هل تعرفون مخرجاً رومانياً اسمه كريستيان مونغيو؟ سؤال له أن يكون
مشروعاً في حال أنكم لم تسمعوا بفيلمه الشهير «أربعة أشهر ثلاثة أسابيع
ويومان»
،2007
والذي أخرجه من الظل إلى النور، لا بل إلى الأنوار الساطعة، بنيل الفيلم
سعفة «كان» الذهبية.
«أربعة أشهر ثلاثة أسابيع
ويومان» سيدفعنا إلى تتبع جديد مونغيو، ومن ثم العودة إليه،
كونه يستحق الاستعادة،
وليقول لنا جديده بأن المخرج الروماني لم يفرغ من المرحلة الشيوعية في
بلده، ولعله
لن يفارق فترة نيكيتا تشاوشيسكو خصوصاً في جديده «حكايا من العصر الذهبي»،
والذي لن
يكون جديداً بالنسبة إليه على صعيد الإخراج، طالما أنه كتب الفيلم فقط،
مقسماً إياه
إلى خمسة أقسام أخرج كلا منها مخرج روماني، متناولين بأسلوب ساخر قصة لها
أن تستعيد
فترة تشاوشيسكو، وتوثق لها عبر حكايا تختزل جانباً من جوانب
«العصر الذهبي» المسمى
الذي أطلق على فترة حكم الزعيم الروماني من قبله ربما، أو المحيطين به.
ولعل «حكايا
من العصر الذهبي» يمضي مباشرة نحو هدفه، بدءاً من العنوان وصولاً إلى ما
يسرده، ما يدعونا للعودة إلى «أربعة أشهر ثلاثة أسابيع ويومان»، حيث نظام
تشاوشيسكو
سيكون خلفية لكل ما نشاهده، سيكون الظل المهيمن الحاضر في
التفاصيل الصغيرة، في
طريقة التخاطب، في الشوارع والسيارات وحركة المارة والزمن المتوقف
والمتجمد، لا من
شدة البرد، بل من وطأة الأنظمة الشمولية التي تكون من أولويتها طبع كل شيء
بلون
وشكل وسلوك واحد.
على من يشاهد الفيلم أن يلحظ المساحة التي تتحرك فيها
الشخصيات، والإنصات إلى الأحاديث ومنطقها، وربما يحتاج اكتشافها إلى أن
يكون المرء
قد عاش في ظل نظام مماثل، الأمر الذي سيدفع إلى الإحساس
بالأثاث والديكور وصولاً
إلى فنجان القهوة وطريقة تقديم الطعام ونوعه، وليكون النظام الحاكم حاضراً
دون
إيراد حرف واحد بخصوصه، وفي هذا ما يشكل المساحة الحقيقية للفن أو السينما
تحديداً،
فما يعنينا هنا الإنسان وعيشه، وما يطاله ويتشكل بوصفه نمط
حياة لا يد له
فيه.
سيضعنا الفيلم مباشرة أمام قصته من دون أن يخبرنا في البداية عن حقيقة
القصة، سنمضي مع أوتيلا (أنا ماريا ماتينكا) وهي تفارق صديقتها وشريكتها في
السكن
الجامعي غابريلا (لورا فاسيلي)، لكن، بعد جولة في ذلك السكن لها أن تضيء
حياتهما،
ومسعى أوتيلا للحصول على سلع مهربة وهي تبحث عن سجائر «الكنت»،
وهناك من يجيبها
إنها لدى الطلبة العرب.
سجائر «الكنت» تلك ستبقى ترافق تنقلاتها، مرورها
بصديقها الذي يكون منتظراً لدوره في امتحان شفهي، ومن ثم ستمضي إلى فندق
تكون موظفة
الاستقبال غاية في الصلافة معها، وهي تقول لها ما من غرفة شاغرة في الفندق،
بينما
تقول أوتيلا لها إن صديقتها حجزت واحدة بواسطة الهاتف، ولتمضي إلى فندق آخر
وتحجز
غرفة هناك بطلوع الروح، مانحة الموظفة علبة «الكنت» كهدية على خدمتها.
كل ما
تقوم به أوتيلا هو في خدمة صديقتها غابريلا، بحيث تمضي لملاقاة رجل يفترض
بغابريلا
أن تقابله، وتستقل سيارته وتمضي معه، وهو ممتعض من أنها جاءت عوضاً عن
صديقتها.
الأمور تتضح رويداً، وعليكم أن تتذكروا عنوان الفيلم الذي له أن يشير إلى
عمر جنين،
سرعان ما سيجهض من رحم غابريلا.
