خرجت من مشاهدة فيلم حدّ
سامع حاجة؟ الذي كتبه أحمد
عبدالله وأخرجه سامح عبدالعزيز ولدي
شعوران متناقضان،
الأول هو الإحباط
لأن التجربة لم تنضج علي نار هادئة ولم تكتمل، ولأن المضمون بدا مشوشًا أو ضعيفًا
في أحسن الفروض، ولأن المعني غاب عن هذا الاستعراض الشكلي،
وكان يمكن
-بقليل
من الاجتهاد والشغل علي الفكرة-
الخروج بنتيجة أفضل بكثير مما شاهدناه،
أما الشعور الثاني فهو البهجة لأن صناع الفيلم كانت لديهم الثقة لكي يقدموا
لجمهور
عيد الأضحي تجربة مختلفة عن السائد،
بل مختلفة عن كل ما قدمه أحمد عبدالله
وسامح عبدالعزيز معًا أو منفردين، وشاركهما المغامرة بطل الفيلم
رامز جلال
رغم أن حد سامع حاجة؟ هو -يدوب-
بطولته الثالثة بعد فيلمي أحلام الفتي
الطائش وشبه منحرف، بل إن الفيلم خرج من مصنع السُبكية الذين اشتهروا
باللعب
في المضمون، واشتهروا بالاحتفاظ بالخلطة المعروفة المسجلة
باسمهم، حيث الحدوتة
التقليدية والرقص والغناء والضحك وحسن حسني، ويبدو أن تجربة
كباريه ثم
الفرح قد شجعت السبكية علي البحث عن الجديد والمختلف.
فكرة الفيلم
ليست جديدة تماما، لأن حيلة تجسيد سيناريو أو رواية أثناء تخيلَّهما أو كتابتهما
قدمت من قبل علي المسرح وفي السينما، تتذكرون بالطبع مسرحية
فؤاد المهندس
المعروفة حواء الساعة 12 التي لا تزيد عن خيالات مؤلف فقد زوجته التي لم
يستطع الاستغناء عنها،
فتخيل أنها عادت إليه من السماء،
وفي سنوات الطفولة
شاهدت فيلما بعنوان باريس ذات يوم حار بطولة الراحلة الرائعة
أودري هيبورن
ووليم هولدن كان يحكي عن سيناريست يقوم بإملاء سيناريو علي سكرتيرته
الحسناء،
وكنا نشاهد أحداث السيناريو تدريجيا لينتهي الفيلم بزواج
السيناريست والسكرتيرة،
وفي الفيلم المميز يا مهلبية يا الذي كتبه
ماهر عواد وأخرجه شريف عرفة
كنا نشاهد فيلمًا متخيلاً داخل أطلال استديو مهجور،
بل إن الفيلم البريطاني
التكفير ليس في حقيقته سوي فصول الرواية التي كتبتها إحدي بطلاته تكفيرًا
عن ذنب
ارتكبته في مراهقتها، ولن نعرف ذلك سوي في آخر مشاهد الفيلم، حيث تظهر الفتاة
وقد أصبحت عجوزًا بأداء
فانيسا ريد جريف أثناء حوار تليفزيوني.
هذا التكنيك الذي يضع السيناريو داخل السيناريو والفيلم داخل الفيلم
ليس سهلاً ويحتاج درجة عالية من الخيال ومن تماسك السرد حتي لا تختلط
الأمور،
والخط الأساسي في
حد سامع حاجة؟، الذي لن يتضح إلا في المشاهد الأخيرة،
ليس إلاّ خيال مؤلف روائي عجوز محيي إسماعيل فقد ابنه فقرر أن يولف سيناريو
أو رواية يظهر فيه الابن في صورة كان يتمناها له، وهكذا فإن السرد بأكمله
سيكون من وجهة نظر الأب المؤلف،
وبدلاً من أن يكون ذلك واضحًا من المشهد الأول
فإن أحمد عبدالله كشف أوراقه تدريجيا، كلما تقدمنا نحو النهاية،
وصنع طوال
الفيلم حوارًا بين الروائي العجوز وبين شخصيات خياله خاصة بطله المحوري
سامي
عباس (رامز جلال).
تلك هي خطة السرد العامة الطموح للغاية التي
جعلت من الفيلم تجربة مختلفة علي الأقل عما رأيناه هذا الموسم، في البداية نسمع
صوت الراوي فقط يعلق علي الأحداث ويقدم الشخصيات، ثم يظهر بشكل عابر، ثم نجده
وقد ظهر بشكل عابر، ثم نراه وهو يكتب بعض الأحداث علي الورق،
ثم يقتحم علي
الشاشة عدة مشاهد يفترض أنها تدور في خياله، وأخيرًا يكشف عن شخصيته وعن هدفه من
هذه الخيالات، كل ذلك يبدو مغامرة حقيقية علي مستوي السرد
بمعايير السينما
المصرية، وفي رفض الشخصيات للمصائر التي تخيلها المؤلف ما يردد أصداء عمل
مسرحي
كبير ومهم هو رائعة الإيطالي بيرانديللو التي تحمل عنوان
ست شخصيات تبحث عن
مؤلف.
