واخيرا ليو تولستوي العظيم سنراه يتحرك أمامنا بجسمه الذي يشبه الجبل
ولحيته التي تشبه الغمام ، وذلك في فيلم سينمائي للمخرج " مايكل هوفمان "
حمل عنوان " المحطة الأخيرة " من بطولة " كريستوفر بلامر " و " هيلين ميرين
" وهما الشخصيتان المحوريتان اللتان يجسد فيها بلامر شخصية تولستوي ،
وميرين بدور صوفيا ، اضافة الى " سكوت كوبر " و " جيم شيريدان " ، ويظهر
فيه تولستوي وقد بلغ الثمانين من العمر بينما صوفيا التي تصغره بعشرات
السنين بدت عجوزا وخط الشيب رأسها وامتلئ وجهها الجميل بآخاديد تقول عنها
انها بصمات تولستوي تركها رغما عنها .
هوفمان المخرج سلط الأضواء على صوفيا كونها الجزء الاعظم من قصة حياة هذا
العبقري ، فقد عاشت معه 48 سنة وانجبت له ثلاتة عشر طفلا ، وقد اعتمد
الفيلم في قصته على اليوميات التي احتفظ بها كل من تولستوي وصوفيا وعلى
رواياته خاصة " الحرب والسلام " ولكي نعيش اجواء الفيلم وكأننا في رحلة مع
تولستوي ندخل العام 1910 ونقترب من حديقة منزله الواسعة ونستمع لإحدى
المعزوفات الروسية المحببة اليه على فونغرافه الموجود في الحديقة ذاتها
والذي طغى على صوته هياج صوفيا واحتدامها معه كونه قد تخلى عن الكثير من
مبادئه ونزل مع الشغيلة يعمل معهم ويتنازل لهم حتى عن اسرة نومه .
هوفمان يجعلنا نعيش تلك الدوامة ويختار بتقنية عالية ذلك الزاع الفلسفي
الذي عاشه تولستوي بين الزهد والشهوانية ويقترب كثيرا من معتقداته الدينية
والتربوية التي تأثر بها غاندي ومارتن لوثر كنغ ، ومع ذلك فإن الفيلم يوحي
ضمنا بأن نكران الذات والتشبث بروحانية نبيلة هي أقل قوة ودليل للعيش وسط
مجتمعات لاتعرف الحب بقدر معرفتها للمادة ، ومع ان هوفمان قد حقق تعابير
جديدة في هذا الفيلم فهو يقول انه يختلف عن "حلم ليلة منتصف الصيف " المنتج
عام 1991 لأن الكثير من مشاهد " المحطة الأخيرة " قد لاتكون في شكلها
الأصلي لكنها حيوية ولاذعة ويبدو انها تأتي مباشرة من رواياته فهي اكثر
ثباتا وهدوءا .
في المحطة الأخيرة يسلط المخرج الأضواء على جزء من حياة الشاب تولستوي وكيف
انه قبل زواجه من صوفيا عرف طريق الزنى الذي مر عليه في يومياته ، الا انه
ينتقل الى مشهد آخر اكثر حساسية وهو مشهد صوفيا التي تريد من زوجها العودة
الى فراشه وهي اشارة ذكية لما تعانيه من حرمان بعد ان كان زوجها رجل
الشهوات فترتدي ملابس بيضاء مثل اي عروس وتترك شعرها ينام على كتفيها لكنها
فجأة تنقلب الى حيوان يعوي لأن زوجها لايلبي لها تلك العازمة الحسية فتصبح
مثل خرقة دمية في اتون عاصفة هوجاء ، هنا ينقلنا المخرج الى شيئ اشبه
بالجنون والغيرة لكننا كمشاهدين نحاول ان نعطيها بعض الحق فيما هي به من
حرمان .
بلامر الذي جسد تولستوي الثمانيني بذل جهدا واضحا وهو يبدو في سن الشيخوخة
خاصة في مشهد المفاضلة بين ان يختار زوجته أو أتباعه ، الا ان سيناريو
الفيلم يعطي في النهاية قوة الحب التي يشعر بها تولستوي تجاه الجميع وهو
منطق فلسفي عانت منه صوفيا كثيرا ، فالمرأة تريد ان يمنحها الحب كاملا وغير
منحاز ، لكنه بدأ بشكل مغاير حيث جعل من اندادها الفقراء والشغيلة منافسين
لها فعاشت كل هذه الثورة والهيجان حتى كانت النهاية المأساوية حيث نرى
تولستوي يبتعد بجسمه المتعب ناحية سكة الحديد التي له فيها دارة قديمة
متهالكة فيسقط امام نافذتها وهو يرنو بنظره صوب المزرعة الكبيرة التي شهدت
مجده واسقاطاته ، انه تعبير قد يقودنا الى الشفقة لكنه لاينتقص من عظمة
تولستوي .
