·
السياح ساهموا في ازدياد
الايرادات بنسبة 16 في المئة ومزيد من دور العرض لهم في وسط
بيروت
·
الصالات اللبنانية استقطبت 2498811 مشاهداً رغم القرصنة والرقابة
والأزمة المالية
·
ايستوود وأوديار وكاميرون في المقدمة ومسابقة كانّ لا تزال
المكان الأفضل لرصد المواهب
عام آخر
يُختتم تاركاً خلفه الكثير من الذكريات ستبقى ماثلة في الوجدان السينيفيلي.
ما هي
ابرز الصور والحكايات التي أطلت علينا طوال 365 يوماً وصنعت "حيواتنا"
المختلفة على
الشاشة؟ من الصعب، لا بل من المستحيل، أن نعيد عقارب الساعة الى الوراء
بهدف مداعبة
الأشياء التي صنعت بهجتنا ومآسينا وخيباتنا وآمالنا، ومنح كل
ذي حق حقه! لكن هناك
دائماً صورة تتقدم أخرى، واسم يسبق آخر، وعنوان يبقى عالقاً بين طيات
ذاكرتنا،
بينما تذهب أشياء أخرى أدراج الرياح.
تقليد صحافي ولعبة سادية تفرض علينا أن
نضع في ختام كل عام مجمل الأشياء التي كوّنت حياتنا البصرية في
ميزان، أو على
طاولة، وعقد مقارنات بين أعمال فنية، هي اصلاً مختلفة في طبيعتها وأهدافها
ورؤيتها
ومكنوناتها، ثم ننطلق من الصفر، أو على الاقل نوهم أنفسنا بأن ثمة صفحة
طويت وأخرى
ستفتح. انها القصة الأبدية لليل والنهار اللذين يسلّم أحدهما
الى الآخر شعلة
الحياة.
واذا كان لا بد من خلاصة (مستعادة للمرة الألف في كل حال) خرجنا بها
من
هذا العام المنصرم فهي ان السينما منجز لا يخبو وهي لا تزال أم الفنون
المعاصرة:
فنّ مركّب قوامه مسرح وأدب وفن تشكيلي، استطاع بسرعة قياسية أن ينال
استقلاليته
المطلوبة والأساسية من العناصر الثلاثة التي تكوّن منها. كثيرون توقعوا
الموت
للسينما، وأولهم مخترعاها الأخوان لوميير، بيد انها بعد مرور
115 عاماً على وجودها،
لا تزال في مقدمة الفنون التي تخاطب أكبر كمّ من البشر عبر القارات الخمس،
وتأسرهم
بحكايات تخرج أحياناً من مناطق بعيدة نائية تجد مكاناً لها فجأة على
الخريطة
السينمائية من حيث لا ينتظر أحد.
خطة توزيعية
نظرياً، تخطت السينما هذا
العام الأزمة الاقتصادية الفتاكة، لكن ليس من دون أن تترك بعض
الآثار الجانبية ولا
سيما في نفس السينما الفقيرة المحمولة على الظهر. عموماً، لم يبق الانتاج
العالمي،
وخصوصاً الهوليوودي منه، في منأى من هذه الأزمة، اذ شهدنا عودة الى الأفلام
الرومنطيقية، وربما نشهد غداً الميوزيكالات التي سادت في فترة
الثلاثينات، للتخفيف
من هموم المواطن. لذلك، لا شك في أن الايام المقبلة لن تكون كالأيام
السابقة.
محلياً، لا يمكن الحديث عن الوضع السينمائي الا من خلال قطاعين: قطاع
التوزيع
وقطاع استثمار الصالات. الأول لا يزال يشكو من الامراض نفسها التي كان
يعاني منها
منذ سنوات بعيدة: قلة اهتمام بالسينما القليلة الانتشار وعدم الاعتراف بها
كمنتج
تجاري ايضاً. يضاف الى ذلك تأخر مستمر في عرض أفلام معينة،
و"حرق" أخرى من خلال
انزالها الى السوق من دون علم وخبر أو دعاية. هذا الشيء متأتٍّ طبعاً من
عدم ايمان
الموزعين بهذه الأفلام. النتيجة: بعض هذه الاعمال المهمة تحقق نتائج مضحكة
في شبّاك
التذاكر بسبب سياسة توزيعية خاطئة لا تميز الغث عن السمين، وهي
سياسة ينتهجها
بيروقراطيون انتقل مجمل نشاطهم الى بلدان الخليج وباتوا يعتبرون بيروت
تحصيلاً
حاصلاً، بل هم لا يحافظون على مراكزهم فيها الا من منطلق خشيتهم أن يأتي
اليها
المستثمر الأجنبي. الخطة التوزيعية كانت ولا تزال عشوائية،
والارجح انها ستبقى
كذلك، بيد أنه لم يسبق قطّ أن بلغ الاستخفاف بالمشاهد هذه المرتبة التي
تسمح لموزع
بأن يأتي بالجزء الاول من فيلم ("تشي" لستيفن سادربرغ) ويعتكف عن الاتيان
بالثاني،
حين يرى أن المردود المالي منه كان قليلاً.
