عندما بدأ الحديث عن تأثيرات الأزمة المالية العالمية علي السينما
المصرية مطلع العام الحالي وما ترتب علي ذلك من خروج الخليجيين من السوق
المصرية،
توقع الكثيرون أن يكون عام ٠١٠٢ بمثابة عام الأزمة التي ستهدر الكثير من
إنجازات المنتجين والنجوم في السنوات الأخيرة،
لكن جاءت إيرادات أفلام عيد الأضحي
لتفتح باب التساؤلات من جديد حول وجود بارقة أمل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وأن
خطط
شركات الإنتاج يمكن أن تتغير للافضل بعدما اتضح في الفترة الأخيرة قلة عدد
الأفلام المجهزة للتصوير والعرض خلال العام الجديد.
لتقريب الصورة بشكل
أوضح يمكن القول أن ثلاث عوامل أساسية جعلت الكل يتعامل بحذر وقلق مع العام
المقبل، فرغم أن عام
٨٠٠٢ شهد عرض ٨٤ فيلما وهو رقم غير مسبوق في السنوات
العشرين الأخيرة، مع تصوير العديد من الأفلام التي تم عرضها فعلا في
٩٠٠٢ لكن
جاءت الأزمة المالية من جهة وانفلونزا الخنازير من جهة أخري لتعطي صورة
سلبية لما
يمكن أن يكون عليه الوضع في العام المقبل،
بالإضافة لعامل خارج السيطرة وهو
اقتراب حلول شهر رمضان في منتصف شهور الصيف، وبالفعل لم
يشهد العام الجاري سوي
عرض ١٤ فيلما حتي الآن وليس من المتوقع طرح أي أفلام جديدة قبل بداية العام
المقبل، لكن أكثر ما كان
يثير قلق المتابعين للشارع السينمائي هو عدم الشروع في
تصوير أعمال جديدة حتي إن نجوم مثل
"عادل إمام" و"محمد سعد"
لم يعلنوا بعد
عن مشروعهم لعام
٠١٠٢
و"كريم عبدالعزيز" أدي تأجيل عرض فيلمه (ولاد العم)
إلي استبعاد دخوله بفيلم جديد قريبا، كذلك تعطل استكمال فيلم
(الديلر) أدي
لتأجيل تصوير فيلم (ابن القنصل) وكلاهما لأحمد السقا، بالإضافة لعدم استكمال
تصوير فيلم (الرجل الغامض بسلامته)
لهاني رمزي وفيلم (الوتر)
لغادة عادل
وغيرها من المشروعات التي
يجري العمل فيها ببطء شديد،
الأمر الذي
يعني تراجعا
في حضور النجوم علي الشاشة عكس المعدلات الطبيعية في السنوات الأخيرة، وزاد
من
حالة القلق عدم عرض أفلام مؤجلة منذ فترة سواء تابعة للشركة العربية أو
المجموعة
الفنية المتحدة وعددها حوالي
٠١ أفلام بعضها قد يجد فرصة في موسم منتصف العام
الدراسي علي أمل أن تستمر مقاومة الجمهور لانفلونزا الخنازير.
لكن جاء موسم عيد
الأضحي الذي حققت من خلاله خمسة أفلام إيرادات اقتربت من حاجز العشرين
مليون جنيه
في أسبوع واحد ليعطي بارقة أمل ويجعلنا نسأل العالمين ببواطن
الأمور عن رؤيتهم
لمستقبل الصناعة في العام المقبل.
-
التليفزيون
المصري
المنتج "محمد العدل"
أكد أن القاعدة الأصيلة تؤكد أن
الأفلام الجيدة والتي بها نجوم محبوبون ستجذب الجمهور في أي ظرف وأي موسم،
والدليل أن فيلمي (ولاد العم) و(أمير البحار)
حققا إيرادات كبيرة رغم أن
أفلام عيد الفطر الستة لم تحقق أي نجاح،
وقيل وقتها أن السبب انفلونزا الخنازير
وهو أمر غير حقيقي لأن السبب دائما هو ضعف مستوي الأفلام حيث زادت المخاوف
من
الانفلونزا في الأيام الأخيرة ومع ذلك زادت الإيرادات.
وهو ما حدث أيضا في
موسم الصيف فرغم الاختلاف علي المستوي الفني لفيلم (عمر وسلمي ٢) لكنه حقق
إيرادات تجاوزت حاجز الخمسة وعشرين مليون جنيه، رغم أن هناك نجوما كبارا كانوا في
نفس الموسم ولم يكرروا ارقامهم السابقة،
مشيرا إلي أن شباك التذاكر المصري أصبح
الأمل الوحيد حاليا لتعويض بعض خسائر خروج الممولين الخليجيين من السوق،
بشرط
التوفيق بين تكلفة الأفلام والإيرادات المتوقعة فهناك فيلم
يمكن أن يحقق ٠٢
مليون جنيه في الشباك ومع ذلك يظل خاسرا بسبب تكلفته العالية.
ويلفت "العدل"
الانتباه إلي ضرورة دخول التليفزيون المصري كمشارك في إنتاج السينما
المصرية ويأخذ مكان روتانا وtra
ويحصل علي حقوق العرض الحصري للأفلام ويبيعها بعد
ذلك للقنوات العربية وأن هذا هو الحل الأكيد للخروج من الأزمة وأن تظل
السينما
المصرية مستقلة عن أي ممول خارجي.
