من داخل سجنها الكبير تواصل مدينة غزة المحاصرة احتضان المهرجانات
السينمائية ومصافحة التظاهرات الفنية ضمن فعاليات القدس عاصمة الثقافة
العربية لعام 2009.
وفي أحدث تظاهرة شهدها القطاع انطلقت مساء أمس الإثنين فعاليات مهرجان
القدس السينمائي الدولي الأول في رحاب جامعة فلسطين بغزة بالتعاون مع ملتقى
الفيلم الفلسطيني على مدار ثلاثة أيام، وبمشاركة 28 فيلما من إحدى عشرة
دولة عربية.
وبعد قصائد شعرية تحيي صمود القدس وتتحدث عن وجع الوطن، وبعد لقطات
تسجيلية قصيرة سلطت الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني، انطلقت فعاليات
المهرجان.
وفي كلمة له قال رئيس جامعة فلسطين الدكتور "سالم صباح" إن هذه
المناسبة تأتي تشجيعا للفن المبدع والمبدعين، وتكريما للفنانين الذين أثروا
فلسطين بأعمال خلاقة.
حاضرة الزمان والمكان
وشدد على أن جامعة فلسطين من خلال رعايتها وتنظيمها لهذا العرس تؤكد
تواصلها مع المجتمع وقضاياه، وأضاف: "القدس هي الزمان والمكان والوجدان،
والحاضر والماضي والمستقبل، ولذلك كانت مبادرة جامعة فلسطين بإقامة هذا
المهرجان لأنه يحمل اسم القدس".
ولفت إلى أن الفن الهادف الذي يلامس هموم الإنسان ويحاكي معاناة
الإنسان الفلسطيني هو الأقرب إلى عقول وقلوب الناس في شتى أنحاء العالم،
والفن هو لغة من لغات التواصل بين الأمم والشعوب.
أما رئيس المهرجان الدكتور حسين أبو شنب، فقد أكد في كلمته أن القدس
حاضرة الزمان والمكان والوجدان، فهي أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث
الحرمين، وبوصلة العارفين والمخلصين وضالة الساعين إلى حياة حرة كريمة.
وأوضح أبو شنب أن الإعلام هو السلطة الأولى اليوم بعد أن كان أمس
السلطة الرابعة، وأضاف: "فهو اليوم الدم الذي يسري في العروق، ونبض شرايين
الحياة.. والسينما عروس الإعلام وعنوانه الذي يسطع عبر الأزمان، وانتصب
شامخا في ميدان المنافسة والتحدي والازدهار".
وذكر أبو شنب العالم بأن فلسطين هي منتجة الوعي والبحث والفنون،
وعاصمة فلسطين الأبدية القدس هي ملتقى الفن الإذاعي والسينمائي والأدبي
والعلوم: "وكان اللقاء السنوي في القدس للإعلام العربي قبل أن يعرف العالم
مثل هذه اللقاءات.. وكان الفارس آنذاك مدير الإذاعة الفلسطينية (هنا القدس)
عام 1936، ويحضر اللقاء أدباء الوطن العربي والإذاعيون من كل إذاعات العرب
والناطقة بالعربية أيضا، وكانت القدس عروس الفن الإذاعي والإعلامي".
وبدوره أكد منسق عام المهرجان الناقد السينمائي "عز الدين شلح" أن
مهرجان القدس السينمائي الدولي الأول يهدف إلى مواجهة مهرجان القدس
السينمائي الإسرائيلي الذي أعلنت عنه الإسرائيلية ليا فان لير عام 1984،
والذي تحاول إسرائيل من خلاله قلب الحقائق أمام المجتمع الدولي في أن القدس
مدينة إسرائيلية.
الفن روح
وأضاف: "ويأتي مهرجان القدس السينمائي الدولي الفلسطيني لنظهر للمجتمع
الدولي، من خلال السينما التي أعطت الكثير للقضية الفلسطينية بأن القدس
فلسطينية عربية إسلامية، كما يهدف المهرجان إلى تشجيع السينمائيين
الفلسطينيين والعرب وكل المحبين للقضية الفلسطينية ليتناولوا في أفلامهم
القدس أو يتعرضوا في أفلامهم لأحد جوانب القضية الفلسطينية لتبقى حاضرة في
وجدان الشعوب".
ووصل للمهرجان أكثر من خمسين فيلما، اختارت لجان المشاهدة منها ثمانية
وعشرين فيلما بحضور إحدى عشرة دولة عربية (مصر، وسوريا، والجزائر، والمغرب،
وتونس، والعراق، والإمارات، والبحرين، والأردن، والسعودية، وفلسطين).
