لعل الحدث الأبرز في السينما الإيرانية للعام الفائت كان انتخابات
الرئاسة
الإيرانية وما تبعها من أحداث وتغييرات أثرت على الوضع السينمائي عامة. لقد
ساهم
عدد من السينمائيين في حملات الترويج لمرشحهم المفضل، وبعد إعلان النتائج
عمد
بعضهم، لا سيما المقيمون منهم خارج البلاد، إلى الانحياز بوضوح
نحو التيار الإصلاحي
والتنديد بما اعتبروه تلاعباً بالنتائج، فيما فضل آخرون الابتعاد عن
الانخراط
الصريح فغابت أسماء شهيرة عن بيانات تستنكر هذه النتائج.
الانتخابات أرخت بظلالها أيضاً على السينما الإيرانية خارج البلاد،
فغدت
المهرجانات العالمية واجهة لتعبير الفنانين الإيرانيين المعترضين على ما
جرى سواء
عبر أعمالهم أو من خلال تنديدهم أمام عدسات التصوير. وهذا ما
دعا مستشار الرئيس
الإيراني للشؤون الفنية للتصريح أن إيران ستقاطع المهرجانات الغربية إذا
تحولت إلى «مناسبة لعرض النشاطات الهدامة» ضد الحكومة.
وكانت مهرجانات عدة كالبندقية وسان
سيبستيان وغيرها عرضت أعمال مثل «الأيام الخضراء» لحنا مخملباف
الذي بين معارضة
الشارع الإيراني التي تلت إعلان النتائج في حزيران (يونيو) الماضي. و «تهرون»
لنادر
همايون الذي يبرز الجانب المظلم من طهران ويقدمها على أنها مرتع للعاهرات
والشحاذين
والمروجين الصغار.
الى الخارج...
وعانى فنانون وسينمائيون إيرانيون من المواقف التي انتهجوها خلال
أحداث ما بعد
الانتخابات، ومنع بضعة منهم، بينهم المخرج جعفر بناهي والممثلة فاطمة معتمد
آريا،
من مغادرة البلاد للمشاركة في تظاهرات سينمائية ومهرجانات دولية. وتردد أن
المنع قد
رفع أخيراً. كما تضاربت الآراء حول مغادرة المخرج بهمن قبادي النهائية
لبلده
واستقراره في فرنسا. وكان قبادي قد صور فيلمه «من لديه أخبار
عن القطة الفارسية؟»،
الذي عرض في «كان»، دون الحصول على تصريح من الجهات المسؤولة
في إيران. وتجدر
الإشارة إلى أن فكرة الفيلم التي تلقي الضوء على الفرق الموسيقية في طهران
التي
تعمل في الخفاء بسبب المنع الذي يطال بعضها، قد سبق وعولجت في فيلم وثائقي
للمخرج
مجتبى مير طهماسب شاهده عدد ضئيل من أصدقاء المخرج و لم يقدر
له الخروج إلى
العلن!
وعلى الصعيد الإداري أعلن المعاون الجديد لوزير الثقافة والإرشاد
الإسلامي
للشؤون السينمائية عن نيته تأسيس مجلس أعلى للسينما يقع تحت إدارة رئيس
الجمهورية
مباشرة ويكون الهيئة العليا التي تحدد السياسة الرئيسة في الشؤون
السينمائية وتخول
إعطاء تصاريح الإنتاج والعرض. ومن جهة أخرى، أوعز معاون الوزير بعقد لقاء
مع ممثلين
عن السينما الإيرانية المستقلة كانوا عبروا في رسالة جماعية عن قلقهم لما
آلت إليه
أحوال تلك السينما، التي صنعت شهرة السينما الإيرانية عالمياً،
كما استنكروا القيود
المفروضة عليها وتأسفوا على ظروف عرض أعمالهم في إيران والرقابة التي تخضع
لها
والمنع. ويذكر أن فيلم عباس كياروستمي الأخير «شيرين» لم يعرض في إيران
لعدم وجود
سوق لمثل هذه النوعية. كما أن الفيلم الوثائقي «نحن نصف
المجتمع الإيراني» الذي
صورته رخشان بني اعتماد خلال حملة الانتخابات الرئاسية، والذي يستجوب
المرشحين عن
خططهم بخصوص وضع المرأة الإيرانية، لم يعرض في مهرجان الفيلم الوثائقي
الأخير في
طهران بسبب مقاطعة عدد من الفنانين ومنهم المخرجة هذا المهرجان
احتجاجاً على
«القيود
التي تحملها الوثائقيون في سبيل نقل صورة حقيقية» عما جرى من أحداث بعد
الانتخابات».
أما فيلم عباس كياروستامي الأخير «نسخة طبق الأصل» الذي انتهى من
تصويره في
إيطاليا فهو بعيد كل البعد عن عالم سينماه ومن هنا يشكل مكان عرضه الأول
مثار
تساؤلات في طهران، فهل سيكون مهرجان «كان»؟ وكان المخرج قد تلقى عرضاً من
الخارج
لإنجاز فيلمه هذا ونقل عنه «سعادته» بهذه التجربة الجديدة التي
تختلف ظروفها كلية
عن ظروف العمل في إيران.