وحول فيلميه (تلك الأيام)
و(ولد
وبنت) قال إنه سيتم طرحهما في دور العرض فور انتهاء عمليات الطبع والتحميض
ولن
ينتظر موسما بعينه واثقا في انحياز الجمهور دائما للأفلام
الجيدة.
-
النجم والمضمون
من جانبه أكد "السيد
فتحي"
مدير غرفة صناعة السينما، أن وجود النجوم أصبح العامل الأساسي لنجاح الأفلام
وتحقيقها إيرادات مرتفعة ولو علي المدي الطويل، ففيلم (بوبوس)
علي سبيل
المثال حقق ٨١ مليون جنيه حتي الآن، وفيلم (إبراهيم الأبيض)
وصل إلي ٤١
مليونا وهو هنا يتحدث عن إيرادات جيدة بعيدا عن التكلفة التي
يختص بها
المنتج، مشيرا إلي أن فيلم (ولاد العم)
حقق في أسبوع واحد
٨ ملايين جنيه،
لكنه يربط بين النجم والمضمون كون بعض النجوم لم ينجحوا في تحقيق ايرادات ضخمة
خلال الفترة الأخيرة، وعن توقعاته للعام المقبل تمني "السيد فتحي"
أن تتجاوز
السينما أزمتها سريعا مشددا علي أن كل التوقعات ستظل مرتبطة بمرور شهري
الشتاء
بسلام وبعدها ستحدد شركات الإنتاج موقفها من باقي مواسم السنة
المقبلة.
-
هنيدي ومكي
من جانبها أكدت الفنانة
"إسعاد
يونس"
أن الصورة ليست قاتمة بالشكل الذي تم الترويج له خلال الفترة
المقبلة، لكن العام المقبل لن
يشهد بالطبع نفس كمية الأفلام والإيرادات التي
تحققت في عامي
٨٠٠٢
و٩٠٠٢
،
خصوصا وأن مونديال كأس العالم سيكون خلال الشهرين
السابقين علي شهر رمضان،
وتؤكد أن الشركة العربية التي تتولي إدارتها ستدخل العام
المقبل بعشرة أفلام علي أقل تقدير،
من بينها أفلام جديدة لمحمد هنيدي وأحمد مكي،
بالإضافة للأفلام الجاهزة للعرض مثل (رسائل بحر)
و(عصافير النيل)
و(بنتين من
مصر) و(أحاسيس) و(ولد وبنت) و(تلك الأيام) و(كلمني شكرا) بالإضافة
للأفلام التي تقوم الشركة بتوزيعها لبعض المنتجين، وتري "إسعاد
يونس" أن
الجمهور أصبح لديه الوعي الكافي للانحياز للفيلم الجيد، لأن الفيلم الردئ مهما
كانت الدعاية له لم
يعد يحقق النجاح كما كان يحدث في الفترة الماضية أحيانا،
وأن شباك التذاكر المصري سيكون له دور في دعم الصناعة لكن بشرط
أن تستمر الأفلام
ذات المستوي المرتفع، مشددة علي أنه لا يوجد منتج أو نجم
يريد تقديم فيلم دون
المستوي لكن حتي الآن لا يوجد فنان قادر علي ضمان نجاح فيلمه قبل أن
يقول
الجمهور كلمته.
-
الميزانية أولاً
أما المنتج
"محمد حسن رمزي"
فرفض الافراط في التفاؤل مؤكدا أن إيرادات العيد لا تعكس
انتعاشا يريد الجميع عودته للسوق السينمائية، كون الإيرادات كانت متوقعة لأن
موسم عيد الأضحي لازال موسما كبيراً وهو ما حدث مع فيلمي (الجزيرة)
و(رمضان
مبروك أبو العلمين حمودة) العامين الأخيرين، لكن في الوقت نفسه يجب النظر إلي
الميزانية ففيلم (أمير
البحار) حسب تأكيدات الشركة المنتجة له تكلف
٨١
مليون
جنيه، وفيلم (ولاد
العم) تكلف ٥٢ مليون جنيه، بالتالي الإيرادات الكبيرة
التي تحققت في أسبوع العيد لا تعني تحقيق أرباحا بالمعني الاقتصادي للكلمة،
كما
أن الإيرادات شهدت تراجعا مخيفا خلال الأيام التالية لانتهاء أسبوع العيد
بالتالي
لا يمكن التعامل مع ما حدث في هذا الموسم باعتباره مقدمة لعودة الملايين
لشباك
التذاكر المصري.
ويتفق "محمد رمزي"
مع الجميع في أن الأفلام الجيدة
قادرة علي تحقيق إيرادات كبيرة لكن تلك القاعدة لا تتكرر مع كل الأفلام لأن
هناك
عوامل خارجية تؤثر أحيانا علي الإيرادات مثل مباريات كرة القدم، ويعلق
آمالا
كبيرة علي أن يكون موسم منتصف العام الدراسي ناجحا ومثمرا العام المقبل
لأنه
سيشهد أفلاما مهمة،
ويطالب بأن تتحرك الأجهزة المعنية بجدية تجاه القراصنة الذين
نجحوا في تدمير صناعة السينما بشكل كبير في الأونة الأخيرة،
و عن وجود الفنان "محمد
سعد" مع المجموعة الفنية المتحدة يقول "رمزي"
أن الأمر لازال غير
مؤكد لكنه وارد بشكل كبير، بينما أشار إلي أن الفنان "عادل
إمام" انفصل فعلا
عن المجموعة كون فيلمه المقبل من إنتاج الفنانة "إسعاد
يونس".
روز اليوسف اليومية في
15/12/2009 |