مجرد التفكير فى صناعة فيلم تدور أحداثه بالكامل فى تل أبيب هو تحد
كبير بالنسبة لأى صانع سينما مصرى أو عربى.. نتيجة كل الظروف السياسية
والتاريخية المعروفة للجميع.. وحتى مع وجود معاهدة سلام أو دعاوى تطبيع أو
ترحيب الجانب الإسرائيلى.. صحيح أن النوايا الحسنة لا تصنع أفلاما جيدة،
وأن خوض التحدى ليس معناه أن الفيلم مكتمل فنياً.. إلا أن الإقدام على
تحقيق تجربة إيهامية بهذا الشكل الذى اقترب كثيراً من النضج هو نقطة تحسب
على كل الأحوال لصناع التجربة.
الفيلم يحمل مضموناً مباشراً عن العلاقة بين مصر أو العرب وإسرائيل
وبالتحديد الشخصية الإسرائيلية.. صحيح أن السيناريو لا يكتشف مناطق جديدة
فى هذه العلاقة.. لكنه فى الوقت نفسه لا يخلو من حالة درامية تخوض فى مناطق
طازجة حاولت أفلام مصرية سابقة مثل «فتاة من إسرائيل» أن تخوض فيها بشكل
أقل درامية وأكثر مباشرة.
فى صبيحة يوم شم النسيم تخرج العائلة المصرية الصغيرة المكونة من
أبوين وطفليهما إلى البحر فى بورسعيد، وبعد دقائق يتحول واقع هذه الأسرة
التقليدية السعيدة إلى كابوس مروع على الأم، حيث تكتشف أن زوجها رجل
مخابرات إسرائيلى اسمه «دانيال»، وليس عزت، وأنه خطفها هى وولديه منها
ليعود بهم إلى إسرائيل، وفى مصر تكتشف المخابرات المصرية هروب هذا العميل
بأسرته.. فترسل خلفه ضابط مخابرات إلى تل أبيب.
هناك يتنكر الضابط المصرى فى هيئة عامل فى الجدار العازل ثم موظف فى
صيدلية حتى يتمكن من تجنيد زوجة العميل الإسرائيلى.. ولكنه يكتشف أن
المسألة كلها لم تكن سوى محاولة من الضابط الإسرائيلى للإيقاع به وإحضاره
إلى تل أبيب حتى يتم القبض عليه.. وبعد عدة مشاهد أكشن هى أضعف ما فى
الفيلم دراميا ينتصر الضابط المصرى.. ويعود ومعه الزوجة المصرية وطفليها
إلى مصر.
أجاد السيناريو فى رسم الشخصيات بشكل واضح الأبعاد خاصة الزوجة التى
وقع عليها عبء درامى كبير لكونها الشخصية التى تتصارع بداخلها نوازع الدين
والموقف السياسى والاجتماعى من اليهود والإسرائيليين ضد عواطفها تجاه زوجها
ووالد طفليها..
وقد دعم ذلك تاريخ الشخصية الذى ورد فى الفيلم فهى يتيمة ذات مؤهل
متوسط وربة منزل تقليدية لديها كل الإخلاص والانتماء لزوجها ولأسرتها
الصغيرة..وطفلاها هما نقطة الضعف الرئيسية فى شخصيتها وفى موقفها أمام
زوجها.. سواء على مستوى الموافقة على البقاء فى تل أبيب خوفا من أن
تفقدهما.. أو على مستوى عدم رغبتها فى أن يصيب أباهما مكروه خوفاً على
صورتها و صورته أمام طفليهما عندما يكبران.
استوعبت منى زكى الشخصية جيداً وبدا ذلك فى نظرة الاندهاش وعدم
التصديق التى صبغت عينيها منذ اكتشفت الحقيقة.. وبدت ملامحها ولغتها
الجسدية كشخص يتحرك داخل كابوس ينتظر اليد التى توقظه منه.. كما استطاعت
التحكم فى انفعالاتها فيما يخص موقف الشخصية من الإضرار بزوجها ولم تسقط فى
كبوة المبالغة.. وعادة ما تكون الشخصية ذات الصراع الداخلى هى أخصب شخصيات
العمل..لأن شخصية الضابط المصرى أو الإسرائيلى شخصيتان ذات موقف واحد ومحدد
ولا سبيل لتطوره أو نموه.
