ليس غريباً أن يكون بكالوريوس الخدمة الاجتماعية الذي حصلت عليه
الشابة شرويت مصطفى فهمي هو نفسه الذي أفادها في فهم واستكشاف مختلف
المتغيرات المجتمعية طوال الخمسين سنة التالية، وجعلها تتحول إلى النجمة
ليلى طاهر التي وجدت نفسها في طريق آخر غير ما أراده لها والدها..
وجدت فرصة تستقطبها إلى الأضواء وتضعها على سلم البطولة في تجربتها
الأولى أمام وحش الشاشة فريد شوقي في فيلم «أبو حديد» الذي أنتج وعرض عام
1958، ومن ثم أصبحت مذيعة متميزة مع انطلاقة التلفزيون المصري في عام
1960م، وأدركت أن الأقدار اختارت لها النجومية طريقاً لحياتها المقبلة..
وهو ما نجت فيه باقتدار طوال 50 عاماً ظلت خلالها مثالاً للتجدد والحيوية
والجمال.. مع الفنانة ليلى طاهر نستعيد زمن الفن الجميل.. فإلى
التفاصيل:تعود ليلى طاهر بذاكرتها لمرحلة الطفولة، وتقول: منذ أن ولدت وأنا
عاشقة للسينما ونجومها حيث إننى كنت أشارك في أي نشاط مدرسي فكانت فسحتي
المفضلة هي الذهاب للسينما وكنت أحفظ الأفلام التي أشاهدها عن ظهر قلب
بمجرد مشاهدتها مرة واحدة وأقوم بتمثيل جميع الأدوار وأكررها مرة أخرى
لزملائي في المدرسة بين الحصص .
وكانت موهبة التمثيل داخلي بالفطرة ولم أكن قبلها أفكر في التمثيل
خاصة أن والدي كان يزرع فينا أن العلم هو الأهم والشهادة هي المستقبل، فهذه
كانت مرحلة طفولتي.
·
وماذا عن الطفلة ليلى في المرحلة
الإعدادية؟
كان لي عم له علاقات ببعض الممثلين والمخرجين أمثال يوسف وهبي وأنور
وجدي وطلبا من عمي البحث معهما عن بنت صغيرة تقوم بدور معين ، وهنا قال عمي
«روت» - وهذا كان اسم الدلع الذى يناديني به- هي الوحيدة التي تنطبق عليها
شروط البنت المطلوبة لكن والدي غضب بشدة من عمي ورفض تمامًا وقال البنت
تلميذة ومن هنا اختفت الفكرة.
ممثلة بالصدفة
·
أعتقد أن المرحلة الجامعية كانت
الأكثر إثارة.
نعم، فقد كان هناك العديد من المسابقات بين الجامعات وكانت تعرف
بأسبوع الجامعات وكنت أشارك في العديد من المسرحيات التى نمثلها فى
الجامعة، وكنت طالبة في كلية الخدمة الاجتماعية، وفي إحدى المرات رآني أحد
الصحفيين وأنا أمثل وكان يعلم أن المنتج رمسيس نجيب يحتاج فتاة تقوم بدور
بطولة لفيلم جديد يعد له وأبلغه بأنه رآني .
وأكد له أنني ممثلة جيدة، فجأة وجدت مندوباً من مكتب رمسيس نجيب يبحث
عني فى الجامعة وطلب مني مقابلته وكانت مفاجأة كبيرة جدًا لي وذهبت لأقول
لأهلي، ووقتها كان والدي قد توفى منذ عدة سنوات فكان لابد من موافقة والدتي
وخالي وعمي وعرضت عليهم الموضوع ووجدت رفضاً شديداً تقديراً لوصية والدي
بأن أهتم بتعليمي أولاً..
تواصل ليلى: بالرغم من أنهم كانوا يرون أن الفن رسالة جيدة لها مقامها
فإنهم طلبوا مني أن أحصل على الشهادة أولاً ثم أتجه للتمثيل كما أشاء
فحاولت أن أقنعهم بأنني أستطيع التوفيق بين الاثنين وأنني سوف أستمر في
دراستي لأتوجها بشهادة البكالوريوس، وهنا توسموا فيّ الصدق وكان هذا عام 59
وذهبت إلى رمسيس نجيب الذى كانت له مدرسة خاصة في عالم السينما.
