مع بداية كل موسم سينمائي يتجدد الحديث عن سرقة الأفلام المصرية
الحديثة ووضعها علي النت. ونفس الشيء بالنسبة للأفلام الأجنبية حتي أطلق
الناقد محمود قاسم علي هذه الأيام "عصر تنزيل الأفلام بعد الانترنت" وطالبت
الفنانة اسعاد يونس أجهزة الدولة بالتدخل لحجب المواقع التي تعرض أفلامها
وذكرتها بالاسم!
والسؤال الآن: هل هناك حل يلبي حاجة عشاق السينما لمشاهدة الأفلام وفي
نفس الوقت يحفظ حقوق المنتجين؟!
الاجابة: كل شيء ممكن لكن بعد ان نعرف بعض الحقائق المهمة في الصراع
بين قراصنة الانترنت وأصحاب شركات الانتاج.. التكنولوجيا تتطور بشكل مذهل
وكذلك صناعة السينما. ونحن "نتفرج" ونكتفي بالشكوي والنتيجة اننا نقف "محلك
سر"!
خسائرنا وخسائرهم
* المخرج علاء محجوب له تجربة متميزة مع الانترنت وأطلق موقع "فنون
عربية" الذي يقدم قاعدة بيانات عن الأفلام المصرية والنجوم والنقاد يقول
علاء محجوب:
مشكلة سرقة الأفلام وعرضها علي الانترنت لا تعاني منها مصر فقط التي
خسرت الصيف الماضي 50 مليون جنيه ولكن كل دول العالم وأولها الولايات
المتحدة التي تخسر سنويا أكثر من 5 مليارات دولار بسبب سرقة الأفلام ووضعها
علي المواقع التي يستطيع المشاهد من خلالها تحميل الفيلم من أي "سيرفر"
ويحفظ نسخة عنده ويتم تداولها مع أصدقائه أو بيعها. أما بالنسبة للأفلام
المصرية فان المشكلة دائما هي في البداية.. كيف حصل السارق علي نسخة من
الفيلم في مصر وبعض دول آسيا يكون ذلك من خلال تصدير الفيلم بكاميرا صغيرة
داخل قاعة العرض ولكن النتيجة دائما تكون سيئة من ناحية الصوت والصورة
واضاءة الشاشة. لذلك فان عشاق السينما الحقيقيين لا يلجأون لهذه الوسيلة
لانها تقدم لهم نسخة رديئة لا تصلح للمشاهد المحترم. لذلك يفضل الذهاب الي
دار العرض أو مشاهدة الفيلم علي أقراص ال
D.V.D بعد طرحها بالأسواق بشكل قانوني.
أحكام الرقابة
* ويضيف علاء محجوب: الأسلوب الثاني في كيفية حصول السارق علي نسخة من
الفيلم هو السطو علي كمبيوتر شركة الانتاج السينمائي ووضعها علي "سيرفر"
عالمي لا يستطيع أحد تعطيله. وهنا اخترعوا برنامج يدعي "antispy" أي ضد التجسس ليحمي الكمبيوتر الخاص بشركات الانتاج. ولكن "الهاكرز"
الذين استطاعوا اقتحام كمبيوتر وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" لا
يفشلون في اقتحام كمبيوتر شركات الانتاج. بالتالي فالمشكلة حاليا ليس لها
حل تكنولوجي طالما لم نعرف كيف حصل أول واحد علي أول نسخة وضعها علي
السيرفر أما في مصر فمن الضروري احكام الرقابة علي دور العرض التي تسمح
لبعض الأشخاص بتصوير الفيلم بكاميرا في الظلام أثناء العرض لكن ان يتم ذلك
بنجاح ويوضع الفيلم علي سيرفر بالانترنت فقد انتهي كل شيء والحمد لله ان
"الهاكرز" في مصر ليسوا بالكفاءة التي تجعلهم يقتحمون أجهزة شركات الانتاج
للسطو علي نسخ الأفلام.
أقوي من الإنترنت
* الكاتب والناقد محمود قاسم له رؤية تاريخية لعلاقة الجمهور بالأفلام
من خلال الوسيط التكنولوجي حيث يقول: "في الثمانينات عرف الجمهور المصري
أشرطة الفيديو وأصبحت نوادي الفيديو في كل شارع وحارة والفيلم الجديد كان
ينتظره الناس ويتم بيعه أو تأجيره لمشاهدته واعادته مرة أخري وقد ساهمت هذه
الظاهرة في انتعاش الانتاج السينمائي حتي ان مصر أنتجت في عام واحد "1986"
96 فيلما وكان الخليج يتلقف تلك الأفلام لبيعها أو تأجيرها هناك وقبل 8
سنوات عانينيا من ظاهرة شركة الأفلام من دور العرض وعرضها للبيع علي
الأرصفة. وحدث ذلك في البداية مع فيلم "أيام السادات" وسرعان ما انتهت
تقريبا هذه الظاهرة وأصبحنا نعيش عصر تنزيل الافلام من علي الانترنت وهي
ظاهر تفيد عشاق السينما في كل مكان ولكنها تخرب بيوت شركات الانتاج
السينمائي التي لن تقف مكتوفة الايدي فهاهي تعمل حاجة أسمها أفلام البعد
الثالث المجسمة وهي تقنية لا ينفع معها السرقة علي الانترنت وبالتالي سوف
يعود المشاهد مرة أخري الي دار العرض ولن يستغني عن الذهاب للسينما التي
تقدم له مستوي في المشاهدة لا يحصل عليه من شاشة الكمبيوتر الصغيرة المسطحة
الباهتة أو المظلمة أحيانا. لكن في مصر لا بديل عن منع أي أحد في دار العرض
يستخدم كاميرا لتصوير الفيلم لأن ذلك يعد كارثة بالفعل لأن السينما المصرية
تعاني أساسا من مشاكل انتاجية وخسائر فادحة. أما السينما الأمريكية فهي
أقوي من أن يهزمها الانترنت.
