية نتوقعها من خالد يوسف، تلميذ شاهين وابن الحركة
والرؤية الوطنية المتقدمة الرافضة لمجمل ممارسات وسياسات التردي، وصاحب
"حين ميسرة".. وحتى أفلامه الأخرى ـ على تفاوت مستوياتها ـ لم تعرف من قبل
مثل هذا الكم من عبارات الإسفاف وتلميحات أو تصريحات التدنى الشديد غير
المبرر بأى مقياس..!.
وربما صح أن نقول، أن "كلمنى شكراً".. هو الطبعة التجارية والهزلية من "حين
ميسرة"!.
لكننا نقول أيضاً، وفى كل الأحوال.. إن فيلماً عن العشوائيات لا يجب أن
يكون هو نفسه فيلماً "عشوائياً"، أى من الناحية الدرامية!.. وإن فيلماً عن
الفقراء لا يجب أن يكون فيلماً "فقيراً"، أى من الناحية الفنية!.
تماماً كما لا يجب أن يكون فيلم عن الملل فيلماً مملاً.. على سبيل
المثال!.
ومع الأسف فإن "كلمنى شكراً" لم يأت فحسب نسخة أو طبعة شعبية تجارية هزلية
من مأساة أو تراجيديا ـ لها قيمتها ـ فى "حين ميسرة".. وإنما جاء أيضاً
طبعة ممتلئة بالاستخفاف ودرجة من التدنى والهبوط فى القول غير مبررة، ولا
تليق بخالد يوسف.. وأهميته وسينماه الفنية المنتظرة!.
العربي المصرية في
02/02/2010
المنهج «الشاهيني» و«الفلسفه
السبكية»
منى الغازي
بعد تنوع المستويين الفكرى والتقنى فى أفلام نابغة السينما المصرية الحديثة
العبقرى خالد يوسف ها هو ينطلق فى الاتجاه الذى سبق وتنبأئنا به بعد
الثنائية الشعبية (حين ميسره) و(دكان شحاتة) ها هو يكمل ثلاثيته الشعبية
بفيلم يوضح اتجاهاته الفكرية والأيديولوجية والبيلوجية والفسيولوجية وأى
حاجة فيها (جية).
تدور أحداث الفيلم حول نجم عزبة حليمة "إبراهيم توشكي" ـ عمرو عبد الجليل ـ
ومغامراته فى تحقيق حلم الوصول إلى النجومية إلى جوار قصة حبه بجارته "عبله"
ـ داليا إبراهيم ـ وعلاقته بجارته الثانية "أشجان" ـ غادة عبد الرازق ـ
وابنها غير الشرعى منه وحياته مع أمه وشقيقته، وله أصدقاء يعانون معه فى
الحياة بس!!
طبعا الحدوتة تفرد بالخطوط الفرعية فصديقه "زين كآبة" رامى غيط، خريج
الجامعة المحبط الذى يحب شقيقة توشكى والآخر المعلم "عمارة" صبرى فواز،
صاحب الفرن الذى يتاجر فى الدقيق والدين والثالث (الطاير) نجم الحارة
بموبايلاته وكافيهاته واشتراك الفضائيات ومن ذلك الزحام يتم خروج فيلم يحمل
فى جعبته الكثير من القضايا.
كلمنى شكرا.. هذا ليس إعلانا عن شبكة محمول ـ لا سمح الله ـ ولكنه اسم
الفيلم الذى يحوى خطا دراميا لا يصلح لفيلم روائى قصير، ومع ذلك فالقصير
مناسب للمخرج الكبير الذى قرر فجأة أن يكشف النقاب عن توجهاته، فها نحن هنا
أمام أحداث تدور فى عالم خيالى سينمائى على "كوكب حليمة" قصدى "عزبة حليمة"
بمنطقة "صفط اللبن" فى إطار القاهرة الكبري، فى ذلك العالم يعيش الناس على
هامش الحياة والكل يظلم ويسرق جاره، والكل يتقبل ذلك والخلاف فى الرزق لا
يفسد الود، وبما إننا فى حى شعبى وكما سبق وأشار المخرج من قبل فى أفلامه
فيجب أن يكون هناك دعارة لأنها مهنة الفقراء ويجب أن يتقبلها الناس لأنها
أكل عيش زيها زى أى مهنة محترمة، ولكن لأن لخالد السبق فى تفجير القضايا
فإنه اليوم يتحدث جملة عن قضايا تهم المجتمع مثل "سرقة الدقيق" العيش،
واستغلال الدين وسرقة خطوط المحمول ووصلات الدش واستخدام "شبكة الإنترنت"
لأغراض جنسية، والبلطجة وأزمة الزواج وأزمة الجامعيين الفقراء.. الخ.