يواكب هذه المغامرة السردية التي تثير أحيانًا حيرة المتفرج
مغامرة بصرية وشكلية موازية حيث يستخدم المخرج امكانات الجرافيك والمونتاج
(عمرو
عاصم) بصورة جيدة في تقديم سياحة حرة وانتقالات سريعة في المكان والزمان،
وتتميز عناصر كثيرة كالموسيقي وديكورات
اسلام يوسف لاستكمال المغامرة التي
تتيح للمؤلف العجوز الحضور بالصوت فقط وبالصوت والصورة أو دخول العالم الذي
صنعه
بخياله بما في ذلك تثبت كل الشخوص، وكأنه قام بتجميدهم في ذهنه لإعادة صنع
مصائرهم من جديد،
بل: أن المؤلف هو الذي يعلن موعد الاستراحة وكأنه يكسر
الايهام نهائيا لدي جمهور الصالة.
كل ذلك جيد ومختلف ولكن -
وآه من
لكن هذه - ظل الأمر محصورًا في دائرة الشكل لدرجة أنك ستجد صعوبة بالغة في
فهم
مشكلة بطل الفيلم -
وبطل خيال المؤلف - الشاب سامي عباس، هل هي الوحدة أم
الكبت العاطفي والجنسي أم ضعف الشخصية بسبب سوء التربية؟
إن ما شاهدناه
لا يجعله مختلفًا عن شباب كثيرين عاديين، وبسبب تعليقات المؤلف الروائي التي
يسمعها سامي - ونسمعها معه - سيذهب إلي طبيب نفسي لكي يفسر له هذه الأصوات،
وقد أدي هذا التلاعب إلي اضطراب في المعني لأن الطبيب الذي يلعبه ماجد
الكدواني
هو أيضًا من بنات أفكار المؤلف الروائي، ومن ناحية أخري فقد تصرف الطبيب مثل
مستشار الشئون العاطفية وليس مثل الأطباء،
واختزلت المشكلة بأكملها في شاب يريد
أن يلفت انظار فتاة جميلة هي ريم (اللبنانية لامتيا فرنجية)،
ويتعرض
للمنافسة من غريمه الشرس جاسر (مراد مكرم)، وليس في الحكاية بأكملها أي
خيال، بل إنها تقليدية تمامًا ويمكن أن تشاهد أفضل منها بكثير في أي فيلم
من
أفلام الأبيض والأسود، ويعني كل ذلك أن أضعف ما في الفيلم هو خيال المؤلف
العجوز
الذي نشاهده مجسدًا أمامنا،
أي أن المؤلف الذي أسهب في تقديم شخصياته بصفات شكلية
لا تعني شيئًا بدا فقير الخيال وليس هذا هو الحال في تلك
النوعية من الأفلام،
يكفي أن تتذكر مثلاً الخيال الخصب والمحلق في
يا مهلبية يا .
وأوضح دليل علي عجز خيال المؤلف هذا المشهد المباشر للمؤلف مع زوجته
وفاء سالم التي تختفي من الصورة تعبيرا ربما عن عدم وجودها أيضًا إلا في
خياله،
لقد تحدثا عن تفاصيل وشرحا بشكل مباشر هدف الحكاية،
ثم إن الخيال كان يحتمل
مزيدًا من الضحكات والمفارقات أكثر مما شاهدنا،
وأحمد عبدالله من أفضل كتاب
المشاهد الكوميدية كما أثبت من قبل، ولأن المعني مشوش فإن الفيلم ينتهي بأغنية
جماعية تقول كلماتها
خليك في النص ح تعيشها تمام، وليس لذلك أي علاقة بحدوتة
عادية بسيطة لشاب يريد أن يتزوج فتاة،
وهي نفسها تتجاوب معه بأسرع مما نتخيل.
وهكذا لم يبق من المغامرة إلا اطارها الشكلي،
أما الشخصيات والأحداث
فهي ضعيفة وكارتونية، بل إنك لن تعرف معلومة واحدة هن ظروف تنشئة وتربية
سامي، وستمر شخصيات مثل الصديق وليد (ادوارد)
دون أن تشعر بها، ولن
تصدق أبدًا ما يفعله الفتي الشرير (جاسر)، ولن تفهم لماذا يلجأ الروائي
لاصطناع شخصية الطبيب النفسي د.علوي إذا كان المؤلف قادرًا علي الدخول
بنفسه
للأحداث للتقريب بين الحبيبين كما فعل في مشهد تقديم المشروبات
في الكافتيريا،
خسارة فعلا، أن تفلت الخيوط ويختلط الحابل بالنابل بهذه الصورة رغم تقديرنا
لمجهود أحمد عبدالله في صناعة سيناريو مختلف مع الأسف لن تتذكر
الكثير من أداء
رامز جلال رغم أنه ممثل جيد فعلا، ويستحق أدوارًا متنوعة،
ولن تتذكر سوي بعض
ملابس لاميتا فرنجية المكشوفة، وبعض افيهات
ماجد الكدواني الظريفة،
ورغم أن شخصية المؤلف لم ترسم بالوضوح الكافي،
إلا أن حضور محيي اسماعيل عوض
الكثير خاصة مع غرابة الشخصية وإغراقها في الخيال المفترض!
