في أعقاب أحداث مباراة مصر والجزائر
غني هشام عباس »ماتزعليش يامصر«..
هذه الايام يغني »مدحت صالح« دويتو مع أروي »احنا بنحب مصر«..
استمعت لأغنية
»عباس« وقرأت كلمات أغنية »مدحت«
ولم أقتنع لابهذه أو تلك.
لماذا لم نعد نعرف كيف نغني لمصر..
لا أتحدث عن النوايا المؤكد أن الجميع صادقين في مشاعرهم تجاه مصر ولكننا
نفتقد صدق التعبير والدليل لو ألقينا نظرة علي أغانينا الوطنية خلال
الثلاثين عاما الأخيرة لن نجد الكثير الذي من الممكن ان تحتفظ به الذاكرة..
هل ليس لدينا قضايا؟ المؤكد لدينا ولكننا دأبنا علي الاستستهال والدليل
احتفالات اكتوبر التي ترصد لها الملايين ثم لايبقي شيء في الذاكرة من هذه
الأوبريتات.. لقد حدث في مرحلة زمنية ان الأوبريت لم يكن قاصراً
فقط علي وزارة الإعلام ولكن دخلت إلي نفس الحلبة ايضاً وزارة الثقافة فلم يسفر الأمر عن شيء فشل هنا
لايتفوق عليه سوي فشل هناك..
تجد دائما تكرار في المعاني وافتقدنا أي
محاولة لعبور الشائع والتقليدي..
الأغنية الوطنية في الماضي كانت هي التي
تقود فلم ننتظر الاحداث غني سيد درويش
»قوم يامصري« و»بلادي بلادي«
مواكباً لثورة
٩١
وقبل ثورة يوليو كتب كامل الشناوي »أنت في صمتك مرغم انت في حبك مكره
»واعترضت الرقابة ولم يتم الإفراج عن القصيدة إلا بعد قيام الثورة وأعاد
الموسيقار »محمد عبدالوهاب«
تسجيلها مع تغيير في الكلمات لتتناسب مع الثورة
فأصبحت كنت في صمت مرغم«
بدلا من
»انت في صمتك مرغم«!!
يعتقد الكثيرون أن الأغنيات الوطنية-
التي نتغني فيها للزعيم بدأت مع بزوغ اسم وكاريزما
»جمال عبدالناصر«
والحقيقة أولا أننا
غنينا باسم الملك فاروق فعلها »عبدالوهاب«
وفعلتها
»أم كلثوم« وعندما قامت الثورة غنينا باسم »محمد نجيب«
أول رئيس مصري قدم له »إسماعيل يس«
مونولوج ذكر فيه اسمه ولم يتكرر الأمر مرة
أخري كانت الكلمات تقول »الجيش ونجيب عملوا ترتيب«
المونولوج اسمه »٠٢
مليون وزيادة مقصود به سكان مصرفي عام
٢٥.. بعد ٨٥ عاما صرنا أربعة أضعاف
٠٨
مليون وزيادة..
الملاحظة الثانية هي أن اسم الثورة
لم يطلق عليها في البداية قالوا »حركة الجيش«
وربما لهذا السبب تم استخدام كلمة ترتيب
.. فهي إحدي مرادفات معني الحركة..
كذلك
غنت »ليلي مراد« من كلمات وألحان مدحت عاصم »بالاتحاد والنظام والعمل«
وهو ايضاً شعار رفعه »محمد نجيب« مع مطلع الثورة أما أول أغنية سبقت كل ذلك
فهي لمحمد قنديل »ع الدوار ع الدوار راديو بلادنا في أخبار«..
غنت
»أم كلثوم« و»عبدالوهاب« و»عبدالحليم« و»فريد« و»نجاة« و»فايزة« و»محرم«
لمصر وللثورة ولجمال عبدالناصر مئات من الأغنيات ليست كلها بالمناسبة عاشت
في الذاكرة القليل فقط هو الذي قاوم الموت والحقيقة أن طوال تاريخنا
الغنائي الوطني هناك أغاني كاذبة الكذب يشكل الأغلبية وعلي عكس مايعتقد ا
لبعض أن الصدق كان هو المسيطر ولكننا نتصور من خلال الأغاني الوطنية التي
عاشت أن هذه هي كل الأغاني.. كبار المطربين والمطربات لهم أغاني وطنية
متواضعة وماصمد مع الزمن لايتجاوز ٠١٪ وربما أقل.. وذلك لان عدداً من الفنانين تعاملوا مع الاحداث الوطنية مثل الموظف الذي عليه أن
يؤكد حضوره لرئيسه في العمل..