في الحديث عن قطاع الصالات
واستثمارها تكون المقاربة مختلفة. ففي انتظار افتتاح سلسلة من
دور العرض في أسواق
وسط بيروت، الحق أن الأحوال مزدهرة جداً في هذا القطاع على رغم كل ما قيل
عن ان
القرصنة تعود بالضرر على هذا الاستثمار وقد تؤدي الى الإقفال تدريجاً كما
في بلدان
أفريقية. طبعاً الفضل الأول يعود الى السياح الخليجيين والعرب
الذين جاؤوا بأعداد
كبيرة خلال الصيف المنصرم.
الايرادات في الصالات اللبنانية على مدار 52 اسبوعاً
بلغت 2498811 مشاهداً، مقابل مليونين ومئة وخمسين ألفاً لعام 2008. وبلغت
نسبة
النمو 16 في المئة نسبة الى السنة التي سبقتها. سلسلة صالات
"أمبير" لا تزال مهيمنة
على سوق السينما في لبنان مع 52 في المئة من مجموع الايرادات، اذ بلغ عدد
البطاقات
التي باعتها العام المنصرم 1309809 بطاقة مقابل 1041964 لعام 2008، اي
بازدياد نحو 26
في المئة. تليها منافستها سلسلة صالات
"غراند" التي سجلت 784839 مشاهداً، بعدما
كانت استقطبت طوال 2008 نحواً من 592595 مشاهداً. وبلغت حصة
"غراند" من السوق
الاجمالية نحواً من 31 في المئة. وحلت ثالثةً في المراتب سلسلة صالات
"بلانيت" التي
تراجعت ايراداتها بنسبة 2 في المئة (مقارنة بعام 2008) ولم تستقطب الا
ثلاثمئة ألف
مشاهد طوال 52 اسبوعاً.
فسحة "متروبوليس"
على مستوى الصالات
حلّت الـ"سينماسيتي" (9 شاشات) في المرتبة الاولى مع 738973 مشاهداً (مقابل
563125
لعام 2008) ما يجعل منها الصالة الأكثر ارتياداً لدى اللبنانيين. في
المرتبة
الثانية نجد صالة "غراند أ ب ث" (7 شاشات) تخلفها "أمبير ــ دون" (4 شاشات)
في
المرتبة الثالثة. على رغم هذا الازدياد الواضح في الاقبال على الصالات
اللبنانية،
هناك مشكلتان اساسيتان لا تزال عالقتين: القرصنة والرقابة. لا
يكفي أن الدولة لا
تفعل شيئاً من أجل حماية الأفلام من السرقة المنظمة (القراصنة معروفون مَن
هُم)، بل
تفرض رقابة غليظة ومتخلفة، قوانينها تعود الى اربعينات القرن الفائت،
وأحيانا ببركة
من مؤسسات دينية. الحجج دائماً نفسها: إفساد الاخلاق الحميدة، المس
بالمقدسات،
اثارة النعرات الطائفية والفتن. تحت هذه الشعارات البائسة،
اقتطعت أفلام مهمة. كيف
يمكن مثلاً أن ننسى المجزرة التي تعرضت لها رائعة ستيف ماكوين "جوع"،
فيلمنا المفضل
للعام الفائت؟ وكان الاضطهاد أشد قسوة مع أفلام أخرى، وهذه حال "هلب" لمارك
أبي
راشد. أما سيمون الهبر فاتُهم بإثارة النعرات في باكورته الوثائقية الطويلة
"سمعان
بالضيعة".