روز اليوسف اليومية في
13/12/2009
المخرج أحمد صالح:
أنا مصري حتي النخاع والتنازل عن الديلر علي جثتي
كتب
غادة طلعت
طالب أحمد صالح مخرج فيلم
الديلر القائمين علي صناعة السينما
في مصر بضرورة حمايته من تجاوزات الشركة المتحدة المنتجة لفيلمه بعد أن
أصدرت
بيانًا أعلنت فيه استبعاده من الفيلم بسبب جنسيته الجزائرية وذلك تضامنا مع
الجمهور
المصري الذي عاني من اعتداءات الجزائريين في السودان، أحمد صالح قال في تصريحات
خاصة أن الشركة استغلت المسألة لتحقيق أغراض شخصية من بينها
تشويه صورتي وكأنني عدو
يجب القضاء عليه وهذا الكلام ليس له أساس من الصحة لأنني لست جزائريا كما
يدعون بل
أنا مصري ولدت في مصر وأعيش فيها وأحمل بطاقة وباسبور مصريا ووالدتي مصرية
وتعلمت
في مدارس مصرية ولم أسافر الجزائر سوي مرتين علي الأكثر وأضاف:
خلافاتي مع الشركة
المنتجة بدأت قبل مباراة مصر والجزائر وكلها كانت لصالح الفيلم وليس لأنني
بلطجي
مثل باقي الجزائريين كما يدعون وقال صالح:
الخلافات بدأت عندما وجدت أن الشركة
المنتجة تريد مني أن أخدع الجمهور وأقوم باستكمال التصوير بشرم الشيخ وندعي
إنها
أوكرانيا وهو ما رفضته وأضاف الشركة لم تفتعل معي الخلافات
وحدي، بل معظم فريق
العمل، حيث لم تدفع باقي مستحقاتهم المادية ومن بينهم مدير التصوير أحمد
يوسف
والكوافير والماكيير شريف إمام وهذا بالاضافة لعدم دفع باقي
مستحقات الشركة المنفذة
للانتاج بأوكرانيا مما جعل الشركة تتحفظ علي باقي المتعلقات الشخصية لفريق
العمل
وحقائبنا بالاضافة لتحفظها علي 38
علبة خام تضم تصوير ستة أيام ورفضت إعادة هذه
العلب لحين قيام الشركة بدفع ما تبقي من مستحقات مادية هذا بالاضافة لرفضهم
تلبية
طلباتي فمثلا عندما أطلب كاميرا أجدها بدون عدسة وأمور من هذا
القبيل وهذا بالفعل
يجعلني أنفعل أحيانا لصالح العمل وليس من دواعي البلطجة كما يدعون ولكنني
اكتشفت
أنهم يبحثون عن واحد ينفذ أوامرهم وليس مخرجًا حقيقيا..
أما عن المبلغ
الذي
ساهم في تفاقم الخلافات فلا يتعدي 200
أو
300 ألف دولار ولن أحصل علي دولار
واحد منهم بل كله لصالح العمل ويجب أن يعلم الجميع أن الزيادة طلبتها
الشركة
المنفذة في أوكرانيا وهي من اختيارهم.
أما عن تصريحات صلاح رمزي
بتحفظه علي مستندات تثبت بلطجة أحمد صالح فقال:
أتمني أن يبرز هذه المستندات كما
أن صلاح لا يمكنني الرد عليه فهو لا يمتلك أي خبرة لأقول إنه منتج وكل
مؤهلاته انه
ابن منتج محمد حسن رمزي، ولكن كل مهامه أن يجلب الطعام والمتطلبات لفريق
العمل في
أوكرانيا..
كما أن عقدي كان مع الفنان سامي العدل ولكن
فوجئت إنه باع الفيلم
لمحمد حسن رمزي.
وعن نية الشركة استبداله قال لن يحدث ذلك وعلي جثتي
أن يتم إزالة اسمي من علي فيلمي وسوف أكمل تصويره حتي لو هموت.
أما
عن موقف الفنانين أحمد السقا وخالد النبوي بطلي الفيلم فقال السقا صديقي
جدًا
وتربينا معا وتعاملنا من قبل في فيلم حرب أطاليا وكان من انتاج نفس الشركة
والفنان خالد النبوي أكد لي إنه تعامل مع يوسف شاهين ومخرجين
عالميين ولكنه لم يظهر
بهذا التميز الذي وجده في فيلمي ولذلك أعلنا تمسكهما بي وعن فكرة إلغاء
المشروع
السينمائي الذي تنوي الشركة تنفيذه في الجزائر قال هذا مشروع وهمي
وبالمناسبة ليس
هناك سوق للفيلم المصري ولا
يحقق مبيعات هناك وكل هذا يصب في مصلحة إسرائيل التي
تتمني تشتيت العرب.
روز اليوسف اليومية في
13/12/2009 |