«تراجع الدراما العربية».. ملف شائك تم فتحه منذ سنوات سواء من قبل
وسائل الإعلام المرئية أم المسموعة، لكن إلى الآن لم يتم غلقه أو التوصل
فيه إلى حل، بعد أن اختلفت رؤى ومفاهيم صُناع الدراما حول أسباب تراجعها؛
ومع تزايد الجدل بشأن وضعيتها وتراجعها أمام الإنتاجين التركي والمكسيكي
على الشاشات العربية بعد اتساع الفضاء الخارجي.
وولادة قنوات تليفزيونية تبث إنتاجها كل يوم، أعادت «الحواس الخمس»
فتح الملف لإيجاد آلية للتوصل إلى حل، وتطرقت مع كتاب ومنتجين ومخرجين
التقت بعضهم على هامش مهرجان الإعلام العربي في دورته الأخيرة، لسبل بلوغ
الإنتاج الدرامي المشترك لتحقيق التميز للشاشات العربية لتقديم دراما جادة
ومختلفة. الكاتب والسيناريست أسامة أنور عكاشة رصد بداية أحد المتغيرات
التي طرأت على الدراما العربية خلال السنوات الأخيرة وهي، كما يقول: «تحول
الدراما إلى سلعة».. لافتًا أن هذا التحول أدى إلى سيادة قوانين السوق؛ ما
أدى إلى خروج المسألة من نطاق خدمة فنية يقدمها التلفزيون للمواطنين لدعمهم
وتثقيفهم إلى نطاق التجارة والربح السريع، ساعد على ذلك انسحاب الإعلام
كسلطة من الإنتاج.
وتركه للقطاع الخاص الذي يبحث عن الربح فقط، باستثناء قلة تحب الفن،
وحريصة على جودة المنتج وعدم تسويق مادة سيئة.عكاشة يدلل على رأيه بكم
الإنتاج الذي عرض في رمضان الماضي.. لافتاً أنه كان أكثر مما يمكن أن
يتحمله عقل، ما أصاب المشاهد بالتشويش، وبالتالي لم يحظ أي عمل بالتفاف
جماهيري حوله، إلى جانب أن هناك مسلسلات عرضت ولم يشاهدها أحد.. منافسة بلا
جدوى بدوره أكد إبراهيم أبو ذكري، رئيس اتحاد المنتجين العرب، أن البث
الأرضي كان قديمًا قليلاً إلى حد ما، وظهر نجوم ودراما جيدة في الأبيض
والأسود.
وعندما دخل التلفزيون الملون قلنا إن الدراما ستتطور، إلا أنه حدث
العكس، ومع بداية التلفزيون الملون استعنا بالأفلام السينمائية الملونة،
وبدأ الإذاعيون في التعاون معنا في تحويل البرامج الإذاعية لبرامج
تلفزيونية، ونجحنا في البداية في تطوير الدراما؛ وعندما بدأت الفضائيات
تصورنا أن تكون هناك منافسة درامية، وكانت فترة جيدة للإنتاج الدرامي
ومنافسة بين القطاع الخاص والعام.. أما الآن فبدأ مستوى الإعلام في النزول
بالكامل، وأصبحت كل قناة تتنافس في جذب المشاهد؛ وأنا أرى أن الدراما هي
التي تجري وراء الإعلان، وتسعى إلى الربح، كما أعتقد أنه ليس هناك تنافس
بين الدراما المصرية والسورية؛ لأنها صناعة وما حدث في مصر أننا أنتجنا 80
مسلسلاً دون النظر للجودة، وفي سوريا أنتجوا 53 مسلسلاً لم يبع منها سوى
عشرين، أما هذا العام فقد أنتجوا 23 مسلسلاً تم بيعها بالكامل، أما في مصر
فقد تم بيع 80 مسلسلاً، ولكن بطريقة مسلسل فوق مسلسل، لأن البث هو سبب أي
كارثة في الدراما، فعندما نبث الإنتاج الجيد فقط يمكننا أن نرى دراما جيدة،
ولكن الآن أي شيء يبث على القنوات.
شركات الإنتاج السبب..
أما راوية بياض رئيس قطاع الإنتاج بالتلفزيون المصري، فاتهمت شركات
الإنتاج الخاصة بالتسبب في رفع أسعار الإنتاج بسبب رفع أسعار النجوم، وليس
رفع أجر المؤلفين، مؤكدة أنه حتى لو تم رفع أجر المؤلفين لـ 2 مليون جنيه
سندفع لهم لأنهم أساس العمل الدرامي، وقالت: «نحن نعتمد على شقين لمعالجة
قضية الدراما، أولهما تثقيفي ولا يشترط وجود نجوم، وإنما ممثلون عاديون،
ويجب مساندة الدولة عن طريق تحديد موعد بث مميز، وأن نقف بجوار العمل،
وثانيهما ترفيهي ويكون فيه النجوم الكبار وعلاجه يكمن في الشراكة مع شركات
الإنتاج».