وبالرغم من أن الآخرين في مجاله كانوا يرون أن جمال الممثلة هو أهم
شيء، لكنه كان يرى أن مشوار النجمة يبدأ بالدراسة العلمية والتمثيل والشكل
ثالثهما وكذلك القدرة على الأداء الصوتي.
ولذلك كان يقول دائماً إن مدرسته تعتمد على صورة وصوت وأداء، ونجحت
بالفعل فبدأت بجلسات عمل وكنت محاطة بالعمالقة وأنا أبدأ في أول دور لي في
حياتي كبطلة مثل الممثل الجميل فريد شوقي وزوزو نبيل وفاخر فاخر وعبد
الوارث عسر.
وبعد هذه الجلسات المتعددة مع هؤلاء لأتعلم معهم كزميلة وليس كتلميذة
ألحقني رمسيس مرزوق بعدها بشهرين بمعهد رياضي وأتى بعدها بالصحفيين
والفوتوغرافيا ليعلن عن بطلة فيلم «أبو حديد»، وكان البطل فريد شوقي وكان
الإحساس صعباً؛ لأن كل من حولي نجوم عمالقة وشارك بالفيلم من هؤلاء
العمالقة سميحة توفيق وسيد بدير ومحمود المليجي والمخرج نيازي مصطفى.
·
لكن.. من أول من تبناكي فنياً؟
كان الفنان الجميل فريد شوقي أول من تبناني، حيث أحاطني بإنسانيته
لأنه حسسني بأني زميلة وأخت وصديقة ووجودي وسطهم يعني أنني مثلهم لا أقل
خبرة وقدرة على الإجادة، فكان دائمًا يشجعني عندما أقوم بمشهد جيد يقول
أمام الجميع إنني استطعت أن أجيد هذا فهذا كان يعطيني ثقة بالنفس، فكان
يقول إنه مؤمن بي وبموهبتي والدليل على ذلك أنني شاركت معه فى العديد من
الأفلام كممثلة أو منتج له.
·
في بداياتك وقعت عقد احتكار مع
رمسيس نجيب.. هل أفادك ذلك؟
كانت بدايتي مع رمسيس نجيب فعلاً بعقد احتكار وهذا كان لا يعوقني، حيث
كنت لا أعلم شيئاً في هذا المجال وأحتاج لمن يقودني في تلك المرحلة، ولذلك
لم يشكل لي عقد الاحتكار أي مشكلة.
ولكن بعد فترة ولظروف خاصة برمسيس نجيب ألغى هذا العقد معي، وهنا
أصبحت بمفردي وكنت لا أزال لا أعلم أي شيء فى هذا المجال، خاصة أنني كنت في
مرحلة البداية ورغم ذلك كنت لا أخشى من شيء، خاصة أنني ليس لي تاريخ أخسره.
·
انتقالك في مرحلة البدايات من
السينما إلى التليفزيون كان مرحلة مهمة فى حياتك ، كيف تمت هذه الخطوة؟
عندما ظهر التلفزيون كان يمثل بالنسبة لي المرحلة الثانية في حياتي،
حيث كان شيئاً حديثاً يحتاج نجوماً، لكن كان هناك موقف للنجوم منه، حيث رفض
نجوم السينما الكبار دخوله أو التعامل معه وقالوا إنه غير مضمون .
وكذلك خافوا أن يدخلوا البيوت عن طريق شاشة صغيرة تسمى التلفزيون
ويتركوا شاشات السينما، فمن هنا فكر التلفزيون الاعتماد على الصغار من
النجوم مثل زيزي البدراوي وشعرت وقتها بأنها فرصة جيدة بالنسبة لي، خاصة
أنني ليس لدي شيء أخاف عليه، ووافقت من أول وهلة وأحببته بشدة وأعطيته
جهداً كبيرا من وقتي ومجهودي وهذا أزعج العديد من نجوم السينما؛ فكانوا
يعتقدون أن التليفزيون سيحرقني في السينما.