يبدو الجهد البحثى المبذول فيما يخص الحياة والمجتمع الإسرائيليين من
ناحية والشخصية الإسرائيلية من ناحية أخرى.. فرغم المباشرة التى شابت
الكثير من مواقف الفيلم إلا أنه نجح فى رسم شخصيات يهودية إسرائيلية ذات
ملامح تقترب كثيرا من الواقع.. كما طعم النص باستغلال هذه التفاصيل مثل
اختيار يوم هروب الضابط الإسرائيلى فى شم النسيم وهو الموازى ليوم عيد
الفصح الذى يحتفل فيه اليهود بخروجهم من مصر..
كما اهتم بتعميق عملية إقناع الضابط الإسرائيلى لزوجته بأن تبقى معه
كزوجة فى تل أبيب من خلال مناقشات دينية- إسلامية- وسياسية واجتماعية تعكس
المكر الإسرائيلى فى التعامل مع الحقائق.. إلى جانب الحديث عن فكرة الأمر
الواقع التى نشأت عليها الدولة الصهيونية ونمت وامتدت.. فكل ما يحدث للزوجة
يصبح أمراً واقعاً لا سبيل لتغييره.. بل يجب التعايش معه تماماً مثل كل ما
يحدث للعرب من قبل الصهاينة.
أضعف مناطق السيناريو هى مسألة الطفلين فكلاهما يوسف وسارة (ونلاحظ
اختيار الأسماء) فى سن من الصعب عليهما تقبل ما يحدث سواء المعاملة العنيفة
من أبيهما تجاه أمهما.. أو انتقالهما إلى بلد آخر دون أن يكون هناك أى نوع
من الشكوى أو التعليق.. وكان الأوقع أن يكونا أصغر سنا بشكل يجعلهما غير
واعيين لما يحدث وفى الوقت نفسه يظل لهما التأثير المطلوب على نفسية
وقرارات الأم.
بدت أيضاً حكاية زوجة الضابط المصرى المقتولة على يد إسرائيليين شديدة
الميلودرامية وضد أفكار السيناريو نفسه.. فالمسألة الأمنية والحرب الخفية
بين الطرفين أكبر من أى ثأر شخصى.
عبر أغلب فصول الفيلم حقق شريف عرفة عملية إيهام بصرى شديدة الدقة
والإقناع فيما يخص التصويرين الخارجى والداخلى لشوارع وعمارات وأماكن تل
أبيب.. وهى عملية إيهام تحسب له على كل المستويات إلى جانب تقديمه لجمل
بصرية معبرة تخص القضية السياسية التى يطرحها.. مثل مشهد المزج ما بين
أنقاض المدن الفلسطينية المدمرة وأبراج تل أبيب الشاهقة.. كما أن توظيفه
لعناصر الديكور فى صياغة تكوينات جمالية ذات دلالة درامية كان ناضجا إلى حد
كبير.
وقد وظف عرفة فكرة الكادر غير الثابت– خاصة فى مشاهد التوتر والذروة-
بشكل جيد.. لكنه انقسم بصرياً على نفسه خلال الفصل الأخير وبالتحديد خلال
مشاهد الأكشن وضرب النار.. وانقلب الأمر إلى الصيغة التجارية نفسها لأفلام
العيد.. حيث مشاهد انفجارات سيارات ومدافع رشاشة ومسدسات.
وحتى لو كانت المسألة إنقاذ الضابط المصرى من الإسرائيليين.. فإن عرفة
تعامل على أنها كمين للمطاريد ضد قوات الشرطة لاستعادة زعيمهم.. لدرجة أن
الضابط المكلف بقيادة العملية عندما يصاب يقول للضابط المصرى المحرر(إمشى
أنت.. أنا الرجالة حيرجعونى)..
وكأن «الرجالة» سيعودون به إلى الجبل!.. لقد غاب المنطق الإيهامى الذى
التزمه الفيلم والذى يعلم صناعه أن تل أبيب مدينة محصنة أمنيا بالدرجة التى
يصعب خلالها تنفيذ عملية تبادل إطلاق النار بداخلها.. بل إن مسالة تحرير
الضابط كانت ستصبح أكثر نضجا لو أنها تمت مخابراتيا وليس بقوات الكوماندوز..
بل كانت ستتسق مع الجو الدرامى العام للفيلم والقائم على صراع الثعالب.
ريفيو
سيناريو: عمرو سمير عاطف
إخراج: شريف عرفة
بطولة: كريم عبدالعزيز- منى زكى- شريف منير
إنتاج: هشام عبد الخالق
مدة الفيلم: ١٢٠ ق
المصري اليوم في
03/12/2009
عمر خيرت: آلات الإيقاع كانت مناسبة جدًا لأكشن
الفيلم
كتب
محسن حسنى
فى وقت قياسى انتهى الموسيقار عمر خيرت من عمل الموسيقى التصويرية
لفيلم «ولاد العم»، حيث فاجأه المخرج شريف عرفة بطلبه سرعة إنجاز الموسيقى
التصويرية من أجل اللحاق بالعرض فى عيد الأضحى.