ستدفع أوتيلا أثماناً باهظة مقابل حماقات
صديقتها الخرقاء، سيكون كل ما أخبرت به ذلك الرجل الذي تكون
مهمته متمثلة بالإجهاض
خاطئة، فترة حملها، وصولا إلى الفندق الذي يجب إجراء العملية فيه الذي لم
تتكبد
غابريلا عناء حجز غرفة بنفسها بدل الاتصال بالهاتف، ولتكون النتيجة كارثية
أمام
وحشية الرجل الذي يتكلم بدم بارد، ويقدم على ممارسة الجنس
معهما لاستكمال المبلغ
الذي عليه قبضه، ولكم أن تتخيلوا آثار ذلك في أوتيلا التي تمضي إلى حفلة
عيد ميلاد
أم صديقها، وتنصت إلى صخب المدعوين وهم يتبججون بمناصبهم ومكانتهم
الاجتماعية
المغايرة لنشأتهم البسيطة وغير ذلك من تفاصيل تطفو من خلال
الحوارات التي تسمعها
وهي ساهمة تفكر في صديقتها التي تركتها في غرفة الفندق وحيدة.
كل شيء في
الفيلم سيدفع أوتيلا إلى وحشة قاتلة، ستعود إلى الفندق وستأخذ الجنين الذي
تكون
غابريلا قد لفظته، فتضعه في حقيبتها وتمضي به في شوارع بوخارست الموحشة وهي
تبحث عن
مكان ترمي به، إلى أن تصعد بناية وترمي به من مكب النفايات.
ونحن كمشاهدين نلاحق ما
تقوم به أوتيلا كما لو أنها في كابوس طويل يطال كل ما نشاهده، ما من موسيقى
تصويرية، ما من مساحة للقطات «فنتازية»، إن الواقع وما يمليه من تقشف يطال
كل شيء،
إنها امرأة وحيدة محاصرة بتخلي صديقها عنها وإن كانت قد
افترضته من معطيات كثيرة،
ومعه حماقة صديقتها التي تحبها مع أنها حولتها إلى امرأة مغتصبة، وليندرج
كل ذلك
تحت المدينة التي تعيش فيها في أواخر ثمانينات القرن الماضي، كما لو أنها
امرأة على
عاتقها صليب الآخرين ومتورطة في كل ما يحيط بها دون أن تكون
متسببة في أي شيء.
«أغورا»
يعرض قريباً في دور العرض المحلية الفيلم الإسباني Agora «أغورا»
الذي يقدم دراما تاريخية، تجري أحداثها في الإسكندرية في القرن الرابع
الميلادي، وتحكي قصة عبد يعتنق المسيحية، في مسعى منه للتخلص
من نير العبودية، ويقع
في الوقت نفسه في غرام سيدته الفيلسوفة هيباتيا، وليمضي الفيلم المميز في
إضاءة
صراع أزلي ما بين الأفكار النيرة والرجعية، مع اندراج ذلك في خانة صراع
المثقفين
والعلماء مع السلطات السياسية والدينية. الفيلم من إخراج أليخاندر أمينابار،
وتمثيل
راشيل وايز وماكس مانغيلا.
«أبوظبي السينمائي» 14 أكتوبر
أعلن أمس مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي في أبوظبي،
والذي تنظمه هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، أن دورته الرابعة ستقام من 14
حتى 23
أكتوبر المقبل. ووجّه المهرجان دعوات إلى المخرجين لتقديم
أفلامهم الطويلة،
الروائية والوثائقية، إضافة إلى الأفلام القصيرة بأنواعها كافة، وتم تحديد
مواعيد
تقديم الأفلام من الأول من إبريل وحتى الأول من يوليو
.
وأوضح المدير العام
للمهرجان وعضو مجلس الإدارة، عيسى المزروعي، أن المهرجان يهدف إلى ترسيخ
مكانة
أبوظبي بوصفها مركزاً ثقافياً عالمياً، وإلى تعزيز نمو مجتمعها السينمائي
المحلي.
ويحتفي المهرجان بالسينما بأشكالها كافة، وذلك عن طريق إيجاد منتدى حيوي
يجمع رواة
الحكايات من الشرق الأوسط والعالم. واستضاف المهرجان في دورته الماضية 128
فيلماً
من 49 دولة.أبوظبي ــ الإمارات اليوم
جهود للتنسيق بين مهرجانات السينما
العربية
يأمل المشاركون في الاجتماع السنوي لمديري مهرجانات السينما
العربية التنسيق بين مواعيد المهرجانات السينمائيةفي القاهرة وقرطاج
وأبوظبي ودبي
والدوحة. ويخشى أن يؤدي غياب التنسيق بين العدد الكبير من
المهرجانات في المنطقة
العربية إلى تداخل وتنافس على عرض الأفلام نفسها. ووضع في القاهرة مشروع
اتفاق يهدف
لتوزيع مهرجانات السينما العربية على أشهر السنة، لإتاحة فرصة أفضل
للمشاركين
لتقديم أفضل ما لديهم.
