مع الاقتراب من نصف قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما التي اختارها
النقاد ومعاهد السينما حول العالم بعيداً عن أرباحها الكبيرة التي لطالما
اعتقد البعض أنها السبب الرئيسي في جودتها، نجد أنفسنا أمام عظمة المخرج
البريطاني ألفريد هيتشكوك الذي عرف كيف يجمع بين عبقرية سيغموند فرويد (ماستر
علم النفس)، والسينما من خلال أفلام تركز على العقد النفسية الواقعة بين
حالات الحب والكراهية وبالتالي فتح من بعدها أبواباً واسعةً للفن السابع
لكي يمعن أكثر في قراءته للذات الإنسانية من خلال الأعمال التي يقدمها
للعالم.
في الأجزاء السابقة من القائمة، ظهرت أعمال هيتشكوك أكثر من مرة، وبقينا
ننتظر بلهفة متى سيظهر فيلمه الشهير «المريض النفسي» الذي هزّ به العالم
ودخل به إلى ذاكرة الفن الخالدة، وها هو ذا العمل يظهر في المرتبة الـ 41
في العد التصاعدي إلى المئة بعد 49 عاماً من خروجه للحياة بتمثيل من أنثوني
بيركنز وجانيت ليه وموسيقى بيرنارد هيرمان عن رواية لروبرت بلوك.. الفيلم
اشتهر بمشهد قتل جانيت ليه في الحمام الذي تكون من 50 لقطة مختلفة الزوايا
دمجت في 3 دقائق مع موسيقى جميلة بعنوان «المقتل»، والتي رفضها هيتشكوك في
البداية حتى رجاه هيرمان ليجربها مع المشهد، فأعجب بها ودخلت قائمة أفضل
المقاطع الموسيقية في تاريخ السينما. الفيلم أيضاً حقق سابقة في الولايات
المتحدة حيث ظهر صدر الممثلة في هذا المشهد، وهو ما رغبت الرقابة بحذفه إلا
أن المخرج رفض ذلك وبقي بهذا الشكل.. هذا وترشح العمل لأربع جوائز أوسكار
دون أن يحصد أياً منها، وهي الإخراج والممثلة الثانوية والتصوير والإخراج
التصويري.
ويظهر فيلم إيطالي آخر في القائمة بعنوان «شجرة عائلة فينزي كونتينس» العام
1970، والمأخوذ عن رواية لفيتوريو بينوشيلي بذات العنوان عن وصول الدكتاتور
الإيطالي موسوليني إلى الحكم وجرائمه الشنيعة، من بطولة لينو كبوليشو
ودومينك ساندا، ومن إخراج الإيطالي الشهير فيتوريو ديسيكا. الفيلم حصل على
جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي وترشح لجائزة أفضل نص، كما أنه يعتبر من
أهم الأعمال التي تتحدث عن الدكتاتورية وأهم أعمال ديسيكا على الإطلاق.
ويظهر أول نص أدبي رفيع في قائمة السينما من خلال قصة غراهام غرين
«السرداب» التي حولها المخرج الإنجليزي كارول ريد إلى فيلم بعنوان «المثال
الساقط»، تحدث عن طفل يرى في رجل يدعى باينز مثالاً له، لأنه يحدثه عن
مغامراته وحتى زواجه التعيس وحبه لامرأة أخرى. وترشح الفيلم لجائزة أفضل
فيلم وإخراج ونص، إلا أن ريد لم يحصد أياً منها إلا مع فيلمه الأشهر «أوليفر»
الذي حصد 6 جوائز أوسكار، ويعتبر من أهم أفلام السينما البريطانية وأضخم
الأعمال التي استوحيت من المسرحية الموسيقية الشهيرة لليونيل بارت.
ومن بين الأفلام الأسترالية، يجيء فيلم «جيمي بلاك سميث» الذي يحكي قصة
قاتل من سكان أستراليا الأصليين الذين عانوا من العنصرية ضدهم من قبل
البيض، وكان يعمل لدى عائلة من البيض قاموا بطرده لاحقاً ليقوم هو وصديقه
بقتل العائلة وآخرين في طريقهم، عدا طفل هرب من العائلة وهو من فضح
جريمتهما فتم إعدامهما خلال أيام. القصة مأخوذة عن رواية أسترالية شهيرة
للأسترالي توماس ماكلاين صاحب رواية «قائمة شاندلر» التي حولها ستيفين
سبيلبرغ لفيلم عن الهولوكست وحصد بها جوائز الأوسكار. ويستند الروائي في
روايته عن جيمي بلاك سميث إلى معلومات تاريخية عن هذه الشخصية التي حولها
المخرج فريد شيبيسي إلى فيلم العام 1978 ليحصد جائزتين من بين 9 ترشيحات في
مهرجان الأفلام الأسترالية، والجائزة الذهبية لمهرجان كان السينمائي.
في النهاية، نختتم هذا الجزء من القائمة بفيلم رومانسي كوميدي «his girl Friday» هاورد هاوكس المستوحاة من أحد أعمال برودواي الشهيرة والتي تتميز
بحوارات كوميدية لطيفة بين البطلين اللذين يعملان في مجال الصحافة، وتؤدي
حوارتهما بهما إلى الحب على الرغم من التنافر المسبق بينهما قبل ذلك.
الفيلم تحول إلى عمل مسرحي وإذاعي فيما بعد، ووضعه معهد السينما الأميركية
في المرتبة الـ 19 من قائمة أفضل مئة فيلم كوميدي.