أرقام قياسيّة
وعلى صعيد الأعمال السينمائية الناجحة داخل إيران لهذا العام، حطم
الجزء الثاني
من فيلم «إخراجي ها 2» لمسعود ده نمكي الذي يتناول الحرب العراقية -
الإيرانية
بأسلوب فكاهي، الأرقام القياسية في الإيرادات، كما حقق فيلمان نجاحاً
كبيراً ليس
فقط في الداخل وهما «بيست» لعبد الرضا كاهاني و «عن إلي» لأصغر فرهادي اللذان حصدا
أيضاً جوائز عالمية عديدة. ويذكر ان فيلم فرهادي حظي بتدخل
رئيس الجمهورية شخصياً
لرفع الحظر عن عرضه في إيران. وكان الفيلم قد منع بسبب بطلته كلشيفته
فراهاني التي
كانت مثلت الدور النسائي الأول في فيلم ريدلي سكوت «متن من الأكاذيب» جنباً
إلى جنب
مع ليوناردو دي كابريو وسببت لها هذه المشاركة المشاكل في
إيران ما دفعها لمغادرة
بلدها والإقامة في الخارج. كما رفع المنع أيضاً عن أفلام أخرى بمبادرة من
وزير
الثقافة الجديد ومنها «كتاب قانون» لمزيار ميري الذي يهاجم بسخرية لاذعة
طريقة فهم
الإيرانيين الدين، و «لون
البنفسج» (به رنك ارغوان) للمخرج إبراهيم حاتمي كيا الذي
يسرد حكاية عاطفية بين رجل أمن في المخابرات وبين ابنة قائد
مجموعة معارضة ترك
البلاد بعد الثورة ثم عاد متخفياً.
الى هذا حصل انفراج «سينمائي» في العلاقة مع الولايات المتحدة
الأمريكية هذا
العام، وعلى رغم انتقادات لاذعة تعرضت لها
هيئة دار السينما في طهران، والتي هي بمثابة نقابة للسينمائيين، بسبب
تنظيمها زيارة
لوفد من هوليوود إلى طهران في ربيع هذا العام. وقد تم في الإطار ذاته قبول
الإيرانيين دعوة من قبل أعضاء الأوسكار. وهكذا زار هوليوود هذا
الصيف، وللمرة
الأولى منذ قيام الثورة الإيرانية، وفد سينمائي من أعضاء دار السينما،
وأجري خلال
الزيارة تبادل الخبرات ووجهات النظر، كما عقدت جلسات عمل مشتركة ونظمت عروض
لأفلام.
هذا وسيكون «مهرجان فجر» الذي تنظمه مؤسسة الفارابي للسينما في نهاية
كانون
الثاني (يناير) الجاري، المؤشر الأوضح على حال السينما الإيرانية خلال هذا
العام
وذلك تبعاً لعدد ومستوى الأفلام الإيرانية التي ستعرض فيه. ويذكر أن مديراً
جديداً
قد عين منذ أسابيع قليلة لهذه المؤسسة المرتبطة بوزارة الثقافة
والتي تعتبر عاملاً
رئيساً في الصناعة السينمائية الإيرانية.
الحياة اللندنية في
08/01/2010
كتاب - ليس سيئاً كما تعتقدون!
القاهرة – «الحياة»
صدر حديثاً للناقدة السينمائية أمل الجمل كتاب «أفلام الإنتاج المشترك
في
السينما المصرية»، عن سلسلة «آفاق السينما» التي تصدرها هيئة قصور الثقافة
المصرية.
يقع الكتاب في 422 صفحة، ويتناول قضية
شائكة، كانت محل خلاف دائم بين عدد كبير من
السينمائيين والنقاد، هي قضية الإنتاج السينمائي المشترك
خصوصاً مع الطرف الأجنبي.
فالبعض يُدينه ويُشكك في نياته وفي توجهاته الإعلاميّة، بينما يرحب به
البعض
الآخر.
تُحاول أمل في كتابها تقويم هذه التجربة ومناقشتها للوقوف على
إيجابياتها
وسلبياتها، نقاط قوتها، ومكامن ضعفها. انطلقت الدراسة من تساؤلات عدة،
منها: هل رأس
المال الأجنبي المشارك في إنتاج هذه الأفلام أثر على طبيعتها سواء من حيث
الشكل، أو
المضمون؟ وإذا كنا نعرف ان معظم الانتاج المصري المشترك كان مع
فرنسا فلماذا فرنسا
دون غيرها؟ هل كان من الممكن إنتاج هذه الأفلام برأس مال عربي؟ أيهما أكثر
أهمية في
تاريخ السينما المصرية الأفلام المنتجة برأس مال عربي، أم تلك المنتجة برأس
مال
أجنبي؟
تعتمد الدراسة على مشاهدة الشرائط السينمائية وتحليلها فنياً
ومن ثم تفنيد
الاتهامات الموجهة إليها، ومحاولة قراءة ظروف وملابسات ذلك الهجوم. ساعد
الباحثة في
تحقيق ذلك اطلاعها على ملفات الأفلام في أرشيف الرقابة على المصنفات الفنية.
قسمت أمل الجمل الكتاب إلى بابين، تناولت في الأول سنوات التعثر،
وأعطت خلفية
تاريخية واقتصادية وسياسية للإنتاج السينمائي المصري المشترك، كما شرحت
مراحل إنتاج
الأفراد والهيئات والقطاع العام. وفي الباب الثاني تطرقت الى «سنوات
التحقق» حيث
أفردت أول فصول هذا الباب للإنتاج السينمائي المصري الأوروبي وفي مقدمها
جميع أفلام «يوسف شاهين» المشتركة. وفي الفصل الثاني
تناولت الإنتاج المصري العربي المشترك، ثم
اختتمت الكتاب بقائمة أسماء أفلام الإنتاج المشترك في السينما
المصرية في الفترة من 1946
حتى 2008.
الحياة اللندنية في
08/01/2010 |