ويصر مدير مهرجان دمشق السينمائي، رأفت شركس، على أن «تنظيم مهرجان في مدينة عريقة يمنحه أفضلية
تلقائياً على المهرجانات الأحدث».وقال
«جوائز
مهرجاني القاهرة ودمشق هي جوائز مالية ضئيلة لا تقارن بما يقدم في
المهرجانات التي تقام في أبوظبي أو دبي أو مراكش أو الدوحة حالياً. ولكن ما
يميز
مهرجاني دمشق والقاهرة هو التاريخ . فالناس تأتي لتحضر
المهرجان وترى الماضي في
هذين البلدين. وهذا لا يجعلنا نخاف على مهرجاني دمشق والقاهرة لأنهما
راسخان من
خلال التاريخ ومن خلال الموقع الثقافي والفني للمهرجانين». وينظم عدد من
دول الخليج
العربية حالياً مهرجانات سينمائية في أوقات متقاربة مع مهرجاني
القاهرة
ودمشق.
وقال معد برنامج مهرجان الشرق الأوسط السينمائي في أبوظبي، انتشال
التميمي، إن مهرجاني أبوظبي ودبي «يجتذبان المنتجين بجوائزهما المالية
الضخمة».
وأضاف «أعتقد أن ما جعل مهرجاني أبوظبي ودبي ومهرجانات الخليج الأخرى تحقق
هذه
النجاحات الكبيرة أنها وضعت أمامها هدفاً أساسياً هو استقطاب الأفلام
الحديثة.
وبالتالي عندما تستقطب الأفلام الحديثة تكون هناك تغطية إعلامية أكبر.
إضافة إلى أن
هذه المهرجانات تختلف بعض الشيء عن المهرجانات الأخرى في الوطن العربي في
أنها غير
حكومية، وبالتالي، لديها قدرة على استقطاب خبرات مختلفة من
العالم».
وستتركز على الأرجح اجتماعات مديري مهرجانات السينما في المستقبل على
توقيت
ومواعيد المهرجانات.
وقال الناقد السينمائي المغربي نور الدين كاشتي «ما
بين مهرجان دبي ومهرجان مراكش هناك نوع من التنافس، لأنهما في التاريخ
نفسه، ولكن،
ما دام المغرب بلداً منتجاً للأفلام ودول الخليج ليست منتجة
للأفلام، فالمغرب يظن
أن له مكانة أحسن من الدول الأخرى». دمشق ــ
رويترز
الإمارات اليوم في
05/01/2010
المخيّلة بديلاً عن البصر
«عناقات
متكسّرة».. أهلاً بكم فــي عالم ألمو دوفار
زياد عبدالله – دبي
نقول مرة أخرى
ونعرف أن في «مراراً» توصيف أفضل لما تقاربه أفلام الاسباني ألمو دوفار،
إنه في
المساحة التي صنعتها أفلامه وهي تقطف من ثمار الحب اليانعة على شجرة كبيرة،
لنا أن
نصفها هنا بأنها شجرة مأخوذة بتربة ممتزجة بالشهوات والرغبات، وكل ما يدفع
الإنسان
إلى الشعور دائماً بأنه يكتشف نفسه التي لا تنضب، مع قدرتها
الخارقة على وضعه أمام
اكتشافات جديدة.
ألمو دوفار في جديده «عناقات متكسرة» يبقى عالقاً في هذه
المساحة، لها كل الإغراء أن تبقيه فيها، لكن مع مقاربة ذكورية ربما هذه
المرة،
تلتقي مع أفلامه التي كانت ترى العالم بعيني امرأة في مسعى
لتأنيث كل شيء ومقاربته
من جهة المرأة دائماً.
ستكون كلمة «ذكورية» غير دقيقة في توصيف مقاربة
الفيلم لعالم المخرج، ولعلنا نستعملها هنا لسبب يكمن في كون
سرد الأحداث يمضي من
جهة كاتب أعمى اسمه هاري كين (لويس هومر)، اسم مكتسب غيّر فيه اسمه الحقيقي
قبل أن
يفقد بصره وقد كان ماشيو بلانكو.
إنه الآن يتحسس جسد أنثى ساعدته في اجتياز
شارع، يقول لها «صفي لي جسدك»، إنها حاسة المخيلة ما عليه
الاستعانة بها متى كان
بصره معطلاً، يعيش أيامه المتشابهة وهو يكتب بإملائه ما يفكر ويتخيل على
ديغو (تامر
نوفا)، وبرفقة ألوان ألمو دوفار، وذاك الأحمر الذي سرعان ما يطفو كخلفية
للأحداث.
