الدعوة للتسامح مع الماضي فعلها «نيلسون مانديلا» في جنوب
أفريقيا عندما طالب كل الأطراف السود والبيض بأن يتناسوا الماضي وهو ما
تكرر أيضاً
في لبنان بعد الحرب الطائفية إننا في النهاية نحن أمام دولة
واحدة إذا كانت جنوب
أفريقيا قسمها التمييز اللوني والعرقي فكلهم أبناء البلد نفسه لبنان فرقها
التقسيمة
الدينية وكلهم لبنانيون.. فهل يصلح التسامح كحل للصراع العربي الإسرائيلي،
هل
يتعانق الضحية والجلاد.. المخرجة الأمريكية ذات الأصول الفلسطينية «جوليا
باشا»
تقول نعم ممكن.. ضربت مثلاً بتجربة القرية الفلسطينية «بُدرس» التي لا يزيد
عدد
سكانها علي 1500 نسمة، قاومت هذه القرية الصغيرة بناء الجدار العازل علي
أرضها..
إسرائيل تبني جدارًا لحمايتها من الفلسطينيين الذين يتسللون إليها ليسوا
كلهم
بالطبع يريدون الانتقام من الإسرائيليين بعضهم ذهب للبحث عن فرصة عمل بل إن
الجدار
نفسه أقيم بأيدي عمال فلسطينيين يتوقون للحصول علي لقمة للعيش
وبأي وسيلة.. قرية «بُدرس»
لم تكتف الإدارة الإسرائيلية ببناء الجدار علي أرضها لكنها قررت أن تسرق
جزءًا من الأراضي الفلسطينية اغتصبت أشجار الزيتون التي صارت جذورها هي
جذورهم
استعانت إسرائيل بالجيش الذي تقود ضابطة تدعي «ياسمينة».. حجة
إسرائيل الدائمة أنه
لكي تنام إسرائيل قريرة العين لا يهم كم مائة أو ألف أو مليون تقتلهم من
الفلسطينيين.. كانت هذه هي حجتهم أيضاً في مذبحة «غزة».. المخرجة تتبني
وجهة نظر
اللاعنف والتظاهر السلمي وتؤكد أن الطرف الآخر سوف يستجيب
والحقيقة التي أغفلتها
المخرجة هي أننا نتعامل مع عدو تاريخي لا يرضي أبداً بما لديه وبما اغتصبه
بل يطمح
دائماً للمزيد.. نعم الحقيقة التي قدمتها المخرجة هي أن هناك بين
الإسرائيليين
عدداً محدوداً جداً يدعو للسلام وهؤلاء تظاهروا مع قرية
«بُدرس» ونالهم أيضاً من
عنف الجيش الإسرائيلي الكثير لكن المخرجة التي ترفع شعار اللاعنف لم تدرك
أنه عندما
رشق الفلسطينيون العربات المصفحة الإسرائيلية فقط بالحجارة ردت إسرائيل
بالقنابل
والرصاص أليس هذا عنفاً!. ماذا لو استسلم أهل القرية ولم يضعوا
أجسادهم مقابل
اغتصاب الأرض ماذا لو خضعوا للترويع الإسرائيلي هل كان الجيش سيتراجع
أيضاً؟. حرصت
المخرجة علي أن نري مساحة كبيرة لمشاركة بعض الإسرائليين في الدفاع عن
القرية لكي
نقول إن هناك في إسرائيل من يريد أيضاً السلام لكننا نعرف أن الإرادة
الجماعية
الإسرائيلية هي ضد الاعتراف بالهوية الفلسطينية وتريد
الاستيلاء علي كل شيء.. لقد
حصلوا علي 76% من أراضي فلسطين التاريخية ويطمعون في الـ 24% الباقية..
طوال أحداث
المهرجان ونحن نستمع إلي صوت الشاعر الفلسطيني الكبير «محمود درويش» وهو
يردد
بدفقات حنين إلي فلسطين «علي هذه الأرض ما يستحق الحياة»..
والحياة لن تعود
بالاستسلام!!