وهذا ما حدث فقد أثر على علاقتي بالسينما، ولكن كانت لي وجهة نظر وهي
أن كل ما يهمني هو إجادة عملي في أي مكان أكون به سواء كان تليفزيوناً أو
سينما أو مسرحاً.
200 جنيه
·
هل تتذكرين أول راتب لك مع رمسيس
نجيب؟
هذا كان موقفاً طريفاً جدًا، حيث كنت أشاهد النجوم أمثال ليلى مراد
وغيرها من الكبار يتقاضون أجراً يصل لـ 12 ألف جنيه وهنا توقعت كفنانة
مبتدئة أن أحصل على ألف فقط على الأقل لكني فوجئت برمسيس نجيب يضحك بشدة
وقال لي: إنتي منتظرة تاخدي كم؟ فقلت له الذي تقرره لكنه استمر في الضحك
بشدة وقال لي: يا بنتي الألوفات للنجوم أنتي تتكلمي في الميات وكان أول أجر
لي 200 جنيه فقط.
·
ماذا عن أول زواج في حياتك وليلى
طاهر كأم؟
كان زواجي الأول وأنا في مرحلة الثانوية العامة وكان زواجاً عائلياً
أسرياً تقليدياً وأستطيع أن أقول إنني تسرعت في هذه الزيجة، حيث تزوجت وأنا
في سن 17 عامًا.
وكان سن ابني مثل سن أخي الصغير فكنت أعتبره صديق أخي وكنت أماً حازمة
وشديدة جدًا وهذا لشعوري بأنني صغيرة وقد يقولون عني إن تربيتي لأبني تربية
عيال فكنت أحاول أن أثبت لهم أنني أم جيدة، فابني محمد هو ابني الوحيد كان
تلميذاً ناجحاً وأصبح الآن دكتوراً ناجحاً، وهو حاليًا مساعد لوزير
الاتصالات.
·
حدثينا عن أسرتك الحالية.
أسرتي مكونة من خمسة أشخاص فقط، ابني وأحفادي الثلاثة وزوجة ابني
·
الحب في حياة ليلى طاهر.
لم أحب في حياتي سوى مرة واحدة ولن أعترف باسمه.
تنازلات فنية
·
ماذا تردين عندما تسمعين عن
التنازلات في حياة الفنانين؟
ليست هناك ضرورة للتنازلات حتى يمكن للفنان أوالفنانة الاستمرار
والدليل على ذلك أنني أخذت كل الفرص دون تنازلات ودون وسائط واستمريت،
ونجحت وأرفض هذا المصطلح الذي لم يكن موجوداً في حياتي وأعترف بأن حظي جيد،
وأؤكد أن التنازلات فكرة خاطئة والتاريخ أثبت نجاح الكثيرين دون هذا
المصطلح.
·
ما رأيك فيما يتردد عن عمل
الفنانات بالمخابرات في عصر ليلى طاهر؟
نعم كان يحدث ذلك وعرض عليَّ العمل معهم، خاصة أنهم حاولوا إقناعي
بأنه عمل وطني لصالح بلدي لكني رفضت ولم يضغط عليّ أحد، ومن عملوا
بالمخابرات كان بمزاجهم وليس رغمًا عنهم وكان ردي عليهم بأنني «معرفش» وسوف
أفشل في أي عملية أقوم بها.
·
ما رأيك في السينما قديمًا
وسينما اليوم؟
يمكن زمان كان العمل في الفن بحب شديد وحب خالص للعمل الفني ولم يكن
هناك سعي وراء المادة ولا الشهرة، وكان من الممكن أن يصرف الفنان من جيبه
من أجل العمل، فكان «الفن للفن»، أما اليوم فما زال البعض بهذا المنهج، لكن
البعض الآخر يعمل من أجل الشهرة والمادة.
·
وكيف كان المسرح زمان؟
ينطبق على المسرح ما قلته على السينما.