لا يمكن تناول نشاطات العام الفائت من دون التوقف عند الشراكة بين "صوفيل"
و"متروبوليس". فهذه الصالة التي شكلت فسحة من الحرية في المشهد السينمائي
البيروتي، بعيداً من طغيان النوع الواحد، عانت ولا تزال تعاني من عدم
الاستقلالية
في البرمجة، الأمر الذي يمنعها من التحليق عالياً واكتساب هوية خاصة لها.
هذه
الصالة التي مرّت بها أجيال تديرها "متروبوليس" (هانية مروة)
على نحو رسمي منذ
العاشر من ايلول الفائت، بعدما غادرت مقرها الاول في "مسرح المدينة"، وهي
لا تزال
تعاني خربطة مستمرة في البرمجة سببها ربما عدم استقلاليتها الكاملة عن
سلسلة
"أمبير"، وهذا ما يؤثر في صدقيتها لدى الناس. مع ذلك كله، يبقى هذا
المكان البيروتي
الحقيقي والأوحد للتمعن والمشاهدة الخلاقة، اذ استقطب منذ اعادة افتتاحه
تسعين في
المئة من النشاطات السينمائية في البلاد، من "شاشات الواقع" واستعادة أفلام
انطونيوني الى النسخة المحلية لأسبوع النقاد فمهرجان السينما الاوروبية،
ونحن
موعودون بالمزيد في الاشهر المقبلة يبدأ مع استعادة لأفلام
روبير بريسون (شباط)
وثانية مخصصة لفيلليني (نيسان) وثالثة تحتفي بجاك تاتي (حزيران).
شيء آخر كان
لافتاً في 2009 هو انحسار موجة أفلام الفيديو اللبنانية الرديئة التي
اقتحمت
الصالات في مرحلة ما، وذلك نتيجة اللامبالاة التي تعرض لها البعض منها، مثل
"المشهد
الأخير" و"شولا كوهين". كذا بالنسبة الى ظاهرة خطيرة أخرى هي "عودة"
الأفلام
المصرية الهابطة الى الواجهة، بعدما كان جمهورها اقتصر في السنوات التي خلت
على
رواد شارع الحمرا، وكانت شكلت هذه الموجة حضوراً طاغياً في السوق اللبنانية
بلغت
نسبتها عشرة في المئة من مجموع الأفلام المعروضة، علماً ان
الفيلم المصري، "عمر
وسلمى 2"، احتل المرتبة الثانية في شبّاك التذاكر اللبنانية لعام 2009
مستقطباً 116 820
مشاهداً.
السينما اللبنانية
عربياً، لا تزال
مهرجانات الجيل الأول تدور في حلقة مغلقة يصعب الخروج منها، لأن هؤلاء
يحتاجون الى
اعادة هيكلة وطرح أسئلة جديدة وازاحة بعض الديناصورات المحنطين من اداراتها
للسماح
لها بولادة جديدة. أما الجيل الثاني المتمثل في مراكش وابو ظبي
ودبي، فلا يزال في
طور البحث عن اتجاهات تخوله تأكيد رسالته وفهم غاياته السامية... إن وجدت.
بالنسبة الى المهرجانات الدولية، لا يزال كانّ هو المكان المثالي
للرصد
والاكتشاف والاطلاع على المستجد والمثير. يكفي أن تشاهد أفلام المسابقة
الـ22 للقول
بأنك شاهدت أهم ما انجز في عام واحد. مرةً أخرى جاءت دورة برلين عادية، مع
بعض
الخروقات الطفيفة، على رغم انها تضمنت لقيات بديعة في مجال
الاستعادات (تظاهرة
الـ70 ملم). أما البندقية فكان بين بين.
2009
لم يكن عاماً لامعاً للسينما
اللبنانية. وسط هذا الفراغ الذي يلف سينمانا، برز اسم شادي زين
الدين فعرض باكورته
"وعلى الأرض السماء" في ختام مهرجان ".. نما في بيروت"، بعد جولة
مهرجانية دولية،
وجاء مفاجئاً من حيث الشكل الشاعري الحافل بالاستنادات
السينمائية. زينة دكاش ربحت
جائزة في دبي لشغلها التوثيقي مع المساجين في رومية، فيما تابعت دانيال
عربيد غوصها
في عالم النساء مع "حكي نسوان"، أما الثنائي لقمان سليم ومونيكا بورغمان
فلم يلفت
مشروعهما التسجيلي الانظار كما كانت الحال مع فيلمهما السابق، وهو عبارة عن
وثيقة
مفتوحة تتضمن اربع شهادات لمن شاركوا في الحرب اللبنانية، وحصل هذا في
الوقت الذي
مرّ فيه فيلم ديما الحرّ "كل يوم عيد" مرور الكرام. أفلام وثائقية لبنانية
أخرى
أبصرت النور في 2009 لكل من غسان سلهب ومحمد سويد وماهر ابي سمرا وديغول
عيد ونصري
حجاج، الخ.