مواكبة المتغيرات
ودعا الخبير والناقد مصطفى الوشاحي إلى النهوض بالدراما وتحريرها من
مشكلاتها؛ لأنها الابنة الشرعية للسينما والامتداد الطبيعي والعصري للدراما
الإذاعية المصرية، وقد ولدت قوية وفي فمها ملعقة من ذهب على يد مؤلفين
ومخرجين وممثلين رواد.. مشيرًا إلى أن الدراما تصنع الولاء للفكرة وللقيمة
والتاريخ وللفرد وللأمة.
وهي في جوهرها برنامج فكري وجداني يستهدف إعادة تنظيم عقل ووجدان
المتلقي أو المشاهد، وقد لعبت الدراما التلفزيونية في مصر دوراً مهماً لرصد
ومواكبة المتغيرات السياسية والاجتماعية في المجتمع المصري منذ مطلع
الستينات، وحتى عصر «الريموت كنترول»، وهو ما يتطلب وجود مبدع موهوب لإبداع
دراما متميزة تسعى لتقديم أعمال درامية تحقق مشاهدة كثيفة.
إضافة مادية
واعتبر المنتجألامحمد فوزي أن الإنتاج المشترك مهم جدًا؛ لأنه يمثل
إضافة من الناحية المادية؛ فبدلا من أن أقدم مسلسلاً تكلفته 2 مليون جنيه
أستطيع أن أقدمه بتكلفة 4 ملايين، وأيضا بدلا من توزيعه في مصر والدول
العربية فقط أستطيع توزيعه في أماكن أخرى جديدة، والإنتاج المشترك الحقيقي
هو الذي يكون مشتركاً في الموضوع الذي يُلائم البلدين، ولا يكون مجرد مسلسل
يتم تصويره في مصر، موضحا أنه رفض المشاركة في إنتاج عدد من المسلسلات التي
تقدم بهذا الشكل.
فوزي أشار أن الإنتاج المشترك ينقسم إلى قسمين :إنتاج رسمي بين بلدين
فأكثر، وإنتاج غير رسمي بين المنتجين الخواص، وأشار إلى أن تلك الشراكة بين
القنوات الفضائية وشركات الإنتاج الدرامي سواء الخاص أم العام سوف تُدعم
صناعة الدراما المصرية وتنشطها، وعلى جانب آخرألا يستفيد المنتج من توفير
شاشة لعرض مسلسله بدلاً من أن يدخل في صراعات ومناقشات أثناء التسويق مع
القنوات التي تقوم بشراء المسلسلات، خاصة القنوات العربية التي لها عدد
محدد من المسلسلات العربية وليست المصرية.
عصر السماوات المفتوحة
إلى هنا أوضح الناقد الفني عصام زكريا أن الأزمة الحقيقية للدراما
التليفزيونية تتمثل في أنها أصبحت تعامل مثل السينما، وأصبح التسويق إلى
الدول العربية مرتبطاً بأسماء النجوم، وكذلك الإنتاج المشترك معهم يشترط
وجود نجوم معينين، ولهذا تراجع مستوى الدراما في الوقت الذي تقدمت فيه
الدراما السورية، قائلا: نحن نعيش في عصر السماوات المفتوحة.
وليس من حق أحد احتكار الدراما المصرية وحصرها في نجومها.. مؤكدًا أن
الدراما المصرية تتمتع بحضور قوي على خريطة الفضائيات العربية، ولا أحد
يستطيع أن ينكر عشق الجمهور العربي لهذه الدراما، لكن رغم الإنتاج الضخم
الذي يصل إلى 70 و80 مسلسلاً في السنة، فإن هناك بعض الأعمال التي لا تتمتع
بمستوى فني لائق.
ويشير إلى أن الأزمة التي تعاني منها الدراما - حاليا - سببها
الكُتَّاب الذين لا يلتفتون إلى قضايا المجتمع، ويفضلون ألاتفصيل الأدوار
للنجوم بشكل يجعل العمل الفني بلا هوية رغم توافر كثير من القضايا والمشاكل
التي يمكن تناولها، منوهًا بأن هذا الأمر أكثر وضوحًا في الدراما المصرية.
وحول إمكانية وجود إنتاج عربي مشترك، ألالفت إلى أن الظروف الإنتاجية هي
العائق الأساسي.