ومعذرة ربما كان هناك قضايا أخرى لم التفت إليها!!
بالطبع هناك دوله ولأنها خفية فعلاقة الفيلم بالدولة ممثلة فى الداخلية
التى يرى صناع الفيلم أنها الأم الحنون على أبنائها والتى يلجأ إليها
المظلوم فتنصفه وتقر العدالة ولكن بروح إنسانية، الله.. الله.
إن مشاهد الأمن والشرطة وحدها بالفيلم يمكن جمعها وإهداؤها كقصيدة شعر إلى
وزارة الداخلية فى عيدها، على عكس ما كان يدعيه المخرج من قبل من تصادم مع
الداخلية.
ومع ازدحام القضايا ينال خالد يوسف حق السبق فى تفجير تلك القضايا ولا
يناقش أيا منها بشكل حقيقى ولكنه باستكمال الثلاثية يكون قد أكمل طريقه على
الساحة والذى بدأ من المنهج "الشاهيني" وانتهى عند الفلسفة "السبكية"
بأموال "بايتروسية"!
على مستوى التكنيك الإخراجى جاء الفيلم فى المستوى المتوسط ليهبط بخالد إلى
مكان جوار مخرجى الصف الثانى فى عالم الكوميديا اليوم، وقد أشار المخرج فى
حوار له إلى أنها تجربته الأولى فى عالم الكوميديا ولكن للتاريخ تلك ليست
كوميديا والتجربة الأولى والوحيدة لخالد فى الكوميديا هى فيلم (جواز بقرار
جمهوري)، وإن كان يصنفه كفيلم سياسى فهذا فرق يشبه الفرق بين "العيش المحسن
والعيش الفينو".
كما جاء توجيه الممثلين فى غاية السوء، فترك الحبل على الغارب لكل من يشاء
إلقاء إفيه أو نكته على أمل أن واحدة من كل عشرة ممكن أن تضحك، وقد كان
ولكن الاستظراف زاد على الحد فى أحيان كثيرة.
على جانب آخر جاء التركيز على الدعاية لشركة المحمول المملوكة لنجيب ساويرس
ولنجيب شخصيا منتج الفيلم وبالمشاركة مع المنتج كامل أبو علي، أمر فى غاية
الافتعال، ويتضح ذلك من العنوان وحتى مشهد النهاية.
السيناريست سيد فؤاد فى أول أعماله الروائية الطويلة سوف يعانى من أى حكم
يصدر عليه ولذلك فلا يمكن الحكم عليه لأن العمل مع مخرج من المفترض أنه صار
كبيرا، يستلزم بعض التنازلات تبدأ من البناء الدرامى ولا تنتهى فى ظل
الإيقاع التليفزيونى المسيطر على العمل.
أما عمرو عبد الجليل فى أولى بطولاته المطلقة بعد سنين غياب عن البطولة
يؤكد أن اختيار شاهين له منذ سنوات فى فيلم "إسكندرية كمان وكمان" كان عن
بعد نظر وثقة فى قدرات عمر التى أثقلتها التجارب والأيام.
غادة عبد الرازق، هى غادة عبد الرازق فى خليط بين أدوارها فى الجزءين
السابقين من الثلاثية الشعبية (حين ميسرة و دكان شحاتة). صبرى فواز.. خطوات
واثقة تنقله من مكان إلى آخر بأداء مدروس وحفاظ على الشخصية التى فرت منه
للحظات فى مشهد (الاولمبياد).
حورية فرغلى ورامى غيط، كل منهما يحاول مغازلة الجماهير بشتى الطرق ولكن
دون جدوي.
الفنانة القديرة شويكار، التى كنا ننتظر عودة مميزة تعوضنا غيابها، لم تكن
هى وداليا إبراهيم، سوى اسمين على التتر دون تواجد حقيقى داخل الفيلم.
يبقى فى الفيلم حسنتان وجب الإشارة إليهما وهما ديكور المبدع حامد حمدان،
الذى انحصر فى الحارة ولكنه أجاد رسمها، وتصوير سمير بهزان الذى أضفى الروح
إلى المكان بإضاءته.
العربي المصرية في
02/02/2010 |