أسئلة المستقبل
عربياً، برزت اسماء
جديدة، في محاولتها الإخراجية الاولى أو الثانية، قد يُعتمد عليها مستقبلاً
لصناعة
سينما الغد. من هؤلاء: الأخوان نوري، نسيم عماوش، شيرين دعيبس، أحمد ماهر،
جود
سعيد، مروان حامد، محمد الدراجي، كاملة ابو ذكري، علماً ان
تجارب البعض أكثر رصانة
ونضجاً من تجارب البعض الآخر، من دون أن ننسى طارق طقية، هذا الجزائري الذي
يشكل
حالة فريدة في السينما العربية وخصوصاً من خلال فيلم "غابلا" (مسابقة
البندقية 2008).
أما من المكرسين، فجاءتنا أفلام مستواها بين المقبول والعادي والسيئ. نعني
بهؤلاء كلاً من يسري نصرالله وميشال خليفي ومجدي أحمد علي
ومرزاق علواش وأسامة فوزي
ورشيد بوشارب، وطبعاً ايليا سليمان.
أسئلة كبيرة تلوح في الأفق للأشهر الـ12
المقبلة: ما الجرح الذي ستتركه الأزمة الاقتصادية في سينما
المؤلف؟ وهل ستساهم
السياسات الثقافية المنتهجة في بعض البلدان العربية في المزيد من التخلف
السينمائي؟
كيف ستحدد تقنية الابعاد الثلاثة سينما المستقبل؟ ما السبيل الى الحدّ من
القرصنة؟
كيف سيواكب السينمائيون هموم أقرانهم فيما الهوة تزداد بين
الفنان ومحيطه؟ وكيف
ستتجاوز السينما نفسها، وما هي البقع الجغرافية التي ستبعث بالأفلام
العظيمة الى
العالم؟ وحدها الأيام المقبلة تكفل الرد على هذه الهواجس التي تؤرقنا
جميعاً.
(hauvick.habechian@annahar.com.lb)
أفلامنا الـ 12 المفضلة في الصالات المحلية
1- "جوع"
لستيف ماكوين
على وتيرة
واحدة، شبه رتيبة، اختزالية، يشيّد ماكوين فيلمه. يقوم النص عنده على عرض
جزئيات،
ويعمل ضمن آلية التعبئة ثم التفريغ. راديكالي حتى الرمق الأخير. كلٌّ من
هذه
الجزئيات التي يضعها ماكوين أمامنا، في مكانها الصحيح. ولهذه
اليوميات المتشابهة
الى حدّ كبير التي يمضيها السجناء خلف جدرانهم، "كلايماكس" سيبلغه الفيلم
على قاعدة
كسر الثبات في مشهد التعذيب العظيم الذي انتقده بعض المحافظين، واعيد
توليفه في
بيروت على يد "زمرة الرقابة"، التي وصلت هذه المرة الى ذرى
الابداع
السينمائي.
سينما تأملية كئيبة الى حدّ الاختناق. كل لقطة منها احتفاء
بالمقاومة وغريزة البقاء التي ستتلاشى أمام أعيننا لتصبح تراباً. سينما
تمجد الجسد
الذي سيكون آخر حصن في يد المعتقل السياسي بوبي ساندز أمام
الذل والمظالم. سيقامر
بجسده لعله يربح. وسيربح.
1- "غران
تورينو" لكلينت ايستوود (المرتبة الاولى
مناصفةً)
يسعى ايستوود الى هدم "ميتولوجيا" ساهمت نظرته الزرقاء
القاسية ومسدسه وجسده النحيف في ابتكارها. الفيلم محاكمة لنفسه بقدر ما هو
محاكمة
لهاري القذر الذي يجيء بجثته الهامدة من سبعينات القرن الماضي
ليرميها على باب "المطهر".
