لوحة إبداعية صادمة رسمتها كاميرا فنان له عالمه الخاص..
فنان يرفرف في فضاء السينما الواسع بلا خوف
أو حسابات..
يفتح الملفات الشائكة ويتحدث عن عورات المجتمع ويكشف المسكوت
عنه بجرأة وشجاعة لا تتوافر لدي الكثيرين.
مخرج يخوض مع كل شريط سينمائي معركة جديدة،
لكنه يخرج منها أقوي وأشد إصراراً
علي المواجهة والتصدي للذين يريدون أن يسلبوا حرية وإنسانية المجتمع،
ويفرضوا أفكارهم ومعتقداتهم،
ويجعلوننا نعيش أسري الخوف،
هؤلاء الذين سجنوا أحلامنا ومستقبلنا داخل جدران شاهقة من الحلال والحرام!
> > >
عندما تذهب لمشاهدة فيلم يحمل توقيع أسامة فوزي فلابد أن تقبل بقواعد
اللعبة السينمائية التي يتقنها ببراعة، وتقبل شطحاته واندفاعاته وتدرك أنك داخل عالم يتحدث لغة لا تعرف
الهمس ولا ترضي بالخنوع أو الهروب أو الاستسلام،
عالم استثنائي يرفض أن يتجمل أو يواري قبحه،
وإنما يفيض سحرا من نوع خاص، عالم ينتصر للحرية والإنسانية ويتخذ من الفانتازيا وسيلة للتمرد علي
التبوهات التي تغلغلت في مجتمعنا وسممت عقولنا،
ويستخدم من السخرية اللاذعة سلاحاً لهدم سجون الحرية وتحطيم الأفكار الرجعية.
في فيلمه الجديد الصادم »بالألوان الطبيعية«
يقدم أسامة فوزي شريطاً
سينمائياً أقرب للوحة تشكيلية بأسلوب فانتازي أشبه بفن الكاريكاتير، ويتخذ
الكاتب هاني فوزي من كلية الفنون الجميلة العالم الذي يطرح من خلاله قضايا
جيل من الشباب بأزماته وإحباطاته وطموحاته وجنوحه واندفاعته، جيل يعيش حالة
من الفراغ الراهن،
مسلوب الحرية وفاقد القدرة علي الاختيار،
جيل حائر تغرق أحلامه في عالم من المحرمات، وتحطمت طموحاته علي صخرة من الممنوعات فرضها
مجتمع يسير إلي الخلف ويتراجع إلي الوراء،
مجتمع تتخبطه الفتاوي وتتنازعه الهواجس والإحباطات،
ويعاني عقدة اسمها الحلال والحرام!
> > >
الحرية والفن والوجود وعلاقة الإنسان بالخالق، هذا هو الإطار الفكري الذي يناقشه الكاتب في ذلك
العمل السينمائي الشائك الذي يكشف تدهور التعليم الجامعي والخلل الذي أصاب
المؤسسة التعليمية، وتخلي الأساتذة عن دور المعلم الحقيقي وعن وظيفتهم المعرفية التي
تساهم في تحرير عقول الشباب وتوعيتهم بأهمية الممارسات الاجتماعية
والسياسية،
وذلك من خلال الشاب »يوسف«
الذي تدفعه موهبته ليصبح فنانا ويلتحق
بكلية الفنون الجميلة، لكن مخاوفه وهواجسه تطارده وتبدد رغباته وأحلامه،
وفي النهاية ينتصر لحريته وفنه وموهبته.
قد يكون فيلم »بالألوان الطبيعية« علي المستوي السينمائي ليس بجمال فيلم
الثنائي فوزي السابق »بحب السيما«، الذي سبق وأثار العديد من الأزمات، لكننا في النهاية أمام عمل يطرح العديد من
القضايا الفكرية والفلسفية والاجتماعية التي تستحق المناقشة في أكثر من عمل
سينمائي حتي لو اختلفنا علي أسلوب طرح تلك القضايا ورؤية صنّاعها،
إننا أمام عمل فني قد نقبله أو نرفضه لكنه لا يمكن أن يكون وثيقة إدانة
نحاكم بها صنّاعه. وأستعير هنا مقولة كاتبنا الكبير نجيب محفوظ: »العقل الواعي هو الذي يحترم الفكرة حتي لو
اختلف معها«.
وأتمني أن يكون
لدينا هذا العقل الواعي الذي يحترم الاختلاف.