·
الأجور قديمًا وحاليًا ؟
كانت أعلى الأجور في مجال السينما ثم التليفزيون ثم المسرح، وهذا
الوضع بالنسبة للأجور مستمر حتى الآن، ولكن المسرح أعلى في الفترة الأخيرة
خاصة بعد انتشار الفضائيات.
·
أراك حالياً تهتمين بالأعمال
الخيرية؟
نعم، فهذا النشاط يشغل بالي حالياً وبشدة وأنا أقوم بهذا العمل من
خلال جمعية «قلوب مصر» فإنني أشعر بسعادة كبيرة ورضاء كبير؛ لأن هذا العمل
التطوعي زادني قوة من خلال إيماني به وأصبح يمثل لي أولوية في حياتي.
أنا وشاديه
·
هل علاقتك مستمرة مع الفنانة
شادية وبعض النجوم من جيلك؟
هي صديقة مقربة جدًا لي وأتصل بها من وقت لآخر للاطمئنان على أحوالها،
فإنني أقدرها كإنسانة وكفنانة، ومن أصدقائي أيضًا من النجوم أحمد رمزي
وفاتن حمامة فكانوا لا يتعالون في شيء بالرغم من أنهم كانوا نجوماً فكان
الحب متبادلاً بيني وبينهم ، وأنا ما زلت أسأل عن الأحياء من زملائي
وزميلاتي رغم مشاغلي ومشاغلهم.
·
ما رأيك في اتهام بعض الفنانين
القدامى بالخيانة الزوجية علناً مثل مريم فخر الدين واتهامها لصباح بخيانة
أزواجها وكذلك رشدي أباظة؟
إذا كان البعض قد أطلق مثل هذه الاتهامات فهذا لا يخصني، فأنا لا أرد
على هذه الأسئلة لأنني أحترم كل الفنانين من كل الأجيال ولا أخوض فيما لا
يعنيني وما لم أره أو يمسني.
زيجات فاشلة
·
أكيد هناك مواقف صعبة فى حياتك..
ما أصعبها ؟
هي حالة وليست حدثاً، وذلك عندما لم أوفق في حياتي الشخصية، وأقول إن
الحياة الأسرية لديّ كانت مستقرة وحياتي الفنية أيضاً، لذلك كان لابد أن
يكون هناك خلل في حياتي في شيء آخر وظهر هذا في حياتي الشخصية كزوجة فلم
أوفق، فمع كل هذه النجاحات قابلها فشل في حياتي الزوجية، ولكن هذا منحني
القدرة على الإيمان.
·
جمهورك يسأل دائماً عن أعمالك
الفنية المقبلة.
في الفترة المقبلة سوف أقوم بعمل مسرحية جديدة في المسرح الحديث في
السلام.
·
فى حياتك الفنية أدوار رائعة في
الأعمال الدينية؟
حقيقة أعتبرها جزءاً مهماً جدًا في حياتي، وأنا شاركت في العديد منها،
فإنني أحب الشخصيات التاريخية وأشعر بأنني أقدم رسالة وتاريخاً للجمهور،
خاصة التاريخ الإسلامي فأرى أن الفن هنا مهم جدًا؛ لأنه يقوم على دور
الخطابه للجمهور.
·
والرياضة في حياتك؟
أهتم جداً بالرياضة، فهي جزء مهم من يومي، حيث أقوم برياضة المشي بصفة
خاصة؛ لأنها تتناسب مع سني.
شائعات مغرضة
·
كيف استطعت أن تحتفظي بجمالك؟
دون أن أمنع نفسي عن الأكل، فأنا آكل كل أنواع الطعام ولكن بنسب قليلة
جدًا بالإضافة إلى رياضة المشي وعدم التوتر بلا داع.
·
متى يكون قرارك بالاعتزال؟
فكرت وتراجعت، فممكن للفنان عند مرحلة معينة أن يجد نفسه قد عمل بما
فيه الكفاية، لكن الفنان الحقيقي هو من يتواصل، فكنت قد قررت الاعتزال ثلاث
مرات لكنني تراجعت ولن أعتزل.
البيان الإماراتية في
12/01/2010 |