هوامش
* ديفيد دينبي / ناقد سينمائي امريكي
* مجلة / نيويوركر الامريكية
أدب وفن في
03/01/2010
«The
Assassination of Richard Nixon»
فيلم مأخوذ عن حادثة حقيقية
إيهاب التركي
بعض أحداث الواقع تبدو أكثر دهشة وخيالاً من قصص وروايات الكتاب، فهل يمكن
أن يصدق أحد أنه ذات يوم من عام 1974 كاد الرئيس الأمريكي «ريتشارد نيكسون»
أن يفقد حياته بسبب قرار اقتصادي اتخذته حكومته وتضرر منه مواطن؟ حدث هذا
حينما أراد الأمريكي «صمويل بايك» تحقيق طموحه في العمل المستقل كرجل
أعمال، والانتقال من مهنته كمندوب مبيعات في مجال الأثاث إلي مرحلة يجني
فيها أموال أكثر، وقرر الحصول علي قرض حكومي لتمويل المشروعات الصغيرة،
ولكن تقرر فجأة حكومة الرئيس ريتشارد نيكسون تغيير بعض القرارات الاقتصادية
التجارية التي تؤدي في النهاية رفض الحكومة إقراض صمويل مما يتسبب له في
مشاكل مالية واجتماعية كبيرة، ويقرر صمويل الانتقام بالتخطيط لاغتيال
الرئيس الأمريكي، بدأت قصة فيلم «اغتيال ريتشارد نيكسون»
The
Assassination of Richard Nixon
بفكرة خيالية للمؤلف «كيفين كينيدي» والمخرج «نايلز موللر» ولكن مع البحث
وجدا حكاية تتطابق إلي حد كبير مع فكرة قصتهما واعتمدا عليها في كتابة حبكة
هذا الفيلم . كثير من الأفلام المأخوذة عن قصص حقيقية تدور حول أحداث
تاريخية حقيقية أو تتناول سيرة شخصيات من المشاهير، ولكن هناك عدداً من
الأفلام اعتمد في حبكته علي أحداث حقيقية وغير مشهورة بقدر كاف، وتلتقط
السينما هذه القصص التي لا يتمتع أصحابها بشهرة كبيرة ليجعلوا منها مادة
لأفلام جميلة وممتعة، ففيلم الأوسكار «عقل جميل»
A Beautiful Mind
علي سبيل المثال مأخوذ عن تفاصيل حقيقية لحياة عالم حصل علي الأوسكار وعاني
في حياته مشاكل عقلية تسببت في ايداعه في مصحة للعلاج النفسي، بل إن فيلم
«جيم كاري» الكوميدي الأخير «رجل يقول نعم»
Yes Man
مأخوذ عن أحداث حقيقية استلهمها كاتب سيناريو الفيلم من كتاب ألفه الكاتب
الساخر «داني والاس» عن تجربته التي استمرت لستة أشهر قضاها يرد بكلمة
«نعم» في أي موقف حتي لو كان الموقف يستدعي أن يقول «لا»، وفي الفيلم
الكوميدي «امسكني إن استطعت»
Catch Me If You Can
للمخرج «ستيفن سبيلبرج» نري تلك المطاردة بين الشرطي «توم هانكس» والنصاب
الطريف «ليوناردو كابريو» الذي جسد شخصية حقيقية لنصاب شاب هو «فرانك
أبيجيل» الذي استطاع في الستينيات قبل وصوله لسن 19 عاماً الحصول علي
ملايين الدولارات من النصب، وقد ادعي أنه طيار وطبيب وعمل في أماكن بهذه
الصفات دون أن يتم اكتشافه، وهذا الرجل يعمل حالياً مستشار أمني، أما في
الفيلم الدرامي «السعي إلي السعادة»
The Pursuit of Happyness
نري قصة غريبة لصعود مندوب مبيعات فقير إلي قمة النجاح والثراء، والفيلم
مأخوذ عن مذكرات رجل الأعمال الناجح «كريس جاردنر»، وفي فيلم «الاستبدال»
Changeling نري حكاية أكثر غرابة لأم يختطف ابنها الصغير وتنجح الشرطة بعد سنوات
في إعادته لأمه، لكن المشكلة الوحيدة التي تواجهها الأم أن الطفل الذي عاد
يشبه ابنها ولكنه ليس هو، لكن الشرطة تصر علي أنه ابنها رغم كل ما تقدمه من
أدلة، وتلك الحكاية التي قامت ببطولتها «أنجلينا جولي» وأخرجها «كلينت
ايستوود» مأخوذة عن أحداث حقيقية حدثت في العشرينيات من القرن الماضي، بعض
أهم أفلام المافيا التي أخرجها «مارتن سكورسيزي» مثل «كازينو»
Casino و«رفقة طيبة»
Goodfellas بعض خيوطها مأخوذة عن حكايات وأحداث حقيقية.
الدستور المصرية في
03/01/2010 |