سبق لخيرت أن وضع الموسيقى التصويرية لأفلام من إخراج عرفة ومنها
«النوم فى العسل» و«الجزيرة» وهو ما يبرره بشعوره بالارتياح فى العمل معه،
لأنه مثقف موسيقيًا بدرجة لا تقل كثيرًا عن ثقافته السينمائية- على حد
قوله.
وعن تجربته فى «ولاد العم» قال خيرت: أكبر صعوبة واجهتنى فى تجربة «ولاد
العم» كانت ضيق الوقت، ورغم ذلك سجلت كل الموسيقى التصويرية فى وقت قياسى
لم يتجاوز ٢١ يومًا كانت عبارة عن تأليف وكتابة وتوزيع الموسيقى، ورغم
اتفاق المخرج معى على عمل الموسيقى التصويرية منذ الجلسات التحضيرية لتصوير
الفيلم إلا أننى انتظرت حتى تم الانتهاء من تصويره، لأننى لا أحب تأليف
الموسيقى إلا بعد انتهاء التصوير ومشاهدة الفيلم كاملاً لأن المشاهد
المصورة توحى بالموسيقى المناسبة لكل مشهد.
وأضاف: سافرنا إلى لندن خصيصًا من أجل موسيقى الفيلم التى سجلتها
أوركسترا لندن فى ستديو «أبى روود» وهى أوركسترا كاملة تستخدم كل الوتريات
وآلات النفخ الخشبية والنحاسية، وقد ركزت على آلات الإيقاع والتى كان لها
دور كبير وكانت ضرورية لمشاهد الأكشن والمطاردات .
وذكر خيرت أن طوال مدة عمله فى لندن كان هناك عمليات تنسيق مستمرة مع
المخرج شريف عرفة، وقال: المخرج هو فى النهاية مايسترو الفيلم وصاحب القرار
الأخير فى كل صغيرة وكبيرة، ومن حسن الحظ أن عرفة تحديدًا يتفهم عملى
كموسيقار بشكل جيد، وبالتالى وفر لى مساحة كافية لإبداء رأيى فى الموسيقى
المناسبة لكل مشهد.
أشار خيرت إلى أنه حرص طوال مدة عرض الفيلم على وضع جمل موسيقية تذكر
المشاهد دائمًا بالمورال الأساسى، وهذه الجمل موجودة حتى فى مشاهد الأكشن،
وإلى جانبها توجد جمل أخرى ليست ثابتة وتتغير بتغير كل حدث، وقال: هناك
مشاهد فضلنا أن تكون صامتة تمامًا دون موسيقى، وهذا كان أفضل لسببين، الأول
أن الصمت فى حد ذاته له دلالة ومبرر درامى، والسبب الثانى أن فواصل الصمت
تمنح قيمة عالية للجمل الموسيقية التى تسبقها والتى تليها.
وعن التوازن الذى يحافظ عليه بين صخب وهدوء الموسيقى وصخب وهدوء الحدث
قال خيرت: ضرورى جدًا أن يكون المشهد متسقًا مع موسيقاه، وهذا المزج ضرورى
جدًا، وإلا سيشعر المشاهد أن الموسيقى أكثر هدوءًا أو أكثر صخبًا من الحدث،
وهذا التوازن أشعر بأنه تحقق بالفعل حين أجد المشاهد مندمجًا مع الفيلم
ككيان واحد ولا تفصله الموسيقى عن الأحداث.
وقال خيرت: رغم ضيق الوقت والسفر لتسجيل الموسيقى فى لندن فإننى
انتهيت منها قبل ١٠ أيام من طرح الفيلم بالأسواق.
المصري اليوم في
03/12/2009
إيرادات «الأضحى» تعيد الروح إلى دور
العرض
كتب
أحمد الجزار
نجح موسم عيد الأضحى فى تحقيق أرقام قياسية على مستوى الإيرادات لم
تشهدها دور العرض منذ أكثر من عامين رغم تأكيد السينمائيين خلال الفترة
الماضية أن السينما تواجه انتكاسة بسبب الأزمة المالية التى ألقت بظلالها
على العالم كله، مرورًا بأنفلونزا الخنازير، ولكن ما حققته الأفلام خلال
هذا الموسم أطاحت بكل مبررات السينمائيين..