> > >
قبل أن يلملم عام 2009 أوراقه ويرحل كان لابد من وقفة نراجع فيها حساباتنا
ونقيّم أعمالنا، وقد شعرت بسعادة غامرة وأنا أقلب أوراقي السينمائية لما تحقق هذا العام من نجاحات،
سواء علي مستوي التواجد القوي والمؤثر في المهرجانات الدولية والعربية أو
علي مستوي الجوائز التي حصدتها السينما هذا العام، صحيح أن عدد الأفلام المنتجة هذا العام انخفض إلي
40 فيلماً، لكن الصحيح أيضاً أن هناك خطوة علي المستوي الفني والتقني والفكري تحسب لصنّاع
السينما، وكذلك للدولة التي شعرت أخيراً
بمسئوليتها تجاه هذه الصناعة المهمة ومردودها الاقتصادي والثقافي والسياسي.
وأشيد هنا بدور وزارة الثقافة التي أولت اهتماماً كبيراً
بالسينما أسفر عن دخول مصر مسابقة أحد أهم المهرجانات الدولية في العالم
بفيلم »المسافر«، إلي جانب مشاركتها في إنتاج عدد من الأفلام المهمة هذا
العام.
وكذلك وزارة الإعلام التي قدمت من خلال جهاز السينما فيلم »واحد/
صفر«، هذا العمل الفني البديع الذي حصد 14
جائزة محلية وعربية ودولية، وأكدت مخرجته أننا أمام جيل جديد واعد من شباب السينمائيين قادر علي
النهوض بهذه الصناعة العريقة، وأن باستطاعته العودة بالسينما إلي سنوات
الازدهار والتألق.
> > >
وقد فتحت »أخبار النجوم« صفحاتها لكبار نقاد السينما ليشاركوننا في اختيار
أفضل الأعمال التي أنتجت هذا العام.. الاستفتاء الذي جاء منصفاً
لفيلم »واحد/
صفر« والذي حصد الأصوات كأحسن فيلم وأحسن سيناريو للكاتبة الصاعدة مريم
ناعوم، وأحسن إخراج للجميلة كاملة أبو ذكري، وأحسن مونتاج للمتألقة مني ربيع،
ومنافسة شرسة من أول مديرة تصوير »نانسي عبدالفتاح«
علي جائزة أحسن مدير تصوير،
في سابقة هي الأولي من نوعها ليكون أحسن فيلم لهذا
العام صناعة نسائية جداً.
كما حصل شريف منير علي أعلي الأصوات عن أدائه المتميز في فيلم »أولاد
العم« الذي أثبت به أنه بمرور السنوات يزداد نضجاً وتألقاً
وإبداعاً لتشاركه في هذا النضج والتوهج »مني زكي«
عن أدوارها المميزة التي أهدتها لنا علي مدار العام، سواء في فيلم »احكي يا
شهرزاد«
ومناقشتها لقضايا المرأة بإحساس عال جداً،
أو بدورها في »أولاد العم« الذي أبهرتنا فيه بالتمكن من أدواتها للتعبير عن
أحاسيس شديدة التعقيد، استحقت معه أن تحصل علي أعلي
الأصوات.
أما المبدع محمود عبد العزيز، فاستحق جائزة خاصة عن شخصية
»عبدالملك زرزور«
في فيلم »إبراهيم الأبيض«
الذي قدم فيه واحدا من أروع أدواره، رغم تحفظاتي الشديدة علي الفيلم نفسه،
والتي لم تستطع أن تسحب من رصيد أدائه وتألقه.
أخبار النجوم المصرية في
31/12/2009
بالآلوان الطبيعية القلبة حلال آم حرام ؟ !
طارق الشناوي
لم أفاجأ بحالة الرفض الاجتماعي التي أعلنت عن نفسها بكل جرأة ووضوح وتحدي
عبر »ألفيس بوك« ضد فيلم »بالألوان الطبيعية«..
حيث ان الرقابة الشعبية صارت أشد ضراوة من الرقابة الرسمية،
ودائماً ما تصطدم الأفلام السينمائية بتلك القوة التي تعلن عن نفسها كلما
أتيحت لها الفرصة، وبالطبع فإن العالم الافتراضي الذي خلقه »النت«
ساهم في التأكيد علي قوة وسطوة تلك المجموعات علي مقدرات الحياة في العالم
كله!
عدنا مرة أخري للمربع رقم واحد لنعيش تلك الحيرة وهي تلك الثلاثية بين ما
يريده الناس وما يريده الفنان وما تريده الدولة..
من الواضح أن الدولة لم تعترض علي أي مشاهد متعلقة
بفيلم »بالألوان الطبيعية«..