وهذا الإحساس لايزال قائماً
وحتي الآن ولكن
أضيف إليه ان هناك ميزانيات صارت ترصد لأغاني المناسبات وظهر
محتكرون يقدمونها كل عام استغلالا لعلاقات تجمعهم مع المسئولين وهكذا تكررت
الأعمال التي تبدو وكأنها تخرج من الأرشيف ثم إلي الأرشيف تعود لايتذكرها
احد حتي صناعها..
وخطورة هذه الأعمال الفنية انها أيضاً
تقتل المبدع نفسه فهو يفرغ فيها طاقته ولايتبقي بداخله شيء حقيقي يقدمه لجمهوره بعد ذلك..
أنا أري أن الأغاني الوطنية الحقيقية هي لم تتغن مباشرة للوطن مثل »بحبك
وحشتني بحبك وأنت نور عيني..
لو انتي مطلعة عيني بحبك موت«
لحسين الجسمي التي كتبها »ايمن بهجت قمر«
ولحنها
»وليد سعد« وأعتبرها نوع من الترديد لهذا البيت الشعري »بلدي وإن جارت علي عزيزة وأهلي وإن ضنوا
علي كرام«..
لماذا افتقدنا غناء الوطن لأن البعض أعتقد ان الأحداث العابرة
هي التي تخلق الغناء في الماضي كنا نغني لانتصار أكتوبر
»علي الربابة بغني«
ينفعل »عبدالرحيم منصور«
فيكتب ويمسك »بليغ« بالعود ويتألق صوت »وردة«..
يكتب عبدالوهاب محمد
»مصر هي أمي« يلحنها »كمال الطويل« تغنيها »عفاف راضي«.. يكتب »أحمد شفيق
كامل«
مع بداية حرب أكتوبر
»خاللي السلاح صاحي«
علي سلم الإذاعة يقرأ الموسيقار كلمات
»يا أغلي اسم في الوجود«
لإسماعيل الحبروك يلحنها في خمس دقائق لتغنيها
»نجاح سلام« وغيرها وغيرها هذا هو الإبداع الحقيقي..
الأغنية التي أعتبرها وطنية مثل
»عالي صوتك بالغنا لسه الأغاني ممكنة«
كتبتها
»كوثر مصطفي« ولحنها »الطويل« وغناء »محمد منير« علي صوتك بالغناء..
الأغنية تحمل عمق روح النضال لتجعل الحياة أجمل..
نحن نفتقد هذه الأغاني..
هذا هو الغناء الذي يستمد من حب الوطن وليس المباشرة
، هل يعرف أحد هذه المعلومة أن أغنية »حبيب العمر«
التي كتبها »مأمون الشناوي«
ولحنها وغناها »فريد الأطرش«
كانت تتحدث عن الوطن..
ولو أعدت قراءة الأغنية لاكتشفت ببساطة ان الوطن هو المقصود
»حبيب العمر حبيتك وأخلصت لهواك عمري لايوم خنتك ولانسيتك ولا في يوم غبت
عن فكري فتحت عنيا من صغري علي حبك وكان أملي«..
بل يوجد تسجيل نادر لفريد الاطرش يذكر فيه مباشرة اسم »مصر«
في هذه الأغنية!!
هل جف حب الوطن في صدورنا؟ الحقيقة هي لا..
ولكن التعبير عن الحب هو الذي نفتقده أننا لانعرف بالضبط كيف نعبر ولهذا لم
تعد تعش لنا أغنيات وطنية ولايزال رصيدنا
القديم هو الذي نقتات منه ونعيش
عليه حتي الآن؟!
tarekeIshinnawi@yahoo.com
أخبار النجوم المصرية في
28/01/2010 |