يخدعنا ايستوود بهذا الانزلاق المذهل للسيناريو من الكوميديا الى الدراما
المؤثرة. ربما لأن الفيلم ينتصر لفكرة نهاية الأفكار الكبيرة التي كانت خلف
اندلاع
الثورات في العالم. "غران تورينو" فيلم قاتم جداً يجلب معه بعض الفكاهة،
لكنه يأخذ
معه من الاسى الكثير، وهو اسى من صنيع عالمنا المعاصر.
2 - "نبيّ" لجاك أوديار
هذا الفيلم
خطف قلوب الجميع وعقولهم. لم يحتج أوديار الى هذه الروعة كي يؤكد انه أحد
أسياد
السينما الفرنسية، على غرار كلوزو وملفيل. يتمحور العمل على شاب فرنسي من
أصل عربي
يدخل السجن، ويخرج منه بعد ست سنوات، قائداً سرياً لشبكة من
تجار المخدرات
والمخربين. بعد فيلمه البديع "من الخفقان قلبي توقف"، يعاين أوديار، بطريقة
مخبرية
دقيقة جداً، عملية دخول شاب اميّ لا سند عاطفياً له، في المنظومة العنفية.
فيلم
يخطف الأنفاس، عنيف، ولا يساوم، مصوّر على الطريقة الأميركية،
لكنه لا يتبع النمط
الكلاسيكي في معالجة شخصية تتربع على عرش الجريمة المنظمة.
2- "بين الجدران" للوران كانتيه (المرتبة الثانية
مناصفةً)
أمسى الشريط مسرحاً لأكثر من 24 شخصية كلهم تلامذة
احتفت بهم الشاشة طوال ساعتين، مذكّراً كل لبيب بأن أجيالاً برمتها من
المهاجرين
الوافدين الى فرنسا من بلدان أفريقية كانت عرضة للاقصاء
والتهميش حتى في بلد شرعة
حقوق الانسان. حكاياتهم الصغيرة والكبيرة، آمالهم، رؤيتهم للمستقبل، جعلت
الصف
الدراسي الذي يتوغل فيه المشاهد نوعاً من "ميكروكوزم" للمجتمع الفرنسي
التائه بين
الحداثة والتقليد. فتح "بين الجدران" باب النقاش واسعاً في فرنسا، واستعمل
في عدد
من المدارس ليكون مادة بحث. شريط في منتهى الأهمية.
3-"أڤاتار" لجيمس كاميرون
(ملف نقدي
عنه في صفحة السبت المقبل).
4- "عاشقان" لجيمس غراي
من خلال اربعة
أفلام صُنعت على مدار عقد ونصف عقد من الزمن، رسا غراي على نوعية منسية من
السينما
الروائية خلّدتها في اربعينات القرن الفائت وخمسيناته انامل كبار العاصمة
السينمائية الأميركية. انطلاقاً من سؤال كيف نعيش فرديتنا في
ظل تربية عائلية
ضاغطة؟، ينسج غراي عملاًً كبيراً يقتصد في الامكانات ليبلغ مرتبة عالية من
الخلق،
وتختتم فصوله الهزلية والحزينة في مشهد سينمائي يعبق بسحر السينيفيلية
النهمة التي
منها ولد غراي: الموجة الفرنسية الجديدة.
5- "المليونير المتشرد" لداني
بويل
يروي بويل غربة الجسد عن المكان والدهشة من الإنوجاد فيه.
يكفي أن ننظر كيف يحرك جمال عينيه عندما
يجلس في الستوديو أمام الجمهور في برنامج
"من سيربح المليون؟". ويكفي أن نتذكر ما سيعانيه جسده النحيف في مقر
الشرطة من ضرب
مبرح عنيف عندما يخرج من المساحة التي لا يحق له الخروج منها...