لي ملاحظات فنية علي الفيلم حتي في مشاهد القبلات التي جمعت بين أبطال
الفيلم في أكثر من مشهد والتي أثارت حفيظة واحتجاج البعض ولكنها مجرد
ملاحظات وليست تحفظات فهي لا تعني أبداً أنني أملك الحقيقة أو أن ما أراه
هو الصواب..
رأيت أن المخرج
»أسامة فوزي« أسرف دون دواعي درامية في مشاهد العري وكان من الممكن ليس
حذفها ولكن اختصارها فهي فنياً تؤدي نفس الغرض..
إن اللقطة السينمائية تقدم معلومات درامية بقدر ما يستشعره
المخرج فهو يتحكم في زمن اللقطة وحركة الممثل نعم شعرت بذلك ولكن في نفس
الوقت لم أتصور أن يتحول الخلاف الفني إلي قضية اجتماعية..
ولا أستبعد أن يصل الخلاف إلي عتبات مجلس الشعب المصري كما تعودنا دائماً
مع كل عمل فني يثير جدلاً علي الفور ينشط بعض أعضاء المجلس سواء كانوا من الإخوان المسلمين أو
حتي من الحزب الوطني والمستقلين هؤلاء تراهم توحدوا فجأة بحجة الدفاع عن
قيم المجتمع!
الفيلم يناقش قضية كلية الفنون الجميلة والتي تعرضت إلي هجوم بدأ خارجياً
من عدد من أفراد المجتمع ثم صار صراعاً داخلياً
حيث إن عدداً من أعضاء هيئة التدريس صاروا يحرمون رسم الموديل..
إن قرار حظر رسم الموديل العاري يعود إلي أكثر من
٠٣
عاماً
حيث صدر في عهد الرئيس »أنور السادات«
الذي استجاب لضغوط مارستها الجماعات
الدينية ولا يزال هذا القرار وحتي الآن ساري المفعول ويتم تطبيقه بدقة..
إن تشريح الجسد العاري هو أحد أصول الدراسات المهمة والرئيسية لفناني
الفنون الجميلة مثل تشريح الجثث لطلبة كلية الطب والتي يشاهدونها عارية،
والمفروض أنها لا تثير الغرائز وإلا خرجت من كونها حالة إبداعية فنية إلي »البورنو
جرافيك«
الأفلام الجنسية..
هذه حكاية أخري وقضية أخري وبالطبع فإن أحداث الفيلم تتخطي سور الكلية
لتناقش ما يجري في كل مجتمع؟!
الوسط الفني ليس بعيداً عما يجري بالطبع في المجتمع وعدد كبير من نجومنا
يحرصون علي تقديم رسالة للجمهور بين الحين والآخر تؤكد رفض القبلة
السينمائية التي أصبحت أحد أهم الشروط التي تضعها نجمات السينما الجدد
ويزايد عليها أيضاً نجوم شباك هذا الجيل..
من النادر أن تقبل نجمة أن يُقبِّلها نجم أمام الكاميرا، وفي العادة فإن
رفض النجمة أو النجم لهذه القُبلة لا يؤثر علي تواجد النجوم والنجمات عبر
الشاشة بل إن العكس في كثير من الأحيان هو الصحيح حيث يزداد طلب
السينمائيين علي تلك النجمة أو النجم!
أنا ضد أن يتحول العمل الفني إلي استثمار تجاري وإلي- »تلكيك«-
من أجل العري والقبلات والمايوهات،
ولكني في نفس الوقت ضد أن نطبق أحكاماً
أخلاقية مطلقة علي العمل الفني..
لقد أثارت القبلات في الماضي العديد من
المشكلات مع النجمات مثلاً أدت قُبلة
»عمر الشريف« لفاتن حمامة في فيلم »صراع في الوادي«
إلي طلاق »فاتن« من زوجها في تلك السنوات المخرج »عزالدين ذوالفقار«
ثم زواجها من »عمر الشريف«.. وكادت أن تؤدي قُبلة »ماجدة الصباحي«
لعمر الشريف في منتصف الخمسينيات في فيلم
»شاطئ الأسرار« إلي أزمة داخل عائلة »ماجدة الصباحي«
الصعيدية المحافظة،
وكاد مخرج الفيلم »عاطف سالم«
أن يتعرض للقتل علي يد شقيق
»ماجدة« ضابط الشرطة الذي اعتبر أن هذا تجاوز أخلاقي لا يمكن التسامح معه
لولا أن »عاطف سالم« اصطحب معه شقيق »ماجدة«
إلي
غرفة المونتاج الذي كان لايزال شاهراً مسدسه وتأكد ضابط الشرطة بعد العرض البطيء للشريط
السينمائي علي آلة (الموفيولا)
أنه لا توجد قٌُبلة بالمعني الحقيقي وأعاد المسدس إلي حيز الأمان وتم
السماح لماجدة بعد ذلك بقبلات سينمائية في أفلام أخري!
