كان الفنان سامح الصريطي أحد أبرز الفنانين الموجودين في مهرجان الفجيرة
الدولي للمونودراما الذي عقد مؤخراً. ومشاركته تلك ليست الأولى، كما أنه
يحرص على التواجد في معظم الفعاليات المسرحية بالدولة، بحكم أنه مدير عام
الفرقة القومية للفنون الشعبية في مصر.
التقيناه خلال تواجده في الدولة قبل أيام فكان هذا الحوار:
·
بداية سمعنا عن استقالتك من
إدارة الفرقة القومية للفنون الشعبية وبقاؤك يؤكد أنها كانت على سبيل
التهديد؟
بقائي في أي منصب عام تكليف وتشريف، والفرقة تمثل امتداداً للمسرح الذي
بدأت حياتي الفنية من خلاله، وحقيقة المسألة تتعلق بكروت تخرجها عند
الحاجة، وينبغي أن يكون الوضع كذلك إذا حدث خروج من أحد الأفراد عن
السلوكيات المنوطة بفنان مسرحي، المشكلة كانت فقط واختصارا تتعلق بعازف
مشاغب أُتخذ معه الإجراء المناسب وانتهت القضية.
·
ما آخر ما قدمته الفرقة من أعمال
مسرحية؟
كانت “ذات الهمة” في 1998 وعرضت نحو ثلاث سنوات، وعرضناها في عدد من الدول
العربية وكان معظم نص المسرحية يعتمد على الارتجال، ونالت رضا الجمهور
وقتها والمسرح حقيقة يأخذ جهداً كبيراً في العمل، كما أن العروض ينبغي أن
تكون جيدة وتستحق التضحية.
·
ما أسباب هذا الغياب الكامل
للمسرح الشعبي والقومي؟
لا يمكن أن يحدث رواج مسرحي إلا إذا حدث تحسن في مستوى دور العروض فعدد
المسارح يتقلص لصالح أشياء كثيرة، وإن كانت تلك الأشياء ليست بأهمية تقلصه
وانكماشه.
·
وكيف ترى الحل؟
المسرح مهم جداً لدرجة وجوب أن يصبح هناك مسرح في كل حي ليكون متنفساً
للمبدعين الشباب لأن رواد المسرح الكبار، ومن أنتج مسرحاً انتهوا، وبقي
الشباب في حاجة لدماء جديدة تعيد إليهم المسرح كنواة لتفريخ المواهب
الفنية.
·
بحكم أنك من خريجي المسرح كيف
كان المسرح في جيلكم؟
في جيلنا لم يكن هناك مصنع يتم بناؤه إلا وفيه قاعة عرض، في حين أن دور
العرض تحولت اليوم لمشاريع استثمارية، وإن كان ذلك أتى على السينما برواج
سينمائي وحركة نشطة، فالمسرح بالنهاية مضمون عرض ومكان جيد للمشاهد.
·
وهل تعتقد أن الإقبال على المسرح
يمكن أن يكون جيدا اليوم؟
هناك تجارب حديثة وناجحة، ولعل أبرزها “ساقية الصاوي” فرغم أنه مسرح
تجهيزاته متواضعة عدا التقنيات الصوتية الجيدة، فضلا عن موقعه أسفل كوبري
الزمالك في القاهرة إلا أنها تجربة جذبت الجمهور وبالأخص الشباب الذين يوفر
وجود المسرح بالنسبة لهم الرأي والرأي الآخر.
·
هل ترى أن المونودراما فن مسرحي؟
أي عمل فني يقدم على المسرح هو في النهاية فن مسرحي، والمونودراما بالطبع
شكل مسرحي له أهميته في أنحاء العالم، رغم أنه جرى العرف أن “المونودراما”
تعبير خاطئ عن مضمون الفن المقدم، فالدراما بالأساس صراع بين شيئين وحوار
وهو ما لا يتحقق بالفردية، والأفضل برأيي أن التسمية تكون “عرض الممثل
الواحد” وتختلف بالطبع عن المعنى الأجنبي “One
Man Show” وهذا يعبر عن نقيض، ولكن من الخطأ الشائع تسميته
المونودراما، وهو بالتأكيد فن وناجح ويمكن أن تصبح له مكانته إذا تم تعميمه
والفائدة أن يجد هذا الفن من يرعاه.