6- "الحالة الغريبة لبنجامين باتن" لديفيد
فينتشر
يصور فينتشر تأثير الزمن في أكثر من 80 سنة من التاريخ
الأميركي، متسلحاً بحكاية قوية ومؤثرة، فنبدأ بالجاز وأجواء العشرينات في
نيو
أورليانز وننتهي بتهديدات الرعد صحبة امرأة عجوز تنازع في أحد
مستشفيات المدينة
نفسها، في انتظار إعصار "كاترينا" الذي سيأتي ليمحو آخر أمجاد هذا التاريخ
المجيد
والحافل بالإنجازات الكبرى، بدءاً من الحرب العالمية الثانية وصولاً الى
صعود أول
رجل على سطح القمر وتفاصيل أخرى. لكن هذا التأثير للزمن الذي
يمضي فينتشر في رصده،
على مدار أكثر من ساعتين ونصف الساعة، نراه أولاً وأخيراً على الجسد، جسد
بنجامين
باتن، الذي يولد عجوزاً في الثمانين ويُكتب له أن يعيش بالمقلوب، أي أن
يستعيد
شبابه الى أن يصير طفلاً رضيعاً ومن ثم يموت. لا شيء يوازي
متعة مشاهدة هذا
الفيلم.
7- "أعداء الشعب" لمايكل مان
ليس من
حكاية عند مان تكتمل من دون ان يكون لها وجهان أو طرفان، الخارج على
القانون ومَن
يعمل على تطبيقه. يأخذنا الشريط من مطاردة الى أخرى، تنتهي فصولها المختلفة
أمام
صالة سينما. كنا نعلم أن عمل مان يتشكل من المكوث التأملي على
الخط الرفيع الفاصل
بين الخير والشرّ، وهنا حلقة مستجدة من صراع القط والفأر اللذين يتطلع
الواحد منهما
في عين الثاني، قبل أن تأخذهما جولة جديدة من المطاردة. فالاضداد عند مان
لا يكره
بعضهم بعضاً بل يتبادلون احاسيس الودّ الباطنية وغير المعلنة.
8- "المصارع" لدارن أرونوفسكي
بعد هذا
الفيلم لا يسعنا أن نأتي على ذكر ميكي رورك من دون أن نتذكر ايضاً راندي.
ليس لأن
الدور الذي يضطلع به هو الأهم في مساره الحافل بالصعود والهبوط، انما لأنه
جزء من
لعبة مرايا تميل اليها السينما لكن نادراً ما تُجسَّد على هذا
النحو. فما من شيء
أقرب من راندي، هذا المصارع المغلوب على أمره، والذي يصور الفيلم جولة
أخيرة له على
الحلبة، الا رورك الممثل المنبعث مجدداً من خيبات الحياة المتتالية. لكن،
لا أحد
يخرج رابحاً من الحلبة.
9- "طريق ثوري" لسام مانديس
مرةّ
رابعة تتطرق سينما مانديس للحلم الأميركي الذي يطارده أينما حلّ. بلغة
متولّهة
وملمّة، يصنع دراما ممعنة في الواقعية عن عجز الحياة، في أحايين معينة،
حيال عبث
المصير. الحياة وهمٌ بوهم وهباءٌ بهباء، وهذا ما يصر "طريق
ثوريّ" على تبيانه.
الثنائي ليوناردو دي كابريو وكايت وينسليت، وجهاً لوجه، بعد 12 عاماً على
انطلاقتهما العالمية المدوية في "تايتانيك"، لكن الآية تنقلب، فتموت هي
ويبقى هو.
10- "السفلة المجهولون" لكوانتن
تارانتينو
الشرّ المطلق الذي يجسده الفوهرر يكفي تارانتينو لحبك
رواية خيالية من حوله. الأهم من هذا كله، هو انتقام المخرج من التاريخ الذي
ينزلق
على قشرة موز مثيراً القهقهات العبثية. كتاب التاريخ الكبير
يتصفحه أميركي من
الطبقة الوسطى على سجيته ويتمنى لو يعيد كتابته. صاحب "جاكي براون" كعادته
مخلص
لتقنياته في الهزء. هو دائماً في حاجة الى شخصيات يخيّل اليها أن اللجوء
الى العنف
أفضل الحلول. لكن هذا اللجوء لا يزيدها إلاّ بلاهة وغباء في
عيون الآخرين.
هـ. ح.
(هذه القائمة تشمل الأفلام
التي عُرضت في الصالات التجارية اللبنانية من 25/12/2008 الى
31/12/2009)
أفلامنا الـ 20 المفضلة في المهرجانات الدولية
1 - "الانتصار"
لماركو بيلوكيو (الصورة).
2 - "عطش، هذا هو دمي" لبارك تشان ــ ووك.
3 - "فجأة، الفراغ" لغاسبار
نويه.
4 - "السيد لا أحد" لجاكو فان دورماييل.