إن القبلات السينمائية لا ينبغي أن نحاكمها أخلاقياً ولا أن نضعها في إطار الحلال والحرام،
ولكننا نحاسب العمل الفني نفسه،
ولا يمكن حالياً
أن تنقذ القُبلات الساخنة ولا مشاهد الجنس الفاضحة فيلماً من السقوط إذا لم
يكن الفيلم قادر علي إنقاذ نفسه..
لقد أسقط الجمهور أفلاماً مليئة بالقُبلات بينما حققت أفلاماً
أخري أعلي إيرادات بلا أي قُبلة أو حتي مشروع قُبلة، ولم يكن السبب في
النجاح أو السقوط هي القُبلات سواء أبيحت أم حرمت ولكن العمل الفني نفسه هو
القادر علي تحقيق ذلك..
لا تسقطوا الأحكام الأخلاقية علي العمل
الفني..
اتركوا الجمهور يحكم بعيداً
عن مفهوم الحلال والحرام؟!
علينا ألا نصادر حق الجمهور..
نعم من يعترض فنياً
علي الفيلم له كل الحق أيضاً
إلا أن مقياس الحلال والحرام لا نتركه يسيطر علينا
ويصبح هو الترمومتر الذي نستند إليه..
هل ننسي أن المجتمع المصري قبل أكثر من
٠٧
عاماً
لم يعترض علي »أم كلثوم« وهي تردد في أغنية »فوازير«
القُبلة إن كانت للملهوف اللي علي ورد الخد
يطوف ياخدها بدال الواحدة ألوف ولا يسمع للناس ملام..
الآن أصبح الكل يستمع إلي ملام وكلام وهجوم الناس؟!
tarekeIshinnawi@yahoo.com
أخبار النجوم المصرية في
31/12/2009
بين الفانتازيا والرمزية : فيلم ساخر لواقع اكثر سخرية
بقلم:
فاطمة علي
صدمتني المشاهدة الأولي لفيلم »بالألوان الطبيعية«
فذهبت للمشاهدة الثانية بوجهة نظر أكثر تفهماً لفكرة المخرج الذي قادني إلي انشغال ذهني بما
طرحه لأكثر من جانب لقضية الفن..
أحلال هو أم حرام؟
وكان مخرج الفيلم أسامة فوزي قد بدأ إثارة هذه القضية بمنهج فانتازي في
فيلمه
»بحب السيما« بذلك الحب الجنوني الشغف للسينما من الطفل ذي الثمانية أعوام
إلا أن والده يعارضه بزعم أن السينما حرام..
هذا الطفل-
كرمز-
حدث له تواصل مع »بالألوان الطبيعية«
إن لم يكن هو نفسه البطل يوسف عاشق الرسم وعلي أبواب دخول كلية للفنون
الجميلة لتواجهه نفس الإشكالية القديمة الجديدة وتعارضه والدته بأن الرسم
حرام.. إذن السينما حرام..
وستستمر قائمة من المحرمات كدوامات ماء تجرفنا في قضايا تستهلك
وتعطل الإبداع.
وقد قدم المخرج بذكاء فيلمه الثاني داخل أسرة مسلمة تُحرِّم الفن بينما
فيلمه الأول داخل أسرة مسيحية أيضاً حرَّمت الرسم علي الأم والسينما علي الابن..
إذن فالإشكالية تشغل الجميع كتيار يجرف ثقافة مجتمع، وقد لخص الحياة كاملة
بين قطبين.
بطلا الفيلمين الطفل والشاب يخاطبان الله دائماً فقد بديا ضائعين ويسألان الله أن يجعل الفن
منقذهما الأخير من ذلك التشتت بين فكرة الحلال والحرام الذين بديا كمناطق
مطلقة أو كـ»تابوه«
يجب ألا يقربهما أحد للمناقشة.
لكن أسامة فوزي أعطي لنفسه حق المناقشة،
وبذكائه لم يلجأ للمناقشة الصارخة أو الكلاسيكية
ولا أريد أن أقول إنه لم يلجأ للمناقشة الجادة لأن الفيلمين بالفعل يقدمان
عدة رؤي لمناطق شديدة الجدية..