·
وهل ينطبق ذلك على مهرجان
الفجيرة؟
أفضل ما يقدمه المهرجان دعمه للفنانين والكتاب لتقديم تجاربهم الفنية.
والمهرجان ينجح سنة وراء أخرى، وملامح نجاحه تجلت في أنه يجذب المزيد من
العروض من كل مكان بحكم أنه مهرجان دولي، فضلا عن المسابقة السنوية للنصوص
والتي تشجع الكتاب على أن يدلوا بدلوهم في الموضوع، وبالتالي سيكون هناك
رواج للفكرة
·
ألا تتفق مع الرأي القائل إن
السينما والدراما التلفزيونية أخذتا الفنانين من المسرح والمونودراما؟
المناخ العام في الواقع يشجع على ذلك، وهذه مرحلة حدث فيها رواج للقطاع
الخاص وبدأ يقدم المسرح السياحي وغاب جمهور الجاد عن المسرح لهذا السبب
ولسبب آخر هو سوء حالة دور العرض ولعدم تطور تقنية دور العرض المسرحي، وعدم
إلقاء الإعلام الضوء على الأعمال المسرحية، فمن قبل كانت الأعمال المسرحية
يلاحقها التلفزيون بالتسجيل والعرض، وقت أن كانت وزارة واحدة للثقافة
والإعلام، والآن مساحة التلفزيون أصبحت مفتوحة لتحقيق دخل من الإعلان وبعد
هذا الاكتساح الإعلاني بدأ الإعلان يحتل مكان المسرحيات، وأصبح هناك فصل
بين الثقافة والإعلام وبالتالي غاب النجوم الجدد من المسرح، وتبقى في الذهن
مسرحيات قدمت نجوما مثل “سكة السلامة” و”العرضحالجي” و”كوبري الناموس”
و”الناس اللي فوق” حتى عندما وجد مسرح التلفزيون وتابعنا جميعا “أنا وهو
وهي” و”جولفدان هانم” حالة يؤكدها الإعلام فيشجع الكتاب والفنانين والشباب
على الإقبال على المسرح، ويبقى أن المسرح لا يستوعب اليوم أكثر من 100 فرد
يتابعون العمل يوميا على مدى شهر أو شهرين.
الخليج الإماراتية في
01/02/2010
على الوتر
أخطاء الكبار
محمود حسونة
إذا أردت أن تكون كبيراً، فليس أمامك سوى بذل الجهد وإعمال العقل واستغلال
الفرص حتى يتحقق لك ما تريد. وإذا أردت أن تظل كبيراً فلابد أن تلتزم
المعايير والمبادئ والأخلاقيات التي تضمن الحفاظ على صورتك الذهنية عند من
اختاروك كبيراً لهم أو عليهم، فالكبير ليس هو من يصل إلى القمة ولكن من
يحافظ على مكانه ومكانته. وقرارات وكلمات وسلوكيات الكبار دائماً ما
يحاسبون عليها، فإما أن تضيف إلى رصيدهم أو تهوي بهم إلى القاع. كما أنها
لا تترك آثارها عليهم ولكن أيضاً على جمهورهم أو تابعيهم أو شعوبهم، وهو ما
ينطبق على الكبار في مختلف المجالات ابتداء من الدول وحتى العائلات والأسر،
وابتداء من الساسة وحتى المعلمين في المدارس مروراً برجال الاقتصاد
والفنانين والدعاة.. الخ.
على مستوى الفن، صعد كثيرون للقمة، ولكنهم عادوا إلى القاع بعد أن قالوا أو
فعلوا ما هز صورتهم وأغضب جمهورهم، وفي هذا السياق نتذكر مريم فخر الدين
التي كانت رمز الرومانسية في السينما وتحولت إلى رمز الفظاظة والفجاجة
عندما نالت من فاتن حمامة خلال حوار تلفزيوني، وصبت جام غضبها عليها لأن
الناس خصوها بلقب “سيدة الشاشة العربية”، ولأن فاتن كبيرة القامة والمقام
فلم ترد والتزمت الصمت وتركت الآخرين يدافعون عنها ويخوضون معركتها
بالنيابة عنها.