5 - "عن ايلي" لأصغر
فرهادي.
6 - "حوض سمك" لأندريا أرنولد.
7 - "تيترو" لفرنسيس فورد
كوبولا.
8 - "الرقصة" لفريديريك وايزمان.
9 - "كيناتاي" لبريانت
مندوزا.
10 - "لا أحد يعرف شيئاً عن القطط الفارسية" لقبادي.
11 - "شرطة،
صفة" لكورنيليو بورومبيو.
12 - "نهر لندن" لرشيد بوشارب.
13 - "نوتوريوس"
لجورج تيلمان جونيور.
14 - "امتيازات فتاة شقراء" لمانويل دو أوليفيرا.
15 - "ميلك" لغاس فان سانت.
16 - "أهلاً" لفيليب ليوريه.
17 - "عقدة بادر ماينهوف"
لأولي ايدل.
18 - "مادة بيضاء" لكلير دوني.
19 - "تيتسيو" لشينيا
تسوكاموتو.
20 - "برونسون" لنيكولا ويندينغ رفن.
(•)
هذه
القائمة تشمل
الأفلام التي شاهدناها من 1/1/2009 الى 31/12/2009 في كل من مهرجان كليرمون
فيران
وبرلين وكانّ والبندقية وطنجة للفيلم المتوسطي القصير وكارلوفي
فاري ومراكش ومهرجان
بيروت السينمائي ودبي وأبو ظبي، كذلك في الصالات التجارية الأجنبية ونشاطات
سينمائية أخرى في بيروت.
في 2009 "أدب فكر فن ـــ سينما" التقت
•
جيم جارموش، مخرج أميركي.
•
طهار رحيم، ممثل فرنسي.
•
كشيشتوف زانوسي، مخرج
بولوني.
•
نور الدين الصايل، مدير مهرجان مغربي.
•
فريديريك وايزمان، مخرج
أميركي.
•
يسري نصرالله، مخرج مصري.
•
اندره كونتشالوفسكي، مخرج روسي.
•
برتران تافيرنييه، مخرج فرنسي.
•
جيسيكا هاوسنر، مخرجة نمسوية.
•
مرزاق
علواش، مخرج جزائري.
•
طارق طقية، مخرج جزائري.
•
كريستوفر لي، ممثل
بريطاني.
•
أنطونيو بانديراس، ممثل اسباني.
•
ايفا زاورالوفا، مديرة كارلوفي
فاري.
•
جيل جاكوب، رئيس مهرجان كانّ.
•
نيكولاس روغ، مخرج بريطاني.
•
لوران كانتيه، مخرج فرنسي.
•
ميشال يو، ممثلة ماليزية.
•
أمير نادري، مخرج
إيراني.
•
فيلموس زيغموند، مدير تصوير مجري.
أسوأ الأفلام (بلا ترتيب)
· "عدن
في الغرب" لكوستا
ـــ غافراس.
· Allen Anderen
لمارن ادي.
· "اضطهاد" لباتريس شيرو.
· "ملازم سيئ" لفيرنر هيرتزوغ.
· "الدواحة" لرجاء عماري.
· "شربل" لنبيل
لبس.
· "رجل وكلبه" لفرنسيس أوستير.
· "شولا كوهين" لفؤاد خوري.
· "سيلينا" لحاتم علي.
· "العالمي" لتوم تيكفر.
· "دكان شحاتة" لخالد يوسف.
راحلون
هاورد زيف، مخرج أميركي (1927)، ناتاشا
ريتشاردسون، ممثلة بريطانية (1963)، موريس جار، مؤلف موسيقى
فرنسي (1924)، ماريلين
تشامبرز، ممثلة بورنو أميركية (1952)، دوم دو لويس، ممثل أميركي (1933)،
ديفيد
كارادين، ممثل أميركي (1936)، فرح فاوست، ممثلة أميركية (1947)، كارل مالدن،
ممثل
أميركي (1912)، جون هيوز، مخرج أميركي (1950)، باتريك سوايزي،
ممثل أميركي (1952)،
بريتاني مورفي، ممثلة أميركية (1977)، مصطفى أبو علي، مخرج
فلسطيني (1940)، جورج
قاعي، مخرج لبناني (1930)، جاك كارديف، مدير تصوير أميركي (1914)، كلود
بيري، مخرج
فرنسي (1934).
النهار اللبنانية في
07/01/2010 |