القط والفأر
* ويؤكد هذا المعني الناقد مدحت محفوظ الذي يقول: لكل فعل رد فعل
وعلاقة شركات الانتاج بقراصنة الانترنت مثل علاقة القط والفار دائما يكون
هناك وسيلة مضادة غير المنع وحجب المواقع خاصة ان كل ذلك يعد من الممنوعات
"أو المحرمات" في الغرب لإيمانهم بحق الانسان الأصيل في الحصول علي
المعلومة ولكن بالطريق القانوني لكن بما ان المستخدمين أساءوا استخدام
وسيلة عظيمة مثل الانترنت فانه في المقابل شركات الانتاج تعمل علي عرض
الفيلم في أكبر عدد ممكن من العرض "8 آلاف دار عرض" مرة واحدة. ويحصل
الفيلم علي عائد ضخم أول 3 أيام عرض بعد ذلك لا يهم الشركة ان تتم سرقة
الفيلم طالما حقق أرباحه من أول 3 أيام عرض الي جانب استخدام تقنيات حديثة
مثل السينما المجسمة "الابعاد الثلاثة" التي لا تشاهدها الا في دور العرض
ولو تم سرقة الفيلم لا يمكن مقارنة النسخة التي تشاهدها علي الكمبيوتر
بالنسخة المجسمة التي تشاهدها في دار العرض.
تخفيف أسعار التذاكر
* مهندسة الكمبيوتر ماجدة الزلاقي تري ان التكنولوجيا جاءت لخدمة
الانسان ولكنه أساء استخدامها وتقول المادة 157 والمادة 181 من قانون حماية
الملكية الفكرية تجرم نشر أي عمل فني علي الانترنيس ويعاقب الفاعل بالحبس
مدة لا تقل عن 3 شهور وغرامة مالية لا تقل عن 10 آلاف جنيه خلاف التعويض
الأدبي والمادي عما تسببه السرقات من ضرر بالجهة المنتجة. ولكن المشكلة
دائما هي من هو أول شخص سرق الفيلم ووضعه علي الموقع.. هذه هي المعضلة
الفنية. اذا قررنا تعطيل السيرفر الذي يحمل الفيلم فإن ذلك يسبب ضررا كبيرا
لكل المستخدمين الذين لا علاقة لهم بالسينما والأفلام ويحصلون علي الملفات
الثقيلة التي لا ينفع ارسالها بالايميل أو الفيس بوك وبالتالي عندما نريد
مقاومة اساءة استخدام ألف مستخدم نكون حققنا ضررا بالملايين من المستخدمين
الآخرين شركة مايكروسوفت كانت عايزة تحتكر برامج الويندوز وكل ما له صلة
بالكمبيوتر الشخصي في البيوت وكانت ستكسب مليارات الدولارات لكن الشركات
الصغيرة كانت أسرع في عمل نسخ من تلك البرامج دون مراعاة احتكار
المايكروسوفت واضطرت الشركة العملاقة أمام التقدم التكنولوجي وحاجة
المستهلك الي صرف النظر عن حكاية الاحتكار.
وتضيف: الحل الوحيد بالنسبة للسينما المصرية هو الرقابة علي دور العرض
التي يتم داخلها تصوير الأفلام بكاميرا محمولة صغيرة الحجم. الي جانب
الاهتمام بالمستوي الفني للفيلم والتقنيات الحديثة التي تجعل من مشاهدة
الفيلم بدار العرض أفضل كثيرا من المشاهدة علي جهاز الكمبيوتر المنزلي.
وضروري من خفض ثمن كل تذكرة السينما وعمل الاشتراكات المخفضة للطلبة مثل
أوروبا وأمريكا حتي يعود الجمهور مرة أخري لدار العرض ويرفض سرقة الأفلام
ومشاهدتها علي الكمبيوتر. هناك مجموعة شباب أسسوا جروب اسمه "مع إسعاد يونس
ضد سرقة الأفلام" بعدما كتبت عن ظاهرة وجود أفلام شركتها علي مواقع
بالانترنت ودعوتها لأجهزة الدولة بمنع تلك المواقع لكن من المؤكد ان هذه
الظاهرة سوف تختفي خلال عام علي الأكثر وسوف يعود الجمهور الي دار العرض
مرة أخري وسوف تجد شركات الانتاج السينمائي صيغة جديدة للتعامل مع الانترنت
تحفط لكل الأطراف حقوقها القانونية.
الجمهورية المصرية في
14/01/2010 |