واختير فيلم "تذكرة إلى القدس" للمخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي ليكون
فيلم الافتتاح، وقال القائمون على المهرجان إنه وبالرغم من أن الفيلم من
إنتاج عام 2002 إلا أنه ما زال حاضرا بفكرته الرائعة وبموضوعه وبآليات
تنفيذه.
وذكر رئيس لجان التحكيم المخرج الفلسطيني سعود مهنا أنه تم اختيار
الكاتب والإعلامي الفلسطيني حسن الكاشف رئيسا للجنة تحكيم أفلام القدس،
والمخرج الأمريكي موريس جاكسون رئيسا للجنة تحكيم الأفلام الروائية،
والفنان التشكيلي فايز السرساوي رئيسا للجنة تحكيم الأفلام الوثائقية.
وهاتف المهرجان المخرج الفلسطيني "رشيد مشهراوي"، والذي قال "لقد سعدت
بالمهرجان لأن الفن هو غذاء الروح، والأماكن التي لا يوجد فيها فن لا توجد
فيها روح.. المهرجان خطوة لفك الحصار، وكنت أتمنى أن أكون معكم في غزة،
ولكني ممنوع من دخولها من قبل الاحتلال".
كما هاتف المهرجان المخرج الإماراتي "سعيد المري"، معربا عن افتخاره
بانطلاق المهرجان، وداعيا الدول العربية لدعم المهرجان.
وكان الفنان المصري أحمد ماهر قد أجرى أول أمس اتصالا هاتفيا باللجنة
التنسيقية للمهرجان اعتذر خلاله نيابة عن وفد الفنانين المصريين الذين تمت
دعوتهم سابقا ليشاركوا في افتتاح فعاليات المهرجان، معربا عن عميق أسفهم
وبالغ تأثرهم لعدم قدرتهم على المجيء للمشاركة في الدورة الأولى لمهرجان
القدس السينمائي الدولي الأول، وأنهم يتمنون للمهرجان كل التوفيق والنجاح.
إلا أنه لم يوضح أسباب الإعتذار والتي قد تذهب إلى حالة التوتر بين مصر
وغزة بسبب الجدار الفولاذي أو ربما كان اعتراضا على زيارة غزة المنقسمة!
أفلام روائية ووثائقية
واعتبرت الفنانة المصرية سلوى خطاب في اتصالها عبر الهاتف انطلاق
أعمال المهرجان بمثابة خطوة للأمام من أجل الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني،
وتمنت حضور المهرجان في دورته المقبلة.
ووجه الكاتب البحريني "فريد رمضان" تحياته للشعب الفلسطيني بمناسبة
انطلاق أعمال مهرجان القدس السينمائي الدولي، وشكر جامعة فلسطين وملتقى
الفيلم على جهودهم في جعل الحلم حقيقة وواقعا.
وتم تقسيم عرض الأفلام على ثلاثة قاعات, قاعة أفلام روائية وسيعرض
فيها فيلم "الخبز المر" للمخرج حسن دحاني من المغرب، وفيلم "بنت مريم"
للمخرج سعيد المري من الإمارات، وفيلم "وراء المرآة" للمخرج ناديا شرابي من
الجزائر.
أما قاعة الأفلام الوثائقية فيعرض فيها فيلم "بس أحلام" للمخرج أمل
رمسيس من مصر، وفيلم "لحظة حياة" للمخرج عز الدين سعيد من مصر، وفيلم "على
وين" للمخرج محمد أبو سيدو من فلسطين، وفيلم "إلى أبي" للمخرج عبد السلام
شحادة من فلسطين، وفيلم "جميلة" للمخرجة حكمت المصري من فلسطين.
قاعة أفلام القدس ويعرض فيها فيلم "غريبة في بيتي" للمخرجة ساهرة
درباس من فلسطين، وفيلم "القدس" للمخرج عز الدين سعيد من مصر.
وكانت غزة قد احتضنت في أوائل الشهر الجاري فعاليات مهرجان غزة الدولي
للأفلام التسجيلية بمشاركة محلية وعربية ودولية.
كما شهدت مؤخرا انطلاق الدورة الأولى لـ"أيام السينما الخليجية في
فلسطين"، والتي انتهت فعالياتها في السابع عشر من الشهر الجاري.
صحفية من مكتب الجيل للصحافة - غزة.
إسلام أنلاين في
22/12/2009 |