أيضاً غضب الناس من صباح التي عشقوها ممثلة ومطربة بعد أن تجاوزت قيم
المجتمع، وتحدثت عن علاقتها بأزواجها ومغامراتها غير المشروعة لتفضح نفسها
وتشوه صورة لها كانت جميلة عند الناس، ولا أدري لصالح من فعلت ذلك وكان
المستفيد الوحيد هو المذيع طوني خليفة الذي استدرجها لأجل أن ينال على حساب
تاريخها وخصوصياتها مزيداً من الشهرة، وبسبب الحاجة أو السذاجة سقطت في
الفخ وأساءت لنفسها ولأولادها ولأزواجها ولجمهورها.
ولا يخرج من هذه الدائرة المخرج نجدت أنزور الذي حاول أن يلفت الأنظار إليه
ويحقق الشهرة بالهجوم على غيره من المخرجين والفنانين الكبار، ورغم أنه قدم
أعمالاً متميزة في بدايته وكان نجم اخراج لا يقل شهرة عن نجوم التمثيل، إلا
أنه خسر الكثير جماهيرياً وفنياً وانصرف عنه زملاؤه وقطاع من جمهوره، وحصد
غضب من شاركوه أعماله الأولى، وفتحوا أمامه طريق الشهرة ليغلق في وجوههم
أبواب الاحترام والتقدير والمودة.
واليوم يرتكب النجم الكبير عادل إمام خطأه الأكبر بعد ما يزيد عن 30 سنة
قضاها متربعاً على عرش النجومية، عندما سمح لقناة فضائية مجهولة أن تستغل
اسمه وأن تتاجر بتاريخه، وذلك بموافقته على أن يرأس تحكيم برنامج اختاروا
له “أكاديمية الزعيم” اسماً، وهو من برامج تلفزيون الواقع التي تجمع شباباً
وفتيات يحلمون بالتمثيل ليعبروا عن موهبتهم خلاله.
هو أول برنامج يبيع استمارات لمن يحلم بالمشاركة فيه، ويقال إنه باع آلاف
الاستمارات وحصد بالفعل الملايين، واستفاد القائمون عليه الكثير من وراء
اسم عادل إمام، وأياً كان الثمن الذي قبضه، فإن المقابل الذي دفعه وعشاقه
من البسطاء أكبر بكثير، بينما المستفيد الوحيد هي هذه القناة التي كانت
مجهولة وأصبحت مشهورة بعد أن علمت كيف تستغل اسماً كبيراً وتتاجر بتاريخ
فني حافل، وتتلاعب بأحلام وطموحات جمهوره الذي اختاره نجماً ليس له منافس
على مدار عقود من الزمن.
إن الخاسر الأول من وراء هذا البرنامج هو عادل إمام بعد أن اهتزت صورته
أمام كل من استدان ليشتري استمارة حالماً بمكان في عالم الشهرة، ليفاجأ بأن
الحلم ليس سوى كابوس عليه أن يفيق منه، ولكن بعد أن تشوهت صورة النجم
الكبير بداخله.
أما القناة فهي مستغلة وليست مستفيدة لأنها لم تكن على مستوى فكرة البرنامج
ولا اسمه ولا نجمه، وسرعان ما دبت الخلافات بين القائمين عليها، بعد أن سعى
كل واحد للادعاء بأنه صاحب الفضل في إقناع “الزعيم”، وكل ما جنته ليس سوى
حصاد مؤقت لثمرة مزيفة، سيلتهمها الأقوى وتضيع آثارها بعد ذلك. أما
الجمهور، فلن ينسى أن عادل إمام هو المسؤول ولولاه لما هرولوا وراء هذه
القناة المجهولة.
ينبغي على الكبار أن يفكروا ملياً قبل أن يتخذوا قراراً، وعندما يريدون
ممارسة لعبة جديدة، فعليهم أن يلعبوها مع كبار مثلهم.
mhassoona15@yahoo.com
الخليج الإماراتية في
01/02/2010 |