ليطرح السؤال نفسه: هل نجحت هذه الإيرادات فى أن تعيد السينما إلى
مرحلة الانتعاش مرة أخرى أم أن الموسم ليس هو المؤشر الحقيقى لمقياس
الانتعاش؟، وهو ما انقسم عليه بعض السينمائيين فهناك من أكد أن مستوى
الأفلام هو السبب الحقيقى لنكسة السينما، بينما يرى البعض أن الانتعاشة
التى حدثت مؤقتة وسريعًا ما ستنتهى.
المنتج والموزع محمد حسن رمزى أكد أن السينما تحتاج إلى وقت مناسب حتى
تسترد عافيتها، لأن المؤشرات التى ظهرت خلال هذا الموسم مرتبطة بالعيد، وهى
قريبة إلى حد بعيد بالإيرادات التى تحققت خلال عيد الأضحى الماضى، وقال: لا
أنكر أن معظم السينمائيين تخوفوا من هذا الموسم والقوة الشرائية به، بسبب
الأزمة المادية فى البيوت المصرية، ولكن الغريب أن معظم الأفلام نجحت فى
تحقيق إيرادات جيدة حتى الأفلام الأجنبية، حيث حققت ثلاثة أفلام أجنبية نصف
مليون جنيه خلال الأيام الثلاثة الأولى من العيد، وقد يرجع ذلك الى أهمية
هذه الأفلام، ولكن المقياس الحقيقى للانتعاش سيظهر مع بداية الأسبوع المقبل
بعد انتهاء أسبوع العيد.
فى حين رأى المنتج محمد العدل أن مستوى الأفلام الجيد كان السبب
الرئيسى وراء إقبال الجمهور على دور العرض، وقال: لم اقتنع بما ردده
الموزعون طوال الفترة الماضية بخصوص تأثير أنفلونزا الخنازير على إقبال
الجمهور على الأفلام، وكنت أرى أن ذلك مجرد «شماعة» و«حجج فارغة» يعلقون
عليها انخفاض الإيرادات، وهذا لا يعنى أن كل الأفلام جيدة، ولكن مجرد وجود
فيلم أو اثنين جيدين يستطيعان تحقيق رواج لكل أفلام الموسم.
أضاف العدل: الإيرادات التى حققتها الأفلام لم تحدث منذ فترة طويلة
لأن معظم الأفلام التى عرضت سواء فى موسم الصيف الماضى أو ما بعد ذلك لم
تكن جذابة بشكل كاف، كما أن الأزمة ليست فى القوة الشرائية على السينما،
ولكن هى أزمة أفلام جيدة.
ويؤكد المنتج والسيناريست ممدوح الليثى أن سبب ارتفاع الإيرادات هو
نوع من تمرد الجمهور على الكبت الذى عاشه طوال الفترة الماضية سواء بسبب
أنفلونزا الخنازير أو ما حدث من أصداء مباراة مصر مع الجزائر، وقال:
الجمهور قرر أن يخرج من كبته حتى لو أصبح شهيد الأنفلونزا.
أضاف الليثى: الانتعاشة التى تشهدها السينما الآن وقتية قد لا تتجاوز
شهرا واحدا، لأن هناك شهرين لا يفضلهما السينمائيون إطلاقا، وهما يناير
وفبراير ويطلق عليهما «يا نايم» و«فقراير» بسبب قلة إقبال الجمهور على دور
العرض، وهى مرحلة نكسة حقيقية لدور العرض، ولكن يبدأ الرواج مرة أخرى مع
شهرى مارس وأبريل، إلا أن صناع السينما يتمنون إصدار قرار بوقف الدراسة فى
المدارس والجامعات لمدة ثلاثة أشهر أخرى حتى يستمر الانتعاش لفترة أطول.
ويرى عبد الجليل حسن المستشار الإعلامى لإحدى شركات الإنتاج والتوزيع
السينمائى أن إيرادات العيد لا تخضع للحسابات التقليدية، ولا يمكن قياس
مؤشر الانتعاش بهذه الإيرادات، ولكن قد يكون تأجيل الدراسة لمدة عشرة أيام
قد ساهم فى ارتفاعها، بالإضافة إلى مستوى الأفلام التى كان معظمها متميزًا،
وشجع الجمهور على الإقبال عليها وقال عبد الجليل: إن الشركة لم تصدر قرارًا
نهائيًا حتى الآن بعرض أفلام جديدة فى موسم نصف العام، ومن المقرر أن يستمر
عرض أفلام عيد الأضحى إذا واصلت تحقيق إيرادات جيدة.
المصري اليوم في
03/12/2009 |