لكن مهلاً هناك ماضٍ سينقضّ على هاري، وسيمضي الفيلم وهو يستعيده
ممتزجاً بالحاضر الذي يتضح تماماً وفق ذلك الماضي، سنعرف لمَ أصبح هاري
أعمى؟
وسيأتي ذلك الماضي ومعه لينا (بينلوبي كروز معشوقة ألمو دوفار
في رابع دور لها في
أفلامه)، وعندها سيتضح كل شيء، سيكون الحب والتباساته ومآزقه مقرر الحياة
ومسيّرها
وصولاً إلى ما يعيشه هاري في الحاضر.
إنه الكاتب والمخرج في الماضي، إنها
لينا من سيقع في غرامها وهو يمنحها بطولة فيلمه، لينا التي
تكون من أسرة فقيرة
ووالدها على حافة قبره مصاباً بالسرطان ولا تمتلك ثمن علاجه، وإلى جانب ذلك
يحضر
ربّ عملها ارنستو (خوسيه لويس غومز) الذي يساعدها في كل شيء، ولنعرف بأنها
أي لينا
كانت تعمل عاهرة مؤقتة متى كانت بحاجة لمال إضافي، ومع مساعدة
أرنستو لها ستمسي
زوجته ومعبودته، وسيتحول إلى مهوّس وممسوس بها، في عينيه ما يتوق دائما
إليها وعلى
حافة انهيار كامل إن هي ابتعدت عنه، وحين يدخل هاري على حياتهما تمسي
الغيرة قاتلة
ومهلكة ومدعاة للجنون، وفعل أي شيء بهدف إبقاء لينا إلى جانبه.
في حياة هاري
ما سنكتشفه أيضاً بعيداً عن لينا، فمديرة أعماله تكون عشيقته السابقة،
وديغو الذي
يملي عليه كتاباته هو ابنه منها.
حسناً يمكن القول بعد هذا الاستعراض السريع
لأحداث الفيلم، أهلا بكم في عالم السيد ألمو دوفار، فكل ما
تقدم سيكون مأهولاً
بالحواس، وتعطل حاسة البصر لدى هاري سيكون بسبب حادث سيارة يميت لينا
ويفقده بصره،
وعليه سيكون الفيلم تعقب لما تمليه الشهوة والحب، ولما هو رهان دائم لدى
صاحب
«كلّمها»
على الميلودراما التي إن نسجت جيداً فإنها ستكون ذات أثر بالغ، مع تحالف
المشاعر المتطرفة التي تقود ارنستو إلى استخدام كامل نفوذه في سبيل الحب
وضد الحب
في آن معاً كونه سيطارد هاري ولينا ولن يتوقف إلا بموت لينا،
لا بل إنه سيفعل
المستحيل لإعدام الفيلم الذي يكون هاري في صدد انجازه ويكون أرنستو منتجه،
والاستجابة دائماً ستكون للحواس التي تحتلها امرأة، بحيث ترسم المصائر وفق
رغبة
الحصول عليها واستبقائها مهما كلّف الثمن.
أرنستو سيضرب لينا ودافعه الحب،
هاري سيفقد بصره في سبيل الحب، ومديرة أعماله ستبقى إلى جانبه
وإن كانت مهجورة تحت
إمرة الحب أيضاً. الحب لعبة صاحب «كل شيء عن أمي»، وهو يضع أمامنا شخصيات
ذات حياة
منجزة، فإذا بماضيها يطفو ويصرخ بكل أنواع المآسي والتي ستكون دائماً
عاطفية
بامتياز، مزدحمة بمشاعر الحب لدرجة الإقدام على كل شيء بما في
ذلك
القتل.
نحن في «عناقات متكسرة» أمام رجل وحيد ومعه امرأة فارقت الحياة وأخرى
تبقى إلى جانبه رغم توقفه عن حبه، إنه قاموس ألمو دوفار الذي تخرج منه كل
تلك
النساء الوحيدات، العاشقات، المأخوذات تماما بانزياحات القدر،
وجنوحه تماماً إلى
تصعيد الدراما في حياتهن وهن على حافة الانهيار من شدة الوله. كل تلك
النساء مرة
أخرى: الأمهات، الزوجات، الجدات، العاملات، العاطلات عن العمل، الهائمات
على وجوههن
في بحث حثيث عن حياة أخرى لا تشبه ما هنّ فيه.
الإمارات اليوم في
04/01/2010 |