وأن تلك المشكلة تم بحثها طويلاً دون فائدة، حتى إن بعضهم اقترح أن
تتبناها الحكومات العربية؛ لكن هذا لم يتحقق؛ لأن الحكومات لا يشغلها هذا
الأمر على الإطلاق.. مؤكداً أن الإنتاج المشترك مسؤولية النقابات الفنية
القادرة على إتمام مثل هذه الأعمال، أما لو انتظرنا أن تتحرك الحكومات فلن
يتم إنتاج عمل واحد.. مشيرًا إلى أنه يتمنى أن تكون العلاقة بين الحكومات
العربية مثل العلاقة بين الفنانين العرب.
البيان الإماراتية في
12/12/2009
«فلسطين السينمائي الدولي الأول» في رحاب غزة
غزة - الحواس الخمس
الفن قادر على تحقيق رسالة وإيصال صوت إلى ابعد مكان يمكن ان يصله
إنسان، ووحده الفن قادر على هذا حين تتعثر الطرق الاخرى، وربما إيمانا بهذه
الرسالة رأى الأهل في الأرض المحتلة وفي فلسطين تحديدا ان يقاوموا الاحتلال
عبر الفن السابع من خلال إطلاق مهرجان القدس السينمائي الدولي الأول، وقد
جاءت الاستعدادات لتؤكد الأهمية التي يعقدها القائمون على الدورة الأولى
لهذا المهرجان .
ويبدو الهدف الأهم الذي أقيم من أجله مهرجان القدس السينمائي الدولي
هو إبقاء القدس رمزا من رموز السيادة الفلسطينية والإسلامية، وإنه يأتي في
إطار محاربة الفكر الصهيوني الذي أسس مهرجان القدس السينمائي الإسرائيلي
المزور الذي يسعى لترسيخ القدس عاصمة لإسرائيل. وبهذا تهدف التظاهرة الفنية
التي يسعى إليها مهرجان القدس السينمائي الدولي الأول من قلب غزة المحاصرة
إلى ترسيخ ولفت نظر المجتمع الدولي بأهمية القدس للشعب الفلسطيني كعاصمة
للدولة الفلسطينية من خلال التركيز على الأفلام التي تدور موضوعاتها حول
القدس والقضية الفلسطينية والقضايا الإنسانية لكل الشعوب العربية
والمسلمة..
ولعل جوهر هذا المهرجان هو تشجيع السينمائيين والمنتجين لإنتاج أفلام
تتناول أو تتعرض لإحدى القضايا الفلسطينية، وتسهم هذه التظاهرة الثقافية في
تبادل الخبرات وتوثيق العلاقات بين السينمائيين الفلسطينيين ونظرائهم من
شتى أنحاء العالم. وقد بدأت اللجنة المنظمة بالفعل بتوجيه الدعوات إلى عدد
من النجوم والفنانين والسينمائيين الفلسطينيين والعرب والأجانب لحضور
افتتاح فعاليات المهرجان التي ستبدأ بين 12- 23 سبتمبر المقبل.
وبالتالي يتوقع ان يكون المهرجان لقاء دعم لغزة، وعبر الكثير من
الفنانين العرب عن رغبتهم في الحضور عن طريق معبر رفح.وقد أكد د.حسين أبو
شنب، رئيس المهرجان أن مهرجان القدس السينمائي الدولي الأول سينطلق بكل قوة
في دورته الأولى، وأن المهرجان تعنونه قدس أقداسنا، عاصمتنا الأبدية
الحاضرة في قلب كل فلسطيني.
وأثناء الاجتماع الأخير لأعضاء اللجنة المنظمة للمهرجان أوضح الدكتور
سالم صباح، رئيس جامعة فلسطين أن جامعة فلسطين تعمل بكل دأب وجهد لتوفير كل
الوسائل والتسهيلات الضرورية لانجاح المهرجان بما يليق بمكانة القدس في
قلوبنا كفلسطينيين وعرب.
وقد أكد منسق عام المهرجان الناقد السينمائي عز الدين شلح أن فعاليات
المهرجان ستخرج بالشكل الذي يتناسب مع المعاناة الفلسطينية والصمود الوطني
الفلسطيني، وأن أفلام من مصر وسوريا والإمارات والجزائر ستكون حاضرة في هذه
الفعالية التي تضم مسابقة لأفلام القدس، مسابقة الأفلام الروائية، مسابقة
الأفلام الوثائقية، وتقدم جوائز الزيتونة الذهبية لأفضل فيلم عن القدس،
الزيتونة الذهبية لأفضل فيلم روائي، والزيتونة الذهبية لأفضل فيلم وثائقي.
البيان الإماراتية في
12/12/2009 |