يجب أن تناقش صراحة لكنه لجأ إلي النقاش الساخر
الذي يدفع أكثر للتفكير منه للرفض أو الانسحاب،
وهذه الطريقة في مناقشة الإشكاليات التابوهية المعقدة تدفع لمزيد من الفكر
والنقاش في مناخ أكثر استرخاء دون عصبية.
»بالألوان الطبيعية«
فيلم كل أحداثه داخل جدران كلية للفنون الجميلة..
وهذا العالم هو عالم الطلبة والأساتذة وبينهما مادة الفن وقد قدمه في شكل
ساخر- رفضته في مشاهدتي الأولي-
ولكني مع الثانية وجدته مخرجاً
يقوم بتشريح هذا العالم بكل جدية لكن بأداء ساخر ومؤلم ومحزن علي ما وصلت
إليه جدلياتنا حول الفن حلال أم حرام؟ وهل رسم الموديل العاري أو من صورة
أو كتاب حلال أم حرام؟ وتحكيم الفن يخضع للقيمة أو المجاملة؟
هذا أكثر ما همني.. أما عن علاقة الطلاب والأساتذة،
والطلاب بعضهم البعض فأراها كأي علاقة في مجتمعنا
داخل أي مجال تحكمه المصلحة والمنفعة المباشرة،
وإن كان هذا داخل هيئة تعليمية فإن الشكل الذي قدم به يثير المواجع لما وصل
إليه الحال حتي ولو بشكل نسبي.
والفيلم يثير قضايا كثيرة مؤلمة أري محصلتها هو ما يتحمله الشباب بذلك
التشتت وهم في مقتبل العمر بين تابوهات وضعها لهم الكبار وتركوا الشباب في حيرة بين قطبين حادين ورؤي متشنجة،
وعلي الشاب أن يعتمد علي نفسه كما قال له معلموه حتي ولو قاده هذا للضياع!
بدأ الفيلم بدعاء: »وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين«..
الذي أعقب أداء الشاب يوسف لصلاته وبعدها قدم شكواه لله بأنه لا يريد أن
يصبح طبيباً كرغبة والدته وأنه يحب الرسم وطلب من الله أن يدخله كلية
الفنون.. وانتهي الفيلم وقد أنهي يوسف دراسته الجامعية في كلية للفنون ونال
حريته مثل النسر المحلق فوق رأسه وقد اعتلي نافورة وسط النيل وتوسط والدته
والفتاة الغانية والداعية الإسلامي والموديل الفاشل..
فهل قصد المخرج أن يجعله رغم نيل حريته
وتحقيقه للمعادلة الصعبة في حياته التي تضم هؤلاء الأربعة وما لهم من سلطات
عليه..
هل قصد أسامة فوزي أن يكونوا هم حصيلة سيطرتهم علي حياته الجامعية.. وأنه
رغم تحقيقه هذه المعادلة الصعبة إلا أن المشهد افتقد لحبيبته »إلهام« حبه
الحقيقي وأمل الغد.
يوسف طوال الفيلم يتمزق بين ما يريد وما يحدث حوله حتي بعد دخوله الكلية،
وطلب أستاذ الرسم خمسين اسكتشاً
عادياً
اختلي يوسف بنفسه مستنجداً بالله قائلاً: »أتعهد أمام الله عز وجل ألا أعود لهذه
المعصية«.
وهذه الحيرة الداخلية لازمته علي التوازي طوال الفيلم حيرة خارجية..
ففي حوار الطلبة وهيئة التدريس لرد الأساتذة حول شكواهم برسم العاري كانت
كلمات الأساتذة محبطة وتزيد من التشتت مثل قول: »بصراحة البلد مش عايزة فن ولا فنانين..
كل ما تتعلم كويس هاتتعذب..
احنا زفت لكن مش هنتغير«.
وهناك حيرة ثالثة من حميمية الحب بين يوسف وإلهام وما صاحب إلهام من تمزق
حتي تقوله له: »خايفة من عقاب ربنا..
وأقول لأ ده جنس وأحتقر نفسي«..
وبعد هذا الحوار »تتحجب«
ثم نراها »منتقبة«.. ثم تهرب من حبيبها وتنتقل من قسم الديكور إلي قسم
العمارة وفي تبريرها قالت ليوسف: »لا أستطيع أربي ولادي بفلوس حرام«..
ثم في بحثه
أخبار النجوم المصرية في
31/12/2009 |