الدستور المصرية في
23/12/2009
من
فاتن إلي عمر
طارق
الشناوي
إنها بالتأكيد مصادفة أن يبدأ مهرجان «دبي» بتكريم «فاتن حمامة»
من خلال تلك الدقائق التي لم تزد علي أربع
التي وافقت علي أن تهديها للمهرجان في
سابقة استثنائية غير قابلة للاستثناء مرة أخري.. «فاتن» لا
تظهر في تجمعات أو
لقاءات وترفض حتي التصوير التليفزيوني في أي برنامج ولكنها لرغبتها في
توجيه تحية
لمهرجان «دبي» وأيضاً لثقتها الشديدة في مدير التصوير «د. رمسيس مرزوق»
وافقت علي
تلك الدقائق.. كانت المفاجأة هي أن يأتي «عمر الشريف» في نهاية
المهرجان لكي يحضر
عرض فيلمه الفرنسي «نسيت أن أقول لك»!!
وهكذا يظل الارتباط بين «فاتن حمامة»
و«عمر الشريف» ومن البديهي أن يسأل الصحفيون عن «فاتن حمامة» في المؤتمر
الصحفي
الذي حضره «عمر الشريف» وكان من الواضح أن «عمر الشريف» مهيأ لهذا السؤال
علي الفور
أغلق الباب تماماً وقال إن تاريخ «فاتن» يستحق بالتأكيد
التقدير والتكريم، لكنه لن
يتحدث عن «فاتن» لأنها حالياً متزوجة وأضاف أنه لا يوجد بينه وبين «فاتن»
إلا
التقدير والاحترام وقد يلتقيان في إطار الأسرة فبينهما ابن وأحفاد.. لا
أدري لماذا
صار هناك قدر من الحساسية في أحاديث «عمر» عن «فاتن».. ربما
كانت هذه رغبة «فاتن»،
و«عمر» لا يريد أن يضع زوجته السابقة وأم ابنه الوحيد في أي
حرج.. إلا أن ما بين «عمر»
و«فاتن» علي الشاشة يظل يشكل جزءاً حميمياً من ذاكرة الناس أتصور أنه ليس
من
حق أحد أن يعتبره وكأنه لم يكن ورغم ذلك فإن المهرجان في «دبي» من الممكن
أن تنظر
إليه علي هذا النحو غلاف يبدأ مع «فاتن حمامة» وينتهي بغلاف مع
«عمر الشريف» في
مهرجان يعرض حوالي 160 فيلماً روائياً والعديد من التظاهرات التي استمتعت
بها مثل
تظاهرة السينما الفرنسية والفلسطينية واللبنانية والهندية، ويحمل المهرجان
أيضاً
ندوات مهمة مثل الجسر الثقافي الذي يسعي لكي يحطم الجدار
النفسي بين الغرب والإسلام
والذي تفاقم بعد أحداث البرجين وبحضور الملكة «نور» كانت تكريمات عديدة
بينها «أميتاب باتشان» وعشنا حالة من البساطة علي
خشبة المسرح بلا صخب ولا ضجيج وكلمات
مكثفة لرئيس المهرجان «عبد الحميد جمعة» والمدير الفني «مسعود
أمر الله» ثم فيلمي
افتتاح وختام «تسعة» لروب مارشال المرشح حالياً للأوسكار فيلم «افاتار» ذي
الأبعاد
الثلاثة لجيمس كاميرون المرشح أيضاً للأوسكار ليصبح مواكباً للعرض العالمي
للفيلمين
أفلاماً ملفتة لا أريد أن أعقد مقارنة مع مهرجان «القاهرة»
بفيلمي افتتاح وختام
متوسطي القيمة «نيويورك» و«اميليا» فهذه قصة أخري لكن «دعونا ننظر لهذا
الغلاف الذي
يبدأ بالمخرج «روب مارشال» الحاصل علي الأوسكار عن فيلمه «شيكاغو» و«جيمس
كاميرون»
الحاصل قبله علي الأوسكار في «تيتانيك»..
إنه غلا ف جذاب ينافس الغلاف الأول الذي
جمع بين «فاتن حمامة» و«عمر الشريف»!!
الدستور المصرية في
21/12/2009 |