لا أستطيع أن أتحدث عن بوسي إلا وأتحدث عن نور الشريف..
فقد عاصرت بدايات حياتهما الفنية والعاطفية..
ولا تختلف كثيرا عن
»روميو
وجولييت« وإن اختلفت النهاية..
فقد عانا في حبهما لسنوات طويلة ذاقا فيها طعم
الهجر والحرمان.. تعرضت فيها بوسي لمحاولة انتحار فاشلة..
ووضع نور كل همه في
العمل بعد يأس..
فالرياح تأتي دائما بما لاتشتهي السفن..
وواجهت سفينة حبهما
الكثير من العواصف حتي وصلت إلي بر الأمان..
واستمر هذا الحب أكثر من
35
عاما.
كنت قد رأيتها وهي لاتزال مراهقة في سن الـ
15 في برنامج الأطفال
مع عبد المنعم إبراهيم »بندق ولوزة«
طفلة جميلة موهوبة.
وكان نور يمثل في أول
مسلسل تليفزيوني له »القاهرة والناس«
ورآها نور وتمني أن يتزوجها ويربيها علي
يديه.
لقد عاني »محمد جابر«
كثيرا في طفولته وحياة من اليتم والبؤس
والحرمان والشعور بالغربة..
أما بوسي فقد تحملت مسئولية العمل وهي لاتزال طفلة
ملتزمة بأعباء مادية.
وصعد جابر سلم النجاح بسرعة حتي أصبح نور الشريف..
وكبرت الطفلة المراهقة الصغيرة لتصبح من أهم نجمات السينما
والمسرح حين التقي
الاثنان بعد قصة حب طويلة ليصبحا شريكين في الحياة وفي العمل.
إنها كما قلت
قصة حب »روميو وجولييت العصر«
التي تختلف نهايتها نهاية أخري
غير متوقعة بعد
زواج أكثر من 35 عاما.. زواج يضرب به المثل.
وكانت صدمة لنا جميعا لمحبي
نور وبوسي..
وصدمة بالنسبة لي لأني عاصرتهما منذ بداية
حياتهما العاطفية والفنية
ونجاحهما وحتي الآن.
واسمحوا لي أن أفصح عن بدايتهما..
اشتهر نور في مسلسل
القاهرة والناس وأصبح الناس يسمونه »عادل«
وهو اسمه في المسلسل..
كان أداؤه
طبيعيا خاليا من الافتعال..
وكانت بوسي تمثل للأطفال دور
»لوزة« مع عبد
المنعم إبراهيم في برنامج »بندق ولوزة«
واختارها محمد فاضل لتمثل أمام نور دورا
في مسلسل »القاهرة والناس« ..
وكانت الحلقة التي مثلت فيها اسمها
»طعم
الحياة«.. تلاقي الاثنان أمام الكاميرا في مشهد عاطفي..
وبدأت العيون تتلاقي
والقلب ينبض بالحب حتي نسي الاثنان نفسيهما حين صاح المخرج »ستوب«.
وبعد
معاناة طويلة مع الأهل تزوجت بوسي بنور..
وكانت أول بطولة مطلقة لها
في السينما
مع نور في فيلم »آلو.. أنا القطة«.. وسميت بوسي »قطة السينما المصرية«..
كان ذلك في عام 1975 ..
والفيلم من نوعية أفلام الفانتازيا..
وذلك حين
يستولي العم علي ثروة ابن أخيه مشمش »نور الشريف«
وجلس يحكي شكواه وهمومه
لقطته »بوسي« لمروره بضائقة مادية..
وفجأة تتحول القطة إلي عالم الإنس..
وتصبح »بوسي«
إنسانة اسمها أيضا »بوسي«..
تحاول استرداد أموال
»نور«
فيفتتحا ملها ليليا أمام ملهي عمه يجذب الرواد من المحلات الأخري ليسترد
أمواله في
الوقت الذي ينوي فيه العم حرق الملهي..
فيقوم »مشمش« بالتنازل عنه لعمه..
وتعود بوسي لحياتها الأولي قطة.
إن بوسي عمرها الفني يقترب من عمرها
الحقيقي..
مثلت خلاله
80 فيلما.. رحلة طويلة مع الفن في التليفزيون والمسرح
والسينما.. شاركت نور في الكثير من الأفلام أهمها في رأيي فيلم »حبيبي
دائما«.. وهو المأخوذ عن الفيلم الأمريكي
Love Story
وهي أيضا نفس قصة
عبدالعليم حافظ بالفتاة التي أحبها وأعد للزواج بها لكن القدر لم يحقق ذلك
وماتت
متأثرة بسرطان المخ..
هذه الدراما الرومانسية حققت أكبر قدر من النجاح الفني
والجماهيري. ولاننسي أدوارها مع نور الشريف في »آخر الرجال المحترمين«
و»قطة
علي نار« و»السكرية« و»زمن حاتم زهران«
و»كروانة«..
أما آخر فيلم لهما فهو »العاشقان«
وهو أيضا من الأفلام الرومانسية.
لكن قصة حبهما كانت أقوي من أي
فيلم رومانسي قدماه معا.
هذا الحب الطويل العنيف القوي الذي وقف أمام كل
الرياح التي حاولت أن تدمره لكنه عاش واستمر لأنه صادق وأصيل
وأقوي من كل العقبات
ومن كل الأحقاد.
ولاتنسي بوسي أن نور كان معلمها..
ساعدها كثيرا في تطوير
أدائها التمثيلي..
وكان لذلك آثاره في أفلامها التي انعكست علي طريقة أدائها التي
تطورت تطورا واضحا ورغبة متجددة في تقديم الجديد.
أما بوسي فقد أضافت له حياة
الاستقرار المادي والنفسي والعاطفي..
كما قال لي نور..
استطاعت أن تضيف إلي
حياتي شعوري المفقود
بالجو الأسري الذي لم أحسه من قبل بعد موت أبي واختفاء أمي
التي تزوجت بعد أبي وتركتنا صغارا..
هذا الشعور بالمشاعر والعواطف الأسرية
الرائعة أدخلته بوسي إلي حياتي التي كانت مثل صحراء قاحلة موحشة قبل أن
التقي
بها.
كان
زواج نور وبوسي يضرب به المثل خاصة في الوسط الفني..
فلم يستمر
زواج فنان بفنانه هذا العمر الذي انتهي بانفصال الحبيبين.
التقيت بنور في
مهرجان برلين الذي عرض فيه فيلم »عمارة يعقوبيان«
كان حزينا شاردا وكان حديثه
مقتضبا لم نعتده منه..
واعتذر عن حفل الاستقبال الذي أقامه عماد أديب
منتج
الفيلم.
وحينما عدت إلي مصر أدركت سر حزنه بعد أن عرفت الحقيقة التي نشرت في
الصحف.. خبر لم أكن أتوقعه لأني أعرف نور وبوسي جيدا..
فالخلافات الزوجية تبدأ
بعاصفة ثم تهدأ ليعود الحب والسلام.
لقد أثني نور علي بوسي ثناء شديدا لأنها
وقفت إلي جانبه في محنته في فترة ما أشيع عنه من خبر كاذب في
وسائل الإعلام..
وكان أملنا عودتهما أو هكذا تمنينا نحن الذين نحب نور وبوسي لإحساسنا بأن
حبهما
مازال قائما مهما بعدت الفجوة ليحل محلها الدفء والسلام إلي
الأسرة.
آخر ساعة المصية في
02/12/2009 |