أوان الكويتية في
22/12/2009
الرسوم المتحركة في القائمة
منى كريم
في الحلقة السابقة لاحظنا ظهور أفلام مميزة في تاريخ السينما، استطاعت أن
تكون بارعة من خلال التحايل على التكنولوجيا البسيطة التي حددت الإمكانيات
الفنية آنذاك، كما شهدنا أن الأفلام السابقة جاء أغلبها من الولايات
المتحدة، إلا أن أضخم الأفلام التي خلقت تيارات ومدارس سينمائية جاءت من
دول مثل إيطاليا وفرنسا واليابان والمملكة المتحدة. في هذه الحلقة نشاهد
فيلمين من العقد الرابع للقرن الماضي، وفيلم ياباني وآخر ألماني، بالإضافة
إلى ظهور أول فيلم رسوم متحركة في القائمة، والذي يمثل قفزة توسعية في
مخيلة الفن السابع ومساحاته.
وفي بداية هذه الحلقة، يظهر فيلم ياباني شهير خرج العام 1953 بعنوان «قصة
طوكيو» من إخراج ياسوجري أوزو يتحدث فيه عن قصة رجل وامرأة يزوران أبناءهما
في العاصمة اليابانية طوكيو، لتتحدث القصة عن انشغال الأبناء بحياتهم
الجديدة وعملهم عن أبويهم، بينما تهتم بهما أرملة ابنهم الذي مات في الحرب
قبل ثمانية أعوام، ليفهموا مع نهاية الفيلم أن المرأة التي لا ترتبط معهم
بصلة الدم اعتنت بهم أفضل من أبنائهم وأخذتهم في جولات حول المدينة. الفيلم
صُور بتقنية اشتهر بها المخرج، والتي تعتمد على ثبات الكاميرا طوال المشهد،
وترك مساحات للصمت والحوارات القصيرة، لتخرج القصة من هذه المساحات ولتبعث
رسالة عن جمال الحياة وانطلاقاتها المتجددة التي لم يكن الأبوان قادرين على
استيعابها.
وتظهر الأفلام الألمانية مرة أخرى في عودة للألفية الثانية، وذلك من خلال
فيلم «السقوط» الذي خرج قبل خمسة أعوام ليحكي آخر عشرة أيام عاشها
الدكتاتور الألماني أدولف هتلر من خلال مذكرات كتبها سيغفرايد كناب ليخرجها
أوليفر هرشبيغل. وأثار هذا العمل الكثير من التساؤلات والانتقادات، حيث يتم
التعامل مع شخصية هتلر بتمثيلها لأول مرة منذ 60 عاما، فمن المعتاد تقديم
هتلر بلقطات أرشيفية في جميع الأفلام لحساسية تقديم شخصيته بالنسبة
للجمهور. ودرس الممثل الرئيسي برونو غانز شخصية هتلر وأسلوبه في الحديث
ولكنته النمساوية لمدة أشهر، ليقدمها بشكل مذهل وحيادي، ويترشح الفيلم بذلك
لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي.
وتعود الأفلام النفسية في القائمة من خلال عمل «المرآة المظلمة» الذي أخرجه
روبرت سويدماك العام 1946، ويتحدث فيه عن قصة توأم إحداهن طيبة والأخرى
شريرة قامت بقتل طبيب، إلا أن الشرطة لا تستطيع أن تميز القاتلة بينهما،
لأن كل واحدة تعطي دليلاً على غياب الأخرى عن ساحة الجريمة، وبالتالي تتم
الاستعانة بطبيب نفسي يدرس التوائم ليحل القضية. وطلب سويدماك من الممثلين
قبل تقديم العمل أن يلتقوا بأطباء نفسيين لفترة معينة من أجل تقديم الفيلم
بشكل أفضل، وقد حصد العمل ترشيحاً لجائزة الأوسكار لأفضل نص، إلا أن هنالك
آراء متضاربة حول عناصره المختلفة، على الرغم من اتفاق الجميع على موهبة
وخبرة المخرج.
وفي المرتبة التاسعة والثلاثين نشهد وجود أول أفلام الرسوم المتحركة وهي «توي
ستوري» أو «قصة دمية»، والتي مثّل فيها توم هانكس وتيم آلن، ومن إخراج جون
لاستر، ليترشح العمل لثلاث جوائز أوسكار دون أن يفوز بها، وهي أفضل نص
وأفضل موسيقى وأفضل أغنية، ومن ثم خرج جزء ثان له، ويتم التحضير لجزء ثالث
سيصدر العام المقبل، وذلك لنجاح الجزأين الأول والثاني، واعتبارهما من أهم
أعمال الرسوم المتحركة على الإطلاق. ويتحدث الفيلم عن قصة متخيلة لألعاب
طفل يدعى آندي، حيث تحيا الألعاب بمجرد أن يخرج الطفل من غرفته وتبحث عن
طريقة لمعرفة الألعاب الجديدة التي سيحصل عليها بمناسبة عيد ميلاده، ومن
هنا يبدأ الصراع بين الدمى على صاحبها.
وأخيراً، يجيء فيلم «حياة وموت الكولونيل بلمب»، والذي يتحدث عن كولونيل
بريطاني في الحرب العالمية الثانية وقع أسيراً لدى القوات التركية، لتبدأ
رواية قصة الكولونيل منذ ما قبل الحرب العالمية الأولى وحتى ما بعد الحرب
العالمية الثانية. الفيلم من إنتاج وتمثيل وإخراج بريطاني، خرج العام 1943
وحصد آراء إيجابية، وكان من الأعمال الأولى المميزة في سينما الحرب.
أوان الكويتية في
08/12/2009 |